وصل الإسلام إلى الهند عن طريق التجارة والدعوة والفتح, فمنذ أيام الخليفة عمر بن الخطاب كانت محاولات فتح الهند على نطاق ضيق، وبدأت تأخذ شكلها الجلي في عهد الأمويين عندما أرسل الحجاج بن يوسف الثقفي عدة حملات لفتح الهند, فنجحت إحداها بقيادة محمد بن القاسم في فتح بلاد السند (جزء من باكستان اليوم) عام 92هـ، واستمرت الحروب بين المسلمين والهنود حيث كان ملوك الهند وحكام مقاطعاتها والبراهمة (ذوو النفوذ الكبير في المجتمع الهندي حيث كانوا يعتبرون أعلى طبقة في المجتمع لدرجة ألحقتهم بالآلهة فمنحوا نفوذًا وامتيازات كبيرة في المجتمع الهندي)، يحثون الطبقات الدنيا من الشعب الهندي لقتال المسلمين ودعاتهم خوفًا على مراكزهم ونفوذهم في المجتمع مما قلل من انتشار الإسلام في الهند.
وفي عهد الدولة العباسية تمكن هشام بن عمرو التغلبي والي السند من فتح الملتان وكشمير.
ثم بضعف الدولة العباسية وتفكك أجزائها تكونت عدة إمارات في السند، منها إمارة المنصورة وإمارة الملتان وإمارة إسماعيلية حتى جاء الغزنويون.
|
|
الدولة الغزنويَّة.. وبداية الدول المستقلة كانت الهند كغيرها من الولايات الإسلامية التابعة لسلطان الخلافة العباسية، ولما كانت الدولة العباسية في أوج عصرها الذهبي (132- 232هـ)، كان نفوذها ممتدًّا على كل الأقاليم والولايات الإسلامية من شرقها لغربها، بما في ذلك ولاية الهند، فكان عمال الدولة خاضعين لسلطان الخليفة العباسي في بغداد، فلما ضعفت شوكة الخلافة العباسية، بدأت الكثير من الدويلات الإسلامية في الظهور، والاستقلال بالحكم- خاصَّة في المناطق المترامية - حيث خضعت الأجزاء المفتوحة من الهند وقتئذٍ لسلطان السامانيِّين من عام 261هـ حتى بَدْء الغزوات الغَزْنَوِيَّة على الهند عام 392هـ. فتَكَوَّنت هناك عدَّة دُول إسلامية.
ومن هذه الدول الدولة الغزنوية (392-582هـ) التي أسسها ناصر الدين سبكتكين في مدينة غزنة[1], حيث امتدَّت فتوحاتها إلى شبه القارة الهندية بَدْءًا من مملكة "جيبال" التي استسلمت خلال حروبها مع "سبكتكين", وتعهَّدت بدفع الجزية له, ثم نَقَضَت العهد، فسار إليها، وألحق بها هزيمة أخرى[2].
وعلى الرغم من حروب سبكتكين في شبه القارة الهندية إلا أنها لا تَعْدُو إلا غزوات مهَّدَت الطريق لابنه محمود الغزنوي، والذي بدأ غزواته للهند عام 392هـ، فالتقى بملكها جيبال، وانتصر عليها انتصارًا ساحقًا، ووقع ملكهم في الأَسْر، ودخلت المملكة تحت راية الإسلام عام 397هـ، واستولى محمود على بيشاور، ثم استسلمت بهندا وذلك في عام 393هـ، وفي عام 395هـ رجع محمود الغزنوي ليغزو الهند فغزا كلاًّ من بهاطية ومُلْتَان، وفي عام 396هـ سار إلى قلعة كواكير، وكان بها ستمائة صنم، فافتتحها وحرَّق أصنامها، وفي عام 402هـ توجَّه محمود لغزو "تهانسير" لما سمع أن الهندوس يتَّخذون فيها صنمًا يعتقدون قِدَمَ وجوده، ويحيطونه بضروب التعظيم والهيبة، وفي عام 406هـ توجَّه محمود الغزنوي إلى كشمير التي أسلم مَلِكُها على يديه.
وفي عام 407 هـ خرج محمود الغزنوي بنفسه وأخضع كل ملوك الشرق حتى وصوله لقنوج، فقد أخذ محمود في زحفه وانتصاراته حتى وصوله واستيلائه على قلعة ميرت، ومترا، وكلجندا، التي كانت تابعة لسلطان دِهْلَى، وفي عام 410هـ أرسل محمود للخليفة العباسي يُبَشِّره بما تمَّ على يديه من فتوحات وإنجازات، فابتهج الخليفة لذلك، وأنعم عليه بالألقاب والخِلَعِ[3].
وبعد وفاة محمود الغزنوي تناحر الغزنويُّون على السلطة، فتمرَّدت البلاد التي فتحوها عليهم، وطمع فيهم من حولهم.
واعتماد السلاطين الغزنويين على قوَّة السيف وحده في المحافظة على ملكهم - دون النظر في الغالب إلى إقامةِ الحكومةِ الإدارةَ على أساس صالح ونظام سليم - قد أدَّى إلى تداعي بناء الدولة كله حين تراخت الأيدي التي كانت تقبض على هذا السيف، هذا إلى جانب تهالك أغلب الحكام ورجال الدولة أنفسهم على حياة البذخ والترف؛ بسبب ما أصابوه من ثروات الهند وكنوزها الطائلة، حتى تَمَكَّن منهم السلاجقة ثم التركمان، وأخيرًا الْغُوريُّون الذين ورثوهم[4].
الدولة الغورية
ولما ضعفت الدولة الغزنوية جاء الغُوريُّون[5] (582-602 هـ) إلى شمال شبه القارة الهندية بعدما استولَوْا على غَزْنَة عام 566هـ، ليحافظوا على أملاك المسلمين فيها، فعَبَرَ محمد الغُورِيُّ شمال شبه القارة الهندية غازِيًا من البنجاب إلى البنغال في فتوحات متعاقبة استمرَّت ثلاثين عامًا، بدأها بغزو المُلْتَان، والاستيلاء عليها من أيدي القرامطة عام 570 هـ، ولكن الهندوس قد جمعوا حشودهم لمواجهة محمد الغوري، فواجهوه عند ترين عام 581هـ، حيث ألحقوا به هزيمة منكرة كاد أن يُقْتَل فيها.
وفي سنة 588هـ كوَّن محمد الغُورِيُّ جيشًا عظيمًا سار به إلى الهند، حيث تقابل الجيشان في نفس الموقع الذي هُزم فيه من قبلُ، وقد كتب له ملك أجمير يُهدِّده ويُنذره بالمصير الذي لَقِيَه من قبلُ، فخادعه، وانتصر عليه انتصارًا ساحقًا.
ثم عَيَّن محمد الغُورِيُّ "قطب الدين أيبك" نائبًا له، ففتح قلعة ميرت وقلعة كول، ودخل دِهْلَى، وضمَّها للبلاد الإسلامية عام 589هـ، وقد توجَّه في نفس العام إلى قنوج فاستولى عليها، وقد دخلت كثير من بلاد الهند الشمالية تحت حكمه في حدود عام 590هـ[6].
دولة المماليك ( 602-815 هـ)وفي عام 602هـ[7] سقطت الدولة الغورية بموت محمد الغوري، والذي لم يترك له وريثًا للعرش من بعده، إذ يُذْكَر عنه أنه كان يقول: إن الله قد عوضه عن الأبناء بمواليه المخلصين من الأتراك، يحافظون على ملكه، ويُجْرُون الخطبة بذِكْرِه، وقد نصَّب نائبُه قطبُ الدين أيبك نفسَه سلطانًا على الهند من بعده عام 602هـ[8].
فبدأ بذلك عهد دولة المماليك ( 602-815 هـ) التي اجتهد سلطانها قطب الدين أيبك في توطيد سلطان المسلمين في شمال شبه القارة الهندية، فأقطع البنغال وبهار للْخَلْجِيِّين، وأسند السند والمُلْتَان للقائد ناصر الدين قباجة، وأَكْرَمَ كلَّ قادة المماليك، وقد تُوُفِّيَ قطب الدين أيبك على أَثَر سقوطه من على جواده عام 607هـ[9].
وبعد وفاته اجتمع رجال الدولة واختاروا "شمس الدين التمش" خَلَفًا له, ومن أعظم أعماله أنه حفظ الهند من هجمات المغول, وأكمل فتح الهند الشمالية, وكان مشهورًا بعدله وإنصافه للمظلومين.
كما يُعَدُّ غياث الدين بلبن من خيرة سلاطين المماليك، فقد بذل جهدًا عظيمًا في تعمير البلاد وتحسينها وسَدِّ الثغور، كما كان محافظًا على صيام النافلة، لا يُدَاهِن في العدل والقضاء، ولا يُسامح أحدًا، ولو كان من أهل قرابته وخاصَّته[10].
وفي نهاية حكمه مَرِضَ مرضًا شديدًا , فقام خلافٌ على الحُكْم بين الأتراك والأفغان, فالأتراك يُرِيدون أن يستمرَّ الحُكْم في أسرة بلبن، والأفغان يريدون الاستيلاءَ على الحكم منهم، وجَعْلَ جلال الدين فيروز شاه سلطانًا، وانتصر الأفغان في نهاية المطاف.
أسرة الخَلْجِيِّينثم بدأ حُكْم أسرة الخَلْجِيِّين بعهد السلطان جلال الدين فيروز شاه (689-695هـ)، الذي امتاز بحسن سياسته، وعدله ومودَّته؛ فألَّف القلوب حوله، وأقرَّ مُلْكَ الخَلْجِيِّين في العاصمة دِهْلَى[11].
ثم جاء السلطان علاء الدين الخَلْجِي الذي يُعَدُّ من أقوى السلاطين الخَلْجِيِّين،حيث أكمل فتح شبه القارة الهندية، فانتقل إلى وسط القارة الهندية، فغزا مملكة "الكَجَرَات" و "تشيتوا"، وأجبر مَلِكَها على أن يَدْخُل في طاعته، وقد وجَّه أحدَ قوَّادَه "كافور" إلى الدكن، وعندما امتنع راجا[12] مملكة المهرات عن دفع الجزية؛ أغار على بلاده, كما غزا مملكة تلينفاتا، ودخل عاصمتها فارنغال، وفي عام 711هـ غزا علاء الدين مملكة هاليبيد، وعند عودته إلى دِهْلَى قتل راجا المهرات الذي عاد إلى عصيانه، وقد لُقِّبَ بالإسكندر الثاني؛ لأنه وُفِّق في فتح جنوب شبه القارة الهندية، مع أن كلاًّ من الإسكندر المقدوني ومحمود الغزنوي ومحمد الغُورِي لم يُوَفَّقُوا إلى فتح جنوب شبه القارة الهندية[13]، كما أقام في البلاد العديد من المنشآت المعمارية النافعة، كما اهتمَّ بنشر الثقافة، وأسبغ رعايتَه على علماء زمانه وشعرائهم؛ كالشيخ نظام الدين أوليا، والعالم الفقيه ركن الدين، والشاعر خسرو الدِّهْلَوِيِّ، وقد مات السلطان علاء الدين الخَلْجِيُّ في عام 715هـ[14].
ولقد تَرَكَ من خلفه كافور الذي كان وصيًّا على العرش، فما لَبِث أن اتَّبع سياسة البطش والتجبُّر، والزجِّ بكُلِّ مَن يقفُ في طريقه، إلا أنه قُتل في نهاية الأمر على يَدِ مجموعة من المماليك، وقد جاء في نهاية هذه الدولة الأمير خسرو الهندوسي عام 720هـ، فأراد أن يُعِيد الديانة الهندوسيَّة إلى سابق سلطانها، فاستغاث بقيَّة الأمراء المماليك بالقائد "غياث الدين طغلق" حاكم دِهْلَى، فقضى على خسرو عام 721هـ، وبذلك انتهى عهد السلاطين الخَلْجِيِّين في الهند[15].
أسرة آل طغلق ونهاية حكم المماليكوبدأ عهد آل طغلق فارتقى غازي (غياث الدين طغلق) عرش دِهْلَى عام 720هـ، وهو تركي الأصل، وقد لمع نجمه في عهد السلطان علاء الدين الخَلْجِيِّ حين ساهم بجهود بارزة في دفع المغول عن الحدود الغربيَّة، وقد جهد طغلق في تدعيم مُلْكِه واستعادة سلطنة دِهْلَى، وردِّه للأمراء والأعيان ما اغْتُصِبَ من أملاكهم وامتيازاتهم، كما أحاط بالإكرام والعناية كُلَّ مَنْ بالبلاد مِن الأمراء الخَلْجِيِّين، فأقام دولة في الهند استمرَّت من 721- 817هـ[16].
ويُعَدُّ فيروز شاه الطغلقي من أشهر وأفضل السلاطين الطغلقيين في الهند حيث تولَّى الحكم عام 752هـ، فكان محبًّا للعدل، فبدأ تصحيح الأخطاء التي ارتكبها سلفه محمد طغلق، فأخذ يُوَاسِي المظلومين، ويرفع عنهم المظالم التي أَلَمَّت بهم، واتَّجه إلى الشعب الذي أرهقته الضرائب، فأعفى المزارعين من الدُّيُون التي كانت عليهم، وأحرق صكوكها، وقد ألغى نظام الإقطاع الذي كان سائدًا في ذلك الوقت، وأكثر مِن حَفْرِ التُّرَعِ، والقنوات، والأنهار، والآبار، وبناء المساجد والمدارس، والحمامات والمستشفيات، وأنشأ مدينة جديدة قرب دِهْلَى عام 755هـ، أسماها فيروز آباد، وقد تسامح مع الهندوس، وعاملهم معاملة حسنة، وقد كانت سياسته بعيدةً كلَّ البُعْدِ عن إراقة الدماء، وإزهاق الأرواح، فقد كان محبًّا للعفو والصفح مع من تجرَّءوا عليه وخرجوا على طاعته، كما فعل مع حاكم البنغال عام 756هـ.
وكان السلطان فيروز شاه – رغم انشغاله بأمور الحكم وشئون الرعية - مشتغلاً بالتأليف، فألَّف كتابًا في الرياسة والسياسة، ألَّفه على ثمانية أبواب، كما اخترع السلطان ساعة عجيبة يَخْرُج كُلَّ ساعة منها صوتٌ عجيب يَتَرَنَّم ببيتٍ من الشعر، وكانت تُسْتَخْرَج منها أوقات الليل والنهار، ووقت إفطار الصائم، وكيفيَّة الإظلال، وزيادة اليوم ونقصانه باعتبار الفصول[17].
ضعف المُلْكُ بعد فيروز شاه الذي تُوُفِّيَ عام 790هـ، واشتدَّ الخلاف بين أركان الدولة، وكثُرت القلاقل في عهد ملوكٍ ضعفاءَ، وكثُرت الثورات والخلافات، وأخذ الهندوس يقومون ضدَّ سلطان دِهْلَى، وكذلك بعض أمراء المسلمين، وفي هذا الوقت هجم تيمورلنك على الهند عام 801هـ، فاستولى على دِهْلَى، ونهبها كما نهب السند والبنجاب، وفرَّ سلطانها محمود بن محمد بن فيروز شاه إلى الكَجَرَات، ثم إلى حاكم مالوا، ولقد ظلَّ محمود بن محمد بن فيروز شاه حاكمًا من الناحية الاسميَّة طيلة عشرين عامًا، مُلِئَتْ بالفتن والثورات، وقد تُوُفِّيَ عام 815هـ، وبموته انتهى حكم سلطان المماليك في الهند[18].
[1] موجودة حاليًّا في أفغانستان.
[2] الدكتور حازم محفوظ: ازدهار الإسلام في شبه القارة الهندية, ص24.
[3] عبد المنعم النمر: تاريخ الإسلام في الهند ص83-89 بتصرف.
[4] الدكتور أحمد محمود الساداتي: تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية وحضارتهم ص110، 111.
[5] الغوريون: تنسب إلى مكان نشأتها وهو "الغور"، جبال وولاية بين هراة وغزنة، وهي منطقة واسعة موحشة.
[6] عبد المنعم النمر: تاريخ الإسلام في الهند ص99.
[7] السابق: ص100- 102.، وانظر أحمد عبد القادر الشاذلي: المسلمون في الهند ص52-54.
[8] أحمد محمود الساداتي: المسلمون في شبه القارة الهندية، 1/122 بتصرف.
[9] حازم محفوظ: ازدهار الإسلام في شبه القارة الهندية ص33، 34 بتصرف.
[10] السابق ص113 بتصرف.
[11] أحمد محمود الساداتي: تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية، 1/148، 149 بتصرف.
[12] لفظ يطلق على رئيس القبيلة أو المدينة.
[13] حازم محفوظ: ازدهار الإسلام في شبه القارة الهندية ص 38 بتصرف.
[14] السابق نفس الصفحة، والدكتور أحمد محمود الساداتي: تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية، 1/164، 165.
[15] حازم محفوظ: ازدهار الإسلام في شبه القارة الهندية ص38، 39 بتصرف.
[16] الساداتي: السابق، 1/169 بتصرف، وانظر، عبد المنعم النمر: السابق ص127.
[17] الساداتي: السابق، 1/182-190 بتصرف، وانظر عبد المنعم النمر: السابق، 134-140 بتصرف.
[18] عدنان علي رضا النحوي: ملحمة الإسلام في الهند ص50، 51 بتصرف.
الاستعمار الأوربي للهند
البرتغاليون:
كانوا أول الأوربيين وصولاً إلى الهند, فقد وصل فاسكودي جاما إلى الهند عام 904هـ, فطمع في البلاد فعاد فاستأذن دولته في احتلال الهند، فأرسلت الأساطيل لاحتلال الهند, واستطاع البرتغاليون الاحتفاظ فقط ببعض المواقع الساحلية، ولم يستطيعوا التوغل للداخل لكثرة السكان وقلة عدد البرتغاليين، وكان الأمراء المسلمون في الهند يستعينون في البداية بالمماليك، ولكن البرتغاليين انتصروا عليهم ثم استعان الأمراء المسلمون في الهند بالعثمانيين, فأعانوهم وانتصروا على البرتغاليين، ولكن خشي بعض الأمراء أن يضم العثمانيون ممالكهم إليهم، فمنعوا عنهم المؤن فغادر العثمانيون الهند، واحتفظ البرتغاليون ببعض المراكز الساحلية في الهند، مثل: دامان شمال بومباى, وجزيرة ديو, وغوا، إضافةً إلى جزر المالديف وجزيرة سيلان (سريلانكا) التي احتلها البرتغاليون, وارتكبوا فيها الفظائع, وأبشع الجرائم ضد المسلمين منها مذبحة ماتار في سريلانكا عام 1053هـ, ومارسوا الاضطهاد الدائم للمسلمين، واستطاع البرتغاليون أن يسيطروا على التجارة في المحيط الهندي ما يزيد على قرن.
الهولنديون:
عندما استقل الهولنديون عن الأسبان وتحطم الأسطول الإسباني عام 998هـ على يد الإنجليز, لم تكتف هولندا بالاستقلال عن الأسبان بل سعت للحصول على أكبر قدر ممكن من المستعمرات, ومنها جزر المالديف وجزيرة سريلانكا, وغيرهما في المحيط الهادي, وبدأ الهولنديون في رفع أسعار التوابل لسيطرتهم على الكثير من طرق التجارة في المحيط الهادي؛ مما شجع الإنجليز على الدخول في المنافسة معهم.
الإنجليز:
عندما رفعت هولندا أسعار التوابل عمل الإنجليز على التجارة مباشرة مع المشرق, فعملوا على إنشاء شركات تجارية لهم في بلاد المشرق, واتخذت عدة أسماء حتى اتحدت معًا، وتسمت باسم (شركة الهند الشرقية)، وكانت مراكزها في البداية في جزر الهند الشرقية (إندونيسيا وماليزيا) وغيرهما؛ لأن البرتغاليين والهولنديين منعوا إنجلترا من دخول الهند, فدخلت معهم في حرب, حتى تمكنت من النزول على بر الهند, وكانت أول المدن التي نزلتها هي مدراس, ثم توغلوا في الهند حتى دانت لهم كلها إلى أن استقلت عنهم.
الفرنسيون:
اتبعوا نفس سياسة الإنجليز في إنشاء شركات تجارية فرنسية في الهند, وكانت الشركات الأجنبية كلها تحرص على شراء أراض لها, وبناء حصون لها لدعم مركزها في الهند, وتمهيدًا لاحتلال البلاد, وكان للفرنسيين بعض المراكز في الهند منها مونديشيري وعندر ونياوان وكاريكال.
الاحتلال الإنجليزي للهند:
بدأت (شركة الهند الشرقية) الإنجليزية في شراء الأراضي في الهند وبناء الحصون, وأخذت تتوغل في الهند، وفي البداية كانت تنقل المواد الخام إلى أوربا من الهند, ثم بحدوث الثورة الصناعية في أوربا أخذت تنقل المواد المصنعة من أوربا إلى الهند، وفي نفس الوقت كانت الشركات الإنجليزية تحصل على ضرائب من السفن التي تمر في الطرق التي تسيطر عليها، حيث كان للشركة الإنجليزية أسطول يحميها, فتحولت الشركة البريطانية من ملكية الأفراد لها إلى ملكية بريطانية لها, بعد أن تملكت بريطانيا أملاك شركة الهند الشرقية أخذت تغزو الإمارات الهندية وتضم الواحدة تلو الأخرى، ورأى الإنجليز أن المسلمين هم العقبة الأساسية في توغلهم في الهند, فأخذوا يستميلون الهنادك، وخاصة أن الهنادك يحقدون على المسلمين؛ لأنهم هم الحكام. وفي نفس الوقت كان العداء الصليبي المستفحل من الإنجليز يدفعهم لفعل أي شيء ضد المسلمين, فأخذ الإنجليز يعينون الهنادك والسيخ والمهراتا على المسلمين حتى تمكن لهم في الهند.
سقوط الدولة المغولية في الهند:
كانت إنجلترا إذا احتلت جزءًا من الهند عملت على تقريب الهنادك واضطهاد المسلمين, وكانت الحامية البريطانية في الهند تتضمن هنودًا سواء من المسلمين أو الهنادك، وذلك للحصول على مصدر يرزقون منه, حيث عم الفقر في البلاد بعد سيطرة الإنجليز على كل مواردها، وفي مرة من المرات أمر الإنجليز جنودهم باستخدام الشحم المأخوذ من الخنزير لكي يصونوا بنادقهم, فثار المسلمون على هذا الأمر ورفضوه، وخاصة أنه يمس عقيدتهم, فقضى الإنجليز على الثائرين من المسلمين, فتألم إخوانهم لذلك وهجموا على الضباط الإنجليز, وقتلوا أحدهم ثم فروا إلى دهلي عند الملك بهادور آخر ملوك المغول، واشتعلت الثورة في أكثر بلاد الهند, فسار الإنجليز بقوة كبيرة إلى دهلي وحاصروها, ثم استطاعوا دخولها لتفوق أسلحتهم وقبضوا على الملك بهادور وقتلوا أبناءه أمامه، بل وطبخوا له طعامًا من لحومهم, ونفوه إلى رانغون عاصمة بورما, وألغى الإنجليز الحكم المغولي في الهند, وأعلنت فرض سيطرتها الكاملة على كافة أجزاء الهند, وأخذوا ينكلون بالمسلمين فهدموا الكثير من المساجد وصادروا أملاكهم، وحولوا بعض المساجد إلى ثكنات عسكرية, ورحب الهنادك بهذه الأفاعيل، وأخذوا يشاركون الإنجليز في أفاعيلهم الوحشية.
ولم يكتف الإنجليز بذلك بل عملوا على فتح المدارس للهنادك وتحضيرهم, في حين أن المسلمين كان الكثير منهم يرفض الالتحاق بهذه المدارس؛ لأنها تبث كره الإسلام والمسلمين, وتعمل على نشر النصرانية, فعم الجهل والفقر بالمسلمين بعد أن كانوا حكام البلاد، وبرغم ذلك فقد كان هناك بعض الحكام لبعض الولايات من المسلمين والمعينين من قبل الإنجليز؛ لأن حكمهم للبلاد كان واقعًا وعرفًا معتادًا للهنادك برغم قلة عددهم بالنسبة للهندوك.
وقد حرص الإنجليز على تفتيت المسلمين وهدم الإسلام, وذلك من خلال تشجيع الفكرة القومية الهندية من جهة، ومن جهة أخرى إنشاء فرق ضالة ذات وجهة إسلامية لتفريق صفوفهم, فعملت على إحياء فكرة العقيدة المشتركة لأكبر شاه, ووجدت ضالتها في أحد المسلمين ويدعى مرزا غلام أحمد القادياني ودعمته في تأسيس مذهب القاديانية الضال، وانقسمت فرقته إلى فرقتين: الأحمدية، والقاديانية.
وما زال الإنجليز إلى يومنا هذا يدعمون القاديانيين في كل مكان لمحاربة الإسلام في كل بقاع الأرض, ورغم ذلك حاول المسلمون مقاومة المستعمرين الإنجليز, وعملوا على تكوين الأحزاب والجمعيات الخاصة بهم, وكان الإنجليز والهنادك يقفون ضدهم دائمًا.
|
|