يعد البهق vitiligo من الأمراض الجلدية الهامة بسبب شيوعه إذ يقدر انتشاره بنسبة 1٪ من مجموع سكان العالم.
يعرف البهق بأنه مرض جلدي يتظاهر بشكل بقع ناقصة الصباغ تغطي مساحة متفاوتة من الجسم. يعود نقص الصباغ إلى اختفاء الخلايا القتامينية من الجلد والأغشية المخاطية والأجربة الشعرية مكان الإصابة.
والبهق على سلامته واقتصار أعراضه على تبدل لون الجلد له انعكاسات نفسية مهمة على المصاب به خاصةً في بلادنا بسبب الموروث الفكري الذي يمزج بين هذا المرض ومرض الجذام النادر اليوم في بلادنا، والذي يعد من الأمراض المعدية والمشوهة بسبب إصابته الجلد والأعصاب والعديد من الأجهزة الداخلية بالجسم.
إن سببيات البهق وآليته الإمراضية ما زالت مجهولة.
ثمة نظريات عدة تفسر أسبابه منها النفسية والوراثية إذ إنه في 35٪ من المرضى في سوابقهم الأسرية إصابة بالبهق.
والنظرية الأخرى هي المناعية وتفترض في البهق مناعة ذاتية، ويؤيد ذلك ترافق هذا المرض مع أمراض مناعية أخرى مثل التهاب الدرق وفقر الدم الوبيل والسكري والثعلبة، إضافة لوجود أضداد نوعية في مصول مرضى البهق.
وهناك النظرية العصبية التي تفترض انطراح مادة من نهاية الأعصاب الجلدية تثبط الخلايا القتامينية ويؤيد ذلك توزع بعض حالات البهق على مسير بعض الأعصاب.
ونظرية تخريب الخلايا القتامينية الذاتي بسبب عوز المناعة الطبيعية.
الأعراض السريرية
المرض يصيب الإناث والذكور ويشاهد بأي سن ولكن البدء غالباً ما يكون في العقد الثاني والثالث من العمر.
يتظاهر البهق ببقع ناقصة الصباغ بيضاء ناصعة بأحجام مختلفة، حدود هذه البقع واضحة. ويلاحظ أغلب الأحيان في المحيط اشتداد للون الجلد الطبيعي، وغالباً ما يزول لون الأوبار والأشعار مكان الإصابة ولكنها تبقى سليمة.
ولا يلاحظ على هذه البقع البيضاء أي وسوف أو ضمور للجلد كما أن الحس بهذه البقع يبقى سليماً، والبقع غير حاكة. يختلف عدد البقع من مريض إلى آخر وتتوزع غالباً بشكل ثنائي الجانب متناظر قليلاً، وهناك مناطق معينة في الجسم أكثر عرضة للإصابة من غيرها، فتكثر البقع في الأماكن المكشوفة مثل ظهر اليدين والساعد والوجه وخاصة الأجفان وحول الفم كما تكثر في الأماكن المعرضة للرضوض مثل الركبتين والساقين والمرفقين والساعدين، كما قد يصيب فروة الرأس ويتظاهر بخصلة منعزلة من الشعر الأبيض، وقد يصيب الأغشية المخاطية الفموية والتناسلية.
يتظاهر البهق ببقعة واحدة أو أكثر وتتوسع البقع أحياناً، وقد تشمل مساحات واسعة من الجلد فهناك حالات تشمل الجلد كله، وتبقي على بقع صغيرة من لون الجلد الطبيعي.
ومن الصعب جداً التنبؤ بسير المرض وانتشاره إذ يختلف من مريض إلى آخر، ويجب التنويه أن للشمس أثراً رئيسياً في إظهار وضوح المرض كما أن للشمس أثراً مؤذياً، ففي حالات تعرض المريض المصاب بالبهق مدة طويلة لأشعة الشمس الحادة يمكن أن تصاب بقع البهق بحروق شمسية قد تصل إلى درجة الفقاعات.
وتكون أول أماكن ظهوره على الأيدي غالباً، ويمكن أن يظهر في أنحاء الجسم كافة. ويتميز البهق بحدوث أماكن ناقصة الصباغ تماماً وصريحة الحدود ومتعددة، وهي تأخذ بالاتساع تدريجياً.
التشخيص التفريقي
يجب أن يفرَّق مرض البهق عن بعض الأمراض الجلدية التي قد تشبهه من ناحية إحداثها لنقص بالتصبغ، منها الطفحة الإكزيمية (الإكزيماتيد) الجافة القاصرة التي تصيب وجه الأطفال والأجزاء المكشوفة من جسمهم خاصة.
كما يفرق عن النخالية المبرقشة القاصرة، وهي مرض فطري يصيب البالغين غالباً ويتوزع على الجذع خاصة.
كما يجب أن يفرق البهق عن أمراض أخرى كالجذام والبقع الناقصة الصباغ التالية لأمراض جلدية التهابية.
معالجة البهق
الهدف والغاية المرجوة من المعالجة هي إعادة اللون أو التخفيف بقدر المستطاع من الفروق اللونية بين البقع ولون الجلد الطبيعي، مع عدم وجود دواء فعال في أغلب الأحيان لهذا المرض. ويجب أن لا تهمل المعالجة لما لهذا المرض من تأثير سيئ على نفسية المصاب.
تعتمد المعالجة على تنشيط صباغ البقع، ويتم هذا بطريقة دوائية وهي الشائعة أو بالطريقة الجراحية وهي قليلة التطبيق.
تعتمد المعالجة الدوائية على إعطاء مواد محسسة ضيائياً عن الطريق العام أو موضعياً مع التعرض بعدها للأشعة فوق البنفسجية A أو لضوء الشمس مباشرة، مثال عليها طريقة الـ PUVA التي تعتمد على إعطاء مواد البسورالينات Psoralens داخلاً مع التعرض للأشعة فوق البنفسجية A والاستجابة لهذه الطريقة تختلف من حالة لأخرى وتبدأ عادة بعد أكثر من شهر من بدء العلاج وعودة التصبغ الكامل لايحدث إلا في 20٪ من الحالات وفي 60٪ تحدث استجابة جزئية بشكل بقع مصطبغة ضمن البقع خاصة حول الأجربة الشعرية، عند الأطفال لا تعطى البسورالينات داخلاً ولكن تطبق خارجاً مع التعرض للأشعة.
ومثال آخر على هذا النمط من العلاج المحسس الضيائي هو إعطاء الخلين مع التعرض بعد نصف ساعة لأشعة الشمس أو للأشعة فوق البنفسجية A والنتائج الإيجابية مماثلة للطريقة السابقة.
وهناك معالجات خاصة عند بعض الأقوام ففي كوبة مثلاً يستعمل علاج الميلاجينين، وهو دواء مستخلص من المشيمة البشرية ويطبق خارجاً مع التعرض للشمس أو للأشعة تحت الحمراء، تدعي الدراسات الكوبية أن نسبة الشفاء التام تصل إلى 30٪، ولكن لاتوجد على هذه الطريقة دراسات دقيقة في بلاد أخرى.
وفي حالات كون بقع البهق قليلة وصغيرة الحجم يمكن أن تستخدم المراهم الستيروئيدية التي قد تعطي تصبغاً في بعض الحالات.
من الطرق المتبعة عندما يشمل البهق مساحات واسعة إزالة لون الجلد الطبيعي الباقي ونتائجه ليست أكيدة.
الطرق الجراحية: وهي نادرة التطبيق تستعمل عندما تكون البقع محصورة وتعتمد على طعوم بشروية من جلد سليم توضع على بقع البهق بعد إزالة البشرة عنها بإحداث فقاعات.
ويمكن الإشارة إلى الطرق البسيطة من تغطية البقع بمراهم ثابتة لفترة لها درجات ألوان مختلفة بحسب لون جلد المريض.