Search - للبحث فى مقالات الموقع

Friday, September 24, 2010

معركة مرج الصفر

معركة شقحب

معركة شَقحَب أو "معركة مرج الصفر" هي معركة 2 رمضان 702 هـ انتصر فيها المماليك انتصاراً عظيماً على المنغول. المعركة أنهت غزو السلطان محمود غازان لسوريا وانتهت بهزيمة مروعة للمنغول. وحسب المقريزي المؤرخ الذي عايش العصر المملوكي, فعندما وصل قتلغ شاه إلى السلطان محمود غازان في "كشوف" بعد المعركة ليبلغه بهزيمة المنغول, فقد هاج الخان المنغولي هياجاً شديداً أسفر عن نزيف من الأنف.[1]

وهي أقل شهرة من أي معارك سبقتها, حدثت معركة شقحب في 2 رمضان 702 هـ, كانت هذه المعركة بين المسلمين والمنغول, قد كان المسلمون انذاك منزعجون جداً من فكرة الحرب فقد كانت المنغول يملكون جيوش ذات اعداد هائله وقوة رهيبة، حتى أن المنغول قد وصلوا إلى بعلبك وحمص وقد عاثوا فساداً بها، كما أن الجيوش المصريه قد تاخرت مما أدى إلى خوف المسلمين, لدرجة أن الخطباء كانوا يقنتون وقت الصلوات، حتى أن بعض المسلمين قد رحلوا من الشام إلى مصر، و قام المرجفون يهبطون من عزيمة المسلمين بكلام محبط كـ أن لا يمكن للمسلمين مواجهة التتار لقلة المسلمين وكثرة التتار ولكن كان العلماء امثال شيخ الإسلام ابن تيمية تأثير قوي و كبير في رفع المعنويات و تهدئة النفوس حتى شعر الكثير من المسلمين بالاستقرار والأمن.

ومن ثم زادت حماسة الشعوب الاسلامية، و قد تم تهيئتها لخوض المعركة, كما كان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول للأمراء و الناس انذاك إنكم في هذه المرة منصورون. فيقول له الأمراء: قل إن شاء الله. فيقول: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً. وكان يتأول في ذلك أشياء من كتاب الله، منها: قول الله تعالى:{ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ[60]} سورة الحج .

زحف المغول على الشام

في رجب عام 702هـ / 1303م قدم البريد إلى القاهرة من حلب بأن غازان على وشك التحرك إلى الشام، فتقرر إرسال الأمير بيبرس الجاشنكير، مع عدة من الأمراء على رأس ثلاثة آلاف من الأجناد. ووصل بيبرس الجاشنكير إلى دمشق في شعبان. وأقبل الناس من حلب وحماة إلى دمشق مذعورين من المغول، وتأهب أهل دمشق للفرار. فنودى في دمشق أن من خرج منها حل ماله ودمه. وأرسل بيبرس إلى القاهرة مستعجل قدوم الناصر محمد إلى الشام [2]. وأرسل غازان قائده ونائبه قطلوشاه إلى الشام على رأس جيش قوامه 80 ألف مقاتل. ولما عرف قطلوشاه أن الناصر لم يخرج من مصر بعد، وأن ليس بالشام غير العسكر الشامي، توجه تواٌ إلى حماة فلما أبصره عسكر حماة ولوا إلى دمشق حاملين معهم العادل كتبغا في محفة لضعفه. واضطربت دمشق وراح أهلها يرحلون عنها. وبات الناس أول ليلة رمضان في الجامع يضجون بالدعاء إلى الله [3].

المعركة

الأماكن التي صارت بها الحروب مع المغول ويرى هنا معركة مرج الصفر (شقحب)

في يوم السبت الموافق 2 رمضان 702هـ/ 20 إبريل 1303م ،وصل الناصر محمد إلى عقبة شجورا، ففرح الناس وتوجه إليه الأمراء. وبينما الأمراء يستقبلونه وصل خبر بأن جيش قطلوشاه قد أقدم. فلبس الجنود السلاح، وإتفق الأمراء على محاربته بشقحب تحت جبل غباغب [4].

وقف السلطان الناصر في قلب الجيش، الذي كان يضم نحو 200 ألف مقاتل [5]، وبجانبه الخليفة والأمراء سلار وبيبرس الجاشنكير وعز الدين أيبك الخازندار وغيرهم من الأمراء. وفى الميمنة وقف الحسام لاجين أستادار (حسام الدين لاجين الرومي)[6]. وعدة من الأمراء وعلى يمينهم الأمير قبجق بعساكر حماة والعربان. وفى الميسرة وقف عساكر حلب وعلى رأسهم الأمير بكتاش الفخري والأمير قرا سنقر. مشى السلطان والخليفة بجانبه، ومعهما القراء يتلون القرأن ويحثون على الجهاد. وهتف الخليفة : " يا مجاهدون لا تنظروا لسلطانكم، قاتلوا عن حريمكم وعلى دين نبيكم عليه الصلاة والسلام " [7].

غازان يعتنق الإسلام

انطلق قطلوشاه نحو جيش المسلمين بفرقة تضم 10 آلاف مقاتل، واصطدم بالميمنة وجرى قتال شديد، قتل فيه الحسام لاجين أستادار. وكادت الميمنة أن تولى فصاح سلار : " هلك والله أهل الإسلام ". فقام أمراء القلب والميسرة بتعزيز الميمنة وصرخ سلار في بيبرس الجاشنكير والبرجية فأتوه وصدم بهم قطلوشاه، وقاتل هو وبيبرس الجاشنكير قتالاً شديداً إلى أن تمكن من دفع قطلوشاه [8].

ولما قتل أمراء الميمنة تمكن بعض المغول من اجتياز خطها وصاروا خلف المسلمين فحسب البعض أن الجيش منهزم ففرت النساء والأطفال، وكانوا قد خرجوا من دمشق عند خروج الأمراء منها. كشف النساء عن وجوههن وأسبلن شعورهن، وضج الناس بالدعاء، وكادت العقول أن تطيش عند مشاهدة الهزيمة. إلى أن توقف القتال ومال قطلوشاه بمن معه إلى جبل قريب وصعد عليه وفي ظنه أنه انتصر وأن قواته تطارد المسلمين الفارين. ولكنه لما نظر من فوق الجبل رأى ميسرة السلطان الناصر ثابتة وأعلامها تخفق فتحير، وأحضر إليه عدة من أسرى المسلمين فسأل أحدهم وهو الأمير عز الدين أيدمر عن نفسه فرد عليه ايدمر قائلاً: " من أمراء مصر " فبهت قطلوشاه لأنه لم يكن يدرى بقدوم السلطان الناصر بجند مصر [9].

باتت الجنود على ظهور خيولها والطبول تضرب. وراح بيبرس الجاشنكير وسلار وقبجق وكبار الأمراء يدورون طوال الليل على الأمراء والأجناد يرصونهم وينظمونهم ويؤكدون عليهم بضرورة اليقظة والتأهب. ونزل قطلوشاه بمشاته وفرسانه فبرزت له المماليك السلطانية التي استقتلت في القتال وراحت ترمي الجنود المغول بالسهام وتقاتلهم، إلى أن انسحب قطلوشاه إلى الجبل عند منتصف النهار. وعلم المسلمون من بعض أسرى المغول أن قوات قطلوشاه تعانى من العطش، فلما نزل المغول في فجر اليوم الثالث من المعركة وساروا نحو النهر لم يتعرض لهم المسلمون، حتى وصلوا إلى النهر فقام المسلمون بحصدهم حصداً، وطاردوا الفارين منهم، وقامت العامة بمساعدتهم في المطاردة، ولم يعبر الفرات مع قطلوشاه من جنوده إلا عدد قليل. وأرسل المسلمون بالأمير بدر الدين بكتوت إلى مصر ببشارة النصر [10][11]. وسار الناصر إلى دمشق التي تزينت ومعه الخليفة، فخرج أهلها يضجون بالدعاء والهناء. وبكى الناس من شدة الفرحة، ونزل الناصر بالقصر الأبلق وصلى العيد بدمشق ثم غادرها عائداً إلى مصر في الثالث من شوال ودخل القاهرة عاصمة ملكه التي تزينت له من باب النصر في الثالث والعشرين من نفس الشهر، ومعه الأسرى ورؤوس المغول، ثم زار قبر أبيه الملك المنصور، وصعد إلي قلعة الجبل على الشقق الحرير، وأنعم على الأمراء، وأمر بإحضار سائر مغاني العرب من كل أنحاء مصر، وأقيمت احتفالات كبرى في البلاد [12][13].

أما قطلوشاه فقد وصلت أنبأ هزيمته إلى همذان فوقعت الصرخة عند المغول. وأغتم غازان غماً عظيماً حتى مرض وسال الدم من أنفه، وأمر بقتل قطلوشاه ثم عفا عنه وبصق في وجهه مع سائر الحضور [12]. ولم يعمر غازان طويلاً بعد تلك الهزيمة الماحقة حيث مات مكموداً في 11 مايو 1304 بعد أن حكم مغول الالخانات ثماني سنين وعشرة أشهر [14].

اقرأ أيضا

فهرس وملحوظات

  1. ^ Quatremere, vol II, Translation.
  2. ^ المقريزى، السلوك 2/ 355
  3. ^ المقريزى، السلوك 2/ 365-355
  4. ^ جبل غباغب: قرية في أول عمل حوران من نواحي دمشق. -(المقريزي، السلوك، هامش،356)
  5. ^ خطأ استشهاد: وسم غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة .D8.A7.D8.A8.D9.86_.D8.A5.D9.8A.D8.A7.D8.B3_1.2F_413
  6. ^ الحسام لاجين أستادار: هو حسام الدين لاجين الرومي أستادار السلطان قلاوون (المقريزي، السلوك، 362/2) وليس حسام الدين لاجين الذى تسلطن وتوفي في سنة 1299.
  7. ^ المقريزى، السلوك 2/ 365
  8. ^ المقريزي، السلوك 2/ 357
  9. ^ المقريزى، السلوك 2/ 375
  10. ^ المقريزى، السلوك 2/ 358
  11. ^ ابن إياس 1/ 414
  12. ^ أ ب المقريزى، السلوك 2/ 359-360
  13. ^ ابن إياس 2/ 414-415
  14. ^ شفيق مهدي، 104

المصادر والمراجع

  • ابن إياس : بدائع الزهور في وقائع الدهور, تحقيق محمد مصطفى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1982
  • ابن إياس : بدائع الزهور في وقائع الدهور، مدحت الجيار (دكتور), الهيئة المصرية العامة للكتاب, القاهرة 2007.
  • ابن تغرى : النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة, الحياة المصرية، القاهرة 1968.
  • أبو الفداء : المختصر في أخبار البشر، القاهرة 1325هـ.
  • جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الإسلامي) : تاريخ مصر الإسلامية, دار المعارف، القاهرة 1966.
  • بسام العسلي : الظاهر بيبرس ونهاية الحروب الصليبية القديمة، دار النفائس، بيروت 1981
  • حمدى السعداوى : صراع الحضارات - المماليك، المركز العربى للنشر، الأسكندرية
  • شفيق مهدى (دكتور) : مماليك مصر والشام, الدار العربية للموسوعات, بيروت 2008.
  • علاء طه رزق (دكتور): دراسات في تاريخ عصر سلاطين المماليك، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والإجتماعية، القاهرة 2008.
  • عبد الله بن أيبك الدواداري : كنز الدرر وجامع الغرر، المعهد الألماني للأثار الإسلامية، القاهرة 1971.
  • المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك، دار الكتب, القاهرة 1996.
  • المقريزى : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والأثار, مطبعة الأدب, القاهرة 1968.
  • قاسم عبده قاسم (دكتور) : عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسى والاجتماعى, عين للدراسات الإنسانية والاجتماعية, القاهرة 2007.
  • ويكيبيديا