Search - للبحث فى مقالات الموقع

Sunday, March 27, 2011

التربية الجنسية sexual education



التربية الجنسية sexual education هي تزويد الطفل بالخبرة الصالحة التي تؤهله لحسن التكيف في المواقف الجنسية في مستقبل حياته، ويترتب على إعطاء هذه الخبرة أن يكسب الطفل اتجاهاً عقلياً صالحاً إزاء المسائل الجنسية والتناسلية.
وتتصل التربية الجنسية اتصالاً وثيقاً بالحياة وبالتربية العامة التي ترمي إلى: تعديل سلوك الفرد وتطويره والتحكم به وضبطه وتنمية قدراته لتحقيق أهداف مرجوة، وتهدف إلى أن يكون هذا السلوك سوياً ومنتجاً يساعد الإنسان على التكيف الإيجابي مع محيطه الطبيعي والاجتماعي. والسلوك مرتبط بالدافعية. والدوافع هي المحرك الأساسي للسلوك، وإذا كانت المثيرات الخارجية والقيم تؤثر في السلوك وتحرض عليه أيضاً، إلا أن طاقتها التحريضية ناتجة من ارتباطها بدوافع تم إشباعها بطريقة جعلت المثير أو القيمة يقومان بدور الدافع.
والتربية تعترف بالدوافع كلها وتعمل على تهذيبها، وتساعد الفرد على تطوير الاستجابة الملبية لها، والدافع الجنسي أحد هذه الدوافع.
وإن المستقرئ للأدبيات التربوية يجد بعضها يغيب هذا الدافع ويضعه في قائمة المسكوت عنه والمحرم. في حين تقدم جهات أخرى معرفة جنسية ليست ذات نفع، بل ضارة وغير صحيحة في أكثر الأحيان، وهي في معظمها تبرز الجانب الشهوي في هذا الدافع.  
في رسالة بعث بها فرويد إلى صديق له كان قد سأله: هل يمكن، بوجه عام، أن نعطي الأطفال شروحاً بصدد الحياة الجنسية؟ وفي أي عمر، وبأية صورة نستطيع أن نفعل ذلك ؟ يتساءل فرويد مندهشاً: «إني أفهم حق الفهم أن يدور نقاش حول النقطتين الثانية والثالثة، ولكني لا أفهم إطلاقا أن يقع خلاف في الآراء بصدد النقطة الأولى. فما هو الغرض الذي يرمي إليه من يريد أن يخفي عن الأطفال، أو عن المراهقين بالأحرى، مثل تلك الشروح بصدد الحياة الجنسية للكائنات الإنسانية ؟!».
لم تأت آراء فرويد وتحليله النفسي من فراغ، فقد سبقته إلى تناول موضوع الجنس والتربية والتربية الجنسية والحب بين الجنسين طليعة من الفلاسفة والمفكرين والمربين والأطباء والأنتروبولوجيين أمثال أفلاطون وأرسطو وابن سينا وابن حزم وابن قيم الجوزية والرازي وابن خلدون ولوك وجان جاك روسو وابن حماد السمرقندي وابن عربي وغيرهم، ولعل الفيلسوف شوبنهور (1788-1860) كان من أكثر الفلاسفة في زمنه إفصاحاً عن أهمية الحياة الجنسية في حياة الإنسان إذ يقول: «الإنسان تجسيد للغريزة الجنسية، ولكن الجنس لم يتوج علماً إلا بعد أن جمعت معطيات العلوم المتعلقة بالإنسان كالبيولوجيا العامة وعلم نشوء الإنسان وعلم الأعراق والسلالات والفلسفة وعلم النفس والطب والتاريخ والأدب والثقافة، وتأتي التربية العامة لتقوم بدورها التربوي بعد أن تمثلت كل ما تقدم من علوم إنسانية وفلسفات تربوية».    
ضرورة التربية الجنسية
التربية الجنسية جزء لايتجزأ من التربية العامة وركن أساسي من أركان تربية الجيل الناشىء، البدنية والأخلاقية، فإذا كانت التربية الحديثة تعمل على تربية الناس تربية وظيفية فإن الدراسات بينت أن كثيراً من المراهقين يعانون من مشكلات جنسية. وتسيطر على عقولهم هموم وتساؤلات لا تنتهي حول الفرق بين الحب الحقيقي والحب الزائف، ومسائل الزواج وفارق السن فيه، والاستمناء (العادة السرية)، والاتصال الجنسي قبل الزواج، والانحرافات الجنسية والجنوسة والايغاف والسادية والبرود الجنسي وعقدة أوديب ومسائل الوراثة والأمراض التي يمكن أن تنتج عن الاتصال الجنسي غير الصحي كالزهري والسيلان والإيدز وغير ذلك من أمور لا تعد ولا تحصى. وبينت تلك الدراسات أن الطُهرية المبالغ فيها التي تعمل على كبت المظاهر الجنسية الأولى للشباب بعنف جارح أحياناً قد تؤدي إلى تعرض الشباب، ولاسيما أصحاب الشخصية الحساسة، إلى الانهيار بتأثير الصدمات السلبية، وربما وصلت إلى حد الخصاء الكامل. الأمر الذي يؤدي إلى اضطراب الحياة الجنسية والزوجية لاحقاً.
وللممارسات الجنسية المبكرة والمنفلتة من عقالها أضرار قد تتعدى ما ينتج عن الطهرية المبالغ فيها، فقد ثبت أن الفتيات اللاتي يمارسن الجنس في سن مبكرة يتهدم نموهن العاطفي ولا يتطور لديهن حب حقيقي. وينخفض لديهن أيضاً مستوى التصعيد والتسامي الضروريين للفرد والمجتمع، وذلك لأن ترك الدوافع الجنسية تتفتح من دون ضوابط تعمل على تحويل طاقاتها ومنافذ تعبيرها نحو التسامي يؤدي إلى انحلال الضوابط الأخلاقية ووهن الحضارة.
فالمجتمعات التي غلبت فيها الدوافع الجنسية على أي اعتبارات أخرى معنوية كانت أو أخلاقية أو اجتماعية نتيجة للثورة الجنسية وحرية الإنسان التي نادى بها كثير من الكتاب والمفكرين بدءاً من النصف الثاني من القرن العشرين مثل: هافلوك اليس و د.هـ.لورنس و جرمين جرير ونانسي فرايدي وهنري ميلر ومارجريت ميد وهربرت ماركوزه وجان بول سارتر، وغيرهم، ذهبت فيها هذه الحرية كل مذهب، بفعل كبت سابق مقيم، وطاقة جنسية ملحاح تفجرت بعد أسر، فازدادت الانحرافات الجنسية، وتفككت الأواصر العائلية، وما انفكت نسب الطلاق، وعمليات الإجهاض، وتناقص المواليد، والانفلات الجنسي، وانتشار الإيدز، تتصاعد وتتفاقم.     
أهداف التربية الجنسية
يقتضي تحديد أهداف التربية الجنسية دراسة الدافع الجنسي، ومعرفة أنماط السلوك التي يحرضها، وتحديد أمثل الصيغ للسلوك الجنسي، ولكن هذا الدافع يراوغ الباحث، فإذا كان هذا الدافع يتصل أساساً بمسألة التكاثر والإنسال فإن نشاطه يصاحب بتغيرات بيوكيمياوية تطلق الرغبة في اللذة وتؤجج الغلمة وتنشط إفراز الدوبامين بالدماغ وتستثير الجوانب الشهوية مما يجعل الوظيفة الأساسية أمراً مرغوباً فيه لدى الذكور والإناث، فضلاً عما يخالط هذا الدافع من تعبيرات أخرى كالحب بدرجاته. إن مآل ذلك كله أن الدافع الجنسي يتجلى في أنماط من السلوك يصعب حصرها، وتشمل طيفاً واسعاً يبدأ من الانحراف الجنسي البسيط ليصل إلى المعقد منه، ويمكن للتصعيد أن ينال هذا الدافع  فينتهي عند تخوم الحب العذري والتصوف، وبين هذا وذاك يقع السلوك  الجنسي المتوازن السوي الذي يعد الوصول إليه هدفاً من أهداف التربية الجنسية.
ولا يظنن أحد أن تحديد هذه الأهداف أمر سهل، إذ الأمر بخلاف ذلك. فعلى سبيل المثال هل نربي ما هو شهوي أم ما هو إنسالي في الدافع أو الأمرين معاً؟ من هي الفئة التي نتجه بالتربية إليها، الأطفال والبالغين أم نقصرها على البالغين؟ هل يجب دمج الشهوي في العاطفي وتنمية القدرة على الحب؟ ما حدود التحريم والكف اللذين يفرضهما مجتمع ما وثقافته على المربي؟
إن كل ذلك يجعل تحديد الأهداف بحيث تكون واحدة في المجتمعات كلها أمراً مستعصياً  وغير منطقي، ويكفي هنا الإشارة إلى الحد الأدنى من الأهداف التي يمكن أن تكون مقبولة ومشتركة في المجتمعات التي تحرِّم العلاقات الجنسية خارج المؤسسة الشرعية وهذه الأهداف هي:
ـ أن يعد النشاط الجنسي وجهاً من وجوه النشاط البدني، على أن لا يعزل هذا النشاط عما هو عاطفي. بل يدمج في وعي الطفل ما هو جنسي بما هو عاطفي، ذلك أن الجنسانية التي عمت المجتمعات الغربية مخالفة لطبيعة الأشياء، ولذلك هناك دلائل قوية على الاعتراضات الشديدة على عدم التوازن، وعدم الضبط في التربية الجنسية.
ـ التخلص من الشعور بالإثم الذي يرافق النشاط الجنسي السوي والذي كونته آليات الكبت الثقافي والاجتماعي والمحرمات.
ـ الوقاية من الأمراض الناتجة من الجنس جسدياً، والأمراض النفسية المتصلة به.
ـ قبول المرء لذاته الجنسية (البنات على الخصوص) واحترامها، ومعرفة المزايا والإيجابيات والخصوصية التي تحملها هذه الذات، والقدرة على ممارسة الأدوار الاجتماعية المترتبة على الجنس والمنوطة به.
مضامين التربية الجنسية ومؤسساتها
نعني بمضامين التربية الجنسية الخبرات والمعلومات والقيم التي يحوزها الإنسان وتسهم في تحقيق الأهداف، ونقصد بالمؤسسات الجهات التي تضطلع بالتربية الجنسية: الأسرة والمدرسة، ووسائل الإعلام السمعية والبصرية، والمعلوماتية.
ولعل علم نفس النمو وعلم النفس التربوي يؤلفان إطاراً مرجعياً يساعد على تحديد مضامين التربية الجنسية فضلاً عن أنهما يحددان من خلال تتبع أنماط النمو ومنه النمو الجنسي ما الذي يمكن أن نعلمه في كل مرحلة.
إن علم نفس النمو يعلمنا أن الدافع الجنسي كغيره من ظواهر النمو يخضع لقاعدة الانتقال من اللاتمايز إلى التمايز ومن الانتشار إلى التمركز، فالمناطق الشهوية في الجسم تكون لدى الطفل أكثر انتشاراً، ثم تميل إلى التمركز في مناطق بعينها في مرحلة المراهقة وتصبح أكثر عمقاً، ولذلك فإن على الأهل أن يعرفوا هذه المناطق ويتجنبوا إثارة شبقيتها بالمداعبة وذلك حينما يسبغون الحنان على أطفالهم.
إن ثمة مراحل من العمر ينشط فيها الدافع الجنسي، ثم يدخل دور الكمون لينشط من جديد على نحو مختلف وأكثر وضوحاً وتمايزاً وذلك مع بواكير البلوغ، ففي السادسة وما قبلها بقليل ينشط الدافع الجنسي من دون تحديد، ويتجلى بالفضول والتساؤل والرغبة في رؤية الأعضاء التناسلية للجنس الآخر. واكتشاف الفروق وتنشأ ظاهرة الزوج الطفلي، ويخطئ الآباء كثيراً عندما يقابلون هذه الأسئلة أو السلوك بالسخرية والاستهزاء أو إشاعة حالة من التخويف والكبت والتحريم تدفع الطفل إلى الخوف من المسائل الجنسية وتحقيرها وربما كبتها. ولا يصح كذلك إعطاؤها قيمة مبالغاً فيها، ومن الضروري مراقبة الطفل خفية وتتبع تطوره العاطفي والمظاهر الشبقية الأولى وصلته برفاقه.
إن التربية الحصيفة توصل الولد أو البنت إلى البلوغ وهما يشعران أن الظاهرة الجنسية ظاهرة طبيعية مثلها مثل الظواهر الطبيعية الأخرى في حياة الإنسان، وذلك من طريق توجيهات وتوصيات رئيسة مثل:
ـ الاهتمام بالمواقف والتصرفات العملية التي يقوم بها الأهل والمعلمون أكثر من الاهتمام بالأوامر والحكم 
والنصائح.
ـ أن تتحدد بوضوح طبيعة ومستوى الإجابات عن الأسئلة حسب مراحل النمو الجسدي والعاطفي والذهني عند الولد، وأن تتحدد بوضوح أيضاً طبيعة الأسئلة المطروحة.
ـ أن تندرج التربية المعرفية في الإطار المحلي والوطني والثقافي والديني. وأن تتوازن بين البيت والمدرسة.
ـ أن تكون التربية الجنسية في المدارس متدرجة ومتكاملة، فبقدر ما تكون التربية الجنسية في المدرسة أقل ظهوراً تكون أفضل. 
يشتد النشاط الجنسي في مرحلة البلوغ ويصبح هذا النشاط حاملاً ومحركاً مهماً من محركات الشخصية واهتماماتها ومشاغلها، ويتخذ في بداية مرحلة المراهقة مظهراً رمزياً، فهو نداء خافت للمرأة الرمز أو الرجل الرمز من دون تحديد لموضوعه بشخص معين، ثم يتحدد فيما بعد، وفي كثير من البيئات الثقافية يميز المراهقون ما هو شهوي وما هو موضوع اشتهاء مما هو عاطفي وموضوع حب. وفي هذه المرحلة التي تُعد للزواج والوالدية يمكن تأسيس التربية الجنسية على القاعدة التشريحية للجنسين والوظائف الإنسالية والتنبيه إلى مضار الممارسات الجنسية غير المنضبطة وما ينتج منها من أمراض نفسية وجسدية، ودور كل من الجنسين في عملية الإنجاب والحياة الأسرية والتنظيم الجنسي السليم لها وتنظيم الحمول، وأضرارها إذا تتالت، والرضاع الطبيعي وفوائده.
وتضع التربية الجنسية في رأس اهتماماتها مساعدة المراهقين، ولاسيما المراهقات، على تخطي هذه المرحلة بسلام. ذلك أن المراهقات على الخصوص ومع بداية الحيض وفي الثقافات الكبتية، يشعرن بالإثم والدنس والدونية ولاسيما حين ترافق الطمث بآلام حادة. إن وظيفة الأم هي تحضير الفتاة مبكراً لهذه المرحلة، ذلك أن الدراسات النفسية أفصحت عن أن البنات مبكرات البلوغ أقل قبولاً لأنفسهن ورضاً عنها من الذكور مبكري البلوغ.
وتبدأ التربية الجنسية الصحيحة قبل المراهقة وتتولاها الأسرة، وذلك عندما يبدأ الطفل بالتساؤل عن الفروق الجنسية، وسر الحمل والولادة، وعلى الوالدين أن يتجنبا الإجابات المموهة وغير العلمية، لأن ذلك يؤدي إلى البحث عن مصادر أخرى للمعرفة غير موثوقة غالباً، كما قد تؤدي إلى ضعف الثقة بهما.
وفي الأحوال كلها تبقى العلاقات القائمة على الثقة والديمقراطية بين الأهل والأبناء السبيل لكسب ثقة الطفل وإقناعه أن باب السؤال مفتوح للإجابة عن أسئلته مهما كانت محرجة ومهما كان الغموض والتحريم يحيطان بها، وتنهض الصعوبات في وجه التربية الجنسية عندما تصبح المدرسة شريكاً فيها، إذ تقع المدرسة تحت سطوة المجتمع وترتهن بثقافته التي قد تقف حاجزاً في مواجهة إقرارها، ثم إن مسألة التسامح والتعصب في هذا الموضوع ليسا على درجة واحدة، ومن أجل ذلك فإنه يمكن التوصل إلى إدخال مضامين هذه التربية في المقررات المدرسية بحيث لا تثير الاعتراض كالتربية الحيوية أو الأسرية أو السكانية أو غير ذلك.
وفي البلاد العربية الإسلامية لا يستفاد من أحكام الإسلام الذي لم ير في الحياء مانعاً يحول دون معرفة أحكام الدين ومعالجة مسائل الحيض والطهارة فحسب، بل إن الكثير من رجال الدين المشهود لهم بالتقى والورع عالجوا المسائل الجنسية معالجة مستفيضة أيضاً من دون أن يتحرجوا من ذلك، وللمربي أن يأخذ من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والعلماء المسلمين مثلاً وهدياً:«لايقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، ليكن بينهما رسول، قيل ماهو يارسول الله؟ قال: القبلة والكلام» «ليتهيأ الرجل لزوجه كما يحب أن تتهيأ له».
التربية الجنسية والثورة المعلوماتية
تعد الثورة المعلوماتية وتدفق الإعلام من أبرز خصائص هذا العصر وأكثرها أهمية، وكلما ارتقت التكنولوجيا زادت حدة الفارق الذي يفصل بين منظور منتجها ومنظور مستهلكها، ومعلوم أن الجهات الممولة والمسيطرة والمستفيدة من وسائل الإعلام هي قوى رأسمالية عالمية، وهي قوى لا دين لها إلا الربح، وفي سبيل ذلك نزعت القداسة عن كل شيء وجعلته سلعة، فحولت الحب إلى عملية آلية مجردة من طابعها العاطفي الخاص وصدرتها على صورتها تلك بوساطة أجهزة الإعلام والمعلومات التي تفسد ذوق الأجيال وتقدم لهم صورة شائهة عن الجنس ومعلومات مبتذلة غير صحيحة مجردة من حميميتها الإنسانية ودفئها العاطفي، وأحاطت ذلك كله بأوهام شهوية وتهويمات شبقية، وجنس منحرف عن طبيعته. كل ذلك جعل الأسرة والمدرسة والهيئات التربوية والمجتمع عامة في مواجهة وضع معقد ومهمات صعبة، ولاسيما أنه صار من المستحيل التحكم بما يجوز أن يشاهده المراهقون والشباب وما لا يجوز لهم مشاهدته، لذا فالمنظور العربي هو وسيلة الفكاك من قبضة التوجهات التي تفد من دول الإنتاج المتقدمة والتي تختلف قضاياها عن قضايانا.
إن مواجهة هذه التحديات الجسام  أمر تنوء بحمله التربية وحدها، فهو يستلزم استنهاض همم المثقفين وقادة الرأي والفلاسفة ورجال الفكر وعلماء الاجتماع والتربية والدين، لإبراز مغزى كل هذه الأمور والحقائق والتوقعات لاقتصادنا وإعلامنا وتعليمنا وثقافتنا ولغتنا، وتسليط الأضواء على أثرها في علاقاتنا وصراعاتنا مع أنفسنا ومع غيرنا، وفي فكرنا وتراثنا، وماذا تعنيه هذه التكنولوجيا الساحقة لرجالنا ونسائنا وأطفالنا، وأجيالنا الحاضرة وأجيالنا القادمة.
وربما كان تقديم تربية جنسية مبكرة وصحيحة من وسائل حماية الطفل في المراهقة من التهويمات الجنسية الكاذبة، وكذلك تعويد الأجيال على الفرز وتحليل المعلومات والمثيرات الإعلامية وعلى التحكم بها والتخلص من أوهامها وكذلك التحصين الأخلاقي في مواجهة الغوايات القادمة من وسائل الاتصال الأرضية والفضائيات بجميع أشكالها وألوانها.