سلفادور دالي Salvador Dali
(1904-1989م)
سلفادور دالي Salvador Dali مصور وحفار إسباني، وأحد أشهر الشخصيات الفنية غرابة في القرن العشرين، ولد في مدينة فيغراس Figueras التابعة لمقاطعة قاتلونية، بدأ الرسم الزيتي فتى في الثالثة عشرة من عمره، وكان حينذاك معجباً بالفنالانطباعي[ر]، ثم رسم منذ عام 1921 بالأسلوب التنقيطي[ر] Pointillisme مناظر من منطقة كاداكيز الساحلية حيث تقطن جدته.
انتسب إلى أكاديمية سان فرناندو للفنون الجميلة في مدريد عام 1924، ورسم أول لوحاته التكعيبية التي تأثر فيها بأعمال الفنان خوان غري[ر] Gris، وفي السنتين التاليتين عاد ليرسم بأسلوب أكاديمي متأثراً بالمعلمين الكبار أمثال أنغر[ر]Ingres، وفيرمير Vermeer، فرسم لوحة الفتاة الجالسة أمام النافذة الموجودة في متحف الفن الحديث بمدريد.
وفي مدريد التقى الشاعر لوركا[ر] Lorca، كما ارتبط بصداقة مع مجموعة من الشباب الفوضويين. وفي عام 1925، بعد أن فصل من أكاديمية سان فرناندو لعدم امتثاله لأنظمتها، غادر إلى برشلونة حيث عرض أعماله في صالة دالامو. وفي عام 1927 غادر إسبانية وتوجه إلى باريس، وفيها تعرف الفنان بيكاسو والفنان ميرو miro، والشاعرين بول إيلوار Eluard، وأندريه بريتون Breton صاحب البيان السريالي عام 1924.
وفي عام 1925، أنجز لوحات بأسلوب ميتافيزيقي سريالي، جمع فيه نظريات التحليل النفسي لفرويد، وتجارب الفنان مـاكـس أرنســت[ر] Max Ernest في التأثيرات الخاصة التي تظهرها المادة الطبيعية الخام، أو المفعلة باللصق collage والدعك Frottage، وعكس تأثره بأعمال الفنانين تانغي Tanguy، وماغريت[ر] Magritte، وجورجيو دي كيريكو[ر] Chirico مؤسسي الحركة السريالية أوائل القرن العشرين، إلا أن دالي منح الحركة السريالية هيمنتها وشعبيتها الجامحة، وتفرد بنظرياته الخاصة كالبارانويا النقدية Paranoia Critique التي تعتمد على جمع حالات نفسية مركبة من جنون العظمة وعقدة الاضطهاد، وفصام الشخصية وحالات الهذيان والحلم، وقد تجلت هذه الحالة في لوحاته وفي مظهره وسلوكه، وبذلك خط لنفسه تياراً خاصاً ضمن المذهب السريالي عرف بالدالية Dalisme، مما أعطى لشخصيته المتميزة والغريبة شهرتها في أنحاء العالم كافة.
رسم دالي أعماله بدقة وتقنية فائقة، مخالفاً المذاهب الفنية السائدة في النصف الأول للقرن العشرين. فقد جمع بين رسم تفاصيل الصخور البيضاء لمنطقة الكاب وأبنية الفنان أنتوني غودي Antoni Gaudi العجائبية، ووزعها على أرض صحراوية جرداء، تتصل بسماء توشحها غيوم خفيفة يتوسطهما أفق حزين مبهم، في هذا الجو الميتافيزيقي الغرائبي، نشر دالي مواضيعه ذات الكيانات المتميعة أحياناً والمتطاولة أحياناً أخرى، وكثيراً ماكان يدعمها بركائز خوفاً من انهيارها، وتدل هذه المواضيع على أفكار فلسفية واجتماعية وسياسية كانت تشغل بال الفنان إبان الحرب العالمية الثانية وعلى أثرها، وكثيراً ما أقحم في أعماله صوراً لشخصيات مثل لينين على البيانو، وماوتسي تونغ، ومارلين مونرو، وغيرهم.
في باريس تعرف غالا Gala التي أصبحت زوجته وملهمته في فترة شهرته التي بدأت عام 1929 حيث عرض أعماله في صالة غومان Goemans تحت رعاية بروتون، وهناك تعرف كيلر مقتني اللوحات المعروف.
وبالاشتراك مع السينمائي السريالي لوي بانويل كتب سـيناريـو فلـمي «الكلب الأندلسي» un chien andalou عام(1928) و«العصر الذهبي» l’âge d’or عام(1930) وزاد هذان الفلمان شهرة الفنان على إثر الفضيحة التي أحدثاها في الوسط الثقافي.
انتسب دالي لحزب فرانكو الفاشي الحاكم في إسبانية، وربما لحاجته إلى المال، ولكنه مالبث أن تحول إلى المعارضة فـرسـم لوحته «إنذار الحرب الأهلية» (1936) التي مثل فيها الحرب الأهلية الإسبانية، وذلك قبل أن يرسم بيكاسو لوحته الشهيرة غورنيكا عن الموضوع نفسه.
سلفادور دالي: «إنذار الحرب الأهلية» (1936) |
سافر دالي إلى الولايات المتحدة برفقة غالا عام 1940 حيث سبقته شهرته، وعرضت أعماله في متحف الفن الحديث بنيويورك، وكتب سيرة حياته بعنوان «الحياة السرية لسلفادور دالي» التي نشرت في كل من نيويورك عام 1941 وباريس عام 1952 فذاع صيته وتعاظمت شهرته، وبينت فلسفته الجمالية من خلال شرحه لأعماله التي ارتكزت على تحريض الحلم للغوص في أعماق النفس البشرية. وبقي في الولايات المتحدة ثماني سنوات إلى أن عاد إلى إسبانيا في عام 1948.
وفي الخمسينيات ظهر التأثير الديني في أعماله إذ رسم الموضوعات الدينية مثل: الصلب (1954)، والعشاء السري والقديس جان على الصليب (1951) وغيرها، كما نفذ لاحقاً أعمالاً فنية منوعة كرسوم الحفر وتصميم المجوهرات وتصميم مشاهد للديكور والأزياء المسرحية. وفي عام 1970 عرضت أعماله بمعرض استعادي في مدينة روتردام وفي مركز جورج بومبيدو بباريس عام 1979، وكان قد أسس متحفاً خاصاً في بلدته فيغراس عام 1974 وعرض فيه أعماله، وقد اتخذ من بلدته مكاناً لإقامته حتى وفاته.