Search - للبحث فى مقالات الموقع

Monday, April 18, 2011

خوارزم شاه Khwarezm Shahs Khwârazm-Shahs




خوارزم شاه Khwarezm Shahs Khwârazm-Shahs


(…-617هـ/…-1220م)


خوارزم شاه علاء الدين محمد بن تكش، خامس حكام سلالة خوارزم الثالثة. رقي العرش في 20 شوال 596هـ/23 تشرين الثاني 1200م. عُرف بلقب قطب الدين قبل وصوله إلى الحكم.  استعمله والده على خراسان (593هـ/1197م)، وقاد في العام التالي حملة ضد قبائل الرحل في ضواحي جَند، وعاد إلى خوارزم بزعمائهم في الأغلال. شارك والده بالإغارة على معاقل الإسماعيلية في قوهستان (596هـ/1199م)، وعاد بجثة والده الذي مات في الطريق إلى الجرجانية، وجلس لقبول العزاء فيه.

بدأ علاء الدين محمد عهده بسلسلة حروب، كان دافعها اجتياح الغوريين حكام المناطق الجبلية فيما يعرف اليوم بأفغانستان أملاك الخوارزميين في خراسان، مستصغرين شأنه عند سماعهم بوفاة والده وحلوله بالعرش، واضطر من أجل استرجاع هذه الأملاك إلى القدوم على رأس قواته إلى خراسان خمس مرات بين 596 و603هـ/1200 و1206م، وانتهت حروبه في خراسان إلى استرجاع أملاكه  حتى هرات. بعد وفاة السلطان الغوري شهاب الدين (603هـ/1206م)، الحاكم الوحيد في العالم الإسلامي في ذلك الوقت المؤهل لمنافسة علاء الدين، واضطرار خليفته إلى الاعتراف بالتبعية له بالخطبة والسكة آلت أملاك الغوريين التي تمتد إلى السند إلى حكمه، وتمكن من إلحاق مازندران في العام التالي ومن الاستيلاء على كرمان (605هـ/1208م)، وحقق بذلك لنفسه مركز الصدارة في مشرق العالم الإسلامي.



الدولة الخوارزمية في أقصى اتساعها زمن علاء الدين محمد خوارزم شاه


والتفت السلطان بعد ذلك نحو الشرق، وكانت قد أثقلته الجزية السنوية التي كان يدفعها شاهات خوارزم للخطا البوذيين. وكانت تتوارد عليه في عاصمته الجرجانية رسائل سكان ما وراء النهر الخاضعين لنفوذ الخطـا تناشده كي يخلصهم من حكمهم، كما وعده عثمان سلطان سمرقند - سليل أحد فروع الإيلكخانية - منذ 604هـ/1207م أن يدفع له ما كان يؤديه للخطا من أموال، إضافة إلى الخطبة والسكة. وصادفت هذه الدعوات هوى في نفس السلطان  للظهور بمظهر الزعيم الإسلامي المحرر للمسلمين من نير حكامهم الوثنيين، وزاد من رغبته ما وصله من كجلك خان زعيم قبيلة النايمانالمغولية يفصح له عن رغبته في خيانة الخطا الذين لجأ إليهم (605هـ/1208م) عند رفضه الخضوع لجنكيزخان، وعلى اقتسام أملاكهم مع السـلطان. ولذلك، وحين حضر سفير الخطا إلى الجرجانية     (607هـ/1210م) وأغلظ في طلب الجزية ألقي به إلى ماء جيحون.

كان للنصر الذي أحرزه السلطان على الخطا رنة فرح في ممالكه، فأضاف إلى ألقابه لقب «الإسكندر الثاني» وحمل نقش خاتمه عبارة «ظل الله في الأرض». ولما عاد إلى خوارزم زوج ابنته من عثمان سـلطان سـمرقند، وزالـت دولة الخطـا من الوجود، وأصـاب السـلطان من أمـلاكها «ما وراء النهر».

لم تُجْدِ حملة السلطان إلى بلاد القبجاق عبر سيحون شمالاً (606هـ/1209م) في حين نجحت حملته الثانية (613هـ/1216م) في الاستيلاء على مدينة «سغناق» - على مجرى سيحون الأوسط -، وأمنت له السيطرة على جزء من شواطئه الشمالية، والمناطق المتاخمة لها، كما أتم له قواده بين 607و614هـ/1210و1217م، إخضاع سائر أجزاء إيران، وقرئت الخطبة باسمه على منابر عُمان. فوصلت الدولة الخوارزمية بذلك إلى أقصى اتساع لها وامتدت سلطة علاء الدين من شمال بحر قزوين وبحر آرال شمالاً إلى المحيط الهندي جنوباً، ومن السند شرقاً إلى حدود العراق غرباً.

ووجد السـلطان أن الوقـت قـد أضـحى مناسـباً ليطلب من الخليفة الناصر (575-622هـ/1182-1225م) أن تكون الخطبة في بغداد باسمه، وكان في طلبه أشد إلحافاً من أبيه. ولما لم يفضِ تبادل السفارات بين الطرفين (614هـ/1207م) إلى نتيجة ادعى أن الخليفة قد سقط حقه في إمامة المسلمين، لعجزه عن حفظ الثغور، وشغبه على السلطان المدافع عن الإسلام والمسلمين، وأعلن اعتناقه للمذهب الشيعي، واستصدر فتوى من بعض رجال الدين  تقول إن الخلافة من حق أبناء الحسين بن علي بن أبي طالب، وإن آل العباس مغتصبون لها، وأسقط اسم الخليفة الناصر من الخطبة، ونادى بأحد أبناء علي بن أبي طالب خليفة. سار إلى بغداد في شتاء 617هـ/1219-1220م، ولكن عاصفة ثلجية شديدة قرب همذان هبت على قواته  فأهلكت الرجال والدواب، وتعرض من سلم من قواته لهجمات سكان المناطق الجبلية.

ولما آب السلطان إلى خوارزم بالقليل ممن نجا من رجاله، كانت علاقاته مع جيرانه الجدد في الشرق - المغول - قد بلغت مرحلة متقدمة. ورغب السلطان بالتحقق من الشائعة التي انتشرت عن استيلاء جنكيزخان على الصين (612هـ/1215م)، والاطلاع أيضاً على قوة الفاتح المغولي، فأوفد له سفارة استقبلها جنكيزخان في بكين، وخاطب أعضاءها بعد الترحيب بهم، بأنه سيد الشرق كما أن سيدهم هو سيد الغرب، وأنه يتطلع إلى السلام معه، وإلى حرية التجارة والسفر بين الدولتين، ورافق السفارة تجار خوارزميون.. رد جنكيزخان على سفارة السلطان بسفارة محملة بالهدايا النفيسة وبرسالة (615هـ/1218م)، رافقها وفد تجاري كبير. قابل السلطان السفارة في بخارى، وجاء في الرسالة قول جنكيزخان للسلطان «أنت عندي مثل أعز أولادي». وعلى الرغم من أن هذه العبارة قد أغضبت السلطان. فقد نزل عند نصيحة أحد أعضاء السفارة، وكان خوارزمي الأصل، وقبل بعقد معاهدة سلام.

ويقدر بارتولد أن القافلة التي انطلقت من منغولية مع السفارة تأخرت عنها في الوصول إلى الممالك الخوارزمية، ولما بلغت القافلة المدينة الحدودية «أوترار» على نهر سيحون، كانت السفارة قد بارحت أملاك السلطان عائدة إلى منغولية، وراق لحاكم أوترار ما تحمله القافلة من الحرير والذهب والفضة والفرو، فاعتقل أفرادها وقتلهم جميعاً، وصادر ما معهم بتهمة أنهم جواسيس. ولما لام الفاتح المغولي بسفارة جديدة السلطان على الفعلة، وطالب بتسـليم حاكم أوترار، قتل السلطان أحد أعضاء السفارة، وحلق لحى الآخرين.

وكانت مذبحة أوترار وموقف السلطان من أعضاء السفارة كافية لإثارة غضب جنكيزخان وإصراره على الانتقام. وبدأت عمليات المغول الحربية بحملة تمهيدية (615هـ/1218م) على مملكة كجلك خان في تركستان الشرقية، ولكنه فرّ منها ولم يلبث أن قتل. أما الحملة الرئيسية بقيادة جنكيزخان فقد بلغت حدود الممالك الخوارزمية عند أوترار في جمادى الآخرة 616ﻫ/ أيلول 1219م، ثم نجح الغزاة في اجتياح ما وراء النهر، واحتلال بخارى ثم سمرقند سنة 616هـ/1220م، وأرسلوا فرقة عبرت جيحون على وجه السرعة، لملاحقة السلطان الذي تقهقر أمامهم إلى نيسابور. وأخذ وهو في الطريق يتخلص مما يحمله من كنوز، ويرسل بزوجاته وأولاده إلى القلاع، وينصح رعاياه بالانسحاب والفرار. وتم الالتحام الوحيد بين قواته والمغيرين في ضواحي همذان قتل فيه غالب جنده، وجعل يتابع الفرار من موقع إلى موقع إلى أن انتهى به الأمر إلى جزيرة صغيرة قرب الساحل الجنوبي الشرقي لبحر قزوين، وهناك أعلن تحويل ولاية العهد من ابنه الصغير أوزلاغ شاه إلى أكبر أولاده جلال الدين لما يعهده فيه من قدرة على مجابهة الموقف. وتوفي بعد شهر بعلة ذات الجنب.

وعلى الرغم من أن السلطان كان محباً للعلم والأدب، فقد كان أيضاً قاسياً سفاكاً، يفتقر إلى الحنكة السياسية. ولم يجد سكان ما وراء النهر أي فرق بين حكمه وحكم حكامهم السابقين من الخطا، وهذا ما يفسر سبب انقلاب حليفه وصهره سلطان سمرقند عليه، حتى إنه كاد أن يقدم على قتل زوجته ابنة السلطان. كما أن تجرؤه على الخليفة جر عليه نقمة رجال الدين ولاسيما عندما أجبر بعضهم على إصدار فتوى بخلع الخليفة، ثم إقدامه على قتل أحد هؤلاء من دون سبب معروف. وزاد في خلل سياسته الداخلية الدور النشيط الذي مارسته أمه تركان خاتون التي كانت تنتمي إلى قبيلة قانغلي القبجاقية في الحياة السياسية، فكانت تفرض أقرباءها وأتباعها في المراتب العسكرية، وتمنحهم الامتيازات التي مكنتهم من الاعتداء على السكان ونهب أموالهم، وتحمي العصاة منهم. وأجبرت ابنها في أول أمره أن يعين ابنه الصغير لولاية عهده من دون الكبير لأن أم الأخ الصغير كانت من القبيلة ذاتها.

ويذهب بارتولد إلى القول إن الأم كانت تحكم فعلياً أقاليم خوارزم وخراسان ومازندران. وقد أدت سياسة الوالدة إلى قيام حزب عسكري حولها يكن العداء للسلطان ويتآمر عليه، وكان سبباً رئيسياً في إخفاق إدارة السلطان الداخلية في مناطق ما وراء النهر، التي عجز السلطان عن ضبطها، فتركها نهباً لهؤلاء القواد، فعملوا على تخريبها. ويفهم من أقوال ياقوت الحموي أن تخريب أقاليم شمال شرقي ما وراء النهر في عهد السلطان محمد وتهجير سكانها كانت سياسة ثابتة للإدارة الخوارزمية.

أما في مجال السياسة الخارجية فكان إقدام السلطان على الاتفاق مع كجلك خان على إزالة دولة الخطـا هو إزالة لسد - كما رأى الجويني - كان يحجز بين الدولة الخوارزمية وأملاك المغول. وأغرى جنكيزخان بمتابعة التقدم غرباً، إلى أملاك كجلك خان للقضاء عليه، والاقتراب أكثر من الممالك الخوارزمية. كما أن ادعاء السلطان بأنه المدافع عن المسلمين، ضد حكامهم غير المسلمين  أصيب بخرق فاضح عندما أقدم على قتل تجار القافلة التجارية في أوترار، وكانوا جميعاً من المسلمين. ويرى النسوي أن السلطان قد أخطأ خطأً كبيراً بامتناعه عن مواجهة الهجوم المغولي عند شواطئ سيحون، وتركهم يتوغلون إلى داخل البلاد. ويعود الجويني إلى القول إن السلطان هو مسؤول مسؤولية أساسية، عن نكبة العالم الإسلامي بالمغول وما جرته غاراتهم عليه من مصائب.