Search - للبحث فى مقالات الموقع

Wednesday, February 16, 2011

فن الاتصال بالناس ووسائل الدعايه والاعلان


الاتصال بالجماهير
 
    يعرّف الاتصال في علوم السلوك بأنه العملية التي يتم بها نقل آثار التغير من أحد أطراف المجال السلوكي، وهو مصدر الإثارة، إلى الطرف الآخر بهدف إحداث تغيير فيه. ويمضي الاتصال في معظم المواقف من مصدر الإثارة وإليه، ويقل أن يمضي في اتجاه واحد حين يكون مباشراً. وتتواصل المخلوقات فيما بينها بأنماط كثيرة ومختلفة، وعلى درجات متفاوتة، وتتحدد العملية، في كل حال، بمكونات الاتصال الأساسية وفي مقدمتها: خصائص الأطراف التي يجري الاتصال فيما بينها، والحدود الفاصلة بين تلك الأطراف، وأدوات الاتصال، ومحتوى عملية الاتصال.
    ويسمى الاتصال باسم الاتصال الاجتماعي social communication حين يتم به تبادل الفهم بين الكائنات البشرية ونقل المعاني من إنسان إلى آخر أو إلى جماعة، أو من جماعة إلى أخرى أو إلى فرد. ويعد هذا النوع من الاتصال أساس الحياة الاجتماعية والحضارة والتقدم وبه تتم عملية نقل تجارب الأجيال وتجارب الآخرين.
     ويسمى الاتصال باسم الاتصال الجماهيري mass communication حين يكون المستقبل جمهوراً. فإذا كان الحديث عن السلوك الحيواني عرف الاتصال عندئذ باسم الاتصال الحيوانيanimal communication.
    الإشارات في الاتصال
    تجري عملية الاتصال بوساطة أنواع من الإشارات التي يتم بها التعبير عن المحتوى. والإشارة، بمعناها العام، هي كل ما يشير من كلمة أو حركة أو صورة أو إيماءة أو شيء مادي أو غير ذلك، إلى شيء غير ذاته أو إلى تصور فكري بحيث يؤدي إلى اختصار الأفكار المجردة وعمليات تركيب المعاني المطولة بما يمكن أن يرمز إليها أو يدل عليها. وفي الإشارة، بمعناها العام، دال ومدلول، أي شكل ومحتوى، ويمثلان، بوجه عام، شيئاً أو مفهوماً هو المشار إليه، أي المضمون، (سواء من العالم الخارجي أو الداخلي). تنقل الإشارة المعاني إلى أحد أطراف الاتصال ويدخل كل من طرفي الاتصال (المرسل والمرسل إليه) في تحديد شكل الإشارة ونوعها. لهذا تندرج الإشارة ضمن عملية الاتصال وتعمل وسيلة للاتصال وهدفه، ويصبح كل شيء أو صفة أو فكرة، أو غير ذلك من موضوعات الاتصال، إشارة في عملية الاتصال.

    ومن هذه الزاوية يمكن أن تصبح الظاهرة الطبيعية إشارة إذا دخلت في عملية الاتصال البشري وتضمنت تفسيراً معيناً، وهذا هو حال الرعد والغيوم لدى من يرى فيها إشارة لما ينتظر أن يحدث. وانطلاقاً من هذا الفهم يمكن القول إن الإشارة، بمعناها العام في الاتصال، هي علاقة محددة بين الأطراف أو الأفراد الذين يستعملونها والواقع الذي تدل عليه، ولا يتم استعمالها إلا ضمن عمل جماعي محدد يعيه من يقوم به ويحاول فيه وضع نفسه مكان الطرف الآخر بغية فهم موقفه.
    يدخل استعمال الإشارة في عملية الاتصال في كل بنية اجتماعية مهما كانت بسيطة أو معقدة. ومن البدهي القول: إن الاختلاف كبير بين الإشارات التي يستعملها الإنسان في اتصاله بالآخرين وتلك التي يستعملها الحيوان: فلكل مستواه من حيث المنعكسات الغريزية والعمليات الفكرية. فإذا وقف الحديث عن الإشارات عند الإنسان قيل عنها إنها إنتاج اجتماعي واعٍ يتكون من مجموعة علاقات بين الدال والمدلول، أو بين الإشارة والواقع الذي تدل عليه، أو بين كل هذه الجوانب والأفراد الذين يستعملون الإشارات وبين الإشارات الأخرى التي تنتمي إلى نظامها.
    وتصنف الإشارات من حيث معناها العام في الاتصال إلى نوعين: الرموز symbols والعلامات signs، ويضيف بعضهم نوعاً ثالثاً يطلق عليه مصطلح «الإشارات الاصطلاحية» أو «الإشارات» بالمعنى الضيق للكلمة.
    تدل الرموز على الأشياء أو الأفكار، وتحل محلها وتصبح بديلة عنها بفعل قاعدة متواضع عليها، ويتعلمها الأفراد الذين يستعملونها، وهي لا تكون إلا بوجود علاقة تجريدية تجمع ما بين طرفيها الدال والمدلول. فالميزان مثلاً رمز للعدل، وكلمة «كتاب» تدل على شيء معين. ويفقد الرمز صفته الدلالية إذا فقد تفسيره.
    وبين الرموز ما هو لغوي، وبينها ما ليس كذلك. أما الرموز اللغوية فتتألف من الألفاظ المكتوبة والمنطوقة التي تؤلف منظومة من الإشارات المتعارف عليها، وهي من أكثر أنظمة الإشارات تعقيداً. وتتكون الرموز اللغوية بفعل علاقة دلالية تربط ما بين الدال والمدلول، وتُعد أداة الاتصال البشرية الأساسية وأكثر أنواع أدوات الاتصال تعبيراً، ذلك لأن الإشارات غير اللفظية لا تأخذ معناها إلا بصفتها بديلة للإشارات اللفظية، ولأن الرموز اللغوية تحمل شحنة من المعاني الثانوية اللاحقة مثل الاستنكار والتعجب والسرور وغيرها التي ترتبط بعلاقة ما بالمعنى الأصلي لها. ومع كل ذلك فإن الرموز اللغوية كثيراً ما تضلل ويساء فهمها.
    تتصف الرموز اللغوية بأنها اتفاقية أي جرى الاتفاق بشأنها، ولا تخضع دائماً للمنطق من حيث ارتباطها بما تدل عليه. ثم إنها تتألف من وحدات دلالية قابلة للانقسام إلى رموز أبسط منها، ويمكن أن يدخل كل رمز منها في تركيب وحدات دلالية مختلفة. وتقوم الرموز اللغوية بدور رئيس في عملية الاتصال الفكرية والاجتماعية، ويمكن بوساطتها التعبير عن كل شيء. إنها لغة الحضارة المادية والروحية: الملموسة والمجردة.
    وأما الرموز غير اللغوية فإشارات مادية تدل على شيء آخر، غير ذاتها: فرسم الميزان يدل مثلاً على العدل، ورسم الجمجمة على الخطر، ويكون الدخان رمزاً للاتصال لدى بعض القبائل، كما يكون السكوت من الرموز التعبيرية ويستعمل في عملية الاتصال لأنه قد يعني أحياناً رفض أمر، أو التردد فيه، أو عدم القدرة على البوح به.
    أما العلامات فإشارات تعود إلى شيء ما لأنها تملك ترابطاً دينامياً ومكانياً بينها وبين الشيء من جهة، وبينها وبين حواس أو (ذاكرة) الشخص الذي يستعملها، من جهة أخرى. ويعني ذلك أن العلامة وما تشير إليه يحدثان معاً بحيث يرتبط كل واحد منهما بالآخر في ذهن الفرد عن طريق عملية التعلم. وبهذا فإن العلامة تحمل عائدة لأي كائن حي معنى واحداً محدداً يتصل بالظروف التي تحدث فيها وتجعل الفرد يربط نتيجة أو «علامة» بسبب أو مؤثر. ومن الممكن التفريق بين العلامات الطبيعية والعلامات الاصطناعية. فالعلامات الطبيعية هي جميع العلامات المادية التي تدل على شيء آخر يرتبط بها: كأن تدل الغيوم على المطر، والدخان على الحريق. ويدخل ضمن هذه الفئة جميع العلامات اللاإرادية التي تفصح عن الحالات الوجدانية والمشاعر والنوايا: هكذا يدل بريق العينين مثلاً على الأمل، والعبوس على الغضب، واحمرار الوجه على الخجل.
    وأما العلامات الاصطناعية فإشارات يصطنعها الإنسان ويربطها بموقف أو بشيء معين بغية تحميلها رسالة ما، ومثال ذلك إشارات السير، وإشارات الاتصالات البرقية. ولا تصبح «الإشارة الاصطناعية» إشارة إلا إذا كان معناها المتفق عليه معروفاً لدى المرسل إليه.
    الاتصال بالجماهير
    يعرف الاتصال بالجماهير بأنه العملية التي يتم بوساطتها الاتصال بجمهور، أو بغالبية المجتمع الكلي أو جمع كبير منه، اتصالاً (يمكن أن يكون مباشراً ويكثر أن يكون غير مباشر) يهدف إلى إحداث تغيير في استجابة السلوكية الظاهرة أو غير الظاهرة. وفي الاتصال بالجماهير مجموعة من المكونات الأساسية يقع في مقدمتها مايلي:
    المرسل: ويعد نقطة الانطلاق في عملية الاتصال، وعنه تصدر الرسالة التي تحمل معنى محدداً يتفق مع وجهة نظره، وهو يهدف من الرسالة إلى استثارة استجابة محددة لدى الجمهور المستقبل. وتقوم في الغالب مؤسسة اتصال بمهمة المرسل تضم القائمين بالاتصال من مراسلين ومحررين وغيرهم، وهم يعملون متعاونين ويؤلفون وحدة الاتصال التي يكون في مقدمة مهماتها تلقي المعلومات واستخراج دلالة رموزها وتفسيرها ووضع ما اختير منها في رموز جديدة يمكن نقلها.
    المستقبل: تعد جماهير المجتمع هدف الاتصال، ويجعلها المرسل في حسابه دائماًَ عند النظر في كل عنصر من عناصر الاتصال. يستقبل المواطن (أي كل فرد من أفراد الجماهير) الرسالة ويؤوِّل رموزها ويفسرها متأثراً بتكوينه النفسي وتجربته الذاتية الحاضرة والتاريخية وبمضمون الرسالة ومصدرها. تنقل الرسالة عادة من المرسل إلى الجمهور المستقبل على مرحلتين، أو على عدة مراحل بوساطة قادة الرأي العام «الوسطاء» أو بوسائل متعددة القنوات.
    الرسالة: وهي المادة أو المحتوى في عملية الاتصال، وتتكون من مجموعة المعاني التي يضعها القائم بالاتصال في رموز تنقل إلى المستقبلين. تتعدد أنواع الرسائل بتعدد محتواها، إذ تنقل الرسائل الموضوعية الجانب الموضوعي العقلاني، بينما تنقل الرسائل العاطفية المشاعر والعواطف والانفعالات.
    ويغلب على الرسائل أن يكون محتواها عقلانياً وعاطفياً.
    ومن الأمور التي تؤخذ بالحسبان في كل رسالة رموزها وموضوعها ومعالجة المضمون.
    أما رموز الرسالة فهي مجموعة الاصطلاحات المتعارف عليها وتتألف من عناصر (رموز) ترتب بنظام معين بحيث يمكن بوساطتها نقل المعاني إلى المستقبلين. وتحمل الرسالة عدداً كبيراً من الدلالات الأخرى التي تسهم في تكوين المعنى عند المستقبلين وفيها طريقة النطق والمؤثرات المادية المحيطية.
    وأما موضوعات الرسالة فهي المضمون أو المحتوى، وقد اختارها القائم بالاتصال لتعبر عن أهدافه. ويتألف هذا المضمون من عناصر متعددة بينها العبارات والمعلومات والاستنتاجات والأحكام وتقدم بترتيب معين. وأما معالجة الرسالة فهي الطريقة التي يقدم بها المرسل أو المصدر الرموز والمضمون مثل اختيار معلومات معينة وتكرار دليل معين وعرض جميع الحقائق أو بعضها.
    الوسيلة: وهي الأداة أو الوساطة التي تنقل بها الرسالة إلى أعداد كبيرة من الأفراد المنتشرين على مساحات واسعة ومتفرقة. وقد تكون الوسيلة سمعية مثل الإذاعة، أو بصرية مثل الملصقات واللوحات والإعلانات، أو سمعية بصرية مثل التلفزيون والسينما، أو متعددة القنوات كالفيديو والحاسوب.
    وتختلف الوسائل فيما بينها من حيث نوع الآثار التي تخلفها ونوع الرسائل التي تحملها ونوع الجمهور الذي تتصل به. ويتوقف نوع الوسيلة على قدرات كل من المصدر المرسل والجمهور المستقبل، ولهذا تختلف وسائل الاتصال القائمة في الدول الصناعية عنها في  الدول الآخذة بالنمو سواء في إطار تطويرها أو إطار المؤسسات المعنية بها.
    فالدول الصناعية التي اعتمدت الاتصال بالجماهير اعتماداً كبيراً منذ أوائل القرن العشرين تأخذ بوسائل اتصال متطورة تواكب تطورها العلمي والتقني. فقد تعاظم شأن النظم الإلكترونية، وتنوعت تقنيات الاتصال بطريق الأقمار الصنعية، وحدث تطور هائل في مؤسسات الاتصال التي غدت تعتمد أساليب حديثة في الإدارة وتطوير برامج الاتصال وأشكالها وتبادلها. والواقع أن وسائل الاتصال في هذه الدول أصبحت جزءاً من نظام الإنتاج فيها مثلها مثل أي مشروع صناعي آخر. وهي في المجتمع الصناعي القائم على نظام المشروعات الحرة قادرة على توفير الأرباح وعلى الاحتكار في حالات، وهي قادرة على التأثير الواسع في الجماهير.
    أما الدول الآخذة في النمو فيغلب أن تعتمد على نظم اتصال ما تزال تعتمد على ما تقدمه الدول الصناعية.
    ردود الفعل: يقصد بردود الفعل استجابة المستقبل التي يستدل المرسل بوساطتها على تأثير رسالته في المستقبل ووجهة نظر هذا الأخير بشأنها. وكثيراً ما يسمى رد الفعل بمصطلح «رجع الصدى» و «التغذية الراجعة» و «الرجع». وقد يكون رد الفعل مقصوداً كأن يقوم أفراد من المستقبلين بكتابة تقرير إلى المؤسسة (أي المرسل)، وقد يكون غير مقصود كأن يُعرف عن طريق إقبال الجماهير على وسيلة الاتصال والحديث عن محتوى الرسالة.
    التشويش: يقصد من التشويش تدخل أي مثير عارض أو عرقلة عملية الإرسال والاستقبال. يؤدي التشويش إلى اختلاف الرسالة التي تم إرسالها عن الرسالة التي يتلقاها المستقبل. وتوجد عدة أنواع من التشويش منها التشويش الخاص بالدلالة والتشويش الميكانيكي. يحدث التشويش الخاص بالدلالة نتيجة المؤثرات الذاتية التي تؤثر في فهم المستقبل للرسالة. ويزداد هذا النوع من التشويش بازدياد غموض الرسالة أو عندما تكون العلاقة بين المرسل والمستقبل غير محايدة، أي عندما تكون مثقلة بالمعاني الانفعالية السلبية أو الإيجابية. أما التشويش الميكانيكي فيقصد به التدخل الفني أو المادي الذي يطرأ على إرسال الرسالة في سيرها من مصدر المعلومات إلى الهدف الذي يراد الوصول إليه. ويزداد هذا النوع من التشويش بازدياد طول سلسلات الاتصال أي بازدياد عدد المراكز الوسيطة.
    الأغراض: المقصود من الأغراض هو أهداف الاتصال من وجهة نظر القائم بالاتصال أو نوع الاستجابة التي يريد استثارتها. وقد تكون أغراض الاتصال مقصودة وظاهرة يهدف القائم بالاتصال إلى تحقيقها، وقد تكون خفية أو غير مقصودة. ثم إنها قد تكون عاجلة وقد تكون آجلة. ومن جانب آخر قد تكون أغراض الاتصال إعلامية أو تثقيفية أو ترفيهية.
    الآثار: يقصد بالآثار أو التأثيرات التغيرات التي يؤدي إليها الاتصال في الجماهير أو في أفرادها. وقد تكون وظيفية تفيد الجماعة والفرد، وقد لا تكون كذلك. وقد تكون ظاهرة أو ضمنية. ويكثر في الاتصال بالجماهير أن يحدث التأثير في الأفراد عن طريق التأثير في الجمهور ذاته من حيث هو جماعة.
    وتتوقف طبيعة الآثار على التفاعل بين الرسائل والظروف الشخصية وغيرها العاملة في الجماعات. وقد يتم هذا التفاعل بأساليب متنوعة من بينها الإيحاء والإقناع والتعليم. وهناك مستويات متعددة للتأثير وشدته تبدأ بالاهتمام بحدوث تغيير في طرائق الأفراد التي ينظمون بمقتضاها تصوراتهم بشأن الظروف المحيطة، إلى الطريقة التي يتصرفون بموجبها ومن ثم إلى حدوث تغيير في السلوك الجماهيري، ويدخل في ذلك معتقدات الجمهور ومصالحه وتحركاته.

الإعلان
الإعلان advertisement، لغةً: إظهار الأمر والمجاهرة به. وفي الاصطلاح: إبراز مزايا منتج أو نشاط ما والترويج له. ويرتبط الإعلان بالدعاية في مختلف مجالات الثقافة والسياسة والفنون.
يُعدّ الإعلان ظاهرة عظيمة الأهمية في الحضارة الحديثة ولاسيما ما يتصل منها بالصناعة والتجارة والسياسة والثقافة والفنون والخدمات. ويدل تحليل أكثر الإعلانات شيوعاً على أن في الإعلان إثارةً لاهتمام الناس بأمور لا تكون موضع انتباههم في اللحظة التي تسبق رؤيتهم الإعلان أو سماعه، وأن فيه استخداماً لوسائل متعددة، وأنه ينطوي على مقاصد متنوعة، ويترك آثاراً مختلفة في الناس. ويدل تحليل الإعلانات كذلك على أن لها لغةً خاصةً، وأن وراءها مموِّلين، وأنها ثمرة عمليات متعددة الأطراف تعتمد على الكثير من الأسس العلمية والموجّهات الفنية.
فإذا ما أريد وضع تعريف يحدد الإعلان تحديداً تتوافر فيه شروط مقبولة من الشمول والدقة والوضوح، يمكن التوصل إلى صيغتين لهذا التعريف. تذكر الصيغة الأولى أن الإعلان هو «استعمال وسائل الاتصال الجماهيري الرئيسية، مثل الصحافة ولوحات الإعلان والإذاعة والتلفزيون والسينما، من أجل نشر معلومات عن إنتاج أو خدمة». وتذكر الصيغة الثانية أن الإعلان «هو كل عرض، أو تقديم، مأجور وغير شخصي للأفكار أو البضائع أو الخدمات وراءه مموّل معروف وينطوي على استعمال وسائل الإعلام مثل الصحف والمجلات والأفلام السينمائية واللوحات المعلقة خارج الأبنية و«اللافتات» في المحلات التجارية والأماكن العامة والمراسلات المباشرة والإذاعة والتلفزيون والبطاقات والمنشورات والأدلة والنشرات الدورية». ويبين فحص الصيغتين أن فيهما إلحاحاً على الموضوع الذي يدور الإعلان حوله، وعلى الوسيلة المستخدمة، ولكن في الثاني تفصيلاً يفوق ما في الأول وإشارةً مقصودة إلى المموّل.
على أن من اللازم، عند الحديث عن الإعلان، الانتباه إلى وجهين فيه: الأول هو الصورة التي يظهر عليها الإعلان، وهي التي يطالعها الناس، ويلح عليها تعريف الإعلان. أما الثاني فهو العملية التي تنتهي إلى إنجاز تلك الصورة أو الثمرة: إنها عملية الإعلان advertising أو ما يمكن تسميته «صناعة الإعلان» ويدخل فيها مصمم الإعلان والكاتب والمخرج وآخرون غيرهم.
لمحة تاريخية
شهدت حقب متعاقبة من حياة الإنسان ظهور الإعلان في صور مختلفة ولأغراض متنوعة. فقد عثر على إعلان يعود تاريخه إلى 3000 سنة ق.م كتب على ورق البردي papyrus في مصر يذكر تقديم مكافأة مالية لمن يعثر على عبد فار. ووجد الإعلان في حضارة السومريين[ر] وفي بلاد الرافدين لبيان بعض التشريعات والانتصارات. ووجد كذلك في الحضارتين اليونانية والرومانية لإعلام الجماهير بانتصارات حربية ومعاهدات ومباريات رياضية. وشهدت الحضارة العربية قبل الإسلام الإعلان في مجال الشعر، كالمعلقات، والفخر والهجاء والحض على الاستعداد للحرب والغزو والرحلات التجارية، كما شهدته بعد انتشار الإسلام واتساع رقعة الخلافة الإسلامية، وكان أقوالاً في حالات وكتابة في حالات أخرى وكانت وظيفة المنادي الذي يجوب الشوارع معلناً بضاعة أو خدمة أو بلاغاً شائعة في مختلف المدن حتى عهد قريب. واستعمل الإعلان في أوربة في العصر الوسيط في مناسبات دينية وعسكرية.
ويذكر في عدد من المراجع أن أول إعلان مطبوع ظهر في أوربة كان سنة 1477، وأن أول إعلان فيه رسم كان سنة 1482، وأن إعلاناً عن دواء ظهر في إنكلترة سنة 1665 أيام انتشار الطاعون. وغدا الإعلان الذي يحوي صوراً يستعمل لأغراض تجارية، فقد ظهر في فرنسة سنة 1715 إعلان حول فوائد المظلات، وتأسست أول شركة فرنسية للإعلانات سنة 1746
وكان في جملة الأغراض التي استعمل الإعلان من أجلها، في الحرب العالمية الأولى ثم الثانية، إقناع من يوجه إليه الإعلان من المواطنين المحاربين بحقوقهم وأمنهم وسلامة ما يدافعون عنه، وإقناع من يوجه إليهم الإعلان من الأعداء بما يضعف معنوياتهم في نهاية الأمر، ويرغِّبهم عن الحرب ويؤذي ارتباطهم بالجهة التي تدفعهم إلى القتال.
وقد شهد القرن العشرون وسيلتين جديدتين للإعلان: فاستخدمت الإذاعة المسموعة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنة 1922 لإذاعة الإعلانات التجارية، واستخدم التلفزيون للغرض نفسه بعد نحو ربع قرن من ذلك التاريخ. ودرج استخدام هاتين الوسيلتين لهذه الأغراض في البلاد الأوربية ثم الآسيوية. واتسع نطاق اعتماد الإعلان لأغراض متنوعة في النصف الثاني من القرن العشرين، وتنوعت الموجهات الفنية فيه لوناً وشكلاً ولغة مع كل الإغراءات المناسبة. ويكاد المرء لا يجد، في هذه الحقبة، وسيلة من وسائل الاتصال بالجماهير لا تسعى إلى أن تخص الإعلانات بحيز واضح وكبير منها. كما أن تطور فن الإعلان أدى إلى كثرة المؤسسات العاملة في هذا المجال في العالم وإلى تطور واسع في الوسائل والتقنيات التي تستعملها هذه المؤسسات وفي صلتها بالمؤسسات التجارية والصناعية ومؤسسات الاتصال بالجماهير.
مجالات الإعلان
يصعب في المجتمعات المعاصرة العثور على مجال من المجالات المتصلة بالجماهير لا يُعتمد فيه الإعلان. ففي الصناعة والتجارة سعيٌ وراء مزيد من التسويق والترويج للسلع قديمها وحديثها، ويعد الإعلان أداة رئيسية لدعم مكانة القديم وحسن تقديم الحديث والترويج له في سوق البيع والشراء. وواقع الحال أن الحياة الحديثة وضعت الصناعة والتجارة في رأس قائمة مجالات الإعلان، حتى إن الذهن ليتجه مباشرة إلى هذا المجال لدى الحديث عن الإعلان.
ويستخدم الإعلان استخداماً واسعاً كذلك في الحياة السياسية الداخلية والخارجية، وله مكانته المهمة في الإعلام الحكومي حين تتجه الدولة إلى إثبات سلامة سياساتها وإقناع الناس بها، كما أن للإعلان دوره الفعال في الانتخابات في بعض البلاد، وفي نشر التوعية السياسية بين الجماهير ولاسيما حين يكون المجتمع عرضة لتبدلات ثورية.
وللإعلان أهمية كبيرة في مجالات العلوم والآداب، وما يتم تنظيمه من معارض ومواسم وحفلات موسيقية وسينمائية ومناسبات ثقافية. يضاف إلى ذلك أيضاً ما يتصل بالألعاب والمباريات الرياضية محلياً ودولياً. أما الإعلانات التي تدخل في شؤون الدفاع فلها مكانتها في السلم وفي الحرب: فهي تهدف أولاً إلى إغراء الشباب بالانتظام في مؤسسات الدفاع المختلفة في وقت السلم وإلى رفع الروح المعنوية وتعزيز الاستعداد للقتال دفاعاً عن الوطن والنفس في وقت الحرب والأزمات.
نفقات الإعلان
تنفق الجهات التي تعتمد الإعلان في ترويج سلعها أو أفكارها مبالغ طائلة كل سنة. ويأخذ التعبير عن المال الذي ينفق على الإعلان أكثر من اتجاه. فقد يُكتفى بذكر إجمالي ما تنفقه المؤسسة المعنية في مجال الإعلان سنوياً، وقد يتم ذلك بالنسبة المئوية من الإنفاق العام أو من الدخل السنوي للمؤسسة أو من الدخل القومي لبلد ما.
ومن الثابت أن مقدار الإنفاق على الإعلان في المؤسسات الصناعية والتجارية غير ثابت ولا مستمر، فهو يختلف من سنة إلى أخرى ويتأثر بعوامل كثيرة منها مستوى الشهرة الذي وصلت إليه الشركة أو المؤسسة أو السلعة التي تعلنها، ومدى تطورها والجديد من إنتاجها، ومنها كذلك تأثير الأزمات الاقتصادية وحالة السوق وإقبال الناس على الشراء أو عزوفهم عنه، ومع ذلك يمكن القول إن المؤسسات الصناعية والتجارية والخدمية تنفق ما بين 2 ـ 5% من دخلها السنوي على الإعلان.
الإعلان والإعلام
الإعلان نوع من الإعلام فهو يؤدي وظيفة إعلامية مهما كان شكله وهدفه، إلا أنه يختلف عن الإعلام في كونه نشاطاً يهدف إلى تحقيق منفعة خاصة، ويفرّق الدارسون بين الإعلان والإعلام في أربعة أمور هي: الغرض، والمضمون المعرفي، والمضمون الفني، والتمويل.
فالغرض الرئيسي من الإعلان المنفعة الخاصة بالدرجة الأولى، إذ يأمل مموّل الإعلان في الحصول على الفائدة التي يرجوها من إعلانه سواء كان فرداً أو شخصاً اعتبارياً أو مؤسسة، أما الإعلام فيختلف عن ذلك لأن غرضه في الأصل تحقيق ما يقدّره من منفعة عامة. فإذا قيل إن الإعلان التجاري ينطوي على توجيه، كان الرد على ذلك إنه توجيه يستهدف المصلحة الذاتية، أما الإعلام ففيه توجيه وتوعية وتعليم والغرض منه في النهاية مصلحة من يوجه إليه الإعلام، سواء أكانت هذه المصلحة موضوعية أم كانت ذاتية، أي كما يراها القائم على الإعلام.
ثم إن الإعلان لا يقدم كل المعارف التي يحتاج إليها مطالع الإعلان، وليس فيه ـ أي الإعلان ـ حرص على أن يكون محتواه من مستوى فكري له قيمة ما. أما الإعلام فغرضه واضح في المصطلح المعبَّر عنه، والأصل فيه محتواه المعرفي، وهو يسعى إلى أن يقدم للمتلقي كل ما يحتاج إلى معرفته أو ما يفيده من المعرفة، أي ما يحتاج إليه لإعمال فكره إعمالاً يتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. وحين يقال عن الإعلام إنه يقدم رسالة، فالغالب أن هذه الكلمة لا تقال في الإعلان.
أما الأمر الثالث الذي يختلف فيه الإعلان عن الإعلام فهو المضمون الفني. فقد تطورت تقنيات الإعلان تطوراً عظيماً، وتدخل الفن فيها تدخلاً واسعاً وعميقاً، وتقدِّم دراسات الإعلان الكثير من الوقائع العلمية بشأن اللون والشكل وطريقة الإخراج والإثارة، ويبقى أمر هذه الجوانب غير ذي بال في مجالات الإعلام، ولاسيما أن الإعلام يتجه إلى فكر المتلقي ومستوى ثقافته.
أما الأمر الرابع الذي يُعدّ موضع اختلاف بين الإعلان والإعلام فيتصل بالتمويل. فوراء الإعلان مموّل معروف، ويهدف إلى ترويج سلعة أو خدمة. أما الإعلام فلا توجهه أمور السلعة أو الخدمة، والمموّل فيه لا يهدف إلى الربح المباشر وغالباً ما يكون مؤسسة من مؤسسات الدولة أو من المؤسسات الاجتماعية، أو مؤسسة خاصة تستغل الإعلام لتحقيق الربح من وراء ما تنشره من إعلانات في مضماره.
ولكن هذا الاختلاف بين الإعلان والإعلام لا ينفي القول إن بين الطرفين عدداً من النقاط المشتركة. فقد يؤدي الإعلان أحياناً وظيفة الإعلام، وقد يمول الإعلام من جهة معروفة لها صلة بالصناعة أو التجارة. كذلك فإن بعض أساليب الإقناع المستخدمة في الإعلان قد تستخدم في الإعلام والعكس صحيح، يضاف إلى ذلك أن الإعلان يعتمد في ظهوره ووصوله إلى الجماهير على وسائل الاتصال التي تُعدّ عماد الإعلام وأساسه مثل الصحف اليومية ووسائل الإعلام الصوتية والمرئية، كما أن بعض وسائل الإعلام لا تقوم وتستمر وتتطور إذا حُبس عنها المال الذي يعد الإعلان أحد موارده.
الإعلان والأخلاق
كثيراً ما يكون الإعلان موضع نقد من منظور مبادئ الأخلاق، وخاصة مضمون الإعلان وتأثيره في الشخص المتلقي. ومما لاشك فيه أن للإعلان فضل نشر كثير من المعلومات والتعريف بالخدمات والأنشطة المختلفة وأنواع السلع ووسائل الإنتاج، وهو يسهم في تطوير الذوق الفني وخدمة المستهلك وتلبية حاجاته وتيسير شؤون حياته وتمتعه بخيرات الحضارة المعاصرة. ولكن الإعلان من جهة أخرى يلحق الكثير من الأذى الأخلاقي بالمتلقي والمستهلك لما فيه من تمويه ومبالغة واستثارة للخيال وعبارات مقنّعة كثيراً ما تكون السبيل إلى تكوين قناعات خاطئة. ثم إن الإعلان لا يبين حقيقة الموضوع الذي يُعلنه كاملة بل يعبّر عن الجانب المغري منه ويترك ما يكون خلاف ذلك.
وقد يتضمن الإعلان صوراً ورسوماً وكلمات تنطوي على الإغراء وتستثير لدى الفرد دوافع يُهم المجتمع والأخلاق أن تبقى موضع ضبط وتحكّم. ومن ذلك إعلانات العطور والملابس النسائية وغيرها. كذلك قد يعرّض الإعلان الفرد لضغوط كثيرة حين يفرض نفسه عليه بسبب توقيت بث الإعلان أو أسلوب عرضه. وكثيراً ما يعبر الناس عن سخطهم حين يقطع إعلان على شاشة التلفزيون تمتعهم بما يشاهدون، وهو توقيت مقصود للإعلان يجبر المشاهدين على مطالعة الإعلان.
ثم إن الإعلان قد يدخل تعديلاً أو تغييراً في عادات الفرد يؤذي استقراره النفسي ويولد الحيرة والإحباط لديه بسبب تنوع المعروضات وصعوبة الاختيار، وكثيراً ما يولد الإعلان متطلبات جديدة لدى الإنسان لم يكن في حاجة إليها، وربما وجدت أعداد غفيرة من الناس غير قادرة على اقتناء ما يعلن عنه مع الرغبة فيه، ويغدو الإعلان سبباً في دعم التمايز الطبقي والحقد الاجتماعي.
إن هذا النقد الذي يوجه إلى الإعلان من زاوية مبادئ الأخلاق هو نفسه موضع تجريح من المدافعين عن الإعلان. ويؤكد هؤلاء أن عدداً غير قليل من دول العالم تعتمد تشريعات مختلفة لمحاسبة صاحب الإعلان في حالة اختلاقه أكاذيب خلاف الواقع أو تضمين الإعلان صوراً فاضحة أو كلمات فاحشة، وثمة جمعيات كثيرة تدافع عن حقوق المستهلكين وتلزم المعلنين رفد إعلاناتهم بما يعرّف الناس الضرر الذي يمكن أن يأتي من السلعة المعلنة، والمثال هنا إلزام الشركات المنتجة للتبغ الإشارة إلى أضرار التدخين، هذا إضافة إلى أن الإعلان في حد ذاته ظاهرة ديمقراطية تبرز حرية الرأي وتعوّد مطالع الإعلان حرية الاختيار حين لا تلزمه قبول ما في الإعلان.
أغراض الإعلان
يأخذ الحديث عن أغراض الإعلان وجهتين: تتصل الأولى بالإنتاج الذي هو موضوع الإعلان، وتتصل الثانية بالإنسان الذي يوجه الإعلان إليه ويُعدّ الإنتاج له. وتكون الأغراض، من الوجهة الأولى، تعريف الإنتاج سواء أكان بضاعة استهلاكية أم خدمات أم فكرة، ويمكن إجماله تحت عنوان أغراض الإعلان التجارية. أما من الوجهة الثانية فالغرض هو الجانب النفسي من الإعلان أي هو تعامل الإعلان مع سلوك الإنسان والتصرف في ذلك السلوك بطريقة ما.
أغراض الإعلان التجارية: إن الغرض البعيد للإعلان في مجالي الصناعة والتجارة هو تصريف الإنتاج وتحقيق الربح. أما في الخدمات فالغرض هو توفيرها لمن يحتاج إليها في مقابل أجر. وأما نشر الفِكَر فالغرض منه أن تغدو الفكرة موضع اهتمام الآخرين وعنايتهم سواء أكانت كتاباً أم اختراعاً أم فكرة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أم قطعة موسيقية، ويكون الربح في النهاية لمن ينشر الكتاب ويبيعه، كما يكون قبول الفِكَر المطروحة وتبنيها والاهتمام بها أحد أهداف المعلن.
وأغراض الإعلان القريبة إتاحة الفرص للناس لشراء الإنتاج المعلن وحضهم على الشراء وتوسيع دائرة من يرغب فيه. فإذا لم يكن الإنتاج قد طرح في السوق، فإن الغرض القريب هو إثارة فضول الناس ليترقبوا ذلك الإنتاج، وأن يبقى خبَره قوياً في ذاكرتهم وأن يُقبلوا عليه بلهفة لدى ظهوره في السوق.
وإذا كانت البلاد تمر بأزمة اقتصادية، أو كانت الأسعار مرتفعة، أو كان الوقت من الشهر أو السنة غير ملائم للشراء، أو كانت الشركة المنتجة تتوقع ظهور إنتاج جديد يخشى معه كساد الإنتاج السابق القديم، فإن غرضاً جديداً يهدف الإعلان إليه هو مقاومة عزوف الناس عن الشراء أو تراخيهم فيه، وحضهم على الإقبال على الشراء. وتفسر هذه الحالة لجوء المؤسسات التجارية الصغيرة والكبيرة من وقت إلى آخر إلى إعلان «تصفية» و«تنزيلات في الأسعار».
وثمة غرض ثالث يستهدفه الإعلان تجارياً هو دعم المموّل وتعزيز قدرته على المنافسة في الأسواق الحرة وتصريف إنتاجه مع وجود إنتاج آخر يزاحمه. ويبدو هذا الغرض شديد الوضوح في محتوى الإعلان وتفصيلاته، والمثال هنا إعلانات المنظفات المتنوعة المتوافرة في السوق.
أما الغرض الرابع فيتصل اتصالاً غير مباشر بالإنتاج وتصريفه وهو العامل الذي يشتغل في المصنع والمتجر وكذلك «بائع المفرق». إذ تشجع الإعلانات العمال على مضاعفة الجهد للإكثار من الإنتاج في حال رواجه، ويقوي روحه المعنوية حين يشيد الإعلان بمهارة العاملين في ميدان إنتاجهم وبما يقدمه إنتاجهم من خدمة لمجتمعهم. يضاف إلى ذلك أن وجود الإعلان وانتشاره يشجعان بائع المفرق، حين يكون بائع الجملة هو الممول، على أن يزيد من استدراج البضاعة لأن الناس غدوا يكثرون طلبها.
أغراض الإعلان النفسية: يذهب علم النفس، في دراسة الإعلان، إلى أن الإعلان مؤثر يستهدف التأثير في سلوك الناس من عدة جوانب في اتجاه معين، وليس التسوق في النهاية إلا مظهراً من مظاهر سلوك إنسان دُفع إلى ذلك.
وأول ما يسعى إليه الإعلان هو جذب انتباه الشخص الذي يكون في اللحظة التي سبقت اهتمامه بالإعلان مشغولاً بأمور أخرى، وقد ورد هذا الجانب في تعريف الإعلان. ولكن هذا القول لا يعني أن الإعلان يكتفي بجذب انتباه الشخص وإثارة فضوله فحسب، بل إنه يعني كذلك تأثير الإعلان في ذلك الشخص تأثيراً يؤدي إلى بقاء انتباهه مشدوداً إلى الإعلان مدة تكفي ليعي الإعلان بكل مضمونه. ويكون هذا الغرض للإعلان مقدمة لغرض آخر قريب هو تأثير الإعلان في ذاكرة الشخص تأثيراً يسمح ببقائه فيها إلى أن تبرز الحاجة إلى السلعة التي يتناولها الإعلان، فيسترجع الشخص في ذاكرته ما ورد في الإعلان ويعتمده في تنفيذ عملية الشراء.
أما الغرض الثالث فيتصل بالدافع الذي يحرك سلوك الشخص، والمقصود هنا السلوك الذي يلبي حاجته. والحاجات كثيرة لدى كل إنسان، ويكون من أغراض الإعلان القريبة استثارة الشعور بالحاجة لتدفع صاحبها إلى تلبية ذلك الشعور. ومن أغراض الإعلان كذلك، في هذا المجال، أن تستثار لدى الشخص حاجات جديدة. فالحاجة إلى اقتناء «الملابس» مثلاً أساسية لدى الإنسان، واستثارة هذه الحاجة في مطلع الصيف قد تكون بين أغراض إعلان حول «ملابس الصيف»، ومع ذلك فقد يستهدف الإعلان استثارة الحاجة إلى نوع معين وجديد من تلك الملابس تساير الدُّرْجة (الموضة) أو ذوق العصر، ومثل ذلك ما يتصل بالمكيفات ووسائل النقل وأثاث البيت وغيرها.
فإذا استطاع الإعلان إثارة دافع يلبي حاجة شخص ما، فإن الخطوة الأخرى التي ينتظر من الإعلان أن يحققها هي تكوين القناعة لديه بشأن جدارة السلعة التي يعبر عنها الإعلان. ويكون من بين ما تتوخاه صيغة الإعلان توليد هذه القناعة. ويأتي بعد ذلك دور الإعلان في حفز إرادة التنفيذ عند الشخص. ومع تكرار ظهور الإعلان وازدياد قناعة الشخص بجدوى ما ورد فيه، وتأكده منها بالتجربة، فإن غرضاً إضافياً للإعلان يتحقق، وهو بدء تكوين عادة لدى الشخص في سعيه وراء السلعة التي يتحدث عنها الإعلان كلما شعر بالحاجة إلى تلك السلعة. فإذا صادف أن أدخل المنتج شيئاً جديداً على سلعته، فإنه يوليه أهمية خاصة ساعياً، في الإعلان الجديد، إلى الربط بين إنتاجه الجديد وإنتاجه السابق الذي اعتاد الأفراد شراءه.
وسائل الإعلان
وسيلة الإعلان هي «حامل الإعلان» بعد إعداده، أو هي الأداة التي يخاطَبُ بها من يوجه إليه الإعلان. والوسائل كثيرة، ولكل منها مكانتها وتأثيرها في نشر الإعلان، لذلك فإن من المهم جداً اختيار الوسيلة التي تتوافر فيها أفضل الشروط لتحقق الغرض من الإعلان.
وفي مقدمة وسائل الإعلان الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والسينما والاتصال البريدي المباشر واللافتات والإعلانات الضوئية وغيرها كثير. ويغلب على هذه الوسائل أن تتيح للمعلن الفرصة لأن يختار موضع إعلانه من الصحيفة أو المجلة أو البرنامج التلفزيوني والحيز الذي يشغله الإعلان، والمكان والزمان، ومرات تكرار نشر الإعلان، وأن يحدد بعض الشروط الإضافية، وخاصة ما يتصل بإعلانات أخرى عن سلعة من النوع نفسه الذي يقدمه هو، مع العلم أن بعض الشروط الواقعية للوسيلة قد تحدّ أحياناً من حرية المعلن في الاختيار.
والحديث التالي عن هذه الوسائل لا يأخذ بترتيب خاص لها يعتمد على أهميتها أو ظهورها تاريخياً. ومع ذلك فمن اللازم التذكير هنا بما قيل سابقاً من أن ذهن القارئ أو المستمع يتجه مباشرة، لدى عرض موضوع الإعلان، نحو الإعلانات في مجالي الصناعة والتجارة.
الصحف اليومية: تأتي الصحف اليومية في مقدمة وسائل الإعلام. فإذا أُخذ بالحسبان ما تنفقه المؤسسات الصناعية والتجارية في سبيل الإعلان في الوسائل المتنوعة وُجد أن نسبة ما تناله الصحف من عائدات الإعلان يزيد بكثير على ما تناله أي وسيلة أخرى. وتغيرت النسبة بعد شيوع شبكات التلفزة والإنترنت التي طورت كثيراً في تقنيات الإعلان ونفقاته.
والصحف كثيرة في معظم بلاد العالم، إن لم يكن فيها كلها، ولها اتجاهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفيها العامة وفيها المتخصصة في ميدان معين. وتختلف الصحف فيما بينها من حيث عدد صفحاتها وتبويبها، ومواعيد صدورها، كما تختلف من حيث مدى انتشارها وعدد النسخ التي تطبعها ونسبة ما يوزع منها، والبلاد التي تصل إليها، وغير ذلك. ويضع المعلن كل هذه الأمور في حسابه حين يختار الصحيفة لإعلانه.
وتمتاز الصحف من وسائل الإعلان الرئيسية الأخرى بعدد من الخصائص. فهي تصدر يومياً إلا في حالات خاصة، وهي واسعة الانتشار مهما قل عدد النسخ التي توزعها، وهي توفر للمعلن فرصة اختيار واسع النطاق لمكان الإعلان والحيّز الذي يشغله، وهي تصل إلى فئات الشعب كافة. ثم إن القارئ يمكن أن يطالع الصحيفة في بيته أو في الحديقة العامة أو في المطعم أو في وسيلة النقل، ولا يتوافر مثل ذلك لأجهزة الراديو والتلفزيون. ومن هذه الزاوية تيسر الصحيفة للمطالع أن يعرف أين توجد السلعة التي يذكرها الإعلان، يضاف إلى ذلك أن الأجور مرتبطة بالحيز المكاني الذي يشغله الإعلان في الصحيفة، وهي أقل من أجور الإعلان في التلفزيون، ونفقات تعديل مضمون الإعلان في الصحف أقل بكثير من نفقات تعديله في الإذاعة المسموعة أو التلفزيون، مع العلم أن المطالع حر في أن يقرأ الإعلانات في الجريدة وقت يشاء أو يهملها، وأن يكرر مطالعة الإعلان كلما أراد.
المجلات: تعدّ المجلة، وما في بابها من الدوريات، في وسائل الإعلان المهمة، وهي تشترك مع الصحيفة اليومية في صفات وتختلف عنها في صفات، ومنها الإعلان إذ يتمتع المعلن فيها بحرية أكبر في اختيار مكان الإعلان ومساحته، ويمكن للقارئ مطالعة المجلة في مختلف الأمكنة داخل بيته وخارجه، وليس فيها إكراه يمارس على المطالع ليقرأ الإعلان، ومطالعة الإعلان وتكرار ذلك رهن بإرادة من يقتني المجلة أو يحصل عليها.
كذلك تختلف المجلة عن الصحيفة في عدد الصفحات، وهي أطول بقاءً من الصحيفة لدى من يقتنيهما، وقد يحتفظ بها المرء لسنوات. ثم إن القارئ يشعر أمام المجلة بمستوى علمي وأدبي يرتفع فوق مستوى الصحيفة اليومية. وفي المجلات تخصص أوسع بكثير مما في الصحف اليومية، وهي تمكن المعلن من أن يقف عند فئة معينة من القرّاء، كما هي الحال مثلاً في بعض الأدوية الطبية. ويبدو مستوى الوجه العلمي للإعلان في المجلة، ولاسيما المتخصصة، أكثر بروزاً ووضوحاً مما هو عليه في الصحيفة اليومية. وإذا كان يهم المعلن أن يبحث عن صحيفة واسعة الانتشار عامة، فإن اهتمام المعلن في المجلة يتجه عادة نحو المجلة الأوسع انتشاراً بين جمهور خاص يريد المعلن أن يصل إعلانه إليهم. وفي حالات معينة يحتمل ألا يبلغ الإعلان أغراضه عن طريق الصحيفة اليومية إذا كان موضوعه من تخصص عال، ويغدو المكان الطبيعي لذلك الإعلان المجلة المتخصصة، ويدخل فيه ما لا يجب أن يُنشر إلا بين جمهور المتخصصين، ثم إن عدداً غير قليل من المجلات يصدر عن مؤسسات إنتاج أو تجارة أو فكر، ويندر مثل هذه الحال في الصحف اليومية، مع العلم أن من الممكن وجود جهات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية معينة تمول الصحيفة اليومية، وتنتشر صحف ومجلات تهتم بالإعلان فقط وتوزع مجاناً.
الإذاعة: يوفر الجهاز المعروف باسم «الراديو»، لاستقبال البث الإذاعي المسموع، فرصة جيدة للإعلان: إذ يكاد يتوافر لدى كل أسرة وفي كل سيارة، والبث الإذاعي يستمر معظم ساعات اليوم، ويمكن فرض شروط معينة على الإعلان عن طريق الإذاعة تدعم جاذبيته وعنصر التشويق فيه، ويدخل في ذلك الموسيقى المرافقة والعبارات المنمقة والطريفة والحوار بين الأشخاص. والإعلان عن طريق البث الإذاعي ليس مرتفع الأجر، وتكرار إذاعته يسير، وكثيراً ما تتكون صلة وثيقة بين الفرد والراديو تفوق قوة الصلة بين الفرد والصحيفة اليومية أو المجلة، ولاسيما أن الاستماع إلى الراديو لا يشغل المرء عن الاهتمام بأمور أخرى في البيت أو العمل. ثم إن الإعلان المسموع المرافق بنغمات خاصة كثيراً ما يترك في المستمع أثراً لا يتوافر للصحيفة فتراه يردد النغمات المرافقة لإعلان مذاع، وهو أمر لا يتوافر عند الإعلان في الصحف.
ولكن الناس قد يشعرون بالضجر ويتأففون عندما يتكرر تواتر الإعلان في الراديو على كره منهم، وخاصة حين يقطع الإعلان عليهم صفو الاستماع إلى حديث شيق أو أغنية يحبونها. ثم إن الإعلان عن طريق الراديو، مع كل ما فيه من إغراء، أقل غنى بمعطياته من الإعلان التلفزيوني.
التلفزيون: يعدّ الإرسال التلفزيوني من أهم وسائل الإعلام التي يمكن أن تستغل في الإعلان. والإعلان الذي تقدمه هذه الشاشة، صوتاً وصورة، ليس جامداً كما هي الحال في إعلانات الصحف والمجلات بل إنه ينطوي على الحركة والحياة، وفيه تنوع. ومن هذه الزاوية يوفر التلفزيون الفرصة للمعلن لأن يبيّن كل التفصيلات التي يريدها، وأن يبرز كل الجوانب التي يرغب فيها، ومن الممكن إغناء الإعلان بأشكال من التشويق تفوق بكثير ما يمكن أن يقدمه الإعلان المكتوب أو المسموع، بما يرافقه من موسيقى وغناء، وصور متحركة، وجو إنساني، إضافة إلى أن تعدد القنوات التلفزيونية وانتشار شبكاتها يوفران للمعلن فرصاً كبيرة لاختيار القناة الأفضل لإعلانه.
إلا أن للتلفزيون مساوئه كذلك في مجال الإعلان. فأجور الإعلان فيه مرتفعة جداً بالموازنة مع أجور الإعلان في الصحف والمجلات، وتكاليف إعداد الإعلان للبث التلفزيوني والمدة الزمنية التي يشغلها الإعلان من أوقات البث مرتفعة أيضاً. لذلك كثيراً ما يصعب على المعلنين الصغار منافسة إعلانات المؤسسات الكبيرة. ومن هنا يمكن القول إن التلفزيون يخدم أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة ولا حظّ فيه لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة.
ويعد التلفزيون من الأثاث الثابت، ولا يتوافر في كل مكان كما تتوافر الصحيفة أو الراديو، ويغلب أن يكون في البيت أو المقهى وهو يحتاج إلى توجيه حاستي البصر والسمع إليه وبذلك تكون مشاهدة ما يعلن على شاشة التلفاز محدودة زماناً ومكاناً.
السينما: تعد شاشات دور السينما في وسائل الإعلان الواسعة الانتشار. وتتمحور خصائصها حول ما يمكن أن يحتويه الإعلان وحول المشاهدين. فالإعلان المعدّ على صورة فيلم سينمائي يعرض تفصيلات دقيقة عن كل ما يتصل بموضوع الإعلان ويستطيع التحكم بالجزئيات في الإعلان، وقد ينطوي الفيلم السينمائي على مغريات تفوق ما في العرض التلفزيوني وذلك بسبب الأجواء الخاصة بدور السينما. والإعلان في دور السينما يعرض دفعة واحدة على مجموعة كبيرة من المشاهدين، كذلك فإن أساليب الإثارة في دار السينما وفي الفيلم تشد انتباه المشاهد إلى ما يُعرض.
إلا أن الإعلان السينمائي يواجه، مع ذلك، صعوبات بسبب مزاحمة التلفزيون وأفلام الفيديو ونوعية الجمهور الذي يرتاد دور السينما وغير ذلك. وقد أدت هذه الصعوبات، في بعض الحالات، إلى التخفيف من عرض الإعلانات في دور السينما وتفضيل غيرها من وسائل الإعلان.
الاتصال البريدي: كثيراً ما يتم اتصال المعلنين بالأفراد أو المؤسسات عن طريق البريد، بإرسال إعلاناتهم على شكل نشرات أو بيانات مفصلة أو عينات من منتجاتهم يصعب الإعلان عنها بوسائل أخرى.
ثم إن الغالب أن يعتمد الاتصال البريدي لإرسال الإعلان إلى أفراد أو مؤسسات معينة لها اهتمام بالسلعة المعروضة أو الخدمات أو الأفكار موضوع الإعلان، وغالباً ما يكون عدد الأفراد، أو المؤسسات المعنية محدوداً. وتكون النفقات التي يتحملها المعلن غير مرتفعة. ثم إن المعلن يعرف، بهذه الطريقة أن خبر بضاعته وصل إلى الأشخاص الذين يقدر أنهم يهتمون بها، وقد يكون كثير من هؤلاء في بلد بعيد لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق البريد. أما إيجاد عنوانات من يرسل الإعلان إليهم بهذه الطريقة فأمر يسهل تداركه عن طريق متعهد أو عن طريق دراسات خاصة تقوم بها المؤسسة التي تمول الإعلان، والوسائل في مثل هذه الدراسات كثيرة واستخدم البريد الإلكتروني في الإعلان لأنه أسرع وأرخص من الاتصال البريدي السريع.
وسائل إعلان أخرى: ثمة وسائل إعلان أخرى يمكن اعتمادها في الترويج لسلعة أو خدمة أو فكرة، ومن هذه الوسائل ما له تاريخ طويل في حياة الإنسانية، كالعرض في المحلات التجارية، وتعليق اللافتات ولوحات الإعلان في الطرق أو قرب المحلات التجارية أو على السيارات والحافلات أو ربطها بمناطيد أو طائرات مخصصة للإعلان. ومنها كذلك الملصقات ودليل الهاتف والإعلانات المضيئة والهدايا التي ترسل بمناسبات الأعياد وغيرها. ومع كل ما ينفق في هذا المجال فإن ما ينفق لا يُعدّ كثيراً إذا ووزن بما ينفق على الإعلانات في التلفزيون. إلا أن من اللازم القول إن محتوى الإعلان في مثل هذه الوسائل لا يكون واسعاً وإن مجالات الإغراء والتشويق فيه ضيقة.
إعداد الإعلان وإخراجه
الإعلان حصيلة عملية متعددة الجوانب والمراحل، وهذه العملية هي المقصودة في مصطلح «صناعة الإعلان». ويسهم فيها أشخاص كثيرون مختلفو الاختصاص وتستعمل فيها تقنيات متنوعة. وقد انعكس تعدد جوانب الإعلان، والصورة التي يأخذها في خاتمة المطاف على المؤسسات العاملة في الإعلان، فغدا أكثرها يضم أقساماً متخصصة.
وتعتمد عملية الإعلان على عدد من المصادر الرئيسية التي توفر لها المعلومات والمنطلقات اللازمة لتنجز مهماتها. وفي مقدمة هذه المصادر أربعة: ثلاثة منها عامة، أما الرابع فخاص ويرتبط بالسلعة والمنتج. والمصادر الثلاثة الأولى هي: الدراسات التي تجعل الإعلانات المتوافرة على أرض الواقع وما هو في بابها موضوعاً لها، والدراسات التي تهتم بالأسس النفسية للإعلان، والدراسات المعنية بما يجب أن يتوافر في الإعلان ليكون فعّالاً. أما المصدر الرابع فهو الوقائع المتعلقة بالإنتاج أو الخدمات أو الأفكار التي يعرّف الإعلان بها وبالجهة الممولة أو المنتجة.
1ـ الدراسات العلمية حول الإعلانات: يتناول البحث العلمي المهتم بالإعلان جوانب الإعلان كلها ساعياً وراء استنباط الحقائق العلمية وتوظيفها في تطوير الإعلان. ومن الممكن تصنيف البحوث حول الإعلانات في أربع فئات هي: تعرّف تأثير الإعلان في الناس، وتعرف أثره في تصريف الإنتاج، ودراسة النواحي الفنية في الإعلان ومدى ما يستدل منه على بعض المظاهر الحضارية في المجتمع الذي ينشر فيه.
أ ـ البحوث الهادفة إلى تعرّف تأثير الإعلان: ينشر الإعلان في واحدة أو أكثر من وسائل الإعلان، وتتجه البحوث إلى معرفة تأثير الإعلان في الناس في كل من هذه الوسائل من أجل بلوغ أهدافها، تعتمد البحوث على طرائق علمية متعددة منها: ملاحظة الناس في حياتهم الواقعية، واستجواب عيِّنة من الناس في مقابلة مباشرة وإفرادية، وطرح أسئلة معدّة سلفاً في بطاقات عن طريق البريد أو البريد الإلكتروني والاتصال الهاتفي أو الشخصي، والتجريب المنظم، وغير ذلك. ويسعى الباحث، في كل حالة، إلى جمع حقائق تتصل بعادات الناس حول مطالعة اللافتات والملصقات وقراءة الصحف والمجلات والاستماع إلى الإذاعة ومشاهدة ما يعرض في التلفزيون أو الإنترنت.
يسعى الباحث في كل حال إلى معرفة التفصيلات اللازمة لبحثه ومعرفة مدى اهتمام الناس بالإعلانات في وسائل الإعلام المختلفة، وما يجذبهم في الإعلان، وفي أي الأوقات يكون نشر الإعلان هو الأفضل في إثارة اهتمام أكبر عدد ممكن من الأشخاص الذين يوجه إليهم، وفي أي مكان أو حيز من وسيلة الإعلان يكون وضع الإعلان مناسباً، علماً بأن للصفحة الأولى من الصحيفة أو المجلة مكانتها من عادات القراءة، وخاصة القسم العلوي منها، كما أن للفواصل بين البرامج الإذاعية قيمته، وللحيز ضمن برنامج ما قيمته. وكثيراً ما يحدث أن يستخدم الباحث الاتصال الهاتفي بعدد من الأسر في ساعات من اليوم لمعرفة البرنامج الذي تستمع إليه الأسرة أو تشاهده، ولمعرفة رأيها في آخر إعلان شاهدته قبل الاتصال الهاتفي. ثم إن الباحث كثيراً ما ينظم موقفاً تجريبياً يضم مجموعة من الأشخاص وعدداً من الإعلانات ليحصل على نتائج تجريبية بشأن تأثر أولئك الأشخاص بالبرامج التي تقدم.
ب ـ البحوث الهادفة إلى دراسة أثر الإعلان في تصريف الإنتاج: تتجه بحوث علمية كثيرة نحو دراسة مدى تأثر تصريف الإنتاج بالإعلانات ودراسة درجة زيادة «المبيعات» بعد نشر إعلان معين في وسيلة معينة. وقد اختلفت نتائج بعض البحوث في هذا المجال، وتبين في أكثر البحوث أن الإعلان المعدّ إعداداً جيداً والمقدم بوسيلة واسعة الانتشار ساعد على تحقيق زيادة ملحوظة في مقدار ما يباع مما يعلن. ويؤيد هذا الاتجاه استمرار المؤسسات الصناعية والتجارية وغيرها في تمويل مزيد من الإعلانات ولاسيما في الوسائل المتطورة.
جـ ـ البحوث المعنية بالفن في الإعلان: أدى تطور الإعلان، ولاسيما في المدة التي تلت الحرب العالمية الأولى ثم الثانية، إلى عناية خاصة في تضمين الإعلان صوراً وألواناً وربط محتواه بلوحات تشكيلية فنية متميزة، وإلى عناية خاصة بمرافقة الإعلانات المسموعة أو المرئية بأنماط من الموسيقى والغناء والرقص. وكان من نتائج هذا التطور أن غدا الفن التشكيلي في الإعلان موضوع دراسات مختلفة: اهتم بعضها بالربط بين المدارس الفنية وفن الإعلان، وعمل بعضها الآخر على إقامة معارض للإعلان تبين تنوع فنونه. وكان من بين النتائج كذلك أن ظهر متخصصون فنيّون في الإعلان ينتمون إلى مدارس فنية معينة. كذلك كان من نتائج تطور ما يرافق الإعلان أن اتجهت بعض الدراسات إلى أنواع الموسيقى والغناء والرسم التي تسهم في جعل الإعلان جذاباً وفعالاً.
د ـ البحوث الهادفة إلى تعرف المظاهر الحضارية: يدل تحليل الإعلانات في بلد ما على أنها تكشف عدداً غير قليل من المظاهر الحضارية في ذلك البلد. إنها تبين الكثير مما يتأثر به الناس في مجال الكلمة والعبارة واللون والإطار والشعارات، وما يوافق الذوق الفني، وما يتماشى مع ما هو سائد من حيث الملبس والأثاث والعطور وأدوات الزينة والأدوات المنزلية، وأكثر مظاهر الحضارة الأخرى. كذلك يبين تحليل الإعلانات المظاهر التي تستثير الدوافع بين أفراد المجتمع سواء أكانوا جماعات أم فئات عمرية أم غير ذلك، ولعلَّ في فحص الواقع في مجتمع من المجتمعات الحالية من انتشار لبعض الشعارات أو الأسماء التي ترسم على القمصان وغيرها من الملابس ما يشير إلى ظاهرة حضارية خاصة. يضاف إلى ذلك أن تحليل الإعلانات يقدم الكثير من المعلومات عن الأدوات والأجهزة المختلفة التي يستعملها أهل ذلك البلد.
ولما كان للتاجر والصانع رأي في الإعلان التجاري الذي يمولانه، فإن الإعلان يؤخذ، في حالات كثيرة، مؤشراً على ميول هؤلاء واتجاه تفكيرهم فيما يتصل بتقويمهم لإنتاجهم، وقيمهم الشخصية وقيم مجتمعهما.
ثم إن الدراسة العلمية لتطور الإعلان في مجتمع ما تاريخياً تقدم معلومات عن التطور الاجتماعي والحضاري لذلك البلد. وحين تكون هذه المعلومات موثقة فإن الإعلان يمكن أن يُوظَّف لا من أجل تصريف السلع المعلنة فحسب، بل من أجل الإسهام في تطور البلد حضارياً.
2ـ الأسس النفسية في الإعلان: يوجَّه الإعلان إلى فئات من الناس قد تكون كثيرة العدد، ويهدف إلى جذب انتباه الناس ودفعهم إلى تعرف ما يعلنه والسعي للحصول عليه. ويعني هذا الهدف أن الإعلان معنيّ بتوجيه سلوك الأفراد من الفئات التي يخاطبها. ويستفيد العاملون في الإعلان من إنجازات علم النفس بفروعه المتعددة لجعل إعلاناتهم فعالة، وفي مقدمة الأسس التي يعتمدون عليها من علم النفس ما يتصل بالجوانب التالية:
أ ـ الحواس والانتباه: إن الحواس لدى الإنسان هي نوافذه على العالم الخارجي المحيط به ووسيلته الرئيسية في إدراك المعارف عن هذا العالم.
ولما كان لكل حاسة وظائفها، فإن اجتماع أكثر من حاسة في تلقي المؤثر الخارجي يؤدي إلى شمول أوسع في إدراك ذلك المؤثر والحصول على معلومات عنه. ويسعى المعلن دائماً إلى تضمين إعلانه مؤثرات في أكثر من حاسة من حواس المتلقي أو أكثر من وظيفة من وظائفها ليجذب انتباهه إلى مضمون الإعلان، ويضع في حسابه أن يستمر عرض الإعلان مدة كافية تستدعي لفت انتباه المتلقي وتدفعه إلى التأمل.
ب ـ الدوافع والصراعات: يجمع علماء النفس على أن وراء كل سلوك يسلكه الإنسان دافعاً أو أكثر يحرك سلوكه ويحرضه ويوجهه ويستمر في ذلك إلى أن يتحقق غرضه منه. ويذكر علم النفس أن لقوة الدافع مكانتها في تحريض الفرد على نهج سلوك معين، وأن الدوافع يمكن أن تتصارع حين لا يستطيع الفرد تلبية أغراضها جميعاً، وتكون الغلبة في الصراع، على الأكثر، للدافع الأقوى.
ينطلق معدّ الإعلان من هذه المبادئ ليجعل الإعلان قادراً على إثارة دوافع معينة لدى المتلقي، وتعزيز قوة دافع أو أكثر بحيث يتغلب الدافع الأقوى الذي يدعمه الإعلان. ويقتضي ذلك أن يكون معدّ الإعلان حاذقاً في لعبة تحريك الدوافع والسيطرة على الصراعات بينها. ولعلَّ من المناسب أن يتذكر المرء هنا ما تفعله الإعلانات الخاصة بالتوفير من أجل الشيخوخة والصراع الذي تثيره بين رغبة الفرد بسلامة العيش في مستقبل أيامه ورغبته في الإنفاق فيما يلزم في يومه وشهره.
جـ ـ الحفظ والتذكر: يكثر أن يطالع المرء إعلاناً في الصحيفة أو التلفزيون لا حاجة له فيه في ذلك الحين، ولكن تطرأ حاجته إلى الحصول على ما ذكره الإعلان في وقت متأخر. ويعني ذلك أن على الشخص أن يتذكر مضمون الإعلان وأن يستطيع استعادة ما خزن في ذاكرته عن ذلك الإعلان حين يرغب في ذلك. ويعتمد الإعلان هنا على معطيات علم النفس المتصلة بحسن الحفظ والتذكر، ويدخل في هذه المعطيات تكرار مضمون الإعلان، لأن التكرار من وسائل الحفظ، ويدخل الأثر الشديد الذي يجب أن يتركه الإعلان في نفس مطالعه والترابط القوي بين ما ينطوي عليه الإعلان ودوافع الشخص.
د ـ الترابط والتداعي: يخطر على بال الإنسان، في مناسبات متعددة، أمر يعود إلى الماضي ولا يكون هو ساعياً وراءه، وتقع مسؤولية الاستعادة على حضور ذهن الإنسان، وقد وجد بين الأمرين ترابط أو تشابه أو تناقض. ويسمي علم النفس هذه الظاهرة ظاهرة التداعي إذ تستدعي حادثة في شعور الإنسان حادثة من ماضيه لصلة بينهما. ويسعى واضع الإعلان إلى الإفادة من هذه الظاهرة التي يكثر الحديث عنها في علم النفس، فيعمد إلى الربط بين ما يتحدث الإعلان عنه، أو يذكره في جزء منه، وحادث تاريخي أو أثر حضاري أو سيرة بطل في الرياضة أو النضال فيؤدي ذكره إلى تذكر ما يدعو الإعلان إليه. ومن الأمثلة التي تضرب في إيضاح اعتماد الإعلان ظاهرة التداعي، ربط الإعلان بين نوع من الأحذية وبطل مشهور في الألعاب الرياضية.
هـ ـ الإقناع والإيحاء والمسوّغات العقلية والعاطفية: إن قناعات الإنسان وعواطفه هي التي توجه سلوكه عامة ويكون الإقناع بتقديم مسوّغات عقلية ومسوغات عاطفية، فقد يتم الاقتناع بالإيحاء إلى أن يقبل المخاطب أمراً يريده الموحي الذي يحتل غالباً مكانة عالية في تقدير ذلك الشخص كأن يلبي الأب طلباً لابنته التي يحبها مهما كلفه الأمر، وفي قبول الصغير تفسيراً لحادثة يقدمه الكبير الذي يثق به.
ويحاول واضع الإعلان دائماً الإفادة من طرائق الإقناع والإيحاء عند اختيار نص الإعلان ومضمونه، وهو يجيد التحدث إلى عقل الفرد وعواطفه، واستغلال انفعالات الشباب، ونزوع بعضهم إلى تقليد ما يفعله شباب آخرون من مجتمعات أخرى أو نزوعهم إلى حب الظهور في مجتمعهم. كذلك يحذق واضع الإعلان لغة الحديث المناسبة مع كل فئة من الفئات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.
و ـ الفروق الفردية: يقصد بالفروق الفردية الفروق بين الأفراد، والفروق بين الجنسين، والفروق بين الأعمار من حيث القدرات، والاهتمامات والميول، والاتجاهات، والقيم، والثقافة وغيرها.
وعلى واضع الإعلان أن يراعي هذه الفروق حين يوجه خطابه إلى الناس عامة أو إلى الذكور أو إلى الإناث أو إلى الشباب أو إلى الشابات أو إلى المتقدمين سناً. فالحديث عما يلزم للكهل لا يجلب انتباه الشاب عادة، والحديث عن ملابس الأطفال تهتم به النساء أكثر مما يهتم به الرجال، والحديث عن «المشروبات الغازية» يوجه إلى الشباب أكثر مما يوجه إلى الكبار، وإعلان الألبسة الرخيصة لا يهم كثيراً الميسورين مالياً.
3ـ الدراسات المعنية بالعناصر الأساسية في الإعلان: يشمل الإعلان عدداً غير قليل من العناصر، منها الكتابة والخطوط والرسوم والألوان وما يرافق ذلك من شعارات أو موسيقى أو غناء، انطلاقاً مما تقتضيه الوسيلة التي تحمل الإعلان. وقد جعلت هذه العناصر موضوعات لدراسات علمية متعددة انطلق بعضها من المعارف التي يقدمها علم النفس وانطلقت أخرى مما يتوافر في مجموعة من الإعلانات ذكر محكمون موثوقون أنها كانت فعالة جداً. وكثيراً ما جمعت الدراسات بين معطيات علم النفس ومعطيات الواقع في بيان العناصر الأساسية التي يجب أن تراعى لدى إخراج الإعلان ليكون فعالاً. وتأتي العناصر التالية في مقدمة ما تلح عليه الدراسات مع ملاحظة أن الأخذ بها أو ببعضها يجب أن يتناسب مع وسيلة الإعلان نفسها.
أ ـ الكتابة في الإعلان: تعد الكلمة عنصراً رئيسياً في الإعلان سواء أكان مما يُقرأ أم يُسمع أم يُشاهد، والكلمة التي تذكر وحدها، أو في عبارة، هي ما يرغب معدّ الإعلان أن تصل إلى من يوجه إليه الإعلان. وليس من الغريب أن يسعى كاتب الإعلان وراء انتقاء الكلمات سعي الشاعر أو الأديب، وقد يكون الأمر أصعب من ذلك، لأن كاتب الإعلان يرغب في التعبير عما يعلنه تعبيراً يناسب من يوجه الإعلان إليه. ويعدّ الإعلان الذي يحمل مسحة أدبية جميلة وأسلوباً جذاباً ذا تأثير بالغ في جذب انتباه الناس والوقوف أمامه وحفظه مدة طويلة.
ثم إن الابتكار والتجديد في النص أمر مهم لأن تكرار أقوال كثر تداولها، أو كلمات كثر استعمالها، يضعف أثر النص المكتوب. وفي جملة ما يسعى إليه الابتكار تضمين النص مسألة تستدعي انشغال ذهن المخاطب، والجمع بين أكثر من قول، ولاسيما إذا كان هناك قول مأثور يرتبط بحادثة مهمة أو شخص مرموق اجتماعياً، مما يساعد كثيراً على الترابط اللازم في التداعي وحفظ ما أورده الإعلان واستعادته بسرعة في المستقبل. وكثيراً ما يتطلب الإعلان ذكر عنوان محدد، كما أن اختيار المكان أو الحيّز الذي يوضع العنوان فيه ينطوي على جاذبية خاصة. وأكثر ما يشغل بال المعلن أو واضع الإعلان المساحة التي يجب أن يشغلها الإعلان ومكانه في وسيلة الإعلان التي تم اختيارها، وتوقيت بثه إذا كان الإعلان في الإذاعة أو التلفزيون. وفي كلتا الحالتين يجب أن يأخذ واضع الإعلان في حسابه عدداً من الأمور، أهمها إمكانات ممول الإعلان وفق الشروط التي تفرضها وسيلة الإعلان ومدى الفائدة (الجدوى) التي يحققها من وراء إعلانه. وتواجه شروط النشر الصعبة والنفقات تحدياً لواضع الإعلان ليبتكر إعلاناً يُنشر ويلبي أغراضه على نحو جيد ويكون من حيز يتناسب وما يرغب الممول في إنفاقه من المال.
ب ـ اللون والرسم في الإعلان: تحتل الألوان والرسوم والصور مكانة أساسية في الإعلانات الحديثة، ويعتمد اختيار الألوان ووضعها وتناسقها أو تباينها اعتماداً كبيراً على المستوى الفني لمصمم الإعلان ومخرجه وذلك بسبب من أثر اللون وتنوعه في مُطالع الإعلان. وتقدم رسوم كبار الفنانين أمثلة عن مكانة تناسق الألوان في لوحاتهم وعن الجاذبية التي يضفيها تباين الألوان أحياناً.
وقد يختار الرسم من الطبيعة أو يكون تجريدياً أو يُختار من حياة الجماعة. ويلجأ الإعلان إلى الرسم لأنه يقترب بذلك من حياة الإنسان الواقعية ويوفر فرص تنوع الإعلان والتقريب بين النص والرسم والميزات التي يقدمها الإنتاج الذي يتحدث عنه الإعلان. ولكن الإعلان يأخذ بالحساب كذلك التمايز بين ما ينطوي عليه والتفريد حين يكون الغرض إبراز جانب أو جوانب معينة مما ترمز إليه الألوان أو الرسوم.
جـ ـ الحركة في الإعلان: تحتل الحركة في الإعلان مكانة عظيمة الأهمية في استثارة الحواس وجذب الانتباه والتأثير في الذاكرة، وقد أكدت هذه المكانة كثرة انتشار الإعلانات التي تعتمد على الحركة والضوء.
والحركة المقصودة في الإعلان نوعان: واقعية ومتخيلة. تظهر الأولى في الحركات الضوئية، والحركة المتنوعة في الإعلانات التلفزيونية، والحركة في الإعلانات التي تأخذ أشكالاً مجسمة. أما الحركة المتخيلة فهي ما يؤدي إلى تخيلها تنوع الألوان والرسوم في الإعلان: فالتنوع الحاذق والترابط يستطيعان معاً أن يوحيا إلى ما يشبه الحركة ضمن الإعلان الساكن.
د ـ العناصر الأخرى المرافقة: هناك مجموعة من العناصر الأساسية التي يكثر استعمالها في الإعلانات وتكون مرافقة لمضمون الإعلان. من بين هذه العناصر رسوم يمكن جعلها خلفية للإعلان المكتوب، ومن بينها دعابات أو أحجيات تحيط الإعلان بجو خاص من المرح والمتعة. ومن بين العناصر التي أثبتت جدواها في الإعلانات الإذاعية أو التلفزيونية الموسيقى والغناء على وجه الخصوص، وقد يضاف إليها ضروب من الرقص في الإعلانات التلفزيونية.
4ـ دراسة الوقائع المتعلقة بموضوع الإعلان: يحتاج من يعدّ الإعلان إلى معلومات متكاملة عن البضاعة أو الخدمات أو الأفكار التي تؤلف موضوع الإعلان ليستطيع تقديم الموضوع إلى المتلقين تقديماً متكاملاً وفعالاً. وتشمل المعلومات المطلوبة أوصاف السلعة، وما تتميز به من أنواع السلع الأخرى المماثلة، والفائدة منها ومدى تلبيتها لحاجات الناس، وأين توجد هذه السلعة حين يسعى الشاري إليها. يضاف إلى ذلك أن معدّ الإعلان يحتاج إلى معلومات عن الشركة المنتجة ومراحل العمل حتى خروج السلعة إلى الأسواق والتقنيات الخاصة التي لزمت في ذلك.
يقدم مموّل الإعلان هذه المعارف بالطريقة التي تكون متناسبة مع سياسة الإنتاج في مؤسسته. ويجب أن يتذكر المرء هنا أن هذه المعطيات توفر الأساس للعناصر التي يجب أن يبرزها الإعلان، وللتشويق الذي يجب أن ينطوي عليه، ولمواجهة جانب المنافسة التي تأتي من إنتاج شركات أخرى. وكثيراً ما يعمد معدّ الإعلان إلى زيارة مركز الإنتاج واللقاء بالعمال ليخرج في إعلانه ما توفره له ملاحظاته الخاصة واتصالاته المباشرة.