إقليم الأهواز ويعرف باسم الأحواز وعربستان، ظل إقليماً عربياً حتى عام 1936، حين أعلنه الشاه محمد رضابهلوي إقليماً إيرانياً أُطلق عليه اسم «خوزستان». وهو أحد أقاليم الخليج العربي، ويتشابه معها في كل النواحي الطبيعية والبشرية والاقتصادية والتاريخية، ويؤلف أقصى امتداد للأراضي العربية السهلية الرسوبية نحو الشرق. ويحده الخليج العربي من الجنوب، والعراق من الغرب. ويبلغ أقصى امتداد لإقليم الأهواز من الشمال إلى الجنوب 320كم، وعرضه بين الشرق والغرب240كم. وتبلغ مساحته الكلية 45105كم2، وقد اقتطعت منه إيران مساحات ألحقتها بولاياتها المجاورة، وبذلك تقلصت المساحة إلى 42105 كم2.
الجغرافية الطبيعية والبشرية والاقتصادية
تتكون أراضي الأهواز في معظمها من سهل رسوبي كونته الأنهار والمجاري المائية المنحدرة من الجبال المحيطة في الشمال والشرق. ولما كان هذا السهل منبسطاً وقليل الارتفاع عن مستوى سطح البحر، كانت المجاري المائية التي تشقه تسير بطيئة متعرجة، تفيض مياهها وتؤلف الأهوار[ر] والمستنقعات.
أما المناخ فصحراوي، قليل الأمطار، يتميز بصيف طويل حار عديم الأمطار، ترتفع فيه درجة الرطوبة النسبية. وفصل الشتاء قصير، معتدل الحرارة، أما الربيع والخريف فهما فصلان قصيرا الأمد. ويعوض من جفافالمناخ وقلة الأمطار كثرة الأنهار والمجاري المائية القادمة من الشمال والشرق، وأهم هذه الأنهار:
ـ نهر قارون: وهو أعظم أنهار الإقليم وأكثرها غزارة، ينبع من جبال البختياري في الشرق، ويخترق مجراه الأوسط مدينة الأهواز عاصمة الإقليم، ثم تنتهي مياهه في شط العرب، حيث تقوم مدينة المحمرة.
ـ نهر الكرخة: وينبع من جبال لورستان في الشمال، ويسير نحو الجنوب، ثم ينحرف نحو الغرب ويصب في هور الحويزة بالقرب من الحدود العراقية.
ـ نهر الجراحي: وينبع من البختياري في الشرق، ويسير نحو الجنوب الغربي وقبل أن يصل إلى الخليج العربي، ينحرف مجراه نحو الشمال الغربي، ويتشعب إلى فروع كثيرة تضيع مياهها في هور الفلاحية.
ينتمي أكثر سكان الأهواز إلى قبائل عربية نزحت من شبه الجزيرة العربية في أزمنة متعاقبة. ولعل من أشهر القبائل العربية التي سكنت الإقليم وكان لها أثر فعال في تاريخه قبائل بني كعب وبني طَرْف وربيعة والمحيسن وتميم وشمر وبني مالك ومَذْحج وكنانة وآل كثير وغيرها.
ومع أن السلطات الإيرانية السابقة سعت إلى توطين أعداد كبيرة من أصول إيرانية في الأهواز وتهجير السكان العرب إلى داخل إيران، فإن الغالبية العظمى من السكان، الذين يقدر عددهم بنحو مليوني نسمة، هم من أصول عربية. ويتوزع السكان بين المراكز الريفية والحضرية، وأهم هذه المراكز مدينة الأهواز، وهي عاصمة الإقليم وتقوم على نهر قارون، ويخترقها الخط الحديدي القادم من طهران، وهي مركز ثقافي وصناعي وتجاري، ويقدر عدد سكانها بنحو 804.000 نسمة. ومدينة عبادان، وتقع في أقصى الجنوب، وهي ميناء لتصدير النفط الخام ومركز لتكريره. وأما المدينة الثالثة فهي المحمّرة وتقع عند مصب نهر قارون في شط العرب، وقد غيّر الإيرانيون اسمها إلى «خرّم شهر»، ومن المدن المهمة الأخرى الحويزة والفلاحية وسوس ودسفول (دزفول).
أما النشاطات الاقتصادية التي يمارسها السكان فتتمثل باستغلال الأراضي الخصبة والمياه الجارية في زراعة النخيل والحبوب وقصب السكر والخضر والفواكه. كذلك يحترف السكان تربية الحيوان ولاسيما الأبقار والجاموس والأغنام. ويعمل بعض السكان بصيد الأسماك من مياه الخليج ومن الأهوار والأنهار الداخلية. ويمتلك الإقليم ثروة نفطية هائلة.
الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية
تتمثل أهمية الأهواز الاقتصادية في غنى الإقليم زراعياً، فهو يضم مساحات واسعة من الأراضي الرسوبية الخصبة ترويها شبكة من المجاري المائية تساعد على تنوع المحصولات الزراعية، وتتجلى أهميته الاستراتيجية في موقعه على الخليجالعربي أيضاً، وهو طريق تجاري نشط منذ أقدم العصور، وصلة الوصل بين آسيا الغربية وأوربة من جهة، وبلاد الشرق الأقصىمن جهة أخرى.
كما تتجلى أهمية الأهواز أيضاً بالثروة النفطية والغازية الهائلة فيه. فإنتاج الأهواز من النفط الخام يأتي في المرتبة الثانية في المنطقة بعد المملكة العربية السعودية.
لمحة تاريخية وحضارية وأهم المعالم
مر إقليم الأهواز والوطن العربي بمراحل تاريخية واحدة منذ أيام العيلاميين والسومريين والبابليين. وقد وقع الأهواز مع سهول الرافدين تحت سلطان الفرس أيام قورش، ثم دخل ومعه بلاد فارس نفسها تحت سلطة الدولة العربية الإسلامية بعد معركة القادسية. وبعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد حكم الأهواز عدد من القبائل العربية المحلية أهمها: بنو أسد والمشعشعيون وبنو كعب ثم قبيلة المحيسن. وفي عام 1857 اعترف الإيرانيون والعثمانيون باستقلال الأهواز (عربستان آنذاك) وعقدت بريطانية مع حكومة الأهواز معاهدة اعترفت فيها باستقلال الإمارة وتعهدت بحمايتها. ولما كان للأهواز موقع ممتاز وغنى اقتصادي، توجهت إليه الأطماع الاستعمارية المحلية والخارجية، ولاسيما منذ القرن السادس عشر. فقد حاول البرتغاليون، بعد كشف طريق رأس الرجاء الصالح، احتلال منطقة الخليج العربي، ثم حل الإنكليز محلهم، لضمان أمن مستعمراتهم وتجارتهم مع الشرق الأقصى. كذلك حاولت القوى المحلية ولاسيما العثمانيون والصفويون السيطرة على الأهواز وبقية مناطق الخليج العربي. وعاش سكان الأهواز أربعة قرون أو أكثر في حروب وصراعات مع هذه القوى. وبعد الحرب العالمية الأولىاتفقت بريطانية مع إيران على محاربة الشيخ خزعل المحيسن حاكم إمارة المحمّرة واعتقاله عام 1925، ثم ألغى الشاه رضابهلوي استقلال الأهواز عام 1936 وأعلنها ولاية باسم خوزستان.
ويضم إقليم الأهواز الكثير من الآثار التاريخية من العصور القديمة والعصور العربية الإسلامية والعصر الحديث وخاصة في مدينة الأهواز والمحمّرة وسوس.
وبعد ظهور الثروة النفطية في الإقليم واستغلالها أُقيم ميناء كبير في عبادان لتصدير النفط الخام، وأُقيمت في المدينة مصفاة ضخمة لتكرير النفط الخام. واتصلت الأهواز بطهران بخط حديدي واستغلت بعض مياه الأنهار في توليد الكهرباء وري الأراضي.