______
الايقونه- Icon
εἰκών, eikōn
الصوره تعبر عن واحدة من أيقونات قليلة في العالم من السيراميك, وتعود إلى حوالي 900م من پرسلاڤ بلغاريا.
الايقونه هى منظر أو صورة أو تمثيل; وهي رمز أو تشبيه لشيء بالإشارة إليه أو تمثيله أو بالتناظر معه, كما في وفي الاصطلاح الكنسي (الطقسي) تعني صورة دينية مدشنة ومخصصة. وإستطراداً, تـُستـَخدَم الأيقونة أيضاً, في الثقافة المعاصرة, في الفهم العام للرمز — مثل الاسم, الوجه, الصورة, الصرح أو حتى شخص معروف عنه تجسيده لصفات معينة. والأيقونة قد تحتوي رسماً أو تصويراً, يمثل شيئاً آخر ذا أهمية أكبر من خلال المعني الحرفي أو التصويري, وعادة ما تقترن بموقف ديني أو ثقافي أو سياسي أو اقتصادي.
وعلى مر التاريخ، فقد استلهمت الطوائف والثقافات الدينية من فن التصوير, سواء كان ثنائي الأبعاد أو ثلاثي الأبعاد. الدرجة التي يصل إليها استعمال صور أو السماح بها, ودورهم, سواء في التعليم أو في الإلهام, وما إذا كانوا يـُعتبرون أشياءً مقدسة للتبجيل أو العبادة أو ببساطة تـُستخدم كزينة, فإن ذلك يعتمد على عقائد الديانة في مكان وزمان محددين.
وفي المسيحية الشرقية والكنائس المسيحية الأخرى الراسمة للأيقونات, فالأيقونة هي عموماً رسم على لوحة مسطحة يمثل شخصية أو غرض مقدس مثل المسيح, مريم العذراء, القديسين, الملائكة, أو الصليب. ويمكن للأيقونات أن يـُصـَبوا كمعدن, أو يـُنحتوا من حجر, أو يـُطرزوا على قماش, أو يـُصنعوا من الفسيفساء أو في لوحات جصية , أو مطبوعين على ورق أو على معدن, إلخ. ولقد قاوم المسيحيون لقرون عدة نحت التماثيل المجسمة القائمة بذاتها للشخصيات المقدسة, إيماناً منهم بأن الأرواح الشريرة تسكن الأوثان, وليفرقوا بين الفن المسيحي والفن الوثني. وإلى يومنا هذا, تطبيقاً لأحد الوصايا العشر الناصة على ألا تصنع "صوراً غائرة", والأيقونات الارثوذوكسية لا يمكن أن يكونوا أكثر من ثلاثة أرباع
في البداية اقتصرت الأيقونات علي التعبير الرمزي (مرحلة الرمز) فكان السيد المسيح يصور وهو يحمل صليبا أو يحمل خروفاً (الراعي الصالح) والروح القديس كان يصور علي شكل حمامة, وكان يرمز للكنيسة بالصياد الذي يلقي الشبكة في البحر رمزا للكنيسة في العالم التي تصطاد الناس للملكوت, والعشاء الرباني كان يرمز إليه بسلة بها خبز أو صورة كرمة وهي أيضا ترمز للسيد المسيح والكنيسة, وتعتبر صورة السمكة أقدم رمز في الكنيسة القبطية. أما في القرن الثاني الميلادي فقط نشط الغنوصيون وتقدموا في إنتاجهم الفني منذ عهد البابا أنسيتوس الأول (154-165م) وأفرطوا في توقير الأيقونات مما دعا لاهوتيي القرنين الثاني والثالث لمقاومة حركة الصور وتحريمها تحريما قاطعا في الكنيسة وكان علي رأس هؤلاء اللاهوتيين إيريناؤس (130-200م) والعلامة ترتليان (160-225م) والعلامة أوريجانوس (185-254م) والقديس أغسطينوس (354-430م).[2]
وفي القرن الرابع انتقلت الأيقونات من مرحلة الرمز إلي مرحلة الواقعية حيث ظهرت أيقونة السيدة العذراء حاملة الطفل يسوع وأيقونة السيد المسيح يبارك طفلا وأخري يقيم لعازر وأيقونة ذبح إسحق. ومن أهم سمات الفن القبطي في هذا العصر التحول الذي طرأ علي الأيقونة مثل إبراز المراحل التاريخية لحياة بعض القديسين. واشتهر في ذلك العصر رسام قبطي هو أثناسيوس صديق مارمينا العجايبي وهو الذي رسم صورة القديس مارمينا. وفي القرن الخامس حدث تحول جذري في فن رسم الأيقونات فأصبحت تستخدم للتعريف بالإنجيل, وذلك عن طريق تصوير حوادث الإنجيل ومعجزاته بدقه وإبداع فني ويذكر المقريزي (1365-1441م) في عرضه لسيرة البابا كيرلس الأول عمود الدين أنه عمم استخدام الأيقونات في الكنائس.
وفي مصر ارتقي فن رسم الأيقونات عند الأقباط ولاسيما النقوش البارزة علي الخشب, ولعل من أبرز الأمثلة علي ذلك الباب الخشبي الثمين وهو من بقايا كنيسة القديسة بربارة بمصر القديمة والذي يرجع إلي ذلك العصر وكذلك العتبة العليا لأحد أبواب الكنيسة الرئيسية لكنيسة العذراء المعلقة بقصر الشمع.
وفي القرن السادس الميلادي أعقب ذلك ظهور مجموعة كبيرة من الصور الجدارية عثر عليها في باويط وسقارة, وتتميز أيقونات ذلك العصر بتنوع وغزارة موضوعاتها وزيادة الأساليب الفنية الشرقية في عناصر فنها.وقد رسم الفنان القبطي علي الخشب والقماش والحصي (الجبس), وعلي هوامش الكتب. ومن أهم أيقونات هذا القرن مقصورة في دير باويط (شمال أسيوط) رسم عليها صورة السيد المسيح وهو جالس علي العرش وبجواره رئيسا الملائكة ميخائيل وغبريال, وأسفل المقصورة صورة أخري للسيد المسيح وهو طفل مع السيدة العذراء وحولهما الحواريون واثنان من القديسين. في متحف ميلانو بإيطاليا لوحة للقديس الشهيد مار مينا العجايبي ترجع إلي القرن السابع, نري فيها الشهيد متشحا بردائه وعليه الثوب العسكري, وفي قرية بقربتطون علي بعد 20 كيلو مترا إلي الجنوب من الفيوم وجدت صورة لأبينا إبراهيم يقدم ابنه إسحق.
حرب الأيقوناتفي الكنيسة البيزنطية شهد القرنان الثامن والتاسع حربا شعواء سميت حرب الأيقونات بدأت سنة 726 عندما حطم الإمبراطور لاون الثالث أيقونة للسيد المسيح كانت فوق باب قصره في القسطنطينية, ولم تهدأ هذه الحرب إلا في سنة 843م حيث عاد الهدوء والسلام وانتصرت الكنيسة علي إرادة الأباطرة حيث أعادت الإمبراطورة ثيؤدورة إكرام الأيقونات في الأحد الأول من الصوم المقدس في احتفال مهيب تحتفل به الكنيسة البيزنطية كل عام وهو يدعي أحد الأرثوذكسية, وخلال هذه الحرب استشهد عدد كبير من الرهبان دفاعا عن الأيقونات, أما في مصر وفي الفترة من القرن الثامن إلي العاشر والتي شهدت دخول العرب مصر فقد قلت صور الأشخاص وشاع رسم المخطوطات الهندسية وفروع أوراق وثمار بعض النباتات مثل الرمان والكرمة, وفي ذلك يذكر المقريزي أن الآثار القبطية الحالية تمثل الجودة الحقيقية للفن القبطي لأن اللوحات الثمينة قد حطمت.
ومن الرسامين العظام في تاريخ الكنيسة القبطية في القرون الأخيرة نذكر الراهب مقار الذي رسم بطريركا البابا مكاريوس الأول (932-952م) وفي القرن الثاني عشر كان في دير أبو مقار رسام يدعي مقار, يرجع الفضل إليه في تزيين كنيسة أنبا مقار بالصور الزيتية, وقد رسـِّم بطريركا باسم البابا مكاريوس الثاني البابا التاسع والستين (1102-1128م)- ثم سيم الأنبا ميخائيل مطران دمياط (1179-1181) صاحب مجموعة القوانين المسماة باسمه.
وابتداء من القرن الحادي عشر وحتي بدايات القرن السادس عشر بدأ رسم الأشخاص تنتابه حالة من الضعف العام ومن أشهر الفنانين الأقباط في القرن السابع عشر والثامن عشر نجد حنا الناسخ وبغدادي أبو السعد ومنذ القرن الثامن عشر عهد الأقباط بالفن القبطي إلي مصورين من الأرمن أو الروم أو الإيطاليين مثل يوحنا الأرمني الذي رسم عددا من الأيقونات الموجودة بكنيسة السيدة العذراء الشهيدة بقصرية الريحان بمصر القديمة والذي يعتبر من مشاهير مصوري الأيقونات في القرن الثامن عشر وأصبح الاهتمام بالفن القبطي ضئيلا جدا بعد القرن التاسع عشر. ويذكر بتلر أن البابا كيرلس الرابع الشهير بأبو الإصلاح اعترض علي المبالغة الزائدة في تكريم الأيقونات.
أما في النصف الثاني من القرن العشرين اشتهر الفنان القبطي ايزاك فانوس (1919-2007) والذي تخصص أولا في فن النحت ثم أسس قسم الفن القبطي بمعهد الدراسات القبطية سنة 1954, وسافر في بعثة إلي فرنسا لدراسة هذا الفن وقام برسم لوحات قبطية عديدة في كثير من كنائس الكرازة المرقسية وفي بلاد المهجر. كما نذكر أيضا الفنان يوسف نصيف والدكتورة بدور وهما من الفنانين الأقباط الكبار وهناك آخرون كثيرون.
مراجع
1- The Meaning of Icons, by Vladimir Lossky with Léonid Ouspensky, SVS Press, 1999. (ISBN 0-913836-99-0)
2- زكريا عبد السيد (31/12/2006). الأيقونات القبطية عبر العصور. جريدة وطنى (منشورة في موقع التاريخ القبطي).