Search - للبحث فى مقالات الموقع

Friday, October 22, 2010

مسجد الملك الأشرف أبو النصر قايتباى


مسجد السلطان قايتباى وضريحه بقرافة المماليك 877-879 هجرية = 1472-1474م



منشىء هذا المسجد هو الملك الأشرف أبو النصر قايتباى قدم إلى مصر فى رفاقة تاجره محمود بن رستم سنة 839 هجرية 1435/ 36م فاشتراه الملك الأشرف برسباى واستمر ضمن مماليكه إلى أن اشتراه الملك الظاهر أبو سعيد جقمق وظل فى رقه حتى أعتقه. ومن ثم تقلب فى عدة وظائف إلى أن ولى الملك فى رجب سنة 872 هجرية = 1468م ، وكانت مدة حكمه تسعا وعشرين سنة وبضعة شهور حيث توفى سنة 901 هجرية = 1496م، وله من العمر نحو ست وثمانين سنة.

وقد ازدهرت العمارة الإسلامية فى عهده ازدهارا عظيما وكثرت منشآته وتنوعت وامتازت بتناسب أجزائها ووفرة زخارفها ونقوشها وبلوغها من الدقة والإتقان شأوا عظيما ، وبينما نراه اهتم بالأبنية الحربية فأنشأ طابية قايتباى بالإسكندرية وطابية رشيد ، نراه اهتم بإقامة المنشآت المدنية والخيرية فأنشأ المنازل والوكالات والأسبلة وأحواض سقى الدواب وله الكثير منها بالقاهرة ، كما اهتم بترميم وتجديد كثير من منشآت أسلافه.
هذا ولم يكن اهتمامه بإنشاء المساجد بأقل من اهتمامه بغيرها فله فى القاهرة ثلاث مساجد شهيرة مسجده بالروضة ومسجده بقلعة الكبش وهذا المسجد الملحق به تربته والذى شيده بقرافة المماليك التى يطلق عليها قرافة قايتباى لكثرة منشآته بها.
ويعد هذا المسجد علما من أعلام هذه القرافة بل نموذجا رائعا للمساجد المملوكية التى أنشئت فى أواخر القرن التاسع الهجرى - الخامس عشر الميلادى- فقد تجمعت فيه دقة الصناعة وجمال التصميم وروعة الزخرف والنقش وتكاد كل قطعة فيه تنطق بأن الفن قد بلغ الذروة فيها. فإذا نظر الإنسان إليه من الخارج فإنه لابد منتزع منه إعجابه فوجهاته المشتملة على المدخل والسبيل والكتاب على اليسار والمنارة على اليمين ثم القبة فى المؤخرة كلها وحدة متناسبة متناسقة وتعتبر منارته اجمل المآذن المملوكية طرا سواء من حيث تناسب أجزائها أو روعة زخرفها وحسن توزيعها كذلك القبة تعتبر من أجمل القباب المملوكية بزخارفها البديعة المحفورة فى الحجر ، وما يقال عن المنارة والقبة يقال عن باقى أجزاء الوجهة سواء فى ذلك تناسبها ووفرة زخارفها.
وقد أنشئ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد فهو يتكون من صحن مسقوف بوسط سقفه شخشيخة وتشرف عليه أربعة عقود تفتح إلى أربعة إيوانات متقابلة أكبرها إيوان القبلة ، وعلى أوجه هذه العقود طراز مكتوب به اسم المنشئ وألقابه وتاريخ الإنشاء 877 هجرية.
وتزد ان أسقف الإيوانات الأربعة والصحن بنقوش مذهبة جميلة امتازت بهدوء ألوانها وتجانسها ، وبصدر إيوان القبلة محراب حليت طاقيته بتلابيس من الحجر الأحمر على شكل شرفات ويقوم بجواره منبر خشبى جمعت ريشتاه وبابه على هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات من السن المحفور بزخارف دقيقة ، وقد صنع كرسى السورة الذى بالقبة ودلف الدواليب الحائطية بالمسجد على وتيرة المنبر أى على هيئة أشكال هندسية مجمعة وحشوات من السن المحفور وكلها تنطق برقة الصناعة ودقتها.
وتقوم القبة بجانب إيوان القبلة وهى كباقى أجزاء المسجد غنية بالزخارف والنقوش ، ويكسو الجزء السفلى من حوائطها وزرة من الرخام الملون يعلوه طراز مكتوب به اسم المنشئ وألقابه وأدعية له وبعض آيات قرآنية ثم تاريخ الفراغ من بناء القبة 879 هجرية ، وبحوائط القبة من أعلى كما بحوائط الإيوانات شبابيك من الجص المفرغ الدقيق المحلى بالزجاج الملون، هذا وقد فرشت أرض القبة والصحن والإيوانات بالرخام الملون.
والواقع أن مهندس هذا المسجد قد إجاد فى هندسة بنائه وأبدع فى زخرفته ونقشه ولم يبخل عليه قايتباى بمال فجاء تحفة تجمعت فيها روائع الفن، ولهذا كان محل عناية لجنة حفظ الآثار العربية فى أواخر القرن التاسع عشر فاهتمت بتدعيم مبانيه وقامت بإصلاحه وتجديده وتناولت أعمالها إصلاح نجارته ورخامه وتجديد نقوشه وشبابيكه الجصية بحيث أصبح بالحالة التى نراه عليها الآن‬