Search - للبحث فى مقالات الموقع

Wednesday, November 24, 2010

Augustine of hippo أوگستين - هيپو



أوگستين من هيپو  (13 نوفمبر، 354 - 28 أغسطس، 430)، هو أحد أهم الشخصيات في المؤثرة في المسيحية الغربية. تعتبره الكنيستين الكاثوليكية والأنجليكانية قديسا وأحد آباء الكنيسة البارزين وشفيع المسلك الرهباني الأوغسطيني. يعتبره العديد من البروتستانت،وخاصة الكالفنيون أحد المنابع اللاهوتية لتعاليم الإصلاح البروتستانتي حول النعمة والخلاص. تعتبره بعض الكنائس الأورثوذكسية مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قديسا بينما يعابره البعض هرطقيا بسبب آرائه حول مسألة الانبثاق. ولد في مدينة تگاست (سوق أهراسالجزائر حالياً) في العام 354 م. كان والد أوغسطين يتمتع بمنصب هام في تلك المنطقة من البلاد ولكنه لم يكن غنياً، وكان أيضاً وثنياً لو يعتنق المسيحية إلا في أواخر أيامه أما والدة أوغسطين القديسة مونيكا فإنها كانت مسيحية تقية. تلقّى تعليمه في روما وتعمّد في ميلانو. مؤلفاته - بما فيها الإعترافات،التي تعتبر أول سيرة ذاتية في الغرب - لا تزال مقروءة في شتى أنحاء العالم.

حياته

القديس أوغسطين يتحدّر من أصول أمازيغية على الأغلب. ولد في تگاست عام 354 (حاليا سوق أهراس، الجزائر) التي كانت مدينة تقع في إحدى مقاطعات مملكة روما في شمال أفريقيا. عندما بلغ الحادية عشرة من عمره أرسلته أسرته إلى مداورش، مدينة نوميدية تقع 30 كلم جنوبي تجست. في جيل السابعة عشرة ذهب إلى قرطاج لإتمام دراسة علم البيان. كانت أمه مونيكا أمازيغية[1] ومسيحية مؤمنة أما والده فكان وثنيا. رغم تنشأته المسيحية إلا أن أوغسطين ترك الكنيسة ليتبع الديانة المانوية خاذلا أمه. في شبابه عاش أوغسطين حياة متعية وفي قرطاج كانت له علاقة مع امرأة ستكون خليلته لمدة 15 عاما. خلال هذه الفترة ولدت له خليلته ابنا حمل اسم أديودادتوس [2] كان تعليمه في موضوعي الفلسفةوعلم البيان، علم الإقناع والخطابة. بعد أن عمل في التدريس في تجست وقرطاج انتقل عام 383 إلى روما لظنّه أنها موطن خيرة علماء البيان. إلا أنه سرعان ما خاب ظنه من مدارس روما وعندما حان الموعد لطلابه أن يدفعوا ثمن أتعابه قام هؤلاء بالتهرب من ذلك. بعد أن قام أصدقاءه المانويين بتقديمه لوالي روما، الذي كان يبحث عن أستاذ لعلم البيان في جامعة ميلانو، تم تعيينه أستاذا هناك واستلم منصبه في أواخر عام 384.
في ميلانو بدأت حياة أوغسطين بالتحول. من خلال بحثه عن معنى الحياة بدأ يبتعد عن المانوية منذ أن كان في قرطاج ، خاصة بعد لقاء مخيب مع أحد أقطابها. وقد استمرت هذه التوجهات في ميلانو إذ ذهبت توجهت أمه إليها لإقناعه باعتناق المسيحية كما كان للقائه بأمبروزيوس، أسقف ميلانو، أثرا كبيرا على هذا التحول. لقد أعجب أوغسطين بشخصية أمبروزيوس وبلاغته وتأثر من موعظاته فقرر ترك المانوية إلا أنه لم يعتنق المسيحية فورا بل جرّب عدة مذاهب وأصبح متحمسا للأفلاطونية المحدثة.
في صيف 386، بعد قراءته سيرة القديس أنطونيوس الكبير وتأثره بها قرر اعتناق المسيحية، ترك علم البيان ومنصبه في جامعة ميلانو والدخول في سلك الكهنوت. لاحقا سيفصّل مسيرته الروحية في كتابه الاعترافات. فقام أمبروزيوس بتعميده وتعميد ابنه في عام 387 في ميلانو. عام 388 عاد إلى أفريقيا وقد توفيت أمه وابنه في طريق العودة تاركين اياه دون عائلة.
بعيد عودته إلى تجست قام بتأسيس دير. عام 391 تمت سيامته كاهنا في إقليم هيبو (اليوم عنابة في الجزائر). أصبح واعظا شهيرا (وقد تم حفظ أكثر من 350 موعظة تنسب إليه يعتقد أنها أصيلة) وقد عُرِف عنه محاربته المانوية التي كان قد اعتنقها في الماضي.
عام 396 تم تعيينه أسقفا مساعدا في هيبو وبقي أسقف خيبو حتى وفاته عام 430. رغم تركه الدير إلا أنه تابع حياته الزاهدة في بيت الأسقفية. الأنظمة الرهبانية التي حددها في ديره أهلته أن يكون شفيع الكهنة.

الآثم

كانت أفريقيا الشمالية التي ولد فيها أوجسطين موطن خليط من الأجناس والعقائد، أمتزج في أهلها الدم البونى والنوميدى بالدم الروماني ، ولعلهما أمتزجا فيأوجسطين. وكان كثيرون من الناس يتكلمون اللغة البونية -وهي لغة قرطاجة الفينيقية القديمة، وقد بلغوا من الكثرة حداً اضطر معه أوجسطين وهو أسقف ألا يعين من القساوسة إلا من كان يتكلم هذه اللغة. وكانت الدونانية فيها تتحدى الديانة القويمة، والمانية تتحداهما جميعاً، ويلوح أن كثرة الأهلين كانت لا تزال وثنية. وكان مسقط رأس أوجسطين هو بلدة [تاجستي] في نوميديا. وكانت أمه القديسة مونيكا  مسيحية مخلصة قضت حياتها كلها تقريباً في العناية بولدها الضال والدعاء له بالهداية. أما والده كان رجلا قليل المال، ضعيف المبادئ صبرت مونيكا على عدم وفائه ليقينها أنه لن يستمر على هذا إلى أبد الدهر. ولما بلغ الغلام الثانية عشرة من عمره أرسل إلى المدرسة في مدورا  ولما بلغ السابعة عشر أرسل ليتم دراساته العليا في قرطاجنة. وقد وصف سلفان أفريقيا بعد ذلك الوقت بقليل بأنها "بالوعة أقذار العالم" ، كما وصف قرطاجنة بأنها "بالوعة أقذار أفريقيا". ومن أجل هذا كانت النصيحة التي أسدتها مونيكا لولدها وقت وداعه هي كما جاءت على لسانه. [3]
"لقد أمرتني ، وحذرتني في جد وصرامة من مخالفة أمرها ، وألا أرتكب الفحشاء، وخاصة ألا أدنس عرض امرأة متزوجة. وخيل إلي أن هذه الأقوال لا تعدو أن تكون نصائح امرأة ، وأن من العار أن أعمل بها ...واندفعت في غوايتي اندفاع الأعمى ، حتى كنت أخجل وأنا بين لذاتي من أن أرتكب ذلك الجرم الشنيع فأكون أقل منهم قحة حين كنت أستمع إليهم يتفاخرون أعظم الفخر بآثامهم ؛ نعم فقد كان تفاخرهم يعظم كلما زادت حيوانيتهم. وكنت أسر من هذه الأعمال الفاضحة ، ولكم يكن ذلك لما فيها من لذة فحسب ، بل لما أناله بسببها من المديح... فإذا عدمت فرصة ارتكاب عمل من الأعمال الإجرامية، التي تسلكني مع السفلة الخاسرين : تظاهرت بأني قد فعلت ما لم أفعله قط".
وقد أظهر أوجسطين أنه تلميذ مجد في اللغة اللاتينية ، وفي العلوم الرياضية ، و الموسيقى و الفلسفة" وكان عقلي القلق عاكفاً على طلب العلم". ولم يكون يحب اللغة اليونانية، ولذلك لم يتقنها ولم يتعلم آدابها، ولكنه افتتن بأفلاطون افتتاناً جعله يلقبه "نصف الإله" ، ولم يمتنع عن أن يكون أفلاطونياً بعد أن صار مسيحياً. وقد هيأه مرانه الوثني في المنطق والفلسفة لأن يكون أعظم الفقهاء دهاء في الكنيسة المسيحية. ولما أتم دراسته أخذ يعلم النحو في تاجستى ثم البلاغة في قرطاجنة. وإذا كان قد بلغ وقتئذ السادسة عشر من عمره فقد "كثر الكلام حول اختيار زوجة لي". ولكنه فضل أن يتخذ له خليلة -وهي طريقة سهلة ترضاها المبادئ الأخلاقية والوثنية والقوانين الرومانية. وإذ لم يكن أوجسطين قد عمَد بعد ، فقد كان في وسعه أن يستمد مبادئه الخلقية أنى شاء. وكان اتخاذه خليلة له ارتقاء من الناحية الأخلاقية، فقد أنقطع بعدها عن الاختلاط الجنسي الطليق، ويلوح أنه ظل وفياً لخليلته حتى افترقا في عام 385. ووجد أوغسطين نفسه في عام 382 وهو لا يزال في الثامنة عشر من عمره أباً لولد ذكر على كره منه، وقد لقب هذا الولد في وقت من الأوقات "ابن خطيئتي"، ولكنه كان يسميه عادة أديوداتوس  أي عطية الله، وقد أحب الولد فيما بعد حباً شديداً، ولم يكن يسمح له أن يبتعد عنه قط.
ولما بلغ التاسعة عشرة من العمر غادر قرطاجنة إلى عالم روما الواسع. وخشيت أمه ألا يعمد فرجته ألا يذهب إلى روما ، فلما أصر على الذهاب ، توسلت إليه أن يأخذها معه. فتظاهر بموافقتها على توسلها، ولكنه حين ذهب إلى الميناء تركها تصلي في معبد صغير وأبحر دون أن يأخذها معه. وقضى عاماً في روما يعلم البلاغة ، ولكن تلاميذه لم يؤدوا له أجره ، فطلب أن يعين أستاذاً في ميلان ، وامتحنه سيماخوس ووافق على طلبه وأرسله إلى ميلان ببريد الدولة، وهناك لحقت به أمه الشجاعة، وأقنعته بأن يسمع معها إلى مواعظ أمبروز ، وتأثر هو بهذه المواعظ، ولكنه تأثر أكثر من هذا بالترنيمة التي ترنم بها المصلون. وأقنعته مونيكا في الوقت عينه بأن يتزوج ، ثم خطبت له عروساً بالفعل، وكان الآن في الثانية والثلاثين من عمره ، وكانت عروسه بنتاً صغيرة في السن عظيمة الثراء ورضى أوجسطين أن ينتظر عامين حتى تبلغ الثانية عشر. وكان أول ما أستعد به لزواجه أن أعاد حظيته إلى أفريقيا ، حين دفنت أحزانها في دير النساء. وكان امتناعه عن النساء أسابيع قليلة كافياً لأن يسبب له انهياراً في أعصابه، فأستبدل بالزواج حظية أخرى، ودعا الله قائلا :"ارزقني العفة، ولكنها لم يحل أوانها بعد".


القديس أوجسطين ووالدته القديسة مونيكا بريشة ايري شيفر 1846
وقد وجد في خلال هذه المشاغل المختلفة وقتاً لدراسة العلوم الدينية. ولقد بدأ الرجل حياته بعقيدة أمه البسيطة ، ولكنه نبذها بأنفه وكبرياء حين ذهب إلى المدرسة، ظل تسع سنين معتنقاً عقيدة الأثنينية المانية لأنه رأى وسيلة لفهم العالم المركب من الخير والشر بالتمييز بينهما. وقضى بعض الوقت يداعب تشكك المجمع العلمي المتأخر، ولكن مزاجه الشديد التأثر والانفعال لم يكن يطيق البقاء زمناً طويلاً معلق الحكم. ودرس وهو في روما وميلان كتب أفلاطون و أفلوطين وتأثرت فلسفته أشد التأثر بالأفلاطونية الجديدة، وظلت تسيطر على طريقة على علوم الدين المسيحية إلى أيام أبيلار  وكانت هذه الفلسفة سبيل أوغسطين إلى المسيحية. وكان أمبروز قد أشار عليه بأن يقرأ الكتاب المقدس على ضوء ما قاله بولس من أن "الحرفية تقتل ولكن الروح تعمل للحياة". ووجد أوغسطين أن التفسير الرمزى للكتاب المقدس يزيل ما كان يبدو له في سفر التكوين من سخف، ولما قرأ رسائل بولس شعُر بأنه قد وجد رجلاً مرت به مثله آلاف الشكوك، فلما ثبتت عقيدته أخر الأمر لم يكن عقلا أفلاطونيا مجرداً بل وجد كلمة الله التي أصبحت إنساناً. وبينما كان أوغسطين جالساً في يوم من الأيام في إحدى حدائق ميلان مع صديقه اليبيوس، خيل إليه أنه يسمع صوتاً يطن في أذنيه ويناديه : "خذ واقرأ، خذ واقرأ". ففتح رسائل بولس مرة أخرى وقرأ : لا بالبطر والسكر، لا بالمضاجع والعهر، لا بالخصام والحسد. بل ألبسوا الرب يسوع المسيح، ولا تضعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات . وكانت هذه الفقرة خاتمة تطور طويل الأمد في مشاعر أوغسطين وأفكاره. وقد وجد في هذا الدين العجيب شيئاً أعظم حرارة وأعمق فكراً من كل ما في منطق الفلسفة؛ لقد جاءته المسيحية لترضى فيه عاطفته المنفعلة القوية؛ فلما أن تخلص من التشكك الذهني وجد لأول مرة في حياته دافعاً خلقياً قوياً، وراحة عقلية، وأقر صديقه اليبيوس أنه هو الأخر مستعد لأن يخضع مثله لهذا الصوت الجديد، وتلقت مونيكا هذا الاستسلام منهما فعكفت على الصلاة حمداً لله على هذه النعمة. وفي يوم عيد الفصح من عام 387 عَمّد أمبروز أوغسطين ، وأليبيوس وأديوداتس، ووقفت مُونِكا إلى جانبهم أثناء التعميد فرحة مستبشرة ، وصمم أربعتهم على أن يذهبوا إلى أفريقيا ليعيشوا فيها معيشة الرهبان. ثم ماتت مونيكا فيأستيا Ostia وهي واثقة من أنها ستجتمع بهم في الجنة. ولما وصلوا إلى أفريقيا باع أوغسطين ما خلفه له أبوه من ميراث صغير ووزع ثمنه على الفقراء، ثم ألف هو وأليبيوس وطائفة من الأصدقاء جماعة دينية وعاشوا معاً في تاجستى، فقراء، عزاباً، منقطعين للدرس والصلاة. وعلى هذا النحو وجدت الطريقة الأوغسطينية388 ، وهي أقدم أخوة رهبانية في الغرب كله.

العالم الديني

توفى أديوداتس في عام 389 وحزن عليه أوجسطين كأنه لم يزل وقتئذ يشك فيما ينتظره الذين يموتون وهم مؤمنون بالمسيح من سعادة أبدية. وكان عزاؤه الوحيد في هذا الحزن العميق هو العمل والكتابة. وفي عام 391 استعان به فليريوس أسقف هبو Hpoo (بونة الحالية) على إدارة أبرشيته، ورسمه قسيساً ليمكنه من القيام بهذا العمل. وكثيراً ما كان فليريوس يترك له منبر الخطابة، فكانت بلاغة أوغسطين تؤثر أبلغ الأثر في المصلين سواء فهموها أو لم يفهموها. وكانت هبو ثغراً يسكنه نحو أربعين ألفاً من السكان، وكان للكاثوليك فيه كنيسة. وكان بقية السكان من المانيين ، أو الوثنيين. وكان فرتوناتس  الأسقف الماني صاحب السيطرة الدينية في هذه البلدة، ولهذا أنظم الدوناتيون إلى الكاثوليك في تحريض أوغسطين على أن يقابله في نقاش ديني، وقبل أوغسطين هذا الطلب، ولبث هذان الخصمان، أو إن شئت المجالدان الجديدان يومين كاملين في جدلهم أمام حشد كبير امتلأت به حمامات سوسيوس  وفاز أوغسطين على مناظره، فغادر فرتوناتس هبو ولم يعد إليها أبداً 392. وبعد أربعة أعوام من ذلك الوقت طلب فليريوس إلى أتباعه أن يختاروا خلفه معللا طلبه هذا بشيخوخته، فأجمعوا أمرهم على اختيار أوغسطين، ولكنه عارض في هذا الاختيار وبكى، وتوسل إليهم أن يسمحوا له بالعودة إلى ديره، غير أنهم تغلبوا عليه؛ وطل الأربعة والثلاثين عاماً الباقية من عمره أسقفاً لهبو.
ومن هذه البقعة الصغيرة كان يحرك العالم. فبدأ عمله باختيار شماس أو شماسين، وجاء براهبين من ديره ليساعداه في عمله، وعاشوا جميعاً عيشة الدير الشيوعية في مسكنهم الكنسي، ولذلك استولت بعض الدهشة على أوغسطين حين رأى أحد أعوانه يترك حين وفاته ميراثاً لا بأس به. وكانوا جميعاً يعيشون على الخضر ويبقون اللحم للأضياف والمرضى. وقد وصف أوغسطين نفسه بأنه قصير القامة، نحيل الجسم، ضعيف البنية على الدوام؛ وكان يشكو اضطراباً في الرئة، وكان شديد التأثر بالبرد. وكان مرهف الأعصاب، سريع التهيج، قوي الخيال مكتئبه، حاد الذهن، مرن العقل. وما من شك في أنه كان يتصف بكثير من الخلال المحبوبة رغم تمسكه الشديد بآرائه، وتعسفه في أحكامه الدينية، وعدم تسامحه في بعض الأحيان. وقبل كثيرون مما جاءوا ليأخذوا عنه فنون البلاغة زعامته الدينية، وظل أليبيوس من أتباعه إلى أخر حياته. ولم يكد أوغسطين يجلس على كرسي الأسقفية حتى بدأ كفاحه الذي أستمر مدى الحياة ضد الدوناتية. فكان يتحدى زعمائهم ويدعوهم إلى المناقشة العلنية، ولكن لم يقبل دعوتهم إلا عدد قليل منهم، ثم دعاهم إلى مؤتمرات حبية، ولكنهم أجابوه بالصمت، ثم بالإهانة، ثم بالعنف، وشنوا هجوماً شديداً على عدد من الأساقفة الكاثوليك في شمالي أفريقية؛ ويبدو أن عدة محاولات قد بذلت لاغتيال أوغسطين نفسه. على أننا لا نستطيع أن نقطع في هذا برأي حاسم لأنه ليس لدينا ما يقوله الدوناتية في هذا الشأن؛ وفي عام 411 اجتمع مجلس ديني في قرطاجنة استجابة لدعوة الإمبراطور هونوريوس ليضع حداً النزاع مع الدوناتية؛ وأرسل الدوناتيون 279 من أساقفتهم، كما أرسل الكاثوليك 286 أسقفاً - لكننا يجدر بنا أن نشير هنا إلى أن لفظ أسقف لم يكن له في أفريقيا معنى أكثر من لفظ قسيس وبعد أن سمع مرسلينوس مندوب الإمبراطور حجج كل من الفريقين أمر ألا يعقد الدوناتية اجتماعاً عاماً بعد ذلك اليوم، وأن يسلموا جميع كنائسهم إلى الكاثوليك. ورد الدوناتية على ذلك بأعمال في منتهى العنف منها، على ما يقال، أنهم قتلوا رستتيوتوس  أحد قساوسة هبو وبتروا بعض أعضاء رجل من رجال أوغسطين، وألح أوغسطين على الحكومة أن تنفذ قرارها بالقوة ، وخرج على آرائه القديمة القائلة بأنه "يجب ألا يرغم أحد على القول بوحدة المسيح... وأنه ينبغي لنا أن لا نقاتل الناس إلا بقوة الحجة، وألا نتغلب إلا بقوة العقل". وختم دعوته بقوله إن الكنيسة هي الأب الروحي لجميع الناس، ومن ثم يجب أن يكون لها ما للأب من حق في عقاب الابن المشاكس لرده إلى ما فيه الخير له ؛ وقد بدا له أن إيقاع الأذى ببعض الدوناتية خير "من أن تصب اللعنة على الجميع لحاجتهم إلى من يرغمهم". وكان في الوقت نفسه يكرر الدعوة إلى موظفي الدولة ألا ينفذوا عقوبة الإعدام على المارقين. وإذا غضضنا النظر عن هذا النزاع المرير، وعن المشاغل التي تتطلبها أعمال منصبه الديني، حق لنا أن نقول إن أوغسطين كان يعيش في مملكة العقل وإن معظم عمله كان بقلمه. فقد كان يكتب في كل يوم تقريباً رسالة لا يزال لها أعظم الأثر في أصول المذهب الكاثوليكي؛ وإن مواعظه وحدها لتملأ مجلدات ضخمة. ومع أن بعضها قد أفسدته البلاغة المصطنعة وما فيه من جمل متقابلة متوازنة؛ ومع أن الكثير من هذه المواعظ يبحث في موضوعات محلية، لا شأن لها بغير الوقت الذي قبلت فيه، ويبحث فيها بأسلوب بسيط يتفق مع عقلية الجماعات غير المتعلمة التي كانت تستمع إليه، ومع هذا كله فإن الكثير من هذه المواعظ يسمو إلى منزلة عليا من الفصاحة منشؤها عاطفته الصوفية القوية، والعقيدة الثابتة المتأصلة في أعماق نفسه، ولم يكن في وسع نفسه أن يحصر عقله في أعمال أبرشيته لأنه عقل دأب على العمل ومرن على منطق المدارس. وقد بذل غاية جهده فيما أصدره من الرسائل التي كان بعضها يأخذ برقاب بعض في أن يوفق بين العقل وبين العقائد عقائد الكنيسة التي كان يجهلها ويرى أنها دعامة النظام والأخلاق الفاضلة في هذا العالم الخرب المضطرب. وكان يدرك أن التثليث هو العقبة الكؤود في سبيل هذا التوفيق، ولهذا قضى خمسة عشر عاماً يعمل في أدق كتبه وأحسنها تنظيماً وهو كتاب التثليث  الذي حاول فيه أن يجد في التجارب الإنسانية نظائر لثلاثة أشخاص في إله واحد، ومما حيره أكثر من هذه المسألة، وملأ حياته كلها بالدهشة والمجادلة، مشكلة التوفيق بين حرية الإرادة وعلم الله الأزلي السابق لأعمال الإنسان. فإذا كان علم الله يشمل كل شئ فهو يرى المستقبل بكل ما فيه، ولما كانت إرادة الله ثابتة لا تتغير فإن ما لديه من صورة للحوادث التي تقع في المستقبل يحتم عليها أن تقع وفقاً لهذه الصورة، فهي إذا مقررة من قبل لاتغير فيها ولا تغيير. فكيف والحالة هذه يكون الإنسان حراً في أعماله؟ ألا يجب على الإنسان إذن أن يعمل وفق ما هو سابق في علم الله ؟ وإذ كان الله عليماً بكل شئ، فقد عرف منذ الأزل المصير الأخير لكل روح خلقها؛ فلم إذن خلق الأرواح التي قدر عليها اللعنة ؟ وكان أوغسطين قد كتب في السنين الأولى من حياته المسيحية رسالة "في حرية الإرادة . حاول فيها وقتئذ أن يوفق بين وجود الشر وبين الخير الذي يتصف به الله القادر على كل شئ. وكان الحل الذي وصل إليه في هذه المشكلة هو أن الشر نتيجة لحرية الإرادة؛ ذلك أن الله لا يمكن أن يترك الإنسان حراً، دون أن يمكنه أن يعمل الشر كما يعمل الخير. ثم تأثر فيما بعد برسائل بولس فقال إن خطيئة آدم قد وصمت الجنس البشري بوصمة الميل إلى الشر، وإن الأعمال الصالحة مهما كثرت لا تستطيع أن تمكن النفس البشرية من التغلب على هذا الميل، ومحو هذه الوصمة، والنجاة منها؛ بل الذي يمكنها من هذا هو النعمة الإلهية التي يهبها الله لكل من أراد. ولقد عرض الله هذه النعمة على الناس جميعاً ولكن الكثيرين منها رفضوها، وكان الله يعلن أنهم سيرفضونها، ولكن العقاب الذي قد حل بهم نتيجة لهذا الرفض هو الثمن الذي يؤدونه لهذه الحرية الأخلاقية التي بغيرها لا يكون الإنسان إنساناً. وعلم الله السابق لا يتعارض مع هذه الحرية، إذ كل ما في الأمر أن الله يرى من قبل ما سيختاره الإنسان بمحض حريته. ولم يبتدع أوغسطين عقيدة الخطيئة الاولى، ذلك أن بولس، وترتليان، وسبريان، وأمبروز كلهم قد علموها الناس، ولكن الخطايا، التي أرتكبها"والصوت" الذي هداه قد غرسا فيه اعتقاداً مقبضاً بأن إرادة الإنسان تنزع من مولده إلى عمل الشر، وألا شئ يستطيع ردها إلى الخير إلا فضل الله الذي يهبه للناس من غير مقابل. ولم يكن في مقدور أوغسطين أن يفسر نزعة الإرادة البشرية إلى الشر بأكثر من أنها نتيجة لخطيئة حواء، وحب آدم لها. ويقول أوغسطين أننا ونحن كلنا أبناء آدم، نشاركه في أثمه، بل أننا في الواقع أبناء هذا الإثم : لأن الخطيئة الأولى كانت نتيجة شهوته، ولا تزال هذه الشهوة تدنس كل عمل من أعمال التناسل؛ وبفضل هذه الصلة بين الشهوة الجنسية والأبوة، كان الجنس البشري "جمعاً من الخاسرين" وحلت اللعنة على الكثرة الغالبة من الآدميين. نعم إن بعضنا سوف ينجو، ولكن نجاة هؤلاء لن تكون إلا نعمة ينالونها بسبب ما قاساه ابن الله من الآم، وبشفاعة الأم التي حملت فيه من غير دنس. "لقد حل بنا الهلاك بفعل امرأة، وعادت إلينا النجاة بفضل امرأة.
ولقد أنحدر أوغسطين أكثر من مرة إلى مبالغات حاول فيما بعد أن يخفف منها، وكان سبب انحداره إليها كثرة ما كتب وسرعته في كتابته التي كثيراً ما كان يمليها إملاء كما نظن. فكان في بعض الأحيان يدعو إلى العقيدة الكلفنية القائلة بأن الله قد أختار بمحض إرادته منذ الأزل"الصفوة" التي سيهبها نعمة النجاة. وقد قامت طائفة كبيرة من النقاد تصب عليه جام غضبها لأخذه بأمثال هذه النظرية؛ ولكنه لم يتراجع عن شئ منها بل دافع عن كل نقطة منها إلى أخر أيام حياته. وجاءه من إنجلترا الراهب بلاجيوس وهو أقدر معارضيه بدفاع قوي عن حرية الإنسان، وعن قدرة الأعمال الصالحة على نجاته من العذاب. وكان ما قاله بلاجيوس إن الله في واقع الأمر يعيننا على الخير بما ينزله علينا من الشرائع والوصايا، وبما يضربه قديسوه من الأمثلة الصالحة قولاً وفعلاً، وبمياه التعميد المطهرة، وبدم المسيح المنقذ. ولكن الله لا يرجح كفة خسراننا بأن يجعل الطبيعة البشرية آثمة بفطرتها. فلم تكن ثمة خطيئة أولى، ولم يكن هناك سقوط الإنسان، ولن يعاقب على الذنب إلا من أرتكبه، ولن ينتقل منه جرم إلى أبنائه. والله لا يقدر على هؤلاء الأبناء أن يكون مصيرهم الجنة أو النار، ولا يختار متعسفاً من يلعنه ومن ينجيه، بل يترك لنا نحن أن نختار مصيرنا. ويمضي بلاجيوس فيقول إن القائلين بفساد الإنسان الأخلاقي إنما يلومون الله على خطايا البشر. إن الإنسان يشعر بأنه مسئول عما يعمل ومن أجل هذا فهو مسئول عنه حقاً، "وإذا كنت مرغماً فإني قادر". وجاء بلاجيوس إلى روما حوالى عام 400 وعاش فيها مع أسر صالحة، وأشتهر بالتقي والفضيلة. وفي عام 409 فرّ من ألريك، وكان فراره إلى قرطاجنة ثم إلى فلسطين، ثم عاش في سلام حتى جاء أورسيوس الشاعر الأسباني من عند أوغسطين يحذر منه جيروم (415) : وعقد مجمع ديني شرقي ليحاكم الراهب، ولكنه قرر صحة عقائده، غير أن مجمعاً أفريقياً نقض هذا الحكم بتحريض أوغسطين ولجأ إلى البابا إنوسنت  الأول فأعلن أن بلاجيوس مارق من الدين؛ وحينئذ ملأ الأمل صدر أوغسطين فأعلن أن "القضية قد أصبحت مفروغاً منها ثم مات إنوسنت وخلفه زوسموس  وأعلن أن بلاجيوس برئ. ولجأ أساقفة أفريقية إلى هونوريوس، وسرّ الإمبراطور أن يصحح خطأ البابا، وخضع زوسموس للإمبراطور (418)، وأعلن مجلس إفسوس أن ما يراه بلاجيوس من أن في مقدور الإنسان أن يكون صالحاً دون أن يستعين بنعمة الله زيغ وضلال.
وفي استطاعة الباحث أن يجد في أقوال أوغسطين متناقضات وسخافات بل وقسوة سقيمة في التفكير، ولكن ليس من السهل أن يتغلب عليه لأن الذي يشكل آراءه الدينية في أخر الأمر هو مغامراته الروحية، ومزاجه الجياش بالعاطفة لا تفكيره المنطقي المتسلسل. ولقد كان يعرف ما ينطوي عليه العقل البشري من ضعف، ويدرج أن تجارب الفرد القصيرة هي التي تحكم حكماً طائشاً على تجارب الجنس البشري كله ويقول: "كيف تستطيع أربعون عاماً فهم أربعين قرناً ؟" وقد كتب إلى صديق له يقول: "لاتعارض بحجج قوية هائجاً فيما لا يزال عسير الفهم عليك، أو فيما يبدو لك في الكتاب المقدس...من تباين وتناقض، بل أجِّل... في وداعة اليوم الذي تفهمه فيه" إن الإيمان يجب أن يسبق الفهم. لا تحاول أن تفهم لكي تؤمن، بل آمن لكي تفهم"(72)."وقوة الأسفار المنزلة أعظم من جميع جهود الذكاء البشري". لكنه يرى أن ليس من المحتم أن نفهم الفاظ الكتاب المقدس حرفياً؛ فقد كتبت أسفاره لكي تفهمها العقول الساذجة، ولهذا كان لابد من أن تستخدم فيه ألفاظ خاصة بالجسم للدلالة على الحقائق الروحية(74). وإذا أختلف الناس في تفسيرها كان علينا أن نرجع إلى حكم مجالس الكنيسة إي إلى الحكمة الجامعة المستمدة من أعظم رجالها حكمة.
على أن الإيمان نفسه لا يكفي وحده للفهم الصحيح؛ بل يجب أن يصحبه قلب طاهر يسمح بأن ينفذ فيه ما يحيط بنا من أشعة قدسية، فإذا تطهر الإنسان وتواضع على هذا النحو ارتقى بعد سنين كثيرة إلى الغاية الحقى وإلى جوهر الدين وهو "الاستحواذ على الله الحي"؛ إني أريد أن أعرف الله والنفس، وهل ثمة شئ أكثر من هذا ؟ لا شئ أكثر من هذا على الإطلاق". إن أكثر ما تتحدث عنه المسيحية الشرقية هو المسيح، أما علم أوغسطين فيتحدث عن "الشخص الأول". يتحدث ويكتب عن الله الأب وإلى الله الأب. وهو لا يخلع على الله أوصافاً، لأن الله وحده هو الذي يعرف الله حق المعرفة. والراجح أن "الله الحق ليس بذكر ولا بأنثى، وليس له عمر ولا جسم"(78)، ولكن في وسعنا أن نعرف الله، معرفة أكيدة بمعنى ما، عن طريق خلقه، لأن كل شئ في العالم أعجوبة من أعظم للعجائب في نظامها وفي وظيفتها، ولا يمكن أن يكون إلا إذا أوجدها عقل خلاق ، وإن ما في الكائنات الحية من نظام، وتناسب، واتزان، ليدل على وجود نوع من القدرة الإلهية الأفلاطونية يتوحد فيها الجمال والحكمة. ولا شئ يضطرنا إلى الاعتقاد بأن العالم خلق في ستة "أيام"؛ وأكبر الظن أن الله قد خلق في أول الأمر كتلة سديمية، ولكن النظام البذري، أو المقدرة الإنتاجية  كانت كامنة في هذا النظام، ومن هذه القدرة الإنتاجية نشأت الأشياء كلها بعلل طبيعية.

وكان أوغسطين يرى - كما يرى أفلاطون- أن ما في العالم من أشياء حقيقية وحوادث قد وجدت كلها أولاً في عقل الله قبل أن توجد على سطح الأرض "كما يوجد تخطيط البناء في عقل المهندس قبل أن يقيمه" ، ويتحدث الخلق في الوقت المناسب حسب هذه الصورة الأزلية الموجودة في العقل الإلهي.

الفيلسوف

ترى كيف نستطيع في هذا الحيز الصغير من أن نوفي صاحب هذه الشخصية القوية وهذا القلم الخصيب حقه من التمجيد والتكريم؟ إن هذا الرجل لم يكد يترك مشكلة دينية أو سياسية إلا جهر فيها برأيه وبحثها في رسائله البالغ عددها 230 رسالة ، كتبها بأسلوب يفيض بقوة الشعور الحار وبعبارات خلابة أستعمل فيها ألفاظاً جديدة صاغتها من معينه الذي لا ينضب. فقد بحث في حياء ودهاء طبيعة الزمن ، وسبق ديكارت إلى قوله :"إني أفكر ولهذا أنا موجود" ففند آراء رجال المجمع الديني يقولون إن الإنسان لا يستطيع أن يكون واثقاً من أي شئ، وقال :"منذا الذي يشك في أنه حي وأنه يفكر ؟... ذلك بأنه أن شك فهو حي"(84). وكذلك سبق برجسن  في شكواه من العقل اطول بحثه في الأشياء الجسمية قد أصبح مادي النزعة؛ واعلن كما أعلن كانت  أن الروح هي أكثر الحقائق كلها علماً بنفسها، وعبر تعبيراً واضحاً عن النزعة المثالية القائلة إنه "لما كانت المادة لا تعرف إلا عن طريق العقل فليس في مقدورنا من الناحية المنطقية أن نهبط بالعقل فنجعله مادة. وأشار إلى مبحث شوبنهور في أن الإرادة، لا العقل، هي العنصر الأساسي في الإنسان وأتفق مع شوبنهور في أن العالم يصلح إذا وقف كل ما فيه من تناسل. ومن مؤلفاته كتابان يعدان من خير كتب الأدب القديم في العالم كله.
فاعترافاته (حوالي عام 400) هي أول ما كتب من التراجم الذاتية وأوسعها شهرة. والكتاب موجه إلى الله مباشرة بوصفه توبة إليه من الذنوب صيغت في مائة ألف كلمة. ويبدأ الكتاب بوصف ما اقترفه من الذنوب في صباه، ثم يروي قصة هدايته بوضوح، وتتخلل هذه القصة أحياناً نشوة قوية من الصلوات والأدعية. أن الاعترافات كلها ستار الجريمة، ولكن في اعترافات أوغسطين بالذات إخلاصاً ذهل منه العالم كله. ولقد قال هو نفسه -بعد أن بلغ الرابع والستين من عمره وأصبح أسقفاً- إن الصورة الشهوانية القديمة، "لا تزال حية في ذاكرتي، تندفع إلى افكاري...فهي تساورني في نومي لا لتسرني فحسب بل قد يبلغ بي الأمر أن أرضى عنها وأوافق عليها وأحب أن أخرجها من التفكير إلى التنفيذ"(87). وتلك صراحة وتحليل نفساني لانجدها عادة في الأساقفة. وكتابه هذا الذي يعد خير كتبه كلها هو قصة نفس بلغت أعلى درجات الإيمان والسلام. وإنا لنجد في سطوره الأولى خلاصة له كله : "لقد خلقتنا يارب لنفسك ولن تعرف قلوبنا الراحة حتى تستريح لديك". ولما بلغ هذه المرحلة كانت عقيدته ثابتة لا تتسرب إليها ريبة مؤمنة بما في خلق الكون من عدالة:
"لقد أحببتك يارب بعد فوات الأوان، يا إلهي يا ذا الجمال التليد والطارف.. إن السماء والأرض وكل ما فيهما لتوحي إليّ من جميع نواحي أن الواجب عليّ أن أحبك... فأي شئ أحب الآن حين أحبك يارب ؟... لقد سألت الأرض فاجابت لست أنا الذي تحب... وسألت البحر والأعماق البعيدة وكل ما يدب على الأرض فأجابت كلها : لسنا نحن إلهك، فابحث له من فوقنا. وسألت الرياح العاصفة فأجابني الهواء بكل ما فيه : لقد كان أنكسيمانس مخدوعاً، لست أنا الله. وسألت السموات، والشمس والقمر والنجوم فقالت : لسنا نحن الله الذي تبحث عنه . فأجبتها كلها ... حدثيني عن الله؛ إذا لم تكوني أنت هو فحدثيني عنه. فصاحت كلها بصوت عال : لقد خلقتنا... وإن الذين لا يجدون السرور في كل شي خلقته لقوم فقدوا عقولهم... وفي رضاك يا إلهي عنا سلامنا .
واعترافات أوجسطين شعر في صورة نثر؛ أما كتبه الأخر"مدينة الله" (413-426)فهو فلسفة في صورة تاريخ، وان الباعث له على كتابه أنه لما ترامت إلى أفريقية أنباء نهب ألريك لروما، وما أعقبه من فرار آلاف اللاجئين ثارت نفس أوغسطين، كما ثارت نفوس جيروم وغيره، لهذه الفاجعة التي بدت لهم كلهم عملاً شيطانياً لا يفعله من أوتى ذرة ن العقل. وتساءل الناس قائلين : لم يترك الإله الخير الرحيم تلك المدينة التي أبدع الناس جمالها وأنشئوا قوائمها وظلوا يجلونها القرون الطوال، والتي أضحت الآن حصن المسيحية الحصين، لم يتركها الإله إلى البرابرة يعيثون فيها فساداً ؟ وقال الوثنيون في كل مكان إن المسيحية هي سبب ما حل بالمدينة من دمار : ذلك أن الآلهة القديمة قد تخلت عن حماية روما بسبب ما أصاب تلك الآلهة من نهب وثل لعروشها، وتحريم لعبادتها. وكانت هذه المدينة قد نمت وازدهرت وعمها الرخاء مدى ألف عام بفضل هداية الآلهة. وتزعزع إيمان كثيرين من المسيحيين بسبب هذه الكارثة . وشعر أوغسطين في قرارة نفسه بهذا التحدي، وأدرك أن ذلك الصرح الديني العظيم الذي شاده لنفسه على مر السنين، يوشك أن ينهار إذا لم يعمل شيئاً يخفف من هذا الذعر المستولي على النفوس . ولذا قرر أن يبذل كل ما وهب من عبقرية لإقناع العالم الروماني أن هذه الكارثة وأمثالها لاتغيب المسيحية ولا تزرى بفضلها. وظل ثلاثة عشر عاماً يواصل الليل بالنهار في تأليف هذا الكتاب بالإضافة إلى ما كان يقوم به من واجبات وما يحيط به من مشاغل تشتت افكاره. وكان ينشره أجزاء متقطعة في فترات متباعدة حتى نسى وسطه أوله ولم يدر ما سيكون أخره. ومن أجل هذا كان لابد أن تصبح صفحاته البالغة 1200 صفحة سلسلة من المقالات المهوشة في جميع الموضوعات من الخطيئة الأولى إلى يوم الحساب. ولم يرفعه من الفوضى السارية فيه إلى أعلى مكانة في أدب الفلسفة المسيحية إلا عمق تفكيره وبراعة أسلوبه.
وكان جواب أوجسطين الأول عما يدور بخلد الناس من أسئلة محيرة أن ما حل بروما لم يكن عقاباً لها لاعتناقها الدين الجديد بل كان جزاء لها على ما تنفك ترتكبه من آثام. ثم أخذ يصف ما يمثل على المسرح الوثني من مفاسد، ونقل عن سالست وشيشرون ما قالاه عن مفاسد السياسة الرومانية وقال إن الرومان كانوا في وقت من الأوقات أمة من الرواقيين يبعث فيها القوة رجال من أمثال كاتو وسبيو، وكادت أن تخلق القانون خلقاً، ونشرت لواء السلم والنظام على نصف العالم، وفي هذه الأيام القديمة أيام النبل والبطولة تجلى الله عليها بوجهه، وأشرق عليها بنوره ، ولكن بذور الفساد الخلقى كانت كامنة في دين روما القديم نفسه، كامنة في ثنايا تلك الآلهة التي كانت تشجع الغرائز الجنسية بدل أن تقاومها، تشجع الإله فرجنيوس على أن يحل حزام العذراء، وسبجوس  على أن يضعها تحت الرجل وبرما  على أن تتكئ عليها... وتشجع بريابوس  الذي أُمرت العروس الجديدة أن تقوم وتجلس فوق عضوه الضخم الحيواني(89). لقد عوقبت روما، لأنها كانت تعبد أمثال تلك الآلهة لا لأنها غفلت عن عبادتها. ولقد أبقى البرابرة على الكنائس المسيحية وعلى الذين لجأوا إليها، ولكنهم لم يرحموا المعابد الوثنية، فكيف إذن يكون الغزاة صوت عذاب في أيدي الآلهة الوثنية؟. وكان رد أوغسطين الثاني ضرباً من فلسفة التاريخ -فقد كان محاولة منه لتفسير الحوادث التي وقعت في أزمنة التاريخ المدون على أساس عام وواحد. فقد استمد أوغسطين من فكرة أفلاطون عن الدولة المثالية القائمة "في مكان ما في السماء"، ومن فكرة القديس بولس عن وجود مجتمع من القديسين الأحياء منهم والأموات ، ومن عقيدة تكنيوس  الدوناتي عن الوجود مجتمعين أحدهما لله والآخر للشيطان، استمد من هذا كله الفكرة الأساسية التي قام عليها كتابه وهو أنه قصة مدينتين: مدينة أرضية يسكنها رجال هذه الدنيا المنهمكون في شؤون الأرض ومباهجها، ومدينة إلهية هي مدينة عباد الله الواحد الحق في الماضي والحاضر والمستقبل. ولماركس أورليوس في هذا المعنى عبارة ما أعظمها: "في وسع الشاعر أن يقول لأثينة: أي مدينة سكربس  الجميلة! فهلاّ قلت أنت للعالم أي مدينة الله جميلة؟". وكان أورليوس يقصد بقوله هذا الكون المنظم كله. ويقول أوغسطين أن مدينة الله قد نشأت بخلق الملائكة وإن المدينة الأرضية قد قامت بعصيانه بسبب الشياطين". والجنس البشري منقسم قسمين مختلفين: منهم قسم يعيش طبقاً لسنن الآدميين، وقسم يعيش طبقاً لسنة الله. ونحن نطلق على هذين القسمين اسمين رمزيين فنسميها "المدينتين" أو "المجتمعين". فواحدة منهما قُدّر لها أن تَحْكُم إلى أبد الدهر مع الله، وأخرى قد حُكِم عليها أن تعذّب إلى الدهر مع الشيطان". وليس حتماً أن تنحصر المدينة أو الإمبراطورية الواقعية من جميع نواحيها في داخل نطاق المدينة الأرضية؛ فقد تقوم بأعمال طيبة، فتسنّ الشرائع الحكيمة، وتصدر الأحكام العادلة، وتساعد الدين، كأن هذه الأعمال الصالحة تحدث في داخل مدينة الله؛ كذلك ليست المدينة الروحية هي بعينها الكنيسة الكاثوليكية، فإن الكنيسة أيضاً قد تكون لها مصالح أرضية، وقد ينحط أتباعها فيعلمون لمصلحتهم الخاصة، ويرتكبون الذنوب، وينحدرون من إحدى المدينتين إلى الأخرى، ولن تنفصل المدينتان وتصبح كلتاهما بمعزل عن الأخرى إلاّ في يوم الحساب.
وفي وسع الكنيسة أن تكون هي بعينها مدينة الله، وإن أوجسطين ليجعلها كذلك في بعض الأحيان، وذلك بأن تتسع عضويتها اتساعاً رمزياً للأرواح السماوية والرواح الأرضية، وللصاحين من الناس الذين عاشوا قبل المسيحية وفي أيام المسيحية. وقد احتضنت المسيحية فيما بعد هذه الفكرة القائلة بأنها هي مدينة الله واتخذتها سلاحاً أدبياً استخدمته في شؤون السياسية، كما أنها استنتجت استنتاجاً منطقياً من فلسفة أوغسطين عقيدة الدولة الدينية تخضع فيها السلطات الدنيوية المستمدة من البشر إلى السلطة الروحية الممثلة في الكنيسة والمستمدة من الله. وقد قضى هذا الكتاب على الوثنية بوصفها فلسفة، كما بدأت به المسيحية من حيث هي فلسفة؛ وهو أول صياغة محددة جازمة لعقلية العصور الوسطى.

البطريق

وكان البطل المؤمن الشيخ لا يزال في منصبه حين هجم الوندال على شمال أفريقيا ، وقد بقي في صراعه الديني إلى آخر أيام حياته يقضي على البدع الجديدة. ويلاقي الناقدين. ويرد على المعترضين، ويحل المشاكل. وكان يبحث في جد هل تبقى نساء في دار الآخرة، وهل يبعث المشوهون، والمبتور الأعضاء، والنحاف والسمان في تلك الدار كما كانوا في حياتهم الدنيوية، وكيف في السبيل إلى عودة الذين أكلهم غيرهم في أيام القحط؟. ولكن الشيخوخة أدركته ولحقته معها إهانات محزنة، وسئل في ذلك الوقت عن صحته فأجاب: "أما مِن حيث الروح فأنا سليم... وأما من حيث الجسم فأنا طريح الفراش، لا أقوى على المشي أو الوقوف أو الجلوس إصابتي بالبواسير المتورمة... ومع ذلك فما دام هذا هو الذي ارتضاه لي الله، فماذا أقول غير أني في حالة؟".
وكان قد بذل غاية جهده في أن يؤجل خروج بنيفاس على روما ؛ واشترك في دعوته إلى الاحتفاظ بولائه لها. ولما تقدم جيسريك في زحفه استشاره كثيرون من الأساقفة والقساوسة هل يبقون في مناصبهم أو يلجأون إلى الفرار؟ فأمرهم بالبقاء وضرب لهم المثل بنفسه. ولما أن حاصر الوندال مدينة هبو كان أوغسطين يعمل على تقوية الروح المعنوية للأهلين الجياع بمواعظه ودعواته، وظل كذلك حتى مات في الشهر الثالث من أشهر الحصار في السادسة والسبعين من عمره، ولم يترك وصية لأنه لم يكن يمتلك شيئاً ، ولكنه كتب بنفسه قبريته: "ما الذي يثقل قلب المسيحي؟ إن الذي يثقله هو أنه حاج مشتاق إلى بلده".
وقلَّ أن نجد في التاريخ رجلاً يضارعه في نفوذه وقوة أثره. نعم إن الكنيسة الشرقية لم تشغف بتعاليمه؛ ويرجع بعض السبب في هذا إلى أنه كان بعيداّ كل البعد عن اليونانية في قلة علمه وفي إخضاعه الفكر للشعور والإرادة كما يرجع بعضه إلى أن الكنيسة الشرقية قد خضعت قبل أيامه لسلطان الدولة "أما في الغرب فقد طبع المذهب الكاثوليكي بطابعه الخاص، وسبق جريجوري السابق وإنوسنت الثالث فيما طلبته الكنيسة من أن تكون لها السلطة العليا على عقول الناس وعلى الدولة، ولم تكن المعارك الكبرى التي شبت بين الباباوات والأباطرة إلا نتيجة سياسية لتفكيره. ولقد ظل حتى القرن الثالث عشر المسيطر على الفلسفة الكاثوليكية وصبغها بصبغة الفلسفة الأفلاطونية ، وحتى أكويناس الأرسطوطيلي النزعة قد سار في ركابه. وكان ويكلف وهوس  ولوثر  يعتقدون انهم يعودون إلى أوجسطين حين خرجوا على الكنيسة. ولقد أقام كلفن  عقيدته الصارمة على نظريات أوغسطين الخاصة بالصفوة المختارة والطائفة المعونة. وفي الوقت الذي كان يبعث رجال الفكر على التدبر والتفكير، كان هو الملهم لمن كانت مسيحيتهم خارجة من القلب أكثر من خروجها من العقل. فكان المتصوفة يحاولون أن يترسموا خطاه وهم يتطلعون إلى رؤية الله، وكان الرجال والنساء يجدون في خشوعه ورقة دعواته وصلواته حاجتهم من الغذاء الروحي ومن الألفاظ القوية التي تأخذ بمجامع القلوب ولعل سر نفوذه وسلطانه على الأجيال التالية انه ألف بين العناصر الفلسفية والصوفية في الديانة المسيحية، وبعث فيها قوة لم تكن لها من قبل، فمهد بذلك الطريق لتومس أكوناس ولنومس أكمبيس  أيضاً.
وكانت عباراته القوية العاطفية التي لا يلجأ بها إلى العقل بل إلى الشعور، إيذاناً بانتهاء الأدب القديم، وانتصار أدب العصور الوسطى. وإذا شئنا أن نفهم العصور الوسطى على حقيقتها وجب علينا أن ننسى نزعتنا العقلية الحديثة، وثقتنا التي نفخر بها بالعقل والعلم، ودأبنا في البحث عن الثروة والسلطان والجنة الرضية، ثم يجب علينا بعدئذ أن ندرك مزاج أولئك الرجال الذين كانت آمالهم في هذه المطالب، والذين وقفوا عند نهاية ألف عام من أعوام النزعة العقلية ووجدوا أن جميع ما كانوا يحلمون به من قيام دولة فاضلة خالية من جميع الآلام والآثام قد حطمنها الحرب والفقر والبربرية، فأخذوا يبحثون عن عزاء لهم فيما يؤملونه من سعادة في الدار الآخرة، ووجدوا لهم سلوى وراحة وإلهاماً في قصة المسيح وفي شخصيته، فألقوا بأنفسهم تحت رحمة الله ورضوانه، وعاشوا حياتهم يفكرون في وجوده السرمدي، وفي حسابه الذي لا مفر منه، وفي موت ابنه الذي كفر به عن خطاياهم. ويكشف أوغسطين أكثر من غيره، حتى في ايام سيماخوس، وكلوديان، وأوسُنيوس عن هذه النزعة ويعبر عنها أحسن تعبير. وبهذا كان أقوى وأصدق وأفصح صوت ارتفع في المسيحية في عصر الإيمان.

تأثيره في اللاهوت والفكر

إن أوغسطين شخصية مركزية في المسيحية وتاريخ الفكر الغربي على حد السواء، يعتبره المؤرخ توماس كاهيل أول شخص من العصور الوسطى وآخر شخص من العصر الكلاسيكي. تأثر بفكره اللاهوتي والفلسفي بالرواقية، الأفلاطونية والأفلاطونية المحدثة وخصوصا فكر أفلوطين مؤلف الإنيادة

وفاته

توفي أوغسطين في 18 آب 430 في عمر 75 بينما كان الفاندال يحاصرون هيبو. يُزعم أنه شجع أهل المدينة على مقاومة الفاندال وذلك لاعتناقهم الاريوسية. يُقال أيضا أن توفي في اللحظات التي كان الفاندال يقتحمون أسوار المدينة.

الهوامش

  1. ^ الاسم مونيكا هو اسم أمازيغي مشتق من اسم الإلهة الليبية مون التي عُبِدت في بلدة تيبيليس. رغم ذلك، ليس لدينا دليل على كون والد أوغسطين أمازيغيا أيضا.
  2. ^ بحسب ج. فرسوسون وغاري ويلز فإن أديودادوس هو ترجمة لاتينية للاسم الأمازيغي لتان بعل (أي عطية الإله).
  3. ^ قصة الحضارة

وصلات خارجية

References

  1. ^ Wells, J. (2000). Longman Pronunciation Dictionary (2 ed.). New York: Longman. ISBN 0582364671. 
  2. ^ The nomen Aurelius is virtually meaningless, signifying little more than Roman citizenship (see: Salway, Benet (1994). "What's in a Name? A Survey of Roman Onomastic Practice from c. 700 B.C. to A.D. 700". The Journal of Roman Studies (Society for the Promotion of Roman Studies) 84: 124–45. doi:10.2307/300873. ISSN 00754358. http://www.jstor.org/stable/300873. ).
  3. ^ The American Heritage College Dictionary. Boston: Houghton Mifflin Company. 1997. p. 91. ISBN 0395669170. 
  4. ^ "Blessed Augustine of Hippo: His Place in the Orthodox Church: A Corrective Compilation". Orthodox Tradition XIV (4): 33–35. http://www.orthodoxinfo.com/inquirers/bless_aug.aspx. Retrieved 2007-06-28. 
  5. ^ Jerome wrote to Augustine in 418: You are known throughout the world; Catholics honour and esteem you as the one who has established anew the ancient faith. Cf. Epistola 195; TeSelle, Eugene (1970). Augustine the Theologian. London. pp. 343. ISBN 0223-97728-4.  March 2002 edition: ISBN 1-57910-918-7 .
  6. ^ Cross, Frank L. and Livingstone, Elizabeth, ed (2005). "Platonism". The Oxford Dictionary of the Christian Church. Oxford Oxfordshire: Oxford University Press. ISBN 0192802909. 
  7. ^ E. TeSelle gives a list of disciplines and methods that are now practiced separately, which Augustine utilized concurrently: natural philosophy, critical philosophy, phenomenology of finite spirit, rational theology, doctrinal theology or a theology of the history of salvation, speculative theology or Glaubenslehre, anagogical or mystical theology, ethics, ecclesiology, theology of culture, politics, logic, and rhetoric., cf. TeSelle, Eugene (1970). Augustine the Theologian. London. pp. 347–349. ISBN 0223-97728-4.  March 2002 edition: ISBN 1-57910-918-7.
  8. ^ Durant, Will (1992). Caesar and Christ: a History of Roman Civilization and of Christianity from Their Beginnings to A.D. 325. New York: MJF Books. ISBN 1567310141. 
  9. ^ Wilken, Robert L. (2003). The Spirit of Early Christian Thought. New Haven: Yale University Press. p. 291. ISBN 0300105983. 
  10. ^ a b Know Your Patron Saint. "St. Augustine of Hippo: Is patron of theologians, printers and brewers. Is invoked against sore eyes."
  11. ^ Archimandrite [now Archbishop] Chrysostomos. "Book Review: The Place of Blessed Augustine in the Orthodox Church". Orthodox Tradition II (3&4): 40–43. http://www.orthodoxinfo.com/inquirers/bless_aug.aspx#rose. Retrieved 2007-06-28. 
  12. ^ "Blessed" here does not mean that he is less than a saint, but is a title bestowed upon him as a sign of respect. "Blessed Augustine of Hippo: His Place in the Orthodox Church: A Corrective Compilation". Orthodox Tradition XIV (4): 33–35. http://www.orthodoxinfo.com/inquirers/bless_aug.aspx. Retrieved 2007-06-28. 
  13. ^ "The willing acceptance of Roman citizenship by members of the ruling class in African cities produced such Roman Africans as the comic poet Terence, the rhetorician Fronto of Cirta, the jurist Salvius Julianus of Hadrumetum, the novelist Apuleius of Madauros, the emperor Septimius Severus of Lepcis Magna, the Christians Tertullian and Cyprian of Carthage, and Arnobius of Sicca and his pupil Lactantius; the angelic doctor Augustine of Thagaste", Paul MacKendrick, The North African Stones Speak‎, Chapel Hill: University of North Carolina Press, 1980; p. 326
  14. ^ Many sources use the term Berber but it is sometimes considered anachronistic: (a) Encyclopedia Americana, Scholastic Library Publishing, 2005, v.3, p.569 (b) Norman Cantor. The Civilization of the Middle Ages, A Completely Revised and Expanded Edition of Medieval History, Harper Perennial, 1994, p.74. ISBN 0-06-092553-1 (c) Étienne Gilson, The Philosopher and Theology (1960), Random House New York, 1962, pp. 195-196 (d) Grand Larousse encyclopédique, Librairie Larousse, 1960, t.1, p.144 (e) Fernand Braudel, A History of Civilizations, (1963), Penguin Books, 1995, p. 335 (f) Villanova University : "...Augustine had strong Berber roots" in Donald Burt, "About Augustine" (g) John H. Leith, From Generation to Generation: The Renewal of the Church According to Its Own Theology and Practice, Westminster John Knox Press, 1990, p.24 (h) Paulist Fathers, in Catholic World, Volumes 175-176, Paulist Fathers, 1952, p. 376 (i) Henri-Irénée Marrou, Christianity and Crisis, Christianity and Crisis, 1967, p. 93 ff
  15. ^ "A Berber North African woman, Monica...", Encyclopedia of Early Christianity, Everett Ferguson, Taylor & Francis, 1998, p.776
  16. ^ "...his mother's name, Monica, is Berber ... the names Monnica and Nonnica are found on tombstones in the Libyan language - as such Monnica is the only Berber name commonly used in English", Michael Brett and Elizabeth Fentress, The Berbers, Wiley-Blackwell, 1997, p.71, 293
  17. ^ Serge Lancel, Saint Augustine, Hymns Ancient & Modern Ltd, 2002, p5
  18. ^ Henri-Irénée Marrou, Christianity and Crisis, 1967, p. 93 suggests that Augustine may have descended from the same people group as the Berbers.
  19. ^ Andrew Knowles and Pachomios Penkett, Augustine and his World Ch.2.
  20. ^ a b c d e f Encyclopedia Americana, v.2, p. 685. Danbury, CT: Grolier Incorporated, 1997. ISBN 0-7172-0129-5.
  21. ^ Augustine of Hippo, Confessions, 3:3
  22. ^ Augustine of Hippo, Confessions, 4:2
  23. ^ a b c Catholic Encyclopedia St. Augustine of Hippo, 1913
  24. ^ Conf. 8.7.17
  25. ^ "...et legi in silentio capitulum quo primum coniecti sunt oculi mei: non in comessationibus et ebrietatibus, non in cubilibus et impudicitiis, non in contentione et aemulatione, sed induite dominum Iesum Christum et carnis providentiam ne feceritis in concupiscentiis." Confessiones 8.12.29
  26. ^ Brown, Peter. Augustine of Hippo: A Biography. (Berkeley: University of California Press, 2000).
  27. ^ Weiskotten, Herbert T. The Life of Saint Augustine: A Translation of the Sancti Augustini Vita by Possidius, Bishop of Calama . Merchantville, NJ: Evolution Publishing, 2008. ISBN 1-889758-90-6
  28. ^ Encyclopedia of Education
  29. ^ Cf. Van Der Meer, F. (1961). Augustine the Bishop. The Life and Work of the Father of the Church. London – Newy York. pp. 60. ; Bonner, G. (1986). St. Augustine of Hippo. Life and Controversies. Norwich: The Canterbury Press. p. 63. ISBN 0-86078-203-4. ; Testard, M. (1958). Saint Augustin et Cicéron, I. Cicéron dans la formation et l'oeuvre de saint Augustin. Paris: Études Augustiniennes. pp. 100–106. ; Confessions 5,7,12;7,6
  30. ^ Augustine of Hippo, The Literal Meaning of Genesis (De Genesi ad litteram 2:17:37, trans. John Hammond Taylor SJ, vol. 1, p. 73: Quapropter bono christiano, sive mathematici, sive quilibet impie divinantium, maxime dicentes vera, cavendi sunt, ne consortio daemoniorum animam deceptam, pacto quodam societatis irretiant).
  31. ^ North Carolina State University
  32. ^ Weiskotten, 40
  33. ^ Weiskotten, 43
  34. ^ Weiskotten, 57
  35. ^ Shanon Dale, 2001. "A house divided: San Pietro in Ciel d'Oro in Pavia and the politics of Pope John XXII", in JMH 27, p. 55ff
  36. ^ Harold Samuel Stone, 2002. St. Augustine's Bones: A Microhistory (Studies in Print Culture and the History of the Book) (Amherst: University of Massachusetts Press) 2002.
  37. ^ Passage based on F.A. Wright and T.A. Sinclair, A History of Later Latin Literature (London 1931), pp. 56 ff.
  38. ^ Thomas Cahill, How the Irish Saved Civilization Ch.2.
  39. ^ Bertrand Russell History of western Philosophy Book II Chapter IV
  40. ^ History of Western Philosophy, 1946, reprinted Unwin Paperbacks 1979, pp 352-3
  41. ^ Confessiones Liber X: commentary on 10.8.12 (in Latin)
  42. ^ Husserl, Edmund. Phenomenology of Internal Time-Consciousness. Tr. James S. Churchill. Bloomington: Indiana UP, 1964, 21.
  43. ^ For example, Heidegger's articulations of how "Being-in-the-world" is described through thinking about seeing: "The remarkable priority of 'seeing' was noticed particularly by Augustine, in connection with his Interpretation of concupiscentia." Heidegger then quotes the Confessions: "Seeing belongs properly to the eyes. But we even use this word 'seeing' for the other senses when we devote them to cognizing... We not only say, 'See how that shines', ... 'but we even say, 'See how that sounds'". Being and Time Trs. Macquarrie & Robinson. New York: Harpers, 1964. 171
  44. ^ Chiba, Shin. Hannah Arendt on Love and the Political: Love, Friendship, and Citizenship.The Review of Politics, Vol. 57, No. 3 (Summer, 1995), 507.
  45. ^ Tinder, Glenn. The American Political Science Review, Vol. 91, No. 2 (Jun., 1997), pp. 432-433
  46. ^ Lal, D. Morality and Capitalism: Learning from the Past. Working Paper Number 812, Department of Economics, University of California, Los Angeles. March 2002
  47. ^ a b c Cross, F. L., ed. The Oxford Dictionary of the Christian Church. New York: Oxford University Press. 2005, article Original Sin
  48. ^ a b Bauerschmidt, John C. (1999). "Abortion". In Allan D. Fitzgerald (ed.). Augustine Through the Ages: An Encyclopedia. Wm. B. Eerdmans Publishing. pp. 1. ISBN 9780802838438. 
  49. ^ De cura pro mortuis gerenda CSEL 41, 627[13–22]; PL 40, 595: Nullo modo ipsa spernenda sunt corpora. (...)Haec enim non ad ornamentum vel adiutorium, quod adhibetur extrinsecus, sed ad ipsam naturam hominis pertinent.
  50. ^ Enarrationes in psalmos, 143, 6; CCL 40, 2077 [46] – 2078 [74]; De utilitate ieiunii, 4,4-5; CCL 46, 234-235.
  51. ^ De quantitate animae 1.2; 5.9
  52. ^ De quantitate animae 13.12: Substantia quaedam rationis particeps, regendo corpori accomodata.
  53. ^ On the free will (De libero arbitrio) 2.3.7-6.13; cf. W.E. Mann, Inner-Life Ethics, in: The Augustinian Tradition. Philosophical Traditions. G. B. Matthews (ed.). Berkeley-Los Angeles-London: University of California Press. 1999. pp. 141–142. ISBN 0-520-20999-0. 
  54. ^ Teske, Roland J. (1999). "Genesi ad litteram liber imperfectus, De". In Allan D. Fitzgerald (ed.). Augustine Through the Ages: An Encyclopedia. Wm. B. Eerdmans Publishing. pp. 377–378. ISBN 9780802838438. 
  55. ^ http://www.asa3.org/ASA/PSCF/1988/PSCF3-88Young.html
  56. ^ a b c d e Justo L. Gonzalez (1970-1975). A History of Christian Thought: Volume 2 (From Augustine to the eve of the Reformation). Abingdon Press. 
  57. ^ "Carthage was also near the countries over the sea, and distinguished by illustrious renown, so that it had a bishop of more than ordinary influence, who could afford to disregard a number of conspiring enemies because he saw himself joined by letters of communion to the Roman Church, in which the supremacy of an apostolic chair has always flourished" Letter 43 Chapter 3
  58. ^ Craig L. Blomberg (2006). From Pentecost to Patmos. Apollos. pp. 519. 
  59. ^ a b Cross, F. L., ed. The Oxford Dictionary of the Christian Church. New York: Oxford University Press. 2005, unspecified article
  60. ^ Enchiridion 110
  61. ^ Confessions 6.2.2
  62. ^ http://www.crusades-encyclopedia.com/augustineofhippo.html
  63. ^ http://www.jknirp.com/mattox.htm
  64. ^ http://www.catholiceducation.org/articles/politics/pg0029.html
  65. ^ Justo L. Gonzalez (1984). The Story of Christianity. HarperSanFrancisco. 
  66. ^ O Stegmüller, in Marienkunde, 455
  67. ^ De Sacra Virginitate, 6,6, 191.
  68. ^ De Saca virginitate 18
  69. ^ Origen, St. Jerome: "On First Principles", Book III, Chapter III, Verse 1. Translated by K. Froehlich. Biblical Interpretation in the Early Church. Fortress Press, 1985
  70. ^ He explained to Julian of Eclanum that it was a most subtle job to discern what came first: Sed si disputatione subtilissima et elimatissima opus est, ut sciamus utrum primos homines insipientia superbos, an insipientes superbia fecerit. (Contra Julianum, V, 4.18; PL 44, 795)
  71. ^ Augustine of Hippo, The Literal Meaning of Genesis (De Genesi ad litteram), VIII, 6:12, vol. 1, p. 192-3 and 12:28, vol. 2, p. 219-20, trans. John Hammond Taylor SJ;BA 49,28 and 50-52; PL 34, 377; cf. idem, De Trinitate, XII, 12.17; CCL 50, 371-372 [v. 26-31;1-36]; De natura boni 34-35; CSEL 25, 872; PL 42, 551-572
  72. ^ cf. Augustine, On the Literal Meaning of Genesis (De Genesi ad litteram), VIII, 4.8; BA 49, 20
  73. ^ Augustine explained it in this way: Why therefore is it enjoined upon mind, that it should know itself? I suppose, in order that, it may consider itself, and live according to its own nature; that is, seek to be regulated according to its own nature, viz., under Him to whom it ought to be subject, and above those things to which it is to be preferred; under Him by whom it ought to be ruled, above those things which it ought to rule. For it does many things through vicious desire, as though in forgetfulness of itself. For it sees some things intrinsically excellent, in that more excellent nature which is God: and whereas it ought to remain steadfast that it may enjoy them, it is turned away from Him, by wishing to appropriate those things to itself, and not to be like to Him by His gift, but to be what He is by its own, and it begins to move and slip gradually down into less and less, which it thinks to be more and more. ("On the Trinity" (De Trinitate), 5:7; CCL 50, 320 [1-12])
  74. ^ Nisi radicem mali humanus tunc reciperet sensus ("Contra Julianum", I, 9.42; PL 44, 670)
  75. ^ In one of Augustine's late works, Retractationes, he made a significant remark indicating the way he understood difference between spiritual, moral libido and the sexual desire: "Libido is not good and righteous use of the libido" ("libido non est bonus et rectus usus libidinis"). See the whole passage: Dixi etiam quodam loco: «Quod enim est cibus ad salutem hominis, hoc est concubitus ad salutem generis, et utrumque non est sine delectatione carnali, quae tamen modificata et temperantia refrenante in usum naturalem redacta, libido esse non potest». Quod ideo dictum est, quoniam "libido non est bonus et rectus usus libidinis". Sicut enim malum est male uti bonis, ita bonum bene uti malis. De qua re alias, maxime contra novos haereticos Pelagianos, diligentius disputavi. Cf. De bono coniugali, 16.18; PL 40, 385; De nuptiis et concupiscentia, II, 21.36; PL 44, 443; Contra Iulianum, III, 7.16; PL 44, 710; ibid., V, 16.60; PL 44, 817. See also Idem (1983). Le mariage chrétien dans l'oeuvre de Saint Augustin. Une théologie baptismale de la vie conjugale. Paris: Études Augustiniennes. p. 97. 
  76. ^ Non substantialiter manere concupiscentiam, sicut corpus aliquod aut spiritum; sed esse affectionem quamdam malae qualitatis, sicut est languor. (De nuptiis et concupiscentia, I, 25. 28; PL 44, 430; cf. Contra Julianum, VI, 18.53; PL 44, 854; ibid. VI, 19.58; PL 44, 857; ibid., II, 10.33; PL 44, 697; Contra Secundinum Manichaeum, 15; PL 42, 590.
  77. ^ Cf. Marius Mercator Lib. subnot.in verb. Iul. Praef., 2,3; PL 48,111 /v.5-13/; Bonner, Gerald. Rufinus of Syria and African Pelagianism. pp. 35(X).  in: Idem (1987). God's Decree and Man's Destiny. London: Variorum Reprints. pp. 31–47 (X). ISBN 0-86078-203-4. 
  78. ^ De gratia Christi et de peccato originali, I, 15.16; CSEL 42, 138 [v.24-29]; Ibid., I,4.5; CSEL 42, 128 [v.15-23]. See Bonner, G. (1986). St. Augustine of Hippo. Life and Controversies. Norwich: The Canterbury Press. pp. 355–356. ISBN 0-86078-203-4. 
  79. ^ Brown, Peter. Augustine of Hippo. Berkeley: University of California Press, 1967. ISBN 0-520-00186-9, 35
  80. ^ Manichaean Version of Genesis 2-4, the. Translated from the Arabic text of Ibn al-Nadīm, Fihrist, as reproduced by G. Flügel, Mani: Seine Lehre und seine Schriften (Leipzig, 1862; reprinted, Osnabrück: Biblio Verlag, 1969) 58.11-61.13. 10 December 2006 (http://www.religiousstudies.uncc.edu/jcreeves/manichaean_version_of_genesis_2-4.htm).
  81. ^ See. Sfameni Gasparro, G. (2001). Enkrateia e Antropologia. Le motivazioni protologiche della continenza e della verginità nel christianesimo del primi secoli e nello gnosticismo. Studia Ephemeridis «Augustinianum» 20. Rome. pp. 250–251. ; Somers, H.. "Image de Dieu. Les sources de l'exégèse augustinienne". Revue des études augustiniennes 7 (1961): 115. ISSN 0035-2012. http://hdl.handle.net/2042/712. . Cf. John Chrysostome, Περι παρθενίας (De virginitate), XIV, 6; SCh 125, 142-145; Gregory of Nyssa, On the Making of Man, 17; SCh 6, 164-165 and On Virginity, 12.2; SCh 119, 402 [17-20]. Cf. Augustine, On the Good of Marriage, 2.2; PL 40, 374.
  82. ^ Although Augustine praises him in the Confessions, 8.2., it is widely acknowledged that Augustine's attitude towards that pagan philosophy was very much of a Christian apostle, as T.E. Clarke SJ writes: Towards Neoplatonism there was throughout his life a decidedly ambivalent attitude; one must expect both agreement and sharp dissent, derivation but also repudiation. In the matter which concerns us here, the agreement with Neoplatonism (and with the Platonic tradition in general) centers on two related notions: immutability as primary characteristic of divinity, and likeness to divinity as the primary vocation of the soul. The disagreement chiefly concerned, as we have said, two related and central Christian dogmas: the Incarnation of the Son of God and the resurrection of the flesh. Clarke SJ, T. E.. "St. Augustine and Cosmic Redemption". Theological Studies 19 (1958): 151.  Cf. É. Schmitt's chapter 2: L'idéologie hellénique et la conception augustinienne de réalités charnelles in: Idem (1983). Le mariage chrétien dans l'oeuvre de Saint Augustin. Une théologie baptismale de la vie conjugale. Paris: Études Augustiniennes. pp. 108–123.  O'Meara,, J. J. (1954). The Young Augustine: The Growth of St. Augustine's Mind up to His Conversion. London. pp. 143–151 and 195f.  Madec, G.. Le «platonisme» des Pères. p. 42.  in Idem (1994). Petites Études Augustiniennes. «Antiquité» 142. Paris: Collection d'Études Augustiniennes. pp. 27–50.  Thomas Aq. STh I q84 a5; Augustine, City of God (De Civitate Dei), VIII, 5; CCL 47, 221 [3-4].
  83. ^ Gerson, Lloyd P. Plotinus. New York, NY: Routledge, 1994. 203
  84. ^ See e.g. "Enarrations on the Psalms" (Enarrationes in psalmos),143:6; CCL 40, 2077 [46] – 2078 [74]; The Literal Meaning of Genesis (De Genesi ad Litteram), 9:6:11, trans. John Hammond Taylor SJ, vol. 2, p. 76-77; PL 34, 397.
  85. ^ Gerald Bonner's comment explains a little bit why there are so many authors who write false things about Augustine's views: It is, of course, always easier to oppose and denounce than to understand. See Bonner, G. (1986). St. Augustine of Hippo. Life and Controversies. Norwich: The Canterbury Press. p. 312. ISBN 0-86078-203-4. 
  86. ^ Cf. De continentia, 12.27; PL 40, 368; Ibid., 13.28; PL 40, 369; Contra Julianum, III, 15.29, PL 44, 717; Ibid., III, 21.42, PL 44, 724.
  87. ^ See. Merits and Remission of Sin, and Infant Baptism (De peccatorum meritis et remissione et de baptismo parvulorum), I, 6.6; PL 44,112-113; cf. "On the Litteral meaning of the Genesis (De Genesi ad litteram) 9:6:11, trans. John Hammond Taylor SJ, vol. 2, p. 76-77; PL 34, 397.
  88. ^ In 393/394 he comments: Moreover, if unbelief is fornication, and idolatry unbelief, and covetousness idolatry, it is not to be doubted that covetousness also is fornication. Who, then, in that case can rightly separate any unlawful lust whatever from the category of fornication, if covetousness is fornication? And from this we perceive, that because of unlawful lusts, not only those of which one is guilty in acts of uncleanness with another's husband or wife, but any unlawful lusts whatever, which cause the soul making a bad use of the body to wander from the law of God, and to be ruinously and basely corrupted, a man may, without crime, put away his wife, and a wife her husband, because the Lord makes the cause of fornication an exception; which fornication, in accordance with the above considerations, we are compelled to understand as being general and universal ("On the Sermon on the Mount", De sermone Domini in monte, 1:16:46; CCL 35, 52)
  89. ^ Cf. Southern, R.W. (1953). The Making of the Middle Ages. London. pp. 234–7. ; Bonner, G. (1986). St. Augustine of Hippo. Life and Controversies. Norwich: The Canterbury Press. p. 371. ISBN 0-86078-203-4. 
  90. ^ Statement condemned by Council of Trent, Decree on Justification, XI and can. 25 (January 13, 1547)
  91. ^ a b c d Catholic Encyclopedia (1914) Teaching of St. Augustine of Hippo
  92. ^ Diarmaid MacCulloch. The Reformation: A History (Penguin Group, 2005) p 8.
  93. ^ City of God, book 18, chapter 46.
  94. ^ J. Edwards, The Spanish Inquisition (Stroud, 1999), pp33-5.
  95. ^ Conf. 8.7.17
  96. ^ Augustine of Hippo, City of God, 14.17
  97. ^ Maria Boulding's translations of the Confessions and the Expositions of the Psalms, in particular, have garnered great praise. See for instance Catholic Library World in reference to the Confessions: "A whole new generation should fall in love with one of Christendoms greatest works thanks to Maria Boulding." See also the acknowledgment expressed in her obituary
  98. ^ See a list of available works here.
  99. ^ See a list of available works here.

 Bibliography

g Saint Augustine, pages 30, 144; City of God 51, 52, 53 and The Confessions 50, 51, 52