Search - للبحث فى مقالات الموقع

Tuesday, February 15, 2011

اختزال shorthand


اختزال shorthand أسلوب كتابة سريعة يعتمد الرموز أو المختصرات بدلاً من الحروف أو الكلمات أو الجمل، وتكون كتابته من اليسار إلى اليمين ولو باللغة العربية. وقد عُرِف الاختزال بأسماء كثيرة منها: الكتابة المختزلة (كتابة متلاصقة أو ضيقة) والكتابة الناعمة والكتابة القصيرة. ويستطيع الكاتب تدوين ما يريد واستدراك كل ما يقال للسرعة التي توفرها الكتابةالمختزلة. واستعمل الاختزال وسيلة ثقافية، إذ استعمله بعض الأدباء في كتابة مؤلفاتهم، ومن هؤلاء جورج برناردشو[ر] وصموئيل بيبس[ر] Samuel Pepys. ويستعمل اليوم، ولاسيما في الدول الصناعية، في مجال المعاملات التجارية والصناعية وفي الإعلان.
    الأساس والتطور
    كان الاختزال، لقرون خلت، يعتمد النظام الإملائي والصوتي ورموزاً اعتباطية مثل دائرة صغيرة تحيط بها دائرة كبيرة للتعبير عن عبارة «حول العالم». وقد ذكر معظم المؤرخين أن بداية نشأة الاختزال كانت مع المؤرخ الإغريقي زينوفون Xenophon الذي استخدم نظاماً إغريقياً قديماً في تدوين سيرة سقراط، ثم استُخدم الاختزال على نحو واسع في الإمبراطورية الرومانية. وكان تيرو Tiro (العبد المعتق وأحد أهل بيت شيشرون Cicero) قد وضع أول نظام لاتيني للاختزال في عام 63ق.م عُرف باسم «إشارات تيرو»، وبقي هذا النظام قيد الاستعمال نحو ألف سنة، كما وضع تيرو معجماً للاختزال. ومن الذين استعملوا الاختزال أسلوب كتابة الإمبراطور تيتوس Titus ويوليوس قيصر Julius Caesar وعدد من الأساقفة.
    بيد أن الاختزال صار، مع بداية العصور الوسطى، مقترناً بالسحر والعرافة وفقد أهميته، ولم يتجدد الاهتمام به إلا مع بداية القرن الخامس عشر حين عُثر على معجم إشارات شيشرون وسفر المزامير المكتوبين بأسلوب «إشارات تيرو». وقد تأثر تيموثي برايت Timothy Bright بهذا الأسلوب بعض الشيء فوضع نظاماً إنكليزياً عام 1588 تتألف إشاراته من خطوط مستقيمة ودوائر وأنصاف دوائر عُرفت برموز برايت.
    وفي القرن السابع عشر اتسع استعمال الاختزال لتدوين الخطب التي لم يكن بالإمكان حفظها بطريقة أخرى فبرز أربعة مبتكرين لأنظمة الاختزال هم: جون ويلّيس John Willis الذي يعد أبا الاختزال الحديث؛ وتوماس شلتون Thomas Shelton الذي ظهر نظامه في مذكرات صموئيل بيبس؛ جريمايا ريتش Jeremiah Rich الذي عمم هذا الفن وأعطاه شهرة عن طريق نشر المزامير والعهد القديم مستخدماً أسلوبه الاختزالي؛ ووليم ميسُن William Mason الذي استخدم أسلوبه لتدوين الأناشيد الدينية ولترجمة الكتاب المقدس في السنين التي تلت عصر النهضة.
    ثم ابتكرت في العقود اللاحقة أنظمة أخرى إلا أن معظمها كان قصير الأمد، وكان النظام الذي ابتكره صموئيل تايلر Samuel Taylor عام 1786 أكثرها نجاحاً. وقد اعتمد أسلوب تايلر في كل من اللغات الفرنسية والإسبانية والبرتغالية والإيطالية والسويدية والألمانية والهنغارية وغيرها.
    وفي أثناء الثورة الصناعية برزت الحاجة إلى الاختزال وكتَّابه في الأعمال التجارية وغيرها.
(الشكل -1)
    وبما أن أنظمة الاختزال الهندسية المستخدمة حينذاك كانت تحتاج إلى درجة عالية من الثقافة فضلاً عن التدريب الطويل كان لابد من ابتكار نظام بديل أسهل لمن يريد تعلمه واستخدامه، لذلك تخلى الألماني غابلسبرغر Gablesberger (1789-1849) عن الأساليب الهندسية وطوّر نظاماً بسيطاً بخطوط متصلة. وقد اعتمد نظامه المسمى «فن الإشارة الكلامية» speech- sign art على الحروف اللاتينية، واتسم بالدقة والإتقان وجمال الخطوط، كما لاقى نجاحاً واسعاً، وانتشر في سويسرة والنمسة واسكندينافية وفنلندة وروسية، وكان لبساطته أثرها في سهولة ترجمته إلى اللغات الأخرى (الشكل1).
    أنظمة الرموز الحديثة
    وضع إسحق بيتمَن Isaac Pitman (1813-1897) نظاماً خاصاً للاختزال يدمج الكتابة بالصوت، كما تبنى المبدأ ذاته في رسم الأصوات الكلامية، ونشر نظامه عام 1837 وأطلق عليه «الكتابة الصوتية الاختزالية» stenographic sound- hand. ويشمل هذا النظام 25 صامتاً أحادياً و24 صامتاً ثنائياً و16 صائتاً، وقد رُمز إلى الأصوات المتصلة بإشارات متشابهة كما استخدم التظليل لحذف العلامات، واستخدمت الإشارات القصيرة للدلالة على الأصوات القصيرة والعلامات المفردة للدلالة على الصوامت. وفي عام 1852 أدخل بِن بيتمن Benn Pitman، شقيق إسحق، هذا النظام إلى أمريكة وأجريت عليه تعديلات طفيفة فصار الأسلوب المستخدم على نحو واسع في الولايات المتحدة وكندا. إضافة إلى ذلك دخل اختزال بيتمن إلى كل من اللغات العربية والإفريقية والأرمنية والهولندية والفرنسية والألمانية والعبرية والهندية والإيطالية واليابانية والفارسية والإسبانية ولغات أخرى (الشكل2).
(الشكل -2)
    درس جون روبرت غْرِغ John Robert Gregg (1867-1948)، الذي فُتن بالاختزال، أسلوب بيتمن بالاعتماد على نفسه، بيد أنه لم يُعجب بمظهره وظلاله ومبدأ تحديد الموقع للتعبير عن الحروف الصوتية المحذوفة أي كتابة كلمة فوق سطر الكتابة أو عليه أو تحته. ثم قرأ تاريخ الاختزال كما كتبه توماس أندرسن Thomas Andersonالذي صنّف في كتابه أساسيات نظام الاختزال الجيد مؤكداً أنها غير موجودة في أي أسلوب اختزالي مستعمل، وهذه الأساسيات التي تركت انطباعاً قوياً في نفس غرِغ تتضمن: رموزاً مستقلة للصوائت vowels وللصوامتconsonants، وكتابة جميع الرموز بسماكة واحدة، وكتابة الرموز كلها على سطر واحد، وقواعد مختصرات قليلة وثابتة.
    وكان غرغ في الثامنة عشرة حين ابتكر نظامه الخاص، وفي الحادية والعشرين حين نشره في كراس بعنوان «الاختزال الصوتي ذو الرسم الخفيف» light- line phonography (1888). واتسم نظام اختزال غرغ بالإشارات المنحنية والدوائر والعقفات والحلقات، وبالاعتماد على علامات الحذف وعلى ميلان الكتابة العادية، واتسمت إشاراته بالخطوط المنحنية، كما أُزيلت الزوايا المنفرجة بوساطة الدمج الطبيعي للسطور، وضُمّت الحروف الصوتية، وأُلغي التظليل وأصبحت خطوط الكتابة مستقيمة. وهذا النظام يُدرَس اليوم في نحو 90% من مدارس الولايات المتحدة التي تدرّس الاختزال، وينتشر أيضاً في كندا والجزر البريطانية. وقد طُبع اختزال غرغ باللغات الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية إضافة إلى اللغات العبرية والروسية والإيطالية واليابانية والصينية والبولندية ولغات أخرى.
    أما النظام الألماني البارز فهو أسلوب شتولتسِه - شري Stolze- Schery الذي يجمع بين أسلوبي فيلهلم شتولتسِه Wilhelm Stolze وفردناند شري Ferdinand Schery. وقد دخل هذا النظام لغات أخرى بما فيها الدنمركية والهولندية والإنكليزية والفرنسية والإيطالية والنروجية والبولندية والروسية والإسبانية.
    أنظمة الكتابة العادية المختصرة الحديثة
    ابتكرت إمَّا ديربون Emma Dearbon المدِّرسة في جامعة كولومبية نظام اختزال الكتابة السريعة نحو عام 1924، وهو أسلوب يعتمد على استعمال حروف الهجاء وعلامات الترقيم المعروفة في تمثيل الأصوات. وفي أسلوب الكتابة السريعة يمكن كتابة أكثر من 20000 كلمة باستعمال 60 قاعدة وقرابة 100 شكل موجز ومختصرات قياسية.
    أما اختزال هجائية فوركنر Forkner فقد ظهر في سنة 1952 في الولايات المتحدة. وقد أمضى مؤلف هذا الأسلوب، هامدن فوركنر Hamden Forkner، عشر سنوات في البحث قبل إصدار الطبعة الجديدة للنظام الجديد الذي يؤلف بين الحروف التقليدية وعدة رموز للحروف والأصوات التي تصعب كتابتها. ويُدرّس أسلوب فوركنر اليوم في المدارس الثانوية وكليات الأعمال التجارية في الولايات المتحدة.
    وثمة أسلوب أمريكي آخر يسمى «الكتابة بسرعة فائقة» hy- speed longhand ظهر في عام 1932، ومن مبادئ هذا الأسلوب حذف الصوامت ومعظم الصوائت واستعمال حروف أو أرقام أو علامات وحروف مركبة بدلاً منها.
    أما أسلوب اختزال «الكتابة الضيقة» stenoscript المسمى «ABC» فهو نظام صوتي يستخدم، فقط، الكتابة العادية وعلامات الترقيم الشائعة. وقد ظهر في لندن عام 1607 ثم راجعه مانويل كلود أفانسينا M. C. Avancena الذي أصدر طبعة جديدة في عام 1950. وهذا الأسلوب يحوي 24 شكلاً مختصراً يجب حفظها في الذاكرة مثل «ak» للدلالة على «acknowledge» و «bz» للدلالة على كلمة «business».
    اختزال الآلة
    صار أسلوب تسجيل الكلام بوساطة الآلات أسلوباً عملياً على المستوى التجاري نحو عام 1906 حين ابتكر كاتب الاختزال الأمريكي ورُد ستون إيرلاند Ward S. Ireland آلة الاختزال الطابعة stenotype machine. تستعمل آلات الاختزال اليوم في المكاتب إلى حد ما، بيد أنها أساسية في المؤتمرات والمحاكم.
    الاختزال عند العرب
    لم يذكر المؤرخون شيئاً عن معرفة العرب بالاختزال باستثناء ما ذكره ابن النديم في كتابه «الفهرست» الذي صنّفه سنة 377هـ، في معرض حديثه عن أقلام اليونانيين: «ولهم قلم يعرف بالساميا ولا نظير له عندنا فإن الحرف الواحد منه يحيط بالمعاني الكثيرة ويجمع عدة كلمات... وهذا القلم يتعلمه الملوك وجلّة الكتاب ويمنع منه سائر الناس لجلالته... جاءنا من بعلبك في سنة ثمان وأربعين رجل متطبّب زعم أنه يكتب بالساميا فجربنا عليه ما قاله فأصبناه، إذا تكلمنا بعشر كلمات أصغى إليها ثم كتب كلمة، فاستعدناها فأعادها بألفاظنا».
    وقبل أن تعرف طرق الاختزال الحديثة حاول العرب اختصار بعض الكلمات العربية الشائعة بالاستعاضة عن الكلمة بحرف أو حرفين مثال ذلك:
    «اه» انتهى، «الخ» إلى آخره، «ن» انظر، «يق» يقال، «ل» أول، «ج» جمع، «جج» جمع الجمع، «ش» شرح، «صلعم» صلى الله عليه وسلم، «ض» رضي الله عنه، «ر» رحمه الله.
(الشكل -3)
    ولعل أقدم طرائق الاختزال العربي المعروفة في العصر الحديث طريقة سليمان البستاني التي وضعها عام 1887، وقد اعتمد فيها على مخارج الحروف فجعل لكل حرفين اتحدا في المخرج شكلاً واحداً إلا الصاد والطاء، كما اعتمد الرسم السهل للحروف الأكثر دوراناً في العربية، وكان الخط والهلال الركنين الأساسيين في بنية هذه الطريقة يُفرّق بينهما اتجاههما وحجمهما ووصلهما وقطعهما (الشكل3).
(الشكل -4)
  وبعد أن مسّت الحاجة إلى الاختزال أخذت تتوالى محاولات في أساليب الاختزال العربي مأخوذة في أكثرها من الأساليب الغربية، فظهر أسلوبا مصطفى عبده والسيد والي عام 1923 ثم طريقة محمد محمد سالم عام 1941 فطريقة فؤاد واكد عام 1947 (الشكل4)، والطريقتان الأخيرتان أكثر انتشاراً من غيرهما.

(الشكل -5)
 أما اسكندر لوقا فقد عرض في كتابه عن الاختزال طريقة مبسطة لتعلم الاختزال، اعتمد فيها على المقدمات التمهيدية الثلاث التي جاءت في كتب الاختزال لإسحق بيتمن ومحمد محمد سالم وفؤاد واكد. وتشتمل طريقته على 18 صوتاً رئيسياً أو حرفاً أبجدياً، وفرّق فيها بين ثلاثة أنواع من الأصوات المستقيمة والمستديرة والمنحنية (الشكل5).