ولدالأمير عمر طوسون في مدينة الإسكندرية يوم الأحد الموافق (5 رجب 1289 هـ - 8 سبتمبر 1872 م ) ، وهو الابن الثاني للأمير طوسون بن محمد سعيد بن محمد علي ، والدته هى الأميرة فاطمة إسماعيل (1853-1920) وهى إحدى بنات الخديوى إسماعيل ، تزوجت عام 1871 من الأمير طوسون بن محمد سعيد باشا والى مصر ، وتوفى والداه وهو فى الرابعة من عمره ، فربته جدته لأبيه وأشرفت على تعليمه ، وكانت دراسته الأولى في القصر مع باقى أبناء الأسرة المالكة من الأمراء ثم أكمل دراسة التجارة واللغات وغيرها في سويسرا ، وبعد تخرجه تنقل فى بلدان أوروبية مثل : فرنسا وإنجلترا .
وهو يجيد ستة لغات منها اللغات الحية فى ذلك الوقت كالانجليزية والفرنسية والتركية ، وكان يجيد رفع المسح المعمارى .
ورث عمر طوسون ثروة طائلة عن أبيه ، وقد تفرغ بعد عودته من اوربا لإدارة أملاكه ثم أسند إليه اثنان من أقاربه إدارة شئون أملاكهما ، فقام بذلك دون أن يتقاضى عن ذلك أجرا .
كانت ميوله الى العثمانيين :
ثم نشبت الحرب الإيطالية الطرابلسية سنة (1329 هـ - 1911م ) وساعدت الدولة العثمانية الحرب مع أهالي برقة وطرابلس ضد إيطاليا ، ورأس اللجنة التي شُكلت لجمع التبرعات لمساعدة الدولة العثمانية في حربها العادلة ضد العدوان ، وبدأ بنفسه فتبرع بخمسة آلاف جنيه للجيش العثماني الذي يقاتل هناك ، وبألف أخرى لبعثة الهلال الأحمر المصرية التي سافرت إلى هناك ، بالإضافة إلى ما كان يرسله إلى المجاهدين في برقة والجبل الأخضر من القوافل المحملة بالعتاد والطعام .
وبعد مرور حوالى عام على هذه الحرب اشتعلت حرب أخرى ضد الدولة العثمانية في البلقان ، وكانت أوروبا تقف خلفها ، فقام عمر طوسون بمساعدة العثمانيين وبذل جهدا مضاعفا وجاب أنحاء مصر مع الأمير محمد علي لجمع التبرعات ، حتى جمع من التبرعات ثلاثمائة ألف جنيه في أسابيع ، كما أرسل بعثات طبية لجمعية الهلال الأحمر التى أسسها بعض أمراء أسرة محمد علي إلى هناك .
وانتهت الحرب العالمية الأولى بانتصار الحلفاء وهزيمة الدولة العثمانية وقد اقتطع المنتصرون كثيرا من الأراضي العثمانية ، واحتلوا عاصمة دولة الخلافة ، واضطر من تبقى من الجيش العثماني إلى الانسحاب إلى داخل الأناضول للدفاع عن البقية الباقية من بلادهم ، وكان هؤلاء يحتاجون إلى العون والمساعدة حتى يستمروا في الدفاع والصمود ، فامتدت إليهم يد الأمير عمر طوسون الذي دعا المصريين إلى التبرع لإخوانهم فاستجابوا لدعوته ، واستمرت هذه المعونة تتدفق ثلاث سنوات على هؤلاء المدافعين حتى تمكنوا من تحقيق النصر على اليونان وتحرير أرضهم .
ولكن بعد أن تم لهم النصر أنقضوا على السلطنة الإسلامية ، وأخرجوا الخليفة عبد المجيد وسائر أسرة آل عثمان ، وكان لهذا الحادث أثر فاجع في نفوس المسلمين ، وعم الحزن أرجاء العالم الإسلامي ، فانبرى عمر طوسون يدافع عن مقام الخلافة ، ويقف إلى جانب الأسرة المنكوبة ، فألف جمعية لمساعدة الخليفة عبد المجيد وأمراء البيت العثماني .
وفى سنة وقف الأمير عمر طوسون إلى جانب ثورة 1919 م ، وأعلن هو وبعض الأمراء تضامنه مع الأمة ، ومطالبتهم باستقلالها استقلالا تاما بلا قيد أو شرط ، وكان قصره في الإسكندرية مركزا للعمل الوطني تصدر منه البيانات المؤيدة لحقوق الأمة .
قال سعد زغلول في مذكراته عن إقتراح الأمير عمر طوسون الذى دعا إلى تشكيل وفد مصري يناط به التحدث باسم مصر في مؤتمر فرساي سنة (1337هـ - 1919م) للمطالبة باستقلالها ، أن : " إن الأمير يستحق تمثالا من الذهب لو نجحت هذه المهمة " غير أن سعد زغلول انفرد بتأليف الوفد بعيدا عن صاحب الاقتراح الذي غضب لهذا التصرف ، وكادت تحدث أزمة تهدد الصف ثم تغلبت المصلحة العامة على هذا الخلاف ، وعاود سعد زغلول الاتصال بالأمير عمر طوسون .
الجمعية الزراعية الملكية
أسس هذه الجمعية السلطان حسين كامل وتولى رئاستها ، ثم خلفه عليها الأمير كمال الدين حسين ، ثم رأس الأمير عمر طوسون رئاسة الجمعية الزراعية الملكية سنة (1351هـ - 1932م) ، التى تخصصت فى شئون الزراعة في مصر والعمل على تنمية الأنتاج الزراعى والحيوانى .
وكان لشغف الأمير طوسون بالعلم وحبه للبحث العلمي أثر في توجيه الجمعية ونمو نشاطها وتحقيق أهدافها ، فأجريت التجارب على مختلف الأراضي الزراعية وطرق إصلاحها وما يناسبها من الأسمدة ، وأنتجت عدة سلالات من القطن والقمح والشعير ، وأقيمت لأول مرة في مصر تحت إشرافه تجارب الصرف الجوفي وتأثيره على جذر النبات ونموه ، واهتم طوسون ببحوث الحشرات ، وأعلن عن تقديم جائزة مالية قدرها خمسة عشر ألف جنيه لمن يبتكر علاجا لإبادة دودة ورق القطن ، وشجع الجمعية على إعداد كميات كبيرة من التقاوي الممتازة للمحاصيل الرئيسية لتوزيعها على المزارعين .
وقام الأمير عمر طوسون بأنشاء عددا من القرى النموذجية المزودة بالمرافق الضرورية ، وأرسل إلى الحكومة المصرية كتابا يقترح فيه أن تبدأ برنامجا منظما لإصلاح قرى القطر المصري ، واتجهت الجمعية أثناء رئاسته إلى نشر بعض المؤلفات العلمية المتصلة بالزراعة ، مثل الحشرات الضارة في مصر لـ"ولكس"، وقوانين الدواوين لـ"ابن مماتي"، والأحوال الزراعية في مصر لـ"جيرار"، والخيول العربية للأمير محمد علي ، فضلا عن المطبوعات التي تتضمن نتائج البحوث العلمية التي تقوم بها الجمعية .
دراسات الامير عمر طوسون وكشوفة الجغرافية :
الأمير عمر طوسون ( ابن طوسون ابن الخديو سعيد ابن محمد علي باشا) الذي بدأ شغله في استكشاف المنطقة عام1928 كجزء من دراساته وكشوفه حول جغرافية مصر وتاريخها ، وقد عمد الرجل ـ الذي درس التجارة واللغات في سويسرا ، وكان يجيد ستة لغات ، إلي رفع مساحي ومعماري في المنطقة وعمليات توثيق ، ووضع لوحات من البرونز علي كل منطقة وتسميتها ، وكان في عمله يرجع ـ من آن لآخر ـ إلي بطريرك مصر وقتها الأنبا يؤنس113 ، واستعان في عملياته بتجهيزاته الفنية التي خاض بها غمار كشوفه الجغرافية ورحلاته للسفاري في كل مصر( السيارات والقوافل وقصاصي الأثر من العرباوية) ، وفي أوائل الثلاثينيات بدأ العثور علي أديرة أو بقايا أديرة أثرية مهمة تقع جميعا علي خط رحلة العائلة المقدسة التي مرت عند نبع الحمراء ، وقد تفجر بمياهه العذبة وسط بركة مالحة ، عند عبور مريم العذراء والسيد المسيح والقديس يوسف النجار ، وأصبح المكان من أقدم التجمعات الرهبانية في العالم في ( القرن الرابع) ، وكانت محط كثير من الآباء الغربيين الذين تتلمذوا علي أيدي الرهبان المصريين .
علي أية حال كان عدد الأديرة التي اكتشفها الأمير عمر طوسون في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي يبلغ 52 ديرا وثقها جميعا كما قلنا ، فكم تبقي منها ؟ اجاب ماجد الراهب : أربعة أديرة فقط هي دير السريان ، ودير الأنبا بيشوي ، ودير البراموس ، ودير أبي مقار ( وهي أديرة عامرة بالرهبان وتوجد بها آثار وكنائس من القرن السابع الميلادي ) ، فأين ذهب الباقي ؟ تهدم البعض واندثر البعض الآخر ، ونزحت كنوز تلك الأديرة من الفرسكات ، وأواني المذابح والأيقونات التي استبقي منها النذر اليسير في المتحف المصري القبطي إلي متاحف الخارج ( متحف تورنتو في كندا ، متحف لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية ، قاعة المصريات في اللوفر ، حيث معظم القطع هي من خرج وادي النطرون, وربما ـ كذلك ـ دير سقارة دير الأنبا أرميا الذي لم يتبق من قطعه في مصر إلا ما يساوي عدد أصابع اليد الواحدة أو مثلها إلا قليلا!! ) .
المدينة الغارقة :
وفي عام 1859، وجد لاروس أن فرع النيل الذي كان يصب في البحر عند مدينة كانوب القديمة كان يمتد لمسافة نحو 8 كيلومترات تقريباً في قاع خليج أبو قير .
وفي أواخر الثلاثينات ، أخبر أحد الطيارين الأمير عمر طوسون أنه رأى أثناء طيرانه فوق الخليج بقايا أثرية تغطي مساحة واسعة تحت الماء ، وتمكن طوسون ، بفضل إرشاد الصيادين المحليين ومعونة الغواصين ، من تحديد موقع عدة هياكل ضخمة ومن انتشال تمثال لرأس الإسكندر الأكبر يعرض الآن في المتحف اليوناني الروماني .
وفي عام 1910م اكتشف غاستون غونديه ، كبير مهندسي مصلحة الموانئ ، ميناء فاروس القديم ووصف حواجز الأمواج والمنشآت العملاقة المغمورة تحت السطح بنحو 8 أمتار ، وكان هذا الاكتشاف مفاجأة كبرى لعدم توافر أدلة تاريخية قوية على وجود مثل هذه المنشآت .
وقام عمر طوسون وغاستون غونديه بطرح ونشر نظريات وتفسيرات لاكتشافاتهما في الجمعية الأثرية بالاسكندرية .
وفي عام 1961م اكتشف أبو السعادات تمثالا ضخما لإيزيس وقطعا أثرية أخرى في الميناء الشرقي ، وأسر كامل أبو السعادات خيال الجمهور بكشفه عن البقايا المغمورة لجوهرة الاسكندرية ، ألا وهي الميناء الشرقي بمنارته الشهيرة بموقع قلعة قايتباي على جزيرة فاروس في جهة الغرب ومنطقة السلسلة ( رأس لوخياس ) ، بما تضمه من قصور ملكية في جهة الشرق وتتسم المواقع الأثرية المغمورة الثلاثة الرئيسية في الاسكندرية ، وهي الميناء القديم في رأس التين والميناء الشرقي وخليج أبو قير، بأهمية كبرى لا لمدينة الاسكندرية وحدها بل أيضا للمعرفة الإنسانية بالتاريخ والجغرافيا والجيولوجيا وعلوم المحيطات وعلم المناخ ، ومن ذلك مثلا أن خليج أبو قير يغطي الآن مصب فرع النيل الذي يحمل اسم مدينة كانوباس التي كانت قائمة قديما في ذلك الموقع ، و الذي يشكل واحدا من أقدم المرافئ الطبيعية في تاريخ البشرية ، كما يغطي ذلك الخليج عدة مستوطنات بشرية ازدهرت قبل تأسيس الاسكندرية وعاشت جنبا إلى جنب معها .
وفي عام 1965، تمكّن كامل أبو السعادات من تحديد موقع بعض سفن الأسطول الفرنسي التي غرقت في خليج أبو قبر في أثناء معركة النيل ، ثم ساعد في وقت لاحق (1983-1984) جاك دوما في رحلته الاستكشافية “بونابرت”، على دراسة جزء من ذلك الأسطول وانتشاله .
امتدت أعمال الكشف أيضاً إلى شاطىء ضاحية أبوقير منذ العام 1999م وأدت جهود الغواصين إلى الكشف عن مدينة مينوتيس التي كان الأمير عمر طوسون أول من اكتشفها العام 1934 ، وأجرت البعثة المصرية بالاشتراك مع بعثة المعهد الأوروبي للآثار الغارقة أول مسح أثري شامل لها ، وبعد عامين من العمل أزيلت طبقة من الرمال عن مساحة مقدارها 500 × 700 متر تحوي أطلالاً في محور يمتد من الشرق إلى الغرب ويضم مئات الأعمدة والكتل الحجرية المختلفة الأشكال والأحجام وتماثيل لأبو الهول وتماثيل لإيزيس وسيرابيس ، ويذكر إبراهيم درويش انه عثر في هذا الموقع على بعض الكتل الحجرية التي تحمل نقوشاً هيروغليفية يرجع بعضها للأسرة 26 وبعضها للأسرة 30 الفرعونيتين ، وأهمها أجزاء من هيكل يوضح الأبراج والفلك في مصر القديمة ، فضلاً عن العثور على عملات بيزنطية وإسلامية تعود للعصر الأموي .
وعلى بعد أربعة كيلومترات من موقع هذه المدينة عثر على مدينة هيراكليوم التي تضم عدداً من المباني الضخمة والتماثيل التي تصور الملوك بالطراز الفرعوني ، ويصل حجمها إلى أربعة أمتار، فضلاً عن مجموعة نادرة من تماثيل أبو الهول .
قصر الامير طوسون بعد ثورة 1952 م :
قصر الامير عمر طوسون بشبرا |
تحول قصر الأمير إلي مدرسة شبرا الثانوية (1) في وقت من الأؤقات ، وتعرض لإغارات إهمال إجرامي جسيمة ، ووضعته هيئة الآثار علي قائمة المباني الأثرية لتحاول إعادة ترميمه وإعادة المرايا الرائعة ورسوم الأسقف التي كانت تزينه ، ولكن السؤال المحير الذي يتبقي هنا : هو لماذا إذن كانت تلك الرغبة الصفراوية في تدمير قصور مصر وتحويلها إلي مدارس وهدر تحفها النادرة الرائعة ، وإجابة هذا السؤال قد تكون في سؤال آخر هو: لماذا تمت إزالة اسم الأمير عمر طوسون من فوق الشارع الذي تقع فيه المدرسة ( ضمن الانتقام المروع من أفراد أسرة محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة ) ووضع اسم أحد المتصوفة الذين لا يعرفهم سوي المتخصصين وهو ابن فضل الله العمري المؤرخ الشامي صاحب موسوعة مسالك الأبصار!!! .
ويذكر الاستاذ نور الدين مرسي مدير عام ادارة تفتيش آثار غرب القاهرة ان قصر الأمير عمر باشا بن طوسون بن سعيد بن محمد علي الكبير أنشيء في حوالي عام1869 م بمنطقة روض الفرج بحي شبرا والذي كان من ارقي وافضل احياء القاهرة ، وتبلغ مساحته3200 م2 ، وقد وضع الأمير بنفسه تصميم قصره ، واهتم الخديوي اسماعيل بهذا القصر اهتماما بالغا فقد كان الأمير عمر زوجا لإحدي بناته ، أما عن مكونات القصر فهو يتكون من طابقين بالإضافة إلي البدروم ، الطابق الأول والثاني متطابقان في التخطيط حيث يتكون كل منهما من بهو رئيسي يفتح علي كل بهو أربعة أجنحة تتكون من قاعات وحجرات ودهاليز وممرات ، ويغطي القصر سقف مسطح مزخرف بوحدات من الحشوات الغائرة والجدران مبينة بالريش والمونة الجيرية مع وضع كتل خشبية طولية وعرضية ، تلك السقوف والجدران التي كان من المفترض ان تشهد اجتماع عدد من الاعيان واعضاء الجمعية التشريعية التي انبثق منها اشهر حزب سياسي عرفته مصر الوفد ، فما سطره التاريخ هو ان الامير عمر طوسون في يوم السبت16 نوفمبر1918 م كتب خطاب اعتذار لكل من كان قد دعاه إلي السراي الخاصة به بشبرا ، فقد ألغت الاحكام العسكرية هذا الاجتماع الذي كان يهدف إلي النقاش حول تمثيل مصر في مؤتمر الصلح بفرساي .
هل ينهار قريبا ؟ قصر طوسون في خطر! تلاطمت عليه أموال الاهمال .. ويبدو أنه سينهار قريبا دون أن يلتفت إليه أحد .. تحيط به البنايات المدرسية وقد التصقت جدرانها بجدرانه .. إنه قصر الأمير عمر طوسون الذي بني لنفسه قصرا آخر بالزمالك ، ومنذ ذلك الحين صار قصره القديم مأوي للثعابين والخفافيش والحشرات ، ولم يعد باقيا من مجده سوي بعض الصور الزيتية الكبيرة والتماثيل الفضية وقد نقلت منه عند تحويله إلي مدرسة ، حيث قام تكلا بك |
| ||
ناظر المدرسة باستئجار القصر من الأمير عمر طوسون ليكون مقرا لمدرسة شبرا الثانوية ، تلك المدرسة التي قضت علي البقية الباقية من عمارته الفنية ولم ترحل عنه إلا بعد ان تركته أطلالا ولعلنا نتذكر الحريق الهائل في منتصف السبعينيات الذي دمر أجزاء كثيرة من القصر ونال من غرفة الأمير عمر طوسون وأتي علي سقف غرفتين بالكامل والحق أضرارا جسيمة به ، وقد رحلت عنه المدرسة بعد تسجيله في عداد الآثار الاسلامية عام1984 م . |
اهمال وتبديد :
وإذا نظرنا إلي القصر نجده قد تحول إلي شيء هلامي حتي اننا لا نعرف ما إذا كان قصرا أم بناية عادية ، فقد شيدت أربع مدارس أحاطت به من جهتيه الشرقية والغربية جعلته عاجزا عن استنشاق العبير الذي يفوح من زهور حديقته الضامرة ، والتوصيف الجغرافي للقصر يقول إن علي جانبيه مدرسة روض الفرج الثانوية بنات وقاسم أمين الاعدادية بنات ، وبالجهة الغربية مساحة فضاء علي جانبيها مدرسة نجيب محفوظ وقد تعرضت الغرف التابعة للقصر الموجودة بالحديقة إلي الاستغلال السييء ، الجدير بالذكر ان قصر الأمير عمر طوسون قد دخل بالفعل ضمن مشروعات الترميم منذ عام إلا ان أحدا لم يتحرك لينقذه من العبث والتدمير والاهمال .
سألنا الدكتور زاهي حواس أمين عام المجلس الاعلي للآثار عن الوضع الحالي فقال ، هناك7000 مشكلة تحتاج الي حلول ، لذلك الاولويات تحكمنا فقد تم تنفيذ120 مشروعات منذ أن توليت أمانة المجلس ، وسوف ينظر لقصر طوسون بعين الاعتبار ويوضع نصب الاعين قريبا ، وأكد انه سوف يتم إزالة المدارس الأربعة التي تحيط بالقصر ، إذ إنه عند شرائه من الورثة وتسجيله كأثر مملوك للمجلس الأعلي للآثار كانت هذه المباني مقامة بالفعل وإلا ما كان المجلس سيسمح بمثل هذه الاعتداءات .
اكتشافات ومؤلفات وكتابات الامير عمر طوسون :
اتجه عمر طوسون إلى الكتابة والتأليف وإنتاج علمي الغزير بالعربية والفرنسية ، ونشر فى الصحف بحوثه العلمية الدقيقة ، وكان مجال أنتاجه المفضل هو البحوث التاريخية والجغرافية والأثرية ، ودارت كلها حول مصر والسودان ، فكتب عن الجيش المصري .
وكما كان طوسون شديد الولع بمطالعة كل ما له علاقة بتاريخ مصر والسودان فقد كان مغرما بالبحث في مجال الصحراء (2) ، محبا للتنقيب عن الآثار ، وكانت مدينة الإسكندرية وما حولها هي محل عنايته في البحث والتنقيب ، فقام برحلات كثيرة إلى الصحراء الغربية ، ودرس طبيعة هذه الجهات وما فيها من الواحات دراسة مستفيضة ، ووفق إلى كشف آثار لها أهميتها ، فاكتشف في أطلال بناء قديم في جنوب غرب واحة الدالة صليبا قبطيا من البرونز يرجع عهده إلى القرن الخامس أو السادس الميلادي ، بالإضافة إلى بعض الأواني الفخارية الأثرية ، كما اكتشف بقايا أديرة للرهبان في عرب وادي النطرون ، وقد نشر عنها بحثا مستفيضا مع الصور الفوتوغرافية في مجلة الجمعية الملكية للآثار .
ومن اكتشافاته الهامة عثوره على رأس تمثال الإسكندر الأكبر بخليج العقبة ، واكتشافه لبقايا مدينة مغمورة بالماء على عمق خمسة أمتار بخليج أبي قير سنة 1933، وقد نشر هذا الاكتشاف في مجلة الجمعية الملكية للآثار سنة (1353هـ - 1934م ) .
1 - الجيش المصري البري والبحري في عهد محمد علي ، 2 - نبذة عن المدارس الحربية والمعامل العسكرية وحالة الجيش المصري في عهد محمد علي ،
3 - الصنائع والمدارس الحربية والبعثات العلمية في عهد محمد علي ، تناول الصناعة في عصر محمد علي والبعثات العلمية التي أرسلها إلى أوروبا ، وسجل ذلك في كتابه "الصنائع والمدارس الحربية في عهد محمد علي باشا" و"البعثات العلمية في عهد محمد علي وفي عهدي عباس وسعيد" ، 4 - مصر والسودان ، 5 - كلمات في سبيل مصر ، 6 - مذكرة عن مسألة السودان بين مصر وإنجلترا ، 7 - كتاب بطولة الأورطة السودانية في حرب المكسيك"صفحات من تاريخ مصر والجيش البري والبحري" تناول أحداثا حربية قل من يعرفها لعدم الاهتمام بها ، مثل مشاركة مصر في الحملة العسكرية التي أرسلها نابليون الثالث إلى المكسيك ، وذلك في عهد محمد علي والخديوي إسماعيل ، وقد أبلت هذه الكتيبة المصرية بلاء حسنا، وفقدت نحو ثلث رجالها هناك في عهد محمد علي كتابا بعنوان ، وقد سجل عمر طوسون بطولات هذه الكتيبة في كتابه "الأورطة السودانية المصرية في حرب المكسيك" ، 8 - يوم 11 يوليه عام 1882. ، 9 - البعثات العلمية في عهد محمد علي ثم في عهدي عباس الأول وسعيد. ، 10 - الأطلس التاريخي الجغرافي لمصر السفلى منذ الفتح الإسلامي إلى الآن 11 - خرائط حائط ، 12 - وادي النطرون ورهبانه وأديرته ومختصر تاريخ البطاركة ، 13 - المسألة السودانية ، 14 - الجيش المصري في الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم ، 15 - تاريخ مديرية خط الاستواء المصرية من فتحها إلى ضياعها ، 16 - تاريخ خليج الإسكندرية وترعة المحمودية ، 17 - مذكرة عما صدر منا منذ فجر الحركة الوطنية المصرية ، 18 - مذكرة حول التشريع لتنظيم الوقف ، 19 - محاربة الجنود المصرية النظامية للدروز في حوران ، 20 - أراضي الدومين والدائرة السنية ، 21 - الحرب السودانية الثانية ، 22 - الجنود المصرية في حرب القرم كما تناول تاريخ الجيش المصري الذي اشترك مع الدولة العثمانية في حرب القرم في كتابه "الجيش المصري في الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم" ، 23 - الأورطة السودانية المصرية في حرب المكسيك. 24 - الحملة المصرية في البوسنة ، 25 - ثورة العسير ، 26 - مذكرة عن تاريخ النيل - 22 صورة ، 27 - جغرافية مصر (مذكرتان) ، 28 - مصر السفلى كما ورد تاريخها في الروك الناصري ، 29 - مذكرة عن الصحاري المصرية ، 30 - نهاية المماليك ، 31 - الآثار المغمورة بالماء في "أبو قير" ، 32 - رحلة الإسكندر إلى واحة جوبيتر آمون ، 33 - الصحراء الليبية - سليا وأديرتها ، 34 - وصف منارة الإسكندرية كما أورده مؤلف عربي في القرن الثاني عشر ، 35 - صعود إلى قمة عمود بومبي ، 36 - جغرافية مصر في العهد العربي ، 37 - خرائط موقعة حمص ، 38 - خرائط موقعة بيلان ، 39 - خرائط موقعة قونيه ، 40 - قصر القطاجي ، 41 - طوابي الإسكندرية وضواحيها ، 42 - الفتح الإسلامي لسيوة سنة 1820 م ، 43 - خرائط موقعة نزيب ، 44 - مذكرة مسألة السودان ، 45 - الإسكندرية عام 1868م ، 46 - ضحايا مصر في السودان وخفايا السياسة الإنجليزية ، 47 - فتح دارفور ، 48 - تحقيقات عن البلدان المصرية الواردة في الباب الثالث من كتاب قوانين الدواوين لابن مماتي الذي طبعته الجمعية الزراعية الملكية عام 1944 "لم تطبع" ، 49 - تحقيقات جغرافية عن بعض بلاد الجزيرة العربية أيام حروب إبراهيم باشا في بلاد العرب "لم تطبع" ، 50 - مذكرة عن أعمال لجنة تربية المواشي ، 51 - تقرير عن لجنة تربية المواشي ، 52 - تقرير عن سير أعمال لجنة تربية المواشي ، 53 قلة نظافة القطن العفيفي ، 54 - تحقيق في زراعة الدخان بمصر ، 54 - مذكرة عن فروع النيل القديمة - ركز على مصر ونهر النيل فيما كتب ، ومن مؤلفاته في هذا المجال كتاب ضخم بعنوان "مذكرة عن تاريخ النيل" تناول فيه منابعه ومجراه وأفرعه وفيضانه ، واستعرض فيه آراء المؤلفين القدماء والمحدثين ، وكتاب "جغرافية مصر في العصر العربي" وصف فيه الأدوار المختلفة التي مرت بها جغرافية مصر من الفتح الإسلامي حتى الفتح العثماني ، مدعما أسانيده بما ذكره جغرافيو العرب ومقارنا بينهم ،55 - فتح مصر لابن عبد الحكم ، 56 - الإسكندر المقدوني وقبر النبي دانيال ، 57 - لقب الخديوي ولقب عزيز مصر ، 58 - موقعة أبي قير البحرية ، 59 - مقتبسات من تاريخ مديرية خط الاستواء ، 60 - صفحة من تاريخ مصر في عهد محمد علي ، 61 - صفحة من تاريخ الجيش المصري في حرب القرم ، 62 - حرب جزيرة العرب ، 63 - حرب اليونان سنة 1823 – 1828م ، 64 - حرب سوريا الأولى سنة 1832م ، 65 - تمرد فلسطين سنة 1834م .
وفاته : توفي الأمير عمر طوسون يوم الأربعاء ( 30 من محرم 1363هـ - 26 من يناير 1944م ) ، وكانت وصيته ألا تقام له جنازة ، ونفذ له الملك فاروق وصيته ، مقتصرا على تشييع الجثمان الذي شارك فيه الوزراء والأمراء وكبار رجال الدولة . وقبل وفاته بأكثر من عشر سنوات كتب وصية تخص مكتبته العامرة ، وكان تضم نحو ثمانية آلاف مجلد من نفائس الكتب والمخطوطات والصور والخرائط ، والتي يندر أن تجتمع عند أحد ، وقد أوصى أن تهدى هذه المكتبة إلى المتحف الحربي والمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية ومكتبة بلدية الإسكندرية . |
|
حفيده يطالب بأسترداد املاك جده المصادرة :
فى 20 /10 / 1998 م طالب حفيد عمر طوسون ووريثه الوحيد عزيز محمد عمر طوسون باسترداد ممتلكات وقصور جده ومقتنياته الأثرية النادرة ، والغاء قرار لجان المصادرة بمصادرتها عام 1953م طعن فى الدعوى القضائية في قرار المصادرة لتناقضه مع موقف ثورة 23 يوليو 1952 تجاه الأمير عمر طوسون واعترافها بوطنيته ودوره المشهود في النضال ضد الاحتلال البريطاني ، ودعم الحركة الوطنية المصرية ، والدفاع عن وحدة وادي النيل ، واثرائه المكتبة العربية بكتاب نادر عن نهر النيل ، وتستشهد الدعوى القضائية لاسترداد ممتلكات الأمير عمر طوسون بموقف مجلس قيادة الثورة وعدم ادراج اسم طوسون ضمن قائمة افراد أسرة محمد علي المصادرة ممتلكاتهم المنهوبة من الشعب المصري حيث اقتصرت القائمة على أبناء وأحفاد الخديوي اسماعيل ومن بعده الملك فؤاد ونجله الملك فاروق ، ويؤكد الدكتور الغتيت في مذكرته ان صغار موظفي لجنة المصادرة بالاسكندرية انتزعوا أمراً شفويا من وزير العدل آنذاك بضم اسم عمر طوسون الى قوائم المصادرات مخالفين بذلك قرار مجلس قيادة الثورة ، وتقاضي الدعوى المرفوعة من حفيد عمر طوسون كلاً من رئيس الوزراء المصري الدكتور كمال الجنزوري ووزراء العدل والمالية والأوقاف والثقافة ورئيسي جامعتي القاهرة والاسكندرية ، ويطالب عزيز حفيد عمر طوسون الحكومة المصرية توفير مقر اقامة له بالاسكندرية وسيارة خاصة وراتب شهري لايقل عن ألفي جنيه لمصروفات اقامته .
وعزيز طوسون يتكلم العربية بطلاقة كأنه لم يغادر مصر اطلاقا .. رغم مغادرته لها مع باقي أفراد أسرته عام 1958 م وكان عمره سبعة أعوام ، حيث ولد بالاسكندرية عام 1951 م وتوزعت أسرته بعد اسقاط الجنسية المصرية عنهم الى باريس وجنيف ، ورفضوا عروضا أوروبية وعربية يمنح جنسية أخرى ، ومات سعيد طوسون والد عزيز عام 1991 م ودفن في باريس .. وكان أمله كما يقول ابنه استعادة جنسيته المصرية وعزيز وحده الذي تمكن من الحصول عليها بعد مقابلة له مع الرئيس المصري السابق أنور السادات في باريس ، وبلهجة مصرية طليقة قال عزيز في اتصال هاتفي مع (البيان) ليس المهم في القضية الشق المادي ، بل الجانب التاريخي والقيمة المعنوية ، ويضيف ان جده الأمير عمر طوسون طبقا لقرار لجنة المصادرة واحد من الذين نهبوا أموال الشعب المصري ، وأحد الذين أفسدوا الحياة السياسية في مصر أيام الملك فاروق ، وللحقيقة والتاريخ أحرص على تصحيح هذا الخطأ لأن جدي كان مصريا ووطنيا في المقام الأول ، ما هي الحقيقة فيما يتعلق بالجانب الوطني الذي يراه كرد اعتبار لجده .
(1) الأهرام 3/10/2006 م السنة 131 العدد 43765 عن مقالة بعنوان " عمر طوسون يبحث عن أديرته! " بقلم : د. عمرو عبدالسميع .
(2) ويكيبيديا الموسوعة الحرة - صفحة عمر طوسون .
الامير عمر طوسون |
غلاف كتاب الجيش المصرى فى الحرب الروسية للامير عمر طوسون |
غلاف كتاب مالية مصر للامير عمر طوسون |