الحاصّة (فقدان الشعر)
الحاصة alopecia هي حالة فقد أشعار موضَّع أو منتشر.
تقسم الحاصات قسمين: دائمة (غير عكوسة)، ومؤقتة (عكوسة).
الحاصّات الدائمة permanent alopecia
تنجم عن غياب الجريب الشعري بسبب سوء تشكل ولادي، أو بسبب تخربه لاحقاً كما يحدث في الصلع.
1- الحاصة الولادية ونقص الأشعار congenital alopecia and hypotrichosis: آفات لا علاج لها، ولكن وضع الشعر الاصطناعي يمكن في الغالب من تجنب الاضطرابات النفسية المرافقة، ومن أشكالها:
- المَرَط (فقدان الأشعار) atrichia ويكون موضّعاً أو متعمماً.
- الحاصة المثلثية الولادية alopecia triangularis congenitalis: تتوضع بشكل مثلثي على الصدغين، تصيب الإناث وتصبح واضحة في السنة الثالثة من العمر.
- خفة الأشعار hypotrichosis: يشاهد لدى بعض المجموعات العرقية، وخاصة الآسيويين وبعض الأفارقة يرافقها نمو أشعار مبعثرة في الذقن والجسم، ولا يدل ذلك على نقص في مستوى الهرمونات الجنسية المذكرة.
2- الحاصة الندبية scarring alopecia: تنجم عن مجموعة كبيرة من الأسباب المؤدية إلى التندب وتخرب الجريبات الشعرية تخرباً عميقاً وبالتالي إلى حاصة غير عكوسة ومن هذه الأسباب الحروق والهرس والأخماج والأورام الخبيثة.
3- الحاصة الضمورية atrophic alopecia: يضمر الجريب الشعري خلال سير آفات الجلد الضمورية مسبباً حاصة غير عكوسة، وتكون الحاصة الضمورية عادة واضحة الحدود، وتعرف أسباب الحاصة الضمورية إذا عرفت القصة السريرية على نحو واضح أو إذا بقيت بؤر فعّالة من الآفة المسببة. ولكن كثيراً ما يتعذر معرفة الآفة المسببة، فتصبح الحاصة بقعية ضمورية مجهولة السبب وتدعى الثعلبة الكاذبة pseudopelade.
4- الحاصّات بسبب الضغط والشد alopecia caused by pressure and traction: تكون الحاصات الناجمة عن الضغط المزمن واضحة الحدود، وغالباً ما تنجم عن أسباب مهيئة، مثل الحاصة لدى الفتيات اللواتي يحملن سلالاً على رؤوسهن. ومن الأسباب المهيئة الأخرى الأربطة الضاغطة وقبعات الراهبات.
كما تظهر الحاصات الناجمة عن الشد المزمن نتيجة بعض أشكال تسريحات الشعر (ذيل الفرس)، أو بسبب لفافات الشعر المشدودة.
5- الحاصة الذكرية الأندروجينية androgenetic male alopecia:وتدعى أيضاً الصلع الهيبوقراطي calvities hippocratica: تبدو في أواخر العشرين وأوائل الثلاثين من العمر بتساقط أشعار تدريجي يشمل كلاً من منطقتي قمة الرأس والنواحي الجبهية الصدغية، وبتراجع الخط الأمامي لمنبت الأشعار من كل من جانبيه مؤدياً إلى ازدياد عرض الجبهة. وهناك الحاصة المبكرة التي تحدث في أوائل العشرينات والتي تترافق غالباً بالتهاب جلد مثّي شديد. إن هذا النموذج من الحاصة ذو إنذار سيئ ويؤدي سريعاً إلى الصلع الكامل.
أما إذا تطورت الحاصة الأندروجينية ببطء في العقد الرابع أو الخامس من الحياة فإن إنذارها يكون أفضل بكثير وتبقى محدودة. والرجال الذين لا يصابون بفقد أشعار من النمط الذكري حتى العقد الرابع أو الخامس من العمر، يغلب ألا يصابوا بالصلع.
العوامل الثلاثة التي تسبب حدوث الآفة هي: العامل الوراثي والعمر والأندروجينات (الهرمون الذكري). ولا يعتقد اليوم بأن لمثّ الفروة seborrhea of the scalp (أي زيادة إفراز الغدد الزهمية المترافق بتضخمها في معظم الأحيان) شأناً رئيساً ـ كما كان يُظن سابقاً ـ في إمراض الحاصة.
ولا يحدث الصلع عند الخصيان eunuchs شريطة أن يتم إخصاؤهم قبل سن البلوغ، أما إذا عولجوا بالأندروجين فإن الصلعة يمكن أن تحدث عندهم، وهذا يشير للارتباط الصميمي لكل من العوامل الوراثية والأندروجينية وعامل العمر. واللغز المحير والذي مازال بلا تفسير إلى اليوم هو كيف تؤثر الأندروجينات على تحريض نمو أشعار اللحية وشعر الجسد وتؤدي في الوقت نفسه إلى الصلع في فروة الرأس.
إن لمخطط الأشعار دلالة على الإنذار حيث يبدي ازدياد نسبة أشعار مرحلة الراحة، وذلك بحسب شدة تساقط الأشعار وترقيها.
ليس ثمة علاج فعّال للصلع عند الذكور ولم تثبت فائدة المحاليل الحاوية على الأستروجينات. أما اغتراس الأشعار فيجب أن يجرى باستمرار في المناطق التي تسقط أشعارها وينتهي الأمر بنضوب الأشعار الملائمة للاغتراس من المصاب.
6- الحاصة الأنثوية الأندروجينية androgenetic female alopecia: تدل هذه الظاهرة عند النساء على زيادة مفرزات الأندروجينات عندهن (حالات المتلازمة الكظرية التناسلية)، أو حين تناولهن علاجات لها تأثير أندروجيني، لذا فإن لهذه الآفة دلالة مرضية مزدوجة، فزيادة مستوى الأندروجين يشير إلى اضطراب في الغدد الصم، كما يشكل الصلع نفسه آفة مشوهة للمصابات.
- الحاصة الأندروجينية ذات الطراز المذكر لدى الإناث: نادرة، تشابه في حالاتها الشديدة الحاصة الذكرية، وقد تصل إلى ظهور صلع كامل من الطراز الذكري، وفي مثل هذه الحالات يكون لدى المريضة إضافة للاستعداد الوراثي زيادة واضحة في مستوى الهرمونات الأندروجينية.
- الحاصة الأندروجينية ذات الطراز الأنثوي لدى الإناث: عندما يكون العامل الوراثي موجوداً، وفي الوقت نفسه يكون ارتفاع مستوى الأندروجينات معتدلاً، تحدث خفة أشعار منتشرة في الفروة، تترقى لتصل إلى منطقة صلع تامة في منتصف الفروة محاطة بإكليل من الأشعار. تعالج الآفة بمضادات الأندروجين مع معالجة الإفراز المثي الشديد بأنواع من الغسولات أو الشامبوهات الحاوية على مضادات جرثومية.
الحاصّات المؤقتة temporary alopecia
ثمة أشكال مؤقتة من الحاصات تحدث نتيجة تأثيرات عابرة، داخلية أو خارجية، تخرب مرحلة النمو للجريب الشعري مؤدية إلى فقد أشعار سواء كان موضعاً أو معمماً.
1- الحاصة المؤقتة المنتشرة temporary alopecia: تكون دموية المنشأ عادة، وتتعلق درجة سقوط الأشعار بشدة الأذية ومدة استمرارها، ولها أسباب متنوعة مثل الأخماج (الحمى التيفية، الإفرنجي الثانوي..) والأدوية (موقفات نمو الخلايا، مضادات التخثر..) والاضطرابات الهرمونية (مانعات الحمل، نقص عمل النخامى، الوذمة المخاطية..) والآفات المزمنة (الداء السكري، نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، عوز الحديد عند النساء..) وحالات الكرب الحاد (في أثناء الحروب، بعد الحوادث والمداخلات الجراحية..).
هناك حالة تدعى فقد الأشعار الفيزيولوجية لدى الوليد، يصاب بها الوليد في الأسبوع الأول من الحياة بفقدان أشعار متعمم، ويُعَللُ سقوط الشعر، بأن أشعار الوليد تدخل في نهاية الحمل في مرحلة الراحة. وتسقط في نهاية هذه المرحلة، ويجب توقع عودة نمو الشعر كاملاً من جديد.
تشكل الثعلبة عادة آفات بؤرية، إنما قد تتبدى حاصةً منتشرة، وتدعى عندها الحاصة البقعية المنتشرة alopecia areata diffusa ويساعد على تشخيص هذه الحالة إجراء خزعة من فروة الرأس وملاحظة فقدان أشعار الأهداب أو مناطق أخرى من الجسم.
2- الحاصة المؤقتة المحوطة circumscribed temporary alopecia: يظهر فقد الأشعار المحدد إثر أذية داخلية أو خارجية تصيب الجريب الشعري مؤدية إلى وقف مؤقت في تكون الأشعار، ومن أسبابها: عوامل فيزيائية، وعوامل كيمياوية والرضوح الآلية المنوعة، والالتهابات الموضعية.
- الحاصة الانضغاطية الطفلية pressure alopecia: هي فقد فيزيولوجي للأشعار في مؤخر رأس الوليد بسبب الاضطجاع والفرك على الوسادة، ويظهر الشعر من جديد حين بدء الدورة الشعرية الجديدة.
- هوس نتف الأشعار trichotillomania: رغبة مرضية بنتف الأشعار من منشأ نفسي قد تترافق أحياناً بأكل الشعر. وهي شائعة بالخاصة لدى الأطفال، ونادرة لدى الكهول وإن وجدت عندهم دلت على وجود اضطرابات نفسية خطيرة أو على التمارض. يلف المريض الشعر حول إصبعه وينزعه مسبباً بقعاً محدودة، جبهية جدارية أو جبهية صدغية، في الجهة اليسرى عادة لدى الأيمن وفي الجهة اليمنى عند الأعسر.
الإنذار حسن لدى الأطفال، والمعالجة النفسية باستشارة طبيب نفساني، كما يفيد حلق الشعر لدى الصغار لتخليصه من عادة النتف.
- حاصة المشط الحار hot comb alopecia: تشاهد هذه الحاصة عند النساء السود اللواتي يسبطن أشعارهن بوساطة مشط حار وذلك لغاية جمالية، يحدث تساقط ملحوظ في الأشعار إذا ما استمر في تسبيط الأشعار.
- الحاصة المحوطة عقب الخمجية circumscribed postinfection alopecia: تحدث بعد تخريب سمّي يصيب بصلة الجريبات الشعرية في الدمامل، والحمرة، والقوباء السارية.
إذا لم يتم تخرب بصلة الشعرة فإن الشعر يعود للنبت من جديد في أسابيع، أما إن حدث التخرب فالآفة الناجمة حاصة ندبية غير عكوسة.
- الحاصة المحوطة الالتهابية circumscribed inflammatory alopecia: تحدث في مناطق مصابة بجلادات التهابية مؤقتة (الإكزيمة المزمنة، الحزاز البسيط المزمن، الصداف الشائع..) وتبقى الآفة عكوسة ما لم تسبب الضمور.
- الحاصة البقعية alopecia areata وتدعى أيضاً الثعلبة pelade: هي فقد أشعار بؤري التهابي، وهي عكوسة عادة، مجهولة السبب، قد تؤدي إلى فقد أشعار معمم وتبدلات ظفرية (أظفار منقطة، حثل أظفار..) والثعلبة من الأمراض الشائعة وهي الحاصة الالتهابية الأكثر أهمية تصيب الأطفال والكهول من كلا الجنسين بنسبة متساوية وهي عائلية في خمس الحالات. وكثيراً ما ترتبط مع التأتب (الحالات التحسسية).
تتصف الحاصة البقعية بفقدان سريع وتام لأشعار لطخات مستديرة أو بيضوية، وتظهر عادة على الفروة، ومنطقة اللحية، والحاجبين والأهداب كما أنها نادراً ما تظهر على مناطق الجسم المشعرة الأخرى. يراوح قطر بقعة الحاصة ما بين 1ـ5سم، ويتصف سطح البقعة عدا خلوه من الأشعار، بانخفاضه انخفاضاً طفيفاً. أما الأشعار في محيط البقعة فواضحة يمكن سحبها بسهولة (الأشعار بشكل علامة التعجب exclamation point) قد يترقى هذا الداء عند بعض المرضى، فتظهر على فروة رؤوسهم بقع جرد متتالية جديدة مؤدية في النهاية لفقدان شامل لأشعار الرأس. وتدعى هذه الحالة بالحاصة الكليّة alopecia totalis، أما عندما تتساقط أشعار الجسم كلها، إضافة لتساقط أشعار الرأس، فإن هذه الحاصة تدعى بالحاصة الشاملة alopecia universalis.
الحاصة البقعية (الثعلبة) مجهولة السبب، وعزي هذا المرض لعدد من الأسباب منها: البؤر الخمجية والاضطرابات الغدية والكرب الانفعالي الذي يعد أكثر العوامل أهمية.
سير الثعلبة متبدل ولا يمكن تقديره في كل الحالات كما لا يعرف لماذا تتراجع بعض الحاصات البقعية وتنمو فيها الأشعار من جديد في بضعة أسابيع وبلا معالجة، في حين يقاوم بعضها الآخر جميع أشكال المعالجات، وعامة يبدأ نبت الأشعار بعد عدة أسابيع في البقع الصغيرة التي هي بحجم قطعة النقود، يظهر في البدء شعر زغبي ناقص الصباغ ثم يصبح الشعر قوياً مصطبغاً. ووجد أن تطمين المصابين فقط أعاد الشعر للنمو ثانية عند الغالبية من المرضى بعد ثلاثة أشهر من زيارتهم العيادة، وهكذا فإن أية معالجة تبدو فعالة في معالجة الحاصة البقعية. كما أن شفاء الحاصة البقعية العفوي أمر شائع جداً.
يوقف إعطاء الستيروئيدات القشرية جهازياً تطور المرض، فبتأثيرها القوي المضاد للالتهاب والكابت للمناعة، ينمو الشعر، إنما غالباً ما يتساقط من جديد بعد وقف العلاج. ومن أساليب المعالجة الداخلية إعطاء الساليسيلات (الأسبرين) عن طريق الفم كما في التهاب المفاصل، وإن فائدة المعالجة بالزنك ما تزال موضع نقاش. أما موضعياً فيفضل العلاج بالستيروئيدات القشرية. وإن الحقن البؤري ضمن الجلد بمعلق التريامسينولون المبلّر والممدد والممزوج بمخدر موضعي هو أفضل طريقة لمعالجة البؤر القليلة العدد. كما يمكن استخدام الستيروئيدات بشكل رهيمات تحت ضماد كتيم.
أما الثعلبة المنتشرة فهي غالباً ما تنجم عن كرب شديد وخاصة عند الأطفال والنساء، ومن المهم توجيه المريض نفسياً وعدم إعطائه آمالاً لا يمكن تحقيقها، والثعلبة المنتشرة مرض مزعج جداً من الناحية الجمالية إلا أنه لا يؤثر مطلقاً في الصحة العامة وينبغي عدم وصف علاجات تؤدي إلى نمو الأشعار على حساب محاذير جانبية خطيرة.