الحشرات Insecta كائنات حية لافقارية تنتمي إلى شعبة مفصليات الأرجل، وتعد أكثر الكائنات تنوعاً وعدداً على وجه الأرض، فهي تؤلف نحو 75% من الأنواع الحيوانية، وثمة أكثر من 125مليون نوع معروف منها حتى اليوم. وتدل الدراسات الأحفورية أنها ظهرت في العصر الفحمي، أي قبل نحو 350 مليون سنة. ومن المعتقد أن الحشرات قد تطورت عن جد يشبه الحريش (أم أربع وأربعين)، إلا أنها تميزت باشتمالها على ثلاثة أزواج من الأرجل الصدرية المفصلية، وأكثر الحشرات بدائية هي الأنواع الحديثة اللامجنحة.
تصنيف الحشرات
يقسم صف الحشرات إلى:
- صفيف اللاجناحيات Apterygota وأهم رتبها:
1- رتبة أولية الأذناب Protura مثل حشرة اسرنتوس.
2- رتبة مضاعفة الأذناب Dipluora مثل حشرة كاسيوريا.
3- رتبة ذوات الذنب الشعري Thysanura مثل حشرة السمك الفضّي.
4- رتبة ذوات الذنب القافز Colembola مثل قافزة القطن.
- صفيف الجناحيات Pterygota وأهم رتبها:
1- رتبة اليوميات مثل ذبابة أيار (مايو).
2- رتبة الرعاشيات Odonata مثل الرعاش.
3- رتبة مطبقة الأجنحة Plecoptera مثل ذبابة الحجر.
4- رتبة جلديات الأجنحة Dermaptera مثل حشرة إبرة العجوز (أبو مقص).
5- رتبة مستقيمات الأجنحة Orthoptera كالجراد.
6- رتبة متماثلات الأجنحة Isoptera كالنمل الأبيض.
7- رتبة امبيوبترا Embioptera كحشرة أمبيد.
8- رتبة محكات الأجنحة Psocoptera كقمل الكتب.
9- رتبة القمل القارض (آكلات الصوف) Mallophaga كقمل الطيور.
10- رتبة القمل الحقيقي (العزالى) Anoplura كقمل الجسم وقمل الرأس.
11- رتبة هدبيات الأجنحة Thysanoptera كحشرة التربس.
12- رتبة نصفيات الأجنحة Hemiptera كالبق.
13- رتبة متشابهات الأجنحة Homoptera كالمن.
14- رتبة شبكيات الأجنحة Neuroptera كأسد المن.
15- رتبة حرشفيات الأجنحة Lepidoptera كالفراشات.
16- رتبة غمديات الأجنحة Coleoptera كالخنافس.
17- رتبة ثنائيات الأجنحة Diptera كالذباب.
18- رتبة غشائيات الأجنحة Hymenoptera كالزنابير.
19- رتبة الماصات اللامجنحة Siphonoptera كالبراغيث.
20- رتبة شعريات الأجنحة Trichoptera كذباب كاديس.
21- رتبة طويلة الأجنحة Mecoptera كالذباب العقرب.
22- رتبة ملتويات الأجنحة Strepsiptera كملتوية الجناح (ايوكسينوس).
توصيفها العام
الشكل (1) |
يتألف جسم الحشرة من رأس وصدر وبطن |
الشكل الخارجي: يغطي جسم الحشرة هيكل خارجي يتألف من القشيرة، وهي طبقة صلبة تتألف من الكيتين والبروتين ومادة صلبة تدعى السكليروتين، تفرزها طبقة البشرة التي توجد تحتها مدعومة بالغشاء القاعدي. ويتألف جسم الحشرة من ثلاثة أقسام: الرأس والصدر والبطن (الشكل-1). أما الرأس فهو مؤلف من ست قطع ملتحمة وتكوّن صندوقاً يستوعب الدماغ، وهو مؤلف من ثلاث قطع، أما البطن فمؤلف نموذجياً من إحدى عشرة قطعة متصلة ببعضها بأغشية ليفية، وتغطي القطعة الواحدة صفيحة ظهرية وأخرى قصية، وصفيحتان جانبيتان.
1- الرأس: مجهز بزوج من قرون الاستشعار مزود بشعيرات حسية. وتختلف أشكال قرون الاستشعار وفقاً لنوع الحشرة، كما أن الرأس مزود أيضاً بزوج من العيون المركبة وثلاث أعين بسيطة. والفم مؤلف من عدد من الأجزاء هي الشفة العليا والفقيمان والفكان والشفة السفلى واللسان، التي تأخذ أشكالاً وتحوّراً مختلفة وفقاً لطبيعة غذاء الحشرة.
2- أما الصدر، فتؤلف قطعه الثلاث الصدر الأمامي والمتوسط والخلفي، وهو مجهز بثلاثة أشفاع من الأرجل المفصلية التي يطرأ عليها تحوّرات تختلف باختلاف الأنواع وبما يتلاءم مع طبيعة العمل الذي تؤديه.
3- أما البطن، فإن عدد قطعه الإحدى عشرة النموذجي لا يظل ثابتاً بل يتغير من حشرة لأخرى، فقد تندغم بعض القطع مع بعضها مما يؤدي إلى إنقاص العدد. والبطن مجهز عادة بلواقح تناسلية ذكرية أو أنثوية إضافة إلى لواقح لا تناسلية كالقرون الشرجية- كما في الصرصور- أو وسائل دفاعية كما في إبرة العجوز، أو تنفسية غلصمية كما في حوريات ذبابة أيار.
البنية الداخلية: (الشكل-2)
الشكل (2) أجهزة الجراد الداخلية
- جهاز الهضم: يتألف الأنبوب الهضمي من ثلاثة أجزاء، هي المعي الأمامي والمتوسط والخلفي. ويتألف المعي الأمامي من الفم والبلعوم والمري والحويصلة والقانصة، أما المعي المتوسط فيسمى المعدة التي تصب عليها العصارات الهاضمة. أما المعي الخلفي فتصب في بدايته مجموعة من أنابيب ملبيكي وينتهي بالمستقيم فالشرج.
- جهاز الدوران: هو من النمط المفتوح، ويتألف من قلب أنبوبي الشكل، يقع تحت جدار الجسم من الناحية الظهرية ويمتد على طول جسم الحشرة ابتداءً من الخلف إلى الأمام، مسايراً المحور الطولي للحشرة، ويتألف من عدد من الحجيرات، وينتهي في جزئه الأمامي بشريان أبهر ينفتح في الجوف الدموي في المنطقة الرأسية. والدم سائل عديم اللون يمتلئ به القلب عبر الثقوب أو الفتحات الجانبية في حجراته، ويندفع عبر الأبهر متوزعاً على فراغات الجسم ونسجه ليغمرها ويعود بعد ذلك إلى التجويف الظهري حيث يتم دخوله إلى القلب من جديد وهكذا. ومن الجدير بالذكر أن دم الحشرات يحمل الغذاء والفضلات ولا يقوم بأي دور في التنفس.
- الجهاز التنفسي: ويتألف من شبكة من القصبات الهوائية، تتصل بها قصبات تستدق وتصل إلى جميع أنسجة الجسم، مكونة شبكة تتكفل بتأمين التبادل الغازي بين الجسم والوسط الخارجي، إذ يأخذ الجسم حاجته من الأكسجين ويطرح غاز ثاني أكسيد الكربون. يحدث التبادل الغازي عبر الثقوب التنفسية على جانبي الجسم التي يختلف عددها باختلاف الأنواع، ولكنه لا يزيد على عشرة أزواج من الثقوب: زوجان في المنطقة الصدرية وثمانية أزواج في المنطقة البطنية.
- جهاز الإطراح: يعمل جهاز الإطراح بشكل رئيسي على تخليص جسم الحشرة من الفضلات الآزوتية الناجمة عن استقلاب البروتينات وأهمها البولة، ويتم ذلك عن طريق أعضاء الإفراغ المتمثلة بمجموعة من أنابيب ملبيكي، وهي أنابيب أعورية تنفتح في بداية المعي الخلفي.
- الجملة العصبية: وتتألف من حبل عصبي مزدوج يحمل أشفاعاً من العقد العصبية ويمتد على طول السطح البطني لجسم الحشرة، ويتألف من الأقسام الآتية: الدماغ وهو عقدة تملأ فراغ الجمجمة، وينشأ عن الدماغ شفع من الأربطة يتجه إلى الخلف ويحيط بالمري، ويمر إلى الأسفل ليتصل بعقدة كبيرة هي العقدة تحت المري، ويلي ذلك الحبل العصبي البطني الذي يحمل أشفاعاً من العقد العصبية، يتوافق عددها مع عدد حلقات جسم الحشرة.
- أعضاء الحس: وهي تتألف من أعضاء بصرية وشمية وسمعية وذوقية وغيرها، ويمكن تصنيفها إلى ما يأتي:
أ- المستقبلات الضوئية: وهي تتمثل بالأعضاء البصرية وتشمل العيون المركبة والعيون البسيطة:
ـ العين المركبة، وهي تتألف من عدد كبير من العيينات omatidium التي يتجاوز عددها الألوف. وتتم الرؤية بالطريقة الآتية: يلتقط كل من العيينات صورة جزء من الجسم المرئي، وتتجمع هذه الصور المجزأة على العقدة البصرية على شكل صورة كاملة للجسم المرئي، لا تلبث أن تنتقل بوساطة العصب البصري إلى مركز الرؤية في الدماغ، وبذلك يتم الإبصار.
ـ العيون البسيطة: وتتوضع على قمة الرأس أو الجبهة، تساعد هذه العيون على التمييز بين النور والظلام، ومعرفة شدة الضوء، وتمييز الأجسام المرئية بقدر بسيط من الوضوح.
ب- المستقبلات الآلية: وتضم أعضاء الحس باللمس والضغط والسمع والتوازن.
1- مستقبلات اللمس والضغط: تتألف من شعيرات دقيقة منتشرة على قرون الاستشعار والجسم والأرجل والأجنحة والقرون الشرجية.
2- المستقبلات السمعية: وتتألف من أغشية رقيقة تشبه غشاء الطبل، يختلف موقعها بحسب الأنواع، فهي تقع على الحلقة البطنية الأولى في الجراد، وعلى الساق في صرصور الحقل وهكذا.
3- أعضاء التوازن: وتختلف شكلاً وموقعاً باختلاف أنواع الحشرات، فهي جناحان ضامران على شكل حرشفتين في الذباب، تُمَكِّنُ الذباب من التوازن في أثناء الطيران، وقد تكون على شكل حويصلات تحت الأجنحة أو على جانبي البطن في أنواع أخرى من الحشرات.
جـ- المستقبلات الكيمياوية: وهي تتمثل بأعضاء الشم والذوق.
1- المستقبلات الشمية: وهي على قرون الاستشعار أو على الملامس الفكية أو الشفوية أو القرون الشرجية.
2- المستقبلات الذوقية: وهي على الأجزاء الفموية وسقف الحلق واللسان والملامس الفكية، أو على الأرجل كما في الذباب.
د- أعضاء حس الحرارة والرطوبة: وتنتشر في جميع أعضاء الجسم وتتركز خاصة على قرون الاستشعار ونهايات الأرجل.
جهاز التكاثر
الحشرات منفصلة الجنس، ويتميز جهاز التكاثر الذكري باشتماله على خصيتين تتصل بهما قناتان ناقلتان للنطاف تؤديان إلى قناة دافقة تنتهي بالقضيب في نهاية الجسم، يحيط به بعض اللواقح. والجهاز مزود بغدد ملحقة تفرز سائلاً يساعد على حركة النطاف ونقلها إلى الأنثى.
أما الجهاز الأنثوي فيتألف من مبيضين يحوي كل منهما عدداً كبيراً من الحبال المبيضية، تشتمل على منسليات بيضية تصب جميعها في قناة ناقلة للبيوض. وتتحد القناتان في مهبل قصير ينفتح إلى الخارج في نهاية الجسم بفوهة تناسلية بين صفائح جهاز وضع البيض. ويلحق بالجهاز مجمع منوي ينفتح فوق فوهة المهبل لاستقبال النطاف في أثناء السفاد ويحررها لدى وضع البيض، وبذلك تتم عملية الإلقاح.
النمو والتحول والتشكل
تضع الحشرة بيوضها في أوساط تختلف باختلاف أنواع الحشرات. تفقس البيوض عقب مدة تطول أو تقصر حسب نوع الحشرة والظروف البيئية المحيطة كالحرارة والرطوبة وغيرها. يخرج من البيضة جنين على شكل يرقة أو حورية لا تلبث أن تتطور تدريجياً مارة بمراحل مختلفة، تؤدي في النهاية إلى طور الحشرات البالغة. والأنواع اليرقانية المختلفة التي تشاهد لدى الحشرات وأطوارها المتباينة هي كما يأتي: طور اليرقة، وطور العذراء، وطور الحورية، وتختلف الأطوار والتحولات الشكلية من حشرة إلى أخرى.
تأقلم الحشرات مع البيئات المختلفة
تنتشر الحشرات في شتى أصقاع العالم من القطبين الشمالي والجنوبي حتى المناطق المعتدلة فالاستوائية، إذ إن بعضها يتطفل على الطيور القطبية وعلى عجول البحر، ويعيش بعضها على ارتفاع آلاف الأمتار، وبعضها الآخر في الكهوف العميقة وعيون المياه الحارة والبحيرات المالحة وبرك النفط والمياه العذبة وفي البحار بين منطقة المد والجزر.
حياتها الاجتماعية
تعيش أغلب الحشرات حياة انفرادية، إلا أن بعضها يسلك سلوكاً اجتماعياً حقيقياً، مثل النمل الأبيض والنحل والزنابير، وتتلخص المزايا الأساسية لهذه المجتمعات بما يلي: وجود مستعمرة تجمع الأفراد المختلفة، وتعاون الأفراد في رعاية الصغار، ووجود ملكة مسؤولة عن التكاثر وأفراد لحماية المستعمرة من كل دخيل.
المحاكاة للبيئة وتلوّنها
تتعرض الحشرات للافتراس، سواء أكانت حشرات أرضية أو طائرة أو مائية، وتمتلك صفاتٍ خاصة من التلون والسلوك والسمات تؤدي إلى التمويه على المفترسات للحيلولة دون افتراسها. والتلون التنكري هو أحد قواعد هذا السلوك، إذ تتخذ الحوريات واليرقات نماذج معقدة مشابهة للنباتات المائية أو الرواسب والحصى المبرقش والمواد الأخرى الموجودة في الماء، وقد تكون بعض الحشرات أو أطوارها اليرقية مما يتطفل على النبات، خضراء اللون أو ملونة أو مبرقشة لتشابه الأوراق والأغصان أو قلف الأشجار، كما أن بعضها مما يسكن في أعشاش الطيور، أو يساكن الحيوانات أو التربة أو الرمل أو سوى ذلك يتعذر عليه أن يشابه ما يحيط به.
الحشرات الطفيلية
إن جميع الحشرات، باستثناء عدد قليل منها، حشرات طفيلية ضارة تتطفل على الكائنات الحية ومواد مختلفة، فقد تتطفل على النباتات مستهدفة الأوراق والسوق والجذور والثمار والبذور والمواد المخزونة كالحبوب والأخشاب والجلود والثياب وتؤدي إلى إتلافها، ولا تسلم معظم الحيوانات، أرضية أو طائرة، من أذى الحشرات، ولا يستثنى من ذلك سوى الكائنات التي تعيش طوال حياتها مغمورة بالماء. وتعتمد الحشرات في غذائها على الدم أو الإفرازات الجسمية أو الجلد أو الشعر أو الريش وسواها وتسبب لها أمراضاً مختلفة. والحشرات التي تتطفل على الإنسان متنوعة وتسبب له أمراضاً مختلفة: فالأنفيل ينقل له مرض البرداء (الملاريا)، والكيولكس داء الفيل والإيدِس الحمى الصفراء والضنك، وذبابة الرمل أمراض الليشمانيا الجلدية والحشوية والتسه تسه مرض النوم الإفريقي، والقمل مرض التيفوس الوبائي والحمى الراجعة، والبرغوث مرض الطاعون والذباب داء النغف، وهكذا إلى جانب كثير من أمراض الديدان والحيوانات الأوالي[ر] التي يتم نقلها آلياً بوساطة الحشرات.