Search - للبحث فى مقالات الموقع

Monday, July 5, 2010

المغول وبيت المقدس وفلسطين


الغارات المنغولية على فلسطين حدثت قرب نهاية الحملات الصليبية, كنتيجة طبيعية للنجاح المؤقت للغزوات المنغولية لسوريا, أساساً في1260 و1300. وبعد كل من تلك الغزوات, كانت تتاح الفرصة لعدة شهور للمنغول يستطيعون خلالها شن بعض الغارات جنوباً على فلسطين, حيث وصلوا حتى غزة.

الغارات نفذها جزء صغير من الجيش المنغولي, كان يتقدم للنهب والقتل والتدمير. إلا أن المنغول بدوا كأنهم لا يرغبون في كلتا الحالتين في أن يضموا فلسطين في النظام الإداري المنغولي, وبعد شهور قليلة من غزواتهم لسوريا, فإن قوات المماليك كانت تعود من مصر وتعيد السيطرة على المنطقة بأقل مقاومة.[1]الغارات المنغولية على فلسطين حدثت قرب نهاية الحملات الصليبية, كنتيجة طبيعية للنجاح المؤقت للغزوات المنغولية لسوريا, أساساً في1260 و1300. وبعد كل من تلك الغزوات, كانت تتاح الفرصة لعدة شهور للمنغول يستطيعون خلالها شن بعض الغارات جنوباً على فلسطين, حيث وصلوا حتى غزة.

الغزوات المنغولية عام 1260

الهجوم المنغولي سنة 1260 على المشرق. القوات الرئيسية ركزت على شمال سوريا, إلا أن بعض الفرق المغيرة الصغيرة وصلت جنوباً حتىغزة.

بسعى المغول الحثيث في عام 1258 وبقيادة هولاكو لتوسيع الإمبرطورية المغولية تمكنوا من السيطرة على قلب العالم الإسلامي, مدينة بغداد, مدمرين الخلافة العباسية ومن ثم توجه الجيش المغولي يرافقه جيش من جورجيا ومن أرمينيا الصغرى وإنطاكيا (وهي بلدان خاضعة لحكمه) إلى الشام التابعة لحكم الدولة الأيوبية, فاستولوا على حلب وفي الأول من مارس 1260 غزوا دمشق منهين حكم الأيوبيون بالشام. بمجرد مادمر المغول على مراكز القوى بالعالم الإسلامي التي ببغداد ودمشق انتقل المركز القوة الإسلامي مباشرة إلى القاهرة حيث حكم المماليك. المغول بالتأكيد لم يكن يوقفهم شيء وهم متجهين إلى مصر عن طريق فلسطين, ولكن شاءت رحمة الله وأن يتوقف المد المغولي بسبب وفاة إمبراطور المغول مونكو خان وحصول بعض الإضطرابات بوطنهم الأم مما إستلزم بهولاكو أن يعود بأغلب قواته تاركا ما بين واحد أو إثنين تومين (10,000- 20,000) من الخيالة المغول بسوريا بقيادة النسطوري كتبغا, الذي أكمل مسيره باتجاه مصر ووصل حتى القدس وعسقلان. معظم المؤرخين يوافقون على أن القدس نفسها تعرضت لغزوة واحدة على الأقل من المغول خلال تلك المدة ولكنها لم تكن احتلت أو تعرضت لغزو قبل ذلك.

حادثة صيدا (1260)

عندما وصلت حدود الأراضي المغولية محاذية مع الفرنجة, حصلت عدة مشاكل معهم, ومنها قاد إلى مصيبة لصيدا. عندما هاجم جوليان الصليبي حاكم صيدا والذي وصفه المعاصرون بالأرعن وصاحب تصرفات غير مسؤولة, ونهب البقاع التابعة لسيطرة المغول بذلك الوقت. وعندما أرسل القائد المغولي كتبغا ابن أخيه بقوة صغيرة لأخذ التعويض عما حصل تعرضوا لكمين وقتلوا بأمر من جوليان مما سبب بهيجان كتبغا واكتسح اقليم صيدا, وقد سبب هذا الحادث تخوفا شديدا من طرف االصليبيين من المغول وقد كان هذا إيذانا بانتهاء الحلف ما بين المغول والصليبيين[2]

معركة عين جالوت

انظر معركة عين جالوت

بعد انسحاب المماليك من الشام إلى مصر طلب المماليك من فرنجة عكا المساعدة, ولكن الفرنجة اختاروا الموقع السلبي الحيادي بين المماليك والمغول, بالرغم من عدائهم التقليدي مع المماليك بذلك الوقت لكنهم أعتبروا المغول بأنهم الخطر الأعظم من المسلمون, مما سهل للمسلمين المرور عبر الأراضي التابعة للصليبيين بدون مشاكل معهم, وقد جمع المماليك أكبر مايمكن من القوات لمواجهة ماتبقى من جيش المغول في سبتمبر 1260. وقعت معركة عين جالوت في الجليل وانتصر المماليك نصرا ساحقا على المغول ويعتبر هذا النصر من الأهمية بمكان ليس للمنطقة وحسب ولكن تلك المعركة اعتبرت أول معركة عانى فيها المغول هزيمة مؤلمة, وقد حاولوا مرات عدة غزو تلك المنطقة ولكنهم فشلوا حتى عام 1300 وسنرى ذلك لاحقاً.

غزوات المغول خلال الحملة الصليبية التاسعة

في عام 1269 الأمير إدوارد (إدوارد الأول لاحقا) ومن وحي قصص عمه ريتشارد قلب الأسد والحملة الصليبية الثانية للملك لويس الفرنسي, قاد حملة بنفسه(الحملة التاسعة). عدد الفرسان والتابعين الذين شاركوا بالحملة كانوا قليل العدد نسبيا, تقريبا 230 فارس مع حوالي100 راجل. أكثرهم من المعارف والمقربين له مع أصحابهم. وبمجرد وصوله إلى عكا بتاريخ 9 مايو 1271 أرسل مباشرة سفارة إلىأباقا خان حاكم إلخانات. وكانت خطته هي طلب مساعدة المغول لمهاجمة السلطان بيبرس وقد استجاب أباقا لطلبه وأرسل له ردا بتاريخ 4 سبتمبر 1271 ثم أرسل جيشه أواسط أكتوبر 1271 فوصلت سوريا واكتسحوا المناطق من حلب متجهين جنوبا. لم يستطع أباقا أن يرسل أكثر من تومين (وهو عشرة آلاف خيال)بسبب المشاكل مع تركستان المجاورة له مع بعض الدعم من الجيوش السلاجقة, وكانوا تحت قيادة ساماقر. وقد أحدثت تلك الحملة لجوء جماعي كثيف للمسلمين صوب مصر. هزم المغول القوات التركمانية التي تحمي حلب مما جعل الحامية المملوكية تهرب, وتقدموا حتى وصلوا معرة النعمان وأفاميا شمال حماة ولكنهم سرعان ماارتدوا وهربوا إلى ماوراء نهر الفرات عندما سمعوا بتجهيز السلطان بيبرس الجيوش لمقاتلتهم حيث لا طاقة لهم لمواجهة الجيش المملوكي بكامله.

حملات المغول عامي 1299 -1300

بصيف عام 1299 استطاع المغول بقيادة محمود غازان أخذ حلب وهزم المماليك بعد انسحابهم من موقعة وادي الخازندار يوم 23 أو 24 ديسمبر 1299 وقد لاحقت كتيبة مغولية المماليك حتى غزة, ثم حاصر غازان دمشق ما بين 30ديسمبر و6 يناير 1300. لكن القلعة استبسلت وقاومت, بعد ذلك رجع غازان بعد نهبه دمشق عائدا في فبراير 1300 ربما يكون سبب عودته هو حاجة خيله الكثيرة للطعام وقد يكون تهديد الجاكاتاي له وخوفه من احتلالهم فارس الدافع للعودة, وترك بالشام جيشا تعداده تومين (10,000 خيال)بقيادة مولاي وقد تقدم حتى غزة ثم عاد بسرعة.

مصير القدس في 1300

Franco-Mongol operations in the Levant, in 1299-1300.

أوائل عام 1300 كانت هناك إشاعة أوروبية قوية متفشية بذاك الوقت تقول بأن المغول إحتلوا القدس وأنهم سيعيدونها للصليبيين. لكن كانت تلك مجرد إشاعة. صحيح أنه بعد انسحاب المماليك جنوبا إلى مصر وسحب المغول معظم جيشه شمالا, كان هناك فترة من الوقت مقدارها أربعة أشهر من فبراير حتى مايو 1300 كان الخان المغولي بالواقع هو الحاكم لبيت المقدس, ولكن النقاش يدور حول ماإذا كان هناك حضور مغولي بالمدينة أم لا, وإن كان هناك شبه إجماع بين المؤرخين الأوروبيين القدامى والمعاصرين بأنه لم يكن هناك غزو ولا حتى حصار للمدينة المقدسة أساساً.







معركة عين جالوت

معركة عين جالوت
جزء من الغزو المغولي
التاريخ3 سبتمبر 1260
المكانبين بيسان ونابلس، بفلسطين
النتيجةانتصار المماليك
الأطراف المتخاصمة
المماليكالمنغول
القادة
سيف الدين قطز
بيبرس
كتبغا
الحشود
حوالي 20,000حوالي 20,000
الخسائر
غير معلومةغير معلومة

معركة عين جالوت وقعت في 3 سبتمبر 1260 م، تعد من أهم المعارك الفاصلة في تاريخ العالم الإسلامي. انتصر فيها المسلمون المماليكانتصارا ساحقا على المغول وكانت هذه هي المرة الأولى التي يهزم فيها المغول في معركة حاسمة منذ عهد جنكيز خان. أدت المعركة لانحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائيا وإيقاف المد المغولي المكتسح الذي أسقط الخلافة العباسية سنة 1258 م. كما وأدت المعركة لتعزيز موقع دولة المماليك كأقوى دولة إسلامية في ذاك الوقت لمدة قرنين من الزمان أي إلى أن قامت الدولة العثمانية. وقعت المعركة في منطقة تسمى عين جالوت عند مدينة بيسان ونابلس في غور الأردن بفلسطين.

قبل المعركة

اجتاح المغول العالم الإسلامي في بدايات القرن السابع الهجري وكان من أول ما واجهوا في طريقهم دولة الخوارزميين في بلاد فارس وما وراء النهرين، فاكتسحوها وخربوا فيها مدنا وقتلوا خلقا كثيرا، وكان الفعل مشابها تماما لما فعلوا في الدولة العباسية وعاصمتها بغداد. انطلق بعدها المغول بجيش قوامه 120 ألف مقاتل نحو الشام بقيادة هولاكو معه حلفاؤه من أمراء جورجيا وأرمينيا [1] وابتدأوا بمدينة ميافارقينبديار بكر والتي كان يحكمها الكامل محمد الأيوبي، قاومت ميافارقين المغول مقاومة عنيفة إذ استمد طول الحصار إلى عامين حتى استسلم أهلها بعد نفاذ المؤن و موت معظم السكان وعدم وصول الدعم من المسلمين فدخلوها وارتكبوا مجازرا تقشعر منه الجلود حيث قبضوا على الكامل محمد الأيوبي و قطعوا جلده و أعطوه له ليأكله إلى أن مات فقطعوا رأسه وحملوه على أسنة رماحهم تشفيا وانتقاما منه لصموده وبطولته.

اتجه المغول بعدها لمدينة حلب فدخلوها بعد حصارها و كان حاكمها هو المعظم توران شاه وعاثوا فيها فسادا خلال 7 أيام ثم توجهوا نحو دمشق (في مارس 1260 م/658هـ) -وفي هذا الوقت- وصل بالبريد خبر موت الخاقان الأعظم للمغول منكوخان في قراقورم واستدعي أولاد وأحفاد جنكيز خان إلى مجلس الشورى المغولي (الكوريل تاي Kuriltai) لانتخاب الخان الأعظم الجديد للإمبراطورية؛ فرجع هولاكو (الذي هو أخو منكو خان) وأحد المؤهّلين للعرش بمعظم جيشه إلى فارس، ليتابع أمور العاصمة المغولية، و ترك في بلاد الشام جيشاً من المغول عدده يزيد على عشرين ألف جندي (تومانين بلغة المغول) بقيادة أحد أبرز ضباطه واسمه كتبغانوين وهو قائد عسكري محنك من قبيلة النايمان التركية. دخل كتبغا دمشق في 1 مارس 1260 م/15 ربيع الأول 658 هـ بعد أن أعطوا الأمان لأهلها و لكنهم خربوها عن بكرة أبيهاوهرب حاكمها الناصر يوسف الأيوبي وأرسل يطلب النجدة من المظفر سيف الدين قطز سلطان مصر.انطلق المغول بعد السيطرة على دمشق جنوبا في بلاد الشام حتى استولوا على بيت المقدس وغزة و الكرك و الشوبك بعد أن تحالف حاكمها المغيث عمر مع المغول.

كان يحكم دولة المماليك في ذاك الوقت المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك وهو صبي صغير يبلغ من العمر 15 سنة، قام السلطان المظفر سيف الدين قطز - وهو من المماليك البحرية- بخلعه بعد إقناع بقية أمراء ووجهاء الدولة بأنه فعل ذلك للتجهيز والتوحد ضد الخطر المحدق بالدولة المملوكية بشكل خاص والمسلمين بشكل عام. كان الوضع النفسي للمسلمين سيئا للغاية وكان الخوف من التتار مستشريا في جميع طبقات المجتمع الإسلامي وقد أدرك قطز ذلك وعمل على رفع الروح المعنوية لدى المسلمين. استمال قطز منافسيه السياسيين في بلاد الشام وحاول ضمهم إلى صفوفه وكان ممن انضم معه بيبرس البندقداري الذي كان له دور كبير في قتال التتار فيما بعد.

قبل مغادرة هولاكو من بلاد الشام أرسل رسلا لقطز يحملون كتابا كان مما فيه

مِن ملك الملوك شرقاً وغرباً، الخان الأعظم، باسمك اللهم باسط الأرض ورافع السماء.. يعلم الملك المظفر قطز وسائر أمراء دولته وأهل مملكته بالديار المصرية وما حولها ومن الأعمال، أنا نحن جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه وسلّطنا على من حل به غضبه، فلكم بجميع البلاد معتَبَر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم، وأسلموا إلينا أمركم قبل أن ينكشف الغطاء فتندموا ويعود عليكم الخطأ.. وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد وطهرنا الأرض من الفساد وقتلنا معظم العباد، فعليكم بالهرب وعلينا الطلب. فأي أرض تأويكم؟ وأي طريق تنجيكم؟ وأي بلاد تحميكم؟ فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص، فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالحصون لدينا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يُسمع.. فمن طلب حربنا ندم، ومن قصد أماننا سلم، فإن أنتم لشرطنا ولأمرنا أطعتم، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن خالفتم هلكتم. فلا تهلكوا نفوسكم بأيديكم، فقد حذر من أنذر.. فلا تطيلوا الخطاب، وأسرعوا برد الجواب قبل أن تضرب الحرب نارها، وترمي نحوكم شرارها، فلا تجدون منا جاهاً ولا عزاً ولا كافياً ولا حرزاً، وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منكم خالية، فقد أنصفناكم إذ راسلناكم، وأيقظناكم إذ حذّرناكم، فما بقي لنا مقصد سواكم [2]

عقد سيف الدين قطز اجتماعا مع وجهاء الدولة وعلمائها كان من بينهم العز بن عبدالسلام وتم الاتفاق على التوجه لقتال التتر إذ لا مجال لمداهنتهم، وكان العز بن عبدالسلام قد أمر أمراء ووجهاء الدولة أن يتقدموا بنفائس أملاكهم لدعم مسيرة الجيش الإسلامي فطلب قطز الأمراء وتكلم معهم في الرحيل فأبوا كلهم عليه وامتنعوا من الرحيل‏، ولما وجد منهم هذا التخاذل والتهاون ألقى كلمته المأثورة «يا أمراء المسلمين، لكم زمان تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته، فإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين [2]». قام قطز بقتل رسل التتر لإيصال رغبته في قتالهم وأنه جاد بذلك.

في 15 شعبان 658هـ/أغسطس 1260 م خرج قطز يسبقه بيبرس البندقداري ليكشف أخبار المغول. واجهت سرية بيبرس طلائع جنود المغول في منطقة قرب غزة، كان قائد المغول في غزة هو بايدر أخو كتبغا الذي أرسل له كتابا يعلمه فيه بتحرك المسلمين، أخذ بيبرس في مناوشة وقتال المغول حتى انتصر عليهم. اتجه بعدها قطز إلى غزة ومنها عن طريق الساحل إلى شمال فلسطين. في تلك الأثناء اجتمع كتبغا الذي كان في بعلبك مع وجهاء جيشه ليستشيرهم، أشار عليه البعض أن لا يمضي إلى قتال قطز حتى يعود سيده هولاكوخان، ومنهم من أشار إليه -اعتمادا على قوة المغول التي لا تقهر- أن ينطلق لقتالهم. اختار كتبغا أن يتجه لقتالهم فجمع جيشه وانطلق باتجاه الجيوش المصرية حتى لاقاهم في المكان الذي يعرف باسم عين جالوت.

المعركة

التقى الفريقان في المكان المعروف باسم عين جالوت في فلسطين في 25 رمضان 658 هـ/3 سبتمبر 1260 م (وقت وصول الجيشين تماما مختلف فيه). قام سيف الدين قطز بتقسيم جيشه لمقدمة بقيادة بيبرس وبقية الجيش يختبئ بين التلال وفي الوديان المجاورة كقوات دعم أو لتنفيذ هجوم مضاد أو معاكس.

قامت مقدمة الجيش بقيادة بيبرس بهجوم سريع ثم قامت بسحب الخيالة المغولية، متظاهرة بانهزام مزيف هدفه سحب المغول إلى الكمين، في حين كان قطز قد حشد جيشه استعدادا لهجوم مضاد كاسح، ومعه قوات الخيالة الفرسان الكامنين حول الوادي.

وانطلت الحيلة على كتبغا فحمل بكل قواه على مقدمة جيش المسلمين واخترقه وبدأت المقدمة في التراجع إلى داخل الكمين، وفي تلك الأثناء خرج قطز وبقية مشاة وفرسان الجيش وعملوا على تطويق ومحاصرة قوات كتبغا ولم يمض كثيرا من الوقت حتى هزم الجيش المغولي و نصح بعض القادة كتبغا بالفرار فأبى الهوان و الذل و قتل بعض أصحابه و جرت بينه و بين بيبرس مبارزة حيث لم يمض وقت طويل من المبارزة فسقط كتبغا صريعا مجندلا على الأرض. وسجل التاريخ في هذه المعركة تمكن فرسان الخيالة الثقيلة المماليك المسلمين من هزيمة نظرائهم المغول بشكل واضح في القتال القريب، وذلك لم يُشهد لأحد غيرهم من قبل.

ويعتبر المؤرخون هزيمة المغول في هذه المعركة -بالإضافة لهزيمتهم التالية في حربهم مع اليابانيين قرب جزيرة أيكي- بداية النهاية للأمبراطورية المنغولية.

ما بعد المعركة

المماليك

بعد المعركة قام ولاة المغول في الشام بالهرب، فدخل قطز دمشق في 27 رمضان 658 هـ، وبدأ في إعادة الأمن إلى نصابه في جميع المدن الشامية، وتعيين ولاة لها. في طريق عودة الجيوش الإسلامية إلى مصر قام بيبرس بالاحتيال على قطز فقتله وتولى هو حكم بلاد المماليك. قام المماليك بطرد آخر الصليبيين من البلاد الإسلامية في عام 1291 م. كانت النتيجة النهائية لهذه المعركة هي توحيد مصر وبلاد الشام تحت حكم سلطان المماليك على مدى ما يزيد عن نحو مئتين وسبعين سنة حتى قام العثمانيون بالسيطرة على أراضيهم في عهد سليم الأول.

ولكن توجد بعض الروايات تقول أن بيبرس لم يقتل قطز وانما مات قطز متأثرا بجراح أصيب بها في المعركة.[بحاجة لمصدر]

المغول

يعد المؤرخون هذه المعركة ونتائجها بداية النهاية للإمبراطورية المغولية إذ لم يهزموا في معركة قط قبلها. كان بيركي ابن عم هولاكو خان قد أعلن إسلامه أيام الغزو المغولي لبلاد المسلمين وكان قد تأثر كثيرا لسقوط الدولة العباسية (دولة الخلافة الإسلامية) على يد ابن عمه وكان يتحين الفرصة للانتقام من هولاكو خان. قام بيركي -بعد أن تحالف مع السلطان المملوكي الظاهر بيبرس- بتجهيز جيوشه (كان بيركي يحكم الأجزاء الجنوبية من الإمبراطورية المغولية وهولاكو يحكم الشمال) واتجه شمالا نحو هولاكو الذي عاد من بلاد الشام، هزم هولاكو هزائم كبيرة من قبل جيوش بيركي ولم يتمكن من مقاومته. تذكر بعض المصادر أن هولاكو أرسل جيوشا إلى بلاد الشام ليستعيدها بقيادة إبنه "يشموط" إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل، حيث كان قد أقام حفلا و كان في حالة ثمالة فانتهز جند بيبرس هذه الفرصة فانقضوا على معسكرهم و أفنوهم عن كاملهم و تركوا بعضهم لينقلوا خبر الهزيمة إلا هولاكو و معهم رأس ابنه و ما كان من هولاكو إلا أن قاتل بقية الناجين من المذبحة.دانت أغلب المناطق الشمالية من الإمبراطورية المغولية لبيركي واستمر خلفاؤه في حكم مناطق الدولة الشمالية لمدة تزيد عن الـ200 عاما.

ملاحظات

  • الجيش المملوكي كان معظمه تركيا وشركسيا قيادة وجنودا من المماليك الذين اشتراهم سلاطين مصر و دُربوا على القتال في مصر، لم يكن هؤلاء الأتراك و الشركس وغيرهم من المماليك مهرة في شتى أصناف القتال فحسب بل كانوا على معرفة كبيرة بطرق قتال المغول وأسلحتهم المستخدمة في حروبهم. كان الجيش يتألف من الأقسام التالية:
    • المماليك السلطانية :وكانوا من المماليك الذين جلب معظمهم من بلاد القبجاق والتي كانت سوقا كبيرا للرقيق.
    • جند الحلقة: تتكون من محترفي الجندية من أولاد المماليك، وقد عرفوا أيضا باسم أولاد الناس، وهم كثرة الجيش وعامته في أثناء الحرب؛ وهم أيضا أصحاب حرفٍ و صناعاتٍ في وقت السلم.
    • مماليك الأمراء: شبيهون بالمماليك السلطانية؛ غير أن مماليك الأمراء يتبعون أمراءهم.