Search - للبحث فى مقالات الموقع

Sunday, December 12, 2010

حملة الفقراء و ما تبعها من الحملات الصليبيه الغاشمه والمذابح للمسلمين ونهايه مخريه للغزاه الصليبين مهزومين مدحورين ونصر من الله الى جند الله من مصر


الاول مرة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية منذ تأسيسها وحتى الآن يطلب رئيسها البابا يوحنا بولس الثاني الصفح عن الأخطاء التي ارتكبتها وقال (نطلب الصفح عن الانقسامات في صفوف المسيحيين واستخدام العنف الذي لجأ إليه بعض المسيحيين لخدمة الحقيقة والسلوك العدواني الذي اعتمد إزاء اتباع الديانات الأخرى في الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش ضد المنشقين).. وتابع قائلاً (عن الدور الذي لعبه كل منا، وعن سلوكنا وعن الأعمال التي أدت إلى تشويه صورة الكنيسة نطلب الصفح بكل تواضع).. وأضاف (نحن نصفح ونطلب الصفح)...
واعلن البابا في كلامه بمناسبة (يوم الغفران) للعام 2000 (كم مرة تجاهل المسيحيون الجائعين والعطشى والفقراء والعاجزين عن الدفاع عن أنفسهم).. واوضح البابا أن هدفه من الصفح هو (تطهير الذاكرة من تاريخ حزين من الكراهية والمنافسة)...
وقد قام خمسة كرادلة واسقفان بالاعتذار نيابة عن الكنيسة الكاثوليكية فقد اعترف الكاردينال الفرنسي (روجية اشيغاراي) بالأخطاء التي (خرقت وحدة المسيحيين) وأعرب عن أمله بان (يمهد الله الطريق أمام المصالحة).
واقر رئيس الأساقفة الياباني (ستيفن فوميوهاماو) بالأخطاء التي ارتكبتها الكنيسة (ضد الحب والسلام وحقوق الشعوب واحترام الثقافات والديانات).. وأشار البابا إلى حقبتي الاستعمار واولى بعثات التبشير حين (تنكر المسيحيون للانجيل)..
أما كاردينال النيجر فرانسيس ارينزي فقد تحدث عن الأخطاء التي (مست كرامة المرأة ووحدة الجنس البشري).. واعترف رئيس الأساقفة الفيتنامي فرانسوا كزافيية تغوين (بالأخطاء التي ارتكبت في مجال الحقوق الأساسية للإنسان)..
أما الكاردينال الألماني جوزف راتزينغر فقد دعا البابا والكهنة إلى الاعتراف (بالأخطاء التي ارتكبت باسم الحقيقة وباساليب بعيدة عن الاناجيل).. في إشارة إلى الحملات الصليبية وحقبة المحاكم الدينية.. فرد البابا طالباً بقوة صفح الله عن كون المسيحيين (متعارضين ومنقسمين) وعن قرارات (تبادل القاء الجرم)...
منذ الحملة الصليبية الأولى وحتى الوقت الحاضر ولفترة تمتد لأكثر من تسعة قرون لم تقدم الكنيسة الكاثوليكية على ما أقدمت عليه ممثلة بالبابا لطلب الصفح عن أخطاءها وخطاياها بحق المسيحيين أنفسهم وبحق اتباع الديانات والثقافات الأخرى.. إن الهدف كما يقول البابا هو التطهير وغسل الأرواح من ذنوبها التي ترزح تحتها ومن الكراهية التي سكنت النفوس ولا زالت والتي أدت على مدى تلك القرون إلى انهار من الدماء والخراب والمآسي والتي يطلب البابا بتواضع الصفح عنها..
قراءة هذا الطلب يحتاج منا العودة للوراء لمتابعة تلك الحروب التي حملت جحافلها صليب المسيح في مقدمة زحفها ليكون زحفاً مقدساً ومباركاً باسم الرب...
نشاهد في تاريخ المسيحية ومنذ أوائل عهودها خلافات مذهبية عميقة جداً كان لها آثارها الخطيرة إن على مستوى تاريخ أوربا أو مستوى الشرق.. واهم مشاكل الخلاف هي طبيعة عقيدة التثليث والعلاقة بين الاقانيم الثلاثة (الأب ـ الابن ـ روح القدس).. واستفحلت تلك المشكلة حين حدث خلاف حاد بين اثنين من رجال الكنيسة في الإسكندرية وهما (اريوس) و(اثناسيوس).. حيث قال اريوس: أن المسيح مخلوق لاله عظيم وحيد متفرد بطاقاته وصفاته، وإذا لم يكن الحال كذلك فإن المسيحيين يكونون غير مؤمنين بعقيدة التوحيد ويعبدون اكثر من اله..
أما (اثناسيوس) فقد قال: أن فكرة الثالوث المقدس تقضي أن يكون الابن مساوياً للأب ومن نفس العنصر تماماً ودونما خلاف في القدرة والمكانة رغم تميزهما عن بعضهما...
وقد حققت مقولات اثناسيوس مع الأيام تقدماً ملحوظاً على حساب الأفكار التي طرحها (اريوس) من خلال ما دخل إلى العقيدة المسيحية من تقديس للشهداء والقديسين وبقاياهم التي ادت إلى عبادة المخلفات المقدسة والصور حيث حدث إقبال شديد على اقتناء ما سمي (بالايقونات) سواء من قبل الكنائس أو الأفراد.. وما رافق ذلك من أحاديث عن شفاء الأمراض وحل المعضلات وجلب السعادة وطرد التعاسة.. وأدى ذلك إلى إقبال الناس على الإكثار من زيارة الآثار المقدسة للتبرك وتطورت تلك العادة حيث صار الأفراد يسافرون من مكان إلى آخر لزيارة الكنائس والأديرة والآثار وقبور القديسين ومشاهدهم الحاوية لتلك الآثار..
وحيث أن أرض ميلاد المسيح تضم أهم الآثار من حيث مكانتها وقدسيتها فقد اخذ البعض يسافر نحو فلسطين.. وبهذا جاءت إلى الوجود عقيدة جديدة دخلت إلى أركان الديانة المسيحية وهي عقيدة الحج..
وقد حمل الحجاج معهم أثناء عودتهم إلى ديارهم صوراً ومعلومات وافية عن أحوال الشام والمشرق العربي من كافة النواحي مع 
المبالغة في تصوير أحوال الرفاهية التي ينعم بها الآخرون وتوفر الثروات وكثرتها لديهم.





اقام باباوات الكنيسة في بادئ الأمر مجمعاً سموه (بالاساس) شارك فيه فئتان من علماء وبطارقة المسيحيين وثلاثون ألفا من الإشراف أو الخيّالة العسكرية.. وتحدث في هذا الجمع الراهب (بيرار ميت) الذي كان يحمل الصليب في يده ويطوف في أوربا مدينة مدينة محرضاً الناس على حرب المسلمين..
أما القرارات التي أصدرها المجمع الكنسي الذي عقد في (كليرمونت) في العام 1095 فقد لخصت المشروع الذي قدمه البابا اوربان الثاني ودعى فيه إلى قيام الحملة الصليبية الأولى على النحو التالي (أن كل من يرحل إلى بيت المقدس بدافع التقوى والورع وبهدف تحرير كنيسة الرب وليس بغية الحصول على المجد أو المال فانه يستطيع بهذه الرحلة أن يكفر عن ذنوبه وآثامه كافة)..
وقال: لا يجوز لكل رجل يسعى في خلاص روحه أن يتوانى عن سلوك طريق الرب بكل خشوع وإن احتاج إلى المال فالعناية الربانية ستسعفه.. وأضاف في بيانه قائلاً: أيها الإخوان عليكم أن تتحملوا كثيراً من المشقة والفقر والعذاب من اجل اسم المسيح وتعانوا العري والاضطهاد والمذلة والمرض والجوع والعطش وما شاكل هذا من صنوف الشرور كما قال الرب لحوارييه (سأريكم كم ينبغي أن تتألموا من اجل اسمي.. وقوله (إني أنا أعطيكم فماً وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها).. أو كما قال أيضاً (إنكم ستأخذون ميراثاً عظيماً)..
إن المشروع الأصلي للحرب الصليبية كما تخيله البابا اوربان الثاني في ذهنه كان يتلخص في إرسال فرقة عسكرية من الفرسان الأوربيين لمساعدة الإمبراطور البيزنطي (الكسيوس) في صراعه ضد الأتراك السلاجقة في أسيا الصغرى قبل الزحف إلى الأراضي المقدسة.. ولذلك فأن دعوة البابا اوربان الثاني كانت موجهة بشكل مباشر إلى طبقة الفرسان في وطنه فرنسا، لا سيما أن هذا البلد كان يتميز بضعف السلطة المركزية فيه وانعدام القانون في أرجائه انعداماً مزمناً نتيجة أعمال أولئك الفرسان وممارساتهم، وبذلك ربما كانت الحرب المخرج الوحيد لنقل أعمال العنف هذه من تلك البلاد إلى مكان أخر واعطاء الفرسان الأوربيين في الوقت نفسه فرصة للخلاص أيضاً.. ولقد استجاب هؤلاء الفرسان وبأعداد كبيرة لنداء البابا اوربان الثاني وشكلوا العمود الفقري للجيش الصليبي.




التسمية
سمي الصليبييون في النصوص العربية بالفرنجة أو الافرنج و سميت الحملات الصليبية بحروب الفرنجة اما في الغرب فقد سمي الصلييون بتسميات متعددة كمؤمني القديس بطرس او جنود المسيح ، ورأى من كان مندفعا بدافع الدين من الصليبيين انفسهم, على انهم حجاج ، واستخدم اسم "الحجاج المسلحين" لوصفهم في اشارة الى ان الحجيج لا يحمل السلاح في العادة .وكان الصليبيون ينذرون او يقسمون ان يصلوا الى القدس ويحصلوا على صليب من قماش يخاط الى ملابسهم ، واصبح اخذ هذا الصليب إشارة الى مجمل الرحلة التي يقوم بها كل صليبي .
وفي العصور الوسطى كان يشار الى هذه الحروب عند الاوروبيين بمصطلحات تقابل الترحال والطواف والتجوب والطريق الى الارض المقدسة  وظهر مصطلح "الحرب الصليبية" او "الحملة الصليبية" على ما يبدو اول ما ظهر في بحث لمؤرخ بلاط لويس التاسع عشر ، لويس ممبور سنة 1675.
السياق التاريخي
جاءت بداية الحروب الصليبية في فترة كانت فيها اوروبا قد تنصرت بالكامل تقريبا بعد اعتناق الفايكينج والسلاف والمجر للمسيحية .فكانت طبقة المحاربين الاوروبيين قد اصبحوا بلا عدو لقتاله ، فاصبحوا ينشرون الرعب بين السكان ، وتحولوا الى السرقة وقطع الطرق والقتال في ما بينهم ، فكان من الكنيسة ان حاولت التخفيف بمنع ذلك ضد جماعات معينة في فترات معينة من اجل السيطرة على حالة الفوضى القائمة .وفي ذات الوقت افسح المجال للاوربيين للاهتمام بموضوع الارض المقدسة التي سيطر عليها المسلمون منذ عدة قرون ولم يتسن للاوربيين الالتفات لها لانشغالهم بالحروب ضد غير المسيحيين من الفايكنج والمجريين الذين كانوا يشكلون المشكلة الاقرب جغرافيا سابقا ، وكذلك بدأت الكنيسة تلعب دورا في الحرب الاستردادية في اسبانيا ، حيث قام البابا الكسندر الثاني عام 1063 بمباركة المحاربين الذاهبين الى الاندلس ، الامر الذي لعب دورا كبيرا في تكوين فكرة الحرب المقدسة.
كذلك كانت جذور الفكرة الصليبية قد بدأت بالظهور عندما بدا ان المسلمين يضطهدون المسيحيين في الديار المقدسة عندما هدمت احدى الكنائس في القدس ، وان كان قد اعيد بناؤها فيما بعد. وفي هذه الظروف التاريخية ، كان شن حروب الى ما وراء البحار باسم هداية الناس الى الطريق الصحيح والدفاع عن الاخوة في الارض المقدسة فكرة لاقت ترحيبا في صفوف الاوروبيين.
دوافع الحروب الصليبية
الدوافع الدينية
كانت دعوة الباباوية للحروب الصليبية التي بدأها البابا اوربان الثاني في نوفمبر 1095 بعقده مجمعا لرجال الدين في مدينة كليرمون فران الفرنسية ، وكان الكثير من الحملات قد بررت بتطبيق "ارادة الرب" عن طريق الحج الى الارض المقدسة للتكفير عن الخطايا ، وكانت الدعوات تروي عن اضطهاد الحكم الاسلامي للمسيحيين في الارض المقدسة وتدعو الى تحريرهم ، وتراجعت هذه الدوافع الدينية مع مرور الوقت لتصل الى حد تدمير مدينة القسطنطينية المسيحية الشرقية في الحملة الصليبية الأولى و الرابعة على أيدي الصليبيين أنفسهم .
الدوافع الاجتماعية
كان قانون الارث المطبق في اوروبا ينص على ان يرث الابن الاكبر عقارات والده وعبيده بعد موته ، وتوزع المنقولات بين ابنائه ، وبسبب هذا القانون نشأت طبقة من النبلاء او الاسياد الذين لم يكونوا يملكون اقطاعيات ، فشاعت بينهم القاب مثل "بلا ارض" و"المعدم" دلالة على عدم ملكيتهم لقطعة ارض ، ورأى الكثير من هؤلاء فرصتهم في الحملات الصليبية للحصول على اراض في الشرق ، ورأى آخرون فيها فرصة لتوسيع املاكهم بضم املاك جديدة ، كما كان الفقراء يجدون فيها فرصة لحياة جديدة افضل ووسيلة تخرجهم من حياة العبودية التي كانوا يعيشونها في ظل نظام الاقطاع السائد في ذلك الوقت.
العلاقة مع الإسلام
كانت العلاقات الخارجية لاوروبا مع المد الإسلامي لا تبعث على الطمأنينة .فالمسلمون الذين كانوا قد قاتلوا البيزنطيين منذ القرن السابع الميلادي قد وصلوا الى جبال البيرينية في شمال اسبانيا وجنوب فرنسا بعد ان سيطروا على شمال افريقيا ، فكانت المناطق الاوروبية المتاخمة لحدود دولة الأندلس الاسلامية بشبه جزيرة إيبيريا وجزيرة صقلية تشعر بتهديد السيطرة الإسلامية عليها مما ساهم في تجنيد الاوروبيين بدافع الحماية والدفاع عن مناطقهم.
التوترات بين روما والقسطنطينة
رأت البابوية في السيطرة على الارض المقدسة دعما كبيرا لنفوذها ، كما رأت ايضا ، في السيطرة على الكنيسة الشرقية بالقسطنطينية وسيلة لاعادة توحيد الكنيسة تحت ظلال البابوية ، ولعبت العوامل الاقتصادية والتنافسية دورا بدا واضحا في الحملة الصليبية الرابعة. مما أدي الى التضاؤل المستمر في دفاع الصليبيين عن الامبراطورية البيزنطية.

حملة الفقراء هي حملة سبقت الحملة الصليبية العسكرية الأولى وتعتبر جزءا من الحملة الصليبية الأولى ، دامت حوالي ستة أشهر من إبريل 1096 إلى أكتوبر من ذات العام. عرفت أيضا بإسم حملة الشعب أو حملة الأقنان.

خطط البابا أوربان الثاني إنطلاق الحملة في 15 أغسطس 1096، ولكن قبل ذلك بشهور ، قامت جيوش من الأقنان والفرسان المعدمين وبشكل غير متوقع أو غير مخطط بتنظيم حملة إلى الأرض المقدسة ، وانطلقوا إلى القدس بمفردهم. وكان الأقنان إبتلوا بالجفاف والمجاعة والطاعون لسنوات قبل 1096، ويبدوا ان بعضهم رأى في الحملة الصليبية مهربا من واقعهم المرير. دفعهم عدد من المصادفات والأحداث السماوية (الفلكية) في بداية 1095 والتي بدت وكأنها مباركة إلهية للتحرك. إنهمار للنيازك ، ظهور شفق، خسوف للقمر، وظهورمذنب، بالإضافة إلى أحداث اخرى. كما أن إنتشار "الشقران" (مرض يصيب الحبوب) ، والذي كان يؤدي عادة إلى حصول هجرات جماعية، ظهر قبل إجتماع مجمع كليرمونت. كما أن الإعتقاد بقرب نهاية العالم كان منتشرا في بدايات القرن الحادي عشر للميلاد،إزدادت شعبيته. وكان صدى دعوة البابا فوق كل التوقعات: ففي حين أن أوربان ربما كان يتوقع بضع آلاف من الفرسان، إنتهى به الأمر بهجرة جماعية قد تصل إلى 100,000 معظم من فيها من المقاتلين الغير متمرسين ، وبينهم نساء وأطفال.
راهب ذو شخصية مؤثرة (كارازماتي) ومتحدث مفوه إسمه بطرس الناسك من أمينس، كان القائد الروحي لهذه الحركة. عرف أيضا بركوبه لحمار ولبسه لبسيط اللباس. كان قد وعظ بنشاط لأجل الحملة في شمال فرنسا وبلاد الفلانديرز. وإدعى انه عيّن من قبل المسيح ذاته (وأنه كان لديه رسالة إلهية لإثبات ذلك) ، ومن الجائز ان يكون بعض من أتباعه إعتقدوا أنه هو ، لا البابا أوربان، هو الداعي الحقيقي للحملة إلى الأرض المقدسة. ومن شائع الإعتقاد ان جيش بطرس كان فرقة الرهبان الجهلة والغير كفؤين والذين لم يكن لديهم أدنى فكرة إلى أين سيذهبون، والذين إعتقدوا ان كل مدينة صغيرة أو كبيرة سيطروا عليها في طريقهم أثناء الحملة هي القدس ، وقد يكون هذا الإعتقاد صحيحا إلى حد ما ، ولكن التقليد الطويل بالحج إلى الديار المقدسة والقدس جعل من موقع وبعد المدينة المقدسة معروفا جيدا. وبالرغم من أن الإغلبية كانوا من المقاتلين الغير متمرسين. كان هناك قلة من فرسان جيدي التدريب يقودونهم. مثل الفارس الذي سيصبح لاحقا مؤرخا ، و المعروف ايضا بوالتر المعدم، والذي ، كما يدل إسمه، كان فارسا فقيرا بلا أطيان أو أتباع، ولكنه كان متمرسا في القتال.

والتر والفرنسيون

جمع بطرس جيشه في كولونيا في 12 ابريل 1096، وكان يخطط التوقف هناك والوعظ في الألمان وجمع المزيد من الصليبيين. ولكن الفرنسيين لم يكونوا مستعدين لإنتظار بطرس والألمان ، وتحت قيادة والتر سانس أفور غادر بضعة آلاف من الصليبيين قبل بطرس ، ووصلوا إلى هنغاريا في 8 مايو، فعبروا هنغاريا دون حوادث ووصلوا نهر ساف على الحدود البيزنطية عند بيلغراد، تفاجأ آمر بلغراد بالجموع ، وكونه ليس لديه تعليمات بما عليه أن يفعل ، رفض فتح إدخالهم للمدينة. مما أجبر الصليبيين على نهب الريف من أجل ان يعتاشوا. أدى ذلك إلى مناوشات مع حامية بلغراد ، ومما زاد الأمر سوءا ، ان ستة عشر رجلا من رجال والتر حاولوا نهب سوق في سيملين ، على الناحية الأخرى من النهر في هنغاريا ، فتم تجريدهم من دروعهم وثيابهم وعلقت على جدران القلعة. أخيرا تم السماح للصليبيين بإستكمال طريقهم إلى النيش ، حيث تم إمدادهم بالطعام وظلوا ينتظرون أخبارا من القسطنطينية تسمح بمرورهم. وبنهاية يوليو ، وصلت الجيوش إلى القسطنطينة بمرافقة بيزنطية.

من كولونيا إلى القسطنطينية

بقي بطرس وبقية الصليبيين في كولونيا حتى 20 ابريل، فخرج معه حوالي 20,000 ، وتبعتهم مجموعة أخرى بعدها بفترة قصيرة. ولما وصلوا الدانوب، قرر البعض إستكمال الطريق بالقوارب نزولا مع الدانوب ، بينما قرر السواد الأعظم إستكمال الرحلة على ضفاف الدانوب ودخلوا هنغاريا عند دينبورغ المعروفة اليوم بإسم سوبورون. وهناك إستكملوا الرحلة عبر هنغاريا وعادوا لينضموا إلى من سلكوا الدانوب عند سملين على الحدود البيزنطية.
في سيملين، أصبح الصليبيون متشككين، لما رأوا البذات الستة عشر معلقة على أسوار القلعة. وبعدها ، أدى خلاف على سعر زوج من الأحذية في السوق إلى الإضطرابات. والتي تحولت إلى هجوم كامل على المدينة من قبل الصليبيين (الأمر الذي كان ضد رغبات بطرس على الأغلب)، حيث قتل 4,000 هنغاري. هرب بعدها الصليبييون عبر نهر ساف إلى بلغاريا، ولكن ليس قبل مناوشات مع القوات البلغارية. وهرب سكان بلغراد، ونهب الصليبييون المدينة وأحرقوها. وأستكملوا بعدها المسير لسبعة أيام وصولا إلى نيش في 3 يوليو. هناك وعد الآمر بتوفير مرافقة لجيش بطرس إلى القسطنطينية كما وعد بتوفير الطعام، بشرط ان ترحل الجموع فورا. وافق بطرس، وأنطلق في اليوم التالي. ولكن بعض الألمان دخلوا في خلاف مع السكان المحليين على طول الطريق، وأحرقوا طاحونة، الأمر الذي خرج عن سيطرة بطرس حتى ان نيش أخرجت كامل حاميتها ضد الصليبيين. أصبح الصليبييون محاصرين بالكامل وخسروا حوالي ثلث قواتهم؛ اما البقية فأعادوا لملمة صفوفهم لاحقا عند بيلا بالانكا. ولدى وصولهم صوفيا في 12 يوليو. إلتقوا بالمرافقة البيزنطية ، والتي أوصلتهم بسلام إلى القسطنطينية بحلول بداية أغسطس.

تفتت القيادة

قام الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس الأول كومنينوس ، غير عارف ماذا يمكنه ان يفعل بجيش غير عادي وغير متوقع كالذي وصله، قام بنقلهم بسرعة عبر البوسفور ب6 أغسطس. وهنا يطفو خلاف تأريخي قديم ، فهل أرسلهم عبر البوسفور بلا أدلة بيزنطيين عارفا تماما بأنهم قد يذبحوا عن بكرة ابيهم على يد السلاجقة الأتراك، او انهم أصروا على إستكمال طريقم عبر آسيا بالرغم من تحذيراته.في كلا الحالتين ، فإنه من المعروف ان الكسيوس كان قد حذر بطرس من الإلتحام مع القوات السلجوقية، والتي إعتقد بتفوقها على جيش بطرس الرث والتهريجي، ونصحه بإنتظار القوات الصليبية الأساسية التي كانت لا تزال في الطريق.
عادت وإنضمت إلى قوات بطرس المجموعة الفرنسية بقيادة والتر سانس آفور ومجموعة من فرق الصليبيين الإيطالية التي وصلت في ذات الوقت ، وبمجرد وصولهم إلى آسيا عبر البوسفور ، بدأوا ينهبون المدن ووصلوا إلى خليج نيقوميديا على بعد زهاء 35 كم إلى الشمال الغربي من مدينة نيقية، وهناك نشب خلاف بين الألمان والإيطاليين من جهة والفرنسيين من جهة اخرى . فأنقسمت القوات واختار الالمان والإيطاليون قائدا جديدا إسمه راينلد ، بينما تولى جيوفري بوريل زمام الأمور لدى القوات الفرنسية، وبات من الجلي أن بطرس الناسك فقد السيطرة على الحملة.
بالرغم من ان ألكسيوس دعى بطرس ان ينتظر الجيش الرئيسي ، إلا ان بطرس قد خسر الكثير من سلطته والصليبيون بدأوا يتدافعون. مهاجمين أكثر فأكثر المدن القريبية، حتى وصل الفرنسيون حدود نيقية، عاصمة للقوة التركية، حيث نهبوا الضواحي، اما الألمان، وكي لا تفوتهم الفرص، تحركوا بستة آلاف صليبي إلى زيريغوردون وإحتلوا المدينة لإستخدامها كقاعدة للهجوم على الأرياف المجاورة. وردا على ذلك ، أرسل الأتراك جيشا كبيرا إلى زيريغوردون وسيطروا في 29 سبتمبر على مصدر المياه الوحيد هناك، والواقع خارج أسوار المدينة ، الامر الذي لم يتنبه إليه الألمان. وبعد ثمانية أيام من شرب دماء الحمير وبولهم ، اجبر الصليبييون على الإستسلام. فقتل من ظل على مسيحيته بينما بيع البقية ممن تحولوا كعبيد.

الأزمة


في المخيم الرئيسي، نشر الجواسيس الأتراك إشاعة ان الألمان الذين سيطروا على زيريغوردون قد سيطروا أيضا على نيقية، الأمر الذي أدى إلى تحمس الصليبيين ان يصلوا إلى هناك بالسرعة الممكنة كي لا يفوتوا نصيبهم من الغنائم، وبالطبع نصب الأتراك كمائن على الطريق إلى نيقيا. وعندما وصلت الأخبار الحقيقية بشأن ما حصل في زيريغوردون للصليبيين. تحول الحماس إلى هلع. كان بطرس وهيرمت قد عادوا إلى القسطنطينية لترتيب شؤون الإمدادات وكانوا من المفترض عودتهم قريبا، ومعظم القادة فضلوا إنتظار عودتهم (وهو لم يعد أبدا في الواقع). عل كل ، غوفري بوريل، الذي كان لديه شعبية واسعة بين الجموع، قال بأنه من الجبن الإنتظار، وان عليهم التحرك ضد الأتراك في الحال. وكان له ما أراد: ففي صباح 21 اكتوبر تحرك كامل الجيش ب20,000 مقاتل بإتجاه نيقية، تاركين النساء والأطفال والعجائز والمرضى خلفهم في المخيم.
على بعد ثلاثة أميال من المخيم ، حيث أصبح الطريق ضيقا، في وادي مشجر قرب قرية دراكون، كان الكمين التركي منتظرا. فإنتشر الهلع فورا، وخلال دقائق، اصبحت القوات محاطة وتتحرك عائدة إلى المخيم. هزم جل الصليبيين؛ الأطفال والذين إستسلموا لم يقتلوا، ولكن آلاف من الجنود الذين حاولوا القتال سحقوا. نجح ثلاثة آلاف من بينهم جيوفري بوريل بالفرار إلى قلعة مهجورة. وبالنهاية أبحر البيزنطيون إلى الصليبيين ورفعوا الحصار؛ عادت هذه الآلاف القليلية إلى القسطنطينية ، وكانوا الناجين الوحيدين من المشاركين بحملة الفقراء الصليبي.

الحملة الصليبية الأولى

الحملة الصليبية الأولى أطلقها البابا أوربان الثاني سنة 1095 لإعادة السيطرة المسيحية على المدينة المقدسة (القدس) وعموم الأرض المقدسة من يد المسلمين. وما بدأ كدعوة للمساعدة تحول بسرعة إلى هجرة جماعية وسيطرة وفتح لمناطق خارج أوروبا. وإرتحل العديد من الفرسان والأقنان بغير كثير من الإدارة المركزية عبر البر والبحر من مناطق غرب أوروبا بإتجاه القدس وسيطروا عليها عام 1099، مؤسسين مملكة القدس اللاتينة ودويلات صليبية أخرى. وبالرغم من أن تلك السيطرة دامت لأقل من قرنين، كانت الحملة الصليبية نقطة تحول رئيسية في توسع القوى الفربية، وكانت الحملة الصليبية الوحيدة - بعكس الحملات اللاحقة- التي حققت هدفها المعلن.

خلفية تاريخية

أصول الحملات الصليبية بشكل عام، والحملة الصليبية الأولى بشكل خاص، نشأت من أحداث سابقة في العصور الوسطى. تفتت حكم أسرة كارولينجيان للإمبراطورية الرومانية المقدسة في القرون السابقة، بالإضافة إلى الثبات النسبي لحدود أوروبا بعد تنصر الفالكنج والمجريون، خلق طبقة كاملة من المحاربين الذين لم يعد لديهم عمل سوى قتال بعضهم البعض وإرعاب الاقنان الفقراء.
كانت من المنافس لهذا العنف الحملات ضد غير المسيحيين. الريكونسيستا في إسبانيا كان إحدى هذه المنافس، والتي شغلت الفرسان الإسبان وبعض المرتزقة من مناطق أخرى من أوروبا في الحرب ضد الموريين(؟) وفي وسط البحر المتوسط كان النورمانيون يقاتلون للسيطرة على صقلية، بينما كانت بيزا وجنوا وأراجون كلها تهاجم بنشاط التحصينات في مالوركا وسردينيا، محررة شواطيءإيطاليا وإسبانيا من الهجمات الإسلامية.
بسبب هذه الحروب المستمرة، فإن فكرة الحرب ضد المسلمين لم تكن غريبة كليّة لأمم أوروبا. فالمسلمون إحتلوا مركز الكون المسيحي، القدس، والتي كانت تعتبر مع المناطق المحيطة بها تركة ضخمّة، المكان الذي ولد فيه المسيح ومات. في 1074 قام البابا جريجوري السابع بدعوة  أي "فرسان المسيح" للتوجه لمساعدة الإمبراطورية البيزنطية في الشرق. فالبيزنطيون عانوا من هزائم شديدة على يد السلاجقة الأتراك في معركة مانزيكرت قبل ذلك بثلاث سنوات. هذه الدعوة بالرغم من أنها أهملت بشكل واسع، إذا ما أضيفت إلى العدد الكبير من الحجاج الذين توجهوا إلى الأرض المقدسة في القرن الحادي عشر، جذبت الإنتباه كثيرا إلى الشرق. وكان البابا أوربن الثاني هو أول من أخرج فكرة الحملة الصليبية لتحرير الأرض المقدسة إلى العلن وإلى العامة بكلماته الشهيرة:  ("هذه إرادة الرب!")

الشرق في نهايات القرن الحادي عشر

كان جوار أوروبا الغربية المباشر جنوبا هو الإمبراطورية البيزنطية، والتي كانت مسيحية ولكنها كانت إتبعت نهجا أرثوذكسيا شرقيا مختلفا من زمن. وتحت حكم الإمبراطور الكسيوس الأول كومنينوس، كانت الإمبراطورية محصورة بين أوروبا والشواطئ الغربية للأناضول، وواجهت عداوة النورمان في الغرب والسلاجقة في الشرق. وبالإتجاه شرقا كانت الأناضول و سوريا وفلسطين ومصر كلها تحت الحكم الإسلامي، ولكنها كانت منقسمة سياسيا وإلى حد ما ثقافيا في زمن الحملة الصليبية الأولى، مما ساهم في نجاح تلك الحملة.
كانت كل من سوريا والأناضول تحت سيطرة السلاجقة السنة، والتي كانت إمبراطورية واحدة كبيرة، ولكن في تلك الفترة كانت منقسمة إلى دويلات أصغر. وكان ألب أرسلان قد هزم البيزنطيين في معركة ملاذكرد عام 1071 وضمّوا الكثير من الأناضول لمناطق السلاجقة، ولكن هذه الإمبراطورية إنقسمت بحرب أهلية بعد وفاة ملكشاه الأول سنة 1092. وفي دولة سلاجقة الروم في الأناضول، خلف قلج أرسلان ملكشاه، وفي سوريا خلفه تتش بن ألب أرسلان الذي توفي عام 1095. فورث أبناء تتش رضوان ودقاق حلب ودمشق على الترتيب، مقسمين سوريا إلى إمارات يعادي بعضها بعضا، كما تعادي كربغا أتابيك الموصل. وكانت هذه الدويلات أكثر إهتماما في الحفاظ على مناطقها وكسب مناطق جديدة من جيرانها أكثر من إهتمامها بالتعاون ضد الحملة الصليبية.
وفي مكان آخر تحت السيطرة الإسمية للسلاجقة كان الأرتقيون في شمال شرق سوريا وشمال بلاد ما بين النهرين. سيطروا على القدس حتى عام 1098. وفي شرق الاناضول وشمال سوريا كان هناك دولة أسسها الدنشمنديون، مرتزقة سلاجقة؛ لم يكن للصليبيين إتصال يذكر مع أي من المجموعتين إلى ما بعد الحملة. كما أصبح الحشاشون ذوي دور مهم في شؤون سوريا.

كانت مصر وأجزاء كبيرة من فلسطين تحت سيطرة الفاطميون الشيعة، الذين تقلصت مساحة دولتهم بشكل ملحوظ منذ وصول السلاجقة؛ نصح ألكسيوس الأول الصليبين بأن يتعاونوا مع الفاطميين ضد عدوهم المشترك متمثلا بالسلاجقة. أما الفاطميين، يحكمهم في ذلك الوقت الخليفة المستعلي (مع أن السلطة الحقيقية كانت بيد الوزيد الأفضل شاهنشاه)، خسرت القدس لمصلحة السلاجقة عام 1076، ولكن عادوا ليسطروا عليها من الأرتقيين عام 1098 حين كانت القوات الصليبية تتحرك. لم يعتبر الفاطميون في البدء الحملة الصليبية خطرا يهددهم، مفترضين أنهم أرسلوا من قبل البيزنطيين وأنهم سينشغلون بالسيطرة على سوريا، وأنهم لن يصلوا فلسطين؛ فلم يرسلوا أي جيوش لوقف الصليبيين حتى وصل الصليبييون فعلا إلى القدس.

التتابع الزمني لأحداث الحملة


إنعقاد مجمع كليرمون

في مارس 1095 أرسل ألكسيوس الأول مرسليه إلى مجمع بياسينزا ليطلب من أوربان المساعدة ضد الأتراك. تلقى البابا أوربان طلب الإمبراطور بكثير من الحفاوة، فكان يتمنى بأن يلتأم الشرخ بين الكنيستين الذي كان عمره 40 عاما، وأراد إعادة توحيد الكنيسة تحت السلطة البابوية كرئيس أساقفة العالم، وذلك بمساعدةالكنائس الشرقية لدى إستصراخها.
وفي مجمع كليرمون، الذي عقد في وسط فرنسا في نوفمبر 1095، ألقى أوربان خطبة مليئة بالعواطف لحشد كبير من النبلاء ورجا الدين الفرنسيين. فدعى الحضور إلى إنتزاع السيطرة على القدس من يد المسلمين. وقال إن فرنسا قد إكتظت بالبشر، وأن أرض كنعان تفيض حليبا وعسلا. وتحدث حول مشاكل العنف لدى النبلاء وأن الحل هو تحويل السيوف لخدمة الرب: "دعوا اللصوص يصبحون فرسانا." وتحدث عن العطايا في الأرض كما في السماء، بينما كان محو الخطايا مقدما لكل من قد يموت أثناء محاولة السيطرة. هاجت الحشود وهاجت بحماس قائلة:" ("هي إرادة الرب!").
خطبة أوربان هي واحدة من أهم الخطب في تاريخ أوروبا. وهناك العديد من نسخ الخطبة المختلفة، ولكن جميعا كتبت بعد السيطرة على القدس، ومن الصعب معرفة ما قيل فعلا وما تم إضافته بعد الاحداث ونجاج الحملة. ولكن من المؤكد أن ردة الفعل على الخطاب كان أكبر من المتوقع. ولبقية سنة 1095 ولعام 1096، نشر أوربان الرسالة في أنحاء فرنسا، وحث أساقفته وكهنته بأن يعظوا في أسقفياتهم في بقية مناطق فرنسا وألمانيا وإيطاليا أيضا. حاول اوربان منع أشخاص معينين (من ضمنهم النساء والرهبان والمرضى) من الإنضمام للحملة، ولكنه وجد ذلك شبه مستحيل. وفي النهاية كان السواد الأعضم من هؤلاء الذين إنضموا للحملة الصليبية من غير الفرسان، ولكن أقنان لم يكونوا اثرياء ولديهم قليل من المهارة في أساليب القتال، ولكن المعتقدات بأهمية أحداث الألفية والنبوءة وجدت منفذا أخرجت هؤلاء من إضطهاد حياتهم اليومية، في حميم من المشاعر الجديدة والتقوى الذاتية لم يكن من السهل السيطرة عليها من قبل الأرستقراطية والأرستقراطية الدينية


الحملات الرئيسية





وقائع الحملات الصليبية
يصعب الفصل بين الاحداث التي وقعت في فترة الحروب الصليبية . لكن المؤرخين يقسمون الحملات الصليبية الى الحملات التالية:
حملة الفقراء أو حملة الشعب
حملة قام بها الفقراء والاقنان وجمهور قليل من الفرسان ، حيث كان الوعد الكنسي بالخلاص والفوز بالغنائم سببا مقنعا لمغادرة حياتهم البائسة والتوجه الى تحرير القدس. وهذه الحملة قادها بطرس الناسك حتى وصولها إلى القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزطية. وكانت الجموع تندفع دون توقف ودون انتظار أوامر القيادة، خلفت وراءها خرابا ونهبا في المجروالصرب واليونان وآسيا الصغري، حتى سحقتهم قوات السلاجقة الأتراك في 21 أكتوبر عام 1096 م. وكان عدد الصليبيين 25 ألف رجل.
الحملة الأولى
الحرب الصليبية الاولى و الحرب الصليبية الثانية
تحركت في غشت عام 1096 من اللورين ،طوابير قادها غودفري دي بويون الرابع ، وانضم اليها اتباعه (اخوه الاكبر الكونت يفتسافي من بولون واخوه الاصغر بودوان من بولون ايضا ، كما انضم بودوان له بورغ ابن عم غودفري ، والكونت بودوان من اينو والكونت رينو من تول) على اثر الدعوة التي انطلقت لها حملة الفقراء ، مشت هذه الفصائل على طريق الراين-الدانوب التي سارت عليها قبلهم فصائل الفلاحين الفقراء. حتي وصلت القسطنطينية نهاية عام 1096 .
 
حصار انطاكية من طرف الصليبيين
واسفرت الحملة الاولى عن احتلال القدس عام 1099 وقيام مملكة القدس اللاتينية بالاضافة الى عدّة مناطق حكم صليبية اخرى ،كالرها(اديسا) وامارة انطاكية وطرابلس بالشام .
ولعبت الخلافات بين حكام المسلمين المحليين دورا كبيرا في الهزيمة التي تعرضوا لها ، كالخلافات بين الفاطميين بالقاهرة ،والسلاجقة الأتراك بنيقية بالأناضول وقتها .وباءت المحاولات لطرد الصليبيين بالفشل كمحاولة الوزير الافضل الفاطمي الذي وصل عسقلان ولكنه فر بعدها امام الجحافل الصليبية التي استكملت السيطرة على بعض البلاد الشامية والفلسطينية بعدها.

الحملة الثانية
بدأت الحملة الثانية عام 1147 وانتهت عام 1149 . وكانت قد أعقبت فترة من الهدوء ، دعا اليها برنارد دي كليرفو ، وكان قادتها لويس السابع ملك فرنسا وكونراد الثالث هوهنشتاوفن امبراطور الجرمان(المانيا) ، وهي اول حملة يشترك فيها الملوك ، تعرضت فيها الجحافل الالمانية لضربة قوية تمثلت في الجوع والمرض بعد هزيمة لحقت بها امام فصائل الخيالة التابعة لسلطان قونية السلجوقي جوار ضورليوم ، كما منيت القوات الفرنسية بهزيمة خطرة بجوار خونة . انهك السلاجقة الصليبيين بغاراتهم المتواصلة. وفي 24 يونيو 1147 تلاقى لويس السابع وكونراد الثالث ووصية العرش ميليساندا مع اعيان القدس . ومضوا لحصار دمشق الحصينة ، لان فتحها كان يبشر بغنائم وفيرة .دام الحصار خمسة ايام (من 23 الى 27 يوليو ). لكنه فشل . و تخلي ملك القدس بودوان وبارون طبرية عن مطلبهما بعد تدهور موقعهم العسكري بسبب مناورة عسكرية أو لعله برشوة قدمها لهما الوزير الدمشقي معين الدين نور. 

معركة حطين
في 4 يوليو 1187 وقعت معركة حطين التاريخية والمحورية . حيث انتصر فيها السلطان صلاح الدين الأيوبي سلطان مصر . فحرر القدس في 2 اكتوبر 1187 ، الامر الذي دفع بالبابا غريغوريوس الثامن الى الدعوة الى حملة صليبية جديدة.   

الحملة الثالثة
دعا اليها البابا غريغوريوس الثامن ، عام 1187 ردا علي استرداد صلاح الدين للقدس وعودتها للمسلمين .وقاد الجيوش الصليبية ملك فرنسا فيليب اوغست الثاني ، وملك انجلترا ريتشارد الاول الذي كان يلقب برتشارد قلب الاسد ، وملك الجرمان (المانيا) فريدريك الاول برباروسا . لكن برباروسا غرق في 1190 في نهر اللامس . فتشردت صفوف قواته .اما الفرنسيون والانجليز ، فلم ينتهوا من الاستعداد للحملة حتى 1190 ، وفي الطريق عمل ريتشارد الاول على توسيع نفوذه في صقلية مما وتر العلاقات مع الملك الفرنسي واضعف التحالف بينهما.

قام الصليبيون بحصار عكا التي استسلمت في 12 يونيو 1191 . وغادر فيليب عائدا الى فرنسا ، وجرت مذبحة بأمر ريتشارد وتحت قيادته في عكا . بعدها تمت محاولاته لاحتلال مدن اخرى .لكنها باءت كلها بالفشل ، وفي عام 1192 .عقد الصلح مع صلاح الدين ، واحتفظ الصليبيون بشريط ساحلي يمتد من صور الى يافا ، وسمح صلاح الدين للحجاج والتجار بزيارة مدينة القدس والأماكن المقدسة .
ملف:Saladin and Guy.jpg
الصليبيون يذعنون لصلاح الدين بعد انتصاره عليهم في معركة حطين
الحملة الرابعة
دعا اليها البابا اينوقنتيوس الثالث في 1202 . وكانت خطة الصليبيين الاولية تتلخص في دفع القوات الى مصر, لضرب القوة الاسلامية الكبري في المنطقة .ثم شن الحرب منها باتجاه القدس .لكن البندقيين الذين تولوا امر توجيه وتوفير وسائل النقل والغذاء للحملة مقابل 85 الف مارك ذهبي ، اثّروا في مسار الحملة ووجهوها الى القسطنطينية عمدا . لأن الصليبيين لم يوفروا المبلغ المتفق عليه . واسفرت الحملة عن تخريب وتدمير القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية ومركز الثقافة الإغريقية العريقة ، ولم تتخذ البابوية اجراءات فعلية تجاه هذا الحدث . وكانت تلك الحملة تمثل انحطاط الحملات الصليبية التي اصبحت فيما بعد بحاجة الى تبرير مقنع ، بعدما كانت امرا الهيا باسم الكنيسة.
الحملات الطفولية
حدثت في حدود عام 1212 وكانت هذه الحركة شبيهة بحملة الفقراء الأولى قبل 1096م ، يختلف حولها المؤرخون لقلة ما كتب عنها.
يرى بعض المؤرخين ان هاتين الحملتين لم تكونا سوى جموعا من الاقنان والفقراء الذين استاءوا من الفشل الذي لاقته الحملات السابقة بقيادة الاسياد ، وان تسميتهم بالحملة الطفولية او حملة الاطفال جاءت كاستعارة صورية لهذه الجموع .ولم تكن ترتبط حقيقة بكون المشاركين فيها من الاطفال . لكنها تصوير لفظي اصبح فيما بعد وهما تاريخيا . ويرى البعض من المؤرخين انها كانت حملتين اشترك فيها اعداد كبيرة من الاطفال ،وان لم تقتصر عليهم.
مات العديد من المشاركين بسبب الجوع والظروف القاسية ، وتفرقت الجموع وركب بعضهم السفن فوقعوا في ايدي القراصنة وبيعوا كعبيد في اسواق النخاسةز ولم يصل المشاركون في اي من الحملتين الى الارض المقدسة.
الحملة الخامسة
سعى البابا اينوشنتيوس الثالث الى بدء حملة صليبية جديدة عام 1213 . فبدأ بحملة وعظ دامت حتى انعقاد المجمع اللاتيني الرابع عام 1215 الذي اتخذ سلسلة من الاجراءات التي تتعلق بتنظيم الحملات الصليبية . تحركت قوات مجرية وجنوب المانية بقيادة اندارش الثاني وقوات نمساوية .ووصلت الى عكا .وتوقفت هناك حتى انضمت اليها قوات المانية وهولندية . فتوجهوا الى مدينة دمياط في شمال شرق الدلتا بمصر علي النيل . واستولوا عليها عام 1219 . وتحت الحاح نائب البابا اونوريوس الثالث والقاصد الرسولي بيلاجيوس استكمل الهجوم نحو المنصورة .وفي ذلك الوقت بالذات بدأ فيضان النيل.وفتح المصريون السد علي النهر . وقطع المسلمون طريق التراجع على الصليبيين .وحاصرت قوات المسلمين الصليبيين باعداد كبيرة .وغرق المئات بمياه الفيضان . وأسر الملك لويس التاسع بدار إبن لقمان بالمنثورة فطلب الصليبييون الصلح واطلاق سراح الملك لويس .وقبلت الملكة شجر الدر زوجة السلطان الكامل الأيوبي الصلح ادراكا منها بخطر المغول في المشرق . وكان الكامل قد مات ليلة معركة المنصورة ووقع الصلح في 30 اغسطس 1221 لمدة 8 سنوات ، وكان على الصليبيين مغادرة دمياط ، ونفذوا ذلك في اوائل سبتمبر من نفس العام ومنيت الحملة الصليبية الخامسة بالفشل الذريع.
الحملة السادسة
قادها الامبراطور فريدريك الثاني هوهنشتاوفن الالماني الذي اراد ان يحقق مقاصده دون ان يسحب سيفه من غمده في صيف 1228 ، ولم تحظ هذه الحملة بمباركة البابوية بل حرم الامبراطور من الكنيسة لتأخره في تنفيذ نذره بأخذ الصليب .تفاوض فيها فريدريك مع السلطان الكامل مما اسفر في فبراير 1229 عن صلح لمدة 10 سنوات تنازل بمقابله السلطان عن القدس باستتثناء منطقة الحرم ، وبيت لحم والناصرة وقسم من دائرة صيدا وطورون (تبنين حاليا) وكانت الحملة الاولى التي لا تبارك انطلاقها البابوية.
الحملة السابعة
كان الهزيمة التي لحقت بقصائل الصليبيين عام 1244 وخسارتهم التامة للقدس ادت الى ترتيب الحملة الصليبية السابعة ، فقادها الملك الفرنسي لويس التاسع وتوجه بها الى مصر واستمرت الحملة بين عامي 1248 و1254 ، فسيطروا في البدء على دمياط ثم المنصورة ، ولكن المسلمين بقيادة الملك المعظم طوران شاه نجحوا في تدمير قواتهم وفي حصر بقاياها في المنصورة حتى استسلموا ، ووقع لويس في الاسر حتى تم فديه عام 1250 فعاد الى عكا وبقي فيها 4 سنوات قبل العودة الى فرنسا بخفي حنين.
الحملة الثامنة
انطلق في هذه الحملة لويس التاسع ملك فرنسا في عام 1270 بعد حوالي 3 سنوات من التأخير ، وقد قام بها عدد قليل من البارونات والفرسان الفرنسيون ، اذ ان فشل الحملات الجلي وانحطاط سمعتها صدهم عنها ، حتى ان مؤرخ سيرة حياة لويس التاسع الذي رافقه في حملته السابقة رفض الانضمام اليه هذه المرة ، ويروي هذا المؤرخ ان نبأ الحملة الجديدة كان مفاجئا للغاية بالنسبة له شخصيا وبالنسبة للاشخاص الآخرين المقربين من الملك ، وانه اذهل البارونات ، وكانت المعارضة مجمع عليها تقريبا واضطر الملك الى شراء حماسة الاسياد بالمال ، ونذر مع الملك النذر الصليبي ابناءه الثلاثة وبعض تابعي الملك الآخرين ، واتفق على ان توجه الحملة نحو تونس.
بدأت المفاوضات مع المستنصر امير تونس ولما نزل الصليبيون في تونس وصلت المفاوضات الى طريق مسدود ، وعندها انضم شارل الاول كونت انجو ، الاخ الاصغر للويس وملك مملكة نابولي. واستولوا على قلعة قرطاجا القديمة ، ولكن وباء دب في صفوف الفرسان ، وتوفي على اثره الملك وافراد العائلة المالكة المرافقة باستثناء فيليب الابن البكر للملك الذي شفي ، وفي نفس يوم وفاة الملك وهو 25 اغسطس 1270 وصل اخاه شارل الاول ، وخاضت قواته برفقة قوات لويس بقيادة خلفه فيليب بضع معارك ناجحة ضد قوات أمير تونس ، وفي اول نوفمبر 1270 وقعت معاهدة صلح مع المستنصر الزمته بدفع جزية مضاعفة الى ملك الصقليتيين ، كما شملت حقوقا تجارية متبادلة ، وبعد 17 يوما من التوقيع ، ركب الصليبييون السفن وغادرو تونس.
وقد حدثت حملات صليبية اخرى غير رئيسية منها:
    * الحملة على الهراطقة الالبيجيين في جنوب فرنسا بين عام 1209 و 1229 ،
    * الحملة الصليبية على الاسكندرية بين عامي 1365 و 1369 بقيادة الملك بطرس الاول ملك قبرص ،
    * حملة نيقيا عام 1396 ،
وفي القرن الرابع عشر حدث اكنر من 50 حملة ضد البروسيين الهادينيشيين ومدينة ليتاور نظمها الحاكمون في مناطق ألمانيا ، وفي القرن الخامس عشر حدثت 4 حملات صليبية ضد الهوسيين التشيكيين ، ومن 1443 الى 1444 حدثت آخر حملة صليبية ضد الامبراطورية العثمانية.
تأثيرات الحملات الصليبية
كان للحملات الصليبية تأثير كبير على اوروبا في العصور الوسطى ، في وقت كان السواد الاعظم من القارة موحدا تحت راية البابوية القوية ، ولكن بحلول القرن الرابع عشر الميلادي ، تفتت المبدأ القديم للمسيحية ، وبدأ تطور البيروقراطيات المركزية التي شكلت فيما بعد شكل الدولة القومية الحديثة في انجلترا وفرنسا والمانيا وغيرها.
كان تأثر الاوروبيين بالحضارة العربية والاسلامية كبيرا في فترة الحروب الصليبية ، ولكن يرى العديد من المؤرخين ان التأثير الاعظم وانتقال المعارف الطبية والمعمارية والعلمية الاخرى كان قد حدث في مناطق التبادل الثقافي والتجاري التي كانت في حالة سلام مع الولايات الاسلامية ، مثل الدولة النورمانية في جنوب ايطاليا ومناطق التداخل العربي- الاسلامي مع اوروبا في الاندلس ومدن الازدهار التجاري في حوض المتوسط كالبندقية وجنوه والاسكندرية ، ولكن ما من شك بتأثر الاوروبين بالعرب خلال الحملات الصليبية ايضا ، فكان تطور بناء القلاع الاوربية لتصبح ابنية حجرية ضخمة كما هي القلاع في الشرق بدلا من الابنية الخشبية البسيطة التي كانت في السابق ، كما ساهمت الحملات الصليبية في انشاء المدن- الدول في ايطاليا التي استفادت منذ البدء من العلاقات التجارية والمبادلات الثقافية مع الممالك الصليبية والمدن الاسلامية.
وكان للحملات الصليبية اثارا دموية ، فبالاضافة الى سفك الدماء في الحروب في الشرق ، كانت الاقليات من غير المؤمنين تعاني الامرين ، فكان الهراطقة الالبيجيين في جنوب فرنسا واليهود في المانيا وهنغاريا قد تعرضوا لمذابح بوصفهم "كفرة" او "قتلة المسيح" ، وادى ذلك الى تنمية التمييز العرقي بين شعوب اوروبا الذي كان تكتل اليهود في اوروبا وعزلهم من نتائجه ، الامر الذي الهم فيما بعد الفكر النازي والفاشي في فترة مراهقة الدول القومية في اوروبا.
الحروب الصليبية في الذاكرة الانسانية
ترى الشعوب التي تم السيطرة عليها من قبل الصليبيين اثناء الحروب الصليبية على انها كانت شكل استعماري وفترة قمع وتأخر ، ويرى المسلمون في شخصيات كصلاح الدين والظاهر بيبرس ابطالا محررين ، وكذلك يرى الاوروبيون الشخصيات المشاركة في الحروب الصليبية ابطالا مغامرين محاطين بهالة من القداسة ، فيعتبر لويس التاسع قديسا ويمثل صورة المؤمن الخالص في فرنسا ، ويعتبر ريتشارد قلب الاسد ملك صليبي نموذجي ، وكذلك فريدريك بربروسا في الثقافة الالمانية.
كما ينظر إلى مسمى حملة صليبية في عديد من الثقافات الغربية نظرة إيجابية على أنه حملة لأجل الخير أو لهدف سامي ويعمم المصطلح أحيانا ليتخطى الإطار الديني، فقد ترد عبارات كـ"بدأ فلان حملة صليبية لإطعام الجياع"، كما استخدم المصطلح من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش لوصف ما أسماه الحرب على الإرهاب في 16 سبتمبر 2001 في عبارة مثيرة للجدل   
"This crusade, this war on terrorism is going to take a while."
أي "هذه الحملة الصليبية، هذه الحرب على الإرهاب سيستلزمها وقت."



في كتابه (على خطى الصليبيين) يقول مؤلفه الفرنسي (جان كلود جويبو).. تحت ضغط الحجاج قرر (رايموند دي سال ـ جيل) بدءً من 23 نوفمبر محاصرة معرة النعمان ـ في سوريا ـ كان الحصار طويلاً صعباً لكن الصليبيين افلحوا في الاستيلاء على المدينة وذبحوا سكانها.. وفي هذا يقول ابن الأثير: خلال ثلاثة أيام اعملت الفرنجة السيف في المسلمين قاتلين اكثر من مائة ألف شخص واسرين عدداً اكبر من الأسرى..
يقول الكاتب الفرنسي: في جهنم معرة النعمان المتروكة للرعب وللجوع والعطش وبينما كان البارونات يتشاجرون كان الفقراء وقطاعاتهم قد استسلموا لاغراء الممنوع بين الجميع.. فجثث المسلمين التي طرحت في الخنادق قطعت والتهمت بشراهة..
وكتب المؤرخ (راوول دين كاين): عمل جماعتنا على سلق الوثنيين ـ يقصد المسلمين ـ البالغين في الطناجر، وثبتوا الأطفال على الأسياخ والتهموها مشوية ويكتب المؤرخ (البيرديكس): لم تتورع جماعتنا عن أن تأكل الأتراك والمسلمين فحسب وإنما الكلاب أيضاً..
ويكتب (الانويم): بعضهم الآخر قطع لحم الجثث قطعاً وطبخها كي يأكلها..
واخيراً في رسالة رسمية جداً كتبت للبابا (مجاعة رهيبة أوقعت الجيش في (المعرة) ووضعته في الضرورة الجائرة ليتغذى من جثث المسلمين.. ويذكر المؤلف الفرنسي معقباً على تلك الشهادات: في الإسلام برمته سيزرع هذا المشهد الخوف ويؤدي بعدد من المدن العربية إلى الاستسلام دون قتال مع وصول الفرنجة..
وقد كتب (امين معلوف) تعليقاً على تلك الشهادات: لن ينسى الأتراك مطلقاً أكل الغربيين للحم الإنسان، وعبر كل أدبهم الملحمي سيكون الفرنجة موصوفين دائماً كأكلة لحوم البشر، وسوف يساهم مشهد معرة النعمان بحفر هوة بين العرب والفرنجة لا تكفي قرون عديدة لردمها...
وينقل لنا الكاتب صفحات من تاريخ أوربا الهمجي في المدينة التي أمنوا بقدسيتها ـ ونعني بها القدس ـ يقول:
وانفلت الرعب الذي عرضته اليوميات بهلع، الرعب الذي يسميه رينيه غروسية (الخطيئة) التي تحط من شرف الصليبيين، انه الرعب الذي انطبع في الذاكرة الإسلامية إلى الأبد.. ويتابع قائلاً: اخذ الصليبيون يلاحقون ويذبحون المسلمين واليهود الذين كانوا عندئذ حلفاء..
ويصف ابن الأثير في الكامل الاستيلاء على القدس: ولبث الفرنج في البلدة أسبوعا يقتلون فيه المسلمين، وقتل الفرنج في المسجد الأقصى ما يزيد على السبعين الفاً منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم ممن فارق الأوطان وجاور ذلك الموضع الشريف، ثم بدأ النهب والسلب..
أما ما ذكره الفرنجة من خلال يومية مجهول من الحملة الصليبية الأولى فهي: وحالما دخل حجاجنا المدينة تابعوا ذبح المسلمين حتى معبد سليمان حيث تجمعوا ودخلوا طيلة اليوم في معركة عنيفة مع جماعتنا وكان ذلك إلى حد أن المعبد كان يرشح من دمهم...
ويكتب (وليم الصوري): كانت المدينة تمثل بمذبحة الأعداء هذه مشهداً ما كان حتى للمنتصرين أنفسهم إلا أن يتأثروا بالرعب والتقزز، أما الانويم فيستعمل صورة سوف يستعيدها التاريخ حيث يؤكد انه داخل المسجد الأقصى كان جماعتنا يمشون في الدم حتى عراقيب أرجلهم، ويتحدث اخباريون آخرون أن أكوام الجثث تلك التي ظلت تحرق تحت أسوار المدينة على امتداد أسبوع بكامله..
ولا نستطيع أن نسجل جميع تلك الأحداث التي جرت في الحروب الصليبية والتي لا يكفيها مقال واحد ولا حتى عشرات المقالات بل تحتاج إلى مجلدات كبيرة وكثيرة..
لقد كان مشروع البابا اوربان الثاني جذاباً للغاية حتى أن عناصر المجتمع الأوربي كافة كانت ممثلة تقريباً في الحملة الصليبية الأولى، ولكن الاستثناء اللافت للنظر كثيراً في هذا العدد هو غياب ملوك أوربا جميعاً عن هذه الحملة.. فقد اعتبر البابا اوربان الثاني الحملة الصليبية مشروعاً يرتبط بالبابوية ارتباطاً مباشراً، ومن ثم لم يدع الملوك العلمانيين في الغرب بشكل واضح للانضمام إليه...
ولا بأس في النهاية أن نذكر جملة من الأسباب التي ادّت إلى استجابة الناس بهذه الأعداد لنداء البابا اوربان الثاني إضافة إلى الأسباب التي ذكرناها في البداية:
1ـ التوسع المكاني لذلك العصر (إقطاعيات جديدة لما وراء البحار)..
2ـ البطالة التي كانت تخيم على بقية الأبناء بعد البكر في العائلة النبيلة التي تمنح الثروة للابن البكر...
3ـ مصلحة البابوات وعدد من ملوك أوربا وسلطة الكنسيين وشره الرهبان..
4ـ حقد المسيحيين على المسلمين..
ولا يفوتنا أن نذكر أن الصليبية ظاهرة حملت شعار الصليب (الذي لم يكن أبدا رمزاً للحرب والقتل والعدوان) ولم تحمل جوهر المسيحية.. بينما تسترت بلباسها وحملت رايتها وقتلت (حتى المسيحيين) باسمها فكانت معادية لرسالتها وأهدافها.. وكما عبر البابا شنودة الثالث بقوله: إن المسيحية تخالف الفكر الصليبي، وإن الغزاة استتروا وراء الدين ووراء عبارة الأماكن المقدسة، ثم كشفوا عن هدفهم وهو الاحتلال...






مصادر ومراجع
       ابن كثير: البداية والنهاية، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر، القاهرة، (1419هـ= 1998م).
       ابن الأثير: الكامل في التاريخ، دار صادر، بيروت، (1386هـ= 1966م).
       سعيد عبد الفتاح عاشور: الحركة الصليبية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة،1982م.
       فايد حماد محمد عاشور: جهاد المسلمين في الحروب الصليبية، مؤسسة الرسالة ، بيروت، (1405هـ= 1985م).
       صلاح الدين محمد نوار:  العدوان الصليـبي على العالم الإسلامي، دار الدعوة، الإسكندرية، 1993م.
      محمد حسين فضل الله