Search - للبحث فى مقالات الموقع

Thursday, April 21, 2011

الدخل القومى





الحسابات القومية

الحسابات القومية comptabilite nationale تعبير رقمي عن المتغيرات الاقتصادية الكلية في بلد ما في مدة زمنية معينة.
فقد أورد نظام الأمم المتحدة للحسابات القومية التعريف الآتي: «تقترح المحاسبة القومية التعبير عن بنية نظام اقتصادي معين، عبر الصفقات التي تتم فيه، بغية تمثيلها بشكل شبكة صفقات تسجل في حسابات متماسكة ومنتظمة».
وفي الواقع يمكن تعريف المحاسبة القومية على أنها «عبارة عن مجموعة من المبادئ والأسس المحاسبية والإحصائية التي تقدم صورة كاملة للاقتصاد القومي لبلد ما لمدة معينة بجداول رقمية جامعة يمكن التنبؤ في ضوئها بمسار الاقتصاد القومي وذلك ضمن إطار علمي متناسق ومتكامل».
المنظور التاريخي
تعد الحسابات القومية حديثة المنشأ نسبياً، ولم تعرف بشكلها الحالي إلا منذ وقت قريب. فقد شهدت المرحلة التي تلت الحرب العالمية الثانية، نمواً سريعاً وتقدماً ملحوظاً في الحسابات القومية، وخاصة في حسابات الدخل القومي.
وتعود البدايات الأولى للحديث عن مفاهيم المحاسبة الاقتصادية القومية إلى القرن السابع عشر حيث كان الفكر التجاري(المركانتيلي) يسيطر على المفاهيم الاقتصادية السائدة في ذلك الوقت.
ويعد الاقتصادي البريطاني وليم بيتي W.Petty المؤسس الرئيس لمفهوم الدخل القومي حيث عرفه بأنه «القيمة السنوية للعمل، والعائد السنوي لثروة الأمم». وفي عام 1696 تمكن الاقتصادي البريطاني غريغوري كنغ  G.King من القيام بأول محاولة علمية لقياس الدخل القومي، والإنفاق القومي، والادخار القومي.
وفي القرن الثامن عشر قام الطبيعيون (الفيزيوقراط) بتصوير تدفق الدخل القومي بين مختلف القطاعات، وتوضيح حقيقة التشابك الاقتصادي بين الأنشطة المختلفة. ويذكر في هذا الصدد ما قام به كينيه Quesnay بإعداد الجدول الاقتصادي الذي كوّن القاعدة الأساسية لنشوء المحاسبة القومية.
اختلفت نظرة المدرسة التقليدية (الكلاسيكية) عن المدرسة الطبيعية في تحديد العناصر الداخلة في تركيب الناتج القومي إذ صار مفهوم الإنتاج يتضمن الخدمات أيضاً.
أما كارل ماركس فقد قصر مفهوم الإنتاج والناتج الداخل في الحسابات القومية على إنتاج السلع المادية من دون الخدمات. وبدأ الاهتمام واضحاً بدراسات الحسابات الاقتصادية القومية مع بداية القرن العشرين، إذ بدأت الدول بجمع الإحصاءات الاقتصادية وتبويبها كوسيلة لرسم السياسة الاقتصادية للدولة.
في عام 1947 نشر المكتب الإحصائي التابع للأمم المتحدة مؤلفاً عن الموضوع اقترح فيه نظاماً موحداً للحسابات الاقتصادية القومية، وتم تعميمه على الدول الأعضاء كافة مطالباً إياها الأخذ به لتسهيل الدراسات الدولية المقارنة.
وقد بدأ العمل فعلاً بهذا النظام منذ عام 1953. وللتطورات الاقتصادية المتلاحقة تم تعديل هذا النظام تحت تسمية نظام الحسابات الاقتصادية القومية المعدل عام 1968. كما تم إدخال بعض التعديلات الجديدة عليه في عام 1995.
إضافة إلى هذا النظام الموحد، هناك نظام محاسبة الناتج المادي، أو نظام الموازين، الذي كانت تأخذ به مجموعة البلدان الاشتراكية السابقة.
وعلى الصعيد العربي قامت الجامعة العربية بإعداد نظام للحسابات الاقتصادية القومية في ضوء نظام الحسابات الاقتصادية القومية المعدل للأمم المتحدة.
تصنيف الحسابات القومية
ثمة خمسة أنواع أساسية للحسابات الاقتصادية القومية اليوم، كل منها يعالج ناحية من نواحي النشاط الاقتصادي. وهذه الحسابات هي:
1- حسابات الدخل القومي والناتج القومي: إن حسابات الدخل القومي والناتج القومي تتعلق بعمليات الدخل والإنتاج، وتسجل في هذه الحسابات الصفقات المتعلقة بالدخل والإنتاج والإنفاق والادخار والاستثمار.
2- جدول المدخلات والمخرجات: يلخص جدول المدخلات والمخرجات العلاقات المتشابكة والمتداخلة بين مختلف القطاعات الاقتصادية في البلد. فكل قطاع يستهلك مواده الأولية التي يتسلمها من إنتاجه ومن إنتاج بقية القطاعات ثم يوزع منتجاته على مؤسساته وعلى بقية القطاعات، وهذا الجدول يلخص هذه العلاقات بين مختلف القطاعات والصناعات.
3- حساب تدفقات الأموال: يُظهر بيان تدفقات الأموال العمليات الخاصة بالنقد والاعتمادات كافة. لذلك نجده يصف العمليات الخاصة بالإنتاج والعمليات المالية التي تتم في البلد المعني. كما أنه يظهر التغيرات الحاصلة في الموجودات والمطالب المتعلقة بمختلف القطاعات. أي إنه يتمحور حول العلاقات المالية بدلاً من الإنتاج أو الدخل.
4- ميزان المدفوعات: إن الهدف من الحسابات الموجودة ضمن ميزان المدفوعات هو إظهار علاقات الدولة الاقتصادية مع العالم الخارجي، إذ تسجل فيه موارد الدولة من الخارج وكذلك مدفوعاتها إليه ضمن مدة محددة وسبب معين.
5- ميزانية الثروة القومية: إن ميزانية الثروة القومية عبارة عن بيان محاسبي يظهر موجودات الوطن ومطاليبه في مدة محددة من الزمن. فهي أشبه ما يكون بميزانية موحدة لجميع ميزانيات القطاعات الاقتصادية المختلفة. وبذلك تبين الثروة القومية للبلد في زمن محدد.
تصنيف الأنشطة الاقتصادية
هناك عدة طرق لتقسيم الاقتصاد إلى قطاعات مختلفة، وذلك بحسب الهدف المراد تحقيقه من وراء التقسيم. ويمكن التمييز بين أسلوبين أساسيين لتحديد القطاعات الاقتصادية.
الأسلوب الأول: يعتمد في تحديد القطاعات على الوظيفة الاقتصادية ويتخذها أساساً في توحيد حسابات الوحدات المتشابهة أو المتجانسة.
الأسلوب الثاني: يعتمد على عوامل اجتماعية إضافة إلى العوامل الاقتصادية.
وهناك ثلاث طرق رئيسة لتقسيم الاقتصاد إلى قطاعات بحسب العوامل الاقتصادية وهي:
1- التقسيم بحسب الفعالية: يقوم هذا التقسيم على تصنيف الصفقات والمعاملات الاقتصادية بحسب فعاليتها أو وظيفتها الاقتصادية.
واستناداً إلى ما تقدم يمكن تقسيم الاقتصاد إلى قطاعين يمثلان حركة الإنتاج والاستهلاك هما قطاع المنتجين وقطاع المستهلكين.
وعلى أساس التقسيم بحسب الفعالية يكون في الاقتصاد أربعة قطاعات وهي:
أ - قطاع المنتجين: يضم عمليات جميع الأشخاص والمؤسسات الذين قاموا بفعالية إنتاجية.
ب - قطاع المستهلكين: يضم جميع العمليات المتعلقة بالاستهلاك.
ج - قطاع الحكومة: يدخل فيه جميع الأنشطة والفعاليات الحكومية.
د - قطاع العالم الخارجي: يتضمن جميع العمليات الجارية بين المقيمين في الوطن وبين المقيمين في الأوطان الأخرى.
2- التقسيم بحسب المؤسسات: يدور تقسيم الاقتصاد بحسب المؤسسات حول تصنيف العمليات وفقاً لطبيعة القائمين بهذه العمليات الاقتصادية.
أما القطاعات الأساسية بحسب طبيعة القائمين بالنشاط الاقتصادي فهي أربعة:
أ - قطاع الأعمال: يشمل جميع العمليات التي يقوم بها هذا القطاع سواء كانت هذه العمليات إنتاجية أو استهلاكية أو استثمارية.
ب - القطاع العائلي أو المنزلي: يشمل جميع العمليات التي تتعلق بالأسر من حيث الدخل والاستهلاك والادخار يضاف إليها المعلومات المتعلقة بالمؤسسات غير ذات الربح كالجمعيات الخيرية مثلاً.
ج - القطاع الحكومي: ويشمل النشاط الحكومي.
د - قطاع العالم الخارجي: ويتضمن جميع العمليات الجارية بين المقيمين في الوطن وبين المقيمين في الأوطان الأخرى.
3- التقسيم بحسب القطاعات: يختلف عدد القطاعات بحسب درجة التفصيل المطلوبة.
هناك في الأدبيات الاقتصادية تقسيمان ثلاثيان للاقتصاد القومي.
في التصنيف الثلاثي الأول يتم تقسيم الاقتصاد إلى الزراعة وحدها، ثم الصناعة الاستخراجية والتحويلية، ومعها البناء والتشييد والكهرباء والماء والغاز والباقي فهو لجميع الخدمات.
أما التصنيف الثلاثي الآخر فيقسم الاقتصاد إلى قطاع أولي وقطاع ثانوني (أو ثاني) وقطاع ثالث (ثالثي).
والتصنيف الاقتصادي القطاعي الأوسع في الحسابات القومية هو التصنيف المستمد من نظام الأمم المتحدة. حيث يفصل هذه القطاعات، على النحو الآتي:
ـ قطاع الزراعة والغابات والقنص وصيد الأسماك.
ـ قطاع الصناعة الاستخراجية وتشمل المناجم والمحاجر.
ـ قطاع الصناعة التحويلية.
ـ قطاع البناء والتشييد.
ـ قطاع الكهرباء والغاز والماء.
ـ قطاع النقل والمواصلات والتخزين.
ـ قطاع تجارة الجملة والمفرق والمطاعم والفنادق.
ـ قطاع المصارف والتأمين وبقية المؤسسات المالية والمكاتب العقارية.
ـ قطاع الإدارة العامة(الحكومة) والدفاع.
ـ قطاع ملكية دور السكن (الإيجارات).
ـ قطاع الخدمات الأخرى.
ويضاف إلى هذه القطاعات المحلية.
ـ قطاع صافي التعامل مع العالم الخارجي.
وقبل الحديث عن الأنظمة المختلفة لحسابات الدخل القومي والناتج القومي لابد من إيراد بعض التعاريف الهامة للدخل القومي أو الناتج القومي وما يرتبط بها من مفاهيم إضافية.
هناك ثلاثة تعاريف للدخل القومي أو الناتج القومي لبلد ما وذلك تبعاً للطريقة المستخدمة في حسابه من جهة وتبعاً للزاوية التي ننظر منها من جهة ثانية.
فالدخل القومي أو الناتج القومي عبارة عن مجموع الدخول المدفوعة لمختلف عناصر الإنتاج المستخدمة في كافة العمليات الإنتاجية. وبمعنى آخر فهو يعادل مجموع الدخول الموزعة على عناصر الإنتاج هيئة أجور ورواتب، وريع وفوائد وأرباح في أثناء السنة. والثاني هو مجموع المبالغ المنفقة من قبل الأفراد والجماعات والحكومة على شراء السلع والخدمات النهائية في أثناء السنة.أما التعريف الثالث فينظر إلى الدخل القومي أو الناتج القومي بحسب المصدر الذي أنتج فيه فهو عبارة عن مجموع قيم السلع والخدمات الاقتصادية النهائية المنتجة من قبل المقيمين في الوطن في مدة محددة (سنة عادة).
وفي التعريفات السابقة أُخذ الدخل القومي أو الناتج القومي من الزاوية القومية، أي إنه مرتبط بالنشاط الاقتصادي الذي يمارسه المقيمون، بحسب وجهة نظر الحسابات القومية، في الوطن. ولكن لو نظر إلى الموضوع انطلاقاً إلى ما يتم ضمن بقعة جغرافية معينة، فسيتم الحصول على مفهوم مغاير آخر وهو الدخل الجغرافي (المحلي) والناتج الجغرافي.
كما اقتصر البحث عن الدخل القومي أو الناتج القومي وتبيان الأركان الأساسية التي يرتكز عليها المفهوم العام لهذا المصطلح، من دون التمييز فيما إذا كان هذا الدخل أو الناتج مجملاً أو صافياً. وبالحقيقة هناك مقاييس عدة للدخل القومي أو الناتج القومي، كلها ترتكز على الأسس نفسها إلا أنها تختلف عن بعضها في درجة الإجمال أو الصفاء في تكوينها.
واستناداً إلى ذلك نستطيع أن نميز المقاييس التالية:
1- مجمل الناتج القومي: هو مجموع القيم الإجمالية بسعر السوق للسلع والخدمات الاقتصادية النهائية التي ينتجها المقيمون في عام.
وتهدف كلمة« الإجمالية» إلى الدلالة على أن هذا المقياس يشمل الإنتاج بكامله بما في ذلك القسم من الإنتاج الذي عوض رأس المال المستهلك أثناء عملية الإنتاج.
أما سعر السوق فهو للدلالة على أن الإنتاج مقوَّم بالسعر السائد في السوق والذي تؤثر فيه الضرائب غير المباشرة فتؤدي إلى رفعه، وتؤثر فيه أيضاً إعانات الإنتاج مما يؤدي إلى خفضه.
2- صافي الناتج القومي: هو مجموع القيم الصافية بسعر السوق للسلع والخدمات الاقتصادية النهائية التي ينتجها المقيمون في عام.
ويختلف هذا المفهوم عن المفهوم السابق فقد طرح من مجمل الناتج القومي مبلغ اهتلاك رأس المال الذي استهلك أثناء الإنتاج.
3- الدخل القومي: أو صافي الناتج بسعر تكلفة عوائد عناصر الإنتاج، فهو مجموع القيم الصافية للسلع والخدمات الاقتصادية النهائية التي ينتجها المقيمون في وطن واحد خلال سنة بسعر تكلفة عوامل الإنتاج.
أي حُذف من صافي الناتج القومي الضرائب غير المباشرة وأُضيف إليه إعانات الإنتاج.
وإذا ما استبعد من الدخل القومي تلك الاقتطاعات القانونية التي لاتصل إلى الأفراد الذين أسهموا في تكوينه كالتأمينات الاجتماعية، وأرباح الشركات غير الموزعة. في الوقت نفسه إذا ما أضيف إلى الدخل القومي الإعانات التي ترد إلى الأفراد سواء من الحكومة أو من العالم الخارجي فسيتم الحصول على مفهوم جديد يطلق عليه اسم الدخل الشخصي.
ويذهب قسم من الدخل الشخصي إلى الحكومة على شكل ضرائب مباشرة. ويذهب قسم منه إلى العالم الخارجي على شكل إعانات وتحويلات. فإذا ما طرحت هذه الضرائب وتلك الإعانات من الدخل الشخصي يتم الحصول على ما يسمى بالدخل التصرفي وهو يمثل الدخل الجاهز أو المتاح لأبناء الوطن للتصرف به كما يحلو لهم إما إنفاقاً وإما ادخاراً.
أنظمة الحسابات القومية
ظهر في مجال الحسابات القومية عدة أنظمة أهمها:
ـ نظام منظمة التنمية والتعاون الدولي عام 1950.
ـ نظام هيئة الأمم المتحدة الذي ظهر عام 1953 وتعديلاته عام 1968 وكذلك عام 1995.
ـ النظام الفرنسي عام 1954 وتعديلاته.
ـ نظام الإنتاج المادي الذي كان مطبقاً في الدول الاشتراكية السابقة.
ـ النظام العربي الموحد للحسابات القومية أو ما يطلق عليه نظام الجامعة العربية.
وفي الحقيقة هناك تشابه وتماثل كبيران بين نظام الأمم المتحدة ونظام مجموعة السوق الأوربية المشتركة وكذلك النظام الفرنسي، فيما يتعلق بالمفاهيم والحسابات، إلا أنه توجد بعض الاختلافات المنهجية في طريقة عرض الحسابات وتنوعها. أما نظام الإنتاج المادي فهو يختلف اختلافاً جذرياً عن الأنظمة الأخرى لاختلاف مفهوم الإنتاج - الدخل - الخ. وبالنسبة للنظام العربي الموحد فإنه مستمد بصورة رئيسية من نظام هيئة الأمم المتحدة