أسلحة التدمير الشامل weapons of mass destruction من أهم الوسائط الفتاكة التي تكبد العدو خسائر جسيمة على نطاق واسع. وهي تشمل السلاح النووي nuclear weapon والسلاحالكيمياوي chemical weapon والسلاح البيولوجي biological weapon إضافة إلى أسلحة أخرى تصنف معها، مثل القنبلة الفراغية air bomb-fuel.
| ||||||||||||||||||||||||||||
الأسلحة النووية
تعتمد الأسلحة النووية على استخدام طاقة النواة الداخلية internal nucleus energy الناجمة عن التفاعل النووي[ر] وهي أقوى أسلحة التدمير الشامل قاطبة.
أثرت الأسلحة النووية على أساليب القتال ومبادئ فن الحرب إلى حد بعيد لقدرتها الفائقة على تغيير تناسب القوى والوسائط بين الطرفين المتحاربين بسرعة مذهلة، مما أعطى للهجوم والدفاع طابعاً جديداً، ولاسيما الدفاع المتحرك mobile defense.
لمحة تاريخية
كان قدماء اليونان يظنون أن الذرة atom لا تنقسم، فأطلقوا عليها تسمية atomos أي اللامنقسمة. ثم تسابق العلماء في العصر الحديث إلى محاولة تحطيمها، والاستفادة من الطاقة الكامنة في نواها، فلجؤوا إلى العناصر الثقيلة المشعة المستجيبة، وخصوصاً بعض نظائرها isotops، كاليورانيوم 233 و235 والبلوتونيوم 239.
وقد توصل العلماء قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية (1939-1945) إلى إنتاج أول قنبلة ذرية، استخدمها الأمريكيون على هيروشيما Hiroshima بتاريخ 6 آب 1945 واستخدموا قنبلة ثانية على ناغازاكي Nagasaki بتاريخ 9 آب 1945 مما أجبر اليابان على الاستسلام بلا قيد ولا شرط.
وفي عام 1949 تمكن الاتحاد السوفييتي من تفجير قنبلته الذرية الأولى التجريبية، ثم توالت الدول الأخرى في الالتحاق بالنادي النووي الذي ضم إلى جانب الولايات المتحدة وروسية كلاً من بريطانية وفرنسة والصين، كما توصلت دول أخرى إلى إنتاج مثل هذا السلاح، ومنها الهند والباكستان، فضلاً عن الكيان الإسرائيلي.
1ـ الانفجار النووي
ينجم الانفجار النووي عن تحرر طاقة كامنة هائلة في أعقاب انشطار النوى الثقيلة من نظائر اليورانيوم أو البلوتونيوم، أو اندماج النوى الخفيفة كالهدروجين. وينتج عن الانفجار النووي العوامل المؤثرة الآتية:
ـ موجة الصدمة shock wave، وتصدر لحظة الانفجار، و تظهر آثارها بوضوح في الانفجار تحت البحر، وهي تعرف أيضاً بالموجة الناسفة blast wave تشبيهاً بالريح العاتية ولاسيما في حالتي الانفجار الجوي والأرضي.
ـ الإشعاع الوهاج أو الحراري thermal radiation، وهو غمر ضوئي شديد يتحرك بسرعة الضوء نتيجة عودة إلكترونات الذرات إلى مداراتها بعد أن خرجت منها بفعل الضغط والحرارة.
ـ الإشعاع النفاذ الأولي initial nuclear radiation، وهو أشعة غير مرئية تتألف من أشعة غاما Gamma rays ذات الطبيعة الكهرمغنطيسية، و من دفق النيترونات flux of neutrons، وكذلك أشعة ألفا المكونة من جسيمات منبعثة emitted particles، وأشعة بيتا المكونة من الإلكترونات.
ـ التلوث الإشعاعي للأرض radioactive contamination of ground وهو تلوث يخلفه الانفجار، وينجم عن حركة السحابة الذرية التي تتشكل في مركز الانفجار وترتفع عالياً على شكل فطر، ثم تتحرك بفعل الرياح والحرارة.
2 ـ أنواع الانفجارات النووية
ـ الانفجار الجوي air burst ويتم على ارتفاع بضع مئات من الأمتار عن سطح الأرض أو البحر، لتدمير القوات المعادية في البر والبحر وهدم المنشآت وتخريب المطارات، وتكون مساحة المنطقة الملوثة كبيرة الاتساع، غيرأن درجة تلوثها خفيفة.
ـ الانفجار السطحي (على الأرض أو البحر) surface burst لتدمير الملاجئ تحت الأرض وسكك الحديد والسفنوالموانئ، وتكون مساحة المنطقة الملوثة في هذا الانفجار صغيرة نسبياً، غير أن درجة تلوثها شديدة.
ـ الانفجار تحت سطح الأرض أو البحر subsurface burst. يستخدم الانفجار تحت سطح الأرض غالبا للتجارب، في حين يستخدم الانفجار تحت سطح البحر لتدمير الغواصات والقواعد الصاروخية تحت الماء، ويكون التلوث في هذه الحالة شديداً والمساحة واسعة لوجود التيارات المائية.
3 ـ الذخائر النووية
تقسم الذخائر النووية إلى ذرية ونووية حرارية (هدروجينية) ونيوترونية.
أ ـ الذخائر الذرية، وتقوم على تفاعلات انشطار النوى الثقيلة عند بلوغها الكتلة الحرجة لدى تعرض أجزائها للضغط الشديد في أعقاب الانفجار مما يؤدي إلى انفلاق النواة أجزاء أصغر مترافقاً بطاقة هائلة. وهي تصنف وفق مكافئها من مادة ت. ن. ت T.N.T إلى:
ـ صغيرة العيار وتكافئ انفجاراً يصل حتى 20 كيلو طن من مادة ت.ن.ت
ـ متوسطة العيار وتكافئ انفجاراً، يصل حتى 100 كيلو طن من مادة.ت.ن.ت.
ـ كبيرة العيار وتكافئ انفجاراً يزيد على 100 كيلو طن من مادة ت.ن.ت.
ب ـ الذخائر النووية الحرارية thermonuclear: وتدعى أيضاً الذخائر الهدروجينية، وفيها يتم اندماج زوجين من النوى الخفيفة مثل نظير الهدروجين وتشكيل نواة ذرة أثقل مع إطلاق طاقة هائلة. ويتحقق الاندماج النووي في درجات حرارة وضغط عالية جداً، وتدعى مثل هذه السيرورة بالعملية النووية الحرارية. وتجدر الإشارة إلى أن الاندماج يترافق أيضاً مع سيالة من النترونات السريعة جداً تسبب انشطار غلاف القنبلة الحرارية المصنوع عادة من عنصر اليورانيوم 238مما يزيد في فاعلية الانفجار.
ج ـ القنبلة النيوترونية neutron bomb، وهي نوع من الأسلحة التي تحمل حشوة نووية حرارية محدودة القوة، و تفوق قدرة هذه القنبلة النوترونية قدرة الذخائر النووية الأخرى التي تبنى على تفاعل الانشطار. ومن الواضح أن تأثير القنبلة النيوترونية يعتمد على الإشعاع النفاذ في حين يكون للموجة الضاربة والإشعاع الوهاج دور ثانوي.
4 ـ وسائط حمل الذخائر النووية وإيصالها إلى أهدافها
أ ـ القذائف الصاروخية أرض - أرض:
ـ القذيفة الصاروخية البالستية الراجعة وحيدة الرأس single re-entry vehicle التي ترمى على أهداف ذات مساحة واسعة لافتقارها إلى الدقة.
ـ القذيفة الصاروخية البالستية الراجعة المتعددة الرؤوس الذاتية الاستهداف multiple targetable re-entry vehicle وتحمل غالباً ثلاثة رؤوس.
ب ـ القذائف الصاروخية البحرية:
ـ القذيفة الصاروخية البالستية الاستراتيجية المقذوفة من الغواصات submarine-launched ballistic missile.
ـ الذخائر البحرية النووية المضادة للسفن والغواصات والطائرات.
ج ـ ذخائر المدفعية النووية، و أكثرها يكافئ 2-10 كيلوطن من مادة ت.ن.ت.
د ـ قنابل الطائرات الاستراتيجية.
هـ ـ الملاغم النووية nuclear ground bombs التي تستعمل لتلويث الأرض ويتم تفجيرها تلقائياً أو عن بعد.
الأسلحة الكيمياوية
وهي مواد سامة مركزة سائلة أو صلبة تعبأ في عبوات أو قذائف أو صواريخ للتأثير السريع في الأفراد فتشل قدرتهم على العمل، أو تلوث الأرض والعتاد.
لمحة تاريخية
استخدم الفرنسيون الغازات المسيلة للدموع في عام 1914 لإعاقة زحف الألمان في شمال غربي فرنسة. ورد الألمان باستخدام الغاز المهيج (مركبات البروم)، ثم اتبعوا ذلك باستخدام الغازات المسيلة للدموع على جبهتهم مع الروس من دون تحقيق نجاح يذكر لبرودة الجو الشديدة، واستخدموا غاز الكروم السام على الجبهة الفرنسية وغاز الفوسجين على الإنكليز وغاز الخردل على الأمريكيين. واستخدم الروس غاز كلور بكرين عام 1916 على الألمان.
وبعد أن تنبه المجتمع الدولي إلى خطر اللجوء إلى استخدام الغازات الكيمياوية، وقع بروتوكول (ميثاق) جنيف عام1925 الذي حرّّّّم استخدامها. ومع ذلك استخدمت إيطالية الفاشية غاز الخردل على الإثيوبيين، واستخدمت اليابان الغاز نفسه على الصينيين عام 1941، مع العلم أن مختلف الجيوش العالمية امتنعت عن استخدام الغازات في الحرب العالمية الثانية.
1 ـ الذخائر الكيمياوية وتقسم إلى:
أ ـ المواد الكيمياوية ذات السمية العامة:
ـ المواد المؤثرة في الأعصاب nerve agents ومنها الزارين Sarin والتابون Tabun والزومان Soman وغاز في Gas-V، وجميعها سريعة المفعول بطيئة الزوال.
ـ المواد المؤثرة في الدم blood gases وهي تغزو مجرى الدم وتمنع الأوكسجين عن الأنسجة ومنها سيانيد الهدروجين Hydrogen Cyanid.
ـ المواد المولدة للبثور blister agents ومنها غاز الخردل Mustard واللويزيت Lewisite وهي مواد بطيئة المفعول تكون سائلة أو بخاراً.
ب ـ المواد المهيجة irritant chemical agents ومنها:
ـ المواد الخانقة كالفوسجين Phosgene والديفوسجين.
ـ المواد المقيئة كالأدمسيت Adamsite.
ـ المواد المسيلة للدموع كالكلور آسيتوفينون Chloracetophenone.
ج ـ الأدخنة smoke agents التي تعتمد على المشتقات النفطية المركزة والفسفور الأبيض white phosphorus.
د ـ المواد الحارقة اللاهبة incendiary agents & flame fuels. وتعتمد على مزيج من منتجات النفط المكثفة وتسبب الحروق الشديدة.
هـ ـ المواد المؤثرة في الحالة النفسية، وهي تسبب الهلوسة والجنون وتستخدم مسحوقاً يرش من الطائرات ليدخل الجسم عن طريق التنفس والهضم.
2 ـ وسائط حمل الذخائر الكيمياوية وإيصالها إلى أهدافها ومنها:
ـ الوسائط الصاروخية.
ـ قنابل الطائرات وأجهزة الرش.
ـ الألغام الكيمياوية.
ـ مولدات الدخان.
3 ـ الظواهر الدالة على استخدام السلاح الكيمياوي:
تتجلى هذه الظواهر بمشاهدة طائرات تحلق إلى ارتفاع منخفض، تقوم برش سوائل أو نشر ضباب أو إلقاء قنابل يتميز انفجارها بصوت خافت، وينجم عنها سحب بألوان مختلفة، كما تخلف شظايا كبيرة تحمل علامات دالة عليها. ويتصف القُمع الناتج عن الانفجار بضحالة عمقه، ووجود بقع زيتية حوله. و يعد وجود حيوانات نافقة في منطقة الانفجار والأحوال الجوية المواتية مؤشرات تدل على استخدام السلاح الكيمياوي، ولاسيما إذا كان اتجاه الريح مقبلاً. و من علاماته كذلك وجود روائح غريبة في الجو وتضيق حدقة العين وضيق التنفس.
الأسلحة البيولوجية
وهي وسائل تستهدف التأثير في البشر والحيوان والنبات، وتعتمد على نشر الجراثيم germs التي تشمل البكترية bacteria والفيروسات viruses والفطور fungi والريكتسيات rickettia إلى جانب ذيفاناتها toxic product.
لمحة تاريخية
الأسلحة البيولوجية من أقدم الأسلحة،ومنها إلقاء الحيوانات النافقة إلى داخل القلاع والمدن المحاصرة، وتلويث مصادر المياه والمواد الغذائية، مما يؤدي إلى إصابة المقاتلين والمواطنين بأمراض خطيرة يصعب شفاؤها.
1 ـ أنواع المواد البيولوجية وذيفاناتها وتأثيرها:
تصنف المواد البيولوجية في ثلاث مجموعات رئيسة:
أ ـ مجموعة تستهدف الإنسان، فتؤدي إلى قتل أفراد «العدو» أو إصابتهم بعجز بسبب أمراض مختلفة كالطاعون plague والتيفوس typhus والكوليرا cholera وحمى الأرانب rabbit feverوالجدري small pox.
ب ـ مجموعة تستهدف الحيوان، ولاسيما الحيوانات التي تربى للحومها بإصابتها بأمراض مثل الجمرة الخبيثة anthax وطاعون الماشية rinderpest، مما يحرم «العدو» من بعض مصادر غذائه (اللحوم والحليب ومشتقاته).
ج ـ مجموعة تستهدف المحاصيل الزراعية، وغالباً ما تستخدم رذاذاً airosols.
2 ـ وسائط حمل المواد البيولوجية وإيصالها إلى الهدف:
لا تختلف وسائط حمل المواد البيولوجية عن الوسائط الكيمياوية المستخدمة.
الوقاية من أسلحة التدمير الشامل
تبدأ الوقاية من أسلحة التدمير الشامل بمعرفة مدى استعداد «العدو» لاستخدامها بالاستفادة من معلومات الاستخبارات والاستطلاع وتعطى الأفضلية المطلقة. وتعد الملاجئ الواقية protective shelters المزودة بأجهزة التصفية والتهوية من أهم وسائل الوقاية، ويزود جميع الأفراد المقاتلين بكمامات التصفية filtering protective mask، والألبسة الواقية الخفيفة light protective suit، والرداء الواقي protective cape، والقفازات الواقية mittence، كما تزود الوحدات وبعض الأفراد بمؤشرات كشف المواد الكيمياوية ووسائط التطهير من الإشعاع والغازات والمواد البيولوجية.
الحد من انتشار أسلحة التدمير الشامل
بعد أن شعر المجتمع الدولي بخطورة أسلحة التدمير الشامل التي تمثلت في البداية بالأسلحة الكيمياوية وتوقيع بروتوكول جنيف عام 1925، ظهرت مع انتهاء الحرب العالمية الثانية معضلة أكبر متمثلة بالأسلحة النووية، التي ظلت تشكل تهديداً كامناً بيد الولايات المتحدة، إلى أن توصل السوفييت إلى تحقيق التكافؤ معها، مما ساعد على الانفراج الذي دفع بالدول المعنية إلى الدخول في مفاوضات طويلة تمخضت عن توقيع معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية Strategic Arms Limitation Treaty (سالت-1 Salt-1) من جانب الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في عام 1972. ثم توقيع معاهدة سالت ـ2 في عام 1979 التي مازالت تنتظر الإبرام. وتجدر الإشارة إلى تجديد معاهدة عدم الانتشار النوويNuclear non-Proliferation Treaty في عام 2000 إلى أجل غير مسمى (بعد أن كانت وُقعت في عام 1968 من جانب كل من الولايات المتحدة وبريطانية والاتحاد السوفييتي، واكتسبت قوتها الإبرائية في عام 1970، ثم تتالت الدول في التوقيع عليها، إلا أن فرنسة والصين امتنعتا عن التوقيع).
وتجدر الإشـارة إلى المعاهـدة الدولية لخطر التجارب النـوويةGTBT (Global nuclear Testing Boycott Treaty) التي طرحت للتوقيع بدءاً من عام 1963 حتى عام 1979، والتأكيد أن مباحثات تخفيض الأسلحة الاستراتيجية Start نشطت في سبعينات وثمانينات القرن العشرين في ظل القطبية المزدوجة الأمريكية السوفييتية. وكذلك سعي الولايات المتحدة إلى قصر التجارب النووية على عيارات دون 500 طن. إلا أن انهيار الاتحاد السوفييتي أفقد هذه المعاهدات والمساعي بعضاً من مصداقيتها.
وأخيراً قام رئيسا كل من الولايات المتحدة وروسية الاتحادية بتوقيع معاهدة للحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية، سالت- 3 بتاريخ 24/5/2002، بحيث لا تتعدى الترسانة النووية في كل من الدولتين 1700 رأساً نووياً استراتيجياً عوضاً عن 6000 رأس