الجامعة
الجامعة مؤسسة للتعليم النظامي العالي، يكون الانتساب إليها بعد الحصول على شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها. وتتضمن الجامعة عادة مجموعة من الكليات - و/أو أقساماً- للعلوم الأساسية والتطبيقية والهندسية والطبية والإنسانية، ومعاهد مهنية. ومن حقها أن تمنح درجات علمية في مختلف حقول الدراسة فيها.
اكتسبت الجامعات قيمتها واحترامها لأنها مراكز للحياة الفكرية. ففي الجامعات يجد العلماء مكاناً للنهوض بالفنون والآداب والعلوم التطبيقية منها والمعرفية. وتعمل الجامعات في الوقت ذاته على توفير الأطر الضرورية للمهن المختلفة وللشؤون العامة.
وتهدف، عموماً ـ إضافةً إلى ما ذكرـ إلى تطوير الذوق الفني والأدبي والموسيقي، وإلى التدريب على المنهج العلمي وأساليب التفكير المنطقي. كما أنها تنمي العلاقات الاجتماعية، وأنماط التفكير الإيجابية.
لمحة تاريخية
ينصب اهتمام الجامعة قديماً على ما تؤديه من نمو لدى الفرد وما تقدمه من خدمة للمجتمع، وتضطلع بوصفها مؤسسة تعليمية بمزاولة أعلى أنواع التعليم والبحث العلمي. وقد شهدت أثينة القديمة ورومة والإسكندرية، كما شهدت دمشق وبغداد والقاهرة وغيرها من المدن في الدول الإسلامية هذا النوع من المؤسسات التي أسهمت في التطور العلمي والارتقاء الحضاري للمجتمعات.
أمَّا الجامعات الحالية فقد تطورت في أوربة انطلاقاً من مراكز تعليمية كانت تسمى في العصور الوسطى studia generalia، وهذه مدارس لا تختلف عن غيرها سوى أنها مؤسَّسات معترف بها، مفتوحة أيضاً للدارسين الوافدين من بلاد أجنبية (من جميع أنحاء أوربة). وكانت الدراسة فيها لتأهيل رجال الدين والرهبان بمستوى أعلى من المستوى التعليمي في الأديرة. وفي نهاية القرن الحادي عشر تأسست أولى الجامعات الأوربية، وهي جامعة بولونية في إيطالية، تلتها حتى القرن الثاني عشر أربع جامعات أخرى. وكان الهدف من هذه الجامعات تعليم القانون والطب واللاهوت. ومازال بعض هذه الجامعات قائماً حتى اليوم.
وفي عام 1694 تأسست أولى الجامعات الألمانية وهي جامعة هالي، تبعتها جامعة كوتنكن عام 1737 التي اشتهرت بتدريس الطب. وفي بريطانية تأسست جامعة اسكوتلندة عام 1583، واشتهرت بتدريس الطب. أما في الولايات المتحدة فقد تأسَّست كلية هارفرد عام 1631، وبعد ستين سنة تقريباً، أي في نهاية القرن السابع عشر، تأسست كلية وليم وماري ثم كلية ييل. وأول جامعة حقيقية في الولايات المتحدة تأسست عام 1876، وهي جامعة جون هوبكنز John Hopkins، وقد قامت على عدد من الكليات القديمة مثل ييل وكولومبية. وتعد جامعة موسكو أقدم جامعة روسية، فقد تأسست عام 1775 بفضل الجهود التي بذلها العالم الروسي الموسوعي الكبير ميخائيل لومونوسوف.
جامعه الازهر
وتعد جامعة القرويين في فاس أقدم جامعة في العالم العربي، وكانت مناهجها تقتصر على الفقه والشريعة وعلوم الدين. ومن الجامعات العربية القديمة جامعة الزيتونة (عام 732م) في تونس، وجامعة الأزهر (عام 975م) في مصر، ومن الجامعات العربية الحديثة المعهد العلمي المصري (عام 1798م) ومدرسة الطب المصرية بأبي زعبل (عام 1827م)، والكلية السورية الإنجيلية في بيروت (عام 1866م)، وسميت عام 1920 الجامعة الأمريكية، وجامعة القديس يوسف (عام 1875م). ومن الجامعات العربية الحديثة أيضاً جامعة القاهرة، التي بدأت جامعة أهلية ثم صارت جامعة رسمية عام 1925، وجامعة دمشق التي بدأت بالمدرسة الطبية العربية عام 1903م.
جامعه القاهره
إدارة الجامعات
كانت الكليات في البدء حرة في حكم ذاتها شريطة ألا تمارس تعليم الإلحاد أو الهرطقة. وكان يقع على عاتق الطلبة والأساتذة اختيار مدير المؤسسة التعليمية ومقابل ذلك كان عليهم تمويل مؤسستهم. وأدَّى ذلك إلى إلزام الطلاب بدفع رسوم لسد حاجات المعلمين، وهذا جعل المعلمين يسعون لإرضاء طلابهم.
وحصل في الجامعات الأوربية أن اكتسبت الجامعات سمعة سيئة بسبب تناول الطلبة الشراب بإفراط أو الأذى المتعمد الذي يلحقونه بالسكان أو التشاجر معهم، مما اضطر الجامعات إلى بناء أماكن إقامة إلزامية خاصة بالطلاب، وصار محظوراً على الطلاب الكذب والسرقة والسباب والمقامرة، والسكر وممارسة الجنس، واستخدام أسماء دلع، وممارسة التجارة، والتخلف عن الكنيسة. ومن يخالف ذلك كانت تفرض عليه عقوبات تبتدئ من الاعتراف أمام الجميع بالذنب، والجلد، والغرامات والطرد.
كان مستوى الدراسة حتى نهاية القرن الثامن عشر لا يتعدى مستوى الدراسة الثانوية الحالية، وبقيت الدراسات العليا في الولايات المتحدة الأمريكية إلى نهاية القرن الثامن عشر مقتصرة غالباً على الكليات المدعومة من طوائف دينية، وكانت الإدارة في الكليات بعيدة عن تدخل الدولة، وأما سلطة الدولة فكانت تمارس من قبل مجالس غير مقيمة. وفي الولايات التي لم تكن فيها كليات دينية، نشأت مؤسَّسات أخذت من البداية شكل جامعات دولة state universities.
التمويل
يُعدّ التمويل أهم عقبة تصادفها الجامعات، ففي البدء كانت الطوائف الدينية تمول الجامعات التي تقع في نطاق سلطتها. وتمثِّل الأوقاف التي تمنح للجامعات واحداً من أهم مصادرها المالية. ومع ذلك كان على الجامعات الخاصة المدعومة وقفياً، أن تبحث دائماً عن دعم حكومي كي تبقي أبوابها مفتوحة. لكن الحكومات اشترطت لتوفير هذا الدعم المالي إجراء تعديلات في المناهج التعليمية لسد الحاجات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وإلى جانب هموم تمويل الجامعات، تعيَّن عليها أيضاً أن تعمل لتحصل على دعم مادي من المجتمع دون أن يمس استقلالها التقليدي. كان عليها أيضاً تحقيق توازن مرض بين واجبها في التعليم وواجبها في إجراء البحوث العلمية. كذلك كان على الجامعات أن تأخذ بالحسبان فرص العمل المتاحة لخريجيها، وأن تسعى للوصول إلى وسائل لطرح فرص مهن مناسبة جديدة.
قامت في الجامعات في الستينيات من القرن العشرين حركات طلابية واسعة طالبوا فيها بإحداث تغييرات جذرية في المناهج وطرائق التدريس بإشراكهم في إدارة الجامعات، فاستجابت الجامعات للطلاب بإشراكهم في لجان الكليات والإدارة و اعتماد المناهج.
ومهما يكن من أمر، فإن الوظيفة الأساسية التقليدية للجامعات تبقى على الدوام تهيئة الأطر العلمية والعملية المتقنة اللازمة للمجتمع، والارتقاء بقابليات الإبداع والتفكير، والعمل على إيجاد الحلول للمشكلات التي تنشأ في المجتمع، من صناعية واقتصادية وإدارية وغيرها.
وتمنح الجامعات اليوم درجات علمية لطلابها، فالطالب الذي ينهي بنجاح المرحلة الجامعية الأولى، والتي تمتد من 3إلى 5 سنوات غالباً، يحصل على درجة علمية تسمى إجازة، أو بكالوريوس، في العلوم أو الآداب أو غيرها.
أمَّا الطالب الذي يلتحق بالدراسات العليا، فيمنح درجة الماجستير و/أو درجة الدكتوراه حسب مدة الدراسة بعد المرحلة الجامعية الأولى (فهي تمتد من سنة إلى سنتين في حالة الماجستير، ومن ثلاث إلى خمس سنوات في حالة الدكتوراه بعد الإجازة مباشرة، أو من سنتين إلى أربع سنوات في حالة الدكتوراه بعد الماجستير)، وحسب سوية المقررات وسوية البحوث التي يجريها الطالب. هذا وتمنح بعض الجامعات دبلومات دراسات عليا (وهي تمثل جزءاً من دراسة الماجستير أو الدكتوراه) ودبلومات تأهيل وتخصص.
ومع ازدياد عدد الطلاب وتعدد الاختصاصات، فإن عدد الجامعات في العالم أضحى كبيراً جداً، وازداد عدد الأبنية الجامعية، وكوّن بعضها ما يمكن أن نسميه مدناً جامعية.
يضمُّ الحرم الجامعي اليوم، إضافة إلى قاعات التدريس والمدرجات، عدداً كبيراً من المخابر والمكتبات ومرافق الخدمات الطلابية المختلفة من مطاعم ومقاصف وأبنية سكنية، يضاف إلى ذلك الأبنية المخصصة للإدارة الجامعية. وتضمُّ بعض الجامعات إلى كلياتها مراكز بحوث عليا أو معاهد متخصصة.