Search - للبحث فى مقالات الموقع

Friday, September 3, 2010

علي حسن أحمد عبدالرزاق (1888 - 1966) والجدل حول كتابه الاسلام و اصول الحكم


علي حسن أحمد عبدالرزاق (قرية أبو جرج بمحافظة المنيا عام 1888 - 1966) هو مؤلف كتاب الاسلام و اصول الحكم. ولد في أسرة ثرية تملك 7 آلاف فدان. حفظ القرآن في كتاب القرية، ثم ذهب إلى الأزهر حيث حصل على درجة العالمية. ثم ذهب إلى جامعة أوكسفورد البريطانية. وعقب عودته عُين قاضيا شرعيا.




أصدر عام 1925 كتاب "الإسلام وأصول الحكم" الذي أثار ضجة بسبب آرائه في موقف الإسلام من "الخلافة"؛ فرد عليه الأزهر بكتاب "نقد كتاب الإسلام وأصول الحكم" ثم سحب منه شهادة العالمية، وشن حملة على رأيه. عمل علي عبد الرازق بالمحاماة، ثم انتخب عضوا في مجلس النواب، ثم عضوا في مجلس الشيوخ، ثم اختير وزيرا للأوقاف.
النشأة
علي عبد الرازق ولد في قرية "أبو جرج" بمحافظة "المنيا"، من صعيد مصر سنة 1305 هـ 1887م. التحق –بعد أن حفظ القرآن الكريم- بالأزهر –في القاهرة- وكان من شيوخه الذي تلقى عنهم العلم الشيخ أحمد أبو خطوة [[1268 - 1324 هـ 1852 - 1906 والشيخ أبو عليان. في سنة 1008م نشأت الجامعة المصرية. لتنهج في التعليم مناهج الحضارة الغربية فالتحق بها علي عبد الرازق، وجمع بين الدراسة فيها والدراسة في الأزهر الشريف. في سنة 1912م تخرج من الأزهر، وحصل على شهادة "العالمية".
عقب تخرجه سافر إلى إنجلترا على نفقة أسرته، والتحق هناك بجامعة أكسفورد عازماً على دراسة الاقتصاد.. لكن اندلاع الحرب العالمية الأولى جعله يعود إلى مصر سنة 1915م.
في سنة 1915م عين قاضياً شرعياً.. واستمر في هذا العمل حتى أصدر كتابه [الإسلام وأصول الحكم] سنة 1925م –وكان قاضياً بمحكمة المنصورة الشرعية- فكان من تداعي أحداث المعركة السياسية التي أثارها هذا الكتاب أن فصل من عمله في 17 سبتمبر سنة 1925م 29 صفر سنة 1344 هـ. تنفيذاً للحكم التأديـبي الذي أصدرته "هيئة كبار العلماء" في 12 أغسطس سنة 1925م 22 محرم سنة 1344 هـ، والذي أخرجته بموجبه من "زمرة العلماء" !
وبعد ذلك سافر إلى لندن، دارساً، وإلى شمال أفريقيا، سائحاً. ومن هناك كتب عدداً من المقالات التي نشرتها له مجلة [السياسة] التي كان يصدرها، الأحرار الدستوريون".
وبعد أن تولى أخوه الشيخ مصطفى عبد الرازق باشا 1302 - 1366 هـ 1885 - 1946 ممشيخة الأزهر سنة 1945م. أعاده إلى زمرة العلماء.
دخل الوزارة، وزيراً للأوقاف، ما بين 28 ديسمبر سنة 1948م و25 يوليو سنة 1949م في الوزارة التي رأسها إبراهيم عبد الهادي باشا 1316 - 1401 هـ 1898 - [[1981م].. كما شغل عضوية مجلس النواب، ومجلس الشيوخ. وعين عضواً بمجمع اللغة العربية بالقاهرة.
توفي في جمادى الآخرة من عام 1386 هـ الموافق 23 سبتمبر 1966م.

كتبه الأخرى

حاضر طلبة الدكتوراة في جامعة القاهرة عشرين عاما في مصادر الفقه الإسلامي، وله عدد من الكتب، منها:
  • الإسلام وأصول الحكم
  • "أمالي علي عبد الرازق"،
  • "الإجماع في الشريعة الإسلامية"،
  • "من آثار مصطفى عبد الرازق".

جدل

  • -1-تأليفه كتاب (الإسلام وأصول الحكم) بعد سقوط الخلافة العثمانية! ليقول فيه بأن الإسلام دين لا دولة، ورسالة روحية لا علاقة لها بالحكومة والسياسة الدنيوية وعمارة الكون وتنظيم المجتمعات. وأن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يؤسس دولة! ولم يرأس حكومة ! ولم يسس مجتمعاً !، ولم يدعُ إلى شيء من ذلك، بل كان رسولاً فقط، ما عليه إلا البلاغ.
فهو يسقط نظرة النصارى إلى دينهم على دين الإسلام، ويدعو إلى علمانية تفصل بين الدين والدولة، ومما يلفت النظر في فعله هذا أمران:
  • أنه أصدره بعد سقوط الخلافة العثمانية من قبل (كمال أتاتورك) عام (1924م).
  • أن هذا العمل جاء من شيخ أزهري !
  • بعد صدور كتابه هذا قام العلماء في الأزهر بدارسته ثم محاكمة مؤلفه وإخراجه من زمرة العلماء .
وقد لخصوا في بيانهم وحكمهم أهم انحرافات الكتاب، وهي:
  1. جعل الشريعة الإسلامية شريعة روحية محضة لا علاقة لها بالحكم والتنفيذ في أمور الدنيا.
  2. وأن الدين لا يمنع من أن جهاد النبي صلى الله عليه وسلم كان في سبيل الملك لا في سبيل الدين ولا لإبلاغ الدعوة إلى العالمين.
  3. وأن نظام الحكم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان موضوع غموض أو إبهام أو اضطراب أو نقص وموجباً للحيرة.
  4. وأن مهمة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بلاغاً للشريعة مجرداً عن الحكم والتنفيذ.
  5. إنكار إجماع الصحابة على وجوب نصب الإمام، وعلى أنه لابد للأمة ممن يقوم بأمرها في الدين والدنيا.
  6. إنكار أن القضاء وظيفة شرعية.
  7. وأن حكومة أبي بكر والخلفاء الراشدين من بعده رضي الله عنهم كانت لا دينية.
(انظر : حكم هيئة كبار العلماء في كتاب الإسلام وأصول الحكم، ص5،6)
ثم فند العلماء هذه الانحرافات في حكمهم السابق، فليراجع
  • -رد على هذا الكتاب مجموعة من العلماء، من أهم تلك الردود: كتاب (نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم) للشيخ محمد الخضر حسين، الصادر سنة 1926م.
  • -يقول الأستاذ أنور الجندي: (كتاب الإسلام وأصول الحكم ليس من تأليف علي بعد الرازق بل من تأليف مرجليوث.

تهمة خداع جماهير المسلمين

كان السؤال عن دعوى علي عبد الرازق في كتابه (الإسلام وأصول الحكم) التي لا تزال قوى التغريب والغزو الثقافي والماركسيون والشعوبيون تجدد نشرها.. لخداع جماهير المسلمين عن حقيقة دينهم، وإذاعة مفهوم الدين العبادي القائم على الروحيات والمساجد وإنكار حقيقة الإسلام.. بوصفه ديناً ومنهج حياة، ونظام مجتمع، ويقوم الادعاء الخبيث الذي يثيره الاستشراق والشعوبية على أن في الإسلام مذهبين.. أحدهما يقول: بأن الإسلام دين ودولة.. والآخر يقول: بأن الإسلام دين روحي.. ويضعون علي عبد الرازق على رأس الفريق الذي يقول هذا القول. والواقع أن الإسلام ليس فيه غير رأي واحد.. هو الرأي الأول.. وأن ما ذهب إليه علي عبد الرازق عام 1925م لم يكن من الإسلام في شيء .. ولم يكن علي عبد الرازق نفسه إماماً مجتهداً.. وإنما كان قاضياً شرعياً تلقفته قوى التغريب فاصطنعته تحت اسم (التجديد) ودعي علي عبد الرازق إلى لندن لحضور حلقات الاستشراق التي تروّج للأفكار المعارضة لحقيقة الإسلام وهدم مقوماته.. وأهدى هذا الكتاب الذي وضع عليه اسمه مترجماً إلى اللغة العربية وطلب إليه أن يضيف إلى مادته بعض النصوص العربية التي يستطيع اقتباسها من كتب الأدب. أما الكتاب نفسه فكان من تأليف قرم من أقرام الاستشراق، وداهية من رجال الصهيونية واليهودية العالمية.. هو (مرجليوث) الذي تقضي الصدف أن يكون صاحب الأصل الذي نقل عنه طه حسين بحثه عن (الشعر الجاهلي) والذي أطلق عليه محمود محمد شاكر (حاشية طه حسين على بحث مرجليوث)! ويمكن أن نطلق الآن اسم (حاشية علي عبد الرازق على بحث مرجليوث)، وقد كشف هذه الحقيقة الدكتور ضياء الدين الريس في بحثه القيم (الإسلام والخلافة في العصر الحديث).

رجال التغريب

وهكذا نجد أن السموم المثارة في أفق الفكر الإسلامي توضع أساساً من رجال التغريب.. ثم تختار لها أسماء عربية لتحمل لواءها وتذيعها.. إيماناً بأن الاسم العربي أكثر تأثيراً، وأبعد أثراً في خداع الجماهير. ولقد طالما تحدث التغريبيون عن كتاب (الشعر الجاهلي) و(الإسلام وأصول الحكم) على أنهما دعامة النهضة في الفكر الحديث.. ونحن نرى أنهما دعامة التغريب التي حاولت خداع جماهير المسلمين عن حقائق الإسلام العظيم.

حركة اليقظة الإسلامية

مع أن حركة اليقظة الإسلامية واجهت كتاب علي عبد الرازق المنحول وفندت فساد وجهته وأخطائه.. فإن قوى التغريب لا تزال تعيد نشره وطبعه، مع مقدمات ضافية يكتبها كتاب مضللون شعوبيون يخدعون الناس بألقابهم وأسمائهم.. وهم يجدون في هذه الفترة التي يرتفع فيها صوت تطبيق الشريعة الإسلامية. والدعوة إلى الوحدة الإسلامية مناسبة لنفث هذه السموم مرة أخرى.. ولن يجديهم ذلك نفعاً.. فإن كلمة الحق سوف تعلو وتنتشر وتدحض باطل المضللين مهما تجمعوا له وقدموه في صفحات براقة مزخرفة، وأساليب خادعة كاذبة. إن أول من كشف حقيقة الكتاب هو الشيخ (محمد بخيت) الذي رد على الشيخ علي عبد الرازق في كتابه (حقيقة الإسلام وأصول الحكم) وهو واحد من الكتب التي صدرت في الرد عليه.. حيث قال:

مخلب القط

(لأنه علمنا من كثيرين ممن يترددون على المؤلف أن الكتاب ليس له منه إلا وضع اسمه عليه فقط.. فهو منسوب إليه فقط.. ليجعله واضعوه من غير المسلمين ضحية هذا العار، وألبسوه ثوب الخزي إلى يوم القيامة). قد علق الشيخ علي عبد الرازق على هذا المعنى حين قال للماركسيين الذين اتصلوا به سنة 1964 لإعادة طبع كتابه أن هذا الكتاب كان شؤماً عليه، وقد ألصق به كثيراً من المتاعب والشبهات.. والحقيقة أنه بعد أن طرده الأزهريون من (هيئة العلماء) ظل منسياً ومهجوراً وعاش بقية حياته منقطعاً عن الحياة العامة..

مستشرق إنجليزي يهودي "مرجليوث"

بالرغم من أن محاولات جرت لإعادته إلى زمرة العلماء، وإلى مجمع اللغة.. فقد كان أشبه باللعنة على حياته كلها. ومن هذا الخيط الرفيع بدأت محاولة الدكتور ضياء الدين الريس فاستطاع أن يصل إلى الحقيقة بأن كاتب الكتاب في الحقيقة هو مستشرق إنجليزي يهودي الأصل شن الهجوم على الخلافة .. لأن بلاده (بريطانيا) كانت في حرب مع تركيا.. وقد أعلن الخليفة العثماني الجهاد الديني ضدها.. والنصوص في الكتاب قاطعة بأنه كان موجهاً ضد الخلافة العثمانية.. فإنه يذكر بالاسم (السلطان محمد الخامس) الخليفة في ذلك الوقت الذي كان يسكن (قصر يلدز) وهناك نص آخر عن (جماعة الاتحاد والترقي) وهي التي كانت تحكم تركيا.. أي دولة الخلافة طوال أعوام الحرب العالمية الأولى.. ونقول: إن الاتحاديين تلاميذ الماسونيين، وقد تربوا في محافلهم واعتنقوا شعارهم ومفاهيمهم، وقاموا بدور مسموم وهو فتح باب فلسطين أمام اليهود المهاجرين.. وكان السلطان عبد الحميد قد رفض ذلك، وكانوا هم -أي الاتحاديون- أداة الصهيونية العالمية في إسقاط هذا السلطان الشهيد..
ورجح الدكتور ضياء الدين الريس أن مرجليوث اليهودي الذي كان أستاذاً للغة الغربية في أكسفورد بريطانيا هو كاتب الكتاب.. لأن آراء الكتاب هي آراؤه التي كتبها من قبل عن الدولة الإسلامية، وفندها الدكتور ضياء الدين الريس في كتابه (النظريات السياسية في الإسلام) وأثبت خطأها وبطلانها بالأدلة العلمية.. وهو يكتب عن الإسلام بنـزعة حقد شديد، ويتسم أسلوبه بالمغالطات والمعلومات المضللة، والقدرة على التمويه.. كما يتصف بالالتواء.. وهذه الصفات كلها تظهر في هذا الكتاب المنسوب إلى الشيخ عبد الرازق.. ومعروف أن الشيخ علي عبد الرازق ذهب إلى بريطانيا وأقام فيها عامين.. فلا بد أنه كان متصلاً بالمستر مرجليوث. أو تتلمذ عليه.. وكذلك توماس أرنولد الذي يشير إليه الشيخ ويصفه بالعلامة قد ألف كتاباً عن الخلافة هاجم فيه الخلافة بوجه عام، والعثمانية بوجه خاص .. وقد نقدناه (القول للدكتور الريس) في كتابنا (النظريات السياسية الإسلامية). والقصة تتلخص في أنه إبان الحرب العالمية الأولى والحروب دائرة بين الخليفة العثماني وبريطانيا .. أعلن الخليفة الجهاد الديني ضد بريطانيا ودعا المسلمين أن يهبوا ليحاربوها، أو يقاوموها.. وكانت بريطانيا تخشى غضب المسلمين الهنود بالذات أو ثورتهم عليها.. في هذه الفترة كلفت المخابرات البريطانية أحد المستشرقين الإنجليز أن يضع كتاباً يهاجم فيه الخلافة وعلاقتها بالإسلام، ويشوه تاريخها ليهدم وجودها ومقامها ونفوذها بين المسلمين .. وقد استخدمت السلطات البريطانية هذا الكتاب في الهند وفي غيرها .. وبعد أن انتهت الحرب كان الشيخ عبد الرازق قد اطلع على هذا الكتاب أو عثر عليه.. هذا إن لم يفرض أن هذا كان باتفاق بينه وبين هذا المستشرق الذي اتصل به حينما كان في إنجلترا أو في بعض الجهات البريطانية التي كانت تعمل في الخفاء للقضاء على فكرة الخلافة، أو التي تحارب الإسلام.. فأخذ الكتاب إلى اللغة العربية، أو أصلح لغته إن كان بالعربية، وأضاف إليه بعض الأشعار أو الآيات القرآنية التي تبدو أنها لم تكن في أصل الكتاب، وبعض الهوامش والفقرات، وأخرجه للناس على أنه كتاب من تأليفه.. ظناً منه أنه يكسبه شهرة، ويظهره باحثاً علمياً، ومتفلسفاً ذي نظريات جديدة.. غير مدرك ما في آرائه أو في ثناياه من خطورة.. ولا يستغرب هذا لأنه لم يدرك أن إنكار القضاء الشرعي هو إنكار لوظيفته نفسها وعمله، وإلغاء لوجوده.. وكانت هذه هي البدعة السائدة في ذلك الوقت بين كتاب (السياسة) جريدة من أسموا أنفسهم (حزب الأحرار الدستوريين).. وهذا هو الذي فهمه (أمين الرافعي) فكتب في جريدة الأخبار أنه لم يستغرب أن يقدم الشيخ علي عبد الرازق على إصدار هذا الكتاب.. لما عرف عنه من الضعف في تحصيل العلوم، والإلحاد في العقيدة.. ثم قال: هذا إلى أنه انغمر منذ سنين في بيئة ليس لها من أسباب الظهور سوى الافتئات على الدين، وتقمص أثواب الفلاسفة والملحدين، وصار خليقاً باسم (الأستاذ المحقق) والعلامة الكبير.

الأستاذ الرافعي

لم يعرف الأستاذ الرافعي أن المؤلف الحقيقي ربما كان غير الشيخ عبد الرازق.. ولكن كلامه يكاد يكون إثباتاً لذلك.. وهناك قرائن أخرى:
أولاً: ذكر اسم كتاب مترجم عن التركية طبعة عام 1924.. بينما هناك فقرة تنص على أن تاريخ التأليف قبل عام 1918.. وأنها ذكرت اسم السلطان محمد الخامس. وقيل في الهامش أنه كتب في عهده.. وأقرب تفسير لذلك أن الكتاب ليس من تأليف شخص واحد.
ثانياً: يتحدث المؤلف عن المسلمين كأنه أجنبي عنهم وهم منفصلون عنه.. فيذكرهم بضمير الغائب ولا يقول عندنا.. أو العرب.. أو نحو ذلك.. كما يقول المسلم عادة.
ثالثاً: يكرر الشيخ عبد الرازق عبارة: عيسى وقيصر (مرتين).. ويكرر هذه الجملة التي يسميها الكلمة البالغة (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله) مع أن أي مسلم صحيح الإسلام لا يمكن أن يؤمن بهذا التعبير.. وأن قيصر وما لقيصر لله رب العالمين.
رابعاً: يتعاطف مع المرتدين الذين خرجوا على الإسلام. وشنوا الحرب على المسلمين.. فيدافع عنهم.. في نفس الوقت الذي يحمل على رأي أبي بكر الصديق المسلم الأول بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فينكر خلافته.. ويقول إن محاربته لهؤلاء المرتدين لم تكن حرباً من أجل الدين.. ولكن نزاعاً في ملوكية ملك ولأنهم (رفضوا أن ينضموا لوحدة أبي بكر) وما هي وحدة أبي بكر يا عدو أبي بكر والإسلام.. أليست هي وحدة المسلمين..؟! ويقول (حكومة أبي بكر) أو ليست هي حكومة الإسلام والمسلمين..؟! ويتكلم عن أبي بكر هكذا بغير احترام أو تبجيل.. كأنه رجل عادي.. أو كما يتكلم عدو.

أسلوب المناورات والمراوغة

هل هذا هو أسلوب المسلم.. فضلاً عن الشيخ.. في الكلام عن الصحابة.. وعن أفضل الناس وأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخير من دافعوا عن الإسلام، وجاهدوا في سبيل الله عز وجل ؟!
خامساً: أن الأسلوب الذي كتب به الكتاب أسلوب غريب.. ليس مألوفاً في الكتب العربية.. فهو أسلوب مناورات ومراوغة، ويتصف بالالتواء واللف والدوران.. فهو يوجه الطعنة أو يلقي بالشبهة.. ثم يعود فيتظاهر بأنه ينكرها ولا يوافق عليها ويفلت منها .. ثم ينتقل ليقذف بشبهة أو طعنة أخرى على طريقة (اضرب واهرب). وحين يهاجم يصوغ عباراته في غموض.. وهذا يدل على أسلوب رجل سياسي متمرن في المحاورة والمخادعة.. وهو أشبه بالأسلوب الإفرنجي، وأسلوب الدعايات السياسية، أو الدينية التبشرية.. وليس هو أبداً الأسلوب العربي الصريح.. فضلاً عن أسلوب أحد الشيوخ المتعلمين في الأزهر.. وهذا مما يغلب الرأي بأنه كتاب مترجم.
سادساً: لم يعرف عن الشيخ علي عبد الرازق –من قبل- أنه كان كاتباً تمرس في الكتابة، ومرن على التأليف فيكتب بهذا الأسلوب، ويتعمد الطعن في الإسلام وتاريخه وعظماء رجاله.

كاتب اللغة وعلم البيان

ولم يعرف للشيخ كتاب أو مقالات قبل هذا الكتاب (أي في السياسة والتاريخ) بل كل ما كتب من قبل كان (كتيباً) في اللغة أو في علم البيان وهذا كل إنتاجه في أربعة عشر عاماً بعد تخرجه من الأزهر. ثم بعد أن كتب هذا الكتاب ظل أربعين عاماً لم يكتب كتاباً آخر في نفس موضوعه أو مثله، ولم يحاول أو لم يستطع حتى أن يدافع عن نفسه ويرد على خصومه بكتاب آخر.
سابعاً: هناك من القرائن والأدلة العديدة ما يدعو العقل إلى أن يرجح صحة الخبر الذي رواه فضيلة المفتي الشيخ محمد بخيت نقلاً عن كثيرين من أصحاب الشيخ علي عبد الرازق المترددين عليه من أن مؤلف الكتاب شخص آخر من غير المسلمين.. وقد غلبنا نحن أنه أحد المستشرقين.. ولكننا نقيد هذا الخبر بأن الشيخ قد أضاف بعض فقرات وتعليقات، وأنه هو الذي أورد الآيات من القرآن .. الظاهر أنها محشورة .. مجموعات في مكان واحد، وأبيات الشعر التي استشهد بها. كما كتب المقدمة التي زعم فيها أنه بدأ البحث في تاريخ القضاء منذ سنة 1915.. وذلك ليغطي المفارقة الظاهرية بين وضع الكتاب ووقت صدوره.. فإنه من غير المعقول أن يستغرق تأليف كتيب لا يزيد عن مائة صفحة عشر سنوات.
ثامناً: كانت هناك أسباب ودوافع مختلفة دفعت الشيخ إلى إصدار هذا الكتاب.. ولكن كان أقواها في نهاية الأمر حب الظهور والرغبة في الشهرة، وأن يوصف بأنه باحث أو محقق أو مجدد.. كما فعل غيره من قبل.. ونحن نعرف أن مسألة انتحال الكتب أو عدم الأمانة نسبة الأمور والمعلقات مسألة مألوفة في الشرق. ولا سيما النقل من الكتب الأجنبية.
وفي مثل هذه المسائل بالذات.. فإن هذه الحالة أسهل.. لأن النقل أو الترجمة من كتيب مجهول.. أو كانت المسألة بتصريح أو اتفاق لخدمة غرضين، فالطرف الأول يريد نشر آرائه لغايات سياسية ودينية والطرف الثاني له مأرب سياسي أيضاً.. ولكن الدافع الذاتي أنه يريد الشهرة أو الظهور أو الغرور" ا.هـ كلام الأستاذ أنور الجندي –رحمه الله- من كتابه (إعادة النظر في كتابات العصريين في ضوء الإسلام، ص55 –61).

المصادر

([1]) انظرها موسعة في تقديم الدكتور محمد عمارة لكتاب (الإسلام وأصول الحكم) لعلي عبد الرازق.