فقد جاء في تفسير القرطبي في سورة البقرة عن الصابئه
في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62 ،
اختلف السلف في الصابئين، فقال قوم: هم من أهل الكتاب، ولا بأس بذبائحهم ومناكحة نسائهم.
وقال آخرون: هم قوم يشبه دينهم دين النصارى؛ إلا أن قبلتهم نحو مهب الجنوب يزعمون أنهم على دين نوح عليه السلام.
وقال آخرون: هم قوم تركب دينهم من اليهودية والمجوسية لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم.
وقيل: هم قوم يعبدون الملائكة، ويصلون إلى القبلة، ويقرأون الزبور، ويصلون الخمس، ثم قال: والذي تحصل من مذهبهم أنهم موحدون معتقدون تأثير النجوم...... ولهذا أفتى أهل العلم بكفرهم.
وفي الموسوعة الميسرة: أن طائفة الصابئة الوحيدة الباقية إلى اليوم، والتي تعتبر يحيى نبياً لها هي طائفة المندائية، ويقدسون الكواكب والنجوم.
ومن معالم دينهم الاتجاه نحو القطب الشمالي، وكذلك التعميد في المياه الجارية.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الصابئة نوعان: صابئة حنفاء، وصابئة مشركون، فالحنفاء بمنزلة من كان متبعاً لشريعة التوراة والانجيل قبل النسخ والتحريف والتبديل، وهؤلاء حمدهم الله تعالى وأثنى عليهم.
وأما الصابئة المشركون: فهم قوم يعبدون الملائكة، ويقرأون الزبور، ويصلون، فهم يعبدون الروحانيات العلوية.
وبهذا يتحصل عندنا أن الصابئة عدة مذاهب وفرق فمنهم من يعتبرون أنفسهم أتباعاً لنوح عليه السلام، ومنهم من يزعم أنه يتبع يحيى بن زكريا، ومنهم من لفق له مذهبا من بين اليهودية والنصرانية، ومنهم من لفق له مذهبا من بين اليهودية والمجوسية.
وأما عن أماكن وجودهم اليوم، فإنهم موجودون في العراق وإيران، وفي الموسوعة الميسرة: أنهم ينتشرون على الضفاف السفلى من نهري دجلة والفرات، ويسكنون في منطقة الأهوار، وشط العرب، ويكثرون في مدن العمارة، والناصرية والبصرة، وقلعة صالح، والحلفاية، والزكية، وسوق الشيوخ، والقرنة....
وفي إيران يسكنون على ضفاف نهر الكارون، والرز.... وفي مدن إيران الساحلية.
والله أعلم.
الصابئة وتسمى أيضاً الصابئة المندائية، وتعتبر نبي الله يحيى بن زكريا نبياً لها. ويعتبرونه المسيح؛ لذا تطلق عليهم بعض الطوائف اليهودية نصارى يوحنا المعمدان. وهم لا ينكرون وحدانية الخالق، لكنهم يعتقدون بأمور كخلق الخير والشر، ووجود وسائط هي الكواكب. في الماضي، كان فريق منهم موحدين ذكرهم الله ـ سبحانه وتعالى ـ في القرآن مع أهل الكتاب والنصارى. وقد تأثرت فرقهم المتعددة، من حيث العقيدة بمؤثرات كثيرة مجاراة للبيئة والظروف التي تحيط بهم؛ فقد تأثروا باليهودية، والمسيحية وبالإسلام. وتأثروا بالمجوسية قبل الإسلام لمجاورتهم للمجوس في بلاد فارس قديماً. كما تأثروا بالحرانيين فنقلوا عنهم عبادة الكواكب والنجوم. كما تأثروا بالأفلاطونية المحدثة التي كانت في سوريا؛ فأخذوا منها الاعتقاد بالفيض الروحي على العالم المادي.. وقد تأثروا بالفلسفة الإغريقية، وواضح ذلك في كتبهم المقدسة.
معتقدات الصابئة . يعتقد الصابئة المندائية أن الخالق واحد أزلي أبدي، وأنه لم يلد ولم يولد، وهو علة وجود الأشياء ومكونها. ويطلقون عليه أسماء متعددة منها ملك النور ملكه دنهورا، أو رب العظمة مار أوربوثا. كما أنهم يعتقدون بوجود مخلوقات دون مستوى الخالق يساعدونه، ويختصون ببعض شؤون تدبير الكون، وعددهم 360 شخصاً؛ خلقوا ليؤدوا مهام الإله، إلا أنهم ليسوا بآلهة ولا قديسيين ولا ملائكة. وهم ـ في اعتقادهم ـ يعملون كل شيء، ويعلمون الغيب، ولكل منهم مملكة في عالم يسمى عالم الأنوار.
ويعتقد الصابئة أن المخلوق الأول لله تعالى شخص روحاني يطلقون عليه الحي القديم أو الحياة الأولى؛ خلقه الله وخلق معه عوالم كثيرة مملوءة بالنفوس المقدسة. ويقسمون النفوس التي تسكن هذه العوالم إلى قسمين حسب رتبهم: (أ) العوام (ب) الملوك. ثم خلقت العوالم السبعة، والأرض من جملتها. والأرض والسماء عندهم تتكونان من مادتين هما الماء والنار.
كما يعتقد الصابئة بثنائية الكون، وازدواج الشيء وضده وتلازمهما؛ كالنور والظلام، والخير والشر، وأن هذه القاعدة تنطبق على كل كائن، فلكل كائن وجودان: (أ) علني آره تيبل؛ أي الأرض التي تبلى (ب) وسري مشوني كشطة. ويرون أن للوجود السري امتيازاً على الوجود العلني. كما يعتقدون أن الله يخلق الخير فقط، وأنه لا يجوز في حقه أن يخلق الشر. ويعتقدون بوجود أرواح غير مرئية منقذة تساعد الروح البشرية في رحلتها إلى الآخرة.
أشهر فرق الصابئة أربعة هم: أصحاب الروحانيات، وأصحاب الهياكل، وأصحاب الأشخاص، والحلولية. أما أهم كتبهم المقدسة فهي: (أ) كنزه ربه؛ أي الكنز العظيم، ويطلق عليه أيضاًسيدره آدم؛ أي صحف آدم. (ب) سدره أويهيأ؛ أي كتاب يحيى. (جـ) سدرا قلستا؛ أي كتاب الفرح والطرب. (د) سيدرا نشماتة؛ أي سر التعميد المقدس. (هـ) أنياني؛ أي الأناشيد الدينية. (و) ألف ترسسرشيالة؛ أي كتاب الاثني عشر ألف سؤال وغير ذلك.
أماكن انتشارهم. في العراق معظم الصابئة المعاصرين، ويتركز معظمهم أسفل ضفاف نهري دجلة والفرات في منطقة البطائح وأماكن متفرقة أخرى. وفي إيران يقطنون في عربستان، على ضفاف نهر كارون والدز، وفي المدن الساحلية. وقد هاجر كثيرون منهم من هذه المناطق وانتشروا في بيروت، ودمشق، والإسكندرية، وإيطاليا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية
تعقيب
ذكرت هذه الطائفة من الناس في ثلاثة مواضع من القرآن ؛ فأولها في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62 ، والثاني في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17 ، والثالث قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 .
والصابئة جمع صابئ ، اسم فاعل من صَبَأ يصبَأ ، إذا خرج من دين إلى آخر .
قال الطبري : ( والصابئون ، جمع صابئ ، وهو المستحدث سوى دينه دينا ، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه ، وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره ، تسميه العرب : صابئا ... يقال صبأت النجوم : إذا طلعت ..) انظر تفسير الطبري 2/145 ، لسان العرب صبأ
وأما مذهبهم ، فقال ابن القيم ، رحمه الله : ( وقد اختلف الناس فيهم اختلافا كثيرا ، وأشكل أمرهم على الأئمة لعدم الإحاطة بمذهبهم ودينهم ؛ فقال الشافعي رحمه الله تعالى : هم صنف من النصارى ، وقال في موضع : ينظر في أمرهم ؛ فإن كانوا يوافقون النصارى في أصل الدين ، ولكنهم يخالفونهم في الفروع ، فتؤخذ منهم الجزية ، وإن كانوا يخالفونهم في أصل الدين لم يقروا على دينهم ببذل الجزية ....
وأما أقوال السلف فيهم فذكر سفيان عن ليث عن مجاهد قال : هم قوم بين اليهود والمجوس ليس لهم دين ، وفي تفسير شيبان عن قتادة قال : الصابئة قوم يعبدون الملائكة ... )
قال ابن القيم : ( قلت : الصابئة أمة كبيرة ، فيهم السعيد والشقي ، وهي إحدى الأمم المنقسمة إلى مؤمن وكافر ، فإن الأمم قبل مبعث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نوعان : نوع كفار أشقياء كلهم ، ليس فيهم سعيد ، كعبدة الأوثان والمجوس ، ونوع منقسمون إلى سعيد وشقي ، وهم اليهود والنصارى والصابئة ، وقد ذكر الله سبحانه النوعين في كتابه ، فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون ) البقرة/62 ، وكذلك قال في المائدة ، وقال في سورة الحج ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) فلم يقل هاهنا : من آمن منهم بالله واليوم الآخر ، لأنه ذكر معهم المجوس والذين أشركوا ؛ فذكر ست أمم ، منهم اثنتان شقيتان ، وأربع منهم منقسمة إلى شقي وسعيد ، وحيث وعد أهل الإيمان والعمل الصالح منهم بالأجر ذكرهم أربع أمم ليس إلا ، ففي آية الفصل بين الأمم أدخل معهم الأمتين ، وفي آية الوعد بالجزاء لم يدخلها معهم ، فعلم أن الصابئين فيهم المؤمن والكافر ، والشقي والسعيد .
وهذه أمة قديمة قبل اليهود والنصارى ، وهم أنواع : صابئة حنفاء ، وصابئة مشركون . وكانت حران دار مملكة هؤلاء قبل المسيح ، ولهم كتب وتآليف وعلوم ، وكان في بغداد منهم طائفة كبيرة ، منهم إبراهيم بن هلال الصابئ صاحب الرسائل ، وكان على دينهم ويصوم رمضان مع المسلمين ، وأكثرهم فلاسفة ولهم مقالات مشهورة ذكرها أصحاب المقالات .
وجملة أمرهم أنهم لا يكذبون الأنبياء ولا يوجبون اتباعهم ، وعندهم أن من اتبعهم [ يعني اتبع الأنبياء] فهو سعيد ناج وأن من أدرك بعقله ما دعوا إليه ، فوافقهم فيه وعمل بوصاياهم ، فهو سعيد ، وإن لم يتقيد بهم ، فعندهم دعوة الأنبياء حق ، ولا تتعين طريقا للنجاة ، وهم يقرون أن للعالم صانعا مدبرا حكيما منزها عن مماثلة المصنوعات ، ولكن كثيرا منهم ، أو أكثرهم ، قالوا : نحن عاجزون عن الوصول إلى جلاله بدون الوسائط ؛ والواجب التقرب إليه بتوسط الروحانيين المقدسين المطهرين عن المواد الجسمانية ، المبرئين عن القوى الجسدية ، المنزهين عن الحركات المكانية والتغييرات الزمانية ، بل قد جبلوا على الطهارة ، وفطروا على التقديس .
ثم ذكر أنهم يعبدون هذه الوسائط ويتقربون إليها ، ويقولون : ( هم آلهتنا وشفعاؤنا عند رب الأرباب ، وإله الآلهة )
ثم قال ، رحمه الله : ( فهذا بعض ما نقله أرباب المقالات عن دين الصابئة وهو بحسب ما وصل إليهم ، وإلا فهذه الأمة فيهم المؤمن بالله وأسمائه وصفاته وملائكته ورسله واليوم الآخر وفيهم الكافر ، وفيهم الآخذ من دين الرسل بما وافق عقولهم واستحسنوه ، فدانوا به ورضوه لأنفسهم .
وعقد أمرهم أنهم يأخذون بمحاسن ما عند أهل الشرائع بزعمهم ، ولا يوالون أهل ملة ويعادون أخرى ، ولا يتعصبون لملة على ملة . والملل عندهم نواميس لمصالح العالم ، فلا معنى لمحاربة بعضها بعضا بل يؤخذ بمحاسنها وما تكمل به النفوس ، وتتهذب به الأخلاق ، ولذلك سموا صابئين كأنهم ، صبؤوا عن التعبد بكل ملة من الملل ، والانتساب إليها ، ولهذا قال غير واحد من السلف : ليسوا يهودا ولا نصارى ولا مجوسا.
وهم نوعان صابئة حنفاء وصابئة مشركون ؛ فالحنفاء هم الناجون منهم وبينهم مناظرات ورد من بعضهم على بعض ، وهم قوم إبراهيم كما أن اليهود قوم موسى ،والحنفاء منهم أتباعه ) أحكام أهل الذمة 1/92-98
وما ذكره من انقسام الصابئة إلى موحدين ومشركين قرره شيخ الإسلام أيضا في غير موضع . انظر الرد على المنطقيين [ 287-290،454-458] ، منهاج السنة ، تعليق المحقق [1/5] . وانظر أيضا بحث الشيخ ابن عاشور للمسألة عند تفسيره لآية البقرة .
التأسيس وأبرز الشخصيات : • يدّعى الصابئة المندائيون بأن دينهم(*) يرجع إلى عهد آدم عليه السلام. • ينتسبون إلى سام بن نوح عليه السلام، فهم ساميون. • يزعمون أن يحيى عليه السلام هو نبيهم الذي أرسل إليهم. • كانوا يقيمون في القدس، وبعد الميلاد طردوا من فلسطين فهاجروا إلى مدينة حران فتأثروا هناك بمن حولهم وتأثروا بعبدة الكواكب والنجوم من الصابئة الحرانيين. - ومن حران هاجروا إلى موطنهم الحالي في جنوبي العراق وإيران وما يزالون فيه، حيث يعرفون بصابئة البطائح. • منهم الكنزبرا الشيخ عبد الله بن الشيخ سام الذي كان مقيماً في بغداد سنة 1969م وهو الرئيس الروحي لهم، وقد كان في عام 1954م يسكن في دار واقعة بجوار السفارة البريطانية في الكرخ ببغداد. الأفكار والمعتقدات : • كتبهم: - لديهم عدد من الكتب المقدسة مكتوبة بلغة سامية قريبة من السريانية وهي: 1- الكنزاربّا: أي الكتاب العظيم ويعتقدون بأنه صحف آدم عليه السلام، فيه موضوعات كثيرة عن نظام تكوين العالم وحساب الخليقة وأدعية وقصص، وتوجد في خزانة المتحف العراقي نسخة كاملة منه. طبع في كوبنهاجن سنة 1815م، وطبع في لايبزيغ سنة 1867م. 2- دراشة إديهيا: أي تعاليم يحيى، وفيه تعاليم وحياة النبي(*) يحيى عليه السلام. 3- الفلستا: أي كتاب عقد الزواج، ويتعلق بالاحتفالات والنكاح الشرعي والخطبة. 4- سدرة إدنشاماثا: يدور حول التعميد(*) والدفن والحداد، وانتقال الروح من الجسد إلى الأرض ومن ثمّ إلى عالم الأنوار، وفي خزانة المتحف العراقي نسخة حديثة منه مكتوبة باللغة المندائية. 5- كتاب الديونان: فيه قصص وسير بعض الروحانيين مع صور لهم. 6- كتاب إسفر ملواشه: أي سفر البروج لمعرفة حوادث السنة المقبلة عن طريق علم الفلك والتنجيم(*). 7- كتاب النباتي: أي الأناشيد والأذكار الدينية، وتوجد نسخة منه في المتحف العراقي. 8- كتاب قماها ذهيقل زيوا: ويتألف من 200 سطر وهو عبارة عن حجاب يعتقدون بأن من يحمله لا يؤثر فيه سلاح أو نار. 9- تفسير بغره: يختص في علم تشريح جسم الإنسان وتركيبه والأطعمة المناسبة لكل طقس مما يجوز لأبناء الطائفة تناوله. 10- كتاب ترسسر ألف شياله: أي كتاب الأثنى عشر ألف سؤال. 11- ديوان طقوس التطهير: وهو كتاب يبين طرق التعميد(*) بأنواعه على شكل ديوان. 12- كتاب كداواكدفيانا: أي كتاب العوذ. • طبقات رجال الدين : يشترط في رجل الدين أن يكون سليم الجسم، صحيح الحواس، متزوجاً منجباً، غير مختون، وله كلمة نافذة في شؤون الطائفة كحالات الولادة والتسمية والتعميد والزواج والصلاة والذبح والجنازة، ورتبهم على النحو التالي: 1- الحلالي: ويسمى "الشماس"(*) يسير في الجنازات، ويقيم سنن الذبح للعامة، ولايتزوج إلا بكراً، فإذا تزوج ثيباً سقطت مرتبته ومنع من وظيفته إلا إذا تعمد هو وزوجته 360مرة في ماء النهر الجاري. 2- الترميدة: إذا فقه الحلالي الكتابين المقدَّسين سدره إنشماثا والنياني أي كتابَيْ التعميد والأذكار فإنه يتعمد بالارتماس في الماء الموجود في المندي ويبقى بعدها سبعة أيام مستيقظاً لا تغمض له عين حتى لا يحتلم، ويترقى بعدها هذا الحلالي إلى ترميدة، وتنحصر وظيفته في العقد على البنات الأبكار. 3- الأبيسق: الترميدة الذي يختص في العقد على الأرامل يتحول إلى أبيسق ولا ينتقل من مرتبته هذه. 4- الكنزبرا: الترميدة الفاضل الذي لم يعقد على الثيبات مطلقاً يمكنه أن ينتقل إلى كنزبرا وذلك إذا حفظ كتاب الكنزاربّا فيصبح حينئذٍ مفسراً له، ويجوز له ما لا يجوز لغيره، فلو قتل واحداً من أفراد الطائفة لا يقتص منه لأنه وكيل الرئيس الإلهي عليها. 5- الريش أمه: أي رئيس الأمة، وصاحب الكلمة النافذة فيها ولا يوجد بين صابئة اليوم من بلغ هذه الدرجة لأنها تحتاج إلى علم وفير وقدرة فائقة. 6- الربّاني: وفق هذه الديانة لم يصل إلى هذه الدرجة إلا يحيي بن زكريا عليهما السلام كما أنه لا يجوز أن يوجد شخصان من هذه الدرجة في وقت واحد. والرباني يرتفع ليسكن في عالم الأنوار وينزل ليبلغ طائفته تعاليم الدين ثم يرتفع كرة أخرى إلى عالمه الرباني النوراني. • الإِله : - يعتقدون من حيث المبدأ – بوجود الإِله الخالق الواحد الأزلي الذي لاتناله الحواس ولايفضي إليه مخلوق. - ولكنهم يجعلون بعد هذا الإله 360 شخصاً خلقوا ليفعلوا أفعال الإله، وهؤلاء الأشخاص ليسوا بآلهة ولا ملائكة، يعملون كل شيء من رعد وبرق ومطر وشمس وليل ونهار… وهؤلاء يعرفون الغيب، ولكل منهم مملكته في عالم الأنوار. - هؤلاء الأشخاص الـ 360 ليسوا مخلوقين كبقية الكائنات الحية، ولكن الله ناداهم بأسمائهم فخلقوا وتزوجوا بنساء من صنفهم، ويتناسلون بأن يلفظ أحدهم كلمة فتحمل أمرأته فوراً وتلد واحداً منهم. - يعتقدون بأن الكواكب مسكن للملائكة، ولذلك يعظمونها ويقدسونها. • المندي: - هو معبد الصابئة، وفيه كتبهم المقدسة، ويجري فيه تعميد(*) رجال الدين، يقام على الضفاف اليمنى من الأنهر الجارية، له باب واحد يقابل الجنوب بحيث يستقبل الداخل إليه نجم القطب الشمالي، لابدَّ من وجود قناة فيه متصلة بماء النهر، ولا يجوز دخوله من قبل النساء، ولا بدّ من وجود علم يحيى فوقه في ساعات العمل. • الصلاة: - تؤدى ثلاث مرات في اليوم: قبيل الشروق، وعند الزوال، وقبيل الغروب، وتستحبّ أن تكون جماعة في أيام الآحاد والأعياد، فيها وقوف وركوع وجلوس على الأرض من غير سجود، وهي تستغرق ساعة وربع الساعة تقريباً. - يتوجه المصلي خلالها إلى الجدي بلباسه الطاهر، حافي القدمي، يتلو سبع قراءات يمجد فيها الرب مستمداً منه العون طالباً منه تيسير اتصاله بعالم الأنوار. • الصوم : - صابئة اليوم يحرمون الصوم لأنه من باب تحريم ما أحل الله. - وقد كان الصوم عند الصابئة على نوعين: الصوم الكبير: ويشمل الصوم عن كبائر الذنوب والأخلاق(*) الرديئة ، والصوم الصغير الذي يمتنعون فيه عن أكل اللحوم المباحة لهم لمدة 32 يوماً متفرقة على طول أيام السنة. - ابن النديم المتوفى سنة 385هـ في فهرسته، وابن العبري المتوفى سنة 685هـ في تاريخ مختصر الدول ينصان على أن الصيام كان مفروضاً عليهم لمدة ثلاثين يوماً من كل سنة. • الطهارة: - الطهارة مفروضة على الذكر والأنثى سواء بلا تمييز. - تكون الطهارة في الماء الحي غير المنقطع عن مجراه الطبيعي. - الجنابة تحتاج إلى طهارة وذلك بالارتماس في الماء ثلاث دفعات مع استحضار نية الاغتسال من غير قراءة لأنها لا تجوز على جنب. - عقب الارتماس في الماء يجب الوضوء، وهو واجب لكل صلاة، حيث يتوضأ الشخص وهو متجه إلى نجم القطب، فيؤديه على هيئة تشبه وضوء المسلمين مصحوباً بأدعية خاصة. - مفسدات الوضوء: البول، الغائط، الريح، لمس الحائض والنفساء. • التعميدوأنواعه: - يعتبر التعميد من أبرز معالم هذه الديانة ولا يكون إلا في الماء الحي، ولا تتم الطقوس إلا بالارتماس في الماء سواء أكان الوقت صيفاً أم شتاءً، وقد أجاز لهم رجال دينهم مؤخراً الاغتسال في الحمامات وأجازوا لهم كذلك ماء العيون النابعة لتحقيق الطهارة. - يجب أن يتم التعميد(*) على أيدي رجال الدين. - يكون العماد في حالات الولادة، والزواج، وعماد الجماعة، وعماد الأعياد وهي على النحو التالي: 1- الولادة: يعمد المولود بعد 45 يوماً ليصبح طاهراً من دنس الولادة حيث يُدخل هذا الوليد في الماء الجاري إلى ركبتيه مع الإتجاه جهة نجم القطب، ويوضع في يده خاتم أخضر من الآس. 2- عماد الزواج: يتمّ في يوم الأحد وبحضور ترميدة وكنزبرا، يتم بثلاث دفعات في الماء مع قراءة من كتاب الفلستا وبلباس خاص، ثم يشربان من قنينة ملئت بماء أُخذ من النهر يسمى (ممبوهة) ثم يطعمان (البهثة) ويدهن جبينهما بدهن السمسم، ويكون ذلك لكلا العروسين لكل واحد منهما على حدة، بعد ذلك لا يُلمسان لمدة سبعة أيام حيث يكونان نجسين وبعد الأيام السبعة من الزواج يعمدان من جديد، وتعمد معهما كافة القدور والأواني التي أكلا فيها أو شربا منها. 3- عماد الجماعة: يكون في كل عيد (بنجة) من كل سنة كبيسة لمدة خمسة أيام ويشمل أبناء الطائفة كافة رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً، وذلك بالارتماس في الماء الجاري ثلاث دفعات قبل تناول الطعام في كل يوم من الأيام الخمسة. والمقصود منه هو التكفير عن الخطايا والذنوب المرتكبة في بحر السنة الماضية، كما يجوز التعميد في أيام البنجة ليلاً ونهاراً على حين أن التعميد في سائر المواسم لا يجوز إلا نهاراً وفي أيام الآحاد فقط. 4- عماد الأعياد: وهي: أ- العيد الكبير: عيد ملك الأنوار حيث يعتكفون في بيوتهم 36 ساعة متتالية لا تغمض لهم عين خشية أن يتطرق الشيطان إليهم لأن الاحتلام يفسد فرحتهم، وبعد الاعتكاف مباشرة يرتسمون، ومدة العيد أربعة أيام، تنحر فيه الخراف ويذبح فيه الدجاج ولا يقومون خلاله بأي عمل دنيوي. ب- العيد الصغير: يوم واحد شرعاً، وقد يمتد لثلاثة أيام من أجل التزاور، ويكون بعد العيد الكبير بمائة وثمانية عشر يوماً. ت- عيد البنجة: سبق الحديث عنه، وهو خمسة أيام تكبس بها السنة، ويأتي بعد العيد الصغير بأربعة أشهر. ث- عيد يحيى: يوم واحد من أقدس الأيام، يأتي بعد عيد البنجة بستين يوماً وفيه كانت ولادة النبي يحيى عليه السلام الذي يعتبرونه نبيًّا(*) خاصاً بهم، والذي جاء ليعيد إلى دين آدم صفاءه بعد أن دخله الانحراف بسبب تقادم الزمان. • تعميد المحتضر ودفنه: ج- عندما يحتضر الصابيء يجب أن يؤخذ – وقبل زهوق روحه – إلى الماء الجاري ليتمّ تعميده. ح- من مات من دون عماد نجس ويحرم لمسه. خ- أثناء العماد يغسلونه متجهاً إلى نجم القطب الشمالي، ثم يعيدونه إلى بيته ويجلسونه في فراشه بحيث يواجه نجم القطب أيضاً حتى يوافيه الأجل. د- بعد ثلاث ساعات من موته يغسل ويكفن ويدفن حيث يموت إذ لا يجوز نقله مطلقاً من بلد إلى بلد آخر. ذ- من مات غيلة أو فجأة، فإنه لا يغسل ولا يلمس، ويقوم الكنزبرا بواجب العماد عنه. ر- يدفن الصابيء بحيث يكون مستلقياً على ظهره ووجهه ورجلاه متجهة نحو الجدي حتى إذا بعث واجه الكوكب الثابت بالذات. ز- يضعون في فم الميت قليلاً من تراب أول حفرة تحفر لقبره فيها. س- يحرم على أهل الميت الندب والبكاء والعويل، والموت عندهم مدعاة للسرور، ويوم المأتم من أكثر الأيام فرحاً حسب وصية يحيى لزوجته. ش- لا يوجد لديهم خلود في الجحيم، بل عندما يموت الإنسان إما أن ينتقل إلى الجنة أو المطهر حيث يعذب بدرجات متفاوتة حتى يطهر فتنتقل روحه بعدها إلى الملأ الأعلى، فالروح خالدة والجسد فان. • أفكار ومعتقدات أخرى: - البكارة: تقوم والدة الكنزبرا أو زوجته بفحص كل فتاة عذراء بعد تعميدها وقبل تسليمها لعريسها وذلك بغية التأكد من سلامة بكارتها. - الخطيئة: إذا وقعت الفتاة أو المرأة في جريمة الزنى فإنها لا تقتل، بل تهجر، وبإمكانها أن تكفر عن خطيئتها بالارتماس في الماء الجاري. - الطلاق: لا يعترف دينهم بالطلاق إلا إذا كانت هناك انحرافات أخلاقية خطيرة فيتمّ التفريق عن طريق الكنزبرا. - السنة المندائية: 360 يوماً، في 12 شهراً، وفي كل شهر ثلاثون يوماً مع خمسة أيام كبيسة يقام فيها عيد البنجة. - يعتقدون بصحة التاريخ الهجري ويستعملونه، وذلك بسبب اختلاطهم بالمسلمين، ولأن ظهور النبي(*) محمد r كان مذكوراً في الكتب المقدسة الموجودة لديهم. - يعظمون يوم الأحد كالنصارى ويقدسونه ولا يعملون فيه أي شيء على الإطلاق. - ينفرون من اللون الأزرق النيلي ولا يلامسونه مطلقاً. - ليس للرجل غير المتزوج من جنة لا في الدنيا ولا في الآخرة. - يتنبئون بحوادث المستقبل عن طريق التأمل في السماء والنجوم وبعض الحسابات الفلكية. - لكل مناسبة دينية ألبسة خاصة بها، ولكل مرتبة دينية لباس خاص بها يميزها عن غيرها. - إذا توفي شخص دون أن ينجب أولاداً فإنه يمرّ بالمطهر ليعود بعد إقامته في العالم الآخر إلى عالم الأنوار ثم يعود إلى حالته البدنية مرة أخرى حيث تتلبس روحه في جسم روحاني فيتزوج وينجب أطفالاً. - يؤمنون بالتناسخ(*) ويعتقدون بتطبيقاته في بعض جوانب عقيدتهم. - للرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء على قدر ما تسمح له به ظروفه. - يرفضون شرب الدواء، ولا يعترضون على الدهون والحقن الجلدية. - الشباب والشابات يأتون إلى الكهان(*) ليخبروهم عن اليوم السعيد الذي يمكنهم أن يتزوجوا فيه، وكذلك يخبرون السائلين عن الوقت المناسب للتجارة أو السفر، وذلك عن طريق علم النجوم. - لا تؤكل الذبيحة إلا أن تذبح بيدي رجال الدين وبحضور الشهود، ويقوم الذابح – بعد أن يتوضأ – بغمسها في الماء الجاري ثلاث مرات ثم يقرأ عليها أذكاراً دينية خاصة ثم يذبحها مستقبلاً الشمال، ويستنزف دمها حتى آخر قطرة، ويحرم الذبح بعد غروب الشمس أو قبل شروقها إلا في عيد البنجة. - تنص عقيدتهم على أن يكون الميراث محصوراً في الابن الأكبر، لكنهم لمجاورتهم المسلمين فقد أخذوا بقانون المواريث الإسلامي. • الجذور الفكرية والعقائدية: • تأثر الصابئة بكثير من الديانات والمعتقدات التي احتكوا بها. • أشهر فرق الصابئة قديماً أربعة هي: أصحاب الروحانيات، وأصحاب الهياكل، وأصحاب الأشخاص، والحلولية. • لقد ورد ذكرهم في القرآن مقترناً باليهود والنصارى والمجوس والمشركين (انظر الآيات62/ البقرة - 69/ المائدة، 17/الحج)، ولهم أحكام خاصة بهم من حيث جواز أخذ الجزية منهم أو عدمها أسوة بالكتابيين من اليهود والنصارى. • عرف منهم الصابئة الحرانيون الذين انقرضوا والذين تختلف معتقداتهم بعض الشيء عن الصابئة المندائيين الحاليين. • لم يبق من الصابئة اليوم إلا صابئة البطائح المنتشرون على ضفاف الأنهر الكبيرة في جنوب العراق وإيران. • تأثروا باليهودية، وبالمسيحية(*)، وبالمجوسية(*) لمجاورتهم لهم. • تأثروا بالحرانيين الذين ساكنوهم في حران عقب طردهم من فلسطين فنقلوا عنهم عبادة الكواكب والنجوم أو على الأقل تقديس هذه الكواكب وتعظيمها وتأثروا بهم في إتقان علم الفلك وحسابات النجوم. • تأثروا بالأفلاطونية الحديثة التي استقرت فلسفتها في سوريا مثل الاعتقاد بالفيض(*) الروحي على العالم المادي. • تأثروا بالفلسفة(*) الدينية التي ظهرت أيام إبراهيم الخليل - عليه السلام - فقد كان الناس حينها يعتقدون بقدرة الكواكب والنجوم على التأثير في حياة الناس. • تأثروا بالفلسفة(*) اليونانية التي استقلت عن الدين(*)، ويلاحظ أثر هذه الفلسفة اليونانية في كتبهم. • لدى الصابئة قسط وافر من الوثنية(*) القديمة يتجلى في تعظيم الكواكب والنجوم على صورة من الصور. • الانتشار ومواقع النفوذ: • الصابئة المندائيون الحاليون ينتشرون على الضفاف السفلى من نهري دجلة والفرات، ويسكنون في منطقة الأهوار وشط العرب، ويكثرون في مدن العمارة والناصرية والبصرة وقلعة صالح والحلفاية والزكية وسوق الشيوخ والقرنة وهي موضع اقتران دجلة بالفرات، وهم موزعون على عدد من الألوية مثل لواء بغداد، والحلة، والديوانية والكوت وكركوك والموصل. كما يوجد أعداد مختلفة منهم في ناصرية المنتفق والشرش ونهر صالح والجبابيش والسليمانية. • كذلك ينتشرون في إيران، وتحديداً على ضفاف نهر الكارون والدز ويسكنون في مدن إيران الساحلية، كالمحمرة، وناصرية الأهواز وششتر ودزبول. • تهدمت معابدهم في العراق، ولم يبق لهم إلا معبدان في قلعة صالح، وقد بنوا معبداً مندياً بجوار المصافي في بغداد، وذلك لكثرة الصابئين النازحين إلى هناك من أجل العمل. • يعمل معظمهم في صياغة معدن الفضة لتزيين الحلي والأواني والساعات وتكاد هذه الصناعة تنحصر فيهم لأنهم يحرصون على حفظ أسرارهما كما يجيدون صناعة القوارب الخشبية والحدادة وصناعة الخناجر. • مهاراتهم في صياغة الفضة دفعتهم إلى الرحيل للعمل في بيروت ودمشق والإسكندرية ووصل بعضهم إلى إيطاليا وفرنسا وأمريكا. • ليس لديهم أي طموح سياسي، وهم يتقربون إلى أصحاب الديانات الأخرى بنقاط التشابه الموجودة بينهم وبين الآخرين. ويتضح مما سبق: إن الصابئة من أقدم الديانات(*) التي تعتقد بأن الخالق واحد وقد جاء ذكر الصابئين في القرآن باعتبار أنهم أتباع دين كتابي. وقد اختلف الفقهاء حول مدى جواز أخذ الجزية منهم، إن كانوا أحدثوا في دينهم ما ليس منه. وقد أصبحت هذه الطائفة كأنها طائفة وثنية تشبه صابئة حران الذين وصفهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وعموماً فالإسلام قد جب ما قبله ولم يعد لأي دين(*) من الديانات السابقة مكان بعده.
------------------------------------------------ مراجع للتوسع : - الصابئة المندائيون، الليدي دراوور – مطبعة الإرشاد – بغداد – 1969م. - مندائي أو الصابئة الأقدمون، عبد الحميد عبادة – طبع في بغداد – 1927م. -الصابئة في حاضرهم وماضيهم، عبد الرزاق الحسني – طبعة لبنان – 1970م. -الكنزاربّا، وهو كتاب الصابئة الكبير ومنه نسخة في خزانة المتحف العراقي. - الفهرست، ابن النديم – طبع في القاهرة – 1348هـ. - المختصر في أخبار البشر، تأليف أبي الفداء – طبع في القاهرة – 1325هـ. - الملل والنحل، للشهرستاني – طبعة لبنان – 1975م. - معجم البلدان ، لياقوت الحموي – طبع في القاهر – 1906م. - مقالة لأنستاس الكرملي، مجلة المشرق – بيروت – 1901م. - مقالة لزويمر، مجلة المقتطف – القاهرة – 1897م. - مقالة لإبراهيم اليازجي، مجلة البيان – القاهرة – 1897م. - الموجز في تاريخ الصابئة المندائين العرب البائدة، لعبد الفتاح الزهيري، مطبعة الأركان ببغداد 1403هـ. - الصلاة المندائية وبعض الطقوس الدينية، لرافد الشيخ عبد الله نجم – بغداد 1988م. - اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، فخر الدين الرازي – القاهرة – 1356هـ. -إبراهيم أبو الأنبياء، عباس محمود العقاد – دار الكتاب العربي – بيروت – لبنان – صفحة 139-148 طبعة عام 1386هـ/1967م.
المراجع الأجنبية : - Handbook of Classical and Modern Mandai, Berlin 1965. - Mandaean Bibliography, Oxford University Press, 1933. - Die Mandaer: ihre relligion und ihre Geschichte Muller: Amsterdam 1916. - Frankfort Dr. Henri Archeology and the Sumerian Problem, Chicago Studies in Ancient Oriental Civilization. No. 4 (Univ. of Chicago Press, 1932). - J.B. Tavernier, Les Six Voyaojes, Paris 1713. - M.N. Siouffi, Etudes Sur la religion des Soubbas, Paris 1880. - E.S. Drower, The Mandaeans of Iraq and Iran, London 1937. - H. Pognon, Inscriptions Mandaites des Coupes de Khouberir, Paris 1898. |
الأفلاطونية المحدثة
مذهب فلسفي تطوّر عن فلسفة أفلاطون، وأخذت أيضــًا عناصــر مــن أفكـــار فيثاغوروس، وأرسطو والرواقيين. وقد أسس أفلوطين الأفلاطونية المحدثة. أما رواد الأفلاطونية الآخرون فهم أتباع أفلوطين بورفيري وبروكلس.
طور الأفلاطونيون المحدثون فلسفتهم من نظرية أفلاطون عن الأشكال. وطبقا لهذه النظرية، فإن جميع الأشياء التي يمكن تخيلها، هي فقط نسخ معينة من الأشكال التي تكوِّن جوهرها الصحيح. والمعرفة تأتي من الاحتفاظ في العقل بالصورة الجوهرية لشيء ما، بالأحرى عن تصوّرهِ بأحاسيس أوصافه العارضة. وقد ذهب أفلوطين إلى ماوراء هذه النظرية لتقسيم عالم أفلاطون عن الأشكال، إلى مستويات مختلفة من الحقيقة. ويعتمد كل مستوى على حقيقة تلك المستويات التي تعلوه.
إن تجاوز الحقيقة بأكملها هو الواحد، والذي هو في حد ذاته غير معروف، ولايستطيع أحد أن يقول إن الواحد هو، لأن الواحد هو ماوراء الوجود. ولكن الواحد يتمدد أو يفيض إلى المستويات أسفله، كما يسطع الضوء خلال الظلام، ويصبح أكثر ظلمة كلما مضى أبعد. والمستوى الأعلى للحقيقة هو ذلك العقلي الذي توجد فيه الأشكال كأفكار فيما وراء الوقت والفراغ. والمستوى التالي أكثر ظلمة وأقل حقيقة، وهو الروح. والمستوى التالي هو الطبيعة، العالم المظلم لأجساد المادة.
وتحت هذه المستويات المادة التي يصفها أفلوطين بأنها ليست موجودة ومثل مبدأ الشر. ونحن نسكن المستويات السفلى، ولكن نشتاق للصعود والعودة إلى المستويات الأعلى. ويمكن لأرواحنا أن تترك أجسامنا، وتسبح في عالم الفكر حيث تستقر الأشكال كأفكار في العقل الإلهيّ.
وقد اعتقد الأفلاطونيون المحدثون أن الغرض من الفلسفة هو الهروب من الارتباط الذي نحس به تجاه أجسامنا وبيئتنا الفيزيائية، وبهذه الطريقة يتحقق الخلود باكتشاف مكاننا الحقيقي في عالم الأشكال.
والأفلاطونية المحدثة حركة فلسفية مهمة. فقد أثر أفلوطين على القديس أوغسطين في تطوير مبادئه عن اللاهوت النصراني. وقد ساعدت آراء بروكلس في تشكيل اللاهوت السلبي النصراني الذي يشير إلى حدود قدرة الإنسان على فهم الوجود الأعلى. وقد تأثّر فكر الأفلاطونيين المحدثين بفلسفة الشرق الأولى منذ أوائل القرن الخامس الميلادي وكان تأكيد الأفلاطونية الجديدة على الروحية بوصفها نقيضا للمادية، وكان الجمال مهمًا لفكرة الحب الأفلاطوني خلال عصر النهضة.