ثورة القاهرة الأولى في 20 أكتوبر 1798 – للشعب المصري ضد الحملة الفرنسية على مصر قادها الأزهر وشيوخه[1]
كان من أهم أسباب الثورة: فرض الفرنسيين للضرائب الباهظة خاصة على التجار على عكس وعود نابليون عند قدومه لمصر، و تفتيشهم للبيوت والدكاكين بحثا عن أموال، وهدم أبواب الحارات لتسهيل مطاردة رجال المقاومة وهدم المباني والمساجد بحجة تحصين المدينة.
أحداث الثورة
- قاد الأزهر و شيوخه الثورة وقام التجار بتمويلها وأقيمت المتاريس في المدن. وحينما اشتعلت الثورة قتل الكثير من المصريين والفرنسيين ومنهم حاكم القاهرة الفرنسي (ديبوي). واجه نابليون الثورة بعنف ودخل جنوده الأزهر بخيولهم مما أثار الشعور الديني للمصريين.
نتائج الثورة
حكم على ستة من شيوخ الأزهر بالإعدام، واقتيدوا إلى القلعة، حيث ضربت أعناقهم ثم انتشلت أجسادهم إلى أماكن مجهولة.[2]
مراجع
ثوره القاهره الثانيه |
درك الجنرال كليبر قائد الحملة الفرنسية على مصر بعد نابليون بونابرت حرج موقفه، وعدم قدرة أفراد حملته على الاستمرار في مصر، فقرر التفاوض مع "يوسف باشا ضيا" الصدر الأعظم الذي جاء على رأس جيش ضخم لإخراج الفرنسيين من القاهرة، واتفق الطرفان على طريقة تحفظ الكرامة لخروج الجيش الفرنسي وتبقي على شرفه العسكري، وتضمّن الاتفاق طريقة تنظيم جلاء الفرنسيين عن مصر، وتحدد المراحل والأزمنة لتحقيق هذا الجلاء، وأطلق على هذا الاتفاق معاهدة العريش، وأبرمت في (22 من شعبان 1214هـ=24 من يناير 1800م).
وعلى الفور بدأ كليبر في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه فأجلت الحملة قواتها في بعض المناطق البعيدة، فدخلها العثمانيون وحلوا محل القوات الفرنسية المنسحبة، وعسكر الصدر الأعظم بجيشه في "بلبيس"، وتسلل جزء من الجيش العثماني إلى داخل القاهرة، وعين العثمانيون واليًا لهم على الصعيد، وأصبح جلاء الفرنسيين قاب قوسين أو أدنى، غير أن كليبر فوجئ برسالة من قائد الأسطول البريطاني يعلنه أن اللورد كيث القائد الأعلى للأسطول قد رفض التصديق على المعاهدة، وأنه لم يعد أمام الفرنسيين سوى التسليم بلا قيد أو شرط كأسرى حرب، ولا سبيل لعودتهم إلى فرنسا على هذا النحو الذي تم الاتفاق عليه مع الدولة العثمانية.
جن جنون كليبر وثار ثورة عامة وقرر أن يبطش بالعثمانيين، فأعاد احتلال المواقع التي كان قد أخلاها، ثم باغت الجيش العثماني المرابط على مشارف القاهرة في المطرية وعين شمس في (16 من شوال 1214هـ=20 من مارس 1800م)، فارتد الجيش العثماني على غير نظام بعد أن كبلت خطاه المفاجأة، وأفقدته القدرة على التوازن وصد الهجوم، وهو الجيش الذي كان يعادل أربعة أمثال الجيش الفرنسي، وتقهقر إلى الصالحية، ثم غادر الحدود المصرية إلى سوريا، والجيش الفرنسي في إثره.
اندلاع الثورة
وفي أثناء القتال تمكنت فصيلة من الجيش من التسلل إلى القاهرة، وحرضوا أهلها على الثورة ضد الفرنسيين في الوقت الذي تدور فيه رحى الحرب في عين شمس، ولم يكن الشعب المصري يحتاج إلى أكثر من إشارة حتى يهب هبة عارمة ضد الغاصب المحتل، لا يبالي بشيء، وفي ساعات قليلة تجمع الشعب وحمل السلاح، وأقام المتاريس حول الأزهر والأحياء المحيطة، وشرع في مهاجمة المواقع الفرنسية في الأزبكية، وكانت نقطة ابتداء الثورة وإعلان الجهاد على الفرنسيين في حي بولاق، ثم امتدت بعد ذلك إلى سائر أحياء العاصمة.
وقام الثائرون بإنشاء معامل للبارود ومصانع لصب المدافع، وعملوا القنابل، وقاوموا قوات الاحتلال وصمدوا للحمم الملتهبة التي كانت ترميهم بها مدافع الفرنسيين، وثبتوا للحصار الذي فرضته القوات الفرنسية على المدينة، وكان صبر المصريين أمرًا مثيرًا للإعجاب والتقدير.
وعندما وصل كليبر إلى القاهرة بعد انتصاره على العثمانيين وجد الثورة قد اشتد أوارها، وامتد لهيبها إلى الوجه البحري منذ أن أخلى الفرنسيون مراكزهم المهمة في الدلتا، وبخاصة في دمياط وسمنود، فأرسل ثلاثة من قادته لإخضاع الوجه البحري، وانتظر عودتهم حتى يتمكن من التفرغ لإخماد ثورة القاهرة.
لجوء كليبر إلى المفاوضة
ولما ازدادت الثورة اشتعالاً وعجز كليبر عن إخمادها لجأ إلى علماء الأزهر يستعين بهم في إيقاف الثورة، وقابل عددًا من كبارهم في مقدمتهم الشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الجامع الأزهر، ومحمد المهدي، والسرسي، وعرض عليهم إنهاء الثورة وإعطاء أهالي القاهرة أمانًا وافيًا شافيًا، على أن يخرج ناصف باشا والجنود العثمانيون والمماليك من القاهرة، ويلحقوا بزملائهم من فلول جيش يوسف باشا الصدر الأعظم، غير أن مساعي الصلح تبددت أمام إصرار زعماء الثورة على الاستمرار في المقاومة.
ولم ييئس كليبر فلجأ إلى الاتصال بمراد بك أحد زعماء المماليك، وتفاوض الاثنان على الصلح، وأبرمت بينهما معاهدة بمقتضاها أصبح مراد بك حاكمًا على الصعيد في مقابل أن يدفع مبلغًا إلى الحكومة الفرنسية، وينتفع هو بدخل هذه الأقاليم، وتعهد كليبر بحمايته إذا تعرض لهجوم أعدائه عليه، وتعهد مراد بك من جانبه بتقديم النجدات اللازمة لمعاونة القوات الفرنسية إذا تعرضت لهجوم عدائي أيًا كان نوعه، وكان هذا يعني أن مراد فضل السيادة الفرنساوية على السيادة العثمانية.
ولم يكتف مراد بك بمحاولته في إقناع زعماء الثورة بالسكينة والهدوء، بل قدم للفرنسيين المؤن والذخائر، وسلمهم العثمانيين اللاجئين له، وأرسل لهم سفنًا محملة بالحطب والمواد الملتهبة لإحداث الحرائق بالقاهرة.
إخماد الثورة
استمرت الثورة أكثر من شهر، وقائد الاحتلال يفكر في وسيلة للقضاء على الثورة التي يقودها عمر مكرم الذي التف الشعب حوله، وأصبح رمزًا للمقاومة والصمود، وفشلت المحاولات لوقف الثورة، وإزاء ذلك أمر كليبر بالهجوم العام على حي بولاق مصدر الثورة بعد أن جاءته المؤن والمهمات من حليفه مراد بك، وشرعت المدافع تصب نيرانها على الحي الثائر، حتى أحدثت ثغرات في المتاريس التي أقامها الثوار، نفذ من خلالها الجنود الفرنسيون، لإشعال الحرائق في البيوت والمتاجر والوكالات، فاشتعلت النيران في الحي، وسقطت البيوت على من فيها، وتناثرت جثث القتلى، واستمر الضرب بالمدافع حتى دمر الحي بأكمله، ثم تتابع هجوم الفرنسيين على سائر أحياء القاهرة، حيًا حيًا، واستمرت هذه الأهوال ثمانية أيام جرت في أثنائها الدماء أنهارًا في الشوارع، وأصبحت أحياء القاهرة خرابًا بلقعًا.
تسليم القاهرة
تحرك علماء الأزهر واستأنفوا مساعيهم لحقن الدماء، ووقف عمليات الإحراق والتدمير، ودارت مفاوضات التسليم بين الثوار وكليبر انتهت بعقد اتفاق في (26 من ذي القعدة 1214هـ=21 من إبريل 1800م)، وقع عليه ناصف باشا من الأتراك العثمانيين، وعثمان أفندي عن مراد بك، وإبراهيم بك عن المماليك، وفيه تعهد العثمانيون والمماليك بالجلاء عن القاهرة خلال ثلاثة أيام مع أسلحتهم وأمتعتهم ما عدا مدافعهم إلى حدود سوريا، في مقابل أن يعفو كليبر عن سكان القاهرة بمن فيهم الذين اشتركوا في الثورة.
وكان من نتيجة تلك الثورة أن ازدادت نقمة كليبر على القاهرة، وكانت فيه غطرسة وكبرياء، ففرض على أهالي القاهرة غرامة مالية ضخمة قدرها 12 مليون فرنك، وخص علماء الأزهر بنصيب كبير منها، وعلى رأسهم الشيخ السادات، ومصطفى الصاوي ومحمد الجوهري وغيرهم.
واشتط في تحصيل تلك الغرامة منهم، وألقى بالشيخ السادات في السجن، وقام بتعذيبه دون أن يراعي مكانته وسنه حين عجز عن تدبير المبلغ الذي طالبه به من الغرامة، وكان مائة وخمسين ألف فرنك.
وأدت تلك السياسة الحمقاء التي مارسها كليبر مع أهالي القاهرة وعلماء الأزهر أن قام سليمان حلبي باغتياله في (21 من المحرم 1211هـ=14 من يونيو 1800م) أثناء تجوله في حديقة منزله.