Search - للبحث فى مقالات الموقع

Friday, April 2, 2010

امجاد من مصر الاسلاميه والعربيه الناصر محمد بن قلاوون (684 هـ/1284 م - ذي الحجة 741 هـ/يونيو 1341م) هو تاسع سلطان من المماليك البحرية


Dr Usama Shaalan(Papyrus) برديه الدكتوراسامه شعلان

المماليك والصراع على الحكم
الناصر محمد بن قلاوون (684 هـ/1284 م - ذي الحجة 741 هـ/يونيو 1341م) هو تاسع سلطان من المماليك البحرية ، حكم من 16 محرم 693هـ/18 ديسمبر 1293م ويعتبر العصر الذهبي لدولة المماليك.

لم يكن المماليك يؤمنون بمبدأ وراثة الحكم ، وإنما كانت السلطة دائمًا للأمير الأقوى ، الذي يستطيع أن يحسم الصراع على السلطة لصالحه، ويتصدى لأي محاولة للخروج عليه، ولكن أسرة "قلاوون" استطاعت أن تكسر هذه القاعدة، وتخرج عن ذلك السياق؛ فقد ظل "قلاوون" وأولاده وأحفاده يحكمون دولة المماليك لأكثر من قرن من الزمان، برغم كل ما تعرضوا له من مؤامرات وانقلابات، يتبعها اغتصاب للسلطة، بيد أن هؤلاء المغتصبين لم يستقروا في الحكم طويلاً؛ إذ سرعان ما كان يتم عزلهم لتعود السلطة مرة أخرى إلى أسرة "قلاوون"، ولعل هذا ما كان يحدث دائمًا عقب وفاة كل سلطان.

فبعد وفاة السلطان "قلاوون" تولى ابنه الأكبر "خليل" أمور السلطة، ولكنه كان خلاف أبيه؛ فقد اتسم بالحدة والغلظة، وكان قاسيًا متعجرفًا في معاملة مماليكه؛ مما أثار عليه النفوس، وأوغر ضده الصدور، غير أنه استطاع بشجاعته أن يطرد الصليبيين من "عكا"، وأن يحقق حلم أبيه بوضع خاتمة للحروب الصليبية التي دامت قرنين من الزمان.

لكنه لم يستمتع طويلاً بالنصر؛ فما لبث أن تآمر عليه بعض أمراء المماليك، وانتهزوا فرصة خروجه يومًا للصيد، فانقضوا عليه وقتلوه.

الناصر محمد" والطريق إلى العرش
وهكذا أصبح الناصر محمد بن قلاوون سلطانًا على مصر بعد مقتل أخيه؛ فجلس على العرش وهو لا يزال في التاسعة من عمره في 16 محرم 693هـ- 18 ديسمبر 1293م.

واختير الأمير "كتبغا" نائبًا للسلطنة ، فأصبح هو الحاكم الفعلي للبلاد، بينما لا يملك السلطان الصغير من السلطة إلا اللقب الذي لم يدم له أيضًا أكثر من عام؛ فقد استطاع "كتبغا" أن يقنع الخليفة العباسي بعدم أهلية "الناصر" للحكم لصغر سنه، وأن البلاد في حاجة إلى رجل قوى يهابه الجند وتخشاه الرعية، فأصدر الخليفة مرسومًا بخلع "الناصر" وتولية "كتبغا" مكانه.

الناصر محمد" والطريق إلى العرش
وهكذا أصبح الناصر محمد بن قلاوون سلطانًا على مصر بعد مقتل أخيه؛ فجلس على العرش وهو لا يزال في التاسعة من عمره في 16 محرم 693هـ- 18 ديسمبر 1293م.

واختير الأمير "كتبغا" نائبًا للسلطنة ، فأصبح هو الحاكم الفعلي للبلاد، بينما لا يملك السلطان الصغير من السلطة إلا اللقب الذي لم يدم له أيضًا أكثر من عام؛ فقد استطاع "كتبغا" أن يقنع الخليفة العباسي بعدم أهلية "الناصر" للحكم لصغر سنه، وأن البلاد في حاجة إلى رجل قوى يهابه الجند وتخشاه الرعية، فأصدر الخليفة مرسومًا بخلع "الناصر" وتولية "كتبغا" مكانه.

سلطنة "كتبغا" أحداث عصيبة ونهاية مفجعة

رجوع الناصر بن قلاوون إلى مصر 1299اقترنت مدة سلطنة "كتبغا" بأحداث شتى أثارت ضده الشعب، وجعلته يكرهه؛ فقد اشتد الغلاء، وارتفعت الأسعار، ونقص ماء النيل، وعم الوباء، وكثرت المجامعات، ولم يستطع السلطان أن يتصدى لكل تلك الكوارث، برغم الجهود التي بذلها.

وقد أغرى ذلك الأمير "لاجين" بانتزاع السلطة والاستيلاء على العرش، بعدها استدعى "الناصر محمد" وطلب منه السفر إلى "الكرك".

وسعى السلطان "لاجين" إلى التقرب من الناس عن طريق تخفيف الضرائب، كما حرص على تحسين صورته بين الرعية من خلال أعمال البر والإحسان التي قام بها، فحظي بتأييد الشعب له، خاصة بعد أن انخفضت الأسعار وعم الرخاء، وعمد "لاجين" إلى إظهار تقديره للعلماء، ونفوره من اللهو، وأحسن السيرة في الرعية. ولكن عددًا من الأمراء تآمروا عليه، فقتلوه وهو يصلى العشاء مساء الخميس (10 ربيع الآخر 698هـ- 16 يناير 1299م).

العودة إلى العرش

موقعة وادي الخاندار 1299أصبح الطريق خاليًا أمام السلطان "الناصر محمد" للعودة إلى عرشه من جديد، واستقر الرأي على استدعاء "الناصر" فذهبت وفود من الأمراء إليه، وعاد "الناصر" إلى مصر، في موكب حافل، فلما دخل القلعة وجلس على العرش، جدد الأمراء والأعيان البيعة له، ولم يكن عمره يتجاوز الرابعة عشرة آنذاك، ولم يكد السلطان "الناصر" يتولى مقاليد الحكم حتى جاءت الأخبار بتهديد المغول لبلاد الشام، فخرج إليهم على رأس جيشه حتى وصل إلى دمشق. ولكن المغول تظاهروا بالانسحاب، وانخدع بذلك السلطان والأمراء؛ فتراخى الجيش، وخمد حماس الجنود، ولم يشعروا إلا وقد انقض عليهم المغول، وألحقوا بهم هزيمة منكرة؛ فرجع السلطان يجر أذيال الهزيمة، ولكنه لم يلبث أن أخذ يعد العدة للقاء المغول، ومحو عار الهزيمة التي لحقت به.

الناصر محمد من نصر إلى نصر
وعاد "المغول" مرة أخرى إلى الشام؛ فخرج إليهم السلطان بجنوده، والتقى الجيشان بطرق "مرج الصفر" بعد عصر السبت (2 رمضان 702 هـ- 20 ابريل 1302م)، وبرغم قوة "المغول" وكثرة عددهم فإن انتصار الجيش المصري في ذلك اليوم كان ساحقًا، وأظهر الجنود من الشجاعة والفروسية ما يفوق كل وصف.

وعاد السلطان في مواكب النصر، وعمت الفرحة أرجاء البلاد، وقد أدى هذا النصر إلى تحقيق نوع من الأمن والاستقرار الداخلي للبلاد، وأعاد إلى الدولة هيبتها وقوتها، خاصة أمام الأعراب الذين دأبوا على الإغارة على المدن والقرى والقيام بعمليات السلب والنهب والقتل، دون أن يجدوا من يتصدى لهم، وقد أرسل إليهم السلطان عدة حملات، حاصرتهم في الطرق والجبال؛ حتى قضوا عليهم وكسروا شوكتهم، وتخلص الناس من شرورهم.

وفي العام نفسه توج الناصر انتصاراته بهزيمة الصليبيين الذين كانوا قد نجحوا في الاستيلاء على جزيرة "أرواد" أمام ساحل مدينة "طرابلس" وأخذوا يهددون منها سواحل الشام، فأرسل السلطان حملة بحرية إلى تلك الجزيرة، استطاعت أن تحقق نصرًا عظيمًا على الصليبين؛ فقتلوا منهم نحو ألفين، وأسروا نحو خمسمائة آخرين، كما غنموا مغانم كثيرة.

التآمر على السلطان
ولكن الأمور لم تسير بالسلطان الناصر على النحو الذي كان يتمناه، فبالرغم من حب الشعب لسلطانه وتعلقه به، فإن الأميرين (بيبرس الجاشنكير، وسلاد) راحا يضيقان على السلطان بعد أن اتسع نفوذهما، وقويت شوكتهما؛ فسعيا إلى التخلص منه، وحاصراه برجالهما في القلعة، ولكن جموع الشعب خرجت غاضبة ثائرة؛ فاضطروا إلى استرضاء السلطان، وشعر السلطان "الناصر" بالضيق؛ فخرج من مصر، واتجه إلى "الكرك" في شوال 708هـ- إبريل 1309م، وقرر ترك السلطنة والإقامة في "الكرك".

وأصبح "بيبرس" سلطانًا على البلاد، إلا أن حركة المعارضة له أخذت تزداد يومًا بعد يوم، ونوافذ الأمراء على السلطان "الناصر" يطالبونه بالرجوع إلى العرش.

وبدأ "الناصر" يعد العدة لاسترداد عرشه، فلما علم "بيبرس" بذلك خلع نفسه من السلطنة، وأرسل كتابًا إلى الناصر يطلب منه الصفح، وأخذ ما استطاع أن يحمله من خزائن الدولة ليهرب به، لكنه فوجئ بالعامة وقد اجتمعوا عليه يريدون الفتك به؛ فأخذ يلقى إليهم بما معه من أموال، وينثر عليهم الذهب، ولكن العامة تركوا ذلك كله وراحوا يطاردونه، ففر إلى الصعيد.

السلطان الثالث والعصر الذهبي لدولة المماليك
عاد الناصر ليجلس على عرشه من جديد للمرة الثالثة في مستهل (شوال 709هـ: مارس 1310م)، وقد شهدت هذه الفترة من حكم السلطان الناصر- والتي استمرت نحو 32 سنة- ازدهارًا كبيرًا في مختلف النواحي، وكانت من أزهي الفترات في تاريخ الدولة المملوكية؛ فقد تمتعت مصر خلالها برخاء واستقرار كبيرين، فضلاً عن اتساع النفوذ الخارجي لسلطان مصر؛ فقد كان هو الذي يعين أشراف "مكة"، وامتدت سلطته إلى "المدينة"، وخطب ملوك اليمن وده، وصار اسمه يذكر في مساجد طرابلس وتونس، وأصبحت له علاقات ودية بالدول المسيحية في قلب أوروبا، كما أرسل مساعداته إلى سلطنة الهند الإسلامية ضد المغول الذين اشتدت إغارتهم على "الهند".

من مظاهر النهضة الحضارية والعمرانية في عصر "الناصر"

كما شهدت البلاد في عهد نهضة حضارية وعمرانية كبيرة؛ فقد اهتم ببناء العمائر الفخمة، فشيد "القصر الأبلق" و"مسجد القلعة"، واهتم بإنشاء الميادين العظيمة مثل: "ميدان الناصر"، وأقام "خانقاة" كبيرة للصوفية، شيد حولها عددًا من القصور، وأنشأ البساتين الجميلة، ولا تزال تلك المنطقة من ضواحي القاهرة، تحمل اسم "الخانكة" حتى الآن.

واهتم "الناصر" بشق الترع ، وإقامة الجسور والقناطر، وإنشاء الخلجان؛ فحفر خليجًا امتد من القاهرة إلى "سرياقوس" مخترقًا أحياء القاهرة، وأقام عليه القناطر الكثيرة، مثل قناطر السباع، وأنشأ عدد من البساتين منها بستان "باب اللوق"، كما أعاد حفر خليج الإسكندرية وتطهيره، ليستمر فيه الماء العذب طوال العام، وما زال هذا الخليج موجودًا حتى الآن، وإن تغير اسمه ليصبح "ترعة المحمودية".


زيارة إبن بطوطة لمصر في الفترة الثالثة من حكم الناصر محمد بن قلاوونمدن مصر وقراها فى عصر قلاوون
ذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار - الجزء الأول 16 / 167 عن الخراج الذى يستخرج من مدن مصر وقراها فى سنة 345 هـ فقال: " والذي استقرّ عليه الحال في دولة الناصر محمد بن قلاوون أن الوجه القبلي ستة أعمال وهي من عمل قوص وهو أجلها ومنه أسوان وغرب قوله وعمل أخميم وعمل أسيوط وعمل منفلوط وعمل الأشمونين وبها الطحاوية وعمل البهنساوية الغربيّ وهو عبارة عن قرى على غربي المنهي المارّ إلى الفيوم وعمل الفيوم وعمل أطفيح وعمل الجيزة‏.‏ والوجه البحري ستة أعمال‏:‏ عمل البحيرا وهو متصل البرّ بالإسكندرية وبرقة وعمل الغربية جزيرة واحدة يشتمل عليها ما بين البحرين وهما البحر المارّ مسكبه عند دمياط ويسمى الشرقيّ والبحر الثاني مسكبه عند رشيد ويسمى الغربي والمنوفية ومنها‏:‏ ابيار وجزيرة بني نصر وعمل قليوب وعمل الشرقية وعمل أسموم طناح ومنها‏:‏ الدقهلية والمرتاحية وهناك موقع ثغر البرلس وثغر رشيد والمنصورة وفي هذا الوجه الإسكندرية ودمياط ولا عمل لهما‏.‏

وأما الواحات‏:‏ فمنقطعة وراء الوجه القبلي مغاربة لم تعدّ في الولايات ولا في الأعمال ولا يحكم عليها والي السلطان وإنما يحكم عليها من قبل مقطعها واللّه تعالى أعلم‏.‏ ذكر ما كان يعمل في أراضي مصر من حفر الترع وعمارة الجسور ونحو ذلك من أجل ضبط ماء النيل وتصريفه في أوقاته قال ابن عبد الحكم عن يزبد بن أبي حبيب‏:‏ وكانت فريضة مصر بحفر خليجها وإقامة جسورها وبناء قناطرها وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفًا‏.‏ معهم المساحي والطوريات والأداة يعتقبون ذلك لا يدعونه شتاء ولا صيفًا‏.‏ "


مسجد السلطان قلاوون السنة الأولى من سلطنة الملك الناصر محمد الأولى على أنه لم يكن له من السلطنة فيها إلا مجرد الاسم فقط وإنما كان الأمر أولًا للأمير علم الدين سنجر الشجاعي ثم للأمير كتبغا المنصوري وهي سنة ثلاث وتسعين وستمائة على أن الأشرف قتل في أوائلها في المحرم حسب ما تقدم ذكره‏.‏ فيها توفي الصاحب فخر الدين أبو العباس إبراهيم بن لقمان بن أحمد بن محمد الشيباني الإسعردي ثم المصري رئيس الموقعين بالديار المصرية ثم الوزير بها‏.‏ ولي الوزارة مرتين وكان مشكور السيرة قليل الظلم كثير العدل والإحسان للرعية وفي أيام وزارته سعى في إبطال مظالم كثيرة وكان يتولى الوزارة بجامكية الإنشاء وعندما يعزلونه من الوزارة يصبح يأخذ غلامه الحرمدان خلفه ويروح يقعد في ديوان الإنشاء وكأنه ما تغير عليه شيء وكان أصله من المعدن من بلاد إسعرد وتدرب في الإنشاء بالصاحب بهاء الدين زهير حتى برع في الإنشاء وغيره‏.‏ قال الذهبي‏:‏ رأيته شيخًا بعمامة صغيرة وقد حدث عن ابن رواح وكتب عنه البرزالي والطلبة انتهى‏.‏ وكان ابن لقمان المذكور فاضلًا ناظمًا ناثرًا مترسلًا ومات بالقاهرة في جمادى الآخرة ودفن بالقرافة ومن شعره‏:‏ الكامل كن كيف شئت فإنني بك مغرم راض بما فعل الهوى المتحكم ولئن كتمت عن الوشاة صبابتي بك فالجوانح بالهوى تتكلم أشتاق من أهوى وأعجب أنني أشتاق من هو في الفؤاد مخيم يا من يصد عن المحب تدللًا وإذا بكى وجدًا غدًا يتبسم أسكنتك القلب الذي أحرقته فحذار من نار به تتضرم وفيها قتل الأمير علم الدين سنجر بن عبد الله الشجاعي المنصوري كان من مماليك الملك المنصور قلاوون وترقى حتى ولي شد الدواوين ثم الوزارة بالديار المصرية في أوائل دولة الناصر وساءت سيرته وكثر ظلمه ثم ولي نيابة دمشق فتلطف بأهلها وقل شره ودام بها سنين إلى أن عزل بالأمير عز الدين أيبك الحموي وقدم إلى القاهرة وكان مركبه يضاهي موكب السلطان من التجمل ومع ظلمه كان له ميل لأهل العلم وتعظيم الإسلام وهو الذي كان مشد عمارة البيمارستان المنصوري ببين القصرين فتممه في مدة يسيرة ونهض بهذا العمل العظيم وفرغ منه في أيام قليلة وكان يستعمل فيه الصناع والفعول بالبندق حتى لا يفوته من هو بعيد عنه في أعلى سقالة كان ويقال إنه يومًا وقع بعض الفعول من أعلى السقالة بجنبه فمات فما اكترث سنجر هذا ولا تغير من مكانه وأمر بدفنه ثم عمل الوزارة أيضًا في أوائل دولة الناصر محمد بن قلاوون أكثر من شهر حسب ما تقدم ذكره وحدثته نفسه بما فوق الوزارة فكان في ذلك حتفه وقتله حسب ما ذكرناه في أول ترجمة الملك الناصر هذا وفرح أهل مصر بقتله فرحًا زائدًا حتى إنه لما طافت المشاعلية برأسه على بيوت الكتاب القبط بلغت اللطمة على وجهه بالمداس نصفًا والبولة عليه درهمًا وحصلوا المشاعلية جملًا من ذلك‏.‏ قلت‏:‏ وهذا غلط فاحش من المشاعلية قاتلهم الله‏!‏ لو كان من الظلم ما كان هو خير من الأقباط النصارى‏.‏ ولما كان على نيابة دمشق وسع ميدانها أيام الملك الأشرف فقال الأديب علاء الدين الوداعي في ذلك‏:‏ الكامل علم الأمير بأن سلطان الورى يأتي دمشق ويطلق الأموالا فلأجل ذا قد زاد في ميدانها لتكون أوسع للجواد مجالا قال الصلاح الصفدي‏:‏ أخبرني من لفظه شهاب الدين بن فضل الله قال‏:‏ أخبرني والدي عن قاضي القضاة نجم الدين ابن الشيخ شمس الدين شيخ الجبل قال‏:‏ كنت ليلة نائمًا فاستيقظت وكأن من أنبهني وأنا أحفظ كأنما قد أنشدت ذلك‏:‏ البسيط عند الشجاعي أنواع منوعة من العذاب فلا ترحمه بالله لم تغن عنه ذنوب قد تحملها من العباد ولا مال ولا جاه قال‏:‏ ثم جاءنا الخبر بقتله بعد أيام قلائل فكانت قتلته في تلك الليلة التي أنشدت فيها الشعر‏.‏ انتهى‏.‏ وفيها توفي قتيلًا الملك كيختو ملك التتار قتله ابن أخيه بيدو‏.‏ وفيها قتل الوزير الصاحب شمس الدين محمد بن عثمان بن أبي الرجاء التنوخي الدمشقي التاجر المعروف بابن السلعوس قال الشيخ صلاح الدين الصفدي‏:‏ كان في شبيبته يسافر بالتجارة وكان أشقر سمينًا أبيض معتدل القامة فصيح العبارة حلو المنطق وافر الهيبة كامل الأدوات خليقًا للوزارة تام الخبرة زائد الإعجاب عظيم التيه وكان جارًا للصاحب تقي الدين البيع فصاحبه ورأى فيه الكفاءة فأخذ له حسبة دمشق ثم توجه إلى مصر وتوكل للملك الأشرف خليل في دولة أبيه فجرى عليه نكبة من السلطان فشفع فيه مخدومه الأشرف خليل وأطلقه من الاعتقاد وحج فتملك الأشرف في غيبته وكان محبًا له فكتب إليه بين الأسطر‏:‏ يا شقير يا وجه الخير قدم السير‏.‏ فلما قدم وزره وكان إذا ركب تمشي الأمراء الكبار في خدمته انتهى‏.‏ قلت‏:‏ وكان في أيام وزارته يقف الشجاعي المقدم ذكره في خدمته فلما قتل مخدومه الملك الأشرف وهو بالإسكندرية قدم القاهرة فطلب إلى القلعة فأنزله الشجاعي من القلعة ماشيًا ثم سلمه من الغد إلى عدوه الأمير بهاء الدين قراقوش مشد الصحبة قيل‏:‏ إنه ضربه ألفًا ومائة مقرعة ثم تداوله المسعودي وغيره وأخذ منه أموالًا كثيرة ولا زال تحت العقوبة حتى مات في صفر‏.‏

ولما تولى الوزارة كتب إليه بعض أحبائه من الشام يحذره من الشجاعي‏:‏ الوافر تنبه يا وزير الأرض واعلم بأنك قد وطئت على الأفاعي وكن بالله معتصمًا فإني أخاف عليك من نهش الشجاعي فبلغ الشجاعي فلما جرى ما جرى طلب أقاربه وأصحابه وصادرهم فقيل له عن الناظم فقال‏:‏ لا أوذيه فإنه نصحه في وما انتصح وقد أوضحنا أمره في المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي بأطول من هذا‏.‏ انتهى‏.‏ الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي المقرىء شمس الدين محمد بن عبد العزيز الدمياطي بدمشق في صفر وقاضي القضاة شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خليل الخويي‏.‏ والسلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون فتكوا به في المحرم‏.‏ ونائبه بيدرا قتل من الغد ووزيره الصاحب شمس الدين محمد بن عثمان بن السلعوس هلك تحت العذاب‏.‏ أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وسبع أصابع‏.‏ وثبت إلى سادس عشر توت‏.‏ [1]

رحيل السلطان "الناصر"
وفي شهر ذي الحجة 741 هـ- يونيو 1341م، مرض السلطان الناصر مرضا شديدًا، ظل يقاسي شدته وآلامه حتى توفي بعد أحد عشر يومًا عن عمر بلغ سبعة وخمسين عامًا.