علم الاقتصاد economics هو العلم الذي يهتم بمشكلة الموارد النادرة أو المحدودة واستعمالها على نحو يسمح بالحصول على أكبر إشباع لحاجات المجتمع غير المحدودة. وهو بعبارة أخرى علم إدارة الموارد المحدودة لتلبية حاجات غير محدودة. فموضوعه هو الثروة الاجتماعية من جهة، وسلوك الإنسان الاقتصادي من جهة ثانية.
يهتم علم الاقتصاد بأحد وجوه النشاط الإنساني في العالم، وهو النشاط الاقتصادي الذي يشتمل على جميع تصرفات الأفراد التي تتصل بكل من الإنتاج والتبادل والاستهلاك والتوزيع، وما يتفرع عنها من ظواهر اقتصادية مثل التنمية والدخل والادخار والاستثمار والتضخم والدورات الاقتصادية والبطالة وغيرها.
فالنشاط الاقتصادي واحد من أهم جوانب السلوك الإنساني العام. ووحدة شخصية الإنسان تؤدي إلى انعكاس الأوضاع الاقتصادية في مختلف المجالات القانونية والسياسية والفكرية للمجتمع. ولهذا فقد عدَّ كارل ماركس [ر] Karl Marx البنيان الاقتصادي للمجتمع الأساس الذي تستند إليه جميع البنى الفوقية من قانونية وسياسية واجتماعية. حتى المعارضون لفكره لاينكرون أن التطور الاقتصادي يمثل وجهاً من وجوه التطور في التاريخ لابد له من أن ينسجم مع الوجوه الأخرى، ويسير معها في الاتجاه نفسه، وقد يسببها أو ينتج عنها. أي إنه قد يسبقها، وقد يتبعها. وبذلك فإن تحليل المجتمع لا يمكن أن يكون تاماً إذا استبعد الجانب الاقتصادي من التحليل، كما أن دراسة الجانب الاقتصادي للمجتمع لا تكون كاملة إذا استبعدت الجوانب النفسية والسياسية والقانونية والاجتماعية من الدراسة أيضاً.
المشكلة الاقتصادية
تعد المشكلة الاقتصادية economic problem أو مشكلة الندرة scarcity problem كما يطلق عليها بعضهم سبب نشوء علم الاقتصاد، لذلك فإن مفهومها هو المدخل الأساسي لإدراك العلاقة الوثيقة بين الفرد والمجتمع من ناحية، والموارد الاقتصادية من ناحية أخرى. وتتلخص هذه المشكلة في أن أول ما يشعر به الإنسان حاجته إلى الطعام والشراب والملبس والمأوى للمحافظة على استمرار حياته، وهذا ما يدفعه إلى السعي بحثاً عن الوسائل اللازمة لإشباع حاجاته هذه. ويكتشف، وهو يسعى أن حاجاته أكثر من أن يتمكن من إشباعها جميعاً ضمن حدود مقدرته والموارد المتاحة له. ولمقاربة الواقع لا بد من تأكيد أن الإنسان لا يواجه المشكلة الاقتصادية بمعزل عن بقية أفراد المجتمع، بل تكون المواجهة ضمن إطار المجتمع الإنساني الذي يعيش فيه. مما يفرض على جميع أفراد المجتمع مواجهة مشكلة نقص الموارد المتاحة لإشباع حاجاتهم؛ وتتخذ المواجهة صيغة التعاون بين جميع أفراد المجتمع في سبيل الإنتاج، ليتم التخصص وتقسيم العمل بينهم على النحو الذي يضمن أن ينتج كل فرد بمفرده أو بالتعاون مع الآخرين بكفاية أعلى. ويترتب على التخصص وتقسيم العمل بين الأفراد خطوة منطقية تالية هي التبادل، ويقصد به أن ينزل كل فرد عن جزء مما أنتج مقابل حصوله على جزء من إنتاج غيره. ومن المتفق عليه أنه كلما ازداد التخصص وتقسيم العمل بين الأفراد ازدادت الفائدة وأمكن استغلال ما لديهم من موارد وإمكانات بطرائق تحقق لهم أعلى إشباع ممكن لحاجاتهم المختلفة. لذا يمكن إرجاع المشكلة الاقتصادية إلى حقيقتين أساسيتين أولاهما: تعدد الحاجات الإنسانية، وتعني أن حاجات أفراد المجتمع كثيرة ومتنوعة ولا حصر لها. وكلما أشبع المجتمع بعض حاجاته اكتشف حاجات جديدة، مما يعني أن الحاجات غير محدودة وأنها ليست ثابتة بل هي متجددة، وتختلف باختلاف الزمان والمكان. وما نمو عمل المنتجين، على مر العصور، إلا نتيجة ظهور حاجات جديدة والعمل على إشباعها، فالحاجة إلى وسائل المواصلات السريعة مثلاً، وإلى وسائل الاتصال، وإلى أجهزة التكييف، والترفيه، والصحة، والتعليم، وغيرها، لم تكن من ضمن حاجات المجتمعات البدائية، كما أنها ليست على الدرجة ذاتها لدى المجتمعات المختلفة. ومن المسلم به أن المجتمع قادر على ترتيب حاجاته اللانهائية هذه بحسب درجة أهميتها ترتيباً تنازلياً يعكس درجة إلحاحها عليه. وأما الحقيقة الثانية فهي ندرة الموارد الاقتصادية نسبياً، ويقصد بالموارد كل ما من شأنه أن يكون نافعاً، أي قادراً، بطريق مباشرة أو غير مباشرة، على إشباع الحاجات الإنسانية. وبحسب معيار نسبة وفرة الموارد إلى الحاجات المطلوب إشباعها تكون الموارد حرة أو اقتصادية، ويقصد بالموارد الحرة الحالة التي تكون فيها الموارد كافية لإشباع حاجة جميع أفراد المجتمع إليها، مثل الحاجة إلى الهواء؛ إذ بإمكان جميع أفراد المجتمع إشباع حاجاتهم إلى الأكسجين من غير أن يؤثر ذلك في درجة إشباعهم لحاجاتهم الأخرى. كما يقصد بالموارد الاقتصادية الحالة التي تكون فيها الموارد غير كافية لإشباع حاجة جميع أفراد المجتمع إليها. وهذا التفريق بين الموارد الحرة والموارد الاقتصادية ليس ثابتاً لأنه لا يعبر عن صفات كامنة في الموارد نفسها، بل يتغير بحسب طبيعة العلاقة القائمة بين الموارد، من جهة، ومستوى الحاجات المطلوب إشباعها من جهة أخرى. وتخرج الموارد الحرة من مجال اهتمام علم الاقتصاد، في حين ينصب الاهتمام كله على الموارد الاقتصادية.
تتصف الموارد الاقتصادية بعدة خصائص أهمها على الإطلاق أنها محدودة الكمية، وذلك على العكس من الحاجات الإنسانية. فهي إذن لا تكفي لإشباع حاجات جميع أفراد المجتمع. ولهذا فإنها تعد نادرة نسبياً، أي بالنسبة إلى الحاجات التي يمكنها أن تسهم في إشباعها، مما يؤدي إلى ضرورة الاقتصاد في استعمالها.
ومن هنا كان وصفها بالاقتصادية تمييزاً لها من الموارد الحرة. وتتم عملية الملاءمة بين الموارد المتاحة وحاجات المجتمع من خلال عمليتي الإنتاج والتبادل، أي «أنا أحتاج إذن أنتج وأبادل ثم أستهلك". ولهذا كان حل المشكلة الاقتصادية «بعقلنة» استخدام الموارد لمواجهة إشباع حاجات الناس وفقاً لسلم الأولويات التي يقررونها هو المهمة الرئيسية لعلم الاقتصاد الذي عليه الإجابة عن أسئلة هي: ماذا ننتج؟ وكيف؟ وكم؟ ولمن؟. والإجابة عن هذه الأسئلة وتوجيه النشاط الاقتصادي لتحقيق الأهداف الاجتماعية يختلفان باختلاف النظم الاقتصادية والاجتماعية السائدة.
الاقتصاد والسياسة الاقتصادية
يرى سامويلسن Paul A. Samuelson في كتابه «علم الاقتصاد» Economics «أن الاقتصاد هو من أقدم الفنون وأحدث العلوم». وهذه العبارة تؤكد ما اتفق عليه الاقتصاديون، أن الاهتمام بالاقتصاد بوصفه علماً مستقلاً بدأ في النصف الثاني من القرن الثامن عشر وفي عام 1776م بالتحديد، وهو العام الذي نشر فيه الفيلسوف الإنكليزي ومؤسس علم الاقتصاد آدم سميث Adam Smith كتابه الشهير «دراسة في طبيعة وأسباب ثروة الأمم».
إلا أن الاهتمام بالأمور الاقتصادية كان قبل ذلك التاريخ بقرون طويلة. فبداية الفكر الاقتصادي موجودة في كل التعاليم الخاصة بالديانات السماوية، وكذلك في تعاليم قادة الفكر اليوناني والروماني.
وما تجدر الإشارة إليه في هذا المجال هو الفرق الواضح بين علم الاقتصاد، والسياسة الاقتصادية. ففي حين يهتم علم الاقتصاد بكشف العلاقات القائمة بين مختلف الظواهر الاقتصادية وتفسيرها وتحليلها وبيان اتجاهات تطورها. تهدف السياسة الاقتصادية إلى تقديم النصح فيما يجب أن يكون عليه الوضع الاقتصادي. ولهذا التباين بين وصف ما هو كائن وما يجب أن يكون أهمية كبيرة في نطاق الدراسات الاقتصادية.
ولكن التفريق بين علم الاقتصاد والسياسة الاقتصادية لا ينفي ما بينهما من علاقة وتكامل، فعلم الاقتصاد ببحثه وتفسيره للظواهر والمشكلات الاقتصادية، وإلقائه الضوء على سلوك المتغيرات الاقتصادية، وطبيعة علاقات الترابط بينها وأحجامها يمكِّن من التنبؤ بالأحداث الاقتصادية المتوقعة في المستقبل ويساعد في تبني سياسة اقتصادية ملائمة. وعالم الاقتصاد لا يقوم بالتحليل لمجرد الترف الفكري، بل لكي يستطيع في النهاية أن يتوصل إلى مزيد من الفهم للبيئة الاقتصادية حتى يستطيع أن يتحكم فيها ويوجهها بالطريقة التي يرى أنها الفضلى من وجهة نظر الرفاهية الاجتماعية؛ أي حتى يستطيع أن يصوغ سياسة اقتصادية تعدل الأحداث المتوقعة وغير المرغوب فيها وتجعلها أكثر انسجاماً مع المصلحة العامة لأفراد المجتمع. ولتحقيق هذا الغرض يفاضل الاقتصادي بين مختلف الوسائل التي يمكن أن يستخدمها لتحقيق الغاية المطلوبة. ويبني هذه المفاضلة على أساس فاعلية الوسائل المختلفة في تحقيق الهدف من جهة، وعلى أساس التكلفة التي سيتحملها المجتمع من جراء استخدام الوسائل البديلة من جهة أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذه التفرقة لم تكن واضحة لدى الاقتصاديين قبل آدم سميث. لذلك كان علم الاقتصاد في الغالب يوصف بالسياسي، حتى أصبح تعبير «الاقتصاد السياسي» هو الشائع والأكثر استعمالاً بدلاً من علم الاقتصاد. وكان أول من استخدمه الكاتب الفرنسي أنطوان دي مونكرتيان سنة 1615م حين ألف كتاباً يحمل هذا العنوان Economie politique، وقد نحته من ثلاث كلمات يونانية وهي Oikos وتعني «مدينة» وNomos وتعني «قواعد» وPolitos وتعني «ذمة". أي «قواعد إدارة ذمة المدينة". وحينما نحت الكاتب تعبير الاقتصاد السياسي كان يهدف إلى إسداء النصح للأمير في إدارة الأموال العامة، وكان هذا منطقيا، إذ إن السياسة الاقتصادية، كما ذكر آنفاً، قد سبقت في نشأتها علم الاقتصاد.
تعريف علم الاقتصاد
مرّ أن آدم سميث أول من حصر استعمال تعبير الاقتصاد السياسي في الدلالة على العلم الذي يدرس الثروة. إلا أن الخلاف حول مدلول هذا العلم ما يزال قائماً حتى اليوم مما أدى إلى اختلاف تعريفات هذا العلم باختلاف نزعات الاقتصاديين الفكرية المختلفين، حتى إن جيتان بيرو Gaetan Pirou رأى أن لعلم الاقتصاد تعريفات بعدد الكتب التي ألفت فيه.
ومع ذلك يمكن القول: إن علم الاقتصاد هو علم إنتاج الخيرات المادية وتوزيعها واستهلاكها، ويهدف إلى تعظيم المردود من عوامل الإنتاج المتاحة، أي إنه العلم الذي يسعى إلى إيجاد الحلول الممكنة للمشكلة الاقتصادية بالعمل على زيادة إنتاج الخيرات المادية للتقليل من آثار ندرتها ووضعها بتصرف الإنسان لزيادة رفاهيته. فعلم الاقتصاد هو علم عقلنة نشاط الإنسان الاقتصادي لما فيه خيره ورفاهته. وهكذا يعد علم الاقتصاد علم إدارة الموارد بقصد تعظيم المنفعة منها لمصلحة بني الإنسان. ويذهب كامبل ماكونل Campell Mc connell إلى أن علم الاقتصاد هو العلم الاجتماعي الذي يهتم بمشكلة إدارة الموارد النادرة أو المحدودة أو استعمالها على نحو يسمح بالحصول على أكبر إشباع لحاجات المجتمع غير المحدودة. وهكذا فإن علم الاقتصاد هو علم زيادة الثروة من جهة، وعلم اجتماعي يبحث في توفير الرفاهية لجميع أفراد المجتمع من جهة ثانية.
منهج علم الاقتصاد
يؤكد الاقتصاديون الصفة العلمية للاقتصاد إذ يرون أن لهذا العلم قوانينه الخاصة، ومن ثم فإنهم يسعون دائماً للكشف عن هذه القوانين وصوغ النظريات الاقتصادية المختلفة. ومن الثابت أنهم يتبعون في هذا السبيل المناهج العلمية المعروفة وهي: المنهج الاستنباطي(التجريدي، النظري) والمنهج الاستقرائي (التجريبي، الواقعي). وهذه فكرة مختصرة عن كل منهما:
المنهج الاستنباطي: ويعدّ من أقدم مناهج المعرفة، إذ يرجع إلى عهد أرسطو. والاستنباط عملية عقلية يخلص بها من قضية تعد مقدمة مسلماً بصحتها إلى قضية تعد نتيجة لازمة لها. وذلك من خلال قواعد ذهنية بحتة تدور كلها في الذهن بعيداً عن الواقع. وبحسب هذا المنهج يبدأ الاقتصادي بوضع عدد من المقدمات التي يفترض أنها صحيحة ثم يستخلص منها، عن طريق التفكير العقلي، جميع التعميمات التي تؤدي إليها، وهي ما تؤلف النظريات الاقتصادية. وينبَّه هنا إلى أن مدى صحة النظريات المستخلصة على هذا النحو يتوقف على سلامة مجرى التفكير المنطقي من جهة، وصحة المقدمات من جهة أخرى.
المنهج الاستقرائي: يقصد بالاستقراء العملية المنطقية التي يخلص بوساطتها من الوقائع الفعلية إلى القوانين العامة التي تحكم الظاهرة قيد الدراسة.
وهنا يقوم الاقتصادي بالتوصل إلى النظريات الاقتصادية عن طريق التحليل المنتظم الواعي للوقائع المعروفة والمشاهدة في الحياة العملية. أي إن المنهج الاستقرائي عكس المنهج الاستنباطي تماماً، لذلك يوصف الأول، أي الاستقرائي «بالاستدلال الصاعد»، ويوصف الثاني «بالاستدلال النازل».
ولما كان من الواجب أن تكون المقدمات في الاستنباط صحيحة، وجب أن تستند هذه المقدمات إلى الاستقراء. أي إن الاستنباط يعتمد على الاستقراء في إثبات صحة المقدمات. ومن ناحية ثانية فإن الاستقراء يعتمد على الاستنباط لأنه لا بد من التحقق من صحة النظريات، التي يتم التوصل إليها بالاستقراء، عن طريق تعميمها على وقائع جديدة، وهذا هو الاستنباط. وعلى ذلك فإن كلاً من الاستنباط والاستقراء لازمان للاقتصادي، وهو بصدد الكشف عن القوانين والنظريات الاقتصادية.
أساليب التحليل الاقتصادي
إن اتباع المناهج العلمية العامة في التحليل الاقتصادي يقتضي البحث عن أكثر الأساليب ملاءمة في حقل الدراسات الاقتصادية. ويُفرّق في هذا المجال بين الأسلوب الرياضي الذي يعتمد على المنهج الاستنباطي، والأسلوبين التاريخي والإحصائي اللذين يعتمدان على الاستنباط والاستقراء معاً.
الأسلوب الرياضي: تعد الرياضيات علماً عاماً يهتم بدراسة العلاقات بين الكميات المتغيرة. وبالرجوع إلى الكميات الاقتصادية وما ينشأ بينها من علاقات تبادلية وجد أنها تقبل التعبير عنها بالصيغ الرياضية المعروفة، وبذلك أصبح من الممكن استخدام بعض الأساليب الرياضية في الدراسة الاقتصادية. فالرياضيات إذن تقدم أسلوباً للبحث يتفق وطبيعة علم الاقتصاد، ويتصف الأسلوب الرياضي برأي جيتان بيرو بثلاث صفات هي:
ـ استخلاص أوسع النتائج من المقدمات.
ـ السرعة، لأن الرياضيات تسمح بالتعبير برموز بسيطة عما لا يمكن التعبير عنه في اللغة العادية إلا بجمل طويلة.
ـ الدقة في التعبير وتجنب التشويش، فالتحليل الرياضي يحل محل اللغة العادية في البحث عن العلاقات التبادلية بين المتغيرات الاقتصادية. ويعد فرع «الاقتصاد الرياضي» اليوم واحداً من أحدث فروع علم الاقتصاد.
الأسلوب التاريخي: يقتضي استخدام الأسلوب التاريخي تجميع الحوادث والوقائع الاقتصادية التي حدثت في الماضي، وذلك من الكتب والوثائق التاريخية المتوافرة، بعد التحقق من صحتها، لضمان صحة النتائج التي يتم التوصل إليها. ثم تأتي مرحلة وصف الوقائع وتفسيرها، أي معرفة ما كان منها سبباً وما كان نتيجة له، ومعرفة العناصر المتكررة وغير المتكررة ودرجة انتظام تكرارها. وأخيراً يقوم المؤرخ بالكشف عن القوانين التي كانت تحكم العلاقات بين مختلف الظواهر الاقتصادية وغير الاقتصادية أيضاً. أي إن التاريخ بذلك أصبح أداة للتحليل تفيد في معرفة ما كان، وفي تفسير ما هو كائن، وفي توقع ما سيكون في المستقبل. وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة أخذ التاريخ بمعنى واسع والتفريق بين تاريخ النظريات الاقتصادية (تاريخ علم الاقتصاد)، وتاريخ الوقائع الاقتصادية. ويعود هذا الازدواج في الدراسات الاقتصادية إلى طبيعة الظواهر الاقتصادية نفسها، إذ إنها تختلف عن الظواهر الطبيعية. فالظواهر الطبيعية لا تتغير، لذلك نحتاج إلى دراسة تاريخ العلم ولا نحتاج إلى دراسة تاريخ الظاهرة الطبيعية لعدم تغيرها. أما الظواهر الاقتصادية ـ وكذلك الظواهر الاجتماعية عموماً ـ فإنها قابلة للتغير، ولذلك فإنه من المفيد دراسة تاريخ العلم مستقلاً عن تاريخ الوقائع.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن تاريخ الوقائع يعد للباحث الاقتصادي، بمنزلة التجارب المخبرية التي يقوم بها الباحث في أثناء دراسته للظواهر الطبيعية. ويعد الاقتصاديون الألمان أول من اهتم بالأسلوب التاريخي، وذلك منذ الثلث الثاني من القرن التاسع عشر وعرفت أفكارهم باسم «المدرسة التاريخية".
الأسلوب الإحصائي: يرى بعض الاقتصاديين أن الإحصاء[ر] ليس مجرد أسلوب فحسب، بل إنه علم مستقل، وأن قوانينه يمكنها أن تستوعب علم الاقتصاد، مما أدى إلى اطراد اهتمام الاقتصاديين به في مجال الدراسات الاقتصادية.
وتقدم الإحصاءات مقياساً دقيقاً وضرورياً لحجم الظواهر الاقتصادية، لأننا، بتعبير مور Moore، لا نعرف شيئاً ما دمنا لا نستطيع قياسه. والإحصاء هو الذي يسمح بهذا القياس، ويقدم بذلك المادة اللازمة لاستخلاص القوانين الاقتصادية. كما يلجأ الاقتصاديون إلى الأسلوب الإحصائي لقياس مستوى العلاقة بين الظواهر المختلفة؛ فلا يكفي القول إن مستوى استهلاك المجتمع يتوقف على مستوى ما يحققه من دخل، بل لابد من تحديد أثر زيادة الدخل في مستوى الاستهلاك تحديداً كمياً. وفي النصف الأول من القرن العشرين حقق الإحصاء تقدماً كبيراً في مجال جمع البيانات الإحصائية وقدم بذلك مادة جيدة اتخذت أساساً في التحليل الاقتصادي، كما اعتمد عليه في اختبار صحة النظريات التي تم التوصل إليها باتباع الأساليب المنطقية التي كانت سائدة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ويوصف الإحصاء بأنه أسلوب استقرائي يتسم بالواقعية اللازمة لكل نظرية حتى لا تبعد عن الواقع. ولكن، يؤخذ عليه أنه أسلوب لا يترجم الحقيقة كلها لكونه يتناول الظواهر التي يتم التعبير عنها بلغة الأرقام (المتغيرات الكمية)، ولا يهتم بالظواهر غير القابلة للقياس الكمي (المتغيرات النوعية).
فالرفاهية الاجتماعية، مثلاً، لا تتوقف على مستوى ما ينتجه المجتمع من سلع وخدمات مادية فقط، بل تتوقف على طريقة توزيعها بين جميع أفراد المجتمع أيضاً. ولا يعني هذا النقص استبعاد الأسلوب الإحصائي من الدراسات الاقتصادية، بل يقتضي اللجوء إلى الأساليب الأخرى في سبيل إكمال هذا النقص. وبذلك يمثل الإحصاء أسلوباً لا غنى عنه، ولا يكتفى به، في مجالي الدراسات الاقتصادية والسياسة الاقتصادية. وقد تطور حتى بات يؤلف، مع الرياضيات والتحليل الاقتصادي، فرعاً مستقلاً من فروع علم الاقتصاد وهو الاقتصاد القياسي[ر].
وأخيراً فالدراسة الاقتصادية تقتضي القدرة على التحليل والتركيب، والمعرفة بالأحوال النفسية والاجتماعية والقانونية والفكرية والحوادث التاريخية. أي تقتضي معرفة جميع عناصر الحياة الإنسانية. ونتيجة لتعدد هذه العناصر، لم تستطع أي مدرسة اقتصادية أن تحيط بها جميعاً. وعلى التحليل الاقتصادي، حتى يكون واقعياً، ألا يكون حبيساً لغرض ضيق ينظر إلى الإنسان من زاوية واحدة فقط. بل يجب أن يبحث عن الإنسان في جميع مظاهره وبكل أساليب البحث الممكنة، وأن يجمع في سبيل ذلك بين المنهجين الاستنباطي والاستقرائي في آن واحد.
أنواع التحليل الاقتصادي
يميز الاقتصاديون نوعين من أنواع التحليل الاقتصادي [ر] يؤلفان معاً فرعي النظرية الاقتصادية وهما التحليل الجزئي micro economics والتحليل الكلي macro economics. كما توجد تعابير أخرى للدلالة عليهما، فالأول مثلاً يعرف بأسماء كثيرة أخرى مثل نظرية الأسعار the price theory أو نظرية التوزيع the distribution theory. أما الثاني فيرى جاردنر أكليGardner Ackley أن تعبير «تحليل الدخل والتشغيل» income and enployment analysis أكثر دقة في التعبير عن مضمون ذلك النوع من أنواع التحليل. غير أن تعبيري «التحليل الجزئي»، و«التحليل الكلي» من أكثر المصطلحات شيوعاً بين الاقتصاديين على اختلاف مدارسهم.
ويمكن القول مبدئياً إن التحليل الجزئي يتناول البحث في السلوك الاقتصادي على مستوى الوحدة. وهذا ينطوي على فكرة أن الأفراد يتصرفون بطريقة متماثلة تجاه كل القضايا الاقتصادية المختلفة. فالحديث عن الاستهلاك مثلاً في مجال التحليل الجزئي، يقصد به تحليل النمط الذي يتصرف بموجبه الفرد وهو بصدد إنفاقه لدخله على السلع المختلفة. ويقصد بالفرد هنا أي فرد من أفراد المجتمع من دون تحديد.
أما إذا كان الحديث يدور حول الإنتاج فيقصد به حينئذ وصف السلوك الإنتاجي لكل وحدة إنتاجية سواء كانت شركة صغيرة أو كبيرة من دون تحديد أيضا. كما يتقرر في إطار هذا الفرع أيضاً كل من قضيتي تخصيص الموارد بين فروع الإنتاج المختلفة، وتحديد نصيب مختلف أفراد المجتمع من الدخل القومي(نظرية التوزيع).
أما في نطاق التحليل الكلي فإن المقصود بالاستهلاك هو دراسة السلوك الاستهلاكي للمجتمع كله. والحديث عن الإنتاج يعني الناتج القومي للمجتمع كله أيضاً. ويعني ذلك أن هدف التحليل الكلي هو دراسة القوى والعوامل التي تؤثر في مستوى الأداء الاقتصادي لجميع أفراد المجتمع منظوراً إليهم على أنهم وجود واحد. ويغدو الأمر أكثر وضوحاً إذا عُرِّف التحليل الكلي بأنه التحليل الذي يهتم بدراسة الموضوعات الاقتصادية التي تنعكس آثارها على جميع أفراد المجتمع مثل: الدخل القومي والناتج القومي ومستوى التشغيل والدورات الاقتصادية والتوازن الاقتصاديوغير ذلك.
ولما كانت القرارات الاقتصادية تتخذ من قبل الوحدات الجزئية التي يتكون منها الاقتصاد القومي، فقد يظن من ذلك أن التحليل الكلي ما هو إلا مجموع التصرفات الفردية. ومن ثم فإن التحليل الكلي ما هو إلا مجرد عملية نقل للنظريات الاقتصادية من المستوى الجزئي إلى المستوى الكلي. ويؤكد الاقتصاديون خطأ هذه النتيجة لأن القوانين والنظريات الاقتصادية التي تفسر السلوك الاقتصادي للأفراد تختلف كل الاختلاف عن القوانين والنظريات التي تفسر السلوك الاقتصادي للمجتمع بصفته كلاً. ويوضح أحد الاقتصاديين هذه الحقيقة بالفرق بين دراسة شجرة ما في غابة ودراسة الغابة نفسها.
ومع هذا الفصل بين نطاق التحليل الجزئي، والتحليل الكلي فإن هناك درجة كبيرة من التشابك بينهما، فالكفاية التي يتم بها تخصيص الموارد بين الاستخدامات المختلفة (تحليل جزئي) لها تأثير كبير في مستوى الدخل القومي (تحليل كلي)، كما أن إجمالي الدخل (تحليل كلي) يعتمد إلى حد ما على الكيفية التي يتم بها توزيع الدخل (تحليل جزئي) إذ إن حصول فئة صغيرة من المجتمع على نسبة كبيرة من الدخل القومي يؤدي إلى تخفيض الطلب الكلي، ومن ثم تخفيض مستوى الإنتاج والدخل القومي. كما أن عدالة توزيع الدخل القومي تؤدي في النهاية إلى انخفاض مستوى الادخار القومي وما ينتج عن ذلك من انخفاض معدلات النمو الاقتصادي.
تطور التحليل الاقتصادي
يقتضي تفهم دقائق مجرى تطور التحليل الاقتصادي العودة إلى دراسة الفكر الاقتصادي [ر] من خلال النظريات التي قدمتها المدارس الاقتصادية المختلفة. وسوف يكتفى هنا بالإشارة إلى أهم الخصائص المميزة لكل من الفكر التقليدي (1776 - 1936) والفكر «الكينزي»، وذلك بسبب الآثار الكبيرة التي نجمت عن الفكر الذي قدمه كل منهما سواء ما تعلق منها بمنهج البحث أو نطاق اهتمامه. فقد قام صرح النظرية التقليدية على التجريد والاستنباط فلجأت هذه النظرية، بصدد دراسة الاقتصاد، إلى التجريد، إذ أسقطت كل البواعث التي تسيِّر الإنسان إلا باعثاً واحداً فقط وهو باعث المصلحة الفردية، وانتهت بذلك إلى إنسان أطلقت عليه تعبير «الإنسان الاقتصادي» وعدته خير من يدافع عن مصلحته الشخصية، باستثناء قلة من الأفراد يمكن إهمالهم.
ولما كان المجتمع في الحقيقة مجموعة أفراد فقد خلصت إلى أن مصلحة المجتمع هي مجموع مصالح أفراده أيضاً، أي إن الفرد عندما يسعى لتحقيق مصلحته فإن هذا لن يؤدي إلى تعارضه مع المصلحة الشخصية للآخرين. ولهذا دأبت هذه النظرية تطالب بضمان حرية الأفراد في نشاطهم الاقتصادي، لأن هذه الحرية سوف تعني في النهاية تحقيق أقصى إشباع ممكن لجميع أفراد المجتمع تلقائياً دونما حاجة إلى تدخل أي سلطة في هذا السبيل، أي إن المجتمع سوف يحقق أفضل مستوى ممكن من الإنتاج باستخدام الموارد المتاحة له.
وهذا يعني في النهاية أن المشكلة ليست في تقديم النصح والمشورة لتحسين مستوى الإنتاج وإبداء الرأي في كيفية توزيعه، وإنما اهتمت المدرسة التقليدية فقط بتحليل النشاط الاقتصاديوإيضاح الطريقة التلقائية التي بوساطتها يتم التوصل إلى الوضع الاقتصادي الأمثل. وبذلك فقد صاغت، على حد تعبير ألفرد مارشال، من المنطق لوحة زيتية للعالم الحقيقي، وصاغت مما يجب أن يكون صورة لما هو كائن. ويعد قانون ساي (أو قانون المنافذ) الذي قدمه جان باتسيت ساي J.B.Say عام 1803 العمود الفقري للتحليل الاقتصادي التقليدي. وهو يقوم على فرض أن العرض إنما يخلق الطلب المساوي له، وينتهي بالفرض إلى أن التشغيل سوف يكون كاملاً دائماً بصورة تلقائية، وأنه لا يمكن أن تحدث البطالة أبداً، وإن حدثت أحياناً فإن قوىالسوق التلقائية كفيلة بتصحيح هذا الخلل وإعادة التشغيل الكامل مرة أخرى.
وبناء على ذلك فقد كانت النظرية تقضي أن أي خلل يحدث في أركان النشاط الاقتصادي لا يتطلب تصحيحه من المسؤولين سوى انتظار أن تقوم قوى السوق الطبيعية بذلك. وبحسب منطق التقليديين، ليس هناك مايقال فيما يتعلق بالتحليل الكلي، وإن اهتمامهم تركز في نطاق التحليل الجزئي فقط.
وللإنصاف لابد من التذكير بأن الاتفاق بين الاقتصاديين التقليديين لم يكن تاماً. فقد برز في تلك الحقبة بعض المفكرين المناوئين للمبادئ التي تقوم عليها النظرية التقليدية مثل القس الإنكليزي توماس روبرت مالتوس (1766-1834)Thomas R. Malthus الذي وجه الكثير من النقد لمبادئ النظرية التقليدية وفروضها في كتابه «مبادئ الاقتصاد السياسي» The Principles of Political Economy كما انتقد المؤرخ والاقتصادي السويسري جان تشارلز ليونارد سيموندي (1773-1843)Jean Charles Leonard Simonde هذه المبادئ أيضاً. إلا أن أحداً من هؤلاء الخارجين على التحليل التقليدي لم يوفق في هجومه على النظرية التقليدية وبقيت فروضها هي الوحيدة التي توجه السلوك الاقتصادي، والسبب، في رأي كينز هو أنهم لم يستطيعوا توضيح الأسباب الكامنة وراء ارتفاع مستوى الطلب الفعال وانخفاضه.
وبوجه عام فقد انهار الكثير من آراء الاقتصاديين التقليديين المتعلقة بالتحليل الكلي، وخاصة عندما تفاقمت الأزمات الاقتصادية وانتهت إلى ما يعرف بكارثة «الكسـاد الكبير» the great depression في بداية الثلاثينات من القرن العشرين (1929 - 1933)، إذ اتسمت هذه المرحلة بارتفاع معدلات البطالة على نطاق واسع في جميع دول العالم تقريباً وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومرت سنوات على هذه الحال من دون أن تنجح القوى التلقائية في إعادة التوازن للنشاط الاقتصادي على النحو الذي كان متصوراً في النظرية التقليدية.
وهنا بات واضحاً أن هناك حاجة ماسة إلى إعادة النظر في مبادئ التحليل الاقتصادي وأساليبه، وهذا ما تمّ فعلاً بنجاح على يد الاقتصادي الإنكليزي جون مينارد كينز John M.Keynes بعدما نشر كتابه المعروف «النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود»The General Theory of Employment, Interest and Money سنة 1936، الذي ضمنه نظريته الشهيرة في «الطلبالفعال» effective demand. وقد كان كينز من المؤيدين للنظام الرأسمالي الذي يقوم على مبدأ الحرية الاقتصادية إلا أنه، مع ذلك، كان يرى أن هناك نقصاً في ذلك النظام بأنه لا يتضمن آلية ذاتية قادرة على تحقيق التشغيل الكامل، أو قادرة على أن تعيد النظام إلى حالة التشغيل الكامل فيما لو ابتعد عنه. لهذا فقد قام بتقديم نظريته العامة التي أوضح فيها الكيفية التي يتحدد بها مستوى الدخل والتشغيل، كما شرح الأسباب الكامنة وراء عدم مقدرة قوى السوق على أن تجعل التشغيل عند مستوى التشغيل الكامل. إذ أشار إلى أن مستوى التشغيل معرض للتغير، وأن التشغيل الكامل ما هو إلا أحد مستويات التشغيل، وأن هناك عدداً غير محدود من المستويات الممكنة دون مستوى التشغيل الكامل. وجوهر الفكرة هنا أن مستوى الدخل القومي لا يتوقف على مدى وفرة الموارد الاقتصادية كما هي الحال في النظرية التقليدية، بل يتوقف على مستوى الطلب الفعال، أي إنه بذلك يكون قد عكس المفهوم التقليدي للتشغيل تماماً، وعلى حد تعبير أحد الاقتصاديين فإن كينز يكون قد وضع الحصان أمام العربة بعد أن وضعته النظرية التقليدية خلفها مشيراً بذلك إلى أن القوة الفاعلة في الاقتصاد ليست قوى العرض (النظرية التقليدية) بل قوى الطلب.
الجانب الثوري الآخر في فكر كينز يتركز فيما توصل إليه من أن الحكومة، بخلاف ماتوصلت إليه النظرية التقليدية، تستطيع التأثير في المستوى العام للنشاط الاقتصادي وذلك من مركزها المالي، أي من تغيير مستوى إنفاقها، أو بتغيير القوانين الخاصة بالضرائب لتعديل حجم مواردها المالية ـ أي الميزانية الحكومية بشقيها: النفقات والواردات.
ومع القول العام بوجهة النظر المطالبة بضرورة تدخل الحكومة في النشاط الاقتصادي بغية تحقيق مستوى عال من التشغيل، فإنه ما زال هناك الكثير من الجدل والنقاش حول مدى فاعلية مثل هذه السياسة لتحقيق التقدم المطلوب، وكثير من هذا الخلاف يرجع أحياناً إلى اختلاف وجهات النظر الاجتماعية والفلسفية والسياسية للمجتمعات المختلفة. وبذلك غدا التحليل الكلي محور اهتمام الاقتصاديين المختلفين بعد أن كان التحليل التقليدي منصباً بالدرجة الأولى في إطار التحليل الجزئي.
واستكمالاً للحقيقة لابد من الإشارة إلى أن الاهتمام بالتحليل الكلي لم يبتدئ مع الكساد الكبير على يد كينز، بل إن بعض أفكار التحليل الكلي وجدت قبل ذلك التاريخ، فقد اهتم أصحاب المدرسة التجارية «الميركانتيليون» في القرن السابع عشر بتحقيق مصلحة المجتمع كله وليس مصلحة الأفراد أو الطبقات، ونادوا لذلك بضرورة تدخل الحكومة في الحياة الاقتصادية نتيجة عدم ثقتهم بقدرة النشاط الاقتصادي على تحقيق مصلحة المجتمع القصوى.
كذلك فإن الطبيب الفرنسي فرانسوا كينيه مؤسس أول مدرسة اقتصادية بالمعنى الأكاديمي المعروف، وهي المدرسة الطبيعية (الفيزيوقراطيون)، يُعد صاحب أول مؤلف اقتصادي يتناول دراسة الظواهر الاقتصادية على أساس النظرة الكلية، وذلك في ما عرف باسم «الجدول الاقتصادي العام» الذي نشره عام 1759.