رمسيس الثاني
رمسيس الثاني Ramesses II | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
رمسيس الأكبر | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الألقاب الملكية
رمسيس (مري أمون) مولود رع, (محبوب أمون) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
رمسيس الثاني هو ثالث فراعنة الأسرة التاسعة عشر. حكم مصر لمدة 66 سنة من 1279 ق.م. حتى 1212 ق.م. (أو1290 ق.م. - 1224 ق.م.). صعد إلى سدة الحكم وهو في أوائل العشرينات من العمر. ظُن من قبل أنه عاش حتى أصبح عمره 99 عاماً، إلا أنه على الأغلب توفي في أوائل تسعيناته. الكتاب الإغريق القدامى (مثل هيرودوت) نسبوا إنجازاته إلى الملك شبه الأسطوري سيزوستريس. يعتقد البعض أنه فرعون خروج اليهود من مصر. إذا كان قد اعتلى العرش عام 1279 ق.م.، كما يعتقد معظم علماء المصريات، فإن ذلك كان يوم 31 مايو 1279 ق.م. بناءاً على التاريخ المصري لإعتلائه العرش الشهر الثالث من فصل شمو يوم 27.
حياته
رمسيس الثاني كان ابن سيتي الأول والملكة تويا. أشهر زوجاته كانت نفرتاري. من ضمن زوجاته الأخريات إيزيس نوفرت و ماعت حور نفرو رع، والأميرةحاتّي. بلغ عدد أبنائه نحو 90 ابنة وابن. أولاده كان منهم: بنتاناث و مريت أمن (أميرات وزوجات والدهن)، ستناخت و الفرعون مرنپتاح (الذي خلفه) والأميرخائموست.
أسماؤه
مثل معظم الفراعنة، فقد كان لرمسيس عدة أسماء. أهم اثنين منهم: اسه الملكي واسمه الأصلي يظهران بالهيروغليفية أعلى إلى اليمين. وتلك الأسماء تُكتب بالعربية كالتالي:رع وسر معت رع ستپ ن ، رع مس سو مري إمن ، ومعناهما: "قوي رع وماعت ، مصطفى رع ، روح رع ، محبوب أمون". في النسخة الحيثية من معاهدة السلام الذكورة آنفاً مع حاتّوسيليس الثالث، بإن اسم الفرعون يظهر كالتالي: وَشْمُوَارع شَتِپْنَرع رعمَشِشَ مَيْأمَنَ . ويعتقد بعض علماء المصريات أن هذا النطق يجب إعتباره أقرب نطق لاسم الفرعون.
شهرته
كانت حسابات الفلكيين في مصر القديمة تقول إن اقتران ظهور النجم الذي يحدد قدوم فيضان نهر النيل مع الكواكب التي تحدد بدء السنة الدينية وبداية السنة الزراعية أمر لا يحدث إلا مرة واحدة كل 1461 سنة وأن هذا الاقتران الثلاثي ينبئ عن حدث مهم سوف يحدث على الأرض، وكان رمسيس الثاني كثيراً ما يفتخر بأن هذا الاقتران حدث في عام 1317 ق.م وأن الحدث المهم هو مولده في عام 1315 ق.م ( كتاب رمسيس العظيم تأليف ريتافرد. ص 24) وأن فيضان العام الذي سبق مولده كان وافياً وغزيراً غمر البلاد بالرخاء، وملأ البيوت بالحبوب وعمت البهجة القلوب، كذلك سجل رمسيس الثاني افتخاره بأنه وُلِدَ من الإله (آمون) نفسه الذي تقمص جسد (سيتي الأول) فأنجبه من الملكة (تويا) والدته. [3]
خلّف رمسيس الثاني والده سيتي الأول في الحكم في عام 1290 ق.م وساعدته عدة عوامل على أن تفرض شهرته على التاريخ:
1- مشاركته والده في الحكم فاكتسب خبرة سياسية وحربية.
2- ولى الحكم شاباً يملؤه الحماس وتحدوه آمال واسعة.
3- طول مدة حكمه التي بلغت 67 عاماً.
4- ورث عن أبيه دولة قوية ذات ثراء عريض.
5- وجد من رجاله المدنيين والعسكريين تأييداً لكل أعماله.
6-تصديه للحثيين وهم أضخم قوة عسكرية في عصره.
7- كان شغوفاً بتخليد ذكراه وتمجيد نفسه، ولذلك بنى عدداً كبيراً من المعابد والقصور والمسلات والتماثيل أكثر من أي حاكم آخر سبقه.
8- في عهده تكونت لمصر عاصمة جديدة سميت باسمه (بروعمسسو) أي دار رمسيس وأصبحت واحدة من أهم العواصم في الشرق الأدنى القديم.
الحياة المبكرة
كان المعتاد – إذا عمل تمثال لأحد الفراعين ورؤي أن يصور أبناؤه معه – أن يكونوا بحجم صغير ومكانهم واقفين بجوار أرجل والدهم، وهذا ما نراه في كثير من التماثيل وما نراه في تماثيل رمسيس الثاني على واجهة معبد أبو سمبل إلا أننا لا نجد تمثالاً لرمسيس الثاني يمثله طفلاً يقف بجوار رجلي والده (سيتي الأول ) ولعله كان يستشعر منذ طفولته أنه (أكبر) أو (أعظم) من أن يُصوَّر هكذا، والتمثال الفريد الذي وصل إلينا يمثله طفلاً جالساً القرفصاء، وخلفه الإله حورون (المزعوم) بهيئة رأس الصقر الخاصة بالإله حورس بينما رمسيس الثاني عار من الملابس ولكنه يضع قرص الشمس على رأسه والصل الملكي على جبهته، ويضع إصبع يده اليمنى على فمه ذي الابتسامة الخفيفة التي تميز معظم تماثيله بينما يمسك في يده اليسرى حزمة نبات رمزاً لمصر والنيل بينما في تمثال آخر يمثله شاباً صور نفسه وخفله الإله (سوتخ) يحميه وقد مثل الإله سوتخ على هيئة حيوان هجين برأس تمساح، وفي مرحلة أخرى من شبابه صور نفسه واقفاً ويحميه من خلفه الكبش – رمز الإله آمون.
الحكم
مشاركته والده في الحكم
في الواقع أن سيتي الأول بدأ يشرك ابنه رمسيس الثاني في شؤونه وهو لم يزل في سن العاشرة وأعلنه ولياً للعهد في سن الثالثة عشرة، ثم توجه شريكاً له في الملك بعد ذلك بسنوات قليلة، وعلى أثر ذلك كُلّف بالقيام ببعض مسؤوليات الدولة وشؤونها كإقامة المباني وغيرها، وقد تم هذا التتويج على يد الإله آمون في حضرة الفرعون والده ( سيتي الأول) ويسجل في معبد سيتي الأول بالقرنة، وسُجّل له تتويج ثان في مدينة هليوبوليس على يد الإله (أتوم) والنص الموجود على أحد جدران معبد سيتي الأول أمر رمسيس الثاني بنقشه ليفاخر بنفسه فيقول:
(رفع من شأني رب الكون نفسه – يقصد الإله رع (المزعوم) – منذ كنت طفلاً حتى أصبحت حاكماً، منحني الأرض وأنا في البيضة وقبل العظماء التراب أمام وجهي، ثم عينت بوصفي الابن الأكبر أميراً وراثياً على العرش وكنت أقدم التقارير عن حالة الأرضيين بوصفي قائداً للمشاة والعجلات، ولما بدا أبي في مجده أمام شعبه وكنت طفلاً قال للقوم: توجوه ملكاً حتى أشهد بهاءه وأنا على قيد الحياة!!.
وكان رمسيس الثاني يضيف إلى لقبه نعوتاً خاصة مثل:
(مري رع) أي محبوب رع.
(تيت رع) أي صورة رع.
(أعو رع) أي وارث رع.
(ستبن رع) أي مختار رع.
رمسيس الثاني ملكا
وبعد انفراده بالحكم بعد وفاة والده اختار لقب (وسر ماعت رع ستين رع ) أي (رع قوي العدالة ومختار رع ) ونبذ كل النعوت الأخرى.
وكان النقش على المعابد في عهد سيتي الأول وما قبله يتم بطريقة (النقش البارز) وظل رمسيس الثاني يتبع ذلك في أوائل سني حكمه إلا أنه بعد فترة وجد أن النقش الغائر يمكن إنجازه بسرعة كما أنه أبقى على الزمن من النقش البارز فاتبع هذه الطريقة ثم بعد انفراده بالحكم محا كل نقوشه وقليلاً من نقوش والده البارزة وأعادها بالنقش الغائر وهو ما يمكن الاهتداء إليه بسهولة على جدران المعابد التي أقامها.
وتوجد ثلاث مناظر في معبد سيتي بالعرابة المدفونة رُسم فيها رمسيس بوصفه ولياً للعهد بصورة أصغر من صورة والده سيتي الأول، إلا أن منظر التتويج الذي رسمه رمسيس الثاني بعد مضي سنتين على حادث التتويج نفسه والذي أراد تخليد هذا الحدث بنفسه، نجده قد رسم نفسه بنفس الحجم الذي رسم به والده سيتي وبحجم الآلهة الثلاثة الذين أقيم هذا الحفل في حضرتهم وذلك بالرغم من أن هذا الحفل قد تم وهو صغير السن (15 سنة ) ويمثل اشتراكه في الحكم مع والده لا انفراده بالحكم – مما يدل على نزعة فيها تكبر وتطلع إذ لم يسمح أن تُنحت صورته في هذا المنظر بالذات – كما هو المفروض – بحجم أصغر من حجم والده أو الآلهة الذين كانوا معه !
وتوجد لوحة مؤرخة بالسنة الثالثة من حكمه – كُتبت بإشرافه أو على الأقل بإيحاء منه – وفيها يخاطبه رجال البلاط قائلين: لقد وضعت خططاً حينما كنت لم تزل في البيضة وفي وظيفة طفل أمير، وكانت تلقى عليك شؤون البلاد حينما كنت صبياً تتحلى بالضفيرة، ولم ينفد أثر إذا لم يكن تحت سلطانك، ولم يُقطع بأمر إلا كنت تعلمه وكنت رئيس الجيش منذ أن كنت طفلاً في العاشرة.
ويوجد رسمان على الجانب الجنوبي لقاعة العمد العظيمة بالكرنك يمثلان الاحتفال بعيد الوادي السنوي،وفيه يُصوَّر رمسيس الثاني وهو يقوم بوظيفة فرعون وفي نفس الوقت كاهناً أكبر، في حين أن والده يسير في موكب السفينة المقدسة، وهذا يدل على اشتراكه في الحكم مع والده ويوحي كذلك بأن والده ترك له كثيراً من السلطات.
وأراد رمسيس الثاني أن يؤكد أنه تسلط على كل المنشآت، فهو يقول عن نفسه: ( لا يوجد أثر أنجز لم يكن تحت سلطاني ) فهو يؤكد تسلّطه على عمليات البناء وأنه كان له الدور الأساسي في تصميم المباني التي أقامها.
تتويج رمسيس الثاني
في عام 1290 ق.م تولى رمسيس الثاني الحكم منفرداً، وقد حدد البعض يوم 27 من الشهر الثالث المسمى (شمو) (يونيو) تاريخاً للتتويج الرسمي. وتم التتويج في منف عاصمة مصر السياسية والإدارية والتي تقع عند التقاء مصر العليا والسفلى، وتسلم من الآلهة العصا المعقوفة والسوط وهما رمزا الحكم ووضع التاج على رأسه ( شكل 127) والكوبرا الملكية على جبهته تحميه وتدمر أعداءه وبذلك أصبح رمسيس الثاني هو(حورس) الجديد والإله المجسد حاكم البلاد. وفي المقابل يتلقى حياة أبدية وسلطاناً دائماً وبعد ذلك أعلنت أسماء رمسيس الثاني الشرفية في كل أنحاء البلاد.
- حورس الثور القوي. محبوب (ماعت)
- سليل الآلهة. حامي مصر. قاهر البلاد الأجنبية.
- حورس الذهبي. ذو السنوات العديدة. عظيم الانتصارات.
- ملك مصر العليا والسفلى. القوي في الحق (أوسر. ماعت. رع).
- ابن (رع) رمسيس. محبوب (آمون).
وفي السنة الثانية من حكمه أضيف لفظ ستين رع أي (المختار من رع) فصار اسمه الكامل (أوسر ماعت رع – ستين رع) وبعد ذلك أضيفت ألقاب أخرى تمجيدية تفصح عن نزعته التعاظمية (رمسيس العظيم – ريتا فرد. ص 31).
ولما تميز به من طموح ونشاط ودهاء سياسي فقد بدأ منذ توليه العرش – وحتى قبل ذلك – في أن يضع بصمته على كل مكان كما سنرى فيما بعد من إنشاءاته التي انتشرت في كل مدن مصر والنوبة.
رمسيس الثاني كاهنا أكبر للإله آمون
لم يكن قد مضى على توليه الحكم إلا شهران حتى حل موعد الاحتفال بعد ( أويت) وفيه يقام احتفال كبير إذ يقوم أتباع ( آمون) بزيارة معبد الأقصر المجاور. وكانت مدينة الأقصر. تعتبر من الوجهة الدينية المصرية القديمة هي المكان الذي بدأ منه خلق الكون، ويعبّر احتفال (أوبت) عن إحياء ذكرى لحظة الخلق هذه إذ أن الإله يجدد نفسه في هذا اليوم وكذلك فإن روح الملك الجديد تجدد نفسها،وكانت الاحتفالات تقام لمدة 3 أسابيع وفيها يقوم المغنون والراقصون والراقصات بتقديم عروض مبهجة وتزدحم الشوارع بباعة الطعام والشراب والهدايا التذكارية وعندما يعود ( آمون) إلى الكرنك يترك الفرعون طيبة وغالباً ما يكون الفرعون قد أضاف إلى المعبد بوابة ببرجين ضخمين وتمثالاً أو تماثيل ضخمة لنفسه وعدة مسلات تخليداً لهذا الاحتفال.
كان الفرعون – بصفته حاكماً للبلاد – يعتبر الكاهن الأكبر للإله ( آمون ) وباقي الآلهة، ولكن لم يكن ذلك يعدو أن يكون صفة شرفية بينما يتولى أحد الكهنة القيام بالشعائر التي تتطلبها وظيفة كاهن أول للإله ( آمون ) في الاحتفال إلا أن رمسيس الثاني قام في هذا الاحتفال بدور الكاهن الأكبر بنفسه، وهو شيء لم يفعله أحد من الفراعين من قبل فقد حدث أن كان منصب الكاهن الأكبر للإله (آمنون) خالياً، ولم يقم بتعيين أحد في الكرسي الخالي، وأدى المراسم الدينية التي يتطلبها هذا الاحتفال ولبس رداء الكهنة والفراء الخاص فوق الملابس الملكية، وعمل على تسجيل ذلك في نقش كتب فوقه: الكاهن الأول للإله (آمون) ملك الجنوب والشمال رعمسيس الثاني معطي الحياة ( سليم حسن مصر القديمة جـ 2 ص 477) وبعد أن أتم مراسم الاحتفال اختار الكاهن ( ذنب ونتف ) ليشغل منصب الكاهن الأول للإله آمون بالرغم من أنه لم يكن من طائفة آمون في طيبة بل كان كبير كهنة مصر الوسطى، وأرجع رمسيس هذا الاختيار لرغبات الإله (آمون) نفسه ثم عاد من طيبة في قاربه الملكي وتوقف ليزف الخبر بنفسه إلى الكاهن ( نب وننف ) ثم تابع سيره في النيل حتى وصل العاصمة ورعمسيس وسجل نب وننف – امتنانه في متن يقول فيه موجهاً الكلام إلى الفرعون.
لقد امتدح رجال البلاط ومجلس الثلاثين معاً تعطف جلالته وسجدوا مرات عدة أمام هذا الإله الطيب مصلين له ومتعبدين أمام وجهه، وقد مجّدوا أرواحه حتى عنان السماء قائلين: أنت يا من سيبقى حتى السرمدية ليتك تحتفل بأعياد ثلاثينية بالملايين وليت سنيك تكون عديدة مثل رمال شاطئ البحر، وإنك تولد كل صباح وتجدد لنا مثل الشمس وتصير صبياً كالقمر، وإنك تحكم بوصفك ملكاً على الأرضيين، والأقواس التسعة تحت أوامرك ونهاية حدودك تمتد حتى حدود السماء، ودائرتها تحت سلطانك وما تحيط به الشمس تحت أوامرك ونهاية حدودك تمتد حتى حدود السماء، ودارتها تحت سلطانك وما تحيط به الشمس تحت نظرك، وما يغمره المحيط خاضع لك وإنك على الأرض فوق عرش (حور) حيث تظهر بوصفك رئيساً للأحياء، وإنك كقرص الشمس في السماء ووجودك مثل وجوده.
ويمكن أن رمسيس الثاني - أراد بهذا التصرف – ومنذ الأيام الأولى من حكمه _ إشعار كهنة آمون بطيبة أنه عازم على أن يكون له النفوذ الديني الأول في البلاد وسيمارس سلطانه إلى أقصى حدودها، فيكون الكاهن الأكبر لمن يشاء من الآلهة، وبعين كبار الكهنة كما يشاء حتى من خارج أقاليمهم ولعل الكهنة – في طول البلاد وعرضها – قد فهموا الرسالة وآثروا السلامة وأصبحوا يمتثلون لرغباته وأوامره، ولم يعودوا يطمعون في زيارة نفوذهم عن طريق أي مؤامرات بل أصبح كل همهم إرضاؤه ليبقى عليهم في مناصبهم.
زواج رمسيس الثاني
كان رمسيس الثاني في السادسة عشرة من عمره حين تزوج من نفرتاري مونموت وكانت من أجل جميلات مدينة طيبة يجري في عروقها الدم الملكي أو من أسرة لا تقل عراقة عن أسرة رمسيس الثاني وظلت هي الزوجة الرئيسية حتى بعد أن تزوج بغيرها، وكانت تلقب بالأميرة الوراثية وسيدة مصر العليا والسفلى وسيدة الأرضيين أي على قدر المساواة بالملك الذي كان يطلق عليه لقب سيد الأرضيين.
وكانت زوجته تحمل وتلد ويعطى للمولد اسم ولكنه لا يلبث أن يموت، تكرر هذا عدة مرات، ففي التاسعة عشرة رزق بولد سماه ( خعموا ست الأول) ولم يعش إلا أشهراً قليلة ثم توفى، ثم ولد له بعد عام ( آمون خرخبشف الأول ) لم يلبث إلا أن توفى أيضاً، وتكرر هذا عدة مرات.
ذلك وهو لا يزال ولياً للعهد. ثم تولى الحكم رسمياً وعمره 23 عاماً، وتكررت الولادات ووفاة المواليد، ويحدث ذلك طبياً إذ كان الأم حاملة للفيروس، إذ يولد الأطفال وقد انتقل إليهم الفيروس من الأم ويتسبب في وفاة الأطفال في سن مبكرة، ومن المحتمل انه فسر ذلك بأن ( هواء طيبة ) لا يلائم زوجته ولعل ذلك كان أحد أسباب تفكيره في نقل العاصمة إلى الوجه البحري، أو أنه تصور أن ( لعنة شريرة ) قد أصابته في أولاده. وكأي أب في مثل هذه الحالة فقد لجأ إلى الآلهة يستعطفها ويركع أمامها ويقدم القرابين ويرجوها أن يعيش أبناؤه فنراه يركع أمام الإله (تحوت) يقدم له البخور، ونقارن هذا (التواضع ) بصورته أثناء تتويجه ) بواسطة الإلهين (حورس) و(ست) وقد رسم نفسه بنفس حجم الآلهة، وعمد إلى أن يجعل الآهلة تقف على قطعة حجر حتى لا يضطر لأن يحني رأسه أثناء وضع التاج عليه ! وفي أحد المنحوتات نراه يقدم الزهور للآلهة( حورس ميعام وحورس باكي وحورس بوهن ) (الإله حورس منتسباً إلى ثلاثة أقاليم مختلفة ) وفي منحوتة أخرى نراه راكعاً يقدم الخبز والطيور والنبيذ قرابين للإله (آمون ) على هيئة رجل برأس صقر. وفي منحوتة أخرى نراه يقدم تمثال ( ماعت) إلى الإله (تحوت ) رب الأشمونين، وهكذا لم يترك إلهاً في الشمال أو الجنوب إلا وطلب منه أن يحافظ عليه أبناءه.
ثم بدأت زوجته نفرتاري تتردد على المعابد تترجى الآلهة هي الآخرة كي يعيش أبناؤها. فنراها في شكل (136) تقدم الزهور والفواكه للآلهة ( خنوم وسانت وعنفت ). وفي منحوتة أخرى نرها أمام أله ( تحوت ) وفي آخر نراها تقدم الزهور للإلهة (حتحور) على هيئة البقرة وفي منحوتة أخرى رُسمت وهي تقوم برقصة طقسية ويقدم أحد الكهنة حزمة من سنابل القمح للثور ( كاحج) (أحد مظاهر الإله "مين" ) ثم تماثيل الملوك الأسلاف في أسفل الصورة والثور كاحج يمثل القوة والفتوة والشباب، وليس من تفسير لوضع هذه الرسوم في لوحة واحدة إلا أنها تترجى الآلهة أن يكون أبناؤها في مثل قوة وفتوة الثور كاحج ليعيشوا ويصبح لها من أبنائها ملوكاً مثل ما كان للأسلاف.
ونلاحظ أن رمسيس الثاني كان يتخير هو وزوجته الآلهة التي لها علاقة بالخصوبة والأمومة والشباب والقوة وهي التي يمكن أن تحقق لهما مطلبهما، فالإله (مين) هو الإله الأكبر الذي كان يعبد في منطقة أخميم وطيبة وأرمنت، وكان يمثّل وعلى رأسه ريشتان عاليتان، رافعاً ذراعه الأيمن وقابضاً على السوط المثلث الفروع ويمثل واقفاً منتصباً إذ كان يعتبر إله الإخصاب الذي يسرق النساء وسيد العذارى كما أن الأساطير تروي أنه قد أخصب أمه !! وكان يعتبر أيضاً إلهاً لخصوبة الأرض ويُعبد ليكون المحصول وافراً، كذلك كان اختيار نفرتاري للإلهة (حاتحور) لتتعبد لها، فهي سيدة الإلهات، وهي إلهة الحب وهي الإلهة الطروب المحببة عند النساء وكانوا يسمونها (الذهبية ) ودعاها اليونانيون ( إفروديت). وكانت النسوة يحتفلن بها بإقامة حفلات الرقص والغناء واللعب بالصاجات والشخشخة بقلائدهن وبالعزف على الدفوف، وهي أم لابن إلهي هو (إيجي) بل وهي أيضاً رمز للأمومة وكثرة الأبناء، وقد أطلق الشعب على بناتها (الحاتحورات السبع) واللاتي كن يحمين الأطفال ويتنبأن بمستقبل كل مولود جديد.
كذلك كان تعبّد رمسيس الثاني للإلهين ( تحوت ) و(أمون) ولعله باختياره هذين الإلهين كان يتمثل في ذهنه قصة ولادة الملكة حتشبسوت والقصة تقول ( أدولف إرمان. ديانة مصر القديمة ص 64) إن الإله آمون أراد أن ينجب ملكاً وطلب من الآلهة أجمعين حماية الملك المرتقب.. وتخيّر آمون المرأة التي يريد الإنجاب منها وهي زوجة تحتمس الثالث فتقمص شكل زوجها الملك تحتمس وقاده تحوت إلى الملك فحبلت منه وأعلن (آمون) أن ابنته حتشبسوت ستشغل أعلى منصب في البلاد وتستمد من روحه وقوته وسوف تحكم القطرين.
وقصة أخرى مكتوبة تقول بأن (بتاح تاتنن) قد أكد لرمسيس الثاني، " لقد تقمصت صورة تيس منديس، واضطجعت بجانب أمك الجميلة لكي تلدك وأصبحت أعضاؤك كلها إلهية" ، وهذه القصة مدونة فوق جدران معبد أبي سمبل الذي بناه رمسيس الثاني، و(التيس ) هنا رمز الخصوبة ولعل رمسيس الثاني كان يطلب من الآلهة أن يتقمص أحدها جسده، حتى ينجب من زوجته نفرتاري ابناً إلهياً لا يموت ويعيش حتى يصبح الوريث للعرش ويعتليه !
ثاني الزوجات
تزوج رمسيس الثاني – بعد حوالي 8 سنوات من زواجه بنفرتاري وكان قد بلغ 24 عاماً تقريباً – تتزوج من ثاني زوجاته وهي إست نفرت ولعله كان يرجو منها الولد، ولكن تكررت المأساة معها هي الأخرى، يولد الأبناء ويموتون في سن مبكرة، وليس أدل على ذلك من أن مرنبتاح كان ترتيبه الـ 13 في الأمراء، وتوفي الـ 12 الذين كانوا قبله وأصبح هو ولي العهد.
العاصمة الجديدة، بررعمسيس
في أول حكمه كانت العاصمة في (طيبة) ولكنه بعد سنوات قليلة بدأ في إنشاء عاصمة جديدة سماها (بررعمسيس مرى آمون) أي ( بيت رمسيس محبوب آمون).
وقد اختلف علماء المصريات حول موقع المدينة رأي يقول إنها في تانيس (صان الحجر) على الفرع التانيسي للنيل 20 كيلو متراً جنوب بحيرة المنزلة، وقد وجد العالم ( مونتييه ) عدداً من التماثيل واللوحات تحمل خراطيش رمسيس الثاني وخلفائه، ومنها وجود نقش على قطعة حجر من معبد تانيس الكبير جاء فيه ( صاحب بررعمسيس. مرى آمون. صاحب الانتصارات العظيمة )، ولكن استقرت آراء غالبية عملماء الآثار على الرأي الثاني وهو أن بي أو بررعمسيس تشمل قنتير الحالية وأفاريس القديمة على مبعدة 9 كيلو مترات شمال شرق فاقوس على مصرف بحر فاقوس الحالي والذي كان مكانه الفرع البيلوزي للنيل وهو آخر الفروع من ناحية الشرق، وقد وجدت أدلة كثيرة تساند هذا الرأي (محمد بيومي مهران. مصر والشرق الأدنى القديم جـ 3 ص 286) مثل وجود بقايا كثيرة في الحقول والمنازل عليها اسم رمسيس الثاني. كما توجد أجزاء لقصر جميل عليها اسمه أيضاً، كما يوجد بقايا معبد للآلهة أمون وبتاح ومسوتخ، كما توجد آثار تحمل بعض أسماء كبار موظفي رمسيس الثاني مما يدل على أن الإدارة الحكومية كانت هناك، كما أن المدينتين (بررعمسيس) و(تانيس) قد ذكرتا في بعض البرديات منفصلتين مما يدل على أن المصري القديم نفسه قد فرق بينهما، أما ما وجد من آثار في تانيس فقد سبق أن قلنا إن رمسيس الثاني لا تخلو مدينة من آثار له.
وفي وصف هذه العاصمة الجديدة وجد خطاب كتبه أحد الأشخاص يقول فيه: إنني وصلت (بررعمسيس) وقد ألفيتها غاية في الازدهار. حقاً إن موقعها جميل منقطع النظير، وقد أقامها (رع) نفسه، ومقر الملك، تحب الإقامة فيه، فحقوله مملوءة بكل شيء طريف ومجهز بالأغذية الوفيرة يومياً. ومياهه الخلفية تزخر بالسمك، وبركه مزدحمة بالطيور ومراعيه نضرة أعشابها. وطعم فاكهته المغروسة في حقوله كالشهد بعينه، ومخازن غلاله مكدسة بالقمح والشعير وتناهض عنان السماء في ارتفاعها والبصل والكرات في الحقول، وفيها الرمان والتفاح والزيتون والتين في البستان، ويستمر في الوصف ثم يقول حقاً إن الإنسان ليبتهج بالسكنى فيه.
ويوجد وصف ثان على بردية أخرى: لقد شيد جلالته لنفسه قلعة اسمها ( عظيم الانتصارات ) بررعمسيس وتقع بين زاهى ( صحراء شرق الدلتا ) وأرض الدميرة ( مصر ) وهي تزخر بالطعام والمؤن، والشمس تشرق في الأفق منها ثم تغرب ثانية فيها، وقد هجر كل إنسان بلدته وسكن في أرجائها، وحيها الغربي هو ( بيت آمون ) وحيها الجنوبي هو ( بيت سوتخ ) والإله (رع) في شرقها والإله ( بوتو) في حيها الشمالي أي أن المدينة كان بها أربعة أحياء وفي كل حي معبد لكل من الآلهة الأربعة السابق ذكرها وفي منتصف المدينة يوجد قصر الملك وبجوراه بحيرة تتصل بقناة تأخذ مياهها من الفرع البيلوزي للنيل وكانت البحيرة خاصة بعائلة الفرعون، وكان القصر الملكي يرتفع فوق ما حوله من أرض وله أعمدة حجرية وحوائطه مبنية بالطوب اللبن ولكنها مغطاة ببلاط من خزف عليه زخارف ورسومات وكانت الرسومات في قاعة العرش تصور الأسرى من الأعداء والوفود الأجنبية وهي تقدم الجزية وأسود تأكل المساجين كل ذلك مما يبعث الرهبة في نفوس الزائرين أما الجزء المخصص للحريم فكانت زخارفه مناظر مبهجة مثل الأزهار والأسماك الملونة وعذارى مسترخيات كل ذلك بألوان جميلة مثل التركواز واللازورد والقرمزي وحول القصر وإلى الشمال الغربي يوجد حي لعظماء القوم من الأفراد والكهنة والوزراء. وكان بالمدينة حديقة حيوان وقد وجدت عظام أسود وغزلان وزراف وفيلة، ثم خارج ذلك كله توجد ساحات لمران الجند وثكنات لإقامتهم ومباني الإداريين ومباني للمخطوطات والسجلات ومساحات للأسواق وميناء ومخازن للقمح ومستودعات للأغذية والنبيذ. كل ذلك يعكس النشاط والازدهار التي كانت عليه المدينة وقد بقيت فترة الازدهار مدة طويلة بعد رمسيس الثاني ولكن بعد ذلك بدأ فرع النيل البيلوزي يغيّر مجراه في اتجاه الشمال وبَعُد عن المدينة ففقدت بررعمسيس رونقها وأهميتها، واتخذ ملوك الأسرة 21 من تانيس عاصمة لهم وبدلاً من قطع أحجار جديدة من المحاجر البعيدة نسبياً فإنهم أخذوا أحجاراً لمبانيهم من المباني التي كانت مقامة في بررعمسيس واستعملوها في بناء معابد عاصمتهم الجديدة ولعل ذلك هو سبب الخلط بين المدينتين وأيهما بررعمسيس التي كانت عاصمة رمسيس الثاني، إذ أن الأحجار التي أخذت لبناء تانيس كان على كثير منها اسم رمسيس الثاني. بل إن فراعين الأسرة 21 نقلوا عدداً كبيراً من المسلات التي كان رمسيس الثاني قد أقامها في بررعمسيس وكانت تبلغ 24 مسلة أو تزيد وكذلك نقلوا عدداً كبيراً من تماثيله وتكسر بعضها أثناء نقله فتُرك مكانه. ولذلك فإن ما بقي من آثار في قنتير هو عبارة عن حطام معابد ومسلات وقصور ولكنه يشير إلى العز الذي رأته هذه المدينة في عهد رمسيس الثاني.
وإلى الجنوب الشرقي من المدينة كانت تقع أفاريس القديمة وهي تقع على حافة أرض جوشن ( جاسان) التي كان يقطنها بنو إسرائيل، وكان في أفاريس بعض بيوت للعمال من بني إسرائيل الذين كانوا يعملون في المباني والإنشاءات في بررعمسيس.
وأفاريس القديمة هي المعروفة في التوراة باسم صوعن Zoan والمذكور ( عدد 12: 22) أن مدينة حبرون بنيت قبلها بسبع سنين وكانت من مراكز عبادة الإله ست ( مسوتخ ) وقد أقام سيتي الأول فيها معبداً للإله ست وسّه فيما بعد رمسيس الثاني ولما بنيت بررعمسيس لتشمل المنطقة من شمال قنتير إلى أفاريس أصبح معبد سوتخ في جنوب القصر الملكي.
وفي أسباب اختياره لهذا المكان للعاصمة الجديدة قالوا إنها تقع في موطن أسرته الأصلي، وفي موضع قريب من بقية أملاك الإمبراطورية في آسيا. ومنها البعد عن نفوذ كهنة آمون في طيبة بعد أن زاد سلطانهم، وأخذوا يتدخلون في شؤون الدولة السياسية والاقتصادية وقد أصاب ذلك طيبة بهزة عنيفة في مركزها السياسي وإن ظلت تحتفظ بمكانتها الدينية.
ولما كانت العاصمة الجديدة قريبة من أرض جوشن – مكان إقامة بني إسرائيل فقد كان من الطبيعي أن يستخدمهم في بناء المدينة، وهذا ما أشارت إليه التوراة ( إصحاح أول خروج: 11) إذ تقول: فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم فبنوا لفرعون مدينتي مخازن فيثوم ورعمسيس وجاء في تفسير الكتاب المقدس ( ص 406) عن بررعمسيس: هي مدينة في أخصب منطقة في البلاد، وهذه المنطقة اسمها أرض جاسان سكنها بنو إسرائيل بأمر من فرعون ( أيام يوسف عليه السلام ) وبنى رمسيس الثاني في حدود مصر الشرقية وسماها باسمه.
حملاته ومعاركه
المعركة ضد شردان قراصنة البحر
الحملة السورية الأولى
قاد رمسيس الثاني عدة حملات شمالاً إلى بلاد الشام.
الحملة السورية الثانية
معركة قادش في العام الخامس من حكمه (1274 ق.م.)، كانت قمة حملات رمسيس في بلاد الشام ضد قوات مواتالّيس، ملك الحيثيين. وقعت هذه المعركه بين قوات الملك رمسيس الثاني ملك مصر والحيثيين بقيادة الملك مواتللي الثاني بمدينة قادش التي تقع علي الضفة الغربية لنهر العاصي جنوب بحيرة حمص بعدة كيلومترات في سورية, وهذه المعركه مؤرخة بالعام الخامس من حكم الملك رمسيس الثاني (العام الخامس فصل شمو, اليوم التاسع) أي حوالي العام 1274 ق.م.علي وجه التقريب, وتعتبر هذه المعركة هي أشهر المعارك التي خاضها الملك رمسيس الثاني في صراعه مع الحيثيين والتي انتهت بعقد معاهدة صلح بين الطرفين.
” | عندما اُحضِروا بين يدي فرعون، سألهم جلالته، 'من أنتم؟' فأجابوا 'نحن رعايا ملك حتي. وقد أرسلنا للتجسس عليكم.' فقال لهم جلالته، 'أين هو، العدو من حتي؟ لقد سمعت أنه في أرض خالب، شمال تونيپ.' فأجابوا جلالته، انظر، فملك حتي قد وصل بالفعل، ومعه الأمم العديدة التي تناصره... إنهم مسلحون بمشاتهم وعرباتهم. إن سلاح معاركهم على أهبة الاستعداد. إن عديدهم ليفوق حبات الرمل على الشاطئ. لاحظ، إنهم يقفون مدججين بالسلاح مستعدين للمعركة خلف مدينة قادش القديمة.'[4] | “ |
زين رمسيس صروحه بنقوش مصورة ونصوص تصف الحملة بكاملها، والمعركة على وجه الخصوص كنصر مؤزر. نصوص هذا النصر تزين الرمسيوم[5]، أبيدوس، الكرنك، الأقصر وأبو سمبل. ذبح جلالته قوات الحيثيين بكاملها، بما فيهم قادتهم وأشقائهم ... مشاتهم وقوات العربات الحربية خروا ساجدين فوق بعضهم البعض. قتلهم جميعاً جلالته ... وسقطوا ممددين على الأرض أمام جيادهم. ووقف جلالته وحيداً، لا شريك له ...[6]
قاد رمسيس أيضاً عدة حملات جنوب الشلال الأول إلى بلاد النوبة.
على مر السنين التالية لم يتمكن أي من الطرفين هزيمة الطرف الآخر. وبالتالي ففي العام الحادي والعشرين من حكمه (1258 ق.م.)، أبرم رمسيس الثاني معاهدة مع حاتّوسيليس الثالث، وهي أقدم معاهدة سلام في التاريخ.
الحملة السورية الثالثة
الحملات اللاحقة في سوريا
معاهدة السلام مع الحيثيين
الحملات في النوبة
قام رمسيس الثاني بحملات من جنوب الشلال الأول إلى النوبة. عندما كان في سن 22، رافقه في هذه الحملات واحد من أبناءه الإثنين، بالإضافة إلى أمون-هر-خپيشف. بحلول عهد رمسيس، أصبحت النوبة مستعمرة لمدة مائة عام، لكن أشير إلى إعادة إحتلالها في نقوش من معبد رمسيس الثاني الذي تم بناؤه فيبيت الوالي|بيت الوالي[7] (والذي كان موضوع العمل من معهد الدراسات الشرقية أثناء حملة انقاذ النوبة في الستينيات),[8] گرف حسين وكلابشةفي النوبة. على الحائط الجنوبي لمعهد بيت الوالي، يظهر رمسيس الثاني على عربة حربية، مشاركا في معركة ضد النوبيين ، بينما ظهر أبناؤه الاثنين أمون-هر-خپيشف وهائمواست وراءه، في عربة حربية أخرى.
الحملات في ليبيا
في عهد رمسيس الثاني، وجدت أدلة على نشاط المصريين على امتداد 300-كيلومتر (190 ميل) بطول ساحل البحر الأبيض المتوسط، على الأقل حتى زاوية أم الرخام.[9] وعلى الرغم من عدم وضوح الأحداث الدقيقة المحيطة ببناء القلاع والحصون الساحلية
وقعه الديني
كان رمسيس الثاني من أكثر الفراعنة المسئولين عن محو فترة العمارنة من التاريخوسعي رمسيس الثاني ، أكثر من أي فرعون، لطمس آثار العمارنة وتغيير طبيعة التركيب الديني والكهنوتي، محاولا اعادتها إلى ما كانت عليه قبل عهد أخناتون.
عيد سد
- بعد فترة حكم 30 عاما، انضم رمسيس الثاني إلى مجموعة ملوك مصر الأطول عمرا. وكما جرى العرف، في السنة الثلاثين لجلوسه على العرش، احتفل رمسيس بيوبيل جلوسه وأطلق عليه اسم عيد سد، حيث يتحول الملك عقائديا في هذا الاحتفال إلى إله.[10] وقد حقق رمسيس الثاني السلام، واستطاع تأمين الحدود المصرية وتشيد عدد كبير من الآثار العظيمة على امتداد البلاد. وأصبحت مصر في عهده أكثر قوة وازدهارا مما كانت عليه قبل قرن من توليه العرش. عندما أصبح رمسيس الثاني إلها، تغير بشكل كبير ليس فقط بصفته حاكما لمصر، لكن بالنسبة لحكم ابنه الأكبر، أمون-هر شپسف. بصفته ولي العهد والقائد ورئيس الجيوش المصرية، أصبح إبنه حاكما بكل ما تعنيه الكلمة.
إنشاءاته وصروحه
پي-رمسيس
- قام رمسيس خلال مدة حكمه ببناء عدد كبير من المبانى يفوق اى فرعون أخر ، فقد بدأ بإتمام المعبد الذى بدأه والده في أبيدوس ثم بنى معبد صغير خاص به بجوار معبد والده ولكنه تهدم ولم يتبق منه إلا اطلال ، وفى الكرنك أتم بناء المعبد الذى قد بدأه جده رمسيس الأول.
الرمسيوم
- وأقام في طيبة الرامسيوم ( أطلق علماء القرن التاسع عشر على هذا المعبد الجنائزى اسم الرامسيوم نسبة إلى رمسيس الثانى ) وهو معبد جنائزى ضخم بناه رمسيس لآمون ولنفسه ، وأقام أيضا التحفة الرائعة معبدى أبو سمبل المعبد الكبير له المنحوت في الصخر ويحرس مدخل المعبد أربعة تماثيل ضخمة لرمسيس الثانى وهو جالسا ، ويزيد ارتفاع كل تمثال عن 20 متر. [11].
كما بنى المعبد الصغير المنحوت أيضا في الصخر لزوجته نفرتاري وكان مكرسا لعبادة الآلهه حتحور إلهه الحب والتى تصور برأس بقرة ، وتوجد في واجهة المعبد 6 تماثيل ضخمة واقفة 4 منهم لرمسيس الثانى و2 للملكة نفرتارى ويصل ارتفاع التمثال إلى حوالى 10 متر.
أبو سمبل
- كانت آثار أبو سمبل مهددة بالغرق تحت مياة بحيرة ناصر ، ولكن تم إنقاذها بمساعدة اليونسكو حيث تم نقل المعبدين الكبير والصغير إلى موقعهما الحالى.
وأقام رمسيس الثانى العديد من المسلات منها مسلة مازالت قائمة بمعبد الأقصر ، ومسلة أخرى موجودة حاليا في فرنسا بميدان الكونكورد بباريس قام بنقاها مهندس فرنسى يدعى ليباس.
الصروح النوبية الأخرى
مقبرة نفرتاري
ولعل رمسيس الثاني شعر بما تعانيه زوجته المحبوبة نفرتاري من آلام نفسية نتيجة وفاة أولادها المتكرر. الواحد وراء الآخر، فأراد أن يخفف عنها ويعوضها عن ذلك فزاد من حنانه بها، وأراد أن يشعرها أن هذا الأمر لا دخل لها به ولم ينتقض من قدرها عنده فبنا لها ما يمكن اعتباره أجمل مقبرة بنيت لملكة من الملكات فهي تمثل إبداعات الفنان المصري القديم، فليس هناك مقبرة في مصر كلها على درجة من التفوق الفني تقارن بمقبرة الملكة نفرتاري، فالرسوم الرائعة تزين حوائطها، وقام الرسامون بالإبداع في استخدام الظلال وإبراز الأضواء. ورسموا الملكة في وقفة أنيقة بقوامها الرشيق ترتدي رداء شفافاً فضفاضاً، من اللون الأبيض يكشف عن ساعديها وقد ربطت الرداء بشريط معقود يتدلى طرفه أسفل صدرها، وتضع الملكة على رأسها تاجاً من الذهب على هيئة طائر، وقد تزينت بالعديد من الحلي مثل الإفراط والأساور والعقود، ووضعت مساحيق الزينة على وجهها.
وقد تم الكشف عن مقبرتها عام 1904 بواسطة الإيطالي (إسكيا باريللي) الذي حالفه الحظ بالعثور عليها بعد أن طمرت تحت الرمال بفعل الزمن وكان لصوص المقابر قد سبقوه إليها وسرقوا كنوزها ولم يتركوا وراءهم سوى غطاء التابوت الذي يحمل اسم (نفرتاري) – وقلادة الملكة وحذائها وبعض التماثيل الصغيرة، وجزءاً من جثمانها عبارة عن الساقين - ولعل الكهنة قد أهملوا في عملية التحنيط فتحللت الجثة ولم يبق منها غير الساقين إذ ليس من المعقول سرقة أجزاء من الجثة، وقد شحن هذا كله في باخرة إلى تورينو، حيث بُني هناك ما يعتبر أول متحف للآثار المصرية في العالم ( متحف تورينو) وإذا عدنا إلى المقبرة ذاتها نجد أن سقف المقبرة يمثل القبة الزرقاء، وما فيها من نجوم لامعة، وقبل الوصول إلى حجرة الدفن توجد قاعة فيها منضدة ليوضع عليها القربان، وعلى الجدران نقوش دينية من كتاب الموتى، ثم صورة الملكة راكعة تتعبد للشمس، كما يُشاهد الإله ( تحوت ) في صورة الطائر مالك الحزين، وعلى جدران أخرى نشاهد صوراً للملكة أمام عدد من الآلهة: الإله (أوزير) إله الآخرة، و(حوارختيى) إلهة الغرب. وتُرى الإلهة (إيزيس) تأخذ بيدها وتقودها أمام الإله (خبر) إله الشمس، وصورت الملكة تتعبد للعجل المقدس وللبقرات السبع الإلهية.
وفي متحف بروكسل توجد قطعة من تمثال لهذه الملكة مكتوب عليها بعض ألقاب نادرة مثل الأميرة الممدوحة كثيراً، سيدة الرشاقة، راحة الحب، ماهرة اليدين في الضرب الصاجات، الحلوة الحديث والغناء، زوجة الملك العظيمة ومحبوبته ( نفر تاري مرنموت) العائشة مثل الشمس أبداً ( مصر القديمة – سليم حسن: جـ 6 ص 433).
وفاته وذكراه
خطابات رمسيس الثاني
تثبت جميع الوثائق التي كتبت على جدران المعابد أن الفراعين جميعهم كانوا شديدي الفخر بأنفسهم ومولعين بأن ينسبوا لأنفسهم أعمالاً عظيمة وأحيانا بطولات غير حقيقية وعند دراسة ما كتبه رمسيس الثاني على جدران الجزء الذي أضافه لمعبد (سيتي) بالعرابة ) المدفونة على شكل خطابات أُرّخت بالسنة الأولى من انفراده بالحكم – وقد كتبت هذه الخطابات تحت إشرافه أو بإيحاء أو إملاء منه – تبين لنا أنه كان أكثر الفراعين فخراً بنفسه وبأعماله محباً لذاته، وفيما يلي بعضاً من هذه الكتابات وهي على شكل خطابات متبادلة:
1- خطاب أوزير الملك يسجل فيه شكر الآلهة على إقامة المعابد لها نصه ما يلي: خطاب أوزير رب الأبدية للابنه ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسرماعت رع ستبن رع ) (أي (رمسيس الثاني) ): إن قلبي في راحة بفضل ما فعلت لي وإني لمبتهج بما قد أمرت به لي وإني لفرح لأني أعيش بأعمال الخير التي أهديتها لي، وإن أعمالك الصالحة تشبه أعمال قرص الشمس وستبقى أنت ما بقي (أتوم) لأنك تسطع على عرشه، وكذلك ما دام (رع) مزدهراً عندما يخترق السماوات العلا حينما تكون أنت ملكاً بفضل أعمالك الصالحة وخططك محببة إلى قلبي، وما فعلته في الأفق كان مقبولاً، والمحراب يكون في حبور عندما يسمعك تلقي قصة أعمالك الصالحة، والإله (تاتنن) (إله الآخرة) قد منحك مئات وآلاف السنين.
تراه في هذا الخطاب يسجل شكر الآلهة على إقامة المعابد لها، كما أنه يتمنى لنفسه طول العمر.
2- خطاب إيزيس
من إيزيس العظيمة والدة الإله: يا بني العزيز (رعمسيس) محبوب آمون، إن طول حياتك مثل طول حياة ابني (حور) فهكذا أنت، وهكذا سيكون من خرج من بطني، وإنك بار بنا مثله، وإن مدة أجل السماء وممالك السيد المهيمن (أوزير) جميعها وسني (حور) و(ست) ستمنح لك بوصفك ملكاً على الأرض.
وهنا نلاحظ أنه قد سجل بنوته (الحقيقية) للإلهة إيزيس فصور نفسه يرضع ثديها، وحتى في هذا الموقف لم يتنازل عن نظرته التعاظمية لنفسه فلم يشأ أن يصور نفسه طفلاً مثل حورس، بل صور نفسه يافعاً واقفاً وقد لبس التاج على رأسه وفي يده اليمنى علامة الملك وجعل إيزيس من الطول بحيث لا يحني رأسه.
3- خطاب سيتي الأول
وهو يكتب الخطاب على لسان والده، وكان سيتي الأول قد توفى، وحسب ما كان متبعاً في أيامهم كان يعطى لقب (صادق القول ) كما نقول في أيامنا (المرحوم) ونص الخطاب ما يلي: خطاب من الملك ( من ماءت رع ) صادق القول: فليفرح قلبك يا ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسر ماعت رع ستين رع ) (أي رمسيس الثاني ) لأن رع إله الشمس يهبك الخلود، وأتون يبتهج باسمك إني لفي سرور لما فعلته لي منذ أن دعيتُ صادق القول (أي منذ أن توفيت ) وقد عظّمني (أوزير) لما فعلته لي.
4- خطاب من رمسيس الثاني إلى أوزير
إني أتضرع لوجهك كما كان يفعل ابنك ( حورس) وغني أفعل لك آثاراً في المكان المقدس (الجبانة) وأضاعف الأوقاف لروحك، وإني تحت تصرفك وتحت سلطانك، حتى تجعل الأرض ملكاً لي، وحتى تهبني الخلود بوصفك ملكاً والأبدية بوصفك راعياً للأرضيين وإني على استعداد لتنفيذ ما يحبه قلبك كل يوم بلا انقطاع.
5- خطاب يصف الأعمال التي قام بها تكريماً لوالده، ويفخر بها
لقد كان ولداً باراً بأبيه مثل حورس عندما انتقم لوالده أوزير، فهو (رمسيس الثاني) الذي صوّر سواه وتحت تمثال من أنجبه و أحيا اسم من وضع بذرته هو ابن الشمس والذي يحبه (آمون) معطي الحياة مثل (رع) مخلداً مثل (أوزير) حافظ على ذكرى والده، ونحت تمثالين لوالده ويرجع الفضل في ذلك إلى (رمسيس) معطي لحياة لوالده صادق القول وقد أسس له أملاكاً، وأمدها بالأرزاق لما له من سمعة بين الملوك.
6- خطاب يصف تجديده لآثار العرابة (مع الاختصار):
وذات يوم في السنة الأولى دخل جلالته ليرى والده وليقرب القرابين وقد وجد مباني الجبانة التي من عهد الملوك الأقدمين وكذلك مقابرهم آيلة للخراب ساقطة على الأرض. وجدرانها منبوذة على الطريق ولم تكن لبناتها متماسكة ولم يكن هناك إنسان ليبنى منذ أن طار أصحابها إلى السماء ولم يكن هناك ابن يقوم بإصلاح ما تركه والده.
ومعنى منذ، طار أصحابها إلى السماء أي بعد أن توفى أصحابها – كما نقول في عصرنا (لحق بالرفيق الأعلى ).
7- وثيقة يصف فيها تولّيه على العرش في صيغة خطاب لمستشاريه:
( مع الاختصار ) تأملوا. لقد أمرت بدعوتكم عندما شاهدت مباني الجبانة ومقابر العرابة لم تنجز أعمالها منذ زمن أصحابها حتى اليوم، وإنه لجميل أن يهتم الابن بوالده، وإني سأعمل حتى يقول الناس إلى الأبد السرمدي، إنه ابنه الذي جعل اسمه يحيا، ومن أجل هذا سيخصني والدي (أوزير) بحياة ابنه (حورس) الطويلة جزاء ما سأقوم به من الأعمال الطيبة لوالدي قولوا أنتم إن (رع) و(أوزير) نفسه قد نشأني وجعلني أنمو حينما كنت لا أزال طفلاً حتى أصبحت ملكاً وأعطاني الملك ومنذ أن كنت لا أزال في البيضة، وكان العظماء يقبلون الأرض أمامي وأنا لم أزل أميراً وراثياً على العرش، وكنت قائد المشاة والخيالة، وعندما كان يظهر والدي أمام الشعب كنت طفلاً صغيراً، وكان يقول عني: توجوه ملكاً حتى أرى حاله وأنا لا أزال حياً، ضعوا التاج على رأسه حتى ينظم هذه البلاد ويدير شؤون مصر. وعلى ذلك وضعوا التيجان على جبيني، تأملوا، لقد كنت (رع) فوق الناس، فأهل الجنوب وأهل الشمال كانوا تحت نعليّ.. لقد وضع معبده تحت ملاحظتي، وكل أشغاله تحت مراقبتي منذ كنت طفلاً، وإنه أنا الذي صنعتُ تمثال والدي من الذهب وحبست القربان على روحه، ومن خمر وزيت خروع وكل أنواع الفاكهة وكل باكورات المحاصيل، ويستمر في وصف ما عمله من آثار تكريماً لوالده.
8- جواب المستشارين ( يمدخونه ويضعونه في مصاف الآلهة ):
إنك (رع) الشمس، وجسمك جسمه، ولا يوجد قط ملك يشابهك، فأنت وحدك مثل ابن أوزير حورس ابن إيزيس، ولم يفعل أي ملك هكذا منذ عهد (رع) إلا أنت، وإن ما فعلته أعظم مما فعله أحد قبلك، لقد عملتَ ما لم يعمل من قبل، فأي مثال فضيلة يوجد في استطاعتنا أن نأتي به لنذكره أمامك، ومن ذا الذي يأتي لينصحك عندما تفكر بمحض عبقريتك!
لم يُرَ مثلك وجه، ولم يُسمع مثل قولك، ولا أحد اعتلى العرش مثلك قد حافظ بصلاح على ذكرى والده إذ كان كل واحد يعمل لما فيه فائدة اسمه إلا أنت وحورس، لذلك فأنت وابن أوزير سيان، إنك وارث ممتاز مثله إذ تدير ملكه بنفس طريقته وتفعل ما فعله الآلهة وقد نفس طول عمر الآهلة، إن قلب (رع ) في السماء لفرح والآلهة مبتهجون منذ تتويجك ملكاً على الأرضيين..
ويستمرون قائلين: إنك ستكون على الأرض مثل (آتون) لقد جددت آثاراً في الجبانة والمشروعات التي كانت مهملة قد أنجزتها على الوجه الأكمل، الأجيال تمر ويحل غيرها وجلالتك ملك الوجه القبلي والوجه البحري لأنك أنت الذي تعمل الخير وقلبك مرتاح لإقامة العدل، وعندما تُرفع إلى السماء ستصعد أعمالك الصالحة حتى الأفق، والأعين ترى أعمالك العظيمة التي أنجزت أمام الآلهة والناس.. ويبلغ النفاق مداه إذ يقولون: اسمك في كل بلد من أول بلاد النوبة جنوباً وشمالاً، من أول شواطئ البحر وكل الأماكن تعرف أنك إله لكل الموجودات والناس يسهرون ليقوموا بتقديم البخور لك على حسب أمر والدك ( آتون) !!
وتستمر الوثائق المسجلة على جدران المعابد على هذا النحو، ولا يتبادر إلى الذهن أن بعض هذه الرسائل كان يسجل دون علمه، أو أنه لم يكن راضياً تمام الرضا عن كل المديح الذي جاء بها لأن كل ما كان يسجل على جدران المعابد كان لا بد أن يعرض على الفرعون وينال موافقته وقد سبق أن ذكرنا ما قاله رجال البلاط في خطاب موجه إليه، ولم ينفذ أثر إذا لم يكن تحت سلطانك ولم يقطع بأمر إلا كنت تعلمه !! فجميع هذه الخطابات قد حظيت بموافقته قبل تسجيلها، وعرف كاتبوها سواء كانوا من رجال البلاط أو غيرهم – كيف ينفذون إلى قلبه وينالون رضاه بترديد عبارات النفاق الواضح أو المقنع، وكلهم تدور في معنيين اثنين – أنه الابن البار بوالده، فأقام المعابد تكريماً له، ثم كيف اختاره أبوه ليشركه معه في الحكم وفي هذا معنى مستتر أنه استحق ذلك لأنه كان (عبقرياً) منذ صغره بل ويمنّ على والده بما بناه له من آثار، كذلك فإنه يسجل ما معناه أنه الابن البار للآلهة يقيم لها المعابد، وأنها ترسل له الرسائل تشكره على صنعه هذا وتنظر إليه على أنه ابن لها.. بل وتعتبره نِداً لها ومساوياً لها في المكانة وطول العمر..
ويتضح ذلك أكثر ما يتضح في الخطاب التالي:
9- خطاب (رمسيس الثاني ) لوالده ( سيتي) يقول فيه:
كلام ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسر ما عت رع ستبن رع ) ابن الشمس، سيد التيجان. محبوب (آمون) رعمسيس معطي الحياة، عندما أعلن ما فعله لوالدك الملك ( من ماعت رع ) صادق القول: تنبه وولّ وجهك قِبَل السماء لترى (رع) يا والدي. أنت يا من أصبحت إلهاً. انظر لقد جعلت اسمك يحيا وإني أرعى صلاح ذكراك إذ أعتني بمعبدك وقربانك ثابت دائم، وإنك تثوي في العالم السفلي مثل (أوزير) في حين أني أشرق مثل (رع) على الإنسانية وأجلس على عرش ( أتوم) مثل (حورس ) ابن (أوزير) ما أجمل ما فعلته لك ! فإنه مضاعف الحسن. لأنك عدت به إلى الحياة من جديد !! فقد صنعت لك تمثالاً. وبنيت مثواك الذي كنت ترغب فيه والذي في صورتك في إقليم الأبدية (جبانة العرابة ) وإني أضع قرابين لتماثيلك. وأعين لك خدماً للمائدة ليحملوا الطعام لروحك، وليصبوا الماء على الأرض من خبز وماء، ولقد أتيت بنفسي !! مرتين لأزور معبدك الذي بجوار (وننفر) ملك الأبدية، ولقد عكفتُ على أعمال هذا المعبد فبنيتُ رقعته. وغطيتها بالبلاط. وأقمت كل مساكنك التي نبت فيها اسمك سرمدياً. ويستمر في سرد ما فعله لوالده – والمن عليه – فيقول وقد جعلتُ خزانتك فاخرة إذ ملأتها بالخيرات وإني أهديك سفينة نقل بحمولتها على البحر المتوسط مشحونة بالذخائر العظيمة من ذهب وفضة ونحاس. ودونت من أجلك قوائم حقول. وإني أمدّها بملاحظين ومزارعين لحصد الحبوب للقرابين المقدسة، وقد جمعتُ لك قطعاناً من كل نوع من الحيوان الصغير لإمداد قرابينك بطريقة منظمة وخصصت لك أوزاً مجلوباً من حظائر التسمين و.. و.. ثم يصل في النهاية إلى هدفه من كل هذا فيكتب ليتك تقول ( لرع) امنح الحياة بقلب محب وأعطِ حياة طويلة فوق حياة طويلة موحدة في أعياد ثلاثينية للملك (ورس ماعت رع ستين رع ) (أي رمسيس الثاني ) معطي الحياة وكل شيء سيصير على ما يرام لك ما دمت أحيا عمراً طويلاً بوصفي محبوب (آمون) معطي الحياة مثل (رع ) ابن (رع) !
10- ونختم هذه الخطابات بخطاب كتبه على لسان والده:
خطاب شكر من (سيتي الأول) لابنه (رمسيس الثاني) يقول فيه: إن الملك (من ماعت رع ) صادق القول (أي المرحوم سيتي الأول ) ذو روح سامية كأوزير مبتهج بالسرور من أجل كل ما فعله ابنه منفذا الأشياء الممتازة ملك الوجه القبلي والوجه البحري، ورئيس الأقواس التسعة سيد الأرضيين (وسر ماعت رع ستين رع ) ابن الشمس رب التيجان محبوب (آمون) رعمسيس، مخلداً وسرمدياً، وقد أعلن كل أعماله الصالحة أمام ( رع حوارختي) وأمام الآلهة الذين في العالم السفلي، إنه تكلم بقوة كما يتكلم والد على الأرض لابنه قائلاً: فليبتهج قلبك كثيراً يا بني العزيز، إن (رع) يمنحك ملاين السنين والأبدية على عرش (حور) الأحياء وإن أوزير يرجو لك بقاء السماء التي تشرق فيها مثل (رع) كل صباح، إن الحياة والصحة معك والصدق والقوة وابتهاج القلب هي من عمل غنى بالسنين وإن القوة والنصر ملكك أنت يا عظيم الانتصار والصحة ملك أعضائك مثل ما هي ملك أعضاء (رع) في السماء، والفرح والسرور في كل الأماكن التي توجد فيها يا أيها الملك يا حامي مصر وهازم الأقوام الأجنبية وإن الأبدية قد عملت لتكون عمرك ما قلته لرع بقلب محب امنحه الخلود على الأرض وقد كررت على (أوزير) عندما دخلت أمامه ضاعف له عمر ابنك (حور) وعلى ذلك فقد أجاب (رع ) في أفق السماء، ليت الخلود والسرمدية وملايين السنين تكون لك في صورة أعياد ثلاثينية وقد وهبك (أتوم) مدى عمره بوصفك ملكاً، وقد تجمعت القوة والانتصارات في ركابك إن (رع) في سفينته وعيناه تريان ما فعلتهُ من الأشياء الممتازة، عندما يخترق السماء في ريح رخاء كل يوم وهو في بهجة عظيمة عندما يستذكر أعمالك الصالحات، وحبك في صدره كل يوم، ويستمر الخطاب.. إن (رع) يذكر أفعالك الطيبة وسيكون لك بقاء طويل في الحياة وإن (رع) قد منحك ملكاً أبدياً، وإنك تأتي بوصفك (رع) منبع الحياة للناس، فالجنوب والشمال تحت قدميك.. والآلهة ترجوا أعياداً ثلاثينية (وسر ماعت رع ستين رع ) في خلود سرمدي.
المقبرة
دفن رمسيس في وادي الملوك، في المقبرة kv7، إلا أن مومياءه نُقلت إلى خزانة المومياوات في الدير البحري، حيث اكتُشفت عام 1881 ونقلت إلى المتحف المصري بالقاهرة بعد خمس سنوات، حيث مازالت محفوظة ومعروضة بإعتزاز من المصريين. رمسيس كان يبلغ ارتفاع قامته 170 سم، مما يجعله طويل القامة بمقاييس زمنه. الفحوص الطبية على موميائه تظهر آثار شعر أحمر أو مخضب. ويعتقد أنه عانى من روماتيزم حاد في المفاصل في سني عمره الأخيرة، وكذلك عانى من أمراض في اللثة.
هل كان فرعون الخروج؟
أقدم من زعم أن رمسيس الثاني هو الفرعون الذي طالبه موسى بإخراج اليهود كان يوسيبيوس القيصاري (275 - 339 م). والزعم خاطئ للأسباب التالية:
|
وعندما مات كان في يبلغ 90 عاما أو أكثر أي أنه وصل الي سن وهن فيه عظمة غير قادر علي الحركة وأثبتت الفحوصات التي تمت له أثناء علاجه أنهكان يعاني من آلام شديدة في الفم والتهاب تمنعه حتي من المشىء متنزن دون عصا يتكأ عليها وأيضا من المعروف أنه أشرك ابنه معه في الحكم في أواخر أيامه مثل ما يفعل كل الفراعنة من قبله فبذلك يستحيل تخيل أن هذا الملك بمثل هذة الظروف الصحية أن يتمكن من ركوب عجلة حربية وملاحقة بني اسرائيل.
وكذلك ورد في القرآن الكريم: " وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الاعراف" و هذا الكلام بالطبع لا ينطبق علي رمسيس وها هي اثارة شامخة تتحدث عن نفسها، وأيضا الفرعون محل الخلاف كان عقيم أو كان لا ينجب ذكور أيضا من القرآن " وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) " و من المعروف أن رمسيس كان له من الأبناء ما لا يعد ولو ارادنا لاكتفينا بابنه مرنبتاح. [12]
علاقته بالملك شيشق المذكور في التوراة
- شعبيته الجارفة عبر العصور والقارات
تمثال رمسيس الثاني
نقل تمثال رمسيس الثاني في بداية الخمسينيات ووضع بأشهر ميادين القاهرة (ميدان باب الحديد) الذي تغير اسمه إلى ميدان رمسيس، وفي 2006 تم نقله من ميدانه الشهير الذى يقع فى وسط القاهره أمام محطة السكه الحديد وتم وضعه فى منطقة الأهرامات بمحافظة الجيزه لإجراء الترميمات عليه ولمدة عام ولحين الإنتهاء من إنشاء المتحف المصرى الجديد
المصادر
- كتاب موسى وهارون عليهما السلام من هو فرعون موسى؟ تأليف الدكتور رشدي البدراوي الأستاذ بجامعة القاهرة.
- كتاب رمسيس العظيم – ريتافرد. ص 29.
- موسوعة مصر القديمة، سليم حسن، جـ6.
- Nos ancêtres de l'Antiquité, 1991, Christian Settipani, p. 153, 175 and 176
معرض الصور
مومياء رمسيس الثاني (المتحف المصري). | تمثال عملاق لرمسيس الثاني (المتحف المصري). | رمسيس الثاني على العجلة الحربية (أبو سمبل). | |
خاتم رمسيس الثاني (متحف اللوفر). | مومياء رمسيس الثاني (المتحف المصري). | مومياء رمسيس الثاني مرفوعة اليد اليسرى، المتحف المصري). | |