Search - للبحث فى مقالات الموقع

Monday, March 28, 2011

ثورة 14 يوليو تموز في العراق



 

أوضاع العراق قبل الثورة

احتل الإنكليز ولايات العراق في أثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1919م) وقامت ثورة ضد الاحتلال، ولكن الإنكليز أنشؤوا من هذه الولايات كياناً واحداً سمي العراق، وجعلوا عليه فيصل بن الحسين ملكاً، بعد أن طرده الفرنسيون من سورية عقب موقعة ميسلون عام 1920م، وأصبح العراق تحت ما سمي بالانتداب البريطاني.
 
ووقّع العراق عام 1922م اتفاقية مع بريطانية أعطته شيئاً من الاستقلال، ولكن مع تزايد حدة المعارضة الوطنية، بدأت مفاوضات أخرى أدت إلى توقيع معاهدة 1930م التي اعترفت بالعراق دولة مستقلة بدخولها عصبة الأمم، وانتهاء الانتداب مع الارتباط ببريطانية في بعض الأمور، وحفظ حقوق الأقليات.

وأصبح العراق موئلاً للحركة العربية التي نمت أيضاً في عهد الملك غازي (1933-1939م)، وفي عام 1939 حُكم العراق من قبل الوصي على العرش عبد الإله، بالتعاون مع نوري السعيد، ولكن سياسة الحكم كانت مرتهنة بمشيئة بريطانية، مما أدى إلى معارضة وطنية، ازدادت حدةً في أثناء الحرب العالمية الثانية. وجرت محاولة انقلابية بقيادة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م، أظهرت التعاون مع ألمانية، ولكن الإنكليز قضوا عليها، واستمر الحكم الملكي، كما استمرت حركة المعارضة، ودخل العراق في حلف بغداد عام 1955م حتى  قام الجيش العراقي بالانقلاب في 14 تموز 1958م، وإنهاء الحكم الملكي.
 
عبد الكريم قاسم
أسباب ثورة 14 تموز

كانت سياسة الحكم الخاضعة للسياسة البريطانية، ودخول العراق في حلف بغداد المناوئ للكتلة الشيوعية، والذي انضمت إليه إيران وباكستان وتركية وبريطانية، سبباً في تأجج الحركة الوطنية المعارضة في الأوساط الشعبية والعسكرية، كما أن قيام الوحدة السورية المصرية في شباط 1958م، زاد في نشاط الحركة القومية، وانقسام الحكومات العربية في المشرق بين الخط الملكي وبين الخط الجمهوري، وقد ردت الحكومة العراقية في العام نفسه بإقامة اتحاد بين العرشين الهاشميين الحاكمين في العراق والأردن.

وكان للقضية الفلسطينية دور أساسي في تأجيج الحركة الوطنية والقومية ضد القوى الاستعمارية الغربية التي كانت تؤيد إسرائيل ضد العرب. وقد شاركت القوات العراقية في الحرب بفلسطين عام 1948م مع بقية الجيوش العربية التي لم تستطع منع قيام دولة إسرائيل، ولم تستطع منع اليهود من السيطرة على مناطق أوسع من التي حددها لهم قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948م. وعاش العراق منذ 1952م في غليان ضد السيطرة الأجنبية والاستغلال الداخلي، ونشطت الأحزاب الوطنية التي طالبت بالانتخابات. وفي عام 1953م نصب فيصل الثاني ملكاً بعد بلوغه السن القانونية.

يمكن تلخيص الأحداث التي عجلت في نشوب الثورة، وهي: النهضة القومية العربية، والاستياء المتزايد لدى النشء الجديد، والدعوة للوحدة العربية، وكان إرسال مجموعات من الجيش العراقي إلى لبنان لدعم كميل شمعون وقمع الثورة، الشرارة التي أشعلت الحريق وأطلقت لهيب الثورة.
  
مجريات الثورة

نتيجة هذه الأوضاع في العراق، وعندما كانت مجموعات من الجيش العراقي متوجهة إلى الأردن لمساندة الجيش الأردني ضد التهديدات الإسرائيلية، تحرك الجيش العراقي في 14 تموز 1958م، وقام بثورة دموية قتل فيها الملك ورئيس الوزراء نوري السعيد وغيرهما من رجال الحكم وجميع أفراد الأسرة الملكية الهاشمية. وأعلنت الثورة إنهاء الحكم الملكي وإعلان العراق جمهورية عربية بقيادة الضباط الأحرار، وكانت الحركة بقيادة العميد الركن عبد الكريم قاسم، الذي وقع خلال حكمه انقسام في صفوف رجال الثورة، فزج بعضهم في غياهب السجون وبقي بعضهم الآخر ماسكاً زمام السلطة، حتى وصلت الأمور إلى الإطاحة بحكم عبد الكريم قاسم، الذي قوي الشيوعيون في عهده، واستلام عبد السلام عارف الرئاسة إثر انقلاب دموي في 8 شباط 1963م.

واستطاع عبد السلام عارف أن يوحد الشعب العراقي، ولكنه توفي في حادث طائرة في 13/14 نيسان 1966م، واستلم الرئاسة بعده أخوه عبد الرحمن عارف حتى عام 1968، إذ قام انقلاب جديد في 17/7/1968، استلم على أثره حزب البعث العربي الاشتراكي الحكم بمفرده.

إنجازات الثورة والتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية

بدأت الثورة إجراءاتها بالقضاء على النظام الملكي واعتقال كبار شخصياته وإحالتهم جميعاً إلى المحكمة العسكرية (محكمة الشعب)، والتي شُكلت خصيصاً لذلك، وأعلنت الثورة في يوم 26 تموز 1958م الدستور المؤقت للجمهورية، وصدر قانون الأحوال الشخصية الذي منح المرأة في العراق، ولأول مرة، حقوقاً متساوية مع الرجل، ونشطت الأحزاب السياسية، وصدر في أيلول قانون الإصلاح الزراعي الذي حدد سقف الملكية وأقر توزيع الأرض على الفلاحين، ووضعت حكومة الثورة برنامجاً للتنمية الصناعية، وأعيدت العلاقات مع الاتحاد السوفييتي.

وغادرت العراق آخر مجموعة من الجنود الإنكليز من قاعدتي الحبانية والشعيبة، وتم فسخ الاتفاقيات الثلاث المعقودة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وانسحب العراق في آب 1959م من حلف بغداد، ثم من منطقة الجنيه الإسترليني، واستعيدت الأراضي من الامتيازات النفطية.

ولكن الصراعات الاجتماعية والسياسية اشتدت داخل المجتمع العراقي، وبدأ الصراع بين رجال الجيش الحاكمين والقوى المختلفة، وخاصة القوى الوحدوية مثل حركة الشواف في الموصل عام 1959م، والتي قُضي عليها، كما اصطدم عبد الكريم قاسم مع الحزب الشيوعي الطامع للمشاركة بالسلطة.

وحاول عبد الكريم قاسم ضمَّ الكويت (التي كانت جزءاً من ولاية البصرة في العهد العثماني)، واختلف مع الأكراد الطامعين في الانفصال، فقامت العمليات العسكرية ضدهم منذ 1961م حتى تم إسقاط حكم عبد الكريم قاسم، ونشطت كل عوامل تجزئة 
العراق وإلغاء عروبته بأيد خارجية وداخلية.
 
عبد الكريم قاسم


أهمية ثورة 14 تموز

تبرز الأهمية التاريخية للثورة في كون دورها وتأثيرها الفاعل لا يقتصر على العراق ذاته فقط، وإنما يتعداه إلى الصعيدين العربي والدولي، نظراً لأن العراق كان يشكل الركيزة الأساسية لتنفيذ المخططات الاستعمارية الغربية وخاصة البريطانية في المنطقة.

لقد كانت الثورة تحولاً عظيماً في تاريخ العراق المعاصر، حيث برز النضال الثوري وما تبعه من أعمال جرت البلاد إلى كثير من المشكلات.

وقد أعلن جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة (سورية ومصر) في 18 تموز، تأييده للعراق في الوقت الذي أُنزلت فيه قوات أمريكية في لبنان، وإنكليزية في الأردن.

وعلى الصعيد العالمي كانت أهمية الثورة في أنها ضربة جديدة للزعامة البريطانية المسيطرة على المشرق العربي، ومدت حركة التحرر العربي بروح جديدة.