الإسهال diarrhea هو زيادة عدد مرات التبرز وتبدّل قوام البراز، فيصبح ليناً أو سائلاً أو مائياً، يخالطه أحياناً مخاط ودم، وترافق ذلك زيادة نسبة الماء والشوارد فيه بدرجات مختلفة، بحسب السبب.
ويسمى الإسهال حاداً، إذا كان بدؤه فجائياً ويدوم أياماً معدودة، ويسمى مزمناً إذا طالت مدته أكثر من أسبوعين.
ويُعدّ الإسهال السبب الأول والأعظم في وفيات الأطفال في العالم، إذ يموت بسببه سنوياً قرابة خمسة ملايين طفل. وهو أكثر حدوثاً في بلدان العالم الثالث منه في البلدان الصناعية، بسبب سوء الشروط الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي يعيش فيها الأطفال في تلك البلاد.
الأسباب
ترتبط الإسهالات المزمنة غالباً بخلل الوظائف الهضمية، أو الامتصاصية، أو خلل الاثنتين معاً في مستوى الأمعاء، مثل داء المعثكلة الكيسي الليفي والداء البطني celiac disease، في حين تنشأ الإسهالات الحادة ـ وهي الكثيرة ـ عن خمج معوي بالجراثيم أو الفيروسات أو الطفيليات أو الفطور.
أما الجراثيم فكثيرة، ومصدرها تلوث الماء أو الغذاء، ويزداد عددها يوماً بعد يوم بكشف أنواع وزمر جديدة منها وهي أكثر انتشاراً في بلدان العالم الثالث، بسبب تدني المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية، ونقص الوعي الصحي.
تؤثر هذه الجراثيم في جدر الأمعاء مباشرة أو عن طريق الذيفانات toxins التي تفرزها، أو بالآليتين معاً. أهمها وأكثرها انتشاراً في الوقت الحاضر: العطيفة الصائمية Campylobacter jejuniوالسلمونيلة Salmonella والشيغلة Shigella والإشريكية القولونية Escherichia coli واليرسَنِيَّة Yersinia والمطثية العسيرة Clostridium difficile. ويختلف شأن كل من هذه الجراثيم في إحداث المرض بحسب الأقاليم.
وأما الفيروسات فهي أكثر انتشاراً في البلدان الصناعية من البلدان النامية، وفي الأقاليم الباردة أكثر من الحارة أهمها وأوسعها انتشاراً: الفيروس العجيلي rotavirus وفيروس نورولكNorwalk virus والفيروس الكأسي calcivirus والفيروس الغدي adenovirus والفيروس المعوي enterovirus.
وأما الطفيليات والفطور فأقل أثراً في إحداث الإسهالات وفي مقدمتها الزحار الأميبي واللمبلية.
الوقاية
للإرضاع من الثدي، ولاسيما في الأيام الأولى من الحياة أثر كبير في الوقاية من الأخماج المعوية الجرثومية والفيروسية، لأن حليب الأم عقيم من جهة، ولأنه يحمل من جهة أخرى أجساماً ممنعة كثيرة، تحول دون تكاثر الجراثيم، وتوقف غزوها وانتشارها في جدر الأمعاء.
وتعد مكافحة التلوث بالعوامل الممرضة التي تصل إلى الإنسان عن طريق الفم عنصراً أساسياً في الوقاية، ويتم ذلك على مستوى الفرد بالنظافة الشخصية ولاسيما غسل الأيدي قبل الطعام، وتجنب أكل الخضر والفواكه نيئة أو من دون غسلها جيداً.
وتكون الوقاية الجماعية بتوفير الماء النظيف النقي، وحسن الصرف الصحي للفضلات، ورفع المستويين الاجتماعي والاقتصادي. غير أن هذه التدابير، وإن كان مردودها عالياً جداً ومؤكداً، يصعب تطبيقها في معظم البلدان النامية، بسبب ارتفاع تكاليفها.
ولا دور للأدوية والصادات في الوقاية من الإسهالات، لذلك يتجه العلم نحو الوقاية باللقاحات، والجهود حثيثة لتوفيرها ونشرها على نطاق واسع، والبوادر مبشرة ولاسيما بالتقانات الحديثة والهندسة الوراثية.
ولقد تم حتى اليوم إنتاج لقاحات مؤكدة الفعالية مضادة للهيضة (الكوليرا) والتيفية والشيغلات، واللقاح المضاد للفيروسات العجيلية (روتا) وشيك الظهور، والآمال كبيرة بظهور لقاحات أخرى.
المعالجة
لا تعتمد معالجة الإسهالات على الأدوية، والعلاج الأساسي يكمن في تعويض الماء والشوارد التي خسرها الطفل تعويضاً صحيحاً وهذا ما يسمى تجديد الإماهة rehydration.
وكان يتم ذلك سابقاً عن طريق حقن تراكيب المصول في الوريد، ولكن منذ عام 1971 وبتوجيه منظمتي الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) أصبحت الإماهة عن طريق الفم العلاج الأساسي الناجع، ويتم ذلك باستعمال محلول ملحي سكري تركيبه الآتي:
Cl Na 3,5 gm
Bic.Na 2.5gm
ClK 1.5 gm
Glucose 20gm
وتُقدَّم هذه المواد ضمن مظروفات خاصة، وتذوَّب في ليتر من الماء وتستعمل بحسب إرشادات الطبيب أو الموجه الصحي.
وأمكن باستعمال هذه الطريقة البسيطة ونشرها في العالم تخفيف نسبة الوفيات الناجمة عن الإسهالات، وبتكاليف زهيدة جداً. وتعد الإماهة الفموية حدثاً طبياً كبيراً.
ومن الأمور المهمة في معالجة الإسهالات العود الباكر إلى تغذية الطفل وعدم إطالة مدة الحمية ما أمكن، تلافياً لحدوث سوء التغذية عند الطفل.
وبجملة واحدة تكون معالجة الإسهالات، بالإماهة والتغذية الباكرة، وتجنب الأدوية، وحسن توجيه الأم.