دولة المماليك
دولة المماليك فى الهند
المماليك الذين حكموا الهند فى الفترة من (602هـ - 689هـ) هم من موالى السلطان محمد الغوري ، وبرز من بينهم قطب الدين أيبك الذى نصب نفسه سلطانًا بعد وفاة السلطان محمد الغورى وبذلك بدأت الدولة المملوكية فى الهند. اشتهر قطب الدين فى حكمه بحسن معاملة الناس وإقامة علاقات طيبة مع زملائه من الأمراء والقواد المماليك، وعمل على إقرار الأمن فى كافة نواحى بلاده، وحرصه على قيام العدل بين الناس. وبنى قطب الدين أيبك بالهند مسجدين كبيرين أحدهما بدلهى والأخر بأجمير. وفى (607هـ) توفى قطب الدين أيبك فخلفه أحد قواده وهو شمس الدين التمش أو اللمش. بنى قطب الدين أيبك فى فترة حكمه بعض المساجد الشهيرة فى الهند مثل المسجد الكبير الذى شيده فى دلهى واشتهرت منارته التى لا تزال معروفة للآن باسم "قطب مينار" أو منارة قطب ، وفى ذكرى استيلائه على دلهى أسس قطب الدين مسجد (قوة الإسلام) وهو من أشهر المساجد فى الهند، وبعد وفاة قطب الدين أيبك وتولية التمش الملك ثارت عليه بعض الفتن من الهنادكة والأمراء الذين لم يرضوا بحكمه ولكنه تمكن من القضاء على جميع الفتن التى أثارها بعض الأمراء الهنادكة والخارجيين على حكمه. وفى سنة (618هـ) تعرضت الهند لخطر داهم من قبل المغول يقودهم جنكيز خان ، وفى (626هـ) أعلن الخليفة العباسى المستنصر بالله تثبيته للتمش على عرش الهند ولقبه بناصر أمير المؤمنين وكان من أثر ذلك أن قوى مركز التمش بين مسلمى الهند قوة عظيمة
واشتهر عن التمش أنه كان محبًا للعدل حتى أنه جعل للمظلومين جرسًا فى قصره يطرقه المظلوم ثم جعل اللون الأحمر هو اللون المميز لملابس المظلومين. وفى (633هـ) توفى التمش وكان قد أوصى لابنته رضية دون أبنائه من الذكور الذين لم ير من بينهم من هو جدير بحكم الهند لكن رجال البلد عهدوا بالحكم لابنه فيروز شاه وكان لأمه شاه تركان نفوذ كبير فى الحكم وكان حكمها استبدادى أدى إلى غضب الأمراء الذين التفوا حول الأميرة رضية بنت التمش، فاستطاعت أن تجلس على عرش أبيها وتمكنت من أن ترغم على طاعتها جميع الأمراء ببلادها ولكن ثارت حولها شائعات فانقلب عليها الأمراء يحاربونها بزعامة أخيها بهرم شاه الذى جلس على كرسى الحكم بعد مقتل أخته رضية. وفى عام (639هـ) أقبل المغول على البنجاب واستطاعوا أن يخربوا لاهور دون مقاومة تذكر، وتولى الحكم مسعود شاه حفيد التمش سنة (643هـ) وفى عهده دخل المغول الهند من جديد بقيادة مانكو وتوغلوا فى السند حتى تصدى لهم (بلبن) قائد جيش المسلمين فأنزل بهم خسائر فادحة. وفى عام (664هـ) رقى الوزير والقائد بلبن -والذى تلقب بغياث الدين- إلى العرش وعمل على استعادة الهيبة والنفوذ لمنصب السلطان بعد ضعف السلاطين من أبناء التمش. وعمل بلبن على إقرار الأمن الداخلى وتأمين الطرق والمسالك من عبث اللصوص وقطاع الطرق وكانوا كثرة، كما عمل على تنظيم وتدعيم قواته لمواجهة الخطر المغولى. ويقول عنه ابن بطوطة "إنه بنى دارًا سماها دار الأمن فمن دخلها من أهل الديون قضى دينه، ومن دخلها خائفًا أمن ومن دخلها وقد قتل أحدًا أرضى عنه أولياء المقتول، ومن دخلها من ذوى الجنايات أرضى من يطلبه"، وتوفى غياث الدين بلبن سنة (664 هـ) فتولى من بعده ابنه محمد الذى خرج لدفع خطر المغول عن لاهور فنالته رماحهم وكان قد أوصى بالملك من بعده لحفيده كيخسرو، ولكن رجال البلاط نصبوا الأمير كيقباذ مكانه، وكان كيقباذ ضعيف الشخصية إلى جانب صغر سنه مما أدى إلى سيطرة أصحاب الأهواء على الحكم وحدوث الفتن والقلاقل داخل القصر. وفى سنة (689هـ) اجتاح الخلجيون "دلهى" وسيطروا عليها ثم قتلوا كيقباذ، وبذلك انتهى سلطان المماليك فى الهند وبدأ حكم سلاطين الخلجيين.