الجنين
الجنين fetus لغة: هو الولد ما دام في بطن أمه، وجمعه أجنة، ويقال أجنّت المرأة ولداً. والجنين هو ذلك الكائن المتشكل في رحم الأم وينتج من لقاء نطفة الأب ببييضة الأم. وإن كلاً من النطفة والبييضة تحوي نصف ما تحويه الخلايا الناضجة من الصبغيات أي تحوي كل منها ثلاثة وعشرين صبغياً، اثنان وعشرون منها صبغي جسمي وصبغي جنسي واحد هو في البييضة من النوع X دائماً، أما في النطفة فيكون إما من النوع X وإما من النوع Y، فإذا لقحت البييضة بنطفة فيها الصبغي الجنسي من النوع X كان ناتج الحمل جنيناً أنثى، أما إذا لقحت بنطفة الصبغي الجنسي فيها من النوع Y كان الحمل جنيناً ذكراً.
وينتج عن الإلقاح ما يدعى بالبيضة الملقحة التي تحوي ستة وأربعين صبغياً ويتم الإلقاح في الثلث البعيد من البوق (وهو الذي يقوم بنقل البييضة من المبيض إلى الرحم ويقوم بنقل النطاف من الرحم باتجاه البييضة الموجودة في البوق).
تبدأ البيضة الملقحة بالانقسام في البوق وهي في طريقها إلى الرحم الذي تصل إليه بعد نحو 5ـ6 أيام من الإلقاح، إذ تبدأ بالتعشيش فيه ويتمايز فيها بالتدريج نوعان من الخلايا: النوع الأول هو الذي سيشكل الجنين لاحقاً، والنوع الثاني هو المسؤول عن تشكيل ملحقات الجنين (المشيمة والأغشية الجنينية والحبل السري) التي ستؤمن للجنين احتياجاته من العناصر الغذائية والأكسجين وتطرح فضلاته وغاز ثاني أكسيد الكربون، إضافة لدورها في صنع الحاثات المشيمية.
تبدأ الخلايا المسؤولة عن تشكيل الجنين بالتكاثر والانقسام والتمايز لتشكيل أعضاء الجنين وأجهزته بالتدريج وتكون فترة الأسابيع الاثني عشر الأولى هي الأهم والأخطر، إذ فيها تتشكل الأعضاء وتتكون الأجهزة، وتعرض محصول الحمل لأي تأثيرات مرضية أو دوائية أو إشعاعية قد تؤدي إلى حدوث تشوهات فيه. أما في الفترة التالية أي بعد الأسابيع الـ 12 الأولى وهي فترة نمو وتطور الأعضاء التي تشكلت سابقاً فإن التأثيرات المرضية والدوائية تكون أقل بكثير من فترة الأسابيع الـ 12 الأولى.
تبدأ المرحلة المضغية في بداية الأسبوع الثالث من الإخصاب، ويتكون في هذه المرحلة القرص المضغي الذي تتميز فيه طبقتان: عميقة تسمى الوريقة الباطنة وسطحية تسمى الوريقة الظاهرة، ثم لا تلبث أن تظهر بين هاتين الوريقتين وريقة جديدة تسمى الوريقة المتوسطة.
وبين الأسبوعين الرابع والثامن يتميز في كل من الوريقات الثلاث عدد من النسج ومن الأعضاء، فالوريقة الخارجية تعطي النسيج العصبي واللحف، والوريقة المتوسطة تعطي الصقل (الهيكل العظمي) والنسج الضامة والعضلات وجهاز البول وجهاز الدوران، والوريقة الباطنة تعطي جهاز الهضم وغدده الملحقة وجهاز التنفس.
في الأسبوع الرابع يكون طول المضغة 4-5ملم ويتكون القلب وبراعم اليدين والقدمين، وفي نهاية الأسبوع السادس يكون طول المضغة 22-24ملم ويتكون الرأس الذي يكون كبيراً بالنسبة للجذع، وتتكون أصابع اليدين والقدمين والأذن الخارجية. وفي نهاية الأسبوع التاسع يبلغ طول المضغة 2.5-3سم باندفاع الكبد والأمعاء نحو الخارج بدءاً من الأسبوع الثاني عشر من أول أيام آخر طمث أي في الشهر الثالث من الحمل.
وفي نهاية الشهر الثالث يكون طول الجنين 10سم ووزنه نحو 55غ، ويخف بروز البطن ويتم تكون الأعضاء التناسلية الظاهرة ويمكن تعرف الذكر من الأنثى، وتظهر نقاط تعظم في بعض المناطق.
وفي نهاية الشهر الرابع من الحمل يبلغ طول الجنين 16-20سم ووزنه نحو 270غ، وتظهر الأوبار على جلده ويكون الأنبوب الهضمي قريباً من شكله النهائي وتبدأ الكبد عملها.
وفي نهاية الشهر الخامس يبلغ طول الجنين 25-30سم ووزنه نحو 650غ، وتظهر الأشعار في رأسه. وفي هذا الشهر يبدأ الجنين بتحريك أطرافه.
وفي نهاية الشهر السادس يبلغ طول الجنين 30-35سم ووزنه نحو 1000غ، وتستر جلده الأحمر أوبار غزيرة وطلاء دهني وتتكون الطبقة الشحمية تحت الجلد وتظهر الأظافر.
وفي نهاية الشهر السابع يبلغ طول الجنين 35-40سم ووزنه نحو 1750غ، ويصبح الجلد بلون أبيض وردي وتثخن الطبقة الشحمية. وإذا ولد الجنين في هذا الوقت يكون قابلاً للحياة إذا توافرت له العناية الخاصة.
وفي نهاية الشهر الثامن يكون طول الجنين 40-45سم ووزنه 2500غ، وتزول تجعدات جلده بنمو الطبقة الشحمية تحته، وقابليته للحياة أفضل.
وفي نهاية الشهر التاسع أي في تمام الحمل يكون طول الجنين نحو 50سم ومتوسط وزنه 3250غ، وهو في الذكور أكثر منه في الإناث إجمالاً، ويكون جلده بلون أحمر وردي مستوراً بمادة دهنية بيضاء تتكاثف في بعض المناطق كالنقرة والظهر وثنايا الإبطين والمغبنين تدعى الطلاء الدهني، وتكون الأظافر صلبة والرأس مشعراً يراوح طول الشعر فيه بين 1 و3سم وتكون الخصيتان في الصفن. تدل كل هذه الصفات على نضج الجنين كما يدل على ذلك ظهور نقاط تعظم تكشف شعاعياً في مشاشة الظنبوب العليا وفي مشاشة عظم الفخذ السفلى.
تفيد المعلومات السابقة في مراقبة سير الحمل ونمو الجنين وما إذا كان طبيعياً أم غير طبيعي، كما تفيد في تحديد سن الحمل في الحالات التي لا يكون فيها سن الحمل معروفاً لجهل الحامل تاريخ آخر طمث رأته.
تدل الأرقام المذكورة على أن الجنين يزداد طوله بشكل لا يمكن أن تتسع له الرحم إذا بقي دون انحناء، وقد تبين أن المضغة تكون منعطفة على نفسها بشدة منذ الأسبوع الرابع من الحمل، ويزداد هذا الانعطاف مع كبر الجنين حتى يكون في نهاية الحمل منطوياً على نفسه بشكل شديد فيكون رأسه منعطفاً بشدة على جذعه والطرفان العلويان متصالبين أمام الجذع والفخذان مثنيتين على الجذع والساقان مثنيتين على الفخذين والقدمان متصالبتين أمامهما، فيشبه الجنين بذلك البيضة، يشكل رأسه أحد قطبيها وهو الصغير ويشكل مقعده قطبها الثاني وهو الكبير ويكون الرأس في الأسفل في 97% من الحالات في نهاية الحمل. وقد يكون في الأعلى في 3% من الحالات أو يكون في أحد الجانبين في حالات نادرة، ووضع الجنين هذا له شأن في آلية الولادة.
يصاب الجنين ببعض الأمراض أو التشوهات في أثناء الحمل إصابة مباشرة أو لمرض في الحامل، وبالعكس قد تتأثر الحامل من وجود الجنين في رحمها فتصاب ببعض الأمراض بسبب الحمل، لذلك يجب مراقبة الحامل والجنين وفحصهما فحوصاً دورية سريرية ومخبرية وبالصدى لكشف هذه الآفات أو التشوهات ومعالجتها إن أمكن، أو الوقاية منها إذا كان من المتوقع حدوثها نظراً لسوابق المريضة.