يشكل الهواء air غطاءً واقياً يحيط بكوكب الأرض يبلغ ثخنه نحو 480كم يسمى الجو atmosphere، وهو مشدود إلى الأرض بفعل الجاذبية. ويمكن أن يوصف الهواء بأنه في الحالة الطبيعية مزيج من غازات عديمة الرائحة واللون والطعم والهيئة.
أما الجو فهو مزيج من الغازات والمواد الصلبة والسوائل يحيط بالأرض، ويتصف إلى جانب أنه وسط الحياة على سطح كوكبنا بأنه:
1- يمتص الإشعاعات الكهرمغنطيسية الضارة، ويتفاعل معها ومع سيل الجسيمات المشحونة في الرياح الشمسية.
2- يحمي الأرض من الهواطل الفضائية الطبيعية وتلك التي من صنع الإنسان.
3- مصدر تجاري لكثير من الغازات التي يحويها.
كان الهواء عند اليونان القدماء يعد أحد العناصر الأربعة التي يتكون منها العالم: الهواء والماء والنار والتراب، وقد وصفه اليونان في علومهم ومعتقداتهم بأنه روح العالم وبأنه عنصر التحوّل؛ إذ إنه «رطب حار» لذلك يمكنه تحقيق الاتحاد بين الماء والنار، وارتبط عندهم بالإله «زيوس»، وهو إله الهواء عند اليونان.
تبدي كتلة الهواء على أي سطح ما يعرف بضغط الهواء، وهو قوة تساوي تقريباً (عند سطح البحر عند درجة الحرارة العادية) 1013.12 ميلي بار. وتاريخياً كان الهواء الغاز الذي استخدم في كثير من التجارب التي قام بها علماء معروفون في تاريخ الكيمياء والفيزياء، وتوصلوا إلى كثير من القوانين التجريبية المعروفة للغازات: مثل قانون بويل وماريو حيث كان يؤخذ مقدار محدد من الهواء في أنبوب معقوف من الزجاج، ويقاس الحجم الذي يشغله هذا المقدار تحت ضغوط مختلفة للتوصل بالنتيجة إلى العلاقة التجريبية المعروفة بين حجم الغازوضغطه.
النسبة المئوية لتكوين الهواء الجوي | ||
اسم الغاز | رمزه | نسبته المئوية |
آزوت (نتروجين) | N2 | 78.08 |
أكسجين | O2 | 20.94 |
أرغون | Ar | 0.934 |
ثاني أكسيد الكربون | CO2 | 0.035 |
نيون | Ne | 0.00182 |
هليوم | He | 0.00052 |
ميتان | CH4 | 0.00015 |
كربتون | Kr | 0.00011 |
هدروجين | H2 | 0.00005 |
أكسيد الآزوتي | N2O | 0.00005 |
زينون | Xe | 0.000009 |
يتكون الهواء في حالته الطبيعية الجافة - إذا كان نظيفاً - من المكونات الآتية (الجدول):
يضاف إلى مكونات الهواء هذه غازات أخرى توجد طبيعياً بمقادير متفاوتة، وتتصف بأنها تؤدي دوراً مهماً إلى جانب غازات الهواء الأخرى في تنظيم الحياة واستمرارها على الأرض، وتشمل أهم هذه الغازات كلاً من بخار الماء وثنائي أكسيد الآزوت وثنائي أكسيد الكبريت والميتان، ولكل من مكونات الهواء هذه دوره المحدد الدقيق في استمرار الحياة وتوازنها على سطح الأرض والذي يشار إليه - في جزء من مهمته - «بالتوازن البيئي».
ويعدّ الأكسجين الأكثر فاعلية بين مكونات الجو والغاز الوحيد الذي يساعد على الاحتراق. ويحتاج إلى الأكسجين أغلبُ أشكال الحياة بما فيها الحيوان والإنسان والنبات الذي يحرر الأكسجين بعملية التركيب الضوئي. على الرغم من أن ثنائي أكسيد الكربون لا يكوّن سوى نسبة ضئيلة من الهواء، فإن أهميته تكمن في أن النباتات لا تستطيع القيام بعملية التركيب الضوئي من دونه هو وبخار الماء. وتتباين نسبة بخار الماء في الهواء حسب المكان والزمان، وهو يقوم بمنع ضياع الحرارة من الأرض، مثله في ذلك مثل غاز ثنائي أكسيد الكربون.
يأتي الآزوت N2 في طليعة العناصر وفرة التي تكوّن الهواء، كما أن دوره الحيوي يضعه في مصاف العناصر الأكثر أهمية بيولوجية مع عناصر الأكسجين والكربون والهدروجين التي هي أساس الحياة على سطح كوكب الأرض.
كذلك يتحرر ثنائي أكسيد الآزوت إلى الهواء في عملية حيويّة تتوسط فيها الجراثيم، تدعى العملية «نزع النترجة».
ويعدّ الأكسجين عنصراً مهماً لأغلب العضويات الحيّة؛ إذ إنه يسمح «بحرق» الغذاء وتوفير الطاقة في الخلية (التنفس). يتحد الأكسجين مع الكربون في هذه العملية مشكلاً CO2 الذي يعاود الانضمام إلى الهواء. كما أنه لابد من وجود O2 لعملية الاحتراق سواء أكانت النار في الغابة أم في توليد الطاقة المحركة للمركبات أم في محطات توليد الطاقة الكهربائية على سبيل المثال.
يقوم النبات - إلى جانب التنفس - بعملية التركيب الضوئي، حيث يحوّل الجزءُ الأخضر من النبات - عندما يتعرض إلى الضوء - CO2 الموجود في الهواء إلى مواد سكرية مطلقاًO2 في الجو، وتقوم الجراثيم بتحليل هذه السكريات، وقد تستهلك إبان ذلك كمية لا يستهان بها من O2، ويتكون غاز الميتان وثنائي أكسيد الكربون ومركّبات أخرى. وتؤدي جزيئات الماء الذي تتباين نسبته في الهواء دوراً فعالاً في كيمياء الهواء. ولا تكتمل صورة الهواء من دون ذكر غازين آخرين، هما الأرغون وثنائي أكسيد الكبريت SO2. والأرغون غاز شبه خامل كيمياوياً بلا لون أو طعم أو رائحة. أما SO2 فتتباين نسبته ويتسبب كل من رذاذ البحر والتحليل الحيوي في إصداره إلى الهواء إلى جانب فعاليات البراكين.
ولابد من الإشارة إلى وجود كمية متفاوتة من الجسيمات الصلبة في الارتفاعات الأخرى من الهواء، تأتي من قشرة الأرض بفعل الرياح أو من البراكين والحرائق ومن أملاح البحر وغبار الطلع والجراثيم الدقيقة؛ ولهذه الجسيمات دورها في المناخ إذ توفر السطوح الضرورية للتكاثف، وما يلي ذلك من ترسب وهطل للأمطار والثلوج.
تلوث الهواء
يمكن القول: إن تلوث الهواء هو أيّ جسيمات مرئية أو غير مرئية أو غازات توجد فيه، وليست جزءاً من تكوينه الطبيعي الذي سلف ذكره. وتعدّ الانبعاثات الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري: الفحم والنفط والخشب التي تستخدم لتشغيل المصانع ومحطات توليد الطاقة والمركبات والطائرات جميعاً المصدر الأساسي لملوثات الهواء، وتأتي إطلاقات وسائل النقل في طليعة تلوث الهواء.وفيما يأتي أهم هذه الملوثات:
ثنائي أكسيد الكبريت SO2
هو غاز حامضي يتسبب فيما يعرف بالمطر الحامضي acid rain باتحاده مع بخار الماء في الهواء مؤدياً بذلك إلى تخريب النباتات والتربة الزراعية ومواد البناء والمياه إلى جانب تأثيره في صحة البشر؛ ولاسيما من يعاني منهم أمراضاً مزمنة كالربو وعلل الجهاز التنفسي.
أحادي أكسيد الكربون CO
غاز سام جداً ينطلق إلى الجو من عمليات الاحتراق، وكذلك بأكسدة oxidation الفحوم الهدروجينية والمركّبات العضوية الأخرى.
ويبلغ ما يتحرر من CO من إطلاقات وسائل النقل نحو 90٪ من هذا الغاز الذي يبقى في الهواء مدة تقارب الشهر قبل أن يتأكسد إلى CO2. يتسبب CO في إعاقة النقل الطبيعي للأكسجين بالدم إلى أنحاء الجسم المختلفة: الدماغ والقلب مثلاً مؤدياً إلى مشكلات صحية متفاقمة خطرة.
ثنائي أكسيد النتروجين NO2
يضاف إليه أول أكسيد النتروجين NO، ويعرفان مجتمعين باسم NOx. إن المصدر الأساسي لهذه الأنواع من الغازات إطلاقات وسائل النقل ومحطات توليد الطاقة والمصانع، لذلك يزداد تركيزها في أجواء المدن بالمقارنة مع الأرياف.
تلحق هذه الغازات الأذى بالجهاز التنفسي؛ ولاسيما عند الأطفال؛ ما يؤدي للإصابة بكثير من الأمراض التنفسية الحادة فضلاً عن التسبب بالمطر الحامضي وبنزلات البرد الوافدة.
ثنائي أكسيد الكربون CO2
ينشأ من عمليات احتراق الفحم والخشب. ويُعدّ CO2 المسبب الأول في حادثة «البيت الزجاجي» greenhouse المؤدية إلى ظاهرة التسخين العالمي التي تسبب بها هذا الغاز.
الأوزون O3
ويدعى أوزون المستوى الأرضي تمييزاً له من الأوزون الموجود في طبقة الستراتوسفير stratosphere من الجو الذي يمتص معظم الأشعة فوق البنفسجية التي ترد إلى جو الأرض، فيقيها من التأثير المخرب في الخلية الحيّة والمسبب لكثير من الأمراض والعلل.
أما أوزون المستوى الأرضي - بخلاف ملوثات الهواء الأخرى - فلا ينطلق مباشرة إلى الهواء، ولكنه مكوّن ثانوي ينتج بتفاعل بين ثنائي أكسيد النتروجين NO2 والفحوم الهدروجينية وضوء الشمس، ويتصف بأن تركيزه في الأرياف أعلى منه في أجواء المدن؛ لأن ضوء الشمس يقوم بدور المبادر في تكونه هناك؛ إذ يلاحظ ازدياد الأوزون في أيام الصيف الساكنة الهواء المشمسة الحارة في هذه المناطق. يؤدي التعرض للأوزون إلى تخرش الرئتين واشتداد أعراض الربو وأمراض الرئة.
المركّبات العضوية الطيّارة
تتحرر من عوادم الغازات في السيارات بين نواتج الاحتراق أو من دون أن تحترق، ولعل أهمها: البنزن و3.1 بوتادئين، وهما لهما تأثير مزمن في الصحة بما في ذلك السرطان واضطرابات الجملة العصبية المركزية وتلف الكلى والكبد وتشوهات المواليد.
المركّبات الميكروبية العضوية السامة
تتحرر من الاحتراق غير الكامل للوقود، وهي تتضمن العديد من المواد الكيمياوية التي تتصف - على الرغم من أن مقدارها زهيد - بأنها شديدة السميّة وأنها مسرطنة. يذكر من بينها:
مركبات الفحوم الهدروجينية المتعددة العضوية - مركّبات البيفينلات المتعددة الكلورة.
الديوكسنات ـ الفيورانات
يتسبب هذا النوع من الملوثات إلى العديد من التأثيرات: بدءاً من السرطان وانتهاء بخفض المناعة واضطرابات الجملة العصبية ونمو الأطفال، ويكفي أثر زهيد من هذه المواد لتفعل فعلها.
الرصاص والمعادن الثقيلة
تنشأ قسيمات الرصاص في الهواء من احتراق الوقود الأحفوري وصناعات التعدين وحرق النفايات، ولعل الاستعمال الأوسع لهذا العنصر هو في صناعة المدخرات الكهربائية.
وقد شكّل رباعي إثيل الرصاص مضافاً إلى البترول ما أدى إلى ارتفاع الرصاص في الهواء، ودعا من ثم إلى التخلي عن إضافة هذا المركّب إلى البترول في كثير من البلدان.
يتسبب الرصاص حتى بتراكيز جد منخفضة إلى كثير من الأذيات؛ ولاسيما عند الأطفال وحديثي الولادة، ويؤدي تناوله من قبل الحوامل إلى اعتلال الأجنة، كما أن القصور العقلي وشذوذات الرؤية والأذيات العصبية هي بعض من التأثيرات الصحية التي تنتج من التعرض للرصاص.
الهبــاب flyash والضبخن smog
وكلاهما ينشأ من حرق الوقود الأحفوري في المركبات ومحطات توليد الطاقة الحرارية والمعامل والمصانع.
يتكون الهباب من قسيمات صلبة من السيليكا والألومينا وأكاسيد الحديد والكلسيوم والمغنزيوم والمعادن السامة الثقيلة والرصاص والزرنيخ والكوبلت والنحاس.
أما الضبخن فهو اتحاد العديد من الغازات ببخار الماء والغبار الدقيق والأوزون الأرضي. وكلا النوعين من الملوثات له تأثيره الضار في الإنسان وفي الحيوان والنبات على حد سواء، ويتضح التأثير الضار عندما يستمر وجود كل منهما في الهواء عدة أيام، ويؤدي ذلك إلى ازدياد نسبة الوفيات.
فالهواء ليس مادة بسيطة فحسب، إنما هو وسط مزيج غني بالتفاعلات الكيمياوية الطبيعية متصل بكل أشكال الحياة وبالحفاظ عليها.
تتكون عملية التنفس من إستنشاق الهواء والزفير
وعندما تتنفس الهواء ، يدخل أكسجين الجو إلى رئتيك، ثم يتحرك بعض الأكسجين بعدئذ إلى دمك، وعندما ينقبض الحجاب الحاجز (وهو العضلة الرئيسية المسئولة عن التنفس) فإنه يهبط في إتجاه البطن ليجذب المزيد من الهواء الغني بالأكسجين من خلال القصبة الهوائية ليدخل الرئتين، فإذا نقص مستوى الأكسجين في دمك، قام المخ بإصدار الأوامر للرئتين كي تتنفسا بشكل أعمق وأسرع.
عند نهاية التفرعات العديدة لممر الهواء توجد الشعب الهوائية (وهي أكياس دقيقة الحجم من الهواء تحيط بها الشعيرات الدموية)وفي داخل الشعب ينتقل بعض الأكسجين من فراغ الهواء إلى الدم، في حين ينتقل فائض ثاني أكسيد الكربون الموجود في الدم إلى فراغ الهواء وينتقل كل من الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بشكل ميسور بين فراغ الهواء والدم لأن لكل من الشعب والشعيرات الدموية جدرانآ رقيقة. ويعود الدم الذي صار غنيآ بالأكسجين الان إلى الجانب الأيسر من القلب عبر الأوردة الدموية.
وعندما تزفر الهواء يسترخي حجابك الحاجز وينضغط الهواء داخل الرئتين ويطرد إلى الخارج، ثم تعمل الألياف المرنة ومادة أسمها "المعامل السطحي" على إعادة الرئتين مرة أخرى إلى حجمها الأصلي.
والهواء الذي يخرج مع حركة الزفير يحتوي على الكثير من ثاني أكسيد الكربون الإخراجي الذي جاء إلى الرئتين مع الدم أثناء مروره عليهما، فإذا زاد مستوى ثاني أكسيد الكربون في الدم يرسل المخ إشارات إلى الرئتين كي تزيد من سرعة وعمق التنفس
تلوث الهواء