Search - للبحث فى مقالات الموقع

Sunday, April 17, 2011

الخلايا الجذعية Stem cells Cellules souches


الخلايا الجذعية Stem cells Cellules souches

الخلايا الجذعية

الخلايا الجذعية Cellules Souches (بالإنكليزية Stem Cells) هي الخلايا الأصلية المولدة، التي تتصف بنشاطها الانقسامي المتجدد في الشروط الحيوية الطبيعية، والتي توجد في المراحل الأولى من التشكل الجنيني للفقاريات ومنها الثدييات والإنسان، وقد وجدت في عدد كبير من النسج والأعضاء في مراحل الاكتمال حتى بعد البلوغ.
لمحة تاريخية
تُعد الدراسات والبحوث التي أثارت اهتمام علماء الحياة حول الخلايا الجذعية حديثة نسبياً. ويتفق هؤلاء العلماء أن عام 1981 الذي نشرت فيه أولى البحوث المتعلقة بالخلايا الجذعية عند الفئران المخبرية كان المنطلق الذي بدأت فيه المجلات العلمية المعتمدة تنشر نتائج البحوث العلمية الموثقة المرتبطة بهذه الخلايا. وأخذت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، منذ ذلك التاريخ، تتحدث عن اكتشاف هذه الخلايا الجذعية عند الإنسان، وتشرح الآمال الكبيرة المعقودة على نتائج البحوث العلمية المرتبطة بزراعتها للاستفادة منها في مجالات كثيرة وخاصة في معالجة عدد من الأمراض المستعصية أو في زراعة النسج والأعضاء.
وفي الثمانينات من القرن العشرين تسابقت مخابر البحوث العلمية المتخصصة في الجامعات والمراكز الطبية والبيطرية، في الدول المتقدمة، لتوضيح أهمية الخلايا الجذعية نتيجة لفهم أعمق لآليات التمايز الخلوي والنسيجي في المراحل المبكرة من التشكل الجيني أو مراحل النمو والاكتمال عند حيوانات التجارب المخبرية وعند الإنسان.
وتجدر الإشارة إلى أن الباحثين استفادوا كثيراً من البحوث التي جرت مسبقاً على التلقيح الاصطناعي للبيوض بتطبيق الطريقة التي يقال عنها علمياً التلقيح في المختبر (الزجاج) Fecondation in Vitro (FIV). وبعد نجاح هذه الطريقة عند الأرانب والأبقار والأغنام وغيرها وأدت إلى ولادات سليمة، نجحت عند الإنسان في عام 1978 وأدت إلى ولادة أول طفلة أنبوب في التاريخ، هي لويز براون Louise Brown الشهيرة في بريطانيا.
(الشكل-1)
المراحل الأولى
 لتشكل الخلايا الجذعية الجنينية
 
ثم تسارعت البحوث حول الخلايا الجذعية للثدييات وأجنة الإنسان في التسعينات من القرن العشرين. ففي عام 1994 أعلن بونغسو A.Bongsoاختصاصي العقم في جامعة سنغافورة أنه تمكن من الاستفادة من الأجنة المجمدة الإضافية (التي غالباً ما تحفظ نتيجة للتلقيح الاصطناعي)، وعَزَل الخلايا الجذعية البشرية في المختبر من جنين عمره خمسة أيام. وفي مرحلة الأصيلة الأرومية Blastula تتوضع الخلايا الجذعية في الزر الجنيني Bouton embryonnaire داخل الخلايا المحيطية التي تسهم في تكوين المشيمة Placenta (الشكل-1).
وفي عام 1995 تمكن جيمس تومسون J.Thomson من جامعة وسكنس من زراعة الخلايا الجذعية الجنينية عند الرئيسات Primates، ثم نجح في عام 1998 في زراعة الخلايا الجذعية الجنينية للإنسان ومتابعة تكاثرها.
وفي الوقت ذاته نجح جون غيرهارت J.Gearhart من جامعة جون هوبكنز بزراعة خلايا جذعية منشئة Cellules Germinales، أخذها من البداءات المولدة للخلايا التناسلية (وهي الخلايا الأصلية التي تتمايز عند البلوغ إلى بيوض عند الإناث ونطاف عند الذكور).
وانتشرت طرائق البحث واتسعت عبر شبكة الإنترنت، ومع بداية القرن الواحد والعشرين أمكن إحصاء ما يقرب من ستين مخبراً تتنافس لتطوير زراعة الخلايا الجذعية في بلاد مختلفة من الشرق والغرب.
أنماط الخلايا الجذعية
تُعد الخلايا الجذعية ذخيرة ثمينة فتحت الآفاق الواسعة لإجراء بحوث علمية متطورة تستخدم نتائجها في التطبيقات البيولوجية والطبية. ولما كانت في الأصل خلايا لا متمايزة فهي قادرة على الانقسام والتكاثر لتعطي خلايا جديدة لا متمايزة، أو أنها تتجه، في شروط حيوية محددة، نحو التمايز لإنتاج خلايا نسيجية مثال الكريات الدموية أو الخلايا الكبدية أو البنكرياسية أو العضلية وغيرها من الخلايا في أعضاء الجسم المختلفة. كما يمكن توجهها للتمايز لإعطاء خلايا عصبية أو عظمية أو حتى الأوعية الدموية. وهكذا وجد الباحثون أنها تُكِّون مدخراً لا ينضب من الخلايا التي تشكل النسج اللازمة للزراعة في الأعضاء المريضة أو التالفة من الجسم.
اتفق علماء الحياة على التمييز بين نمطين أساسيين من الخلايا الجذعية هما: الخلايا الجذعية الجنينية C.S. Embryonnaires والخلايا الجذعية الجسمية C.S.Somatiques. وتشتق أصلاً جميع الخلايا المكونة للنسج والأعضاء في الجسم من تطور الخلايا الجذعية الأرومية التي تتمتع بإمكانية التمايز إلى أنواع الخلايا المختلفة تحت تأثير عوامل النمو التي تتتابع، في أثناء مراحل النمو الجنيني، وفق البرنامج الوراثي المسطر في دنا DNA جينات أو مورثات الصبغيات لنواة البيضة الملقحة.
(الشكل-2)
جنين إنسان بعد ثلاثة أيام من الإلقاح 
في أنبوب اختبار
 (16 خلية جذعية كاملة الإمكانية)
وقد تبين أن حادثة إلقاح النطفة للبيضة تُحرِّض هذه الأخيرة لتبدأ الانقسامات الخلوية الجنينية الأولى التي تعطي الخلايا الجذعية، المحددة العدد (الشكل-2) المسماة كاملة الإمكانية أو كلية الإمكانية C.S.Totipotentes. وهذا يعني أن كل خلية منها تكون قادرة، إذا ما عُزلت وزُرعت في الرحم، على الانقسام والتمايز الجنيني لإعطاء كائن كامل التشكل، مثلاً تعطي كل منها عند الإنسان وليداً سوياً. وهذا ما يحصل عندما تتكون التوائم الحقيقية عند الثدييات والأمّهات.
وإذا تُركت البداءة الجنينية لتطورها الطبيعي حتى اليوم الخامس فإنها تُكوِّن الكيسة الأرومية الأصلية Blastocyste المجوَّفة المشتملة، في قسمها الداخلي، على الكتلة الخلوية (40خلية) التي سميت بالخلايا الجذعية الجنينية. وهي خلايا كثيرة الإمكانية C.Pluripotentes أي تستطيع كل واحدة منها أن تنقسم وتتمايز لتعطي جميع أنماط خلايا نسج الجسم (نحو 200نمط) مثال الخلايا العضلية والظهارية والعصبية والضامة والعظمية والدموية وغيرها، ولكنها لا تعطي كائناً متكاملاً.
وبعد نهاية الأسبوع الثاني للحمل الذي تتشكل فيه بداءة الوريقات الجنينية الثلاث (الداخلية Endoblaste والخارجيةEctoblaste وبينهما المتوسطة Mesoblaste) فإن الخلايا تدعى متعددة الإمكانية C.Multipotentes. وهي يمكنها التمايز لتعطي، بحسب موقعها في الوريقات الجنينية، خلايا مختلفة، ومثالها المعروف الخلايا الجذعية المولدة للعناصر الدموية المتباينة والموجودة في مخ أو نقي العظام وتنتج منها الكريات الحمراء والكريات البيضاء المتنوعة. ومنها أيضاً الخلايا الجذعية الميزنشيمية Mesenchyme التي يمكنها التمايز إلى خلايا أصلية ليفية Fibroblastes وغضروفية Chondroblastes وخلايا أصلية عظمية Osteóblastes وغيرها.
(الشكل-3) توضع الخلايا الجذعية كثيرة الإمكانية ومتعددة الإمكانية
في الجنين ومصيرها بعد التمايز
 
أما النمط الرابع من الخلايا الجذعية فأطلق عليه اسم الخلايا وحيدة الإمكانية C.unipotentes، وهي الخلايا التي تتكاثر وتتجدد وتتجه للتمايز إلى نوع خلوي واحد ومثالها الخلايا المولدة المتوضعة فوق الغشاء القاعدي للبشرة، والتي تتمايز إثر انقساماتها المستمرة لتعطي الخلايا الظهارية المطبقة في الجلد التي يصيبها التقرن، فتتوسف وتتساقط، ليحل مكانها خلايا جديدة تباعاً. (الشكل-3).
عزل الخلايا الجذعية
بعد نجاح البحوث العلمية التي أُجريت على زراعة الخلايا الجذعية عند حيوانات مخبرية مختلفة، قام العلماء بنقل تجاربهم الناجحة إلى الإنسان. وهناك مصدران أساسيان للخلايا الجذعية الجنينية هما:
1ـ الخلايا الموجودة في الأُصيلة الأرومية لبداءة جنينية آخذة في التطور في رحم الأم أو في أنابيب الاختبار إثر إلقاح في الزجاج (FIV).
2ـ الخلايا الجذعية التي يمكن الحصول عليها في عملية استنساخ[ر] من خلية جسمية. ويبقى الحصول على هذه الخلايا الجذعية عند الإنسان خاضعاً لمناقشات قانونية وسلوكية.
في الحالة الأولى تسمح القوانين في عدد من الدول بأخذ هذه الخلايا الجذعية من الأجنة الاحتياطية الإضافية التي تُحفظ في الجمَّادات إثر عملية إلقاح في الأنابيب، لأنه غالباً ما تُجرى هذه العملية على عدد من البيوض في وقت واحد، يُجمَّد بعضها لاستخدامه في حال فشل تطور الجنين الأول في رحم الأم.
أما الحالة الثانية المتعلقة بالحصول على الخلايا الجذعية من خلايا جسم الكائن نفسه فتجري بعملية الاستنساخ، وذلك بحقن نواة من الخلايا الجسمية في بيضة منزوعة النواة. وهي الطريقة التي تجري المحاولات في بعض المخابر لتطبيقها عند الإنسان لمعالجة مشكلة الرفض المناعي لزراعة الأعضاء وتأمين حالة التوافق النسيجي Histocompatibilité بين المتبرع المعطي والمريض المتلقي. وقد سمحت قوانين بعض الدول ومنها بريطانيا والسويد بإجراء عملية الاستنساخ هذه عند الإنسان لعلاج الأمراض فقط، وأطلق عليها اسم الاستنساخ العلاجي Clonage Thérapeutique.
وفي جميع الحالات يحتاج عزل الخلايا الجذعية والمحافظة عليها، في زراعات مخبرية، إلى تطبيق طرائق التقانات الحيوية الحديثة[ر] وإلى درجة عالية من الخبرة العلمية المتقدمة.
 
(الشكل-4) خلايا جذعية مولّدة للدم في نقي العظم
 
 
وتبيَّن للباحثين في السنوات الأخيرة أنه يمكن الاستفادة من نمط ثالث من الخلايا الجذعية كثيرة أو متعددة الإمكانية التي توجد طبيعياً في جسم الحيوانات والإنسان، وهي تنتشر في أعضاء مختلفة ومعدة للتكاثر والتعويض عن الخلايا التي يصيبها التلف طبيعياً أو مرضياً. ومثالها الخلايا الجذعية المولدة للدم C.S.Hématopoïétiques التي تسكن في مخ أو نقي العظام عند الثدييات والإنسان، والتي لا تتوقف عن الانقسام طوال حياة الفرد لتعطي طلائع الخلايا الدموية المتجددة. وفي إطار برنامج جيني محدد تتجه إحدى الخلايا الطليعية الناتجة من انقسام الخلية الجذعية، نحو التمايز الذي يولد الكريات الدموية المتنوعة البيضاء والحمراء (الشكل-4). فالخلية الطليعية اللمفية Précurseur Lymphoïde تعطي اللمفاويات البائية Bوالتائية T والقاتلة الطبيعية (Natural killer) NK. أما الخلية الطليعية النقوية P.myeloïde فتعطي باقي الخلايا الدموية البيضاء (المعتدلة neutrophiles والحامضية Eosinophiles, Acidophiles والقاعدية Basophiles) والكريات الحمراء Erythrocytes، وكذلك وحيدات النوى Monocytes والبلاعم Macrophages والصفيحات الدموية. وتبيَّن أن حياة هذه المكونات الدموية المختلفة، قصيرة لا تتجاوز الأيام أو الأسابيع المعدودة، فهي بحدود مئة وعشرين يوماً للكريات الدموية الحمراء، وسبعة أيام للصفيحات وأربع وعشرين ساعة للكريات البيضاء. ولهذا يعدّ نقي العظام المصنع الذي يمد الجسم بالعناصر الدموية المختلفة والمتجددة اللازمة والضرورية للبقاء على قيد الحياة. ويقدَّر عدد الخلايا الدموية التي تنتجها الخلايا الجذعية في نقي العظام عند الإنسان بنحو ثلاثمئة مليار خلية كل يوم.
الآفاق المستقبلية التطبيقية للخلايا الجذعية
كان يعتقد أن الخلايا الجذعية الجسمية لها مصير محدد للتمايز باتجاه تعويض خلايا النسيج أو العضو الموجودة فيه. ولكن تبين بعد أبحاث مارك هدريك M.Hedrick في جامعة كاليفورنيا، ويان برّاندون Y.Barrandon من المعهد العالي للمعلمين في باريس وغيرهما، أنه يمكن التحكم في توجيه تمايز هذه الخلايا الجذعية لأنها تتمتع بمرونة كبيرة. ودلت التجارب الحديثة التي أجريت على الخلايا الجذعية، عند حيوانات مختلفة، أن هذه الخلايا لها قابلية التمايز في شروط محددة باتجاهات جديدة. كما يمكن أن تعود إلى مرحلة ابتدائية أو يصيبها مايسمى بالتمايز الارتدادي Dédifférenciation أي تعود من الخلايا الجذعية متعددة الإمكانية إلى خلايا كثيرة الإمكانية. وهناك مدرستان لتفسير هذه الحادثة، المدرسة الأولى ترجعها إلى بقاء بعض الخلايا الجذعية الجنينية الاحتياطية في كل نسيج حتى مرحلة متقدمة من العمر. والمدرسة الثانية، التي استخدم باحثوها الواسمات Marqueurs، تفسرها بإمكانية الخلايا الجذعية للتمايز البيني أو الانتقالي Transdifférenciation أي إمكانية تحويل مسار التمايز من اتجاه معين إلى اتجاه آخر. والجدير بالذكر أنه في التجارب المختلفة التي تجرى لمتابعة انقسام الخلايا الجذعية وتمايزها في الزراعات الخلوية خارج الجسم الحي Ex Vivo يجب توفير عوامل النمو والانقسام الخلوي المسماة سيتوكين Cytokines.
(الشكل-5) المرونة الكبيرة للخلايا الجذعية في نقي العظام
وبدأت في سنوات نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين تنشر البحوث التي بيَّنت أن الحبل السري (الذي كان يرمى بعد الولادة) يشتمل على خلايا جذعية جنينية يمكن حفظها وتجميدها لاستخدامها عند الحاجة في معالجة حالات مرضية للوليد في مراحل طفولته أو كهولته. وتأسست شركات في أوربا وأمريكا تشجع الأمهات الولاّدات على عدم التفريط بالحبل السري لأنه يمكن أن يكون كنزاً ثميناً في المستقبل لأطفالهن.
ويبين الشكل (5) أن الخلايا الجذعية في نقي العظم يمكنها التمايز باتجاهات مختلفة، ضمن شروط مناسبة، لتولد خلايا من أنماط مختلفة للأوعية الدموية والكبد والكلى والعضلات والجلد، حتى للجملة العصبية.
وفتحت البحوث المتقدمة في زراعة الخلايا الجذعية الجنينية والجسمية، الآفاق لتطبيقها في معالجة الأمراض عند الإنسان والتي كانت تعد من الأمراض المستعصية الميؤوس من شفائها مثال حالات احتشاء القلب وداء بركنسون[ر:بركنسون (داء ـ)] Parkinson وألزهايمر[ر. الخرف وداء ألزهايمر] Alzheimer وغيرها.