Search - للبحث فى مقالات الموقع

Friday, April 1, 2011

جبران خليل جبران


جبران خليل جبران
(1300ـ1350هـ/1883ـ 1931م)

شخصية مرموقة، كاتب وشاعر ومفكر وقاص وأديب لبناني، تفتحت مداركه باكراً، فدعا إلى الحرية والثورة على العبودية والظلم، يعتبر من أشهر حملة الأقلام في النهضة الأدبية، ولعله أكبر كاتب رمزي عرفه الأدب العربي الحديث.
رسام فنان له مذهبه الذي جعله بحق من رجال الفن المرموقين في العصر الحديث، ليس فقط بين الشرقيين بل أيضاً بين الغربيين؛ ولعله في مدرسته هذه أسمى أثراً منه في مدرسته الأدبية، وأرسخ قدماً، وأثبت أرضاً فهو في هذه الناحية ثروة لاتزال بكراً، ولم يتح للعالم العربي بعد، الوقف على مقوماتها، والكشف عن مكنوناتها، وسبر أغوارها، وكلها صادر عن أصول فنية شرقية وغربية استلهمها فكراً، ورمزها فناً أكسبه صفة عضو شرف في جمعية المصورين الإنكليزية، مع قبول رسومه في المعرض الدولي بفرنسة، وهو المتأثر إلى حد بعيد بفلسفة فردريك نيتشه Frederic Nietcheh وبتعاليمه.

اسمه جبران بن خليل بن ميخائيل ابن سعد، من أحفاد يوسف جبران، أصله من دمشق، نزح أحد أجداده إلى بعلبك، ثم إلى قرية بشعلا اللبنانية، وانتقل جده يوسف إلى قرية بشرى الهاجعة في أفياء شجر الأرز الشامخ، لتغسل قدميها في مياه نبع قاديشا، وفيها ولد جبران من عائلة فقيرة ومحكومة بعادات غريبة، أقلها التحريم على الماروني شراء الزيت من الأرثوذكسي.
من تلك البقعة الغنية بمفاتنها الطبيعية، اغترف جبران، في صباه، ثروة من الجمال ليصبح سنة 1894، وهو ابن أحد عشر عاماً مع أمه وأخيه الأكبر منهبطرس، وأختيه ماريانا وسلطانة، عبر مصر وفرنسة وبلجيكة، مهاجراً إلى بوسطنفي الولايات المتحدة الأمريكية، وشعاره السعي إلى قبر الفقر، مختاراً الحياة الأدبية وهو يعلم بكل ما يكتنفها من أوجاع حسب ما جاء في رسالة أرسلها لاحقاً من باريس إلى ابن عمه نخلة بتاريخ 27 أيلول 1910.
نزل في بوسطن حي الصينيين المشهور بفقره، وتعلم مبادئ الإنكليزية لثلاث سنوات ادخر فيها مع عائلته مبلغاً من المال مكنه من العودة إلى لبنان ليدخل مدرسة الحكمة البيروتية بين 1896 و1899، تعلم في أثنائها العربية والفرنسية، ثم عاد إلى أمريكة ليجد داء السل متفشياً في عائلته، وحصد أخته سلطانة سنة 1902، وانتزع بعد سنة واحدة أمه وأخاه بطرس، ولم يبق معه سوى مارينا الخياطة التي كانت تسعفه بما تجنيه إبرتها من مهنتها المتواضعة، ليتمكن بعونها من إقامة معرض لرسومه سنة 1904، الذي عرفه إلى السيدة ماري هاسكل Marie Haskel التي أحبت فيه فنه ونبوغه فاتخذته ابناً وصديقاً، ومنحته من مالها وعطفها الشيء الكثير، ما جعله يقول في وصفها: «تحدق إلى الشمس بأجفان جامدة، وتقبض على النار بأصابع غير مرتعشة، تسمع نغمة الروح الكلي من وراء ضجيج العميان وصراخهم، تحب النسمات وتسير مع العواصف».
في سنة 1905، كان جبران قد أجاد العربية والفرنسية والإنكليزية، وبدأت مواهبه تتبلور كشاعر وأديب ورسام وقاص، فأصدر في نيويورك أول كتيب في الموسيقى الذي يتميز بسهولة التعبير، وحلاوة التكوين، ولطافة الوقع، وصدق النية، وسلامة الذوق، وعمق الإحساس، والنزوع إلى الإبداع في الوصف والتشبيه.
وهذا الكتيب، فتح شهيته إلى التأليف، فأصدر بعد عام واحد إي سنة 1906، كتابه «عرائس المروج» المتضمن ثلاثاً من القصص، الأولى رماد الأجيال والنار الخالدة، التي تحكي قصة عاشقين أحدهما كاهن، فيها من الخيال ما يبعث العاشقَين بعد الموت، والثانية تحكي قصة فتاة غرر بها رجل وظلمها، والثالثة تكشف فظاظة الرهبان الذين شكاهم إلى يسوع الناصري، وأصدر سنة 1908، كتابه «الأرواح المتمردة» الذي يتحدث فيه عن أرواح تمردت على الشرائع القاسية.
كان يأمل جبران أن تدر عليه هذه المؤلفات أموالاً تمكنه من تحقيق شعاره (قبر الفقر)، ولما خاب أمله، مال إلى الرسم الذي كان قد بدأه وعرَّفه إلى ماري هاسكل، التي عطفت عليه، وغيرت مجرى حياته، حين أرسلته، على نفقتها إلى باريس سنة 1908 للتخصص في هذا الفن، حيث كان يختلف إلى مدرسة الفنون الجميلة ويتلقى دروس أكاديمية جوليان Academie de Julien متتلمذاً لثلاث سنوات على الفنان المشهور أوغست رولان August Rolan ومعاشراً فتاة اسمها روزينه Rosina التي شهدت له بالعفاف حين قالت: إنه أمير لطيف ومهذب. وبعد أن حاز إجازة الفنون في التصوير، عاد إلى بوسطن فناناً مشهوراً، فضلاً عن كونه أديباً ومفكراً وفيلسوفاً.
وتعبيراً على تجربته العاطفية الأولى، وهو ابن ثمانية عشر ربيعاً، بحبه الأول لسلمى كرامة التي حرم منها بعد أن أجبرت على الزواج من سواه، ثم ماتت وأضحت حبيسة الرخام الأبيض، أصدر كتابه «الأجنحة المتكسرة» سنة 1912 ليحكي قصة أدى فيها دور البطل، مقترباً من الأسلوب الروائي، في هذا الكتاب يبدو جبران على مثال الشعراء الرومنطيقيين في الغرب، وبعض الشعراء العذريين عند العرب، يؤمن بأن الحب قضاء لا قبل للإنسان برده أو مكافحته، وملذاته حلال للمحبين، روحية كانت أم جسدية، وهو يدرك في نهاية تجاربه الحبية أن لا قيمة للحب إلا إذا كان حراً خالصاً من الأنانية التي تشوه العلاقات، حاول جبران أن يطبق هذا الشعار في تجاربه التي خاضها مع ماري هاسكل، وميشلين اللتين اتخذت علاقتهما به صفة أسطورية، كذلك مع مي زيادة التي راسلته عبر البحار، وكان إعجابه بها لا يقل عن إعجابها به، كذلك مع ماري خوري وماري قهوجي اللبنانيتين والشاعرة الأميرة بربارة يونغ Barbara Yong التي كانت في سنواته السبع الأخيرة رفيقة مخلصة، وسنة 1914، وبمساعدة زميله نسيب عريضة، أصدر كتابه «دمعة وابتسامة» المتضمن نثراً شعرياً كان قد نشره مقالات في الصحف والمجلات ومنها جريدة المهاجر لصاحبها أمين الغريب، وفيه مجاراة للمتأثرين بالثقافة الغربية الداعين إلى الثورة على القديم، والخروج عن الأوزان والقوافي.
في هذا العام أيضاً، نشبت الحرب الكونية الأولى، وتشكلت لجنة الغوث بعد ثلاث سنوات أي سنة 1917، واختير جبران سكرتيراً لها، وفي باله إصدار كتاب جديد، فكان أول كتبه بالإنكليزية «المجنون» سنة 1918 الذي عربه أنطونيوس بشر ليكشف عن مجموعة من القصص الصغيرة محورها المجنون الذي أدى دور جبران، وفي سنة 1919 عاد إلى العربية ليصدر كتابه الشعري «المواكب»، الذي يفصح فيه عن الحالة القلقة التي أحسها تتجاذبها قوتا الإيمان بقيمة الحياة والنقمة التي أثارها فيه نيتشه.
وهذا الكتاب الذي اختار جبران، أن يتقيد فيه بالوزن والقافية، من أجل خلق عمل فني له شأنه، ضمنه أبدع رسومه الرمزية، فضلاً عن تجلِّياته الحكمية، ومنها على سبيل المثال:
في الحرية:
والحر في الأرض يبني من منازعه
                  سجناً له وهو لا يدري فيؤتسر
في الحب:
والحب إن قادت الأجسام موكبه
                  إلى فراش من اللذات ينتحر
في السعادة:
وما السعادة في الدنيا سوى شبح         
        يرجى فإن صار جسماً مله البشر
في الحق:
وفي الزرازير جبن وهي طائرة
                  وفي البزاة شموخ وهي تحتضر
وفي سنة 1920 أصدر آخر كتاب له بالعربية «العواصف» ليعبر فيه عن جرأة نادرة فتحت للكلمة آفاقاً جديدة، أكسبت جبران شهرة فذاع صيته في المهاجر الأمريكية، والتف حوله عدد من الأدباء والشعراء السوريين واللبنانيين النازعين إلى التجديد والحداثة، وألفوا عصبة أدبية سميت «الرابطة القلمية» [ر] تم تأسيسها في منزله سنة 1920، وانتخب هو عميداً لها وميخائيل نعيمة سكريتيراً، وسنة 1923، التفت صاحب مكتبة العرب في مصر إلى مؤلفات جبران وأختار منها مجموعة، وأصدرها ضمن كتاب اسمه «البدائع والطرائف» شفعه بصور لمجموعة من الأعلام الشعراء والفلاسفة.
منذ ذلك الحين، انصرف جبران إلى التأليف بالإنكليزية وأصدر تباعاً ثمانية كتب درت عليه أموالاً كثيرة، وكان أفضلها وأرقاها كتاب «النبي» الصادر سنة 1923، الذي زعم أنه وضع تصميمه يوم كان في السادسة عشر من عمره، وكان يسميه آنذاك «كتابي».
وفي هذا الكتاب، الذي ترجم إلى جميع اللغات الحية، وطبع منه بالإنكليزية ما يزيد على مليوني نسخة، عصارة فكر رجل تكاملت مواهبه الشعرية والوعظية، التي أثرت بالغربيين الذين راحوا يطلقون عليه الألقاب والأوصاف الغريبة، ويتهافتون على قراءة مؤلفاته.
وعلى الرغم من الاضطرابات الصحية التي كان يعانيها، لم ينقطع جبران عن الرسم والكتابة، فاستطاع أن يصدر بالإنكليزية «رمل وزبد» سنة 1926، الذي لم يجد فيه أكثر من اسمه إذ بين جانحي كل رجل وكل امرأة قليل من الرمل وقليل من الزبد، ولكن بعضهم يفصح عن ذلك وبعضهم الآخر، يخجل وهو لم يخجل.
ثم «يسوع ابن الإنسان» سنة 1928 الذي عربه أنطونيوس بشير وهو مجموعة قصص صغيرة رموزها مسيحية من تلامذة يسوع، إلى كهنة العصر الحديث، والرهبان، والخدم وغير ذلك.
و«آلهة الأرض» سنة 1931 أي سنة وفاته، وهي مجموعة حوارات بين من نصبوا أنفسهم آلهة على الأرض، يطلقون الأحكام الخيالية التي يتصورها جبران المتشائم.
وبعد وفاته صدر له سنة 1932 «التائه»، مجموعة قصص عربها عبد اللطيف شرارة، وسنة 1933 «حديقة النبي».
في شخصية جبران خليل جبران تنوع للمواهب، وتضافر للميول والنزعات وولع بالموسيقى، وفي أدبه رمزية شاعرية لا تخلو من صيغ البيان العربي التقليدي وبعض الرموز الاصطلاحية، واستخدام أوصاف مستمدة من خيال فلسفي صوفي متأثر إلى حد بعيد بالشاعر والرسام الإنكليزي وليم بلاك Wiliam Blac، وهو في نظرته إلى المجتمع وعاداته وتقاليده، أديب واقعي يعالج الأمور بمنطق إصلاحي استوحاه من فهمه الخاص لتعاليم الأديان، وشرائع الشعوب الحرة.
جبران الشاعر والأديب والقاص والفنان والمفكر والفيلسوف، امتاز بسعة خياله، وعمق تفكيره، وغزارة إنتاجه الذي صاغه بأسلوب سهل، جمع بين الحرارة الوجدانية، والتأثير الخطابي، وخصب الخيال، وجمال الصورة التي تنم على شغف بالطبيعة، والتزام بوظائف تفصيل المعنى، وتدقيقه، وتغليفه بالغموض الذي يثير الفكر.
وهذه الصورة، بعمقها تكسب أدب جبران رمزية رائعة ترشح من تعابيره التي قال عنها مارون عبود إن فيها بياض الثلوج، وخضرة المروج، واصفرار البيادر، وأنين المعاصر، وشقشقة العواصف، وشموخ الجبال وحزم الأرز وعزمه، ونواح الهاوية، وزمجرة الأودية، وثرثرة الينابيع، وعربدة الأنهار، وهلهلة الضباب.
قدر لجبران خليل جبران أن يحظى بشأن رفيع، ويصبح نجماً متألقاً في العالم، وهذا لم يجرده من طيبته ووفائه، لذا وقبل وفاته بسنة تقريباً أي في 13 آذار 1931، وفي مكان إقامته في المهجر، وعرفانه بجميل من عطف عليه، وشد من أزره، ومد إليه يد العون، خط كتاباً أودعه خزانة أخته ماريانا التي أعاشته من إبرتها أيام العسر، يوصي لها بثروته المالية على أن تنفق شطراً منها على الإحسان، ويوصي بمعظم رسومه لماري هاسكل المرأة التي رافقته خطوة بخطوة في طريقه إلى النبوغ والشهرة، وأوصى بريع كتبه لبلدته بشري، علماً أن مجمل تركته بلغ ثلاثة وخمسين ألف ومائة وستة وتسعين دولاراً، ويوم العاشر من نيسان، فاضت روح جبران وغادر الحياة في نيويورك، وبعد أشهر  نقل جثمانه إلى لبنان ليدفن في دير مار سركيس قرب بشرى في المكان الذي كان يحلم بالعودة إليه، والذي أصبح متحفاً يضم ذخائره، ومكتبته ولوحاته وبعض متاعه، وحاجاته الخاصة، يرتاده الزائرون من لبنانيين وعرب وأجانب، وممن زاره ابنة الملك سكيم من أقصى جبال التبت، التي قالت في حديث لمجلة الصاد اللبنانية: إن شعب التبت، لا يقرأ إلا الكتب الدينية، ودواوين الشعر، وقصص جبران خليل جبران.
ولأنه علم بارز من أعلام الأدب والفن العالميين، زخرت الصحف بالأقوال فيه وعنه، فخليل مطران وصفه بالمصباح الفكري، وأمين الريحاني جعله صاحب عرش من عروش الحكمة، وأدونيس جعله البشارة الأولى من أرض الشعر، وروز غريب رأت في آثاره خلاصة فلسفات اجتماعية وميتافيزيقية لابسة حلة من الفن، وجريدة النيويورك هرلد وصفته بنابغة لستين مليوناً من الشرقيين المتكلمين العربية، والكاتبة الأمريكية بربارا يونغ أصدرت كتاباً بعنوان «رجل من لبنان»، قدسته فيه تقديساً يقرب من التأليه، والباحثون وضعوا عنه عشرات الأبحاث الأكاديمية وغيرها، ونشر أعلام كبار مئات المقالات في الصحف والمجلات على اختلافها، ومن هذه المقالات: المحبة في نبي جبران وزرادشت ونيتشيه للشاعر إلياس أبو شبكة، وعلى ذكر جبران لفؤاد أفرام البستاني، وجبران خليل جبران كما أفهمه لخليل تقي الدين، ومقام جبران في الأدب العصري لفيليب حتي، وجبران واللغة العربية لجبور عبد النور، وجبران نصف درويش لعباس محمود عقاد.
أغمض  جبران خليل جبران عينيه باكراً، وبقيت أقواله ماثلة للأعين ودافئة في القلوب، ترشح بالحكمة وتنضج بالجمال ومنها:
- فضل الأثرياء في أنهم يعلموننا احتقار الثروة.
- الناس رجلان، رجل مستيقظ في الظلام ورجل نائم في النور.
- القوي ينمو بالعزلة أما الضعيف فيموت.
- اسكت يا قلبي فالفضاء لا يسمعك.
- تستطيع أن تسحق الزهرة تحت قدميك، ولكن أنّى لك أن تزيل عطرها.
رحل جبران وخلف ما أثرى به المكتبتين العربية والعالمية من مؤلفات عربية وإنكليزية، أما العربية بما فيها المعربة فهي: 1- الموسيقى، 2- الأرواح المتمردة، 3- عرائس المروج، 4- الأجنحة المتكسرة، 5- دمعة وابتسامة، 6- المواكب، 7- البدائع والطرائف، 8- العواصف، 9- منجاة الأرواح، 10- مملكة الخيال، 11- في عالم الرؤيا، 12- يسوع ابن الإنسان، 13- رمل وزبد، 14- آلهة الأرض، 15- السابق، 16- حديقة النبي، 17- كلمات جبران، 18- في عالم الأدب، 19- رسائل جبران، 20- النبي، 21- التائه، 22المجنون، 23- ديوان شعر.
1- the Forerunner
 2- the Madman
3- the Prophet.
4- Sand and Foam.
5- Jesus, The Son of Man.
6- The Earth Gods.
7- The Wanderer.
8- The Garden of the Propht.
9- Twenty Drawings.