أرومة أثنية، مجموعاتها كبيرة، تُجمع معظم المصادر القديمة والحديثة، على أنها فرع منفصل من الهندو ـ آرية، ومن شعب عتيق له حضوره حتى اليوم في «البنجاب» من شمالي غرب الهند خاصة، مع انتشار ضعيف ملحوظ في كل الأراضي الهندية يُعرف باسم «بانجاراس Banjaras» وتُعرف لغته اسم «بانجاري Banjari»؛ وهو شعب مترحّل يعيش حياةَ التَّرحُّل مُرَبيّاً قطعان البقر. ويؤخذ في الحسبان الرأي القائل باحتمال تحدّر بعضهم من طبقة هندية رثّة منبوذة تُسمى «الكاندالزChandals». تنتشر مجموعات الغجر اليوم في جميع القارات تقريباً. ومازالت في معظمها تعيش في طور البداوة. تسكن الخيام، وتتنقل في أرجاء البلاد أو الدول، من مكان إلى آخر استجابة لحاجة نفسية موروثة أو لمقتضيات العيش، وتفضل إبقاء حراكها ضمن حدود الإقليم المكّون من دولة أو أكثر مما اختارته منزلاً لها، إلا إذا اضطرت إلى الهجرة بالاضطهاد والطّرد، أو بسببٍ لم يُفصح عنه. بيد أن قلّةً من الغجر، تأثروا بأنماط عيش الشعوب التي ساكنوها وبوسائل المدنيَّة، فتحوّلوا إلى الحياة الحضرية وهجروا عيش الترحال، وسكنوا البيوت في المدن والقرى، واحترفوا حرَف أهلها ولكنهم بقوا على اتصال وثيق ببعض تقاليدهم الموروثة عن هجرتهم الأولى، وهو اتصال مقرون بالحنين والتوق إلى عالمهم القديم المشحون بالعاطفة، وهناك من يقول إن الذين استقروا هم جماعات طُردت من الجماعة الغجرية الكبيرة في وقت ما لخروجها على قواعد العُرف والتقاليد السائدة بينهم. ومن المؤكد أنَّه ما من أحد يعرف على وجه اليقين متى غادرت جموع الغجر الهند أول مرة، ولأي سبب كانت هذه الهجرة التي نقلتهم هي ومثيلاتها التي أعقبت في ما تلا من القرون إلى معظم بلاد الدنيا. وإنما تأكد حضور الغجر في فارس منذ القرن العاشر الميلادي، ثم تابع معظمهم الرحيل منها ضمن فرعين: سلك أحدهما عبر العراق درب جنوبي الغرب باتجاه مصر وشمالي إفريقيا، وسلك الآخر، عبر العراق وسورية والأناضول درب شمالي الغرب، لتحطّ جماعات سالكي هذا الدّرب الرحال في القرنين الخامس عشر والسادس عشر في بلدان أوربا الشرقية وأوربا الوسطى وعلى الخصوص منها المجر والبلقان، ولتصل جماعات أخرى إلى غرب ألمانيا (1417م) وفرنسا، ثم يقوم بعضها بالعبور إلى شمالي أوربا وبريطانيا، وإلى الأمريكيتين وأستراليا خصوصاً في النصف الثاني للقرن العشرين. الاسم الأشهر والأقدم للغجر عند العرب هو «الزّطZutt» وهي كلمة معرّبة عن «جتّ» الهندية المأخوذة من اسم شعب قديم من شعوب شمالي الهند يسمى بـ «الجاتس Jats»، وأقدم ذكرٍ لـ «الزّط» في المصادر العربية يعود إلى ما قبل الإسلام في منطقة الطفوف من أرض العراق وشرقي الجزيرة المشرفة على الخليج يتتبعون الكلأ، وفي أثناء الفتح العربي الإسلامي لبلاد فارس، أسلمت جماعات من الزّط وأخلاط الأساورة والسيابجة على يد أبي موسى الأشعري عند فتح مدينة السوس، بعد هَرَبِ يزدجرد ملك الفرس، ثم أنزلهم أبو موسى منطقة البصرة فحالفوا فيها بني حنظلة من تميم وأقاموا معهم. وخرج فريق منهم مع ابن عامر إلى خراسان مشاركين في قتال المشركين، ولم يشتركوا في شيء من الحروب الأهلية إبّان الجمل وصفّين ملتزمين اتفاق إسلامهم مع أبي موسى إلى أن نقضوا عهدهم وشهدوا خروج ابن الأشعث، فأوقع بهم الحجَّاج، وهدم دورهم، وحطّ أُعطياتهم وأجلى بعضهم، وكان معاوية قد نقل قبل ذلك قوماً من الزّط والسيابجة إلى سواحل الشام وإنطاكية، وكذلك فعل بعده الوليد بن عبد الملك فنقل بشراً منهم إلى إنطاكية وناحيتها، وقد استقدم الحجّاج أواخر القرن الأول الهجري/أوائل القرن الثامن الميلادي خلقاً كثيراً من زطّ الهند وأصنافاً، ممن فيها من الناس مع أهلهم وأولادهم وجواميسهم وأسكنهم منطقة «كسْكر» في العراق الأوسط وإلى الجنوب، فغلبوا على البطيحة واجتمع إليهم قوم من أُبَّاق العبيد والموالي وأخلاط الناس وتكاثروا وعاثوا فساداً، فولّى المأمون في 205هـ/820م عيسى بن يزيد الجلودي محاربتهم، ثم ولّى في سنة 206هـ/821م داود بن ماسجور أعمال البصرة وجوارها ومحاربة الزطّ بجدّ. استشرى شرّ الزطّ في أواخر عهد المأمون (198ـ 218هـ/813 ـ833م) واستقووا على قطع الطريق بين البصرة وبغداد ومناوأة السلطان، وصار الناس يتحامون الاجتياز بهم، وانقطع عن بغداد ما كان يحمل إليها من البصرة في السفن، وقادهم في عصيانهم رجل اسمه «محمد عثمان» وله صاحب أمر وقائم بالحرب اسمه «سملَق»، فلما استُخلف المعتصم بالله تجرَّد لهم، وولى محاربتهم رجلاً من أهل خراسان هو «عجيف بن عنبسة» وضمّ إليه القواد والجند، ولم يمنعه شيئاً طلبه من الأموال، فصار عجيف بعسكره إلى أسفل واسط، ورتّب البريد السّريع بينه وبين بغداد، وسدّ الأنهار التي يستخدمها الزطّ، وحصرهم في كل وجه، ولما أخذ عليهم طُرقهم حاربهم، وقتل منهم في المعركة ثلاثمئة وأسر خمسمئة، وضرب أعناق الأسرى وبعث برؤوسهم إلى المعتصم، واستمر يقاتلهم حتى تمكن منهم عام 219هـ/834م وأخذهم مستسلمين بالأمان على دمائهم وأموالهم، ولم يشذّ منهم أحد، وكانوا 27 ألف إنسان بين رجل وامرأة وصبي، وعّبأهم في السفن على هيأتهم في الحرب ومعهم الأبواق حتى دخل بهم بغداد عام 220هـ/835م، واستعرضهم المعتصم من فوق سفينة، وهم في زواريقهم ينفخون في الأبواق، ثم سيقوا إلى الجانب الشرقي ودُفعوا إلى بشر بن السميدع، فذهب بهم إلى خانقين، وجعل بعضهم فيها، ونقل سائرهم إلى الثغور، ولاسيما منها «عين زربة» قرب «المَصِّيصَة» حتى كانت سنة 241هـ/855م حين أغار الروم على عين زربة فقتلوا منهم بعضاً وسبوا الباقين مع النساء والأولاد، إلا أن مجموعات صغيرة أخرى من الغجر ظلّت في بلاد الدّيلم إلى أن نشب النزاع على السلطة بين أفراد البيت البويهي، فاستخدم عضد الدولة بعضهم، واستخدم منافسه وابن عمه بختيار بعضاً آخر بصفة عسكر مرتزقة، ففني كثيرون منهم في هذا الصراع، مثلما مات كثيرون منهم أيضاً في خدمة عضد الدولة في أثناء قضائه على عصيان «القنص والبلوص» وهم جماعات زطية أيضاً، في منطقة كرمان من إقليم فارس.
يطلق الغجر على أنفسهم اسم «روم Rom» ويعني الرجل أو الزوج في حين أن أسماءهم تختلف من بلد إلى آخر ففي بلاد العرب عرفوا باسم «الزطّ» و«النّور» و«القرباط» و«الغجر»، وفي الهند غلب عليهم اسم «اللّوري»، وفي إنكلترا والكومنولث والولايات المتحدة الأمريكية عُرفوا باسم «الجبسي Gypsies» لرواية واهمة تنسبهم خطأ إلى مصر، والفرنسيون يسمّونهم «التزيجان Tziganes» تارة ـ وربما كانت هذه التسمية الأكثر شيوعاً في العالم. و«البوهيميين» تارة أخرى توهماً بأن أصولهم ترجع إلى بوهيمية، ويسميهم الإسبان «Gitane» أو «Gitanas» أو «زنجالي Zincali» ويسميهم الإيطاليون «زيجاريZigari». ويعرفون في شمالي أوربا باسم «المتوحشين Tartars». وقد يكون اختلاف الأسماء عائداً إلى اختلاف التصّورات النمطية عنهم في البلدان المختلفة، وهم جميعاً يُصنَّفون في
ثلاث مجموعات قبلية أساسية وفق مناطق توزعهم، وهي:
1ـ الـ «كالديراش Kaldirash» وقد أتوا من البلقان وأوربا الوسطى، وهم الأكثر عدداً.
2ـ «الجيتانو gitanos» ويعرفون بالفرنسية «gitanes» ويعرفون باسم «الكاليه» أيضاً، وينتشرون في جنوب فرنسا وشبه الجزيرة الإيبرية وشمالي إفريقيا.
3ـ «مانوش Manush» و«بالفرنسية Manouches» ويعرفون «سانتي Sinti» أيضاً ويعيشون، في فرنسا والألزاس وألمانيا وإيطاليا، وتنقسم هذه المجموعات الثلاث إلى مجموعات وفروع أصغر، وترواح التقديرات بشأن تعدادهم في العالم بين المليون وعدة ملايين. ويكاد يجمع علماء اللغات على أن لغة الغجر هندية ـ آرية ترجع بجذورها إلى السنسكريتية وإلى لغات منطوقة في الهند اليوم. وتسمى هذه اللغة «روماني Romany» وتدخل فيها مفردات كثيرة مشتقة من لغات الشعوب التي عاشوا بينها ويُظن أن لغة بلغاريا هي أنقى لغة دارجة في حين أن لغة غجر سورية هي الأكثر بدائية. وعند الغجر لغات عامية ذات رطانة ناشئة عن الاختلاط، وجميعها لغات شفوية لا كتابة لها، إضافة إلى وجود لغة سرّية رمزية تسمى «باتّران Batteran» لا تعرف إلا بينهم. أكثر الغجر أميّون، وعامتهم ذوو مظهر خارجي متشابه يتسم بالبشرة الداكنة المائلة إلى السواد تدرجاً من اللون الزيتي إلى البني، في حين أن بينهم مجموعات قليلة ليست كذلك، وليس للغجر ملابس قومية، ولاتختلف ملابسهم عما يستعمل في بلاد عيشهم، وكثير منها مستعمَلٌ أو مُسْتَجْدٍ، ونساؤهم تلبس ألبسة فضفاضة مزركشة لها طابع مميز، وكثيرون منهم يهتمون بالحلي وأنواع الزينة، وهو أمر يتصل باهتمامهم الأساسي بالرقص والغناء، ومعيشتهم بسيطة جداً بساطة الحياة في مساكنهم، وهم يسكنون الأكواخ والكهوف وغالباً الخيام، لأنها سهلة النّصب والفك والتحميل، وتقسم بعوازل خفيفة ما يعادل غرفتين أو ثلاثاً بحسب عدد الزوجات والأولاد. وتحوي أثاثاً متواضعاً من البسط والفرش والمساند، وأدواتهم المنزلية قليلة وطعامهم خشن، ويؤثرون أكل الدجاج الذي أتقن كثير منهم سرقته، ويهتم الغجر اهتماماً خاصاً بالنظافة، ويكسبون الرزق من قراءة الكف والتنجيم وخدمة الوشم والكدّية والسرقة وممارسة بعض الحرف الصغيرة، مثل صنع السلال والأوعية والأمشاط أو المصاغ الزائف والحيل البهلوانية والشعوذة وترويض الحيوانات من قردة ودببة وخيول والحرف المعدنية، وفوق كل ذلك يولون عنايتهم إلى مهارات الجسد والرقص والغناء والموسيقى، لأنهم يعتمدون عليها في تحسين دَخِلهِمْ المادي وتدبير أمورهم. وقد اختصت كل مجموعة غجرية بمهارات خاصة أكثر من غيرها، فالكالديراش منهم مهروا بالحدادة، والجيتان مهروا بالموسيقى والرقص والغناء، مع الأخذ في الحسبان أن كثيراً من الممارسات والحرف مشتركة بين المجموعات كلها تقريباً. وللغجر أعيادهم الخاصة مثل عيد بدء الربيع، أو أعياد أخذوها من ديانات أخرى اعتنقوها، مثل بعض أعياد المسلمين وعيد القديس جرجيوس المسيحي، وتخضع ظروف حياتهم لحالة طقس البلد الذي نزلوا فيه ولحالته الاقتصادية، وينتقل كثير منهم في عربات خشبية تجرها الدواب، ومنهم من يستعمل السيارات في جر منازلهم الخشبية المقطورة. وينعقد نظامهم الاجتماعي حول الأسرة الصغيرة التي تتصل بمجموعات أُسرية أخرى أكبر منها تسمى «أنساباً» ويؤلف رؤساء الأنساب مجلساً للكبار يسمى «كريس Kris» ومن مهماته سلطة المحاكم في فرض العدالة، وحفظ وحدتهم الثقافية المهدّدة المجرّحة المهزأة من الشعوب الحضرية عن طريق متابعة المجلس تنفيذ القواعد التقليدية بصرامة، وعلى خلاف الشائع تخضع بعض الجماعات الغجرية لقواعد خُلُقية صارمة تمّ تجاهلها من غيرهم بالجهل والحقد، ولنساء الغجر معرفة بالأعشاب المفيدة طبياً وطريقة صناعة أدويتها، ولهنّ في الأسرة مكان مرموق يعدل مقام الرجال ويفوقه أحياناً، ذلك أن مهمة الكسب تقع في بعض الجماعات الغجرية على عواتق النساء وأولادهن، الزواج بينهم رضائي بمَهْر، ولخرقه عقاب صارم. لحقت بالغجر بعض الأحكام المسبقة الجائرة، وحاقت بهم اللعنة ولاسيما قبل العصر الحاضر، أينما حلّوا كانت تنبذهم الجماهير وتجور عليهم الحكومات والقوانين، وتعاديهم المؤسسات بما فيها الدينية (الكنيسة) والنقابية، ويلاحقهم الاضطهاد والطرد والنفي حتى عافوا الاستقرار، ونأوا عن الانتماء إلى أي جنسية. وتاريخ الغجر حافل بالمآسي والنكبات وهبّات القسوة المجنونة والاتهامات الطائشة الظالمة التي تعصف بهم بين الحين والحين، والتي بلغت ذروتها في السياسة العنصرية النازية الألمانية حين أبادت منهم منهجياً ما يقدر بنصف مليون شخص في حقبة الحرب العالمية الثانية وما قبلها، وكان طبيعياً في مثل هذا الواقع المرّ المتواصل تاريخياً أن تظهر بين الغجر ـ إما بدافع الحاجة، أو نتيجة ردّ الفعل النفسي المكبوت ـ ممارسات منحرفة ونشاطات إجرامية كالاحتيال والسّرقة، ولكنهم قلّما يرتكبون القتل أو يلجؤون إلى العنف، وربما كانت السّرقة صادرة عن ضرورات العيش، وعن اتصالها بأسطورة دينية غجرية تجيزها شريطة ألا تكون من الفقراء، وألا تستهدف شيئاً غير ذي نفع. وقد ظهرت في العقود الأخيرة أصوات إنسانية تنادي بمعاملة الغجر معاملة إنسانية كريمة، وتدعو إلى تكامل مجتمعاتهم مع المجتمعات القومية الكبيرة حيث يعيشون وتيسير اندماجهم فيها، ومن مظاهر هذا الاهتمام الجيد ظهور ثلاث دوريات خاصة بدراسة أحوال الغجر، وهي دوريات إنكليزية وفرنسية وهندية، وتهتم الهندية منها بدراسة لغة الغجر وثقافتهم على وجه الخصوص، بيد أن المجتمعات الأوربية مازالت تمارس على الغجر التمييز العنصري الجارح في الخطاب والموقف والمعاملات اليومية. بل إن بعض الفئات تعمد إلى تحميلهم ظلماً مسؤولية الصعوبات الاقتصادية الراهنة في أوربا، مما حدا بالغجر إلى البحث عن بنى جديدة للدفاع، مثل تأليف «لجنة أممية للروم» وإنشاء مجلس منتخب من مندوبين عن مجموعات الغجر كافة، يعمل تحت إشراف مجلس أعلى وزعيم أول يسمونه «ملكاً»، وفي بادرة رحمة ملحوظة، وبغية التخفيف من معاناة الغجر ولفت الانتباه إليهم؛ قامت الكنيسة الكاثوليكية في شهر أيار 1997 بتطويب الغجري «سيفيرينو جيمينيز ميلالا» الذي أعدم في الحرب الأهلية الأسبانية لأنه حمى كاهناً محّلياً وأبى تسليم سُبحته، وهي بادرة تعد أمثولة ومسعى لرد شيء من الحقوق إلى هؤلاء المظلومين المقهورين. ويسود ظنٌّ بأن الغجر لايدينون بدين محدد. غير أنهم في الواقع يدينون بما يسمى «الدين الطبيعي» أي بكائن علوي ووجود الروح العظمى والعفاريت والأرواح في العالم، وينكرون الوحي، ويعتقدون بمبدأ خلق العالم وإبداع كل شيء من الطين والتراب، ويكنون للشمس «إيزاكريس» والقمر والنجوم مشاعر خاصة، ولهم جملة محرمات وطقوس خاصة بالطهارة والنجاسة ينبغي أن تتبع مع النساء في ظروف معينة مثل الولادة، ومع الكلاب والقطط، ولقد لاذت مجموعات غجرية إلى جانب هذه المعتقدات القديمة بديانات البلاد التي حلوا فيها، فصار منهم البوذيون والمسيحيون والمسلمون، مع وجود تحفظ لابد منه في هذا الشأن، وهو أن فهم الغجر على الأرجح لهذه الديانات هو فهم خاص لا يتطابق تماماً وفهم أتباعها الآخرين لها، ولايلغي جذور مذهب «الأرواحية البدائي ـ مذهب حيوية المادة الغامضة animistic» من نفوسهم القلقة. إنهم يرون أن السعادة مشاركة وأن الحرية تكمن في امتلاك أقل ما يمكن من الأشياء، ولكن أهم ما يمتاز به الغجر هو مهاراتهم غير العادية في ميادين الموسيقى والآلات الوترية، والتطعيم الناجح بين الموسيقى «التزيجانية» التقليدية الموروثة وبين موسيقى شعوب روسيا وأوربا الوسطى التي نزل الغجر بينهم، ولاسيما منها الموسيقى الغنائية الشعبية والعاطفية التي ألهمت بعض كبار الموسيقيين مثل «ليْست» و«براهمز»، ناهيك عن المهارة في استعمال آلات الغيتار والكمان والصناجات والأكورديون وغيرها، وعن روعة الأداء الحار في الرقص والغناء اللذين برعوا فيهما وتميزوا.
الملكه
امتدت تأثيرات الغجر في أوربا في القرنين الأخيرين إلى ساحات الأدب والمسرح، كما هي الحال في مجالي الموسيقى والغناء، وصار لهم شأن ذائع في الخيال الشعبي يتجلّى بقصص «كارمن» الأدبية، وأوبرا «كارمن: وأفلام الغجر وكارمن السينمائية» وأشباهها الكثيرة