Search - للبحث فى مقالات الموقع

Tuesday, March 29, 2011

ثوره الشريف حسين على تركيا احلال الانجليز مكان الاتراك المسلمين؟؟؟





هي الثورة التي انطلقت من الحجاز والشام للتحرُّر من الحكم العثماني التركي. قُرنت هذه الثورة بالحسين بن علي (1853-1931)، إذ قادها في 10 حزيران سنة 1916 ضدَّ دولة الاتحاد والترقي (القوميين الأتراك) الذين سيطروا على الدولة العثمانية منذ تموز 1908، بعد انقلابهم العسكري على السلطان عبد الحميد الثاني.
 
وكان الحسين عاش منفياً مع أبيه في اصطنبول وهو طفل، ثم عاد منفياً مرة أخرى إليها بأمر من السلطان عبد الحميد الثاني، بسبب خلافه مع عمِّه شريف مكة سنة 1893. عاش الحسين مُستقيماً مُتديِّناً مُطيعاً لدولة الخلافة الإسلامية، وكان يستقبل بعض العاملين العرب للقضية العربية. وعند وفاة شريف مكة، طلب من السلطان تعيينه في الشرافة، لكن الاتحاديين اعترضوا خوفاً من طموحه، ومع ذلك، أصدر السلطان عبد الحميد الثاني فرماناً بتعيينه في رمضان 1326هـ/تشرين الثاني 1908م.

حكم الحسين الحجاز بقوَّة، ورفض دستور الاتحاديين لمخالفته الشريعة الإسلامية، وتخاصم مع والي المدينة، وتهرَّب من المشاركة في حرب قناة السويس، ومكَّن لنفسه فكان حكمه شبه مستقل عن سلطة الأتراك، واستطاع تحويل منصب الشرافة إلى دولة.

ومن خبرته بالسياسة والمناورات والانقلابات في اصطنبول، كان مستعداً للتغيير في العلاقات مع الدولة التركية، بانتظار الظرف الملائم المتعلق بثلاث قوى، إضافة إلى طموحاته: 1- دولة الاتحاد والترقي، 2- القوميين العرب، 3- بريطانية ومصالحها.

أساء حكم الاتحاد والترقي للشعوب الخاضعة للدولة العثمانية، وخاصةً للعرب لأنه اعتمد القومية التركية وتخلى عن الإسلام الجامع بينهما، وتمادى القادة الأتراك فعزلوا السلطان عبد الحميد سنة 1909 نهائياً، وهو صديق العرب ومقرِّبهم إليه والمعتمد عليهم في مواجهة أطماع القادة التُّرك المتعصبين، مما جعل العرب ينقمون عليهم عامة، وخاصة بعد تبنيهم سياسة تتريك الشعوب غير التركية في دولتهم. ولاحظ الحسين ذلك في اصطنبول، واقترح على السلطان، وهو يودعه، السفر معه إلى الحجاز ليساعده على استعادة خلافته الشرعية وملكه، فلم يرَ السلطان الوقت مواتياً.

وكان القادة الأتراك بسياستهم المتعصبة أسوأ طبيب يداوي الرجل المريض (الدولة العثمانية)، وعندما وصل جمال باشا أحد رجالهم الأقوياء حاكماً على سورية، اتَّهم رجالات العرب بالخيانة والتآمر مع الفرنسيين والإنكليز لفصل سورية عن الدولة العثمانية، وأعدم زعماءهم وضباطهم سنة 1915 وفي 6 أيار 1916 في دمشق وبيروت، ممَّا دفع الحسين إلى العمل بسرعة.

وكان القوميون العرب في دمشق، أسَّسوا جمعياتهم القومية، وخاصة «العربية الفتاة» سنة 1909 (حين عُزل السلطان)، مقابل «تركية الفتاة»، وكان لهم جمعيات أخرى كـ«القحطانية» تجمّع فيها الضباط العرب في دمشق، وبادر القوميون العرب وأرسلوا إلى الحسين عن استعدادهم للتحرك في دمشق إذا قبل قيادة ثورة على الدولة التركية. وعندها أرسل الحسين ابنه فيصل إلى دمشق، فالتقى بأولئك الرجال واتفق معهم على قيام  الثورة بقيادة والده، وكان الهدف ممَّا سُمَّي بميثاق دمشق، تأسيس دولة عربية واحدة من جبال طوروس إلى البحر العربي ومن  البحر الأحمر حتى الخليج العربي يكون الشريف حسين رئيسها، وحدث ذلك بينما كان جمال باشا يعدم الوطنيين ومنهم الضباط العرب.

اكتشف الحسين خطة والي المدينة (المنورة) لاعتقاله، فزاده الأمر تصميماً على الثورة، وأرسل ابنه الأكبر عبد الله إلى الإنكليز في مصر، ومن ثم بدأت مفاوضات ومراسلات الحسين ـ مكماهون سنة 1916، التي تمَّ الاتفاق فيها على قيام ثورة على تركية تدعمها بريطانية وتعترف باستقلالها وتحميها، وتمدُّها بالمال والسلاح وكان ذلك في سبيل هدف مشترك تمثَّل في الوقوف ضد الأتراك حلفاء الألمان في الحرب العالمية الأولى التي كانت قد اشتعلت سنة 1914 بين ألمانية وفرنسة وبريطانية ودول أخرى.

كانت بريطانيا ترى في الحسين خير حليف عربي في إجهاض نداء تركية إلى الجهاد الإسلامي لمركزه الديني والعربي بصفته شريف مكَّة. بيد أنَّ العرب والحسين كانوا يجهلون ما حاكته بريطانية في الخفاء ناقضةً اتِّفاقها مع الحسين، إذ أَبرمت اتفاقية (سايكس ـ بيكو) في 16 أيّار 1916 مع فرنسة وروسية، وأعطت وعد بلفور في 2 تشرين الثاني 1917 الذي وعدت فيه بتأسيس دولة يهودية في فلسطين. وأخذت بريطانية ترسل المال والسلاح على قدرٍ لا يجعل للعرب قوةً فعلية، لكن بما يكفي لدحر الأتراك بدعم من الجيش البريطاني الذي سيدخل من مصر إلى فلسطين ثم إلى الشام سنة 1917 و1918، ونقلت الأسرى العرب والضباط إلى الحجاز، إذ كان الجنود العرب يَفرُّون من جيوش الأتراك ويلتحقون بقوات الحسين.

وحين تمَّت التحضيرات أعلن الحسين ثورته في 10 حزيران 1916، وكان من أهمِّ أسبابها المباشرة اعتداء القادة الأتراك على حقوق السلطان وخليفة المسلمين الشرعية، واعتداءهم على القادة العرب واتهامهم بالخيانة وإعدام بعضهم. وهكذا تحرّك الحسين لتحقيق دولة مستقلة للعرب، فأصدر الاتحاديون بياناً يصفونه بخيانة دولة الإسلام، وعزلوه من الشرافة ووضعوا علي حيدر بدلاً منه.

ألَّف الحسين قوَّةً مسلحة من مال الإنكليز وسلاحهم، لكنَّ المساعدة التي قدَّمها الإنكليز لم تتجاوز الحدود الدنيا لعدم استعدادهم دفع مال كثير، ولخشيتهم أن تصير قوته قوة كبيرة تُهدِّد مصالحهم ومصالح الفرنسيين معاً، وظهر الضعف فيما بعد إذ بقيت القوة ضعيفة. وكان جيش الشمال أو الجيش العربي الذي قاده فيصل بن الحسين باتجاه سورية، والجيش الذي قاده أخوه عبد الله لترسيخ سلطة الشريف حسين في الحجاز الركيزة الأساسيَّة لتلك القوة العربية المسلَّحة.

وصل فيصل وجيشه إلى الأردن حين كان الجيش البريطاني في فلسطين سنة 1917، فاحتل القدس في كانون الأول 1917، والتقى الجيشان على مداخل دمشق في أواخر أيلول وبداية تشرين الأول 1918، ولقي الأمير فيصل وجيشه استقبالاً منقطع النظير في دمشق.

وفي أول لقاء بين الجنرال اللمبي قائد الجيش البريطاني وفيصل في دمشق، بعد يومين من دخولهم إليها، عَيَّن اللمبي فيصلاً حاكماً على سورية، حسب اتفاقية (سايكس-بيكو)، تساعده قوة بريطانية وضابط ارتباط فرنسي لإبقاء سورية تحت قيادة الحلفاء. وحكم الإنكليز العراق مباشرة من دون اللجوء إلى الحسين أو أحد أولاده، وحكموا فلسطين أيضاً وبدؤوا يعدونها لتأسيس الكيان اليهودي فيها، وكان كلا البلدين تحت الانتداب البريطاني.

أمَّا فرنسة فقد احتلت الساحل السوري ولبنان، وفَصلت لبنان عن سورية، وشكَّلت فيه دولة تحت انتدابها، ثم احتلَّت سورية منهية الحكم العربي بقيادة فيصل في سورية، بعد حكم دام 22 شهراً من 1918 إلى 1920، فكانت معركة ميسلون المشهورة بين الجيش السوري بقيادة الشهيد يوسف العظمة وقوات الاحتلال الفرنسي بقيادة الجنرال غورو في 24 تموز عام 1920، ودخل الجنرال غورو سورية وحكمها أيضاً باسم الانتداب الفرنسي، مقابل تخلي فرنسة عن حصتها في بترول الموصل إلى بريطانية، على أن لا تتدخل هذه باحتلال الفرنسيين لسورية.

اتَّهم الحسين الإنكليز بالخيانة بتخليهم عن سورية للفرنسيين، ضاربين عرض الحائط بكل تعهداتهم بإقامة دولة عربية واحدة مستقلة. ثم أخذ الإنكليز يضغطون على الحسين للاعتراف بوعد بلفور، ولكنه كان يرفض دائماً بقوله: «شبر في مكة يساوي شبراً في القدس»، وكان النزاع بين الحسين والدولة السعودية قائماً، فدعم الإنكليز السعوديين، فهاجموا الحجاز واحتلُّوه، جزاء عناده ورفضه مطالب الإنكليز، وغادر الحسين الحجاز سنة 1924منفياً إلى قبرص، وبقي ابنه علي ملكاً في جدة، ثم ما لبث ابن سعود أن هاجم جدة واحتلها سنة 1926، وبذا انتهت دولة الحجاز الهاشمية، وظل الحسين محجوزاً في قبرص حتى مرض، ونُقل إلى عمان حيث توفي سنة 1931، ودُفن في القدس، بينما كان ابنه عبد الله يحكم الأردن وفيصل يحكم العراق.

وفي تلك السنوات، ضمت بريطانية الأردن تحت انتدابها بعد احتلال فرنسة لسورية سنة 1920، ثم عَيَّنت الأمير عبد الله حاكماً عليه سنة 1921، أما فيصل فقد عوضته بدل سورية العراق سنة 1921 وصار ملكاً عليه، وزال حكم الهاشميين عن العراق بعد ثورة تموز عام 1958، وبقي الأردن تحت حكمهم حتى الآن باسم المملكة الأردنية الهاشمية.

أهم نتائج ثورة الحسين:
صورة

1- استقلال الجزيرة العربية والشام والعراق وفلسطين ولبنان عن الدولة العثمانية، بعد حكم دام أربعمائة سنة، لم يحدث في أثنائه احتلال أوربي لهذه الأرض، رغم وجود الإنكليز في المنطقة، وخاصة جنوبي الجزيرة العربية والخليج العربي.

2- تشكيل خمس دول في المنطقة، وكيان يهودي مستقبلي، وانتهاءُ حلمٍ عربيٍّ بإقامة دولة عربية كبيرة.

3- فَصَلَتْ الحدود التي رسمتها اتفاقية (سايكس-بيكو) هذه الدول عن بعض، وصارت مقدَّسة في عُرف قادتها، وغير قابلة للمحو أو التعديل.

4- لقي الحسين بن علي جزاءه على أيدي الإنكليز، ليس فقط بأن فقد حلمه في إقامة دولة عربية كبيرة، بل ضنَّ عليه الإنكليز بالبقاء حتى على الأرض التي حلم بإقامة دولته عليها مع وجود أبنائه ملوكاً وأمراء فيها.

5- بعد انتهاء الاستعمار البريطاني والفرنسي، بقيت الدول مُقامةً وفق اتفاقية (سايكس-بيكو) وتعديلات قوات الانتداب عليها، واستقلَّت في الأربعينات والخمسينات، وأُنشئ الكيان الصهيوني في المنطقة على أرض فلسطين 1948.