نبذة تاريخية
في الماضي. تعلم البشر منذ نحو مليون ونصف مليون سنة قدح النار. وكان مصدر طاقتهم الوحيد حينئذ قوتهم الجسدية الذاتية، حيث كانوا يستخدمون الطاقة الحرارية الناتجة عن احتراق الخشب في تدفئة أنفسهم وطبخ طعامهم وتقسية أوانيهم الخزفية. واخترع المصريون نحو عام 3200 ق.م المراكب الشراعية واستخدموا الرياح لدفع مراكبهم. كذلك طُورت دواليب المياه في الأزمنة الخالية واستُخدمت قدرة سقوط الماء.
وظل الحطب يُعَد حتى أواخر القرن الثامن عشر أهم أنواع الوقود. واستعمل الناس أشجار الغابات التي بدأ نموها يتضاءل بكثرة، وحل الفحم الحجري محلها تدريجيًا. وأدى ازدياد الطلب على الفحم الحجري إلى البحث عن طرائق أفضل لاستخراجه، بما في ذلك طرائق لحفظ مداخل المناجم من الفيضان. وقد نال المخترع الإنجليزي توماس سافيري براءة اختراع مضخة محسنة لنزح الماء من المناجم، وزُوِّدت هذه المضخة بالقدرة من أول محرك بخاري عملي. ويستخدم الناس الآن جهازًا يمكنه تحويل الحرارة إلى طاقة ميكانيكية تقوم بالعمل.
الثورة الصناعية. أصبح المحرك البخاري المصدر الرئيسي للطاقة في الصناعة ووسائل النقل أثناء الثورة الصناعية. وازداد استعمال الناس للطاقة ازديادًا هائلا في هذه المرحلة من القرن الثامن عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر الميلاديين. وحلت الآلات المسيَّرة بالطاقة الآلية على نطاق واسع محل العمل اليدوي، كما حلت المراكب البخارية محل السفن الشراعية. وقد جعل استخدام الطاقة الجديد العمل أشد يسرًا وأكثر إنتاجًا، وأدى ازدياد الإنتاج إلى غنى وافر، وساعد هذا الازدهار على ازدياد عدد السكان؛ فازداد استهلاكهم للطاقة وأصبح بإمكانهم، في الوقت نفسه، التمتع بالرفاهية ووسائل الراحة التي تستهلك كثيرًا من الطاقة.
وفي القرن التاسع عشر اكتشف المخترعون مصادر جديدة متعددة للطاقة وطرائق استعمالها. ففي عام 1831م اكتشف الفيزيائيان مايكل فارادي البريطاني، وجوزيف هنري الأمريكي ـ كل على حدة ـ طريقة تحويل الطاقة الميكانيكية إلى طاقة كهربائية. فقد وجدا أن المغنطيس المتحرك يولد تيارًا كهربائيًا في ملف من الأسلاك. وتمكنت المولدات التي تعمل بهذا المبدأ المسمى الحث الكهرومغنطيسي من توليد الكهرباء بتدوير دولاب مائي أو توربين بخاري.
وتمكن المخترع الفرنسي جان جوزيف إتيان لانوار في عام 1860م من صنع أول المحركات التي تعمل بالاحتراق الداخلي. وتنتج هذه المحركات القدرة بانفجار مزيج من الهواء مع أبخرة سريعة الالتهاب. وقد تبين أن أفضل وقود هو البترول لسهولة تبخيره. وصمم المهندس الألماني كارل بنز في عام 1885م أولى السيارات التي تُسير بالبترول فازداد الطلب عليه بعد أن انتشر استعمال السيارات.
في القرن العشرين. تضاعف استعمال الطاقة تقريبًا كل عشرين سنة بدءًا من العام 1900م. وترجع أسباب هذا إلى 1- ازدياد عدد السكان 2- نمو القوى العاملة 3- وفرة الثروة 4- الاختراعات التي تستعمل الطاقة 5- المنتجات التي تستهلك في صنعها مقادير كبيرة من الطاقة 6- استعمال الوقود الأحفوري في غير أغراض الطاقة.
وقد ازداد استعمال الطاقة في معظم البلدان الصناعية ازديادًا أسرع كثيرًا من ازدياد عدد السكان بدءًا من الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945م)، إذ إن مستوى الحياة تحسن وأصبح الناس قادرين على شراء وسائل الراحة التي تستهلك الطاقة، كالتدفئة المركزية والسيارات. وظهرت في الوقت نفسه أدوات جديدة بما في ذلك غسالات الصحون الكهربائية وأفران التسخين بالموجات الدقيقة (المايكرويف) التي تستهلك الطاقة أيضًا، واستخدم الناس كثيرًا من المواد مثل الألومنيوم والبلاستيك التي يتطلب صنعها مقادير هائلة من الطاقة.
وقد انخفض ازدياد استعمال الطاقة في عدة بلدان صناعية في أوائل الثمانينيات. وأدى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والنفط إلى أن يتخذ الناس إجراءات الحفظ والصيانة ليقتصدوا في استهلاك الطاقة. وتضمنت هذه الإجراءات صنع سيارات تكون فيها فعالية الوقود أكبر، وعزل المباني بطريقة أفضل للتقليل من فقدان الحرارة. ولكن انخفاض أسعار الوقود في منتصف الثمانينيات أدى إلى قلة اهتمام الناس بإجراءات الحفظ وإلى ازدياد استعمالهم الطاقة.
يستهلك الشخص في الدول النامية من الطاقة نحو جزء من خمسة عشر جزءًا مما يستهلكه شخص في إحدى البلاد المتطورة. فأوروبا واليابان والولايات المتحدة تستهلك نحو سبعين في المائة من طاقة العالم، في حين لا يزيد عدد سكانها على عشرين في المائة من سكان العالم.
ولا تستطيع البلاد النامية أن تفعل إلا القليل في سبيل تحديد استهلاكها للطاقة دون تضحية بأهداف مهمة. فهي بحاجة إلى كثير من المصانع والآلات الزراعية ووسائل النقل وتتطلب كلها طاقة لتشغيلها. ويرغب الناس في هذه البلاد في مزيد من التدفئة المركزية والإنارة بالكهرباء ووسائل الراحة الأخرى التي تستهلك الطاقة. ويعتمد كثير من هذه البلدان على الحطب والفحم النباتي في التدفئة والطبخ. ولا شك أن استعمال الحطب والفحم النباتي يسبب إزالة الغابات على نطاق واسع، وغالبًا ما تصبح الأرض غير صالحة للزراعة بسبب ازدياد التصحر.
مخزون الطاقة الكمية الكلية للطاقة القابلة للاستعمال المتوافرة للناس. ونحن نستعمل أنواعًا مختلفة من الطاقة لإنجاز العمل، وتأمين التدفئة، ونقل الناس أو السلع من مكان إلى آخر؛فالطاقة الكهربائية تُشغِّل المكنسة الكهربائية والغسالة الآلية وأدوات أخرى، كما نستعمل الطاقة الحرارية في طهو الطعام على المواقد وتدفئة المباني، ونستخدم الطاقة الآلية لتدوير عجلات السيارات.
ويأتي نحو 85% من طاقة العالم التجارية من الفحم الحجري والنفط والغاز الطبيعي. وهذه الطاقة التجارية هي الطاقة التي تنتجها المشاريع التجارية والحكومات. ويطلق على الفحم الحجري والنفط والغاز الطبيعي اسم الوقود الأحفوري لأنه تطور بدءًا من بقايا أحفوريّة لنباتات ما قبل التاريخ وحيواناته.
ومخزون الأرض من الوقود الأحفوري محدود. وقد أخذت كمية ما يحرقه الناس منه تتضاعف كل 20 سنة تقريبًا منذ العام 1900م، ولذلك سوف ينفد هذا المخزون يومًا ما. ويبحث العلماء في يومنا هذا عن مصادر جديدة للطاقة تحل محل احتياطيات الوقود الأحفوري المتناقصة. وهم يبحثون أيضًا ناشطين عن طرائق لتقليل تأثير إنتاج الطاقة على البيئة. فهم يدركون أن إنتاج الطاقة يسبب مشكلات بيئية، ذلك لأن حرق الوقود الأحفوري يولد ثاني أكسيد الكربون الذي يسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، ولأن مولدات الطاقة النووية تنتج نفايات مشعة أي ذات نشاط إشعاعي.
الوقود الأحفوري. يشتمل، وفقًا لكميته المستعملة في أنحاء العالم، على النفط والفحم الحجري والغاز الطبيعي. وتؤلف الرمال الحمرية (القارية) والزيت الصخري مصدرًا مهمًا من مصادر الطاقة في المستقبل.
النفط يؤلف 40% من الطاقة التجارية المستعملة في العالم. فهو يمثل معظم الطاقة المستعملة في النقل، وفي تدفئة ملايين المباني أيضًا.
واستخراج النفط من الأرض أيسر من استخراج الفحم الحجري، وتنقله خطوط الأنابيب مسافات طويلة بأسعار زهيدة. ويشتمل النفط، شأنه شأن الفحم الحجري، على شوائب تسبب تلوث الهواء، ولكن يمكن أن تتخلص المصافي من كثير من هذه الملوثات أثناء قيامها بتكرير النفط.
الفحم الحجري يؤلف نحو 26% من كل الطاقة التجارية المستعملة في العالم، وتتضمن أهم استعمالاته إنتاج الكهرباء والفولاذ. كما يزود الفحم الحجري صناعات أخرى عديدة بالحرارة والطاقة. ففي أوروبا وآسيا يدفئ الفحم الحجري عددًا لا يحصى من البيوت.
وينشأ عن استخراج المعادن من المناجم وعن وسائل النقل وحرق الفحم الحجري مشكلات خطيرة. فعمال المناجم الذين يعملون في أعماق الأرض يواجهون خطر الانفجارات وسقوط الصخور والإصابة بمرض الرئة السوداء الذي يسببه استنشاق غبار الفحم الحجري. وتتلف مناطق المناجم الأشجار وتُحدث أخاديد ضخمة في الأراضي البرية. كما أن نقل الفحم الحجري بالعربات بعد استخراجه يكلف كثيرًا. ويطلق الفحم الحجري حين يحترق الكبريت وشوائب أخرى تلوث الهواء فيسبب المطر الحمضي.
وقد طور الكيميائيون طرائق مختلفة لتحويل الفحم الحجري إلى غاز أو سائل وأمكن بذلك استعمال الفحم الحجري الغازي بديلاً عن الغاز الطبيعي. أما الفحم الحجري السائل فيمكن استعماله في عمل النفط الاصطناعي. وتُحوِّل العمليتان الفحم الحجري الملوث إلى وقود نظيف يكون محتواه من الكبريت منخفضًا. وتُنتج كلتا العمليتين وقودًا يمكن نقله في خطوط أنابيب فيكون بديلاً عن الوقود الطبيعي. ولكن كلتا الطريقتين مكلفة وتتطلبان كميات ضخمة من الفحم الحجري.
الغاز الطبيعي يؤلف نحو 21% من الطاقة التجارية المستعملة في العالم. ويستخدم الملايين من الناس الغاز الطبيعي في تدفئة بيوتهم وطبخ طعامهم وتجفيف غسيلهم. كذلك يستخدم كثير من الصناعات الغاز الطبيعي لتوليد الحرارة والقوة المحركة.
ويعد الغاز الطبيعي أنظف أنواع الوقود الأحفوري وأكثرها ملاءمة إذ يمكن نقله بيسر في خطوط الأنابيب ويكاد لا يسبب أي تلوث هوائي.
الرمال الحُمَّرِيّة. وهي المعروفة بالرمال النفطية أو الرمال القارية، يمكن أن تصبح يومًا ما مصدرًا رئيسيًا للنفط. ولكن عملية استخراج النفط من هذه الرمال أكبر كلفة من إنتاج النفط إنتاجًا طبيعيًا.
صخر الزيت. هناك نوع من الصخور يمكن أن يعامل لينتج الزيت، ولكن ما يحصل عليه من الزيت يكلف أكثر من ضخ النفط من الأرض. أضف إلى ذلك أن استخراج صخر الزيت من المناجم يتطلب شق مساحات واسعة من الأراضي الريفية ويخلِّف أكوامًا ضخمة من النفايات الصخرية.
الخشب. استعمل الخشب فيما مضى وقودًا رئيسيًا ومازال يؤلف نسبة مئوية صغيرة من الطاقة المستعملة في العالم، ولكن من المحتمل أن تتناقص أهميته في المستقبل بوصفه مصدرًا للطاقة.
السد العالى فى اسوان فى مصر
القدرة المائية. تؤلف القدرة المائية نحو 7% من الطاقة التجارية في العالم. ولا يكلف الماء شيئًا كما لا يمكن أن ينفد، وهو يولد الطاقة دون أن يُحدث تلوثًا. ولكن معظم مشاريع القدرة المائية تقتضي بناء سد أو أبنية أخرى غير رخيصة. كذلك لا يمكن أن تعمل محطة القدرة المائية إلا حيث يجري الماء من مكان عالٍ إلى مكان أخفض منه، وتسهم محطات القدرة المائية بأكثر من نصف الإنتاج الكلي للكهرباء في عدد من البلاد الجبلية مثل نيوزيلندا وسويسرا.
وفي بعض البلاد العربية كمصر مثلاً تسهم محطة القدرة المائية في السد العالي جنوبي محافظة أسوان بمعظم احتياجاتها من الطاقة الكهربائية. كما تستفيد المملكة العربية السعودية من محطات تحلية مياه الشرب في الجبيل وينبع في توليد طاقة كهربائية تغطي جزءًا من احتياجات المملكه العربيه السعوديه
لطاقة النووية. تؤلف الطاقة النووية نحو 6% من الطاقة التجارية المستعملة في العالم. وتأتي هذه الطاقة من الانشطار أي انفلاق ذرات بعض العناصر ولا سيما اليورانيوم في المفاعلات. والمفاعلات أجهزة يتم التحكم بها في التفاعلات الذرية التي تحدث فيها. ويُسْتَخْدمَ انشطار المفاعلات في تسيير بعض السفن وفي توليد الكهرباء.
ويتوقع الفيزيائيون في آخر المطاف التحكم في قدرة الاندماج واتحاد النوى الذرية. وهذا الاندماج هو الذي يولد الحرارة والضوء في الشمس وفي النجوم والقوة المفجرة في القنبلة الهيدروجينية.
الانشطار النووي. يُنتج الانشطار النووي من مقادير صغيرة من الوقود كميات كبيرة من الطاقة. وتنتج المحطات النووية الكهرباء دون تلويث الهواء الناجم عن الاحتراق.
ولكن للانشطار مساوئ كثيرة؛ إذ يتنبأ الخبراء ألا يدوم مخزون اليورانيوم ذي النوعية العالية إلى ما بعد نهاية القرن العشرين، كما أن محطات الانشطار تولد حرارة ضائعة أكثر مما تولده المحطات التي تحرق الوقود العادي. وتُحدث هذه الحرارة الضائعة تلوثًا حراريًا يمكن أن يؤذي البيئة إذا لم تُزود المحطات النووية بأجهزة تبريد غالية الثمن. كما تخلِّف هذه المحطات أيضًا أطنانًا من النفايات المشعة في كل سنة، أضف إلى ذلك أنها معرضة لخطر انطلاق طارئ للنشاط الإشعاعي.
ويمكن أن يُنتج المفاعل المولِّد مقادير كبيرة من الطاقة. ويولد هذا النوع الخاص من المفاعلات وقودًا أكثر مما يستهلك. ويمكن استعمال ما يفيض من المواد المنشطرة في مفاعلات نووية أخرى. كذلك فإن الحرارة الضائعة التي يولدها المفاعل المولد أقل مما يولده مفاعل عادي.
الاندماج النووي. لا يحدث الاندماج النووي إلا عند درجات حرارة عالية، لذلك يُسمى تفاعل كهذاتفاعلاً حراريًا نوويًا. ويعتقد بعض العلماء أنه سيتم إنجاز تفاعلات الاندماج المتحكم بها بحلول العام 2000م. ويمكن أن يحل هذا الإنجاز مشكلات الطاقة لملايين السنوات، إذا تبين أن الاندماج مصدر اقتصادي للطاقة.
ويستعمل المفاعل النووي الديوتريوم وقودًا، وهو أحد نظائر الهيدروجين. وتحوي مياه المحيطات ما يكفي من الديوتريوم لتزويد الناس دومًا بكل الطاقة التي يمكن أن يحتاجوا إليها. أضف إلى هذا ضآلة خطر الانفجار أو الإشعاع الذي قد ينشأ عن الاندماج. لذلك لا تنشأ مشكلة التخلص من النفايات لأن معظم نتاج الاندماج ليس مشعًا بخلاف نتاج الإنشطار.
الطاقة الشمسية. تُستعمل في كل العالم للقيام بأعمال صغيرة مختلفة. فعلى سبيل المثال، تُستعمل أجهزة بسيطة تسمى مجمعات الألواح المسطحة في تدفئة المباني وتسخين الماء بامتصاص حرارة أشعة الشمس. وتقوم أجهزة أخرى تسمى الخلايا الشمسية أوالخلايا الفولتية الضوئية بتحويل الضوء إلى كهرباء.
ويمكن أن تزودنا الطاقة الشمسية بمخزون نظيف من الطاقة يكاد لا ينضب. ولكن انتشارها الواسع يتطلب مساحة كبيرة من الأرض كي يُستفاد من طاقتها استفادة قصوى. أضف إلى ذلك أن الظلام والطقس السيء يعوقان الاستفادة من أشعة الشمس.
وفي دول عربية مثل المملكة العربية السعودية بدأ مشروع الطاقة الشمسية في انتاج الطاقة. ويمكن أن تحصل به المملكة على مقادير هائلة من الطاقة الشمسية يوميًا ـ وهي تقدر بـ 105 تريليون كيلواط/ ساعة يوميًا ـ أي ما يعادل من حيث الطاقة الحرارية 10 بلايين برميل من الزيت.
ونظرًا للارتفاع المستمر في تكلفة الطاقة وازدياد الطلب عليها فقد عنيت المملكة العربية السعودية بدعم وتطوير تقنية الطاقة الشمسية في مجالات الكهرباء والزراعة والتبريد وتحلية المياه. ففي مطلع عام 1404 هـ، 1984م، افتتح المجمع الشمسي في المملكة العربية السعودية بالقرب من قرية العيينة على مسافة 50 كيلومترا شمالي الرياض. ويهدف هذا المجمع الذي يعتبر أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم، إلى تطوير نظام لإمداد المناطق البعيدة بمصدر للقوة الكهربائية، ومن ثم الارتقاء بمستوى الريف. وهو يتألف من 160 مجمعًا شمسيًا معدة لإنتاج 350 كيلو واط من الطاقة.
وهناك مشاريع لاستغلال الطاقة الشمسية في مجال التبريد والزراعة. وفي مجال استخدام الطاقة الشمسية لتحلية مياه البحر أقيمت محطة تجريبية في مدينة ينبع تبلغ تكلفتها 18 مليون دولار أمريكي.
قدرة الرياح. وهي تدير الطواحين الهوائية وتدفع المراكب الشراعية، كذلك تستخدم الطائرات قدرة الرياح العالية الارتفاع المسماة التيار المتدفق. ولا تكلف الرياح نفسها شيئًا ولا تحدث أي تلوث، ولكن قدرة الرياح لا تفيد عمليًا إلا في المناطق التي تكون الرياح فيها قوية ومستمرة.
طاقة المد والجزر. وهي طاقة يمكن استعمالها حيثما يحدث المد في خليج يمكن إغلاقه بوساطة سد ما؛ فحين يحدث المد يمتلئ الخليج بالماء وفي أثناء الجزر ينخفض مستوى ماء المحيط عن مستوى الماء المخزون خلف السد، وإذا أطلق هذا الماء أدار أثناء سقوطه توربينات تولد الكهرباء. وكانت أول محطة لطاقة المد في العالم هي التي بدأ العمل بها في فرنسا عام 1966م. والعيب الأكبر في طاقة المد أنها لا تولد الكهرباء إلا في أوقات للمد معينة ولمدد قصيرة، أضف إلى ذلك أنه لا يمكن بناء محطات المد إلا في أماكن قليلة.
قدرة الحرارة الأرضية (الجوفية). وهي تتولد حيثما يكون الماء على تماس مع صخور ساخنة تحت الأرض فيتحول الماء حينئذ إلى بخار. وتقوم شركات القدرة بحفريات في أراض حيث يكون البخار تحت الأرض حبيسًا فتسلطه على ريش التوربينات البخارية. ويمكن أن يولد المهندسون البخار في المناطق التي لا يوجد فيها البخار وجودًا طبيعيًا بحقن الماء في صخور ساخنة. وغني عن القول أن محطات قدرة الحرارة الأرضية لا تحرق شيئًا، لذلك لا يتولد عنها دخان يلوث الهواء. وتُنتج بعض هذه المحطات كهرباء أرخص مما تنتجه محطات القدرة العادية، وقد أقامت بعض البلاد محطات قدرة حرارة أرضية، ومنها آيسلندا وإيطاليا واليابان والفلبين ونيوزيلندا والولايات المتحدة.
المولدات الهيدرودينامية المغنطيسية. هي التي تحول الوقود مباشرة إلى كهرباء. فهذه المولدات تحرق الفحم الحجري أو أي وقود آخر عند درجات حرارة عالية لإنتاج غاز حار متأين أي مشحون بالكهرباء. وينطلق الغاز خلال قناة في حقل مغنطيسي حيث ينتج تيارًا كهربائيًا يتم نقله بوساطة أقطاب. ويمكن للغاز بعد خروجه من المولِّد أن يسيِّر توربينًا كي يولد مزيدًا من الكهرباء. ويمكن أن تصبح هذه المولدات مصادر فعالة للطاقة، غير أن هناك مشاكل تقنية متعددة تتطلب حلاً. وقد أقيمت مولدات هيدرودينامية مغنطيسية ضخمة في كل من الاتحاد السوفييتي (سابقًا) والولايات المتحدة.
خلايا الوقود. وهي أدوات تشبه البطاريات الكهربائية، يتفاعل فيها نوعان من الوقود كيميائيًا لتوليد الكهرباء، ويكون كل منهما غازًا أو سائلاً. وقد تولَّدت الكهرباء من تفاعل الهيدروجين مع الأكسجين في خلايا الوقود التي زودت بها الولايات المتحدة مركبتها الفضائية أبولو. ويمكن أن تُنْتِج خلية الوقود من الكهرباء ضعف ما ينتجه مولد عادي حين يزودان بكمية معينة من الوقود. وليس من خلايا الوقود ما يحترق، لذلك لا تُحدث إلا تلوثًا ضئيلاً ولا تفقد من الحرارة الضائعة إلا قدرًا ضئيلاً، إلا أنها مكلفة في صنعها.
النفايات الصلبة. يمكن أن تنتج النفايات الصلبة طاقة أيضًا. فكثير من المدن في العالم تحرق النفايات لإنتاج الطاقة الكهربائية. وتتبع طريقة أخرى باستعمال النفايات النباتية أو الحيوانية لإنتاج وقود كالميثانول والغاز الطبيعي والنفط، وتسمى هذه الطريقة التحول الحيوي. ففي طريقة كهذه يُسْتخرج النفط من رقائق الفضلات الخشبية بالضغط الشديد والحرارة العالية.
الهيدروجين. يمكن أن يحل الهيدروجين يومًا ما محل الغاز الطبيعي والنفط. فهو يحترق بيسر معطيًا كميات كبيرة من الحرارة ومنْتَجًا ثانويًا غير مؤذٍ هو الماء. ويمكن نقل الهيدروجين في خطوط أنابيب إذا بُرِّد ليصبح سائلاً. ويمكن استعماله وقودًا في الطائرات والسيارات لخفة وزنه وعدم تلويثه الجو. أما استخراجه من ماء المحيطات فيتم بإمرار تيار كهربائي خلال هذا الماء. ولكن هذه العملية المسماة التحليل الكهربائي تتطلب مقادير ضخمة من الكهرباء.
المشكلات
ينتج عن اســتعمال الطاقة مشــــكلات خطيرة تتضمن 1- استنزاف احتياطي الوقود، 2- التلوث البيئي، 3- آثار سياسية واقتصادية.
استنزاف احتياطي الوقود. استهلك سكان العالم بسرعة كبيرة مصادر الطاقة التي تراكمت عبر ملايين السنين. وقد بدأ تكون أضخم وقود أحفوري منذ نحو 345 مليون سنة. فخلال ما يقرب من 70 مليون سنة دُفِنَت في الأرض بعمليات طبيعية مقادير هائلة من الأشجار الميتة ونباتات أخرى. وتحولت هذه المواد النباتية المدفونة تدريجيًا إلى فحم حجري بمرور الزمن وبفعل الحرارة والضغط. ويتكون النفط والغاز الطبيعي بالطريقة نفسها من بقايا نباتات المحيطات وحيواناتها. ومازال تَكَوُّن الوقود الأحفوري مستمرًا ولكن الناس يحرقون كميات من الوقود بسرعة تفوق سرعة تكونه آلاف المرات.
ويهدد الازدياد السريع في استعمال الطاقة استنزاف مخزون العالم منها. ويمكن أن يصبح النفط أول وقود يستخرج بصعوبة في أوائل القرن الحادي والعشرين. كذلك جرى استهلاك الغاز بسرعة كبيرة، حيث توقع خبراء الغاز في منتصف الثمانينيات ألا يدوم احتياطي الأرض من الغاز أكثر من نحو 75 سنة. وعندما يستخرج الناس كل النفط وكل الغاز الطبيعي من الأرض يكونون قد استهلكوا الطاقة السهلة المتاحة في الطبيعة، وعليهم أن يستعملوا بعد ذلك وقودًا صلبًا كالفحم الحجري والنفط الصخري اللذين يستخرجان من الأرض بصعوبة. ومع أن الفحم الحجري أكثر أنواع الوقود الأحفوري وفرة فإنه يتوقع ألا يدوم أكثر من مائتي سنة، وعلى الإنسان أن يجد في آخر الأمر مصادر مختلفة للطاقة.
ينتج أنظف أنواع النفط الأحفوري ثاني أكسيد الكربون عند احتراقه. وهو غاز غير مؤذٍ ولكن تراكمه في غلاف الجو الأرضي يمكن أن يسبب ظاهرة تسمى تأثير البيت المحمي. فثاني أكسيد الكربون، كالزجاج في البيت المحمي، يتيح لأشعة الشمس أن تدفئ الأرض ولكنه يحول دون هروب الحرارة وعودتها إلى الفضاء. ولذلك فإن تأثير البيت المحمي يمكن أن يرفع درجة حرارة الأرض على نحو مستمر فيذوب جزء من قلنسوة الثلوج في القطب وتحدث الفيضانات..
كذلك تسبب كل مصادر الطاقة الأخرى بعض الأذى في البيئة. فمحطات القدرة النووية تولد تلوثًا حراريًا ونفايات مشعة، كما تحدث محطات الحرارة الأرضية مزيدًا من الحرارة وأحيانًا روائح كريهة. ويمكن لقدرة المد والقدرة الشمسية من البحر أن تحدثا اضطرابًا في نظام الحياة البحرية بتغيير الظروف في المحيطات. كذلك فإن أي استعمال للطاقة ـ مهما كان مصدرها نظيفًا ـ يطلق مزيدًا من الحرارة. وإذا استمر استعمال الطاقة في الازدياد فإن الحرارة المنطلقة سوف تغير بيئة مدن كثيرة.
الآثار السياسية والاقتصادية. يوجد نحو ثلثي احتياطي العالم من النفط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويعتمد كثير من الدول الصناعية على نفط البلاد العربية لتزويد اقتصادها بالوقود. وتستورد بلاد مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا واليابان معظم نفطها من الشرق الأوسط.
وينشأ عن اعتماد الدول الصناعية على النفط العربي اكتساب دول الشرق الأوسط قوة كبيرة. فعلى سبيل المثال يمكن أن تمارس الحكومات العربية ضغطًا سياسيًا كبيرًا بفرض الحظر على النفط كما حدث في عام 1973م، عندما أوقف عدد من الدول العربية شحن النفط إلى عدد من الدول الغربية أو خفضت من شحنه.
وقد فرضت الحكومات العربية هذا الحظر احتجاجًا على مساندة الغرب لإسرائيل. وعلى هذا يمكن أن تصبح الدول التي ساندت إسرائيل في النزاع مع الدول العربية أكثر مناصرة للعرب بفضل النفط العربي.
يضاف إلى ما سبق أن كثيرًا من الدول التي تشتري كميات كبيرة من النفط من البلاد العربية، يمكن أن ينشأ فيها عجز في ميزان المدفوعات؛ أي أنها تستورد من البضائع والخدمات والمال أكثر مما تصدر، ويمكن أن يضعف هذا العجز اقتصاد الدولة.
ويخشى بعض الناس أن يحدث كساد اقتصادي إذا توقف ازدياد استعمال الدول للطاقة. وهم يشيرون إلى أن نقصان البترول في منتصف السبعينيات أدى إلى ازدياد البطالة ونقص الإنتاج. ويعتقد أناس آخرون أن الدول الصناعية تبدد كثيرًا من الطاقة التي كان يمكن توفير قسم كبير منها دون تعطل نموها الاقتصادي.
وعندما يصبح الوقـود نادرًا يزداد سعره، لذلك يدعو كثير من الناس إلى تنظيم سعر مصادر الطاقة وضبطه. ولكن كثيرًا من الاقتصاديين يرون أن ازدياد الأسعار يشجع منتجي الطاقة على توسيع نطاق اكتشافاتهم للنفط وعلى تعميق حفرهم للوصول إلى الوقود، كما أن العلماء سوف يبحثون عن مصادر جديدة للطاقة. ويقول الاقتصاديون أيضًا إن ازدياد أسعار الوقود يجعل الناس يستعملون الطاقة باحتراس وعناية شديدين.
ومع ذلك فإن ازدياد كلفة الطاقة يمكن أن يكون عقبة كبيرة أمام الدول النامية، إذ حين تزداد تكلفة الطاقة لا يستطيع كثير من هذه الدول توفير الطاقة اللازمة لكي تطور صناعتها وتقوي اقتصادها.
التحديات
يبرز نقصان مخزون الأرض من الطاقة تحديات تتضمن 1- تطوير مصادر جديدة للطاقة، 2- رفع كفاءة توليد القدرة، 3-ترشيد استهلاك الطاقة.
تطوير مصادر جديدة للطاقة. على العلماء أن يقوموا بحل كثيرمن المسائل قبل الوصول عمليًا إلى مصادر جديدة للطاقة. فالفيزيائيون النوويون لم يُوفَّقوا حتى الآن في التوصل إلى مفاعل مولد سريع يعول عليه، أو إلى التحكم في الاندماج النووي. وكذلك لتحويل الطاقة الشمسية إلى مصادر قدرة عملية، على العلماء أن يجدوا طرائق أفضل لتجميع القدرة وتركيزها وخزنها. وقد استعملت خلايا الوقود والخلايا الشمسية في تزويد برامج الفضاء بالقدرة، ولكنها تكلف الناس كثيرًا إذا رغبوا في استعمالها. أما الهيدروجين فيمكن أن يحل محل الوقود الأحفوري إذا استطاعت شركات القدرة إنتاجه بأسعار رخيصة.
رفع كفاءة توليد القدرة. إذا ظهرت مصادر جديدة للطاقة بسرعة، فإن الناس سوف يستمرون في الاعتماد على الوقود العادي لسنوات كثيرة. ويمكن للمهندسين في أثناء هذه المدة استبقاء احتياطي الوقود مدة أطول وذلك بتصميم محطات قدرة ومحركات أكثر مردودًا وكفاءة؛ فمحرك السيارة على سبيل المثال يستهلك في الواقع نحو عشرين في المائة من طاقة البنزين وما بقي يتحول إلى حرارة ضائعة. كذلك فإن أكثر محطات القدرة كفاءة لا تحول إلى كهرباء إلا أربعين في المائة من طاقة وقودها، ويمكن أن يزداد هذا العائد إلى ستين في المائة في نوع جديد من المحطات يتحد فيه الغاز مع البخار. ففي نظام عادي (غاز ـ توربين) يُدير الغاز الحار، بفعل احتراق الوقود، توربينًا ثم يُطْرح بعدئذ. أما في محطة الاتحاد، فإن الغاز يدير التوربين ثم يقوم البخار بإنتاج مزيد من الكهرباء. وتُبَدِّد معظم البلاد الصناعية نحو نصف الوقود الذي تحرقه. وازدياد العائد لا يوفر الوقود فحسب، بل يخفف أيضًا من التلوث الحراري.
ترشيد استهلاك الطاقة. يمكن أن يساعد ترشيد استهلاك الطاقة كثيرًا في تخفيف الضغط على مخزون الأرض من الطاقة. فعزل المباني على نحو أفضل يمكن أن يوفر نصف الوقود المستعمل في التدفئة وفي التكييف. ويمكن استعادة الحرارة الضائعة الناتجة من عمليات صناعية كثيرة واستعمالها في التدفئة. كذلك يمكن أن يتنقل كثير من الناس في وسائل النقل العامة بدلاً من السفر في سياراتهم. ويمكن لمن تقتضي ظروفهم قيادة سيارات خاصة أن يقوموا بشراء سيارات صغيرة. ويمكن لكثير من الأسر استعمال المصابيح الفلورية التي تبلغ إنارتها لوحدة كهربائية ثلاثة أضعاف إنارة المصباح المتوهج. كذلك يمكن في المساكن وأماكن العمل تخفيض درجة حرارة المنظم في الشتاء وزيادتها في الصيف وإطفاء الأضواء غير الضرورية. ولا شك أن إجراءات ترشيد كهذه توفر الزمن اللازم للبحث الذي يمكن أن يؤدي إلى مصادر جديدة للطاقة.