حق المؤلف مجموعة من الحقوق الاستئثارية الخاصة لحماية مصنفات المؤلفين والمُبدعين الآخرين من إعادة إنتاجها عن طريق النَّسْخ أو التصوير أو الأداء العلني دون تفويض. ويشمل حق المؤلف بوجه عام المصنفات الأصلية الأدبية والمسرحية والموسيقية والأداء العلني.
وأول قانون حديث لحماية حقوق المؤلفين هو الذي صدر في بريطانيا عام 1709م.
وفي العصر الحديث، أصدرت معظم الدول قوانين لحماية مصنفات المؤلفين التي تُنشر داخل الدولة أو خارجها. وتختلف براءات الاختراع والعلامات التجارية عن حقوق المؤلفين. تهدف براءة الاختراع أساسًا لحماية الاختراعات والاكتشافات والتحسينات المبتكرة من تقليد الآخرين. أما العلامة التجارية، فهي كلمة أو اسم أو رمز يُصَمَّم بغرض تمييز منتجات صاحب العلامة أو خدماته عن غيرها.
المصنَّفات المحمية. يُضفي قانون حق المؤلف الحماية على أنواع كثيرة من المصنفات الأصلية. فقد تكون هذه المصنفات أدبية أو موسيقية أو مسرحية أو تصميم حركات الرقص أو التصوير أو الحفر أو النحت. وتشمل بعض الطوائف الأخرى للمصنفات الصور المتحركة، والأعمال الأخرى السمعية والبصرية، وتسجيل الأصوات، وبرامج الحاسوب.
وتشمل المصنَّفات الأدبية الروايات والأشعار وغيرها، مثل برامج الحاسوب والفهارس والأدلة ومجموعات البيانات.
وتشكل المصنَّفات الموسيقية التراكيب الأصلية للأصوات والتوزيع الموسيقي وأية كلمات مصاحبة للموسيقى.
وتشمل المصنفات المسرحية أساسًا المسرحيات التي تقدَّم على المسارح أو تُعرض على شاشات السينما أو التلفاز. ويشمل حق المؤلف الموسيقى المصاحبة لمختلف الإداءات المسرحية والهزليات الموسيقية، والعزف الموسيقي للتلفاز.
ويجوز أن تكون مصنفات تصميم حركات الرقص والتمثيل الصامت محلاً لحق التأليف إذا سُجِّلت في فيلم أو شريط أو كتبت في محرَّر. ولاتشمل مصنفات الرقص خطوات الرقص الاجتماعي.
وتشمل مصنفات المبُدعين أعمال التصوير والحفر والنحت والصور الشمسية والوثائق المحررة بخط المؤلف، وبطاقات الرسائل والبريد والرسومات التخطيطية والرسوم المتحركة والإعلانات الكبرى والأشكال الفخارية والأواني الزجاجية والمواد الجيرية، والمطبوعات بالمطابع الحجرية والنقوش وغيرها من المبتكرات الفنية الأصلية للمبدعين، كالخرائط والرسوم المعمارية والتصميمات المختلفة، وبراءات الاختراع وغيرها من نماذج الفنون المرئية.
وتشمل الصور المتحركة كل المصنفات المكونة من تتابع صور بصرية سواء كانت مثبتة على فيلم أو شريط أو أسطوانة. ويشمل حق المؤلف شرائط الأفلام والمصنفات الأخرى المكونة من الصور المتتابعة التى لاتعطي انطباع الحركة عند المشاهدة. وتُضفى الحماية أيضًا على الأصوات المصاحبة للصور المتحركة والأعمال الصوتية والمرئية. وتشمل المصنفات الصوتية والمرئية بعض الأداءات المذاعة في جهازي التلفاز والمذياع.
ومصنفات تسجيل الأصوات يُقصد بها الأصوات المسجلة في أسطوانة أو شريط أو أي شكل آخر قابل لإظهار الصوت آليًا، دون أن يترك أثرًا صوتيًا على الشريط.
ولا تشمل حماية حق المؤلف إلا الأداء القابل لإعادة الإنتاج، فلا حماية للأفكار أو المفاهيم أو العناوين أو الجمل القصيرة أو العبارات الشائعة أو الرموز المألوفة.
حقوق المالك. يتضمن حق المؤلف حق الاستئثار بإنتاج وتوزيع النسخ والمصنفات المسجلة للعمل المحمي. ولكن في الحالة التي يتم فيها بيع نسخة من المصنف، يحق للمشتري أن يتصرف فيها بالبيع أو الإيجار دون إذن المؤلف.
ويعطي حق المؤلف لمن يملكه أيضًا الحق في إعداد مصنفات تُبنى على المصنفات المحمية، مثل الترجمة والتلخيص ونقل الصور المتحركة.
ويكون لمن يملك حق المؤلف الحق الاستئثاري في أداء مصنفه علانية أمام الجمهور، إذا كان المصنَّف أدبيًا أو موسيقيًا أو مسرحيًا أو رقصًا أو صورًا متحركة أو غيرها من الإبداعات السمعية البصرية.
ولمن يملك حق المؤلف وحده أن يتنازل عن حقوقه في المصنف لشخص آخر، بشرط أن يكون عقد التنازل مكتوبًا، كما يحق له أن يوصي بها لمن يشاء بعد وفاته. وإذا لم يرد في وصيته ذكر لحقوق المؤلف تؤول بقوة القانون إلى ورثته مع غيرها من أمواله الخاصة. ويجوز لمن يملك حق المؤلف أيضًا الترخيص لآخرين بإعادة إنتاج مصنفاته واستغلالها لمدة معينة.
وإذا اشترك اثنان أو أكثر في تأليف مصنف واحد، تكون حقوقهم مشتركة. ولايكون لأي منهم منفردًا حق الاستئثار بإعادة إنتاجه أو نشره. وفي الحالة التي ينتج فيها شخص مصنفًا أدبيًا أوفنيًا أثناء تأدية عمله لدى الآخرين، يتملك صاحب العمل عادة حق المؤلف في المصنف.
ويجوز التمسك بحقوق المؤلف أمام القضاء فقط عندما يحاول أحد الأشخاص الاعتداء عليها. لذلك وُصف حق المؤلف بأنه حق سلبي. والعلاج المألوف هو استصدار أمر قضائي بمنع الاعتداء على الحق، ويجوز للمؤلف أن يطالب أيضًا بالتعويض.
وللمحكمة سلطة إصدار الأمر بإتلاف المواد التي أعيد إنتاجها أو نشرت نتيجة الإخلال بحقوق المؤلف.
وقد تُتخذ إجراءات إقامة الدعوى الجنائية ضد كل من يقوم بنسخ أو بيع أو إيجار المصنف الذي يشكل اعتداء على حقوق المؤلف.
حقوق الاستعمال. لايُعد كل استعمال للمصنف إخلالاً بحق المؤلف، ذلك أنه يجوز التسامح في الاستعمال العادي، أي نسخ عدد محدود من المصنف لأغراض الدراسة أو البحث، كما يُتسامح أيضًا في حالات نقد المصنف أو مراجعته أو الإعلان عنه، طالما ذُكر عنوان المصنف واسم مؤلفه.
ولايُعد إخلالاً بحق المؤلف إذا أعيد إنتاج المصنف بهدف إجراءات التقاضي. وهناك استثناءات أخرى تتعلق بالتسامح مع المدارس والمكتبات ودور المحفوظات وغيرها من الهيئات التربوية.
الاتفاقيات الدولية. كانت أول اتفاقية دولية تتعلق بحماية حق المؤلف هي اتفاقية بيرنالتي أُبرمت في 1886م لحماية الحقوق الأدبية والفنية للمؤلفين. واتفقت الدول الأربع عشرة المتعاقدة على معايير معينة لحماية المصنفات الأدبية والفنية، كما اتفقت على حماية المصنفات التي تُنشر في أي منها.
وطرأت على اتفاقية بيرن تعديلات عدة أكثر من مرة، كما اطَّرد عدد الدول المنضمة إليها منذ ذلك التاريخ.
واتفقت الدول الأعضاء في الاتفاقية الآن على حماية حق المؤلف لمدة خمسين سنة من تاريخ نشر المصنف الأدبي أو الفني، أو خمسين سنة من تاريخ وفاة مؤلف المصنَّف الذي لم ينشر إلا بعد وفاته. ولم تتطلب الاتفاقية لحماية المصنف تسجيله أو اتخاذ أي إجراء شكلي خاص. ولكن ورد فيها ما ينص على أن حق المؤلف في الدولة العضو يخضع للقانون المحلي الذي قد يتطلب اتباع إجراءات شكلية معينة لحفظ الحق في المصنف، مثل التسجيل.
وتشمل العضوية كلاً من أستراليا والهند واليابان ونيوزيلندا ومعظم الدول الأوروبية وكثيرًا من دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا. ولم تصبح الولايات المتحدة الأمريكية عضوًا بها إلا في عام 1989م، لكن بعض نصوص قوانينها الصادرة من قبل لاتزال سارية المفعول. ولم تنضم الصين والاتحاد السوفييتي سابقًا (دول الكومنولث الروسي حاليًا) إلى الاتفاقية ولايزال عدد كبير من الدول لا يُضفي إلا حماية ضئيلة على المصنفات الصادرة في الدول الأجنبية، وقد لا يُضفي عليها أدنى حماية على الإطلاق.
وفي اتفاقية باريس المبرمة في عام 1971م، اتُفق على اتباع النصوص الواردة في اتفاقية بيرن، كما أضيف إليها السماح للدول النامية بقدر أكثر من التسامح لاستغلال المصنفات التي تخضع للحماية، وذلك في الأغراض التربوية.
وكان قانون حماية المؤلفين في الولايات المتحدة حتى عام 1989م مخالفًا لأحكام القوانين الصادرة في الدول الأعضاء المنضمة لاتفاقية بيرن. وعُقِد في جنيف عام 1952م مؤتمر من أجل توفير بعض أوجه الحماية المشتركة للمؤلفين في الولايات المتحدة الأمريكية وأعضاء اتفاقية بيرن، ومن ثم أُبْرِمَت اتفاقية حقوق المؤلف العالمية. والدول التي صدَّقت على الاتفاقية ضمت كثيرًا من الدول المنضمة لاتفاقية بيرن، فضلاً عن الاتحاد السوفييتي (سابقًا) والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول أمريكا اللاتينية التي كانت لديها اتفاقيات سابقة مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتقوم برعاية هذه الاتفاقية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، في باريس.
وعلى الرغم من أن الاتفاقية المذكورة تُعطي للمصنَّف الذى يُنشر في إحدى الدول حماية في سائر الدول الأعضاء، إلا أنه لم يتوافر لها النطاق الواسع والتفاصيل الدقيقة مثل تلك التي توافرت لاتفاقية بيرن، فلقد نص فيها على أن تكون مدة حماية المصنَّف خمسًا وعشرين سنة على الأقل في أية دولة.
ويجب أن تَعْتَرِف كل دولة عضو من أعضاء الاتفاقية بالرمز C مع اسم المؤلف وتاريخ النشر للدلالة على أن أية إجراءات لحماية حق المؤلف قد اتخذت فعلاً في الدولة التي جاء منها المصنَّف.
وأصبحت التسجيلات الصوتية محلاً لاتفاقية جنيف لعام 1971م لحماية المنتجين للفونوغرام من إعادة نسخ أصواته دون موافقة المنتجين.
وأضحى عدد الدول الأعضاء في مؤتمر جنيف يجاوز الأربعين، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. أما التسجيلات الصوتية فيُسْتَعْمل لها الرمز وتاريخ العام الأول للنشر، على النحو الذي يُستعمل فيه الرمز بالنسبة للمصنفات الأدبية.
نبذة تاريخية. كان أول قانون معاصر لحماية حق التأليف هو قانون آن، الذي أصدره البرلمان الإنجليزي عام 1709م، فلقد نص القانون على توفير الحماية للمؤلفين لمدة أربع عشرة سنة، وساعد قانون حماية حق المؤلف للجامعات البريطانية الصادر في عام 1775م على الشروط الواجب توافرها لإقامة دعوى الاعتداء على حق المؤلف.