الأنسولين insulin هو هرمون متعدد الببتيد polypeptide يفرز من جزر لنغرهنس islets of Langerhans في البنكرياس[ر] (المعثكلة)، وهو الهرمون الخافض لسكر الدم. سمي هذا الهرمون بالأنسولين اشتقاقاً من كلمة insula اللاتينية وتعني الجزيرة، نسبة إلى جزر لنغرهنس.
اكتشف الأنسولين عام 1921 في تورونتو Toronto بكندا، الطبيبان فريدريك بانتنغ Fredrick Banting وتشارلز بيست Charles Best، وقد مهد لهما الطريق إلى ذلك عمل الباحثين السابقين وجهدهم فقد وجدوا أن استئصال غدة البنكرياس يؤدي إلى ظهور الداء السكري عند حيوانات التجربة. ويعد اكتشاف الأنسولين من أهم الاكتشافات في الطب الحديث، وقد جلب الأمل للكثيرين من المرضى المصابين بالداء السكري الذين كانوا معرضين للموت المبكر نتيجة مرضهم ومن هنا كان استخدام الأنسولين في الطب علاجاً تعويضياً substitution therapy.
تركيب الأنسولين
الأنسولين بروتين طبيعي يتألف من 51 حمضاً أمينياً، تشكل سلسلتين، السلسلة آ وتتضمن 21 حمضاً أمينياً، والسلسلة ب وتتضمن 30 حمضاً أمينياً، يربط بين السلسلتين جسران من ثنائي الكبريتيد disulfide bridge وجسر مماثل إضافي يربط الحمض الأميني السادس بالحمض الأميني الحادي عشر من السلسلة آ (الشكل1). يختلف أنسولين الإنسان بعض الاختلاف عن الأنسولين الحيواني المستعمل في العلاج. فالأنسولين الخنزيري يختلف عن أنسولين الإنسان بحمض أميني واحد فقط، إذ يشغل الآلانين alanine مكان الثريونين threonin في الموضع 30 من السلسلة ب، أما الأنسولين البقري فيختلف عن أنسولين الإنسان بثلاثة حموض أمينية، الآلانين بدلاً من الثريونين في الموضع 8 من السلسلة آ وكذلك في الموضع 30 من السلسلة ب، والفالين valine بدلاً من الإيزولوسين isoleucine في الموضع 10 من السلسلة آ.
إنتاج الأنسولين وإفرازه في البنكرياس
تتوضع مورثة أنسولين الإنسان insulin gene على الذراع الصغير للصبغي رقم 11، ويتم أولاً تركيب جزيء طليعي preproinsulin يتألف من سلسلة طويلة من الحموض الأمينية ووزنه الجزيئي 11.500، يتم تركيبه في الشبكة السيتوبلازمية الخشنة من خلايا بيتا في البنكرياس، ويدير تركيب الحمض الريبي النووي RNA الرسول المركب طبقاً للتعليمات الوراثية التي يحملها الحمض الريبي النووي المنقوص الأكسجين DNA الذي يشكل المورثة. يفكك الجزيء الطليعي بعد تركيبه إلى طليعة الأنسولين proinsulin من قبل إنظيمات enzymes الجسيمات الصغرية (الميكروزومات) الخلوية ثم ينقل إلى جهاز غولجي Golgi حيث يختزن ويتحول إلى أنسولين.
تفرز غدة البنكرياس الطبيعية نحو 40 - 50 وحدة من الأنسولين في اليوم، ويبلغ التركيز الأساسي للأنسولين في الدم في حالة الصيام نحو 10 ميكرو وحدة/مل. ويزداد إفراز الأنسولين بعد 8 - 10 دقائق من تناول الطعام ويصل إلى ذروة تأثيره بعد 30 - 40 دقيقة، ويعمل ذلك على تخفيف مستوى غلوكوز المصورة (البلازما) ليصل إلى حده الطبيعي بعد 90 – 120 دقيقة من تناول الطعام.
يعد الغلوكوز أقوى محرض لإفراز الأنسولين، ويحتاج إفراز الأنسولين من خلايا بيتا إلى وجود شاردة الكلسيوم. ويؤثر في إفراز الأنسولين الكثير من العوامل الهرمونية والعصبية.
مستقبلات الأنسولين وعمله
يبدأ عمل الأنسولين بارتباط الأنسولين بمستقبل receptor موجود على سطح الغشاء الخلوي للخلية الهدف. إن معظم خلايا الجسم تملك مستقبلات نوعية للأنسولين في الكبد والنسيج الشحمي والعضلات. يرافق ارتباط الأنسولين بمستقبلاته ظهورُ استجابة له في هذه النسج. هذه المستقبلات ذات نوعية specificity عالية للأنسولين، كما أن ولعها بالأنسولين عالٍ لدرجة تمكنها من الارتباط به حتى لو كان موجوداً في الدم بتراكيز منخفضة.
التأثيرات الاستقلابية للأنسولين: إن الوظيفة الأساسية للأنسولين هي تحريض الأنسجة على اختزان العناصر الغذائية nutriments وخاصة الغلوكوز، ولا يحتاج بعض الأعضاء والأنسجة كالدماغ والكريات الحمر والأنابيب الكلوية وبطانة الأمعاء إلى الأنسولين ليتمكن من الاستفادة من السكر.
التأثيرات الغدية للأنسولين: يؤثر الأنسولين على نحو أساسي في الكبد والعضلات والنسيج الشحمي.
آ - التأثير في الكبد: العضو الأول المهم الذي يصل إليه الأنسولين المفرز من البنكرياس هو الكبد ويتضمن تأثير الأنسولين في الكبد التحريض على تركيب الغليكوجين وفي الوقت نفسه الحد من تحلله، كذلك يحرض الأنسولين على تركيب البروتين والشحوم الثلاثية الغليسريد triglycerides ويثبط استحداث السكر gluconeogenesis ويثبط من صنع الأجسام الخلونية ketogenesis.
ب - التأثير في العضلات: ينشط الأنسولين تركيب البروتين في العضلات تنشيطاً أساسياً عن طريق زيادة دخول الحموض الأمينية إلى الخلية العضلية، وإضافة إلى ذلك ينشط تركيب الغليكوجين لتعويض الغليكوجين المستهلك في أثناء العمل العضلي، ويتم هذا عن طريق زيادة دخول الغلوكوز إلى داخل الخلية العضلية وما يتلو ذلك من تغيرات استقلابية، وتبلغ كمية الغليكوجين المختزنة في عضلات شخص وزنه 60كغ نحو 500 - 600غ.
ج - التأثير في النسيج الشحمي: يعد ادخار الدهن أو الدسم fat أهم وسيلة لادخار الطاقة في الجسم ويعمل الأنسولين على ادخار الدهن في الخلايا الشحمية بعدة آليات:
ـ يحرض على إنتاج خميرة ليباز البروتين الشحمي lipoprotein lipase وهي الخميرة المرتبطة بالخلايا البطانية في أوعية النسيج الشحمي وفي الأعضاء الأخرى، وهي تعمل على تحلل الشحوم الثلاثية الغليسريد الموجودة في الدوران.
ـ يعمل الأنسولين على دخول الغلوكوز إلى داخل الخلايا الشحمية مما يوفر الغليسيرول الضروري لتركيب الشحوم.
ـ يثبط الأنسولين تحلل الشحوم المختزنة وذلك بتثبيط خميرة الليباز داخل الخلوية المسماة الليباز الحساسة بالهرمون.
الأنسولين في الحالات المرضية
فرط الأنسولين: يفرز الأنسولين إفرازاً زائداً ويرتفع مستواه في الدم في الكثير من الحالات أهمها البدانة الشديدة التي ترافقها مقاومة لفعل الأنسولين، وفي الإصابة بأورام البنكرياس المفرزة للأنسولين المسماة أورام خلايا بيتا.
أ - مقاومة الأنسولين: إن اضطراب عدد مستقبلات الأنسولين على سطح الخلايا واختلاف ولعها بالأنسولين يؤثر في عمل الأنسولين. وكذلك فإن ازدياد مستوى الأنسولين ازدياداً مستمراً كما يحدث في البدانة، وعند تناول كميات كبيرة من الأنسولين تزيد على حاجة الجسم وعند تناول كميات كبيرة من السكريات، يؤدي إلى نقص عدد المستقبلات وإلى تناقص ولعها بالأنسولين مما يخفف من تأثيره. أما الصيام والرياضة فيؤديان إلى مفعول عكسي ففيهما ينقص مستوى الأنسولين في المصل ويزداد تأثيره.
ب - أورام البنكرياس المفرزة للأنسولين: يتميز ورم البنكرياس المفرز للأنسولين insulinoma بأنه ورم صغير، سليم في 90% من الحالات ومفرد غير منتشر في معظم الحالات ويتوضع في البنكرياس في 99% من الحالات، أما في 1% من الحالات فيكون هنالك انتقالات ورمية إلى أماكن أخرى من الجهاز الهضمي مثل جدار العفج (الأثنا عشري).
ـ الأعراض: إن نقص السكر العفوي في حالة الصيام عند إنسان صحيح الجسم ولا يتناول أي أدوية يعود غالباً إلى إصابته بهذا الورم، والصورة النموذجية للحالة السريرية هي نقص السكر الذي يتجلى باضطراب في وظائف الجملة العصبية المركزية يشابه الصرع أو الأمراض النفسية أو نوب نقص التروية الدماغية. وبعض المرضى يتعلمون كيف يتخلصون من الأعراض بتناول الطعام. تشاهد البدانة عند 30% من المصابين بالأورام المفرزة للأنسولين.
ـ التشخيص: العلامة المخبرية المميزة للورم المفرز للأنسولين هي استمرار ارتفاع الأنسولين على الرغم من انخفاض سكر الدم، ويتم عادة إجراء اختبار الصيام المديد تحت المراقبة في المستشفى، ويستمر الاختبار من 24 إلى 72 ساعة. وعندما تظهر أعراض نقص السكر على المريض يتم سحب عينة من الدم لمعايرة السكر والأنسولين وينهى الاختبار.
ـ العلاج: عند ثبوت التشخيص بالاختبارات المناسبة يجرى العمل الجراحي المناسب لاستئصال الورم.
عوز الأنسولين: الأنسولين هو الهرمون الأساسي الذي يعمل على إدخال السكر إلى داخل الجسم لتتم الاستفادة منه في العمليات الاستقلابية أو لاختزانه بشكل غليكوجين، أما في الداء السكري فيحصل اضطراب في إفراز الأنسولين أو في تأثيره.
آ - النمط الأول من الداء السكري: أو الداء السكري المعتمد على الأنسولين يفقد فيه البنكرياس قدرته على إفراز الأنسولين بسبب تخرب الخلايا المفرزة ويكون عوز الأنسولين شديداً وتظهر جميع المظاهر العوزية وخاصة ارتفاع سكر الدم وزيادة تحلل الدسم وتركيب الأجسام الخلّونية في الكبد ويتجلى ذلك بحالة تسمى الحماض الخلّوني السكري diabetic ketoacidosis وهي حالة خطيرة تهدد الحياة، وتعالج هذه الحالة بالأنسولين والسوائل الوريدية ومحاليل الشوارد مثل الصوديوم والبوتاسيوم، وأحياناً الفوسفات، والبيكربونات، ويعد الأنسولين ضرورياً للحياة عند مرضى الداء السكري من النمط الأول.
ب - النمط الثاني من الداء السكري: أو الداء السكري الكهلي أو غير المعتمد على الأنسولين، وهو نمط تنضم تحته نماذج كثيرة من الداء السكري تتميز جميعاً بكون الأنسولين غير ضروري للحياة فيها، إلا إذا فشل العلاج بالوسائل الأخرى كالحمية وخافضات السكر الفموية، ولا يتعرض المريض للحماض الخلوني السكري إذا لم يتناول الأنسولين إلا نادراً عندما يصاب بمرض حاد وشديد مثلاً. في هذا النمط من الداء السكري يغلب أن يكون مستوى الأنسولين في الدم طبيعياً أو مرتفعاً ولكن تقل فعاليته بسبب وجود مقاومة محيطية أو نقص في التأثير على الخلايا مع وجود كمية كافية في الدوران، ولهذه المقاومة آليات وأسباب مختلفة أهمها البدانة كما ذكر آنفاً.
ج - الداء السكري الحملي: هو نمط من الداء السكري يظهر أثناء الحمل ويعد الأنسولين العلاج الأساسي فيه بسبب عدم إمكانية إعطاء خافضات السكر الفموية.
الأنسولينات المستخدمة في المداواة
المصادر: كان المصدر الوحيد للأنسولين المستعمل في العلاج إلى عهد قريب هو المصدر الحيواني، إذ استخلص الأنسولين من بنكرياس البقر والخنازير، أما اليوم فإن التقنيات المستخدمة لتصنيع الأنسولين المطابق في تركيبه لأنسولين الإنسان قد أصبحت متقدمة لدرجة كبيرة، ويتوقع أن يحل هذا الأنسولين محل الأنسولين الحيواني حلولاً تاماً في السنوات القادمة. تعتمد تقنيات صنع الأنسولين على ضم مورثة صنع الأنسولين البشري إلى مورثات جرثومة الإشريكية القولونية E.coli أو الفطرية السكرية الجعوية Saccharomyces cerevisiae وتقوم هذه الجراثيم أو الخمائر بصنع الأنسولين الذي يستخلص وينقى ويحضر بأشكال مختلفة للاستعمال.
صفات الأنسولين المستخدم في المداواة: تختلف صفات الأنسولين حسب التركيز، ومدة التأثير والزمن اللازم لبدء التأثير، وطريق الإعطاء.
آـ تركيز الأنسولين: يتوافر الأنسولين في معظم بلاد العالم بتركيز 100 وحدة/مل، وللاستعمال في حالات مقاومة بدن المريض للأنسولين يتوفر أنسولين عالي التركيز 500 وحدة/مل.
ب - مدة التأثير وزمن البدء: تتوافر ثلاثة أصناف أساسية من الأنسولين يختلف بعضها عن بعض من حيث الزمن اللازم لبدء التأثير بعد إعطاء الزرقة والمدة القصوى للتأثير (الجدول رقم 1)
|
ـ الأنسولين سريع التأثير: الأنسولين النظامي regular insulin هو أنسولين سريع التأثير يبدأ تأثيره فور إعطائه زرقاً بالوريد أو بعد 15 دقيقة من زرقه تحت الجلد ويصل إلى ذروة تأثيره بعد 1 - 3 ساعات ويستمر تأثيره 5 - 7 ساعات وهو الصنف الوحيد الذي يمكن إعطاؤه وريدياً، وهو يستعمل في علاج حالات الحماض الخلوني السكري وعندما تكون الحاجة إلى الأنسولين متغيرة بسرعة، مثلاً خلال العمليات الجراحية أو عند الإصابة بمرض حاد، كما يستعمل ممزوجاً بالأصناف الأخرى أو وحده في علاج الداء السكري للحصول على تأثير سريع بعد الوجبات.
ـ الأنسولين متوسط التأثير: يتوافر الأنسولين المتوسط التأثير intermediate acting بصنفين رئيسين:
الأنسولين البطيء insulin lente وهو يعطى تحت الجلد فقط، يبدأ تأثيره بعد 2ـ4 ساعات من إعطاء الزرقة ويصل إلى ذروة التأثير بعد 8 -10 ساعات، ويستمر تأثيره من 18 إلى 24 ساعة. وفي معظم الأحيان يحتاج المريض إلى جرعتين يومياً للتمكن من ضبط مستوى السكر ضبطاً جيداً.
أنسولين Neutral Protamine Hagedorn (NPH) يبدأ تأثيره أسرع قليلاً من الأنسولين البطيء ولكن ذروة التأثير ومدة الفعالية مماثلة له.
ـ الأنسولين متأخر التأثير: يبدأ تأثيره بعد 4 - 5 ساعات من إعطاء الزرقة تحت الجلد ويصل إلى ذروة تأثيره بعد 8 - 14 ساعة ويستمر حتى 36 ساعة. وأنسولين الإنسان منه يملك مدة تأثير أقل قليلاً أي نحو 24 - 28 ساعة. يستعمل هذا النوع من الأنسولين لتزويد الجسم بمستوى قاعدي من الأنسولين. وتعطى جرعات كثيرة قبل الوجبات من الأنسولين النظامي في محاولة ضبط مستوى السكر ضبطاً جيداً.
ـ الأنسولين الممزوج: تسهيلاً للصعوبات التي قد تواجه في بعض المرضى في خلط الأنسولين فقد تم إنتاج أنسولين ممزوج mixed بنسب ثابتة من الأنسولين نصف المتأخر والنظامي ويتوافر بنسب 70% نصف متأخر و30% نظامي وأحياناً بنسب أخرى مثلاً 80: 20 و100: 90.
طرق إعطاء الأنسولين
يعطى الأنسولين زرقاً، وهو غير فعال عن طريق الفم. والأنسولين النظامي يمكن أن يعطى عن طريق الزرق الوريدي أو العضلي أو تحت الجلد أما الأصناف الأخرى فلا تعطى إلا تحت الجلد. وثمة دراسات على إعطاء الأنسولين رذاذاً في الأنف.
محاقن الأنسولين والإبر (الشكل 2): تستعمل محاقن سعة 1مل وهي مدرجة بحسب تركيز الأنسولين المستعمل، فالأنسولين ذو التركيز 40 وحدة/مل يزرق بمحقنة سعة 1مل مقسمة إلى 40 تدريجة تعادل كل تدريجة منها وحدة واحدة من الأنسولين. أما الأنسولين ذو التركيز 100وحدة/مل فيحقن بمحقنة سعة 1مل مقسمة إلى 100 تدريجة تعادل كل تدريجة وحدة واحدة من الأنسولين. يجب دائماً اختيار المحقنة المناسبة لتركيز الأنسولين للحيلولة دون وقوع المريض في خطأ في قياس الجرعة المتناولة، وفي حال عدم توافر المحقنة المناسبة يمكن اتباع القواعد التالية:
ـ إذا كان تركيز الأنسولين 100 وحدة/مل وتدريجات المحقنة 40 تدريجة/مل فإن كل تدريجة على المحقنة تعادل 2.5 وحدة من الأنسولين.
ـ إذا كان تركيز الأنسولين 40 وحدة/مل وتدريجات المحقنة 100 تدريجة/مل فإن كل تدريجة على المحقنة تعادل 0.4 وحدة من الأنسولين.
توجد محاقن للأنسولين ذات سعات صغيرة وتدريجات عريضة مما يسهل إعطاء الجرعات الصغيرة ويقلل من خطأ القياس ما أمكن كما توجد في بعض البلاد مكبرات تسهل على ضعاف البصر رؤية التدريجات الدقيقة على المحقنة.
مواضع الزرق
أي مكان في الجسم مغطى بجلد حر ورخو يمكن أن يصلح لحقن الأنسولين وتستعمل على الخصوص المواضع التالية: جلد البطن، الوجه الأمامي للفخذ، الوجه الجانبي للعضد، الخاصرتان، الربع العلوي الوحشي أي الخارجي للأليتين. يكون امتصاص الأنسولين أسرع في الأماكن العليا من الجسم منه في الأماكن الأخرى مثل الفخذ والألية. وبسبب اختلاف سرعة الامتصاص من مكان إلى آخر وتأثير ذلك على ضبط السكر، ينصح بعدم تبديل منطقة الحقن تبديلاً مستمراً، وإنما يبدل مكان الحقن ضمن منطقة واحدة. مثلاً يمكن دائماً استعمال جلد البطن لحقن جرعة الأنسولين الصباحية ويغير مكان الحقن ضمن تلك المنطقة يومياً، ويستعمل جانب العضد لإعطاء الجرعة المسائية ويغير مكان الحقن ضمن تلك المنطقة من يوم إلى آخر ويمكن الانتقال من العضد الأيمن إلى الأيسر وبالعكس دون أن يغير ذلك من سرعة الامتصاص.
إعطاء الأنسولين في الأنف: توجد دلائل أولية على إمكانية إعطاء الأنسولين رذاذاً في الأنف، وتفيد هذه الطريقة في التقليل من ارتفاع سكر الدم بعد الوجبات، ولكن المزيد من العمل والبحث مطلوب قبل أن تصبح الطريقة شائعة، كما أن المستحضرات الخاصة بهذه الطريقة غير متوافرة.
أجهزة إعطاء الأنسولين
إضافة إلى المحاقن المعروفة طورت أجهزة حديثة لإعطاء الأنسولين:
جهاز إعطاء الأنسولين ذو الدارة المغلقة: هو جهاز آلي يعمل بمساعدة الحاسوب. يتصل بوريد يتم منه سحب عينات من الدم سحباً متكرراً. يقوم الجهاز بقياس مستوى سكر الدم فيها ثم يحقن جرعات مناسبة من الأنسولين لكي يحافظ على سكر الدم ضمن مستوى محدد، وقد نجح استعمال هذا الجهاز في تدبير الحالات الحادة المؤقتة مثل الحماض الخلوني السكري وفي العمليات الجراحية. أما الاستعمال الدائم فصعب بسبب الحجم الكبير للجهاز وضرورة اتصاله بالوريد اتصالاً دائماً. وتجري محاولات لتطوير أجهزة صغيرة ذات صفات مماثلة ويمكن زرعها تحت جلد البطن ولكن المشكلة التي تواجه هذه النماذج من المضخات هي تعطل المسبار probe الذي يدخل أحد الأوردة بسبب تراكم الليفين fibrin فوقه.
جهاز إعطاء الأنسولين ذو الدارة المفتوحة: ويسمى كذلك لأنه يعطي الأنسولين بحسب التعليمات المعطاة من قبل المريض ولا يقوم بسحب الدم لقياس سكر الدم ويوجد منه صنفان:
أ - مضخة الأنسولين المحمولة: هي مضخة صغيرة الحجم تقدر بحجم راحة اليد، تحوي مستودعاً للأنسولين بشكل المحقنة وتتصل بالجسم بأنبوب لدن (بلاستيكي) رفيع وإبرة تغرز تحت الجلد ويبدل موضعها كل عدة أيام. ويمكن برمجة المضخة لإعطاء كمية ثابتة من الأنسولين باستمرار، إضافة إلى إعطاء جرعات مناسبة قبل الوجبات، واستعمالها يحتاج إلى عناية وانتباه، وقد يؤدي انثناء الأنبوب الواصل بين المضخة ومكان الزرق أو نزع هذا الأنبوب من مكان دخوله تحت الجلد، إلى توقف وصول الأنسولين إلى الجسم وارتفاع شديد في سكر الدم.
ب - مضخة الأنسولين المزروعة: هناك نتائج مشجعة لاستعمال مضخة الأنسولين التي تزرع تحت جلد البطن وتتصل بأنبوب دقيق يفرغ الأنسولين في جوف الصفاق (البريتوان)، ويمكن ملء مستودع الأنسولين فيها بمحقنة عبر جلد البطن، وتتم السيطرة على عمل المضخة وإعطائها الأوامر بوساطة موجات راديوية باستعمال جهاز خاص مقترن بالمضخة، إذ يقوم المريض بتعديل نظام عمل المضخة بحسب الخطة الموضوعة من قبل الطبيب وبحسب نتائج تحليل سكر الدم المتكرر والذي يبلغ عدة مرات يومياً.
محقنة الأنسولين بشكل القلم: تتألف هذه المحقنة من زجاجة أنسولين توضع ضمن حامل بشكل قلم الكتابة وتركب على رأسه إبرة الحقن، ويمكن تحديد كمية الأنسولين بالوحدات قبل الحقن، وكلما فرغت زجاجة الأنسولين استبدل بها واحدة جديدة. تفيد هذه المحقنة في إعطاء الأنسولين للمرضى الذين يحتاجون إلى جرعات متعددة يومياً ويخفف من حمل الزجاجات العادية والمحاقن.
زرع الخلايا المفرزة للأنسولين وزرع البنكرياس: هذه الطريقة معروفة لتوفير بديل للبنكرياس العاجز عن إفراز الأنسولين إفرازاً كافياً، ولكن لم تلق النجاح بسبب المخاطر الشديدة والتأثيرات الجانبية الناجمة عن الاستعمال الدائم لمثبطات المناعة التي لابد منها لمنع الرفض المناعي للأعضاء أو الخلايا المزروعة.
حفظ الأنسولين
إن حفظ الأنسولين ليس بالمشكلة الصعبة. يجب أن تحفظ زجاجات الأنسولين الإضافية في البراد بدرجة +4 مئوية تقريباً، ويجب الانتباه إلى منع تجمد الأنسولين فالتجميد أسهل وسيلة لإزالة فعالية الأنسولين. أما الزجاجة التي هي قيد الاستعمال فيمكن حفظها في درجة حرارة الغرفة على أن لا تزيد درجة الحرارة على 24 درجة مئوية، في هذه الشروط يمكن أن يبقى الأنسولين فعالاً من 6ـ 8 أسابيع كما يجب عدم تعريض الأنسولين لأشعة الشمس المباشرة.
بعد إنتهاء مدة الفعالية المكتوبة على الزجاجة يفقد الأنسولين فعاليته فقداناً تدريجياً بطيئاً لا فقداناً كاملاً فورياً، ويجب فحص زجاجة الأنسولين عند كل استعمال فقد تظهر ترسبات في بعض أصناف الأنسولين (أنسولين NPH). وإذا ما استعملت الزجاجة مدة طويلة أو تعرضت لرج متكرر فقد تظهر جزيئات صغيرة ترسب على جوانب الزجاجة، في هذه الحال يجب رمي الزجاجة واستعمال عبوة جديدة.
جرعات الأنسولين
الطبيب المعالج هو المسؤول الوحيد عن تحديد الجرعات المناسبة لكل مريض على حدة، ولا ينصح المريض بتعديل الجرعة إلا وفق المعايير التي يوصي بها الطبيب.