طب الأطفال pediatrics فرع واسع من الطب العام، يختص بدراسة كل المشكلات الصحية للإنسان ومعالجتها منذ بداية تكون خليته الأولى في الرحم، حتى اكتمال نموه جسماً وعقلاً وروحاً وتحوله إلى إنسان بالغ.
ولم يصبح طب الأطفال اختصاصاً مستقلاً عن الطب العام إلا في أوائل القرن العشرين، نتيجة القناعة العلمية المتزايدة بأن مشكلات الطفل واليافع تختلف عن مشكلات الإنسان البالغ، بل إن هذه المشكلات تتباين بحسب العمر ومراحل النمو المختلفة، وبحسب كل جهاز أو كل عضو من أجهزة الطفل وأعضائه، كما أن هذه المشكلات تختلف وتتأثر بالكثير من العوامل الخارجية والبيئية، منها: مسببات الأمراض الخمجية وأنواعها ونسبة انتشارها، والطبيعة الجغرافية والمناخ، والموارد الزراعية وطرق استثمارها، والمستوى الثقافي والوضع الاقتصادي والاجتماعي، والاستعداد الوراثي عند بعض الشعوب أو عند فئات منها لبعض الأمراض أكثر من غيرها.
ولا يقتصر حقل طب الأطفال على دراسة الأمراض ومسبباتها وتشخيصها ومعالجتها، بل يشمل بحث نمو الإنسان وتطوره، داخل الرحم وخارجها، وبحث الوراثة والصبغيات والمورثات (الجينات)، وبحث التغذية وعناصرها وأصولها في مراحل العمر المختلفة، وبحث الوقاية من الأمراض، والمشكلات النفسية والسلوكية وغيرها.
ونتيجة لما تقدم ولازدياد المعرفة والاستقصاء والتعمق، أصبح طب الأطفال نفسه شجرة باسقة تتفرع منها عدة اختصاصات: الوليد والخديج [ر]، والأمراض الخمجية، وأمراض الجهاز الهضمي والتغذية، والنمو والتطور والغدد الصم، وأمراض القلب والدوران، وأمراض الجهاز التنفسي، وأمراض الكلى، وأمراض الجهاز العصبي والعضلات، وأمراض الأرجية والمناعة، وأمراض الدم والأورام، والأمراض النفسية.
وفيات الأطفال
يحظى موضوع وفيات الأطفال باهتمام بالغ من الباحثين والمعنيين بمسائل التنمية والتقدم والتطور، لأنها تعد دليلاً مهماً على مدى التطور الاجتماعي والاقتصادي والحضاري في مجتمع من المجتمعات أو بلد من البلدان.
وما يزال حجم هذه الوفيات من أهم المشكلات التي يعانيها العالم، ومن أشدها جسامة وخطورة. فلقد خسرت البشرية مثلاً في عام 1986 نحو 11 مليوناً من الأطفال دون السنة من العمر من مجموع مواليدها البالغ 132 مليوناً، أي إن 82 طفلاً من كل ألف مولود حي ماتوا قبل بلوغهم سنة كاملة من العمر. يضاف إلى ذلك موت 5،4 مليون طفل مابين 1ـ4 سنوات، وبلغت وفيات من هم دون الخامسة من العمر ما يقرب من 30% من مجموع وفيات العالم، وفي كثير من البلدان النامية زادت هذه النسبة على النصف.
وفي علم الديموغرافية تعتمد عدة دلائل لتقويم الوفيات، أهمها: معدل وفيات الرضع infant mortality وهي نسبة عدد المتوفين في السنة الأولى من العمر من كل ألف مولود حي.
وتتباين هذه النسبة تبايناً كبيراً بين البلدان الصناعية المتطورة حضارياً وتقنياً، والبلدان النامية، فهي مثلاً 1/1000 في البلاد الاسكندنافية وتصل إلى نحو 200/1000 في بعض البلدان الإفريقية والآسيوية.
ويتأثر هذا المعدل بطبيعة النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم، وبمستوى تقنية الإنتاج السائدة، وبتوافر المواد، وعدالة توزيعها، ووفرة التسهيلات الطبية والصحية الوقائية والعلاجية، وانتشار التعليم ونظام الأسرة وتقاليدها، ودور المرأة داخل المنزل وخارجه وغيرها.
لذلك يعد انخفاض معدل وفيات الأطفال دليلاً صادقاً على تقدم المجتمع وتطوره.
ومعدل الوفيات هذا آخذ في الانخفاض في كل بلدان العالم بدرجات مختلفة بفضل تطور وسائل العناية الصحية الأولية، ولاسيما الاهتمام بتغذية الرضع، ومكافحة الأمراض الخمجية بالوقاية واللقاح، ومعالجة الإسهالات التي يموت بسببها 5 ملايين طفل سنوياً ولاسيما المعالجة بالإمهاء عن طريق الفم الذي يعوض الماء والشوارد التي يخسرها الطفل في الإسهال، فكان للأملاح (ORS) التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة الدولي لرعاية الطفولة (اليونيسيف) أثر كبير في تخفيف وطأة الوفيات بالتجفاف الناجم عن الإسهال.
دفاع الجسم والتفاعلات المناعية عند الطفل
وتذكر هنا الحواجز الطبيعية، والدفاع الداخلي للجسم.
الحواجز الطبيعية: الجلد والأغشية المخاطية حواجز طبيعية التي لا بد للعامل الممرض من اختراقها قبل دخول الجسم. وتقوم الجملة الهدبية في الجهاز التنفسي والمفرزات المخاطية التي تغطيها بدور التقاط الجسيمات الغريبة وطردها خارج جهاز التنفس بالسعال والعطاس.
الدفاع الداخلي للجسم: عندما تقتحم العوامل الممرضة جراثيم أو فيروسات أو طفيليات هذه الحواجز الطبيعية تدخل الجسم، وهنا تقوم الخلايا المسماة البلعمية phagocytes بأسرها وقتلها وهضمها واصطناع المستضدات antigens. وهذه هي المرحلة الأولى من عمل الجملة المناعية. وأما المرحلة الثانية فهي أن خلايا الجملة اللمفية التي تتصف بمقدرة مناعية تعمل على جمع حطام العوامل الممرضة الغازية، بعد تعرُّفها أن هذه المواد غريبة، وتكوّن ما يسمى ذاكرة مناعية مضادة لها. وعندما تحاول عوامل ممرضة جديدة مماثلة دخول الجسم مرة أخرى فإن تفاعلاً مناعياً نوعياً يمنعها من التقدم.
والخلايا اللمفية نوعان: النوع الأول يحتاج إلى غدة التوتة في الطفولة الباكرة لتوطيد قدرتها المناعية، وهي ضرورية للمناعة الخلوية التي تضطلع بالمهام التالية:
ـ مقاومة الغزو الخمجي لكثير من الحُمات (الفيروسات) والفطور والمتفطرات mycobacteria.
ـ تكوين فرط حساسية متأخرة تؤثر في الصورة التشريحية المرضية والأعراض السريرية لأخماج واسعة التنوع، ويعد تفاعل المادة السلية مثالاً على هذا التفاعل المناعي المتأخر.
ـ تعرف الخلايا الغريبة ونبذ الأعضاء المزروعة والمأخوذة من الآخرين.
ويمكن أن تثبط تفاعلات فرط التحسس المتأخر على أثر بعض الأمراض كالحصبة، والتلقيح بلقاحها المضعف، والقرمزية، وإعطاء الستروئيدات وداء هودجكن والأدوية المضادة للسرطانات.
والنوع الثاني من الخلايا اللمفية مسؤول عن المناعة الخلطية، وتشاهد في اللوزتين والبلعوم ولويحات باير في الأمعاء، وهي الصانعة للأضداد التي هي بروتينات تقسم إلى خمسة أنواع في الرحلان الكهربائي electrophoresis، تسمى الغلوبولينات المناعية: IgE,IgA,IgM,IgG,IgD .
يجتاز الغلوبولين (IgG) الحاجز المشيمي بسهولة لذا فإنه يحمي الرضيع من كثير من الأمراض بعد ولادته، والغلوبولين (IgM) لا يجتاز المشيمة، ولكن يستطيع الجنين صنعه، لذلك فإن وجوده عند الوليد يدل على إصابة خمجية داخل الرحم، والغلوبولين (IgA) يوجد في اللبأ واللعاب ومفرزات الجهاز الهضمي ووظيفته حماية الأغشية المخاطية من العوامل الممرضة المهاجمة، أما الغلوبولين (IgE)، فمقداره زهيد جداً في الحالة الطبيعية ويزداد في حالات الأرجية، أما الغلوبولين المناعي (IgD) فعمله غير واضح حتى اليوم.
التمنيع واللقاحات
تقليداً للمناعة الطبيعية التي يكتسبها الجسم نتيجة حدوث إنتان ما وشفائه منه، أو نتيجة حدوث أخماج صغرى متكررة لا تحدث ظواهر مرضية واضحة أو ذات أهمية، أوجدت المناعة الصنعية أو المكتسبة، وآليتها تحريض الذاكرة المناعية للجسم، ويتم ذلك بطريقتين: الأولى إعطاء مصول حاملة للأضداد الجاهزة النوعية (مناعة منفعلة)، والثانية زرق اللقاحات، وتتألف هذه اللقاحات من معلق من الجراثيم الميتة، أو الجراثيم الحية المضعفة أهمها لقاح شلل الأطفال الفموي لسابين Sabin‘s vaccine، ولقاح الحصبة، ولقاح السل BCG أو مستحضر من الذيفاناتالمعطلة مثل لقاحات الكزاز والخناق (الديفتريا).
وقد كان للتمنيع باللقاحات أثر كبير في تخفيض نسبة وفيات الأطفال بالأمراض الخمجية، والقضاء على الكثير منها واستئصالها تماماً: فالجدري غيب عن الكرة الأرضية، وشلل الأطفال والحصبة والسعال الديكي والتدرن والكزاز والديفتريا انحسرت إصاباتها انحساراً كبيراً عن البلدان الصناعية المتطورة، وخفت وافداتها وإصاباتها في البلدان النامية. كما أن التلقيح ضد النكاف، والحصبة الألمانية، والنزلة الوافدة ، والتيفية، والتهاب السحايا حدد كثيراً من ضحايا هذه الأمراض، والعلم جاد باستمرار في إيجاد لقاحات جديدة. وكذلك أوجدت لقاحات ضد التهاب الكبد الخمجية، وضد جدري الماء (الحماق) غير أن استعمالاتها ما تزال ضمن نطاق محدود. وكل الدول في العالم اليوم لديها تشريعات للتلقيح الإجباري، وتقوم بحملات واسعة للتلقيح وتضع البرامج الوطنية الملائمة لذلك.
صحة غذاء الطفل
يجب أن تحكم هذه الصحة حاجة الطفل من العناصر الغذائية المختلفة لا أن تحكمها العادات والتقاليد. ولكي تكون تغذية الطفل صحية وصحيحة يجب أن تتوافر فيها الشروط التالية: أن يكون الغذاء كافياً حرورياً أي كمياً، وأن يكون شاملاً، أي حاوياً جميع عناصر التغذية (بروتينات ـ دسم ـ مائيات ـ فحم ـ أملاح ـ فيتامينات ـ ماء)، وأن تكون هذه العناصر بالمقادير الملائمة للسن والوزن. وأن تتوافر فيما بينها نسب معينة، وأفضل توازن في الراتب الغذائي بين العناصر الغذائية الرئيسة هو الآتي: 15% من الحرات تورده الآحينات، 35% توردها الدسم و50% توردها مائيات الفحم. وأن يتلاءم الغذاء مع المحيط الموجود فيه الطفل، من حيث الصحة والمرض، ومن حيث البيئة والإقليم.
وإلى جانب القواعد الأساسية يجب أن يراعى في الغذاء موضوع النظافة والتعقيم، ولاسيما في الأشهر الأولى من الحياة، لأن وصول الجراثيم إلى الجهاز الهضمي للطفل يمكن أن يؤدي إلى الالتهابات المعدية المعوية والإسهالات التي تهدد حياة الطفل نتيجة ما يخسره من ماء وشوارد (أملاح).
وتعد الإسهالات وسوء التغذية أهم أسباب وفيات الأطفال في العالم الثالث. وفي الإرضاع من الأم حماية للطفل من الأخماج المعوية لما يحويه حليبها من عناصر المناعة من جهة ولبعده عن إمكان التلوث الخارجي من جهة أخرى، ولأن تركيبه أكثر ملاءمة من الناحية الحيوية الكيمياوية لمتطلبات الطفل، ولقدراته الهضمية، ولا يمكن لأي من المستحضرات الغذائية وأنواع الحليب البديلة التجارية أن تقوم مقام حليب الأم وتوازيه مهما عدل في تركيبها.
العوز الغذائي عند الطفل
يؤدي العوز الغذائي عند الطفل، سواء كان جزئياً أو شاملاً، كمياً أو نوعياً، إلى اضطرابات في النمو تكون أشد خطراً كلما كان الطفل صغيراً.
والسَغَل (الهزال) والكواشركور مثالان بارزان على هذا العوز، ففي السغل يكون الحرمان في معظمه حرورياً، في حين يكون في الكواشركور بروتينياً في معظمه. ويتجلى المرض الأول بنقص الوزن المتفاوت الدرجات مع فقر الدم، ويتجلى المرض الثاني بوذمات وآفات جلدية وتضخم الكبد ونقص المناعة ولاسيما الخلوية.
ولا يشترط أن يكون سبب العوز نقص الوارد الغذائي أو الحرمان من بعض عناصره، وإنما يمكن أن تؤدي إليه الاضطرابات الهضمية كالإسهال المديد وأدواء سوء الامتصاص.
مهمات طبيب الأطفال
مهمات طبيب الأطفال متعددة وواسعة يمكن تلخيصها في المجالات التالية: الوقاية، والكشف الباكر للأمراض بعد الولادة مباشرة، والتشخيص، والمعالجة، والتأهيل.
الوقاية: دور طبيب الأطفال فيها كبير جداً، ويمارس هذا الدور بالدرجة الأولى عن طريق توعية الأهل، وإرشادهم إلى السبل الصحية والصحيحة، في تربية أطفالهم وتغذيتهم، وبإجراء التلقيحات اللازمة لهم في الأوقات النظامية والأعمار المناسبة.
ويسهم طبيب الأطفال في الوقاية عن طريق الاستشارات الوراثية قبل الزواج، والاستشارات الطبية في أثناء الحمل، مشتركاً في ذلك مع زملائه الاختصاصيين في الوراثة والتوليد.
وللاستشارة الوراثية أثر كبير في مجال تخفيف انتقال الكثير من الأمراض الوراثية التي أصبحت أنماط الوراثة فيها معروفة ومحددة، من السلف إلى الخلف ولاسيما في حالات التزاوج بين الأقارب.
إلى جانب الوقاية الوراثية تحتل الوقاية قبل الولادة prenatal حيزاً متزايداً من الأهمية، عن طريق تدبير بعض الأمراض في أثناء الحمل، كمعالجة انحلال الدم بتنافر الزمر الدموية بنقلالدم إلى الجنين داخل الرحم، وكشف بعض العاهات والتشوهات المرتبطة بالاعتلالات الصبغية والاستقلابية عن طريق فحص السائل الأمنيوسي خلوياً أو كيمياوياً، وإنهاء الحمل، إذا كانت تلك العاهات والاعتلالات غير قابلة للشفاء وتخلف عاهة دائمة.
الكشف الباكر للأمراض بعد الولادة مباشرة وتدبيرها: مثل خلع الورك الولادي، وداء الفنيل كيتون، وقصور الدرق، وداء سكر الحليب (غالاكتوزيميا) وغيرها، لأن مثل هذه العلل قابلة للشفاء من دون عقابيل، إذا تم كشفها باكراً وتمت معالجتها بالوسائل المناسبة لكل منها.
التشخيص والمعالجة: مهمة طبيب الأطفال في هذا المجال صعبة ومعقدة، تتطلب علماً وخبرة واسعين، وحكمة ومنطقاً صحيحين. وصبراً وأناة كافيين، وكسب ثقة الأهل وحسن التعامل معهم ومع طفلهم.
ويستلزم التشخيص الصحيح أحياناً تعاون طبيب الأطفال العام مع زملائه في الاختصاصات الدقيقة، وزملائه في الاختصاصات الأخرى التشخيصية المساعدة كالمخابر ودور الأشعة وغيرها من الاستقصاءات الفيزيائية الحديثة التي تتطور يوماً بعد يوم مثل تخطيط كهربائية القلب، وتخطيط كهربائية الدماغ، والتصوير بالصدى والتصوير الطبقي المحوري العادي أو المغنطيسي وغيرها.
ولا بد لطبيب الأطفال من أن يوازن بين إمكانات العائلة المادية ومتطلبات حالة المريض من الفحوص والأدوية، من دون أن يؤدي ذلك إلى إرهاق ميزانية الأهل.
في حال حاجة الطفل للاستشفاء في المستشفيات، يتحتم على الطبيب أن يكون حكيماً في اتخاذ قراره، وفي أسلوب عرضه على الأهل.
التأهيل: تقتضي بعض الأمراض المزمنة كالسكري، وداء المعثكلة الكيسي الليفي، والناعورية والصرع وغيرها وبعض العقابيل التي تتلو الشفاء من مرض حاد كشلل الأطفال والشلل الدماغي، تستوجب متابعة المريض، وتقديم المساعدة اللازمة له بالتشجيع والدعم النفسي، إضافة إلى المعالجة الطبية، ليستطيع الطفل التأقلم مع آفته، من دون أن يؤدي ذلك إلى ارتكاسات سلبية في دراسته ونشاطاته وعلاقاته الاجتماعية الحالية والمستقبلية.
ممارسة طب الأطفال
من حق الطبيب العام قانوناً ممارسة طب الأطفال، ولكن هذا الحق يجب أن يستخدم ضمن حدود معلوماته وألا يتأخر في تحويل مريضه الطفل إلى الاختصاصي في طب الأطفال عندما يكون أمام مشكلة، كما أن طبيب الأطفال الاختصاصي العام، يجب عند الضرورة أن يستعين بزملائه من أصحاب الاختصاصات الفرعية والدقيقة في طب الأطفال كالأمراض القلبية، والعصبية، والغدية وغيرها.
ولا بد، لكي تكون ممارسة طبيب الأطفال مجدية ومفيدة، من تطويرها ومواكبة التقدم العلمي والتقني عن طريق التعلم الطبي المستمر، كما لا بد من أن يتابع طبيب الأطفال برامج المؤسسات الدولية المهتمة بصحة الطفل وغذائه وتوصياتها وتعليماتها: كمنظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة لإغاثة الطفولة (اليونيسيف)، ومنظمة الأغذية والزراعة. كما يجب أخيراً أن يقوم تعاون وثيق بين الطبيب المولّد وطبيب الأطفال في أثناء الحمل، وعند الولادة، ويساعد هذا التعاون على تجنيب الطفل كثيراً من المشاكل والاختلاطات.
طب الأطفال عند العرب
كان للعرب في التاريخ اهتمام كبير بصحة الطفل وأمراض الأطفال. ويعد أبو بكر محمد بن زكريا الرازي (251 ـ 311هـ/ 865 ـ 923م) أول طبيب عربي مسلم يجعل من طب الأطفال علماً مستقلاً، بعد أن كان جزءاً من أمراض النساء والولادة، وقد سبق جميع من تقدموه من أطباء الغرب في وصف الجدري والحصبة واختلاطاتهما، وشرح التشخيص التفريقي بينهما بدقة في كتابيه «الجدري والحصبة» و«الحاوي». كما أجاد في تشخيص كثير من الأمراض الشائعة عند الطفل على نحو واضح وعملي ووصفها، كاستسقاء الدماغ والزكام والتهابات الأذن والقُوْباء، والسُّعفات والصرع[ر] وشلل الأطفال[ر].
وأفرد الشيخ الرئيس ابن سينا[ر] (370-428هـ/ 980-1036م) في كتابه الشهير «القانون في الطب» مكاناً بارزاً لأمراض الطفل واليافع، كالتهابات السحايا والساد وضخامات الطحال، والكزاز والرثية، وتنبيب الحنجرة، وكثير من الأمراض الجلدية.
ومن أهم ما كتب عن العناية بالولدان وتغذية الطفل ما جاء في كتاب أحمد بن إبراهيم بن الجزار القيرواني (000- نحو 350هـ/ 000- نحو 961م) «سياسة الصبيان وتدبيرهم»، وعند البلدي (القرن العاشر الميلادي) في كتابه «تدبير الحبالى والأطفال والصبيان وحفظ صحتهم»، وفي كتاب الطبيب الأندلسي غريب بن سعد في القرن نفسه «خلق الجنين وتدبير الحبالى والمولودين».