Search - للبحث فى مقالات الموقع

Monday, May 17, 2010

معاهدة الطائف هي معاهدة تمت عام 1934 بين المملكة المتوكلية اليمنية من طرف والمملكة العربية السعودية من طرف، بعد الحرب السعودية اليمنية



Dr Usama Shaalan(Papyrus) برديه الدكتوراسامه شعلان

الحدود اليمنية السعودية

معاهدة الطائف بين المملكة المتوكلية اليمنية والمملكة العربية السعودية

(6 صفر سنة 1353 هـ 19 مايو سنة 1934 م) 

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نحن الإمام يحيى بن محمد حميد الدين ملك المملكة اليمانية، بما إنه قد عقدت بيننا وبين حضرة صاحب الجلالة الملك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ملك المملكة السعودية، معاهدة صداقة إسلامية وأخوة عربية لإنهاء حالة الحرب الواقعة لسوء الحظ بيننا وبين جلالته ولتأسيس علاقات الصداقة الإسلامية بين بلاديهما، ووقعها مندوب مفوض من قبلنا ومندوب مفوض من قبل جلالته وكلاهما حائزان للصلاحية التامة المتقابلة وذلك في مدينة جدة في اليوم السادس من شهر صفر سنة ثلاث وخمسين بعد الثلاثمائة والألف وهي مدرجة مع عهد التحكيم والكتب الملحقة بها فيما يلي:

معاهدة صداقة إسلامية وأخوة عربية بين المملكة اليمانية وبين المملكة العربية السعودية

حضرة صاحب الجلالة الإمام يحيى بن محمد حميد الدين ملك اليمن من جهة.

وحضرة صاحب الجلالة الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ملك المملكة العربية السعودية من جهة أخرى.

رغبة منهما في إنهاء حالة الحرب التي كانت قائمة لسوء الحظ فيما بينهما وبين حكومتيهما وشعبيهما، ورغبة في جمع كلمة الأمة الإسلامية العربية ورفع شأنها وحفظ كرامتها واستقلالها.

ونظرًا لضرورة تأسيس علاقات عهدية ثابتة بينهما وبين حكومتيهما وبلاديهما على أساس المنافع المشتركة والمصالح المتبادلة.

وحبًا في تثبيت الحدود بين بلاديهما وإنشاء علاقات حسن الجوار وربط الصداقة الإسلامية فيما بينهما وتقوية دعائم السلم والسكينة بين بلاديهما وشعبيهما.

ورغبة في أن يكون عضوًا واحدًا أمام الملمات المفاجئة وبنيانًا متراصًا للمحافظة على سلامة الجزيرة العربية قررا عقد معاهدة صداقة إسلامية وأخوة عربية فيما بينهما، وانتدبا لذلك الغرض مندوبين مفوضين عنهما وهما:

عن حضرة صاحب الجلالة ملك اليمن حضرة صاحب السيادة السيد عبد الله بن أحمد الوزير.

وعن حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية حضرة صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبد العزيز نجل جلالته ونائب رئيس مجلس الوكلاء.

وقد منح جلالة الملكين لمندوبيهما الآنفي الذكر الصلاحية التامة والتفويض المطلق. وبعد أن اطلع المندوبان المذكوران على أوراق التفويض التي بيد كل منهما فوجداها موافقة للأصول، قررا باسم ملكيهما الاتفاق على المواد الآتية:

المادة الأولى:

تنتهي حالة الحرب القائمة بين مملكة اليمن والمملكة العربية السعودية بمجرد التوقيع على هذه المعاهدة، وتنشأ فورًا بين جلالة الملكين وبلاديهما وشعبيهما حالة سلم دائم وصداقة وطيدة، وأخوة إسلامية عربية دائمة لا يمكن الإخلال بها جميعها أو بعضها. ويتعهد الفريقان الساميان المتعاقدان بأن يحلا بروح الود والصداقة جميع المنازعات والاختلافات التي قد تقع بينهما، وبأن يسود علاقتهما روح الإخاء الإسلامي العربي في سائر المواقف والحالات، ويشهدان الله على حسن نواياهما ورغبتهما الصادقة في الوفاق، والاتفاق سرًا وعلنًا، ويرجوان منه سبحانه وتعالى أن يوفقهما وخلفاءهما وورثاءهما وحكومتيهما إلى السير على هذه الخطة القويمة التي فيها رضا الخالق وعز قومهما ودينهما.

المادة الثانية:

يعترف كل من الفريقين الساميين المتعاقدين للآخر باستقلال كل من المملكتين استقلا ً لا تامًا مطلقًا وبملكيته عليها، فيعترف حضرة صاحب الجلالة الإمام يحيى بن محمد حميد الدين ملك اليمن لحضرة صاحب الجلالة الإمام عبد العزيز ولخلفائه الشرعيين، باستقلال المملكة العربية السعودية استقلا ً لا تامًا مطلقًا، وبالملكية على المملكة العربية السعودية، ويعترف حضرة صاحب الجلالة الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ملك المملكة العربية السعودية لحضرة صاحب الجلالة الإمام يحيى ولخلفائه الشرعيين باستقلال مملكة اليمن استقلا ً لا تامًا مطلقًا، وبالملكية على مملكة اليمن. ويسقط كل منهما أي حق يدعيه في قسم أو أقسام من بلاد آخر خارج الحدود القطعية المبينة في صلب هذه المعاهدة. إن جلالة الإمام الملك يحيى يتنازل بهذه المعاهدة عن أي حق يدعيه باسم الوحدة اليمانية أو غيرها في البلاد التي هي بموجب هذه المعاهدة تابعة للمملكة العربية السعودية من البلاد التي كانت بيد الأدارسة أو آل عايض أو في نجران وبلاد يام، كما أن جلالة الإمام عبد العزيز يتنازل بهذه المعاهدة عن أي حق يدعيه من حماية واحتلال أو غيرهما في البلاد التي هي بموجب هذه المعاهدة تابعة لليمن من البلاد التي كانت بيد الأدارسة أو غيرها.

المادة الثالثة:

يتفق الفريقان الساميان المتعاقدان على الطريقة التي تكون بها الصلات والمراجعات بما فيها حفظ مصالح الطرفين وبما لا ضرر فيه على أيهما، على أن لا يكون ما يمنحه أحد الفريقين الساميين المتعاقدين للآخر أقل مما يمنحه لفريق ثالث ولا يوجب هذا على أي الفريقين أن يمنح الآخر أكثر مما يقابله بمثله.

المادة الرابعة:

خط الحدود الذي يفصل بين بلاد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين موضح بالتفصيل الكافي فيما يلي، ويعتبر هذا الخط حدًا فاص ً لا قطعيًا بين البلاد التي تخضع لكل منهما. يبدأ خط الحدود بين المملكتين اعتبارًا من النقطة الفاصلة بين (ميدي) و(الموسم) على ساحل البحر الأحمر إلى جبال تهامة في الجهة الشرقية، ثم يرجع شما ً لا إلى أن ينتهي إلى الحدود الغربية الشمالية التي بين (بني جماعة) ومن يقابلهم من جهة الغرب والشمال ثم ينحرف إلى جهة الشرق إلى أن ينتهي إلى ما بين حدود (نقعه) و(عار) التابعتين لقبيلة (وائلة) وبين حدود يام ثم ينحرف إلى أن يبلغ مضيق (مروان) و(عقبة رفادة)، ثم ينحرف إلى جهة الشرق حتى ينتهي من جهة الشرق إلى أطراف الحدود بين من عدا (يام) من (همدان بن زيد وائلي) وغيره وبين (يام) فكل ما عن يمين الخط المذكور الصاعد من النقطة المذكورة التي على ساحل البحر إلى منتهى الحدود في جميع جهات الجبال المذكورة فهو من المملكة العربية السعودية، فما هو من جهة اليمن المذكورة هو / ميدي / و/ حرض/ وبعض قبيلة / الحراث / و/ المير / وجبال / الظاهر / و/ شذا / و/ الضيعة / وبعض / العبادل / وجميع بلاد وجبال / رازح / و/ منبه / مع / عرو آل مشيخ / وجميع بلاد وجبال / بني جماعة / و/ سحار الشام يباد / وما يليها ومحل / مريصعه وعموم / سحار / و/ نقعة / و/ دعار / وعموم / وائلة / وكذا الفرغ مع / عقبة نهوقة / وعموم من عدا / يام / و/ وادعة ظهران / من / همدان بن زيد / هؤلاء المذكورون وبلادهم بحدودها المعلومة، وكل ما هو بين الجهات المذكورة وما يليها مما لم يذكر اسمه، مما كان مرتبطًا ارتباطًا فعليًا أو تحت ثبوت يد المملكة اليمانية قبل سنة 1352 هـ، كل ذلك هو في جهة اليمين فهو من المملكة اليمانية، وما هو في جهة اليسار المذكورة وهو / الموسم / و/ وعلان / وأكثر / الحرشا / و/ الخوبة / و/ الجابري / وأثر / العبادل / وجميع / خيفا / و/ بني مالك / و/ بني حريص / / وآل تليد / و/ قحطان / و/ ظهران وادعة / وجميع / وادعة ظهران / مع مضيق / مروان / و/ عقبة رفادة / وما خلفهما من جهة الشرق والشمال من / يام / و/ نجران / و/ وائلة / وكل ما هو تحت / عقبة نهوقة / إلى أطراف نجران ويام من جهة الشرق، هؤلاء المذكورون وبلادهم بحدودها المعلومة، وكل ما هو بين الجهات المذكورة وما يليها مما لم يذكر اسمه مما كان مرتبطًا ارتباطًا فعليًا أو تحت ثبوت يد المملكة العربية السعودية قبل سنة 1352 هـ، كل ذلك هو في جهة يسار الخط المذكور فهو من المملكة العربية السعودية، وما ذكر من يام ونجران و/ الحضن / و/ زور وادعة / وسائر من هو في نجران من وائلة، فهو بناء على كل ما كان من تحكيم جلالة الإمام يحيى لجلالة الملك عبد العزيز في / يام / والحكم من جلالة الملك عبد العزيز بأن جميعها تتبع المملكة العربية السعودية، وحيث إن / الحضن / و/ زور وادعة / ومن هو من وائلة في نجران هم من وائلة، ولم يكن دخولهم في المملكة العربية السعودية إ ّ لا لما ذكر، فذلك لا يمنعهم ولا يمنع إخوانهم وائلة من التمتع بالصلاة والمواصلات والتعاون المعتاد والمتعارف به.

ثم يمتد هذا الخط من نهاية الحدود المذكورة آنفًا بين أطراف قبائل المملكة العربية السعودية وأطراف من عدا / يام / من / همدان بن زيد / وسائر قبائل اليمن، فللمملكة اليمانية كل الأطراف والبلاد اليمانية إلى منتهى حدود اليمن من جميع الجهات وللمملكة العربية السعودية كل الأطراف والبلاد إلى منتهى حدودها من جميع الجهات، وكل ما ذكر في هذه المادة من نقط شمال وجنوب وشرق وغرب فهو باعتبار كثرة إتجاه ميل خط الحدود في إتجاه الجهات المذكورة، وكثيرًا ما تميل لتداخل ما إلى كل من المملكتين.

أما تعيين وتثبيت الخط المذكور وتمييز القبائل وتحديد ديارها على أكمل الوجوه فيكون إجراؤه بواسطة هيئة مؤلفة من عدد متساوٍ من الفريقين بصورة ودية أخوية بدون حيف بحسب العرف والعادة الثابتة عند القبائل.

المادة الخامسة:

نظرًا لرغبة كل من الفريقين الساميين المتعاقدين في دوام السلم والطمأنينة والسكون وعدم إيجاد أي شيء يشوش الأفكار بين المملكتين فإنهما يتعهدان تعهدًا متقاب ً لا بعدم إحداث أي بناء محصن في مساحة خمسة كيلومترات في كل جانب من جانبي الحدود في كل المواقع والجهات على طول خط الحدود.

المادة السادسة:

يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بأن يسحب جنده فورًا عن البلاد التي أصبحت بموجب هذه المعاهدة تابعة للفريق الآخر مع صون الأهلين والجند عن كل ضرر.

المادة السابعة:

يتعهد الفريقان الساميان المتعاقدان بأن يمنع كل منهما أهالي مملكته عن كل ضرر وعدوان على أهالي المملكة الأخرى في كل جهة وطريق، وبأن يمنع الغزو بين أهل البوادي من الطرفين، ويرد كل ما ثبت أخذه بالتحقيق الشرعي من بعد إبرام هذه المعاهدة وضمان ما تلف وبما يلزم بالشرع فيما وقع من جناية قتل أو جرح، بالعقوبة الحاسمة على من ثبت منهم العدوان. ويظل العمل بهذه المادة ساريًا إلى أن يوضع بين الفريقين اتفاق آخر لكيفية التحقيق وتقدير الضرر والخسائر.

المادة الثامنة:

يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين تعهدًا متقاب ً لا بأن يمتنعا عن الرجوع للقوة لحل المشكلات بينهما وبأن يعملا جهدهما لحل ما يمكن أن ينشأ بينهما من الاختلاف، سواء كانت سببه ومنشؤه هذه المعاهدة أو تفسير كل أو بعض موادها، أم كان ناشئًا عن أي سبب آخر بالمراجعات الودية، وفي حالة عدم إمكان التوفيق بهذه الطريقة، يتعهد كل منهما بأن يلجأ إلى التحكيم الذي توضح شروطه وكيفية طلبه وحصوله في ملحق مرفق بهذه المعاهدة، ولهذا الملحق نفس القوة والنفوذ الذين لهذه المعاهدة ويحسب جزءًا منها أو بعضها متممًا للكل فيها.

المادة التاسعة:

يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بأن يمنع بكل ما لديه من الوسائل المادية والمعنوية، استعمال بلاده قاعدة ومركزًا لأي عمل عدواني أو شروع فيه أو استعداد له ضد بلاد الفريق الآخر، كما أنه يتعهد باتخاذ التدابير الآتية بمجرد وصول طلب خطي من حكومة الفريق الآخر وهي:

1 - إذا كان الساعي في عمل الفساد من رعايا الحكومة المطلوب منها اتخاذ التدابير، فبعد التحقيق الشرعي وثبوت ذلك يؤدب فورًا من قبل حكومته بالأدب الرادع الذي يقضي على فعله ويمنع وقوع أمثاله.

٢ - إن كان الساعي في عمل الفساد من رعايا الحكومة الطالبة اتخاذ التدابير، فإنه يلقى القبض عليه فورًا من قبل الحكومة المطلوب منها ويسلم إلى حكومته الطالبة، وليس للحكومة المطلوب منها التسليم عذر عن إنفاذ الطلب، وعليها إتخاذ كافة الإجراءات لمنع فرار الشخص المطلوب أو تمكينه من الهرب وفي الأحوال التي يتمكن فيها الشخص المطلوب من الفرار فإن الحكومة التي فر من أراضيها تتعهد بعدم السماح له بالعودة إلى أراضيها مرة أخرى، وان تمكن من العودة إليها يلقى القبض عليه ويسلم إلى حكومته.

٣ - وإن كان الساعي في عمل الفساد من رعايا حكومة ثالثة، فإن الحكومة المطلوب منها والتي يوجد الشخص على أراضيها، تقوم فورًا وبمجرد تلقيها الطلب من الحكومة الأخرى بطرده من بلادها، وعده شخصًا غير مرغوب فيه، ويمنع من العودة إليها في المستقبل.

المادة العاشرة:

يتعهد كل من الفريقين الساميين بعدم قبول من يفر عن طاعة دولته كبيرًا كان أم صغيرًا، موظفًا كان أم غير موظف، فردًا كان أم جماعة، ويتخذ كل من الفريقين الساميين المتعاقدين كافة التدابير الفعالة من إدارية وعسكرية وغيرها لمنع دخول هؤلاء الفارين إلى حدود بلاده فإن تمكن أحدهم أو كلهم من اجتياز خط الحدود بالدخول في أراضيه فيكون عليه واجب نزع السلاح من الملتجئ وإلقاء القبض عليه، وتسليمه إلى حكومة بلاد الفار منها، وفي حالة عدم إمكان القبض عليه تتخذ كافة الوسائل لطرده من البلاد التي لجأ إليها إلى بلاد الحكومة التي يتبعها.

المادة الحادية عشرة:

يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بمنع الأفراد والعمال والموظفين التابعين له من المداخلة بأي وجه كان مع رعايا الفريق الآخر بالذات أو بالواسطة، ويتعهد باتخاذ كامل التدابير التي تمنع حدوث القلق أو توقع سوء التفاهم بسبب الأعمال المذكورة.

المادة الثانية عشرة:

يعترف كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بأن أهل كل جهة من الجهات الصائرة إلى الفريق الآخر بموجب هذه المعاهدة رعية لذلك الفريق الآخر. ويتعهد كل منهما بعدم قبول أي شخص أو أشخاص من رعايا الفريق الآخر رعية له إ ّ لا بموافقة ذلك الفريق، وبأن تكون معاملة رعايا كل من الفريقين في بلاد الفريق الآخر طبقًا للأحكام الشرعية المحلية.

المادة الثالثة عشرة:

يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بإعلان العفو الشامل الكامل عن سائر الإجرام والأعمال العدائية التي يكون قد ارتكبها فرد أو أفراد من رعايا الفريق الآخر المقيمين في بلاده (أي في بلاد الفريق الذي منه إصدار العفو) كما أنه يتعهد بإصدار عفو عام شامل كامل عن أفراد رعاياه الذين لجؤوا أو انحازوا أو بأي شكل من الأشكال انضموا إلى الفريق الآخر، من كل جناية، ومال أخذوا، منذ لجؤوا إلى الفريق الآخر إلى عددهم كائنًا ما كان ما بلغ، وبعدم السماح بإجراء أي نوع من الإيذاء، أو التعقيب أو التضييق بسبب ذلك الإلتجاء، أو الانحياز أو الشكل الذي انضموا بموجبه، وإذا حصل ريب عند أي الفريقين بوقوع شيء مخالف لهذا العهد كان لمن حصل عنده الريب أو الشك من الفريقين مراجعة الفريق الآخر لأجل اجتماع المندوبين، الموقعين على هذه المعاهدة، وإن تعذر على أحدهما الحضور فينيب عنه آخر له كامل الصلاحية والإطلاع على تلك النواحي ممن له كامل الرغبة والعناية بصلاح ذات البين والوفاء بحقوق الطرفين بالحضور لتحقيق الأمر، حتى لا يحصل أي حيف ولا نزاع، وما يقرره المندوبان يكون نافذًا.

المادة الرابعة عشرة:

يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين برد وتسليم أملاك رعاياه الذين يعفى عنهم إليهم أو إلى ورثتهم، عند رجوعهم إلى وطنهم خاضعين لأحكام مملكتهم، وكذلك يتعهد الفريقان الساميان المتعاقدان بعدم حجز أي شيء من الحقوق والأملاك التي تكون لرعايا الفريق الآخر في بلاده ولا يعرقل استثماره أو أي نوع من أنواع التصرفات الشرعية فيها.

المادة الخامسة عشرة:

يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بعدم المداخلة مع فريق ثالث سواء كان فردًا أم هيئة أم حكومة، أو الاتفاق معه على أي أمر يخل بمصلحة الفريق الآخر أو يضر ببلاده أو يكون من ورائه إحداث المشكلات والصعوبات له أو يعرض منافعها ومصالحها أو كيانها للأخطار.

المادة السادسة عشرة:

يعلن الفريقان الساميان المتعاقدان اللذان تجمعهما روابط الأخوة الإسلامية، والعنصرية العربية، أن أمتهما أمة واحدة، وأنهما لا يريدان بأحد شرًا وأنهما يعملان جهدهما لأجل ترقية شؤون أمتهما في ظل الطمأنينة والسكون وأن يبذلا وسعهما في سائر المواقف لما فيه الخير لبلاديهما وأمتهما غير قاصدين بهذا أية عداوة على أية أمة.

المادة السابعة عشرة:

في حالة الحصول إعتداء على بلاد أحد الفريقين الساميين المتعاقيدن يتحتم على الفريق الآخر أن ينفذ التعهدات الآتية:

أولاً : الوقوف على الحياد التام سرًا وعلنًا.

ثانيًا: المعاونة الأدبية والمعنوية الممكنة.

ثالثًا: الشروع في المذاكرة مع الفريق الآخرة لمعرفة أنجح الطرق لضمان وسلامة بلاد الفريق الآخر ومنع الضرر عنهما والوقوف في موقف لا يمكن تأويله بأنه تعضيد للمعتدي الخارجي.

المادة الثامنة عشرة:

في حالة حصول فتن وإعتداءات داخلية في بلاد أحد الفريقين الساميين المتعاقدين يتعهد كل منهما تعهدًا متقاب ً لا بما يأتي:

أولاً : إتخاذ التدابير الفعالة اللازمة لعدم تمكين المعتدين أو الثائرين من الاستفادة من أراضيه.

ثانيًا: منع إلتجاء اللاجئين إلى بلاده، وتسليمهم أو طردهم إذا لجؤوا إليها كما هو موضح (في المادة التاسعة والعاشرة أعلاه).

ثالثًا: منع رعاياه من الاشتراك مع المعتدين أو الثائرين وعدم تشجيعهم أو تموينهم.

رابعًا: منع الإمدادات، والأرزاق، والمؤن والذخائر، عن المعتدين أو الثائرين.

المادة التاسعة عشرة:

يعلن الفريقان الساميان المتعاقدان رغبتهما في عمل كل ممكن لتسهيل المواصلات البريدية والبرقية وتزييد الاتصال بين بلاديهما وتسهيل تبادل السلع والحاصلات الزراعية والتجارية بينهما. وفي إجراء مفاوضات تفصيلية، من أجل عقد اتفاق جمركي، يصون مصالح بلاديهما الاقتصادية بتوحيد الرسوم الجمركية في عموم البلدين، أو بنظام خاص بصورة كاملة لمصالح الطرفين، وليس في هذه المادة ما يقيد حرية أحد الفريقين الساميين المتعاقدين في أي شيء حتى يتم عقد الاتفاق المشار إليه.

المادة العشرون:

يعلن كل من الفريقين الساميين المتعاقدين استعداده لأن يأذن لممثليه ومندوبيه في الخارج إن وجدوا بالنيابة عن الفريق الآخر متى أراد الفريق الآخر ذلك في أي شيء، وفي أي وقت، ومن المفهوم أنه حينما يوجد في ذلك العمل شخص من كل من الطرفين، في مكان واحد فإنهما يتراجعان فيما بينهما لتوحيد خطتهما، للعمل العائد لمصلحة البلدين، التي هي كلمة واحدة، ومن المفهوم أن هذه الماة لا تقيد حرية أحد الجانبين بأية صورة كانت في أي حق له كما أنه لا يمكن أن تفسر بحجز حرية أحدهما أو إضراره لسلوك هذه الطريقة.

المادة الحادية والعشرون:

يلغى ما تتضمنه الاتفاقية الموقع عليها في 5 شعبان سنة 1350 هـ على كل حال اعتبارًا من تاريخ هذه المعاهدة.

المادة الثانية والعشرون:

تبرم هذه المعاهدة وتصدق من قبل حضرة صاحبي الجلالة الملكين في أقرب مدة ممكنة نظرًا لمصلحة الطرفين في ذلك، وتصبح نافذة المفعول من تاريخ تبادل قرارات إبرامها مع استثناء ما نص عليه في المادة الأولى من إنهاء حالة الحرب بمجرد التوقيع. وتظل سارية المفعول مدة عشرين سنة قمرية تامة، ويمكن تجديدها أو تعديلها خلال الستة الأشهر التي تسبق تاريخ انتهاء مفعولها، فإن لم تجدد أو تعدل في ذلك التاريخ تظل سارية المفعول إلى ما بعد ستة أشهر من إعلام أحد الفريقين المتعاقدين الفريق الآخر رغبته في التعديل.

المادة الثالثة والعشرون:

تسمى هذه المعاهدة بمعاهدة الطائف، وقد حررت من نسختين باللغة العربية الشريفة بيد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين نسخة، وإشهادًا بالواقع وضع كل من المندوبين المفوضين توقيعه.

(6 صفر سنة 1353 هـ 19\5\1934 م). 

عن السعودية- - - - - - - - - - - - - - عن اليمن

الامير خالد بن عبد العزيز - - - - -عبد الله بن أحمد الوزير

الملحق الثاني

عهد التحكيم بين المملكة العربية السعودية وبين مملكة اليمن

بما ان حضرة صاحبي الجلالة الإمامين الملك عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية والملك يحيى ملك اليمن قد اتفقا بموجب المادة الثامنة من معاهدة الصلح والصداقة وحسن التفاهم المسماة بمعاهدة الطائف والموقع عليها في السادس من شهر صفر سنة ثلاث وخمسين بعد الثلاثمائة والألف على أن يحيلا إلى التحكيم أي نزاع أو اختلاف ينشأ عن العلاقات بينهما وبين حكومتيهما وبلاديهما متى عجزت سائر المراجعات الودية عن حله فإن الفريقين الساميين المتعاقدين يتعهدان بإجراء التحكيم على الصورة المبنية في المواد الآتية:

المادة الأولى:

يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بأن يقبل بإحالة القضية المتنازع فيها على التحكيم خلال شهر واحد من تاريخ استلام طلب إجراء التحكيم من الفريق الآخر إليه.

المادة الثانية:

يجري التحكيم من قبل هيئة مؤلفة من عدد متساوٍ من المحكمين ينتخب كل فريق نصفهم ومن حكم وازع ينتخب باتفاق الفريقين الساميين المتعاقدين وإن لم يتفقا على ذلك يرشح كل منهما شخصًا فإن قبل أحد الفريقين بالمرشح الذي يقدمه الفريق الآخر فيصبح وازعًا وإن لم يمكن الاتفاق على ذلك تجرى القرعة على أيهما يكون وازعًا مع العلم بأن القرعة لا تجرى إلا على الأشخاص المقبولين من الطرفين. فمن وقعت القرعة عليه أصبح رئيسًا لهيئة التحكيم ووازعًا للفصل في القضية وإن لم يحصل الاتفاق على الأشخاص المقبولين من الطرفين تجري المراجعات فيما بعد إلى أن يحصل الاتفاق على ذلك.

المادة الثالثة:

يجب أن يتم اختيار هيئة التحكيم ورئيسها خلال شهر واحد من بعد انقضاء الشهر المعين لإجابة الفريقين المطلوب منه الموافقة على التحكيم لقبوله لطلب الفريق الآخر. وتجتمع هيئة المحكمين في المكان الذي يتم الاتفاق عليه في مدة لا تزيد عن شهر واحد بعد انقضاء الشهرين المعنيين في أول المادة. وعلى هيئة المحكمين أن تعطي حكمها خلال مدة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تزيد عن شهر واحد من بعد انقضاء المدة التي عينت للاجتماع كما هو مبين أعلاه. ويعطى حكم هيئة التحكيم بالأكثرية ويكون الحكم ملزمًا للفريقين ويصبح تنفيذه واجبًا بمجرد صدوره وتبليغه. ولكل من الفريقين الساميين المتعاقدين أن يعين الشخص أو الأشخاص الذين يريدهم للدفاع عن وجهة نظره أمام هيئة التحكيم وتقديم البيانات والحجج اللازمة لذلك.

المادة الرابعة:

أجور محكمي كل فريق عليه وأجور رئيس هيئة التحكيم مناصفة بينهما وكذلك الحكم في نفقات المحاكمة الأخرى.

المادة الخامسة:

يعتبر هذا العهد جزءًا متممًا لمعاهدة الطائف الموقع عليها في هذا اليوم السادس من شهر صفر سنة ثلاث وخمسين بعد الثلاثمائة والألف ويظل ساري المفعول مدة سريان المعاهدة المذكورة، وقد حرر هذا من نسختين باللغة العربية يكون بيد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين نسخة.

وقرارًا بذلك جرى توقيعه في اليوم السادس من شهر صفر سنة ثلاث وخمسين بعد الثلاثمائة والألف.

خالد آل سعود وابن الوزير


Thursday, May 13, 2010

امرأه تتاريه كم هى جميله - من تاريخ التتار


Dr Usama Shaalan(Papyrus) برديه الدكتوراسامه شعلان
التتار اسم عام يطلق علي شعوب اكتسحت أجزاء من أسيا وأوروبا بزعامة المغول في القرن 13.ويرجح أن التتار الاصليين جاءوا من شرق وسط آسيا أو من وسط سيبيريا, وبعد ان انحسرت موجات غزوهم نحو الشرق ظل التتار يسيطرون علي كل روسيا وسيبيريا تقريبا، ظلت امبراطوريتهم (القبيلة الذهبية) حتي أواخر القرن 15 حين تمزقت الي خانات عديدة مستقله سقطت في أيدي الاتراك العثمانيين والقيصر إيفان الرابع الملقب بايفان الرهيب. ومع ذلك ظلت سيبريا تعرف ببلاد التتار (ترتاري), وظلت القرم تعرف ببلاد التتار الصغرى مده طويله وتتبع شبه جزيرة القرم لجمهورية اكرانيا شبه جزيرة القرم واحدة من أجمل بقاع العالم؛ وهي جمهورية ذات حكم ذاتي ضمن جمهورية أوكرانيا؛ حيث تقع جنوب البلاد ويحيط بها البحر الأسود من الجنوب والغرب، بينما يحدها من الشرق بحر أزوف، ومساحتها 2700 كيلومتر مربع، وسكانها 2,5 مليون نسمة، ويشكل الروس حوالي 50 % منهم، والأوكران 30 %، والباقي من التتار المسلمين. وأهم مدنها هي العاصمة سيمفروبل، وكان اسمها فيما مضى "اق مسجد" أي المسجد الأبيض قبل أن يستولي عليها الروس.

كانت عاصمتها فيما مضى مدينة "بخشراي" عندما كانت خاضعة لحكم خانات التتار، ومن مدنها المهمة أيضًا "يالطا" المدينة الساحلية السياحية الجميلة، والتي عقد فيها مؤتمر يالطا بين قادة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية في فبراير عام 1945م ستالين وروزفلت وتشرشل، ومدينة سيفستوبل الميناء الذي كان يأوي أسطول الاتحاد السوفييتي الضخم، والذي أصبح محل نزاع بين روسيا وأوكرانيا، ومدن أخرى أقل أهمية، مثل: كيرشوفيادوسيا وبيلاغورسك وسوداك وجانكوك.

كلمة القرم تعني القلعة باللغة التتارية؛ وتتمتع القرم بموقع استراتيجي هام وفيها الثروات الطبيعية، مثل البترول، والفحم الحجري، والغاز الطبيعي، والنحاس، والحديد، والمنغنيز، والرصاص، والثروة الزراعية مثل القمح، والفواكه، والمياه المعدنية ذات الخاصية العلاجية التي جعلت منها واحدة من أفضل المشافي في العالم.

التاريخ

أقام التتار المسلمون في شبه جزيرة القرم منذ زمن بعيد، وهم قوم اكتسحوا أجزاء واسعة من آسيا وأوروبا بقيادة المغول في القرن الثالث عشر الميلادي، ولقد أسس باطوخان حفيد زعيم المغول الكبير جنكيز خان القبيلة الذهبية التي أنشأت إمارة القبشاق إحدى ممالك المغول الكبرى، والتي سيطرت على أجزاء واسعة من روسيا وسيبيريا، واتخذت من مدينة سراي في الفولغا عاصمة لها، وأجبرت دوقية موسكو على دفع الجزية، وامتدت سيطرة التتار إلى شبه جزيرة القرم، حيث استوطنتها العديد من العائلات التتارية، والتي اتخذت من الإسلام دينًا لها عام 1314هـ. وخضعت أجزاء من إمارة التتار للأتراك العثمانيين؛ بينما استولى القيصر الروسي إيفان الرابع على أجزاء أخرى، وتحولت الإمارة الكبرى إلى ثلاث إدارات هي استراخان وقازان والقرم.

تولى الحكم في إمارة القرم الحاج دولت خيري أو كيراي في عام 1428م، وعندما توفِّيَ خلَّفه ابنه الثاني في الحكم بمساعدة البولنديين، إلا أن الأخ السادس منجلي قتل أخاه واستولى على حكم الإمارة بمساعدة الجنيزوف، حيث حكم في الفترة 1466/1515م وخضعت الإمارة لحكم العثمانيين في عام 1521م.

حاصر محمد خيري موسكو، وأجبر حاكمها واسيلي على دفع الجزية، وتولى دولت خيري فتح موسكو عام 1571م، إلا أنه سرعان ما قلب الزمن ظهر المجن لإمارة القرم فقام بطرس الأول عام 1678م بمحاصرة القرم التي أسقطت في عهد الإمبراطورة انا أوانوفنا عام 1736م، واحتلت الجيوش الروسية عاصمة القرم بخشراي، وأحرقت الوثائق التي كانت تعد ذخيرة علمية لا تقدر بثمن، وكانت بمثابة رمز تاريخي للشعب التتري.

مارست الجيوش الروسية المذابح ضد السكان الآمنين إلى درجة أن الجثث لم تجد من يدفنها، وانتشرت الأوبئة التي أودت بحياة القتلة الروس أنفسهم إلا أن أبشع المذابح وقعت عام 1771م، عندما طبقت الجيوش الروسية المعتدية شعار من غير انتظار ولا عودة يجب محو التتار من هذه الأرض، وقتل في تلك المذابح أكثر من 350 ألف تتري.

مارست روسيا القيصرية شتى ألوان القهر والتعذيب ضد شعب التتار، وصادرت أراضيهم ومنحتها لمواطنيها، وصادرت مساجدهم ومدارسهم، واضطر نحو مليون وعشرين ألفا منهم للفرار إلى تركيا، وقامت روسيا بتهجير الباقي إلى داخل المناطق الخاضعة لها؛ وذلك تطبيقا لاقتراح الأمير الروسي منشكوف، وعندما فشل الروس في زراعة أراضي القرم التي صادروها من أهلها التتار؛ وذلك لعدم خبرتهم بها أجَّروها مرة أخرى لهم لكي يزرعوها لهم.

في ديسمبر 1917م وإثر الثورة الشيوعية في موسكو أعلن تتار القرم عن قيام جمهوريتهم المستقلة برئاسة نعمان حيجي خان، إلا أن الشيوعيين سرعان ما أسقطوا الحكومة، وأعدموا رئيس الجمهورية وألقوا بجثته في البحر.

في عام 1920م أعلنت حكومة الاتحاد السوفييتي عن قيام جمهورية القرم ذات الاستقلال الذاتي، وعندما أراد ستالين إنشاء كيان يهودي في القرم عام 1928م، ثار عليه التتار بقيادة أئمة المساجد والمثقفين فأعدم 3500 منهم، وجميع أعضاء الحكومة المحلية بمن فيهم رئيس الجمهورية ولي إبراهيم، وقام عام 1929م بنفي أكثر من 40 ألف تتري إلى منطقة سفر دلوفسك في سيبيريا، كما أودت مجاعة أصابت القرم عام 1931م بحوالي 60 ألف شخص.

هبط عدد التتار من تسعة ملايين نسمة تقريبا عام 1883م إلى نحو 850 ألف نسمة عام 1941م؛ وذلك بسبب سياسات التهجير والقتل والطرد التي اتبعتها الحكومات الروسية سواءً على عهود القياصرة أو خلفائهم البلاشفة، وتكفل ستالين بتجنيد حوالي 60 ألف تتري في ذلك العام لمحاربة النازيين، بينما هجَّر النازيون عند استيلائهم على القرم حوالي 85 ألف تتري إلى معسكرات حول برلين؛ وذلك للاستفادة منهم في أعمال السُخرة.

اتهم ستالين التتار بالتعاون مع النازيين الألمان فقام في مايو 1944م بتهجير أكثر من 400 ألف تتري في قاطرات نقل المواشي إلى أنحاء متفرقة من الاتحاد السوفييتي خاصة سيبيريا وأوزبكستان. التتار الذين عاشوا تلك المأساة يقولون: كانت تلك المأساة في شهر مايو من عام 1944م بدون أي مقدمات جاءتنا الشرطة بسلاحها وطلبت منا مغادرة منازلنا بأسرع وقت وأخذ الأشياء التي سنحتاج إليها في الطريق وحذرتنا من الرجوع مرة أخرى إلى منازلنا في أي حال من الأحوال، وقادونا بالقوة إلى محطة القطار ثم زجوا بنا في قاطرات الشحن والمواشي بدون طعام أو شراب، الشيء الذي أدى إلى وفاة الكثيرين في القاطرات وأغلبهم من الأطفال وكبار السن، ومع طول المسافة إلا أن القطار لم يكن يتوقف إلا بعد مسافات طويلة ولفترات زمنية بسيطة جداً حتى لا نستطيع دفن الموتى، وقد توفي منهم نسبة كبيرة جداً بسبب البرد والجوع والأمراض. قام الجنود الروس بحرق ما وجدوه من مصاحف وكتب إسلامية، وأعدموا أئمة المساجد، وتم تحويل المساجد إلى دور سينما ومخازن. (بقلم محمد السعيد)

أصدر مجلس السوفييت الأعلى قرارًا في 20 يونيو 1946م بإلغاء جمهورية القرم ذات الاستقلال الذاتي، وذلك كما ورد في القرار لخيانة شعب القرم للدولة اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية، وفي عام 1967م ألغى مجلس السوفييت الأعلى قراره السابق باتهام شعب القرم بالخيانة، إلا أنه مع ذلك لم يسمح لهم بالعودة إلى وطنهم. عندما أعلن غورباتشوف آخر زعيم للاتحاد السوفييتي برنامجه الإصلاحي عام 1985م تحت شعار إعادة البناء "بريسترويكا" بدأ التتار في العودة إلى بلادهم، ولكن بلا أية حقوق، وعندما نالت أوكرانيا استقلالها عن الاتحاد السوفييتي عام 1991م عقد التتار مؤتمرهم الأول في 26 يونيو 1991م في مدينة سيمفروبل؛ حيث تم فيه تأسيس المجلس الأعلى لتتار القرم كممثل للشعب التتري، وانتخب المناضل التتاري الذي حكم عليه بالسجن مدة 15 عامًا "مصطفى جميل" رئيسًا للمجلس. بدأ مصطفى جميل نضاله من أجل الحصول على حقوق شعبه تحت شعار لقد عادت إلينا شخصيتنا الإسلامية التي لا يمكن أن نفرط فيها، إننا مسلمون وسنبقى مسلمين، وسنعمل جاهدين على تعلُّم ديننا.

يقدر عدد التتار في شبه جزيرة القرم حاليًا بحوالي 262 ألف نسمة، ويعيش أكثرهم في ظروف بالغة الصعوبة والقسوة بلا خدمات ولا إعلام ولا تعليم؛ لأن معظمهم لا يحملون الجنسية الأوكرانية التي تعتبر أكبر العقبات التي تواجههم؛ حيث تشترط الحكومة الأوكرانية دفع مبلغ وقدره حوالي مائة دولار للشخص الواحد للحصول على الجنسية، وهو مبلغ كبير إذا كان أفراد العائلة الواحدة ما بين 5 : 10 أفراد.

قرب انتهاء القرن16, كان تتار روسيا قد وصلوا الي درجه عاليه من الحضاره، ولم يحتفظ بحياة البداوه منهم الا أقليات صغيره(مثل النوجايس). ويظهر التأثير التتاري في كل تاريخ روسيا. في 1939 كان هناك حوالي 4,300,000 تتاري في الاتحاد السوفيتي. وهم يتكلمون لغه من اصل تركي ويعتنق معظمهم الإسلام كانت تكتب لغتهم بالحرف العربي ولكن في عهد ستالين الغي الحرف العربي واستبدل باللاتيني وبعد فترة قليلة تحول إلى السريلي أو الكريلي إلى يومنا هذا، ويؤلفون معظم سكان جمهوريه التتار السوفيتيه والان في الاتحاد الروسي توجد جمهورية تترستان وعاصمتها كازان أو قازان وقد احتفل قبل عام بالف عام على تاسيس أول دولة إسلامية بها والتي كانت تسمى بلغار، ولكن غالبيتهم يعيشون متفرقين في شرق روسيا وغرب سيبيريا تنتشر بينهم الأسماء العربية والتركية

Thursday, May 6, 2010

الصحه وعادتها بين مفاهيم وسلوكيات خاطئه وصحيحه









للعادات أثر كبير في حياة الإنسان، لكونها راسخة في النفس ولأنها ليست أمراً عارضاًأو نادر الحدوث، الأمر الذي يفرض على الجميع ضرورة العناية بها، والاهتمام بتعلمهاواكتسابها منذ الصغر.
يمارس الإنسان بعضاً من السلوكيات أو الطباع التي يكتسبها من بيئته خلال مراحل حياته سواء كان ذلك الاكتساب بالتعليم، أو الممارسة، أوالتكرار مرة بعد أخرى فتصبح هذه السلوكيات عادة له وجزءاً لا يتجزأ من تصرفاته،وثقافته، ونمط حياته، حتى إن كثيراً مما يقوم به الإنسان ويحافظ عليه، لا يخرج عنكونه مجموعة من العادات التي اعتاد على ممارستها وتكرارها مرة بعد أخرى حتى تكونت وأصبحت راسخة عنده.

مفهوم العادات الصحية وأهميتها:

ليس هناك تعريف محدد للعادات على وجه العموم فهناك من يعرف العادة بأنها مااستمر الناس عليه على حكم المعقول، وعادوا إليه مرة بعد أخرى، ومعنى هذا أن ما ألفه الناس من السلوكيات والطباع واستمروا على ممارسته مرة بعد أخرى يدخل في مفهومالعادة، شريطة أن يكون في حكم المعقول الذي لا يتنافى مع الحق والصواب وهذا يعني أنتلك السلوكيات أو الطباع غير المعقولة لا تدخل في مفهوم العادة.

وهناك من يعرّف العادة بأنها أمر يفعله الإنسان - بدون تفكير- مرة تلو أخرى، وهذا يشير إلى أن كثيراً من تصرفات وسلوكيات الإنسان تدخل ضمن مفهوم العادات سواء كانت صحيحة أوخاطئة، حيث إن سلوك الإنسان لا يخلو من بعض العادات التي يمارساها في كل شأن من شؤون حياته حتى أصبحت جزءاً من صفاته، وطباعه الشخصية، فهو يمارسها تلقائياً ومنغير تفكير منه، ولأن تكون العادات عند الإنسان يخضع لكثير من العوامل والمؤثراتالمختلفة، منها من هو إيجابي ومفيد، ومنها ما هو سلبي وغير مفيد، لذلك حرص الإسلامفي تربيته للجسم على إكساب الإنسان مجموعة من العادات الصحية، وما ذلك إلا لأهميتها ولأثرها البارز في تربية الجسم الأمر الذي يجعلها في العموم مقوماً من مقومات التربية الجسمية في الإسلام. أما أهمية هذه العادات الصحية فتبرز في كونها مطلباً من مطالب النوم الصحيح للإنسان"فمن مطالب النمو تعلم العادات الحسنة فيالغذاء والشراب، وغير ذلك من ممارسات الإنسان في حياته اليومية"،كما أن العاداتالصحية تعد من الصفات السلوكية التي لا يستطيع الإنسان أن يتخلص منها بسهولة "لأنه اكالطبيعة للإنسان"، ومعنى هذا أن للعادات أثراً كبيراً في حياة الإنسان، لكونهاراسخة في النفس ولأنها ليست أمراً عارضاً أو نادر الحدوث، الأمر الذي يفرض علىالجميع ضرورة العناية بها، والاهتمام بتعلمها واكتسابها منذ الصغر لما لها من أثر بارز في تكوين اتجاهات إيجابية، نحو ممارسة العادات الصحية السليمة القائمة على معارف ومفاهيم صحية حقيقة.

يضاف إلى أهمية العادات الصحية أنها تعد عاملاًمساعداً على اكتساب كثير من الفضائل والسلوكيات الحسنة التي تتكون عند الإنسان بحكمتربيته وتفاعله مع البيئة التي يعيش فيها، ولذلك فقد اهتمت التربية الإسلامية بتكوين العادات السلوكية الحسنة عند الفرد منذ طفولته الأولى، لما في هذه العاداتمن أثر طيب في اكتساب الفضائل، والبعد عن الشرور والرذائل.
وليس هذا فحسب إذ إنللعادات الصحية أهمية أخرى تتمثل في كونها نوعاً من التوعية الصحية التي تساعد منيتمسك بها، ويحرص عليها في التغلب على كثير من المشكلات الصحية، حيث إن لها أثراًمباشراً في المحافظة على صحة الجسم وسلامته، وحمايته من كثير من المخاطر التي قد يتعرض لها الإنسان فيما لو لم يلم بهذه العادات ويحافظ عليها.
ومن تلك المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالإشاعات الصحية ما سيتم عرضه.
الجزر يحفظ باستخدام مواد مبيّضة
بالطبع لا، راندي وربو بروفيسور في بيولوجيا الغذاء في جامعة كورنيل الأميركية يقول إن الجزر الصغير يغسل باستخدام محلول ممزوج بالكلورين وهذا ما تنصح به منظمة الغذاء والدواء الأميركية، وهذا الإجراء يقتل البكتيريا مثل السلامونيلا، وحتى الغذاء والخضراوات المجمدة تغسل بنفس المحلول قبل تفريزها.
الرياضة على معدة فارغة تحرق الدهون أكثر
هذا غير صحيح، لا تتوقع أي خسارة وزن خيالية بالتمرن على معدة فارغة من الطعام، في الحقيقة، الجسم يحرق السعرات الحرارية من الدهون المخزنة في الجسم ومن الكربوهيدرات، وتشير الدراسات الحديثة إلى أن ممارسة الرياضة على معدة فارغة يجعل الجسم يحرق السعرات من دهون الجسم بما أن الجسم خال من الكربوهيدرات، ولكن المجمل من الكالوريات المحروقة هو نفسه، وهذا هو الأمر الذي يريده الشخص عند التمرن الرياضي.
تناول كميات كبيرة من السكر يسبب مرض السكري
ليس بالطريقة نفسها أن التدخين يسبب السرطان، لكن الدراسات تشير إلى أن تناول الكثير من السكريات يلعب دورا في إصابة الشخص بالسكري، فلذلك من الذكاء أن يحدد الإنسان كميات السكر التي يتناولها، ولكن تفسير الموضوع العلمي هو أن زيادة الوزن تسبب الإصابة بالسكري من الدرجة الثانية، وتناول السكريات يزيد من الوزن، ولكن الدراسات تشير الى أن تناول الكثير من السكريات يساهم في الإصابة بالسكري حتى لو لم تؤثر السكريات في الوزن، دراسات لمجموعة تلفت الانتباه إلى أن النساء يضاعفن فرص إصابتهن بالسكري عندما يشربن أكثر من مشروب غازي مليء بالسكر المضاف أسبوعيا على مدى أربعة أعوام.
محلول غسول الأسنان يساعد في إبعاد الناموس
مع أن هذه الإشاعة تلقى رواجا كبيرا على الانترنت، إلا أن الدراسات وجدت أن شخصين قاما برش المحلول على ذراعيهما قرصا بنفس الكمية التي قرص بها الناموس عينة أخرى لم ترش المحلول على الذراعين، بروفيسور الصحة العامة غريسون براون في جامعة كينتاكي يقول إن هذا العلاج الوهمي يلقى هذا الرواج ذلك لأن الغسول يحتوي على مادة وهذه المادة موجودة في الرشاشات التي تبعد الناموس ولكنها موجودة في الغسول بنسبة تقل عن 1% ولهذا فإن الغسول غير فعال.
الطعام الحار يعزز عمليات الأيض
إن ما يحدد عمليات الأيض عوامل: الجنس، الطول، الوزن، العمر. وهذه العوامل هي التي تحدد الكميات التي يحرقها الجسم ليحافظ على العمليات الرئيسة التي يقوم بها جسمنا أثناء النوم، مثل الطاقة التي يستهلكها الدماغ والرئتين، تناول الطعام الحار لا يحرق السعرات الحرارية غير أن هذا الاعتقاد يتشكل في ذهنهم بسبب شعورهم بزيادة حرارة جسمك وسرعة نبضات القلب والتعرق عند تناول الطعام الحار وهو اعتقاد خاطئ ولا علاقة له بعمليات الأيض.
قلم تحديد العيون السائل يسبب التهاب الملتحمة
يظن بعضهم أن قلم العيون السائل بإمكانه سد قنوات الدمع داخل العين ويسبب التهاب الملتحمة، غير أن رئيس قسم العيون في مستشفى لونغ أيلاند الجامعي ريتشارد روزنفيلد يقول إن عملية الدمع أو البكاء تقمع وتزيل ذرات الماكياج داخل العين، وهذه الذرات تذهب إلى قنوات الدمع المتصلة بالأنف، إذا أصبت باحمرار في العين أو عوارض جيوب بعد وضع قلم تحديد العين فهذا الأمر يعود إلى حساسية من الماكياج.
تناول الطعام بعد وقوعه على الأرض بخمسة ثوان آمن
تناول الطعام بعد وقوعه على الأرض بثانية واحدة هو غير صحي، انتقال البكتيريا الى الطعام يعد أسرع من رمشة عين، العالم في جامعة كليمسون الأميركية أجرى تجارب على بكتيريا السالامونيلا الموجودة على أسطح مختلفة مثل السيراميك، الخشب، السجاد، وأوقع قطعا من الخبز والمعكرونة والتقطها بعد خمس ثوان وأخرى بعد ستين ثانية، بعد خمس ثوان التقط الطعام حوالي 1800 نوع من البكتيريا وتضاعف عدد البكتيريا التي التقطها الطعام بعد حوالي ستين ثانية.
طقطقة الأصابع تسبب التهاب المفاصل
إذا كنت تعاني من عوارض التهاب المفاصل فهذا بالتأكيد ليس له علاقة بطقطقة الأصابع، دراسة صادرة من مستشفى ماونت كراميل ميرسي في مدينة ديترويت الأميركية حيث أجرت دراسة على أشخاص بالغين من العمر 47 عاما وأكثر، 74 منهم يمارسون طقطقة الأصابع و226 لا يفعلون ذلك، ولم يجدوا فرقا في التهابات المفاصل بين العينتين، ولكن على الناس المتعلقين بهذه العادة تركها لأسباب أخرى، نفس الدراسة أشارت إلى أن الناس الذين يمارسون هذه العادة لديهم قابلية لفقدان القوة في قبضتهم ومعرضون لانتفاخ في اليدين، أما بالنسبة لالتهاب المفاصل فله علاقة أكثر بالعامل الجيني والتقدم في العمر.

هناك العديد من العادات الصحية الخاطئة نمارسها بوعى أو بدون وعى، وفى التقرير التالى توضيح لخطورة هذه العادات..
* استعمال العدسات اللاصقة بعد انتهاء صلاحيتها
إذا كنت من مستخدمى العدسات اللاصقة، فيجب عليك تركها سريعاً بعد انتهاء مدة استعمالها، فقد حذر الأستاذ المساعد فى طب العيون فى مدرسة للطب د/ توماس ستينمان من استخدام العدسات اللاصقة المنتهية الصلاحية حيث إنه بالرغم من تنظيفها و تطهيرها بالمحلول المخصص لها إلا أن هذه العدسات تصبح مغلفة بالجراثيم مع مرور الوقت.
و أضاف د/ ستينمان أن ذلك قد يتسبب فى تهيج العينين، وضعف النظر وفى حالات نادرة للغاية قد تسبب العمى الدائم، لذلك استبدل العدسات بأخرى جديدة وفقا لتوجيهات الطبيب، ويضمن لك ذلك رؤية واضحة وتجنب المشاكل مع عينيك.

* الوقوف حافى القدمين فى دش الجمنازيوم:
تقول جين أندرسن المتحدثة باسم الرابطة الطبية للعناية بالقدم الأمريكية أن دش الجمنازيوم يعتبر بيئة غنية بالفطريات، حيث تنمو الفطريات فى البيئات الرطبة الدافئة، وإذا أصابت قدميك، يمكن أن تؤذى الأظافر و بين الأصابع.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كان لديك أى حفر صغيرة فى باطن قدميك، قد يتسبب وقوفك فى دش الجمنازيوم إلى عدوى بكتيرية تسبب لك آلاما شديدة.

* عدم إكمال المضادات الحيوية
بعد أيام قليلة من تناول المضادات الحيوية قد تشعر بتحسن فى صحتك و إنك على إستعداد للعودة إلى العمل وترفض إكمال المضاد الحيوى حتى المدة التى قررها لك الطبيب، حيث أكد دكتور ريك كيلرمان أنه يجب تناول الدواء حتى أن تصبح الزجاجة فارغة، حتى تقضى على جميع البكتريا أو الفيروسات المسببة للمرض.


* عدم الفحص الطبى بصفة دورية:
يؤكد الدكتور ريك كيلرمان أن الصحة الجيدة لا يجب أن تؤدى إلى عدم اهتمامك بعمل فحص دورى سنوياً، وأضاف أن ما هو أهم أن تتابع دائماً مع الطبيب الذى لديه خلفية عن حالتك الصحية، أما إذا كنت تعانى من ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع الكولسترول فيجب أن تذهب إلى الطبيب كل بضعة أشهر للفحص، أما بالنسبة للفحص الدورى تجنباً لسرطانات الثدى والرحم فهى تعتمد على العمر وتاريخ الفحص الأخير الذى تقومين به.

* تناول أدوية بدون إستشارة الطبيب :
إذا كان لديك صداع أو بعض الآلآم الأخرى التى قد تستجيب للأدوية الروتينية، يجب أن تستشير الطبيب المعالج أولاً قبل تناول الأدوية، للتأكد من عدم وجود مشكلة كامنة.

بعض العادات الغذائية غير الصحية وهى:

1- يخطئ بعض الناس ويبدأون الإفطار بشرب الماء البارد مباشرة في حالة العطش الشديد وهذه العادة قد تؤدي إلى حدوث مقص حاد وتقلصات في عضلات وجدار المعدة لذلك ينصح بشرب الماء المعتدل البرودة.

2- شرب الشاي قبل الطعام، وتؤدي هذه العادة إلى تكوين طبقة كثيفة تحول بين غشاء المعدة والأطعمة، ما يؤدي إلى تعطيل الغدد الهضمية عن القيام بإفرازاتها، وبالتالي سوء الهضم، بينما يؤدي شرب الشاي والقهوة بعد الطعام إلى إثارة الغدة الهضمية وتنشيط الدورة الدموية، أما عن شرب الشاي أثناء الطعام، فيؤدي إلى امتصاص مادة الحديد، وبالتالي عدم الاستفادة بها.

3- الاكل السريع دون الاهتمام بالمضغ لذا فان عادة مضغ الطعام جيداً في الفم قبل بلعه يعد من العادات الصحية حيث يتم خلال عملية المضغ تقطيع الطعام، وطحنه جيداً، إضافة إلى ما في ذلك من توفير للجهد على المعدة، ولأن مضغ الطعام مضغاً جيداً من العوامل المهمة الواقية من اضطرابات الجهاز الهضمي، حيث يسمح بمزج الطعام باللعاب، الذي يسمح بتحويل النشا إلى سكريات أسهل هضماً، كما يهيئ المعدة لإفراز العصائر الهاضمة، ويحول دون سرعة التهام الطعام والإفراط فيه دون وعي والمضغ الجيد رياضة يحتاج إليها الإنسان، وعدم مزاولة هذه الرياضة يضعف الأسنان، ويجعلها عرضة للتسوس.

4- الخروج للعمل او الذهاب للمدرسة صباحا واهمال الفطور من العادات غير الصحية وهى لا تساعد على التخصيص لذلك عادة تناول طعام الإفطار صباحاً تعد من أهم وأبرز العادات الصحية التي ينبغي التعود عليها، وعدم إهمالها، فالإنسان في حاجة ضرورية لها كبيراً كان أو صغيراً وما ذلك إلا لأن وجبة الصباح من أهم وجبات اليوم إطلاقاً، فالمعدة تكون خالية في الصباح، ومستعدة لتقبل كل ما يلقى فيها من غذاء، ولذا فمن الضروري أن نلبي هذه الحاجة، وأن نزود المعدة بالمقادير الغذائية الكافية لإمداد الجسم بحاجته من مصادر الحرارة.. ومن الضروري أن تكون وجبة الصباح منوعة في موادها، غنية بالعناصر الغذائية.

5- عدم تناول السلطة المكونة من بعض أنواع الخضراوات الطازجة مع كل طعام، وأن تكون جزءاً أساسياً من محتويات الطعام، لأنها غنية بالفيتامينات والأملاح المعدنية وبالألياف الغذائية التي تعطي حجماً للوجبة الغذائية، فتساعد (الإنسان) على الشعور بالشبع، وتمنع الإمساك ومضاعفاته.

6- تناول المشروبات الغازية (الفوارة) التي ينتشر استعمالها بين الناس سواء أثناء تناول الوجبات الغذائية أو بعدها ظناً منهم أنها تساعد على تسهيل الهضم وإرواء العطش ولا سيما في الطقس الحار وهي عادة ،غير صحية لأنها تتسبب في انتقال الطعام - حتى دون اكتمال هضمه - من المعدة إلى الأمعاء وهذا يضيع فائدة المعدة في هضمها الأغذية وخصوصاَ البروتينية منها وبدلا منها الإكثار من شرب المياه النقية التي يحتاج إليها الجسم فهي تساعد في عملية الهضم، وترطيب الجهاز التنفسي، وغسل الجسم (داخلياً) من السموم، ومنع تكون الرواسب والحصيات في الكلى.


اليكم بعض المفاهيم الخاطئة والسائدة فيما يتعلق بطب الفم والأسنان
يعتقد البعض أن وضع الأسبرين أو أن نوع من مسكنات الألم على السن المصاب قد يخفف الألم وهذا اعتقاد خاطئ حيث أن هذه المواد تسبب حروقا بالأنسجة المحيطة بالأسنان

يعتقد البعض أن استخدام فرشاة أسنان خشنة يساعد على تنظيف الأسنان وهذا الاعتقاد غير صحيح حيث أن فرشاة الأسنان الناعمة تفضل على الخشنة لكونها أخف ضررا على طبقة المينا

يظن البعض أن الأسنان المحشوة لا تصاب بالتسوس مرة أخرى وهذا ليس صحيحا حيث أن التسوس يصيب طبقة المينا حتى بالأسنان المحشوة اذا أهمل تفريشها بانتظام

الاعتقاد بأن نزف الدم من اللثة دليل على صحتها اعتقاد خاطئ حيث أن ذلك قد يكون دليل على اصابتها بمرض التهاب اللثة ويفضل مراجعة الطبيب

يظن البعض أن استخدام مضمضة الفم قد تغني عن تفريش الأسنان وهذا بالطبع ليس صحيحا لأن المضمضة وحدها غير قادرة على ازالة فضلات الطعام الملتصقة بالأسنان

ان الحفاظ على الأسنان اللبنية مهم وليس كما يعتقد البعض أن الحفاظ عليها ليس ضروريا بسبب أنها سوف تستبدل بأسنان دائمة حيث أن هذه الأسنان ضرورية لأنها تساعد الطفل على الغذاء والكلام والابتسامة كما أن وجودها يساعد الأسنان الدائمة على الظهور في مواضعها المحددة دون حدوث أي تراكب بالأسنان

ان استخدام بعض المستحضرات الكيميائية لغرض تبييض الأسنان دون استشارة الطبيب قد يحدث تلفا بالأسنان أو بعصب السن وكذلك تفريش الأسنان بالفرشاة وملح الطعام له أكبر الضرر على طبقة المينا ويتسبب أيضا في حساسية الأسنان

بعض العادات السيئة

عادة مص الأصبع عند الأطفال وعادة العض على الأقلام وعادة فتح الأشياء بالفم ومن العادات السيئة أن نعود أطفالنا الصغار على استعمال اللهاية التي لها أكبر الضرر على الأسنان وعظام الفك العلوي وهي من أكثر الأشياء التي تسبب عدم انتظام تراص الأسنان لاحقا

يستخدم البعض الأسنان لعض الأقلام وكسر الثلج أو فتح بعض المشروبات وكسر الأشياء الصلبة مثل البذور وغيرها من العادات المضرة بالأسنان لما قد تسببه من ضرر بطبقة المينا وكسر بالأسنان نفسها وتلف بالحشوات والتيجان



بعض صورالعادات الصحية التى نوصى بها:
تتعدد صور العادات الصحية التي لها علاقة مباشرة بصحة الإنسان وسلوكه،ونظراً لأن موضوع البحث يركز على مقومات التربية الجسمية، فسوف يقتصر العرض التالي لبعض صور العادات الصحية التي لها علاقة مباشرة بهذه المقومات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

1- عادة شرب كأس من الماءالفاتر عند الاستيقاظ من النوم صباحاً،إذ إن هذه الكمية الضئيلة من الماءتنبه الأمعاء بعد ركودها، وتغسل المعدة، ثم تمر بالدم لتغسل الكليتين مما قد يترسب فيها من رمال، فضلاً عن أنها تنبه الكبد، وتدعوها إلى إفراز الصفراء، تهيؤاً لهضمطعام وجبة الصباح.

2- عادة مضغ الطعام جيداً في الفمقبل بلعه حيث يتم خلال عملية المضغ تقطيع الطعام،وطحنه جيداً، إضافة إلى مافي ذلك من توفير للجهد على المعدة، ولأن مضغ الطعام مضغاً جيداً من العوامل المهمةالواقية من اضطرابات الجهاز الهضمي، حيث يسمح بمزج الطعام باللعاب، الذي يسمح بتحويل النشا إلى سكريات أسهل هضماً، كما يهيئ المعدة لإفراز العصائر الهاضمة،ويحول دون سرعة التهام الطعام والإفراط فيه دون وعي.
والمضغ الجيد رياضة يحتاج إليها الإنسان، وعدم مزاولة هذه الرياضة يضعف الأسنان، ويجعلها عرضة للتسوس.

3- عادة تنظيف الأسنان بعد تناول الطعام أوالشراب مهما كان حجمه أو نوعه إذ إن تنظيف الأسنان المستمر ولو بالماء عادة حميدةتكفل نظافة الفم.وتعمل على حماية الجسم ووقايته من كثير من الأمراض، فقدثبت أن غسل الفم بالماء بعد كل وجبة، وبعد كل مرة يتناول فيها الإنسان مادة سكرية يقلل نسبة الإصابة بالتسوس.

4- عادة تناول طعام الإفطارصباحاً تعد من أهم وأبرز العادات الصحية التي ينبغي التعود عليها،وعدم إهمالها، فالإنسان في حاجة ضرورية لها كبيراً كان أو صغيراً وما ذلك إلا لأن وجبةالصباح من أهم وجبات اليوم إطلاقاً، فالمعدة تكون خالية في الصباح، ومستعدة لتقبل كل ما يلقى فيها من غذاء، ولذا فمن الضروري أن نلبي هذه الحاجة، وأن نزود المعدة بالمقادير الغذائية الكافية لإمداد الجسم بحاجته من مصادر الحرارة.. ومن الضروري أنتكون وجبة الصباح منوعة في موادها، غنية بالعناصر الغذائية.

5- عادة ممارسة بعض التمارين الرياضية أو الأنشطة المستمرة التي يتم منخلالها المحافظة على اللياقة البدينة للجسم وتحريك،عضلاته وتنشيطها من وقت لآخر، فالرياضة تنشط كل أعمال الجسم من تنفس، ودوران (للدم)، وهضم وإفراز، وتوازنوغير ذلك. كما تقوي بنيته، وعظامه، ومفاصله، عضلاته، بالإضافة إلى كونها تعطي الجسم جمالاً، وتناسقاً، ومرونة، ولياقة زائدة، وتمنع السمنة، والترهل، والانحناءات المعيبة.
والمحافظة على ممارستها لها آثار إيجابية في تحسين الحالة الصحيةوالنفسية للإنسان في جميع مراحل عمره المختلفة.

6- عادةالراحة عندما يحتاج الجسم إلى ذلك، والحرص على عدم مقاومة النوم ولا سيما إذا كانالجسم متعباً أو مرهقاً، فالنوم إحدى الحاجات الضرورية لراحة الجسم ونموه،مع مراعاة أن يتم النوم في ظروف مناسبة للراحة، ويتبع لهذه العادة الصحية أن لايذهب الإنسان إلى النوم بعد تناول الطعام مباشرة، لأن النوم بعد الطعام يعرقل أداءالمعدة لعملها، ويكفي استرخاء بسيط لبضع دقائق، فذلك يساعد المعدة على الهضم.
7- عادة تناول السلطة المكونة من بعض أنواع الخضراوات الطازجة معكل طعام،وأن تكون جزءاً أساسياً من محتويات الطعام، لأنها غنية بالفيتامينات والأملاح المعدنية وبالألياف الغذائية التي تعطي حجماً للوجبةالغذائية، فتساعد (الإنسان) على الشعور بالشبع، وتمنع الإمساك ومضاعفاته.

8- عادة تناول المشروبات المعتدلة الحرارة فلا تكون ساخنة،ولا تكون باردة جداً أو مثلجة لما في ذلك من المضار الصحية على الفم، أوالأسنان، أو اللسان إضافة إلى أن شرب المشروبات وهي ما زالت ساخنة جداً أو مثلجة جداً يصيب المعدة بأضرار بالغة، ويتسبب في تثبيط نشاط الإنزيمات التي تهضم الطعام،مما يؤدي إلى عسر الهضم، واضطراب وظيفة المعدة، والتهابات مستمرة، واحتقان فيالجدار المبطن لها، حيث إن إنزيمات الجهاز الهضمي لا تعمل إلا في درجة حرارة الجسم وهي (37) درجة مئوية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن شرب الشاي أثناء أو بعد تناولالطعام مباشرة يعوق امتصاص الحديد من الغذاء، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالأنيميا (فقر الدم) إذا كانت كمية الحديد المتناولة قليلة في الطعام.
وينصح خبراءالتغذية أن يكون شرب الشاي باعتدال، مع أنه يفضل إضافة الحليب إليه لما يحتوي عليهمن الكالسيوم والفيتامينات التي تفيد الجسم عامة، وتقوي العظام خاصة.

9- عادة تناول الزبادي (اللبن الرائب) الذي يعطي للجسم البروتينات بصورة يسهل هضمها وبالتالي سرعة الإفادة منها،ولذا ينصح الأطباء بتناولالزبادي عندما يكون الإنسان مضطراً لاستعمال المضادات الحيوية حيث إن المضاد الحيوييقتل جميع أنواع البكتيريا الموجودة في الجسم سواء الضارة أو المفيد، لذلك فإنتناول الزبادي يعوض المعدة والقولون عما تفقده من بكتيريا، مما يساعد في عمليات هضمالأغذية، فقد ثبت أن البكتيريا المفيدة للمعدة توجد في الزبادي، وهي بكتيريا حمض اللاكتيك التي تساعد على تخليق بعض الفيتامينات، وبعض الأحماض الأمينية مما يساعد على هضم الطعام بما تفرزه من أنزيمات، فضلاً عن استطاعة البكتيريا في الزبادي علىتطهير المعدة، وقتل الطفيليات المسببة للإسهال.

10- عادة المحافظة على اعتدال الجسم في مختلف حالاته وأوضاعه (وقوفاً،وجلوساً،ومشياً) تعمل - بإذن الله- على حماية قوام الجسم، وسلامة بنيانه،وعدم تعريضه للتشوهات الخلقية أو المخاطر الصحية المترتبة على ذلك، ويكون ذلكبالتعود على انتصاب الجسم، وعدم الانحناء إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وفي الجلوسيجب أن يكون الرأس والجذع بوضعية مستقيمة، أما تحريك الجسم بحركات فجائية مع تقليصالعضلات بشكل دائم، وتوازن غير كامل، فهو من المساوئ التي يجب الابتعادعنها.

11- من العادات الصحية الإكثار من شرب المياه النقية التي يحتاج إليها الجسم فهي تساعد في عملية الهضم،وترطيب الجهازالتنفسي، وغسل الجسم (داخلياً) من السموم، ومنع تكون الرواسب والحصيات في الكلى،وهذا يقتضي بطبيعة الحال الامتناع عن تناول المشروبات الغازية (الفوارة) التي ينتشراستعمالها بين الناس سواء أثناء تناول الوجبات الغذائية أو بعدها ظناً منهم أنهاتساعد على تسهيل الهضم وإرواء العطش ولا سيما في الطقس الحار وهي عادة غير صحيةلأنها تتسبب في انتقال الطعام - حتى دون اكتمال هضمه - من المعدة إلى الأمعاء وهذايضيع فائدة المعدة في هضمها الأغذية وخصوصاَ البروتينية منها.

12-من العادات الصحية عدم الجلوس لفترات طويلة أمام شاشة التلفزيون أوغيره من الأجهزة،لما يترتب على ذلك من إضاعة للوقت فيما لا فائدة فيه، كماأن طول فترة الجلوس تؤدي إلى الخمول، والكسل، والحيلولة دون استمتاع الجسم بالحركة للازمة له، إضافة إلى ذلك فإن مشاهدة التلفزيون لفترات طويلة مضرة لجسم الإنسان،ويرجع السبب في ذلك إلى أن طريقة تكوين الصورة تؤدي إلى انبعاث أشعة من جهازالتلفزيون تصطدم بجسم الإنسان، وجسم الإنسان قادر على التعامل مع كميات معقولة منهذه الأشعة، أما إذا زادت عن حد معين فإنها تبدأ بتأثيرها على خلايا الجسم، ومن هنايجب الإقلال من ساعات مشاهدة برامج التلفزيون.
وختاماً، فإنه يمكن القول إنالعادات الصحية تعد من أهم وأبرز مقومات التربية الجسمية للإنسان، والتي لا غنى له عنها، لا سيما وأنها أحد مطالب النمو الصحيح، وذات علاقة مباشرة بصحة الجسم وسلامته، فكان من الضروي جداً أن يعرفها الإنسان وأن يحافظ عليها في مختلف الظروف والأحوال العمرية، والله نسأل أن يمتعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وعافية أبداننا،والحمد لله رب العالمي

Wednesday, May 5, 2010

تركي بن عبدالله مؤسس الدوله السعوديه الثانيه



صورة عبدالرحمن بن فيصل أخر أمراء الدولة السعودية الثانية

Dr Usama Shaalan(Papyrus) برديه الدكتوراسامه شعلان


الدولة السعودية الثانية (1843-1865
اسم يطلقه المؤرخون على الدولة التي أقامها آل سعود في الجزيرة العربية ما بين سقوط الدولة السعودية الأولى سنة 1818 م واستيلاء محمد بن عبدالله بن رشيد أمير حائل على نجد سنة 1891 م. ويعتبر تركي بن عبدالله مؤسس الدولة السعودية الثانية، وقد جعل عاصمة دولته في الرياض بعد تدمير مدينة الدرعية، عاصمة السعوديين السابقة، على يد المصريين بقيادة إبراهيم باشا.



في العقد الخامس من القرن التاسع عشر أزيحت مصر في الواقع من المسرح السياسي في الجزيرة العربية . ولم تكن لدى الباب العالي بعد إمكانية ورغبة في التدخل النشيط في شئون نجد . وكان الإنجليز مشغولين بتعزيز مواقعهم على ساحل الخليج العربي وخليج عمان وفي عمان نفسها . ومن جديد تركت أواسط الجزيرة وشأنها وتهيأت فيها الظروف لبعث الدولة السعودية في أراضي محدودة .

من جلاء المصريين حتى عودة فيصل

لم يتمكن الأمير خالد من البقاء في دست الحكم بعد جلاء قوات خورشيد من أواسط الجزيرة إلا عاما واحدا . وعندما استسلم محمد علي في عام 1840أبدى الباب العالي ادعاءه في نجد متحججا بأ، الذي احتلها كان واليا للسلطان العثماني ، ولذا يجب اعتبار خالد تابعا للعثمانيين . وعلى أية حال ، هذا ماقاله المؤرخ التركي المعروف جودت . إلا أن مواقع خالد كانت تضعف وتتدهور . فقد كان مكروها من قبل الجميع بوصفه صنيعة للمصريين . وخلال فترة نفيه إلى مصر تكونت لديه فكرة ما عن التعليم الأوروبي ، الأمر الذي أضر به في نجد ، ولم يخدمه على مايدبو . وكان قد انهمك في الملذات ، مما ألحق ضررا كبيرا بسمعته . أما الجنود المصريون المتبقون فقد انخرطوا في الابتزاز ولم يكونوا يستلمون رواتبهم . وبدأت النزاعات القبلية الإقطاعية من جديد .

وعندما توجه خالد إلى خورشيد باشا في آب (أغسطس) 1841 لتوديعه رفع راية الإنتفاضة أحد أقربائه البعيدين وهو عبدالله بن ثنيان ، إبن حفيد مؤسس الأسرة السعودية والممثل الوحيد لفرع آل ثنيان الذي حكم نجد في فترة ما . وكان إبن ثنيان قد فر في السباق إلى قبيلة المنتفق في جنوب العراق ثم ظهر في نجد وحظي تأييد حاكم الحريق التركي الهزاني الحليف السابق للإمام فيصل وآل الشيخ محمد بن عدبالوهاب وكذلك قبائل سبيع وعجمان وآل مرة . وفي الخريف سحب خالد قواته إلى المنطقة الشرقية إما طلبا للنجاة وإما أملا في استجماع القوى . ولكنه لم يعد بعد ذلك إلى الرياض مطلقا . وبعد خروج خالد فرض ابن ثنيان سيطرته على نجد وكانت لديه في البداية بعض مئات فقط من الأتباع ، ولكن عددهم ازداد كثيرا فيما بعد . وفي أواخر عام 1841 استولى بن ثنيان على الرياض . وبعد أ، وافقت الحامية المصرية في القلعة على الجلاء تحررت نجد بالكامل من القوات الأجنبية . ويبدو أ، الحاميات المصرية الأخرى قد تفرقت . فنحن لانعرف عنها شيئا بعد الآن .

حاول ابن ثنيان تعزيز مركزه كأمير للرياض ، ولكن سلطته لم تشمل في الواقع القصيم وجبل شمر والمنطقة الشرقية . وقد وجه حملته الأولى إلى الإحساء عندما كان خالد لايزال موجودا فيها مع فصيل من المرتزقة المصريين . ومني خالد بهزيمته ففر إلى البحرين ثم إلى الكويت ، ومن هناك إلى الحجاز حيث أقام وأخذ يستلم راتبا من محمد علي . وأرسل أمير نجد إلى الهفوف عمر بن عفيصان الذي تمكن بالتدريج من فرض سيطرة على النجديين على هذه المنطقة ، بل واستطاع أن ينتزع العقير من البحرانيين .

كانت أساليب ابن ثنيان قاسية ، وربما كانت موروثة عن الاحتلال المصري . فقد كان كثيرا مايفتك بخصومه ، مثل آل سديري الذين عارضوه ، وذلك خلافا لتقاليد الجزيرة العربية التي تنص على العفو عند المقدرة . وكان الأهالي يكرهونه لأنه حاول على مايبدو أ، يجمع المزيد من الأموال بشكل زكاة من البلد المدقع . وكان المؤرخ الشمري ضاري بن الرشيد يعتبره رجلا شجاعا ولكنه أراق دماء كثيرة وقتل كثيرا من المؤمنين . كان الناس يكرهونه ويحبون فيصل .

هرب فيصل بن تركي من مصر في عام 1843 بعد أن كان أسيرا فيها منذ عام 1838 . ويعتقد بعض المؤرخين أن عباس باشا حفيد محمد علي ساعده على الفرار . والأغلب أن محمد علي وورثته أدركوا أن وجود إمارة مستقلة في أواسط الجزيرة العربية يجعلها خصما للإمبراطورية العثمانية .

ووصل فيصل إلى جبل شمر حيث استقبله عبدالله آل رشيد وأخوه عبيد بالترحاب بوصفه صديقا قديما . كانت سلطة عبدالله قد شملت كثيرا من القبائل غير الشمرية . (كان جميع البدو من القصيم حتى حوران ، ومن بلاد إبن سعود في شرقي نجد حتى جبال الحجاز ، خاضعين وملزمين بالاعتراف بسلطة ابن رشيد حيث يدفعون له الزكاة) . وعندما اقتضت الحاجة الاختيار بين السيطرة المصرية والتبعية لفيصل اختار عبدالله التبعية ، لاسيما وأن فيصل كان صديقه الشخصي ، الأمر الذي يعتبر عاملا سياسيا ليس بقليل الأهمية في ظروف الجزيرة . وعرض حاكم حائل على الأمير فيصل رجالا ودوابا ونقودا . وعبأ ابن ثنيان أنصاره ولكن أفراد عساكره سرعان مابدأوا يفرون .

ومما أعاق خطط فيصل العداء بين أهالي جبل شمر والقصيم ، وخصوصا بين أهالي جبل شمر ومدينة بريدة . وكان متوقعا أن حاكم بريدة سيضمر العداء لفيصل لأنب ابن رشيد صار من أنصاره . إلا أن مدينة عنيزة ربط مصيرها بمنافسة ابن ثنيان .

وانتقلت نجد بالتدريج إلى جانب فيصل – في البداية انتقلت القصيم ، ثم سدير والوشم . وفر ابن ثنيان إلى الرياض . وحظي فيصل بتأييد قبائل سبيع والسهول والعجمان وكذلك مطير . وفي صيف 1843 سقطت الرياض ، وتم القبض على ابن ثنيان وتوفي في السجب في تموز (يوليو) من العام ذاته ، ويعتقد المؤرخ ضاري بن الرشيد أن حرس السجن أعدوا الأمير المخدوع ، فقد كان بينهم أشخاص قتل الأمير أقاربهم في حينه . وعندما سلم فيصل منافسه إلى هذا الحرس كان قد حكم عليه بالموت بهذه الطريقة .

وبعثت الإمارة النجدية من جديد بعد تسع سنوات من الفوضى والصراع الداخلي والاحتلال الأجنبي . وصار فيصل سيدا في دياره من جديد لمدة تقرب من عشرين عاما . كانت القوى المركزية تعمل بسرعة كبيرة على توحيد مناطق أواسط الجزيرة وشرقيها كلما ظهرت شخصية قوية وانعدم الخطر الخارجي المباشر . ومما لاريب فيه أن فيصل كان حاكما قويا . وكانت لديه خبرة في الحياة في مصر الأكثر تطورا وخبرة الحكم في ظروف الجزيرة العربية والقدرة على لاجمع بين الشدة واللين والاستعداد للمساومة مع الإصرار . وكانت الصلات المتزايدة مع المصريين والأتراك والإنجليز قد حملت أمير الرياض على إبداء المزيد من الاعتبار للعالم الخارجي .

يعث إمارة السعوديين في الرياض
نشات الدولة السعودية الجديدة على مساحة من الأراضي أقل من أراضي إمارة الدرعية . وكانت الحركة الإنفصالية قوية فيها رغم الاستقرار المتزايد . ويقول فيلبي : سرعان ما استأنفت نجد في عهد فيصل (سير الأمور الطبيعي المعتاد ، ولكن ذلك لم يكن على الإطلاق مرادفا للحياة في سلام ووئام وازدهاز ، لتلك الأمور التي كانت على الدوام ظواهر نادرة أو تتخيلها ظواهر أخرى في البادية) .

كانت المهمة الأولى للأمير بعد السيطرة على المناطق الوسطى في نجد من استعادة المنطقة الشرقية . وفي خريف 1843حاصر مدينة الدمام التي يسيطر عليها البحرانيون . وفي تلك الأثناء نشب في جزر البحرين نزاع داخل الأسرة الحاكمة وفر الحاكم السابق إلى القسم القاري واستقر في الدمام . وفي الوقت ذاته سدد فيصل الضربة إلى قبائل المناصير وآل مرة وبني هاجر التي ساعدت على تموين القلعة .

وفي آذار (مارس) 1844 استسلمت حامية البحرين . واستولت العساكر النجدية على غنائم كبيرة . وبدلا من البحرانيين ترك أمير الرياض في القلعة حاميةنجدية من مائة شخص . ووافق حاكم البحرين الجديد محمد بن خليفة على استئناف تسديد الأتاوات السنوية للرياض وتسديد الديون مقابل تصفية منافسه . وهكذا بدأ فيصل مرحلة جديدة من حكمه حيث دمر قوات البحرانيين التي لم تكن كبيرة ولكنها كانت تقض مضجعه ، واستأنف سيطرته على جزر البحرين .

واندلعتفي المنطقة الشرقية إنتفاضات مرتبطة بالصراع بين قبيلتي بني خالد والعجمان ، كان بدو العجمان يسلكون الطريق المعتاد لنزوح قبائل الجزيرة – من الجنوب إلى الشمال أو من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي . وكانوا قد نزحوا من نجران ضعفاء مشتتين . ولم تكن لدى النازحين الجدد مراع خاصة بهم .

فصاروا يعتمدون على القبائل الأخرى حيث تحولوا إلى زبائن لها غير متكافئين . بيد أن الأمير تركي أخذ يدعمهم وهيأ لهم إمكانية الإقامة في المنطقة الشرقية ، وهي منطقة عائدة تقليديا لبني خالد . ويبدو أ، من أهداف هذه الإقامة إيجاد قوة توازن لمواجهة بني خالد ووجهائهم الذين كانوا يتمردون على الرياض بين الحين والآخر ، بل وكانوا ينافسون أمراءها في وقت ما . وصار العجمان أكثر قوة وجسارة .

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 1845 هجم علهيم فيصل بعساكر كبيرة ، وفي عام 1846 دمرهم عن بكرة أبيهم . وحضر صغار شيوخ العجمان وحلفاؤهم من سبيع إلى الإمام فيصل وأعلنوا عن خضوعهم له . وطوال خمسة عشر عاما لم يسمع أحدا شيئا من العجمان .

وبعد أن فرض فيصل سيطرته على المنطقة الشرقية انشغل بالجنوب ، بالأفلاج ووادي الدواسر . ففي عام 1845 أرسل قواته إلى الأفلاج لإخماد القلاقل هناك . وعندما كان أمير الرياض مشغولا بإخماد حركة العجمان وإحلال النظام في المناطق الجنوبية من نجد اندلع من جديد العداء القديم بين القصيم وجبل شمر . وسدد عبيد ضربة شديدة إلى فيصل من عنيزة ونظم عبيد آل رشيد شعرا بخصوص انتصاره . وفيما بعد ، عندما زار الجزيرة شارلز دوتي ، وهو من أعظم الرحالة الإنجليز ، سمع ذالك اشعر تتناقله الألسن . كانت قصيدة عبيد افتخارا عاديا بالنصر . فهو ينجح بكونه قد قتل 90 من الأعداء حتى تعبت يده من حمل السيف وتخثر دم الأعداء على ردنه . وواجه ابن رشيد صعوبة كبيرة في تهدئة فيصل الذي اشتاط غضبا بسبب الحرب بين أتباعه . وبعث حاكم جبل شمر إلى أمير الرياض رسالة توضيحية منظومة ، يقال أنها أثرت في فيصل تأثيرا حسنا .

وطالما كان عبدالله بن رشيد على قيد الحياة ظلت العلاقات ودية بين حائل والرياض . واعتبر عبدالله نفسه تابعا لفيصل ، ولكنه احتفظ باستقلالية واسعة . وبالإضافة إلى الصداقة التي تربط بين الأميرين فقد ربطت بينهما صلة القربى ، إذ تزوج عبدالله الإبن الأكبر لفيصل من إبنة عبدالله بن رشيد ، بينما تزوج طلال إبن حاكم حائل من إبنة فيصل . وكان عبيد ، شقيق حاكم حائل ، يقضي كل سنة شهرين أو ثلاثة في الرياض حيث يحل ضيفا على فيصل . وقد توسعت منطقة جبل شمر إلى الشمال . ففي عام 1838 مثلا انضمت إليها منطقة الجوف وهي واحة كبيرة تقع على بعد 350 كيلومترا تقريبا شمال غربي حائل . وفي أيار (مايو) – حزيران (يونيو) 1837 توفي عبدالله . وحل محله إبنه طلال البالغ الخامسة والعشرين من العمر ، وبعث إلى الرياض إبلا وخيلا بمثابة هدية تعبر عن استمرار تبعيته للحكومة المركزية .

مشكلة القصيم . الصراع مع العجمان
لم يتمكن فيصل من فرض سيطرته بصورة تامة على القصيم . وكانت هذه المنطقة ، كما تفيد حسابات يوبير الخاصة بالسبعينات ، تضم حوالي 20 مدينة وقرية . وكان في بريدة التي تعيش بالأساس على تجارة اـلإبل والنقل بالقوافل حوالي 10 آلاف نسمة . وقبل ستينات القرن التاسع عشر حكمها أكبر إقطاعي المنطقة – آل عليان . وكان عدد سكان عنيزة ، حسب معطيات يوبير ، 18-20 ألفا . وكان يعيش حوالي ألف شخص آخرين في القرى المحيطة بها . وكان أمراء الإقطاعية التي حكمت عنيزة ، آل زامل ، شأنهم شأن سائر الأمراء ، ينتمون إلى وجهاء البدو الذين استقروا فتحولوا إلى حضر ، ولكن سلطتهم على العكس ، كانت مفيدة كثيرا . ونعت الرحالة عنيزة بأ،ها (جمهورية مدنية) ، ونعتوا أميرها بأنه (أول المتكافنين) ، بل وقالوا عنه أنه بمثابة (رئيس جمهورية منتخب) .

وكان القول الفصل في شئون عنيزة يعود للأثرياء من أهاليها الذين يقدمون إلى المتطوعة جملا أو جملتين مع اثنين أو أربعة من الهجانة ويدفعون بدلا دائميا للصرف على الحراس والعبيد وتسديد أجور الرعاة وتكاليف الضيافة العامة . وكانوا يشاركون مع الأعيان والوجهاء الإقطاعيين في تصريف شئون عنيزة عن طريق مجلس الإمارة . ويصادف أ، تتوتر العلاقات بين الوجهاء الإقطاعيين والتجار وبين فقراء المدينة ، الأمر الذي تدل عليه بصورة غير مباشرة ملاحظة دوتي :(...الكثير من الفقراء يعارضون زامل بغضب مكشوف يلومونه وهو صبور حكيم) .

وفي عام (1846-1847) عندما غزا شريف مكة نجد أبدى أهالي القصيم استعدادهم للتعاون معه . وبعد انسحاب الحجازينغير أمير الرياض حكام المدن الرئيسية . إلا أن شتاء وربيع 1848-1849 تصرما في إخماد إنتفاضة جديدة في القصيم . فالوجهاء المحليون لم يعترفوا بالأمراء الذين عينتهم السلطة المركزية ، إذ كانوا يؤيدون هذا الفرع من العوائل الحاكمة سابقا أو ذاك . وكان القتل يعقب الخيانات ، الخيانة تعقب فترات السلم ، وكانت المبايعة تعقب العصيان المتكرر ، ولكن المنطقة ظلت غير خاضعة . وكان أمير بريدة عبدالعزيز آل عليان هو الزعيم المعترف به للمنطقة .وقد نحاه فيصل عدة مرات ولكنه كان يعينه من جديد كل مرة . وغدا عبدالعزيز حاكما لبريدة من جديد في مطلع عام 1851 . ويبدو أن أمير الرياض لم يتمكن من الحصول على تأييد وجهاء القصيم ولم يستغني عن المساومة مع زعيمها المعترف به . وفي السنوات الثلاث اللاحقة انصب اهتمام أمير الرياض على غزوات مختلف القبائل . ففي آيار (مايو)1854 تمردت عنيزة من جديد . ولم يكن وجهاؤها ، وخصوصا آل زامل ، راضين عن حكم جلوي ، عامل الأمير فيصل ، في القصيم . ويقول دوتي أ، حاكم القصيم هذا كان ينهب السكان ويستأثر بأموالهم . وبدأ التمرد .

وكانت مشاركة الفقراء في هذا التمرد قد أضفت عليه صبغة جديدة . فقد هب ضد مضايقات أمير الرياض القسم الأكثر فقرا من السكان ، في حين لم يؤيد التجار الأثرياء المتمردين . وعلى أثر جلوى فر من من عنيزة الشيخ عبدالله أبو بطين الذي كان قاضيا لهذه المدينة مدةطويلة وأخلص الولاء للرياض . وصار عبدالله بن يحيى آل زامل الملقب سليم أميرا لعنيزة .

وفي أواخر 1855 انتهى التمرد صلحا . واضطر فيصل إلى تنحية حاكم المنطقة الذي عينه بنفسه ، بينما ظل زعيم المتمردين عبدالله بن يحيى في منصبه . وفي أواسط الخمسينات هطلت الأمطار غزيرة وكان المحصول جيدا فهبطت الأسعار . إلا أن وباء الكوليرا تفشى في نجد آنذاك . كان الوباء قد بدأ في الهند ونقل الحجاج عدواه إلى مكة في عام 1846 ، وانتشر منها في أوروبا وأميركا .

وفي عام 1860 واجه أمير الرياض تمردا جديدا من العجمان الذين صاروا أكثر جسارة . وأرسل الأمير قوات كبيرة بقيادة إبنه عبدالله إلى الشرق ، حيث نشبت على مسافة ثلاثين كيلومترا تقريبا جنوبي مدينة الكويت في 9 نيسان (إبريل) 1860 معركة جديرة بالتقاليد البدوية الجاهلية ، فقد أجلسوا الفتيات من قبيلة العجمان وبنات أو قريبات الشيوخ في هوادج خاصة على سبعة جمال . وأسبلت سبع من أجمل بنات عوائل الوجهاء شعورهن وارتدين أفضل ملابسهن وظهرن في مقدمة البدو يطلقن صيحات الحرب . وكان المحاربون متحمسين إلى أقصى حد ، لأنهم يرون بأم العين أنهم سيحاربون ، فيما يحاربون ، من أجل سلامة بناتهم الحسناوات اللواتي يمثلن شرف القبيلة . وكانت المعركة دموية لأن العجمان واجهوا قوات من أبناء المدن والحضر الأكثر تنظيما وانضباطا وهي قوات عززها محاربون من قبائل سبيع والسهول وقحطان ومطير . وقتل حوالي 700 من العجمان ففروا تاركين الفتيات والجمال وكل مايملكون . واختبأ في الكويت من ظل على قيد الحياة . وعمت البهجة والاحتفالات بهذا الحادث في الرياض وكذلك في البصرة والزبير اللتين تضررتا من غزوات العجمان وأرسلتا بعد النصر هدايا ثمينة إلى عبدالله .

إلا أن النصر الحقيقي كان بعيدا . فالعجمان احتفلوا بقوات كثيرة وتحالفوا مع قبيلة المنتفق القوية في جنوب العراق . وسرعان مابدأت القبيلتان غزو أطراف البصرة والزبير والكويت . وأعلن فيصل الجهاد . ونشبت معركة الجهراء في 27 آذار (مارس) 1861 ، وتم من جديد دحر العجمان والمنتفق . وحاصر النجديون خصومهم ودفعوهم إلى مياه الخليج ، وعندما ارتفع المد ابتلعت المياه حوالي ألف وخمسمائة محارب ممن لم يكونوا مطلعين على هذا النوع من الأخطار . وآثار النصر موجة جديدة من الفرح في العراق وفين جد على حد سواء . إلا أن انتصارات عبدالله الدموية على العجمان قد تركت لعشرات السنين حقدا عليه في هذه القبيلة ، الأمر الذي كان فيما بعد من الأسباب التي حرمته عرشه .

وبعد النصر شرقا توجه عبدالله إلى القصيم . وقرر عبدالعزيز أمير بريدة الهرب خشية مواجهة مخاطر أكبر . توجه إلى عنيزة ومنها إلى مكة . إلا أن فصيلا أرسله عبدالله بن فيصل اختطف عبدالعزيز في الطريق وقتله مع إبنه . واختطف إبن آخر لحاكم بريدة ممن كانوا قد شاركوا في حملة عبدالله على العجمان وقتل في السجن . ورغم الإنتصارين الكبيرين في 1860-1861 واجهت إمارة فيصل خطرا جديدا . وكان مبعثه هذه المرة أيضا هو القصيم ، وخصوصا عنيزة . كان أهالي عنيزة قد نعتوا تمردهم على الرياض في 1854-1855 بالحرب الأولى ، أما العمليات الحربية التي بدأت في عام 1862 فقد نعتوها بالحرب الثانية .

ظهر محاربون من عنيزة في ضواحي بريدة ، ونشبت صدامات في المنطقة كلها . وأعلن فيصلالجهاد من جديد . ونشبت معركة كبرى في أطراف عنيزة في 8 كانون الأول (ديسمبر) 1862 . وذكر دوتي تفاصيل تلك المعركة . ساعدت النساء رجال عنيزة بتزويدهم بالماء وحمل الجرحى . وكان رجال عنيزة مسلحين ببنادق الفتائل . وقاتل محاربو أمير الرياض أساسا بالرماح والسيوف . وفي معمعان المعركة هطلت الأمطار فتعطلت بنادق فصيل رجال عنيزة فاندحروا وأبيدوا عن بكرة أبيهم تقريبا . وقتل منهم حوالي 200 شخص . وكانت عساكر أمير الرياض حوالي ألف محارب . ويتضح من ذلك نطاق العمليات الحربية .

واضطر أهالي عنيزة إلى الاحتماء بأسوار مدينتهم . وفي بداية عام 1863 استلمت عساكر أمير الرياض قرب عنيزة إمدادات من جبل شمر والمنطقة الشرقية . وكانت لدى قوات الحصار عدة مدافع . وطلب رجال عنيزة الصلح . ولما كان أمير الرياض عاجزا عن تدمير عنيزة ووافق من جديد على العفو عن أهالي المدينة وإبقاء حكامهم السابقين .

علاقات نجد مع الحجاز والحكومة العثمانية في عهد فيصل
كانت علاقات نجد مع الحجاز معقدة دوما . وظل الباشوات العثمانوين في جدة والمدينة وشريف مكة يدعون بحق التدخل في شئون أواسط الجزيرة . وفي عام 1846 شن الشريف محمد بن عون حملة على نجد متحججا برفض فيصل دفع الأتاوات للباب العالي . وقد جرت العادة على أن يدفع أمير الرياض 10 آلاف ريال ، وربما كان ذلك من شرود (فراره) من مصر . والحجة الأخرى لحملة الشريف هي القلاقل في القصيم التي جعلت حاكم مكة يأمل في الحصول على مساعدة فعالة في هذه المنطقة .

كانت عساكر محمد بن عون تتكون من حوالي ألفي شخص ، وهم بالأساس من البدو . ومعهم فيصل صغير من القوات التركية النظامية . وفي ربيع 1847 وصل الشريف إلى القصيم دون أ، يواجه مقاومة في الطريق . إلا أن فيصل كان يستعد بهمة للحرب . وكانت القوى متعادلة تقريبا ، فكان الطرفان يتحاشيان الاشتباك في المعركة . وأرسل فيصل (هدية) إلى محمد بن عون ، وهي في الواقع أتاوة لمرة واحدة يبلغ 10 آلاف ريال ومعها خيول وإبل . ويبدو أن الاتفاق نص من جديد على دفع 10 آلاف ريال سنويا ، ولكن من الصعب القول بكيفية تنفيذه . وفي عام 1854-1855 أثناء القلاقل في الحجاز تخلف فيصل عن إرسال الجزية . حاولت السلطات العثمانية أن تحقق في عسير واليمن مالم يتمكن والي مصر من تحقيقه . وفي نيسان (إبريل) 1849 قامت القوات التركية بإنزال من السفن الحربية في الحديدة . ووصل إلى الحديدة أيضا فصيل بقيادة شريف مكة محمد بن عون . ووافق إمام اليمن على وجود حامية عثمانية في صنعاء ودفع الأتاوات إلا أن الأتراك انهزموا في عسير واليمن في عام 1851-1852 .

وعزز شريف مكة مواقعه وأقام علاقات طيبة مع قبائل عسير ومع قبيلة حرب الحجازية ، كما أقام ارتباطا مع عباس باشا والي مصر . إلا أ، هذا السلوك بالذات أثار ارتياب السلطات العثمانية . وفي عام 1852 وصل إلى والي جدة أمر بنفي الشريف محمد بن عون وإبنيه الأكبرين إلى العاصمة العثمانية . وأمكن القيام بذلك بخديعة غادرة . وعين المدعو عبدالمطلب شريفا لمكة .

اجتاحت الحجاز في الخمسينات قلاقل خطيرة كان من أسبابها تأخر دفع رواتب الجنود الأتراك سنة كاملة . وفي 1855-1856 فقد الأتراك مؤقتا السيطرة على مكة وتعين عليهم أن يبذلوا جهودا كبيرة لاستعادة سلطتهم هناك بإعادة إبن عون الذي ورث إبنه عبدالله منصبه بعد عامين . وطرد أهالي عسير الحاميات العثمانية . ولم يتمكن الأتراك من إرسال القوات بانتظام إلى سواحل الجزيرة العربية على البحر الأحمر واحتلال عسير من جديد في عام 1871 إلا بعد شق قناة السويس عام 1869 .

في عام 1858 قتل في جدة نائب القنصل البريطاني ونائب القنصل الفرنسي وأربعة عشر من الرعايا المسيحيين ، ونهبت منازلهم .وفر الذين ظلوا على قيد الحياة إلى الفرقاطة البريطانية (سايكلوبس) التي قصفت المدينة وقامت بإنزال فصيل بريطاني غير كبير . وبحضور الإنجليز قطعت رقاب 11 شخصا ، ثم جرى إعدام مدير الشرطة ورئيس الحضرميين والقائم مقام .

ومع أن إمارة الرياض كانت آنذاك مستقلة في الواقع عن الإمبراطورية العثمانية التزم فيصل بقدر كبير من الحذر وسعى إلى تحاشي الصدام مع الأتراك . ولم يقم بغزوات على الشام والحجاز والعراق . وفي عام 1855 وعام 1860 أكد فيصل في مراسلاته مع الإنجليز بشأن الأوضاع في الخليج بأنه يعتبر نفسه تابعا للباب العالي . وكان هذا التأكيد نافعا له في علاقاته مع الإنجليز . وكان الموظفون العثمانيون ، عندما تقتضي مصالحهم ، يتحدثون أيضا عن السيادة العثمانية في أواسط الجزيرة .

التناقضات بين إمارة الرياض وبريطانيا في منطقة الخليج
كتب ج. لوريمير عن السياسة البريطانية إزاء إمارة الرياض يقول (إنها عدم التدخل في إمارات الساحل والمقاومة المعتدلة في سلطنة عمان والمعارضة بلا هوادة في البحرين) . وهو يرى أ، هذه السياسة مبعثها (هجمات الوهابيين العدوانية المتواصلة على طوال خط الساحل) .

إلا أ، أمير الرياض كان يعتبر المناطق الساحلية ملكا له . فقد تحدث الأمير فيصل عن دولته إلى بيلي وقال له مافحواه : إنها تشمل أراضي الجزيرة العربية من الكويت عبر القطيف ورأس الخيمة وعمان ورأس الحد وكل مايقع وراء ذلك . هذا ما وهبنا الله . وأضاف فيما بعد : مسقط تابعة لنا . وقد أخذناها بقوة السلاح . ويرى أمير الرياض أ، الإنجليز عندما يفرضون حمايتهم على حكام الساحل إنما يتدخلون فيما لايعنيهم . ولكن فيصل يعرف قوة بريطانيا .

ظلت العلاقات بين فيصل وحاكم الكويت ودية . إلا أن حربا طويلا كانتق ائمة بين نجد والبحرين . ولم تسفر الصدامات الجديدة بين إمارة الرياض والبحرين في عام 1845-1846 عن انتصار لأمن الطرفين . ولم يستمر الصلح طويلا . ففي خريف 1850 اندلعت الحربمن جديد بين نجد والبحرين . واحتلت عساكر فيصل قطر . وحظي أمير الرياض بدعم من فرع انقلب على عائلة حكام البحرين ، الأمر الذي ساعده في تكوين أسطول له والتحضير لانزال على جزر البحرين . إلا أن عمارة بريطانية أرسلت آنذاك للدفاع عن البحرين ، فأنقذت حاكمها من الهزيمة . واضطر فيصل إلى الإتفاق بشأن الصلح مع البحرانيين ، ولكنه تمكن من جعلهم يدفعون الأتاوات والديون السابقة . كما أنه نصب في قلعة الدمام منافسي حكام البحرين .

وفي عام 1859 ، عندما تهيأ النجديون للهجوم من جديد على البحرين أبلغ المقيم البريطاني في منطقة الخليج الكابتن جونس الأمير فيصل بأن الحكومة البريطانية تعتبر البحرين (إمارة مستقلة) وهي مستعدة للدفاع عنها دون أية هجمات .

وفي عام 1861 فرض الكابتن جونس بمدافع العمارة البريطانية على شيخ البحرين إتفاقية كالاتفاقيات التي اضطرت الإمارات الصغيرة على ساحل الصلح البحري أ، تقبل بها في السابق . وغدت البحرين محمية بريطانية ولم تعد تتعرض لادعاءات الحكام السعوديين . صحيح أنها ظلت تدفع الأتاوات لأمير الرياض لقاء ممتلكاتها في قطر .

وفي العام نفسه حاول الإنجليز أن يخلصوا أنفسهم من التبدلات غير المتوقعة في العائلة الحاكمة البحرانية وبعثوا إنذارا لفيصل يطالبونه فيه بطرد منافس حاكم البحرين من الدمام . وقصفت العمارة البريطانية الدمام دون أ، تنتظر وصول الجواب . وفر من القلعة محمد بن عبدالله آل خليفة . وفي عام 1867 نشبت من جديد معركة بين عساكر أمير المنطقة الشرقية والبحرانيين . ويقول النبهاني ، مؤرخ البحرين ، أن تلك كانت آخر معركة في البحرين لأن الإنجليز وصلوا بعد ذلك .

وكانت عمان أيضا موضع تنافس بين النجديين والإنجليز . وبعد أن عاد فيصل إلى دست الحكم في عام 1845 سرعان ما أرسل إلى البريمي قوات بقيادة سعد بن مطلق . وكان هذا العقيد حاكما للبحرين حوالي ثلاثين عاما وخدم عند تركي ثم عند إبنه فيصل في العهد الأول من حكمه ، وعند خورشيد باشا وخالد ثم عند فيصل من جديد ، وكان مطلعا اطلاعا ممتازا على شئون عمان . وطلب الشيوخ المحليون النجدة من الإنجليز ، إلا أن هؤلاء كانوا لايزالون يتحاشون التدخل المباشر في شئون البر .

وعلى أثر وصول سعد بن مطلق إلى البريمي طالب عددا من الحكام المحليين بدفع الأتاوات ، ومنهم سلطان مسقط وحاكم الصحار . وعزز مطلبه بإرسال فيصل إلى مسقط . إلا أن الإنجليز أخذوا يمارسون الدوريات عند ساحل الباطنة ، فانسحب سعد بن مطلق ووافق على استلام جزية سنوية من مسقط مقدارها 7 آلاف ريال.

وفي عام 1848 تمكن حاكم أبو ظبي من الاستيلاء على البريمي . إلا أن منافسيه من دبي والشارجة ساعدوا إبن مطلق على العودة بعد بضعة شهور . ثم نجاه فيصل من منصبه عام 1850 وسرعان ماتوفى . وفي آذار (مارس) 1850 ، عندما تقلصت الحامية النجدية في البريمي إلى 50 شخصا استولى حاكم أبو ظبي على البريمي من جديد . وفي عام 1853 وصلت إلى هنا عساكر بقيادة عبدالله ، إبن الإمام فيصل . وأسرع شيوخ العشائر وحكام إمارات الساحل للإعراب عن خضوعهم للرياض . فقد كان نفوذها كبيرا آنذاك ، إلا أن المعتمد البريطاني الكابتن كمبيل تمكن من مقابلة الحكام المحليين وأرغامهم على توقيع (معاهدة الصلح الدائمية) . ووصلت عساكر النجديين إلى مسقط فأنقدتها العمارة البريطانية من جديد ، إلا أن حاكمي الصحار ومسقط التزما بدفع 12 ألف ريال سنويا إلى الرياض .

وفي كانون الأول (ديسمبر) 1853 غادر عبدالله البريمي بعد أ، عين أحمد السديري حاكما لها ، وظل هذا الأخير في منصبه حتى عام 1857 . ورغم التبعية للإنجليز ظلت مسقط والصحار وإمارات الخليج تدفع الأتاوات لإمارة الرياض . ولم تكن الأراضي التي يشرف عليها النجديون محددة بدقة ، فهي تتقلص تارة وتتسع تارة أخرى . مع أ، لديهم أحيانا عمال جباية الزكاة في قسم كبير من أراضي عمان ، وورث منصب أحمد السديري إبنه تركي الذي ظل حاكما للبريمي من 1857-1869 .

النظام الاجتماعي السياسي والحياة الاقتصادية في الدولة السعودية الثانية
كان أمير الرياض ، مثلما في الدولة السعودية الأولى ، إماما للمسلمين ، أي أنه قائد عام وحاكم أعلى وكذلك رئيس السلطة التنفيذية . وكان يبت شخصيا في أهم مسائل السياسة الداخلية والخارجية والقضايا المالية والحربية ويتخذ القرارات بشأن الغزوات أو الصلح ويشرف بنفسه على تنفيذها ويراقب استقبال وإرسال الممثلين المتعلقة بالحلفاء والأتباع والجيران والقبائل البدوية .

ولم يكن بلاطه كبيرا ، كما لم يكن مثقلا بالرسميات وبالجهاز البيروقراطي . وفي أهم المسائل كان الأمير يتشاور مع أقرب أقربائه الذين يعتبر ولاءهم له أسمى من المصالح المحلية . ولعبت عائلة آل الشيخ كذلك دورا هاما مع أ، أحدا منها لم يبلغ منزلة الشيخ محمد بن عبدالوهاب نفسه .

وكان توزيع المناصب المربحة والرفيعة قد ساعد على تلبية المطالب المتعارضة لأفراد العائلة . وأعلن فيصل أن عبدالله وريثه وأشركه في الشئون الحربية وفي حكم الرياض والمناطق الوسطى . ومنح فيصل إبنه الثاني سعود المنافس لعبدالله استقلالا كبيرا في حكم المناطق الجنوبية . وسلمت إلى محمد ، الإبن الثالث ، المناطق الواقعة شمالي العاصمة . ومال محمد إلى عبدالله في خلافه مع سعود ، وكان الإبن الأصغر عبدالرحمن الذي كان سيغدو فيما بعد أب مؤسس الدولة السعودية الجديدة قد ولد في عام 1850 وكان آنذاك صغير السن لايصلح لوظيفة مستقلة . إلا أن تقسيم الإمارة بين أبناء فيصل ساعدهم على كسب أنصار في مناطقهم ، الأمر الذي هيأ أساسا للنزاعات المرتبقة التي أدت إلى تمزيق الدولة السعودية الثانية .

وتدهورت صحة فيصل في السنوات الأخيرة من حياته . فعندما كان في مصر أصيب بالرمد ، وربما بالتراخوما ، وغدا أعمى كليا عندما قام العقيد ل. بيلي ممثل الإدارة الإنكلوهندية بزيارته الثانية إلى الرياض . وكان فيصل آنذاك في حوالي السبعين من العمر فلم يتمكن من تصريف شئون دولته بنشاط فسلم زمام الأمور إلى عبدالله . وكتب ر. ويندر يقول (إن عائلة السعوديين أفرزت في اللحظات الحاسمة أقوى الأشخاص الذين يتمتعون بالفطنة وقوة الطباع والذين تمكنوا من السيطرة على مختلف العناصر الإنفصالية في مملكتهم الشاسعة واستطاعوا أن يؤمنوا العدالة الصارمة) . وكان من هؤلاء الرجال الأشداء فيصل بن تركي . ورغم موقف الإنجليز المعادي لإمارة السعوديين اعترف المقيم ل. بيلي قائلا : (ماكان بوسعي إلا أن ألاحظ أن الأمير فيصل ، في رأي الجميع ، كان حاكما عادلا صارما وموفقا إلى أقصى حد في قمع العادات الوحشية للقبائل . وكان يريد أن يغرس بينها عادات أكثر تنظيما وتوجيه اهتمامها إلى الزراعة والتجارة . وكان يخيل لي أنه لا أحد يحب الأمير ، ولكن الجميع معجبون به . وكانوا يتحدثون عنه برهبة اختلط فيها الاحترام بالكراهية على نحو طريف) .

وبعد اللقاء الأول مع فيصل رسم بيلي صورته على النحو التالي : (وجدت الإمام جالسا في الركن إلا بعد للغرفة على سجادة صغيرة جذابة متكئا بظهرة إلى تكية ثقيلة ... وعندما اقتربتمنه نهض بصعوبة . أخذ يدي وتلمسها . كان ضريرا ، إلا أن محياه رائع بتقاسيم معتدلة وتعلوه مسحة من الهدوء والصرامة والاطمئنان . كان يبدو في أكثر من السبعين ، وملابسه فاخرة تنم عن ذوق رفيع . وعلى كوفيته عمامة من الحرير أخضر . نبرات صوته عذبة وكلماته هادئة موزونة كانت هيئته تدل على الاعتزاز بالنفس وتكاد تتسم بالرقة . ولكن المرء يشعر بأنه يمكن أن يكون قاسيا دون رحمة) .

إن درجة السيطرة المركزية القائمة في مختلف مناطق وأقاليم الدولة السعودية الثانية ، شأنها شأن الدولة السعودية الأولى ، تختلف من منطقة لأخرى وتتقلص كلما ابتعدت المسافة عن الرياض . ويعود دور للوضع الداخلي في هذه المنطقة أو تلك ولوزنها النسبي وللمعتقدات الدينية عند أهلها . وكان حاكم الرياض يعين الأمراء وكذلك علماء الدين في المناطق الوسطى .

وكانت من أسباب القلاقل في القصيم محاولات أمير الرياض لتقوية سلطته هناك . وقد اضطر إلى ترك أبناء الوجهاء المحليين في أماكنهم . وكانت العلاقات مع جبل شمر معتدلة إلى حد مدهش ، وذلك لأن الرياض لم تحاول بسط سيطرتها بصورة مباشرة على جبل شمر واكتفت بالتبعية الإسمية . وكانت هناك علاقات ودية بين الأسر الحامة وقد عززها التزواج بينها ن وكانت تلك الأسر بحاجة إلى مساعدة بعضها البعض عسكريا.

وكان أمراء الهفوف يعينون دوما من بين النجديين . ولم يكن سكان المنطقة الشرقية متعاطفين كثيرا مع الرياض والوهابيين ، إلا أن أهمية هذه المنطقة كبيرة لدرجة جعلت أمير الرياض يرى ضرورة الاحتفاظ بحاميات دائمية هناك .

وكان النجديين حامية في البريمي ، كما عين لها أمير من الرياض . إلا أن مجموعة واحات البريمي احتفظت بسمات المنطقة الجبهوية أكثر من الهفوف . وكما كان الحال في الأزمان السالفة ظل الاحتفاظ بالرهائن في العاصمة وسيلة لإرغام المناطق والقبائل على الولاء . وعندما دعا فيصل بيلي لزيارة السجن قال له بأنه سيرى هناك الآن حوالي سبعين من شيوخ العشائر.

وكانت القبائل البدوية على درجات متباينة من التبعية لأمير الرياض ، إلا أن فيصل لم يتمكن أبدا من السيطرة عليها بالشكل الذي كان في زمن الدولة السعودية الأولى . فقد شهدت سنوات حكمه الكثير من التمردات البدوية المتواصلة . وكانت الوهابية في الدولة السعودية الثانية قد فقدت جزئيا طابعا المتعصب المتشدد . ويبدو أن الخبرة الشخصية التي اكتسبها فيصل في مصر قد أوحت إليه أن المصريين والحكومة العثمانية أقوى بكثير من نجد وأن استفزازهم بإبداء مظاهر التعصب الديني يعني جلب الهلاك لنجد . إلا أن المشاعر الدينية كانت تشتد في بعض الأحيان .

كان التنظيم العسكري لإمارة الرياض في عهد فيصل مثلما كان في عهد السعوديين الأوائل . فقد كان على كل مدينة أو قبيلة أن تقدم في حالة الاستدعاء عددا معينا من المقاتلين والدواب . وكانت تلك الأرقام تسجل في سجلات تعتبر كذلك أساسا لجباية الزكاة . وعندما يصدر الأمير أمرا بالتعبئة يخبر الحكام المحليين بعدد المحاربين الذين يحتاج إليهم ، بينما يتحمل هؤلاء الحكام مسئولية جمعهم وتموينهم . ويشمل الاستدعاء عادة نصف العدد الإلزامي للمحاربين . وفي الحالات الاستثنائية تستدعي كل القوات طبعا . وكان المحاربون يأتون مع سلاحهم الخاص وماشيتهم . وكانت الحكومة ، من الناحية النظرية ، تقدم العتاد اللازم . وكان الفرسان أكبر شأنا ، ولذا كانوا يتمتعون بالامتيازات .

كانت كل قبيلة أو مدينة تشكل في عساكر أمير الرياض وحدة خاصة لها رايتها . وعندما تنتهي الحملة الحربية يجري حل العساكر كلها . ولا تستلم المتطوعة رواتب منتظمة ، إلا أ، أربعة أخماس الغنائم تقسم بين المحاربين – حصة للمشاة أو الهجانة وحصتان للفرسان . ويحال إلى بيت المال خمس الغنيمة . ولدى الأمير فيصل من الحرس الشخصي مكون من حوالي 200 عبد ومعتوق ، كانوا عند الاقتضاء يمارسون وظيفة الشرطة . وكان السكان الحضر يشكلون نواة عساكر نجد .

كانت عند النجديين بضعة مدافع ، ولكن من المشكوك فيه أنهم استخدموها إلا في حالات نادرة جدا . ولم يتخذ فيصل خطوات جدية لتشكيل أسطول حربي . فبدلا من ذلك كان يعول على شبه الأتباع كالبحرين . وبديهي أن حكام السواحل كانوا يجدون الأعذار للتملص من تنفيذ مطالبه . زد على ذلك أن المعاهدات التي فرضها الإنجليز عليهم قيدت إمكانيات العمل بالاشتراك مع الرياض .

ولم تكن الضرائب في عهد فيصل لتختلف عنها في ظل الدولة السعودية الأولى .. كان الزراع يدفعون زكاة الحبوب فقط والثمار القابلة للكيل والحفظ : 10% من محاصيل الأراضي الديمية و5% من محاصيل الأراضي السيحية . وكان البدو يدفعون زكاة الماشية في حدود 2.5-5% من قيمة الذهب والفضة ، وكذلك نفس النسبة من قيمة بضائع التجار . ويمكن أن يعفى من الزكاة الذين يحصلون على دخل سنوي أقل من الحد المعين . إلا أن ضرائب إضافية تطبق في حالة الحرب .

وكما كان الحال سابقا تتوارد على بيت المال مكوس الحج وأتاوات مسقط والبحرين والإمارات الأخرى وعائدات ممتلكات حاكم الرياض . ولايمكن حساب المداخيل العامة للدولة على وجه التدقيق . وقدم العقيد بيلي أثناء زيارته للرياض جردا تقريبيا للسكان والمداخيل والعساكر . وتفيد حساباته أن سكان نجد والإحساء ، والمقصود على مايبدو الحضر فقط ، بلغوا 115 ألف نسمة ، وإن المداخيل 692 ألف ريال وأن عدد المحاربين 7900 . أما البدو فقد حدد عددهم الإجمالي بـ 20 ألفا ومداخيلهم بـ 114 ألف ريال . وهكذا بلغت مداخيل الدولة ، في رأي بيلي ، 806 آلاف ريال . وهو يضيف إليها أتاوات مسقط وجبل شمر والبحرين والأقاليم الأخرى ، وكذلك مليوني ريال تجبى من الحجاج . وربما كانت هناك مبالغة في أرقام العائدات ، بينما قد يكون عدد الحضر والبدو أكثرمن الرقم المذكور . ولعل بيلي أخذ في الحسبان الذكور الراشدين فقط .

وقدر بلغريف المداخيل العامة للدولة بما يعادل 160 ألف جنيه إسترليني . والمعلومات المتوفرة عن نفقات الدولة السعودية الثانية أقل من تلك . وإذا أهملنا نفقات أسرة الأمير وبلاطه فإن نصف النفقات ، على مايبدو ، يصرف على الأغراض الحربية ، بينما يخصص الباقي للشئون الاجتماعية – صيانة الآبار والمساجد وكذلك معونات المرضى والعجزة ورواتب الموظفين الذين تعينهم الحكومة المركزية ورجال الدين والمعونات المقدمة إلى الشيوخ المحليين وأمراء الأقاليم . وكان قسم كبير من الزكاة يسدد عينا ، ولكنه يدفع نقدا في بعض المناطق .

وكانت العملة الرئيسية هي الريال الذهبي (ريال ماريا تيريزا) ، ومع ذلك استخدم في التداول الشلن الإنجليزي والنقود العثمانية والفارسية الذهبية والفضية . وفي المنطقة الشرقية غالبا ما كانت تستخدم النقود الهندية . وفي منطقة سواحل الخليج استخدم مايسمى بالنقود الطويلة ، وهي قطع نقدية معدنية مستطيلة تشبه الإبزيم النسوي وعليها كتابة عربية . وكانوا يصكونها من النحاس ويضيفون إليها قليلا من الفضة . وكانت هناك نقود طويلة فضية .

وفي عهد فيصل صار تصدير الخيول العربية الأصيلة بابا لعائدات ثابتة . وكانت خيول جبل شمر تصدر عبر الكويت ، أما الخيول الأخرى فتصدر عبر القطيف والعقير . وفي عام 1863 بيع عن طريق الكويت 600 من الخيول العربية بسعر متوسط قدره 150 ريالا للرأس الواحد . وأرسل عباس باشا من مصر عدة بعثات لشراء الخيول . وكان الرحالتان الأوربيان المعروفان فالين وغوارماني قد زارا الجزيرة العربية بحجة شراء الخيول . إلا أ، عدد الخيول المتبقية كان في عام 1864 قليلا جدا ، واتضح أن الخيول التي أرسلها فيصل إلى الاستانة سيئة للغاية مما آثار استياء الباب العالي الذي منع تصدير الخيول طوال أربعة أعوام . ولم يكن بالإمكان تطبيق هذا المنع عمليا .

وقبل اكتشاف البترول كان صيد اللؤلؤ هو العمل الرئيسي لسكان سواحل الخليج . إلا أن الإحساء أقل شأنا في صيد اللؤلؤ من البحرين وإمارات الصلح البحري وقطر . وكان لؤلؤ الخليج يرسل إلى بومباي ، ومن هناك يباع إلى أوروبا . ونجد عند لوريمير وصفا ضافيا لصيد اللؤلؤ مع قواعده الاجتماعية والمالية الثابتة . ومع أ، ماكتبه لوريمير يخص عام 1906 إلا أن اللوحة التي رسمها من المستبعد أن تكون قد تغيرت منذ ستينات وسبعينات القرن التاسع عشر . ولئن كان قد مارس صيد اللؤلؤ في سواحل إمارات الصلح البحري 22 ألف شخص ، وفي قطر حوالي 13 ألف شخص وفي البحرين حوالي 18 ألف شخص وفي الكويت 9200 ، ففي واحة القطيف مارسه حوالي 3400 شخص فقط .

تمكنت الدولة السعودية الثانية من الانبعاث والنهوض بسبب توقف التدخل الخارجي في شئون نجد . وكانت مصلحة قسم كبير من وجهاء وأعيان نجد وتجارها وصناعها وزراعها في التوحيد وتأييد الفقهاء الوهابيين وارتفاع منزلة آل سعود قد مكنت فيصل من بسط سيطرة الرياض على قسم كبير من أواسط الجزيرة وشرقيها . إلا أن علائم الضعف والخور ، وأحيانا عجز السلطة المركزية ، والنزعة الانفصالية لدى الإقطاعيين ونزوات القبائل البدوية كانت واضحة لدرجة كبيرة لاتجعل أحدا من المعاصرين يتوقع لإمارة الرياض عمرا مديدا . وكان إقليم جبل شمر القوي حليفا أكثر من كونه تابعا طبعا . ودافعت القصيم عن استقلاليتها في تمردات متكررة . وكانت القبائل البدوية تتحدى فيصل المرة بعد المرة . وخيم ظل الإمبراطورية البريطانية من جهة الخليج وبحر العرب ، وكانت قد ابتلعت في الواقع الإمارات الصغيرة على سواحل شبه الجزيرة . وأضيف إلى ذلك كله تعمق الخلافات والانقسام داخل أسرة أمير الرياض .


سقوط إمارة الرياض ونهوض إمارة جبل شمر (1865-1902)

الإنقسام في عائلة الأمراء توفير فيصل بن تركي في كانون الأول (ديسمبر) 1865 . وفي الحال بدأ الصراع من أجل السلطة بين أبنائه . وتسلم مقاليد الحكم ولي العهد عبدالله الذي حظي بتأييد سكان العارض وكذلك اخيه الأصغر محمد . وكان أخوه الآخر – سعود – منافسا له . وأخذ الإنجليز الذين لهم مصلحة في إضعاف إمارة الرياض يشجعون مطامع سعود . كان عبدالله يسعى في إمارته الضعيفة غير المستقرة إلى تقوية المركزية فأثار بذلك استياء الوجهاء والأعيان في الأطراف .

ويقول بلغريف أن عبدالله كان رجلا نشيطا شجاعا ، ولكنه كان صارما قاسيا ، الأمر الذي يروق لسكان المدن المحافظين . أما سعود فكان صريحا سخيا يحب الفخفخة ، الأمر الذي يروق للبدو . إن فيلبي متفق مع أقوال بلغريف هذه بالخطوط العريضة . كانت أم سعود وإحدى زوجاته من قبيلة العجمان الذين يكرهون عبدالله وصاروا من أخلص حلفاء سعود . أ/ا قحطان فقد أيدوا عبدالله .

وكان أول ما فعله عبدالله بعد أن تولى الحكم هو قاضاي عمان وليس الصراع مع أخيه ، فهذا الصراع سيأتي وقته . قبيل وفاة فيصل كان إبن قيس حاكم الرستاق في عمان ، وهو من أبناء فرع جانبي للعائلة الحاكمة في مسقط ، قد ثار على قريبه ثويني سلطان مسقط وطلب المساعدة من تركي آل سديري حاكم البريمي . وتم في أواخر عام 1864 طرد قوات ثويني بمساعدة فيصل تركي آل سديري . وانتهز حاكم الرياض فيصل هذه الفرصة فحاول إرغام سلطان مسقط على دفع أتاوة له مقدارها 40 ألف ريال بدلا من 12 ألفا ، وعزز طلبه هذا بإرسال قوات إلى هناك . إلا أ، ثويني وافق ، بنصيحة من الإنجليز ، على دفع 12 ألفا فقط . وفي العام نفسه استولى على مدينة صور ثوار أيدهم فيصل من النجديين بقيادة عبدالعزيز بن مطلق ، شقيق سعد بن مطلق الشهير . بديهي أن المدينة تعرضت للنهب وكان بين المتضررين تجار هنود ورعايا بريطانيون . وعجز ثويني عن طرد النجديين فدفع لهم 10 آلاف ريال ، ثم 6 آلاف أخرى . وأخذ الإنجليز يساعدون ثويني وبعثوا باحتجاج إلى الرياض . ووافق عبدالله الذي أمسك بزمام الحكم في الإمارة على إطلاق سراح جميع الأسرى الذين تم القبض عليهم في صور وإعادة الأملاك ولكنه لم يقل شيئا بخصوص التعويضات .

وأوصى بيلي السلطات البريطانية في الهند بمساعدة سلطان مسقط . وسرعان ما أرسل إليه المدافع . وتلقى أمير الرياض في الوقت ذاته إنذارا يطالب بتقديم الاعتذار والوعد بعدم تكرار مثل هذه الأعمال في المستقبل ودفع التعويضات . وإلا فالإنجليز يهددون بتدمير قلاع الأمير على الساحل والاستيلاء على سفنه . وانتقل الإ،جليز من التهديدات إلى الأفعال . فقد أطلقت السفينة الحربية البريطانية (هاي فلاير) النار على عجمان التي كان مرفأ للنجديين على ساحل عمان في الخليج . وفي بداية شباط (فبراير) 1866 دمرت القلعة في القطيف وعدة سفن صغيرة في مرفئها . وبعد محاولة فاشلة لإنزال قوات في الدمام أطلقت (هاي فلاير) النار عليها . ثم قصفت السفينة البريطانية صور المتمردة ودمرت فيها زوارق السكان . إلا أن السلطان ثويني قتل آنذاك على يد إبنه سالم ، الأمر الذي خلق المصاعب أمام المناورات السياسية للإنجليز .

وبدأت مراسلات بين عبدالله والمعتمد البريطاني بيلي . وسعى أمير الرياض إلى الحيلولة دون تدهور العلاقات وإلى تأمين اعتراف الإنجليز به حاكما للإمارة وإبعاد الدسائس البريطانية المحتملة وتوجيهها صوب سعود ، ولذلك اتفق عن طريق ممثله مع بيلي بشأ، التسوية . كان عبدلله يدرك أ، الإنجليز ضده ، ولذا لعب لعبة الضعيف فحاول أ، يجد في الأتراك عونا له على الإنجليز ، الأمر الذي كلفه غاليا في آخر المطاف . في تلك الأثناء استجمع سعود القوات في مناطق جنوب نجد للصراع في سبيل عرش الرياض . وعزز عبدالله عاصمته . وعبأ سكان المدن وبدو نجد ووجهم ضد أخيه المتمرد . وبعد أن أصيب سعود بجراح ثخينة فر من ساحة المعركة إلى بدو آل مرة ، ونكل أمير الرياض بأنصار سعود وعاقب القبائل والواحات المتمردة في وادي الدواسر . وبعد أن عالج سعود جراحه تحدى أخاه عبدالله من جديد بعد أربعة أعوام .

استمرار النزاعات

في أواخر الستينات نشب في البحرين من جديد صراع داخل الأسرة الحاكمة ، وأسفر هذا الصراع عن فرار أحد أفراد العائلة والتجائه إلى السعوديين وشن غزوات متبادلة وتدخل الإنجليز الذين لم يسمحوا لأمير الرياض هذه المرة أيضا بأن يبسط نفوذه على البحرين .

اجتاحت القلاقل عمان بعد مقتل ثويني . وكان عهد حكم سالم الذي قتل أباه قصيرا . فقد انتهى بتمرد جديد قام به عزان بن قيس من الرستاق الذي استولى على مسقط في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) 1868 . وقد رفع راية الإباضية المحافظة . واستمرت السلطة الجديدة في ساحل عمان حتى عام 1871 فقط ، ولكنها ظلت باقية عشرات السنين فيا مناطق الداخلية .

وفي عام 1869 قتل أمير البريمي تركي آل سديري في الشارجة عندما حاول التدخل في النزاع المحلي . وفي حزيران (يونيو) 1869 تمكنت القبائل المحلية بعد الاتفاق مع عزان من الاستيلاء على البريمي بمساعدته . وقد رفعت تلك القبائل رايات الإباضية وتوجهت ضد الوهابيين الذين تعتبرهم زنادقة . في تلك الأونة اعترف الإنجليز بأ، البريمي جزء من الدولة السعودية ، وقد كتب المندوب البريطاني في مسقط المقدم ديزبرو في آب (أغسطس) 1869 يقول : (إن عزان ، حسب تقديراتي ، قد استولى على لابريمي ظلما وعدوانا وبلا مبرر . ولا بد له من توقع انتقام الوهابيين) .

لم يكتف عزان بالاستيلاء على البريمي ، بل رفض دفع الأتاوة للرياض . وكان رد فعل عبدالله حازما ، إذ كتب إلى عزان بأنه ينوي التوجه نحوه بعشرين ألف محارب . وفي تلك الأثناء كان سعود قد تحالف مع عزان . ونشأ ضد عبدالله ائتلاف بين سلطان مسقط الجديد – عزان وحاكم أبو ظبي وسعود بن فيصل . وحاول شقيق عبدالله أن يقوم بهجوم على قطر ، ولكنه هزم والتجأ إلى البحرين . وظهر تصور بأ، الإنجليز يقفون من وراء ظهر سعود ، وربما لم يكونوا يقدمون له مساعدة مباشرة ، ولكنهم ، على أية حال ، لم يعترضوا على أعماله .

استمرار نهوض جبل شمر

في آذار (مارس) 1868 انتحر حاكم حائل طلال آل رشيد ، الأمر الذي يعتبر من أ،در الظواهر في شبه الجزيرة ، وأشار المؤرخ إبن عيسى إلى ذلك الحادث قائلا أ، طلال اختل عقله فانتحر . ومع أ، أمير حائل حكم المنطقة الواسعة بصورة مستقلة تقريبا ، فإنه لم يعلن القطيعة أبدا مع فيصل وأبنه عبدالله ، بل كان يقدم لهما مساعدة عسكرية كبيرة . وكانت وفاة طلال قد هيأت الإمكانية لإعادة النظر في العلاقات المتبادلة بين حكام جائل والرياض ، وخصوصا عندما توفي بعد عام واحد عبيد بن علي عم طلال العجوز والمتنفذ في الوقت ذاته . كان عبدي من أنصار التعاون مع آل سعود . وقد نعته بلغريف بالتعصب أما في رأي آن بلانت فهو (البطل الرئيسي لتقاليد شمر) ، وهو شجاع كريم سخي . وكان تقدير دوتي لعبيد رفيعا أيضا ، حيث اعتبره عقيدا وشاعرا تتناقل الألسن قصائده .

كان طلال قد فرض سيطرته على خبير وتيماء الواقعتين شمالي المدينة المنورة . ومع أن حاكم حائل كان يتصرف بصورة مستقلة بقدر كاف ، فمن المشكوك فيه أنه كان يستطيع أن يجمع قوات شديدة البأس تكفي لتحدي حاكم الرياض .

كان أمير شمر يتميز بالتسامح الديني وقد سمح للشيعة واليهود بأن يقيموا ويتاجروا في حائل ، وكان يجبي منهم ضرائب غير قليلة . وكتب بلغريف (إن التجار من البصرة ومشهد علي وواسط ووالباعة من المدينة وحتى من اليمن كانوا يستقرون في سوق حائل الجديد بعد عروض مغرية . وقدم طلال لبعض منهم مقاولات رسمية ، وهي نافعة لهم وله بقدر واحد . ومنح البعض الآخر امتيازات وتسهيلات ، وكان يولي الجميع الدعم والحماية) . وبالأموال الواردة إلى بيت المال من الغزوات والحج والتجارة أنجز طلال قلعة بارزان وأنشأ حول العاصمة سورا ارتفاعه سبعة أمتار ، وبنى حي السوق ومسجدا كبيرا وكثيرا من الآبار العامة .

وإذا كان الدين في جبل شمر لايلعب دور القوة التوحيدية الأولى فإن التعاضد القبلي أدى هذه الوظيفة . وحتى الحضر في حائل والمدن الأخرى كانوا يعتبرون أنفسهم من أبناء شمر بالدرجة الأولى ، و (موحدين) بالدرجة الثانية . لقد لعب البدو في إمارة جبل شمر دورا أكبر مما في إمارة الرياض . إلا أن سيطرة قبيلة واحدة شمر دورا أكبر مما في إمارة الرياض . إلا أن سيطرة قبيلة واحدة كانت تؤمن استقرار السلطة في منطقة محدودة ، ولكنها كانت عائقا أمام توسيع إمارة جبل شمر ، لأنها تنير حفيظة القبائل القوية الأخرى . كان طلال يدفع الأتاوات لفيصل وعبدالله بشكل خيول وحصة من الضريبة المفروضة في حائل على الحجاج الفرس وحصة من الغنائم . إلا أن نفوذ الرياض في أواسط الجزيرة أخذ يضعف ، بينما صارت الراية الخضراء الحمراء لإمارة جبل شمر ترتفع . وكتب فالين بحق منذ عهد عبدالله بن الرشيد : (إنني أعتبر أهالي شمر دون ريب من أنشط القبائل في الجزيرة حاليا . وإن سلطتهم ونفوذهم يشملان جيرانهم أكثر فأكثر من عام لآخر) .

وورث متعب شقيق طلال العرش . وبعد عشرة شهور قتل متعب في مجلسه بيد بندر الإبن البكر لطلال ، وصار بندر أميرا ، ولكنه ظهر لديه منافس خطر هو عمه محمد بن عبدالله آل رشيد ، الإبن الثالث لمؤسس السلالة . وقد قتل هذا بندر في عام 1874 ، عارفا بأ، الثأر ينتظره وأخذ الأمير الجديد يلاحق إخوان بندر الخمسة فانتقم من أربعة منهم . واعترفت جبل شمر بالأمير الجديد . ومع أن حكمه بدأ بالانتقام الدموي من منافسيه ، فإنه دشن عهدا من الازدهار والسلطة القوية في الإمارة . وكتب فيلبي يقول (لم تكن الحكومة فعالة أبدا مثلما كانت في عهده) .

تعتبر كتابات ضاري بن رشيد التي استخدمها ويندير على نطاق واسع أهم مرجع في تاريخ آل الرشيد منذ وفاة طلال حتى استيلاء محمد علي السلطة . وخلال أمد طويل لم تخرج إمارة آل الرشيد عن إطار جبل شمر وأقرب الواحات إليها – خيبر وتيماء والجوف . وقدر الرحالة عدد السكان الخاضعين لحائل في أواخر القرن التاسع عشر (قبل ضمها إلى نجد) ما بين 20 و50 ألف نسمة من الحضر ، ومثل هذا العدد تقريبا من البدو . وتفيد معطيات أخرى أن عدد البدو يمكن أن يكون ضعف عدد الحضر .

كان حاكم جبل شمر يلقب بالأمير أو شيخ المشايخ ، أي أنه ظل زعيما لاتحاد قبائل شمر التي يعتمد عليها . وكان آل رشيد يحكمون بمساعدة أقربائهم ومفارز خدعهم الشخصيين . وفي ظل الصراع المتواصل تقريبا داخل الأسرة الحاكمة وعدم الثقة بالأقرباء كان الأمير يعتمد أكثر فأكثر على مفارز الخدم والمرتزقة المصريين والأتراك . وتفيد معطيات فالين أن مفرزة الأمير تتكون من 200 شخص تقريبا ، ويذكر رحالة الستينات – الثمانينات من القرن التاسع عشر الرقم 500-600 . ومنهم 20 شخصا يشكلون حرس الأمير الأكثر إخلاصا ، وحوالي 200 شخص كانوا في حائل أما الباقون فيرافقون التجار والحجاج وجماعات جباة الزكاة ويؤدون حسب الدور الخدمة في الحاميات في المناطق الملحقة بالإمارة .

وكان بين أفراد مفارز الأمير محاربون بسطاء و (رجال شيخ المشايخ) . وهذا المصطلح يطلع على كبار أفراد المفرزة وكذلك على المقربين إلى الأمير ، وعموما على كل من يتمتع بثقة خاصة لديه . والكثيرون منهم متحدون من العبيد . وكان (رجال الشيخ) يمثلون كبار الموظفين وقادة مفرزته والقائمين على أمور القصر وحكام ممتلكات الأمير . وبعد أن تطورت الإمارة صاروا يتراسون مختلف أصعدة جهاز إدارة الدولة . واعتبارا من سبعينات وثمانينات القرن التاسع عشر كان بين أكثر المتنفذين في الإمارة ، كما يقول الرحالة ، صاحب المضايف في القصر وصاحب بيت المال والكاتب الأول وحامل الراية والجليس ووزير آل الرشيد.

كان أمراء جبل شمر ملتزمين بتقاليد كرم الضيافة التي يرمز إليها القدر النحاسي الضخم الذي يحمله بصعوبة أربعة من الرجال الأشداء . وفي ثمانينات القرن التاسع عشر كان القصر يستضيف يوميا 150-200 شخص ، ويصل هذا العدد إلى 1000 شخص أثناء مرور القوافل الكبيرة .

ومع تطور نظام الدولة طبقت الشريعة باتساع متزايد ، مما ضيق على العرف والعادات . وهذا أمر أشار إليه الرحالة . وكان من بين العقوبات قطع الأيدي ومصادرة الأموال على العصيان ضد الأمير والسجن على لاسرقة وعلى رفض دفع الزكاة ، والجلد بالعصى على الضرب والإصابة بجراح ، والغرامات المالية . واستخدم مقر آل رشيد السابق بمثابة سجن ، إلا أن الرهائن والسجناء الذين يتمتعون بمنزلة رفيعة صاروا منذ ستينات القرن التاسع عشر يحتجزون في مضيف القصر الجديد . وكان لحائل عمالها المباشرون في الأطراف ، ولكنهم في الغالب كانوا من الوجهاء المحليين . وظل شيوخ جميع قبائل البدو يحكمونها كالسابق . ونظرا لقلة التزام وإخلاص الهجانة البدو أخذ آل الرشيد يعتمدون أكثر فأكثر على سكان المدن والواحات وعلى حرس من العبيد . وقدر غوارماني الحد الأقصى لعساكر جبل شمر في ستينات القرن التاسع عشر بـ 6.5 آلاف شخص ، وإذا أضيف إليها محاربو المناطق الملحقة يبلغ هذا العدد 9 آلاف . ويقول نولدي أن الأمراء في التسعينات كان بوسعهم أن يقدموا 40 ألف محارب . وتمتطي العساكر ظهور الجمال ، بينما يركب الوجهاء الخيل . والأسلحة هي الرماح والسيوف ، وأحيانا السلاح الناري . وكانت هناك عدة مدافع .

وفي عهد محمد الرشيد (1817-1897) بلغت إمارة جبل شمر أوج ازدهارها . ففي السبعينات تم الاستيلاء على العال وقرى في وادي السرحان حتى حدود وادي حوران . وكان استمرار ركود إمارة الرياض والتحالف مع الباب العالي قد مكنا محمد من بسط نفوذه على مدن القصيم في البداية ، ثم في عام 1884 على نجد كلها .

وماكان بإمكان إمارة جبل شمر أن تنهض إلا بتضعضع إمارة الرياض ذات الكثافة السكانية الأكبر والتي تمتلك قدرة عسكرية كبيرة دون شك . كانت حروب السعوديين في مطلع القرن وغزوات المصريين الفتاكة والنزاع القبلي المضيء كل ذلك شمل جبل شمر بقدر أقل من أواسط نجد . واستفاد عدد من الحكام المحنكين من هذه الظروف الملائمة بالنسبة لهم فجعلوا من حائل لوقت قصير سيدة لأواسط الجزيرة كلها .

سقوط إمارة الرياض . استيلاء الأتراك على الإحساء . في خريف 1870 عقد سعود بن فيصل من جديد تحالفا مع قبائل العجمان وآل مرة ودخل العقير واستولى على الإحساء وأرسل عبدالله أخاه محمد على رأس عساكر لاستعادة السيطرة على الإحساء وعاصمته الهفوف . وفي كانون الأول (ديسمبر) 1870 نشبت في البادية معركة الجودة . وفي اللحظة الحاسمة التزم بدو سبيع الذين جاءوا مع محمد جانب سعود فحقق هذا نصرا تاما . وتم القبض على محمد بن فيصل وزج به في سجن القطيف حيث ظل حتى أطلق الأتراك سراحه . وأعلن الإقليم الشرقي كله البيعة لسعود . ثم ارتبك أمير الرياض عبدالله بن فيصل الذي يواجه الهزيمة وأدى ذلك إلى ازدياد تدهور الأوضاع في إمارته . وفي تلك الأثناء حل جفاف مرعب ، مما أدى ، طبعا ، إلى قلاقل وفتن جديدة . وفي نيسان – آيار (إبريل – مايو) 1871 تحرك سعود ، أخيرا ، نحو الرياض .

وعندما دخل العاصمة نهبت عساكره البدوية هذه المدينة وسكانها لدرجة جعلت الجميع يحقدون عليه . واندلعت النزاعات القبلية في نجد من جديد . وأشار إبن عيسى إلى أن السلطة الجديدة كانت ضعيفة فتشوشت الأمور لدرجة أكبر وتدهورت الأوضاع بسبب المجاعة وارتفاع الأسعار ، وصار الناس يأكلون جيف الحمير ، ومات الكثيرون بسبب الجوع ، وترك الناس يواجهون الموت والمصائب والنهب والقتل والفساد . ولكنه ينبغي ، كما يرى ر. ويندير ، أن نأخذ بعين الاعتبار أن إبن عيسى كان من أنصار عبدالله . وواجهت الإمارة المحتضرة خطرا جديدا . فإن والي بغداد مدحت باشا ، وهو حاكم عثماني كبير معروف ومن أنصار السياسة النشيطة ، قد قرر الاستفادة من الموقف وإضافة أراضي جديدة إلى الإمبراطورية العثمانية التي تقلصت أراضيها . وأسفرت أعماله في شرقي الجزيرة العربية عن نشوب أزمة دبلوماسية بين لندن والاستانة .

وادعى محمد باشا بأن السيادة العثمانية تشمل نجد وبأ، عبدالله بن فيصل كان مجرد قائمقام للأتراك . وكانت الحجة للتدخل هي (استعادة النظام ونجدة القائمقام المذكور ضد شقيقه العاصي) .

وأرسل الأتراك أسطولهم لغزو الإحساء ، وقد حصلوا من حاكم الكويت على حوالي 300 سفينة أخرى . وكانت القوات النظامية مكونة من أربعة آلاف شخص ، من المشاة بالأساس ، وكذلك الفرسان والمدفعية . وأرسلت قبائل المنتفق عن طريق البر حوالي ثلاثة آلاف شخص . وفي آيار (مايو) 1871 نزلت القوات التركية في رأس تنورة وزحفت نحو القطيف دون أن تواجه مقاومة . وبعد معارك غير كبيرة احتل الأتراك المدن والقلاع الرئيسية في الإقليم كله . وهكذا فقد الإخوان السعوديان الإقليم الشرقي بسبب العداء العائلي . وفي الوقت ذاته تقريبا زار مدحت باشا الإحساء ، ولكن محاولة غزو الرياض أخفقت .

واستمر الصراع داخل أسرة آل سعود . وظهر عبدالله في الأراضي المحتلة من قبل الأتراك ، في حين طرد سعود من الرياض مؤقتا ، وقد طرده عمه عبدالله بن تركي شقيق الأمير فيصل . واستجمع سعود حلفاءه من العجمان وآل مرة وأخذ يهاجم الحاميات التركية ، ولكن دون جدوى . وفي أواخر 1871 ومطلع عام 1872 عاد عبدالله من جديد إلى الرياض ، إلا أ، الوضع في الإمارة كان ميئوسا منه . فالمجاعة مستمرة ، وكان الناس ، كما يقول إبن عيسى ، يأكلون الجيف والجلود وأوراق الشجر . وحاول الإخوان أن يتعاونا ضد الأتراك ، ولكن دون جدوى .

وفي آذار (مارس) 1873 عاد سعود مجددا إلى الرياض . واستمرت المعارك سجالا بين الأخوين ، واقترنت ، كالعادة ، بالنهب والقتل . ونظرا لأن عبدالله بن فيصل أخذ يعتمد على الأتراك زاد الإنجليز من دعمهم لسعود حتى أ،هم أرسلو أغذية له . وفي منتصف السبعينات ظهر على المسرح عبدالرحمن الإبن الرابع للأمير فيصل . كان قد ولد فيعام 1850 على وجه التقريب . ويعتقد ر. ويندير أن عبدالرحمن يؤيد سعود ، بينما يتصور فيلبي أن عبدالرحمن التزم جانب عدبالله . ولايستبعد أنه كان متذبذبا في اختيار أحد الأخوين الأكبر . وفي آذار (مارس) 1874 تخلى الأتراك عن حكم الإحساء مباشرة لكي يقللوا النفقات . وصار زعيم بني خالد وهو من آل عريعر أداة لتنفيذ سياستهم . وكان ناصر باشا بن سعدون والي البصرة التي تشكلت إداريا من جديد وزعيم قبيلة المنتفق قد عينه متصرفا . وتم سحب القوات النظامية التركية واستبدلت بمفرزة شرطة عثمانية .

وتزعم عبدالرحمن بن فيصل في عام 1874 انتفاضة على الأتراك في الإقليم الشرقي . والتحق به قسم من قبائل العجمان وآل مرة وبدو آخرون . وأنزل ناصر باشا بن سعدون في العقير 2400 جندي من القوات النظامية مزودين بأربعة مدافع فتم دحر الثائرين . والتجأ عبدالرحمن إلى سعود في الرياض . وتعرضت الهفوف لنهب من الغالبين استمر ثلاثة أيام . وترك ناصر باشا الإقليم في شباط (فبراير) 1875 بعد أ، عين متصرفا فيه . وكانت سلطة سعود في نجد متضعضعة . ففي أواخر عهده لم تعد جبل شمر والقصيم تخضعان له . وصارت الرياض مركزا لإمارة صغيرة مقطعة الأشلاء في أواسط الجزيرة . وانقطعت العائدات المنتظمة . ولما كان سعود يعتمد على بدو العجمان فإن سكان الواحات والمدن لم يكونوا راضين عنه . وفي كانون الثاني (يناير) 1875 توفي سعود ، وربما كانت وفاته بسبب الجدري ، مع أ، معطيات أخرى تفيد بأنه مات مسموما .

وصار عبدالرحمن بن فيصل حاكم للرياض . وبدأ يخوض القتال ضد أشقائه الأكبر وضد حلفائهم من البدو . وفي تلك الأثناء ثار عليه في العاصمة نفسها أولاد أخيه سعود الذي حل محله . وتوجه عبدالرحمن . خوفا من أبناء أخيه ، إلى عبدالله ، فقرر الأخوة الثلاثة تشكيل جبهة موحدة بزعامة عبدالله ضد أولاد سعود الذين تمكنوا من السيطرة على الرياض بضعة أسابيع . ثم فر أولاد سعود واحتفظوا بحلفائهم في إقليم الخرج وفي الإحساء . ودخل عبدالله الرياض من جديد . وخلال السنوات الإحدى عشر التي مرت على وفاة فيصل تبدلت السلطة في المدينة للمرة الثامنة .

وأورد فيلبي الجدول الزمني التالي للحكم في الرياض بعد وفاة فيصل :

عبدالله بن فيصل من 2 ديسمبر 1865 حتى 9 إبريل 1871 .
سعود بن فيصل من 10 إبريل 1871 حتى 15 أغسطس 1871 .
عبدالله بن تركي من 15 أغسطس 1871 حتى 15 أكتوبر 1871 .
عبدالله بن فيصل من 15 أكتوبر 1871 حتى 15 يناير 1873 .
سعود بن فيصل من 15 يناير 1873 حتى 16 يناير 1875 .
عبدالرحمن بين فيصل من 26 يناير 1875 حتى 28 يناير 1876 .
أولاد سعود بن فيصل من 28 يناير 1876 حتى 31 مارس 1876 .
عبدالله بن فيصل من 31 مارس 1876 .
وفي عام 1878 قامت إنتفاضة جديدة ضد الأتراك في الإقليم الشرقي ، ولكنها هزمت بعد انتصاراتها الأولى.

وكتب دوتي يقول : (الرياض وضواحيها هي كل ماتبقى من ممتلكات الوهابيين ، وغدت الرياض إمارة صغيرة ضعيفة مثل بريدة . إن المدينة الكبيرة المبنية من الطوف والتي كانت في السابق عاصمة لأواسط الجزيرة غارقة في الصمت . ومضيفها الفسيح مهجور (قصر الأمير الوهابي المبني من الطوف أوسع من القصر في حائل) . خدم إبن سعود يغادرون نجمه الذاوي ويتوجهون ... إلى العمل عند محمد بن رشيد . ولا يخضع أحد من البدو للوهابيين . القرى الكبيرة في شرقي نجد طردت جامعي الزكاة التابعين لعبدالله) .

وفي عام 1880 ولد عبدالرحمن الذي هو الإبن الرابع لفيصل ، طفل سماه عبدالعزيز ، وأمه سارة إبنة أحمد السديري . وعندما بلغ عبدالعزيز السابعة من العمر عهدوا بتربيته إلى معلم هو قاضي الرياض ... إلا أن الصبي كان مهتما باللعب بالسيف والبندقية أكثر من اهتمامه بالدروس الدينية ، مع أنه تمكن من قراءة القرآن في الحادية عشرة من العمر . وفي الرابعة عشرة عندما كان أبوه يقيم في المهجر في الكويت بدأ عبدالعزيز ، ملك العربية السعودية فيما بعد ، دراسة الفقه والعلوم الدينية الأخرى بصورة جادة تحت إشراف عبدالله بن عبداللطيف الذي أصبح فيما بعد القاضي الأول للرياض ومفتيها . كانت الشهور التي قضتها أسرة عبدالرحمن فيا لتجوال بين قبائل آل مرة قد هيأت للأمير الشاب إمكانية التضلع في العادات والأخلاق البدوية وأساليب وحيل العمليات الحربية للبدو الرحل . وأخذ عبدالعزيز ، بصحبة أبيه أو لوحده ، يتردد على مجالس شيخ الكويت ويطلع على تشابكات السياسة في الجزيرة العربية وعلى قرارات الأمير القضائية . وكانت الحالة المادية لعبدالرحمن بن فيصل في المهجر مزرية حتى أ،ه لم يتمكن من تزويج إبنه الأكبر إلا بمعونة الأصدقاء . وفي هذه الظروف اختمرت أحلام عبدالعزيز الطموح إلى استعادة كرامة العائلة وممتلكات آل سعود وأمجادهم وثرواتهم .

نهوض إمارة جبل شمر بعد سقوط إمارة السعوديين

أخذت الواحات والمناطق وقبائل البدو تنفصل الواحدة تلو الأخرى عن الرياض وتنتقل طوعا أو كرها إلى حماية آل الرشيد وتدفع الأتاوات لهم . ولم توفق محاولات عبدالله لإبعاد قبضة آل الرشيد الثقيلة . وكان محمد بن الرشيد يلعب مع أمير الرياض لعبة القط والفأر .

واشتد التنافس في القصيم بين الأسرة الحاكمة سابقا في بريدة آل عليان وبين الحكام الجدد من آل مهنا الذين أيدتهم حائل . وكان توزيع القوى على النحو التالي : الرياض تتعاون مع عنيزة وتعتمد على تأييد عتيبة ومطير ، أما حائل فهي تؤيد بريدة وتتعاون مع قبيلة حرب .

وفي تلك الأثناء حاول أولاد سعود بن فيصل أن يتحدوا ابن الرشيد . فجمعوا قسما من قبائل عتيبة وبعض سكان واحات العارض ، ولكنهم اندحروا . إلا أن إمارة عبدالله الصغيرة كانت تتمزق مزقا . وفي تشرين الأول (أكتوبر) 1887 استولى أولاد سعود بن فيصل على الرياض والعارض وأسروا أمير الرياض . وتمكن الأمير قبل ذلك بقليل من طلب النجدة من حاكم حائل الذي لم يتردد في قطف الثمرة الناضجة . وكان طلب عبدالله حجة بيد محمد بن الرشيد (لإنقاذه) ولبسط سلطة آل الرشيد على كل ممتلكاته . وتوجه إبن الرشيد إلى الرياض على رأس قوات كبيرة ، ففر أولاد سعود إلى الخرج . وأطلق أمير جبل شمر سراح عبدالله من السجن ونقله إلى العاصمة حائل (حفاظا على سلامته) ، وترك واحدا من أكثر القادة العسكريين إخلاصا ، وهو سالم آل سبهان الذي لايعرف الرحمة أميرا للرياض .

كان عبدالعزيز الذي صار فيما بعد ملكا للعربية السعودية يرى أن هناك ثلاثة أسباب لسقوط عمه الأمير عبدالله : (لم يستقم الأمر لعبدالله لثلاثة أسباب : (أولاد – وجود أبناء أخيه في الخرج يحرضون القبائل عليه ، ثانيا – مناصرته لآل عليان أمراء القصيم السابقين على أعدائهم آل مهنا الأمراء الحاكمين في ذلك الحين . وكان هذا جهلا من عبدالله في وقت ضعفه ليس من الحكمة أن يتحزب لبيت مغلوب فيضعضع نفوذه في القصيم . ثالثا – ظهور محمد بن الرشيد الطامع بحكم نجد . فقد تحالف مع آل أبي الخيل ... وكانوا كلهم يدا واحدة على إبن مسعود) . وانتهى وجود دولة السعوديين الثانية رسميا في آواخر عام 1887 .

وفي وفي آب (أغسطس) من العام التالي تمكن حاكم الرياض سالم آل سبهان من اللحاق بأولاد مسعود . ويتضح النطاق الفعلي لقواتهم من عدد أفراد فيصل شمر الذي طاردهم – 35 شخصا لاغير . وقد قتل ثلاثة من أولاد سعود ، وقتل الرابع قبل ذلك ، أما الخامس فقد فر إلى الأخير لسعود كان أسيرا فخريا في حائل . وفي شتاء 1889/1890 قام الشمريون بغزوة وصولا فيها إلى الحجاز . وعندما عاد إبن الرشيد إلى العاصمة علم بأن ضيفه الأسير عبدالله بن فيصل مريض وأن حالته خطرة . فسمح له بالعودة إلى الرياض مع أخيه عبدالرحمن بن فيصل . عاد عبدالله إلى عاصمته الخالية وتوفي في تشرين الثاني (نوفمبر) 1889 . وقبل 24 عاما من ذلك ، عندما تربع على العرش ، كانت إمارة الرياض تمتد من جبل شمر حتى المناطق الداخلية في عمان ، ومن الخليج حتى الحجاز وحدود اليمن . وعندما توفي وهو تابع لحائل لم يكن عنده غير منطقة العارض وسيادة إسمية على الوشم وسدير . وكان ثلث تلك الفترة تقريبا هاربا مشردا ، بينما كان آخرون يحكمون الدولة المتداعية . ونعته فيلبي بالحاكم (غير القدير) . إلا أن مجمل الملابسات غير الملائمة وليس الضعف الشخصي ، هي الأسباب الحاسمة في هلاك دولة السعوديين .

وصار عبدالرحمن أمير للرياض . وقد اصطدم في عام 1860 مع حاكمها الشمري سالم وأعلن الانتفاضة عليه . وحاصرت قوات إبن الرشيد الرياض ، إلا أن المدينة كانت آنذاك قد تعززت كثيرا . وأخفق الحصار ، تعقد الطرفان هدنة . وظل عبدالرحمن حاكما للرياض وبعض المناطق المجاورة لها ولكن بصفة تابع في في الواقع لمحمد بن الرشيد .

وفي تلك الأثناء فضل أهالي عنيزة وبريدة في القصيم التحالف مع عبدالرحمن ضد جبل شمر بعد أن تأكد لهم أن سلطة الشمريين تتقوى عليهم وأن الضرائب تزداد والامتيازات تتقلص . وفي أواخر عام 1890 تشكل ائتلاف واسع نسبيا للعناصر المناهضة لآل الرشيد من بين أهالي القصيم وأنصار عبدالرحمن وقبائل مطير . وجمع إبن الرشيد كل قواته ، بما فيها وحدات من قبائل شمر وكذلك من حلفائها من بدو الظفير وحرب والمنتفق . وكتب أ. موسيل يقول أن إبن الرشيد (بعث 30 رسولا على أربعين ناقة موشحة بستائر سوداء إلى مختلف أفخاذ وبطون شمر التي خيمت آنذاك بين كربلاء والبصرة . وكان يراد للستائر السوداء أن تبين بوضوح لجميع رعايا الأمير محمد بأن عارا أسود سيلطخهم إذا لم يهبوا فورا لنجدة زعيمهم) . ونشبت معركة كبيرة هي وقعة المليدة في القصيم اقتتلت فيها من الجانبين آلاف عديدة من المحاربين . وربما كانت تلك أكبر معركة منذ الغزو المصري .

واستمر القتال سجالا طوال شهر . إلا أن عبدالرحمن ، لسبب ما ، لم يهب لنجدة حلفائه وتركهم وحيدين في مواجهة الشمريين . الحيلة متظاهرا بالانسحاب ، ولكنه نظم بعد ذلك هجوما مضادا مباغتا . جمع بضعة آلاف من الجمال في الوسط وحركها إلى الأمام بعد أن أطلق النار على القصيميين . وتقدم المشاة من وراء الجمال . وسدد الهجانة والفرسان في وقت واحد ضربات من الجناحين . وفقد القصيميون مابين 600 أو 1200 شخص ، وفر الكثيرون إلى الكويت والعراق والشام . وعزز إبن رشيد لعشر سنين تقريبا مواقعه كحاكم بلا منازع لأواسط الجزيرة .

وعندما بلغ عبدالرحمن بن فيصل نبأ هزيمة حلفائه فر إلى البادية وبعد تجوال طويل استقرت عائلته في عام 1893 في الكويت تحت حماية شيخها محمد الصباح . وخصصت الحكومة العثمانية لعبدالرحمن معاشا متواضعا بستين ليرة ذهبية شهريا . وانتقلت السلطة كاملة في الرياض إلى عجلان وهو من عبيد محمد بن الرشيد . وتم تقسيم نجد إلى عدة مناطق خاضعة لجبل شمر .

وغدا حاكم جبل شمر سيدا لبلد مستنزف مخرب ، ومحروم من منفذ إلى البحر . وكتب جميع الرحالة الذين زاروا أواسط الجزيرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر عن البساتين الذابلة والنخيل الميتة والآبار التي اجتاحها الرمال والقوى الموات . ولم تكن الدولة الخائرة بقادرة على حماية الواحات من البدو . ونزح آلاف الناس إلى العراق أو إلى سواحل الخليج . وتضررت التجارة . وكتب أمين الريحاني عن الأحوال العصيبة التي واجهها التجار آنذاك . وأسفرت مخاطر نقل البضائع بطرق القوافل التجارية عن تذبذب في الأسعار ونسقت العلائق الاقتصادية وأدت إلى إفلاس الصناع والتجار .

وفي العقد الأخير من القرن التاسع عشر لم تحل دون الانتفاضات إلا القوة العسكرية لدى محمد بن الرشيد . ولكن القلاقل بدأت على أثر وفاته ، وأخمدها بوحشية الأمير الجديد لجبل شمر عبدالعزيز بن الرشيد . فقد نهب المدن والقرى بلا رحمة وخنقها بالغرامات الحربية . ولكنه تورط في صراع مع الكويت فعجز عن السيطرة على النزاعات القبلية الإقطاعية التي تصاعدت في كل مكان وعن الحيلولة دون نهب البدو للواحات . وقال موسيل : (كان الحضر جميعا يحنون إلى سلطة قوية تحمي أموالهم وحياتهم) .

آل الرشيد في أواخر القرن التاسع عشر

يقول المؤرخ خالد الفرج : (اعتمد محمد العبدالله الرشيد في تشييد إمارته على سياسة (فرق تسد) واتكأ على قوة عشيرته (شمر) وهي من كبريات القبائل المشهورة بالفروسية والشجاعة ... وخص الأتراك بكثير من المجاملة والمسايرة لأن طرفي طريق الحجاج الذي يقوم آل رشيد على إيراده ، وهما العراق والحرمان ، في أيديهم ، حتى أنه اعترف بخضوعه للسلطان عبدالحميد . وتعددت منه الرسل والهدايا إلى (الباب العالي) وحاز النياشين الرفيعة وقبل المعتمدين المندوبين من الحكومة العثمانية . فصارت تعتمد عليه ، وتعده من أ:بر المخلصين لها ، وتراه الوسيلة الفعالة التي قضت على آل سعود ومحت إمارتهم من الوجود ، فأغدقوا عليه العطاء وخصوه بالمساعدات والتعضيد . وكان على الأجمال رجل وقته ، إلى أن توفي سنة 1315 هـ (1897 م) مريضا بذات الجنب ، عقيما لم يخلف ولدا) . وورث الحكم عنه إبن أخته عبدالعزيز المتعب الذي كان في حوالي الثلاثين من العمر ، وكان محاربا باسلا ومغامرا ، ينساق للغضب والاستعجال في اتخاذ القرارات . كان يجيد استخدام السيف أكثر مما يجيد السياسة ، وكان يفعل قبل أن يفكر . وفي غضون عشر سنين بدد القسم الأكبر من الإرث الذي خلفه له خاله الجبار .

ولم تستطع إمارة جبل شمر أن تلعب دول الدولة الموحدة المستقرة . فهي تستند إلى قبيلة شمر ، ولذا اعتبرها سائل السكان أداة سيطرة اتحاد قبلي واحد على القبائل الأخرى وليس سلطة لعموم الجزيرة العربية تتجاوز الأطر القبلية . وفي أواخر القرن التاسع عشر وقعت إمارة جبل شمر في تبعية متزيادة للإمبراطورية العثمانية فغدت وسيلة لنقل النفوذ العثماني إلى شبه الجزيرة ، ولذلك فإن تذمر واستياء أعراب الجزيرة من حكم الأتراك شملا أمراء حائل أيضا . وكانت بريطانيا قد عززت مواقعها على ساحل الخليج وأعاقت محاولات الأتراك لاستعادة مواقعهم ، وأخذت تؤيد منافسي إمارة جبل شمر . وأخيرا ، بعد وفاة محمد الرشيد ، لم تتمكن العائلة الحاكمة الغارقة في النزاعات من ترشيح أي حاكم بمنزلة عبدالعزيز بن عبدالرحمن مؤسس العربية السعودية المرتقب . وكانت كل هذه العوامل التي أضيفت إليها فيما بعد المشاركة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب الأتراك قد أسفرت من غروب وسقوط إمارة جبل شمر القوية .

تنافس الدول على حوض الخليج في مطلع القرن العشرين والوضع في الجزيرة العربية

لقد بين تاريخ الدولتين السعوديتين الأولى والثانية بوضوح مدى تشابك مصير الجزيرة العربية مع التطور العام للوضع في هذه المنطقة من العالم . فإن مستقبل الكيانات الدولية في الجزيرة حدده ليس فقط تناسب القوى في البادية ، وأحيانا لييس تناسب القوى فيها بالذات ، بل وكذلك القرارات المختلفة في لندن واسطنبول والقاهرة وبرلين وكذلك بطريسبورغ وباريس .

كانت أقوى دولة استعمارية في أواخر القرن التاسع عشر – بريطانيا – قد استولت ، بعد شق قناة السويس في 1869 ، على مصر عام 1882 وسعت إلى السيطرة المباشرة أو غير المباشرة على الجزيرة العربية كلها . وكانت الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية في الهند قد شدت إليها بشكل أوثق سلطنة عمان وإمارات ساحل الصلح البحري وقطر والبحرين . وكان قد جاء دور الكويت التي كانت رسميا تحت السيادة العثمانية . ومع أن الخليج العربي كان من الناحية النظرية ممرا مائيا دوليا ، فقد غدا عمليا بحيرة بريطانية . كانت المواصلات البرقية الإمبراطورية تمر عبر الخليج العربي إلى الهند وإلى أستراليا . وكانت حصة بريطانيا العظمى والهند البريطانية في صادرات بلدان الخليج 40% ، وفي وارداتها 63% . وكانت جميع البضائع تقريبا تصدر وتستورد من هناك على سفن تحمل العلم البريطاني وكان الأسطول البحري الحربي البريطاني يسيطر على الخليج والمحيط الهندي .

وكان المندوب البريطاني السامي في منطقة الخليج يسمى (بالمعتمد السياسي لصاحب الجلالة ملك بريطانيا في الخليج الفارسي والقنصل العام في فارس وخوزستان) . وكان على حد تعبير نائب الملك في الهند كيرزون (ملكا غير متوج للخليج الفارسي) . وعلى لاساحل العربي من الخليج كان لبريطانيا معتمدون سياسيون خاضعون لها في مسقط والكويت والبحرين . وكان المعتمد السياسي مسئولا أمام الحكومة البريطانية الهندية ، وكان كقنصل عام ، خاضعا للسفير البريطاني في طهران . لقد طرحت السياسة البريطانية في الخليج العربي مهمة مزدوجة هي السيطرة على طرق المواصلات البحرية وغيرها من الطرق المؤدية إلى الهند وأحلال (الوئام البريطاني Pax Britannica) في الخليج والذي يقصدبه سيادة المصالح التجارية البريطانية وعدم السماح بدخول دول أخرى إليه .

وفي أواخر القرن التاسع عشر شمل تناجر الدول الكبرى وتوسعها الاستعماري حوض الخليج . وكان الإمبراطورية الألمانية تبحث بشكل مسعور خصوصا عن مكان لها تحت الشمس . وكانت حكومة غليوم الثاني التي أعلنت بأنها (حامية للإسلام) قد أخذت تتقارب أكثر فأكثر مع حكومة السلطان العثماني وتعزز بنشاط مواقعها الاقتصادية والسياسية والعسكرية في الإمبراطورية العثمانية . واعتبارا من أواخر الثمانينات ظهرت فكرة مد سكة حديد اسطنبول – بغداد وإيصالها إلى الخليج بغية التغلغل إلى هذه المنطقة بدون الطرق البحرية التي تسيطر عليها بريطانيا . وفي عام 1899 حصل الألمان على امتياز أولي لمد السكة المذكورة مع إيصالها إلى الكويت . وظهر خطر نشوء خط استراتيجي مباشر بين برلين والخليج ، الأمر الذي يهدد السيطرة البريطانية في الخليج والجزيرة العربية والشرق الأوسط كله . وفي غرب الجزيرة كان الألمان يساعدون الأتراك في مد سكة حديد الحجاز التي تربط بين دمشق والمدينة المنورة .

وكانت بريطانيا في أواخر القرن التاسع عشر تعتبر روسيا القيصرية التي تحالفت مع فرنسا منافسا خطرا أيضا في هذه المنطقة . ونوقش في بطرسبورغ بصورة جدية مشروع الحصول على امتياز لمد سكة حديدية عبر القفقاس إلى الخليج . وليس من قبيل الصدفة أن السلطات البرطانية في الهند اعتبرت زيارات السفن الحربية الروسية والفرنسية إلى موانئ الخليج (لعرض العلم) ومحاولاتها للعثور على مكان لمحطة فحمية تحديا مباشرا .

واشتدت التناقضات الإنكلوفرنسية بشأن مسقط التي حاول الفرنسيون في 1899 أن ينشئوا محطة للفحم فيها . وفي عام 1903 قامت السفن الروسية والفرنسية بزيارة مشتركة لموانئ الخليج والجزيرة العربية . وفي أواخر القرن التاسع عشر بدأ تغير في السياسة البريطانية التقليدية إزاء الإمبراطورية العثمانية . ففي السابق كانت لندن تسعى إلى الحفاظ على وحدة تلك الإمبراطورية مؤملة في إخضاعها بالكامل واستخدامها في الصراع ضد روسيا . إلا أن مركز ثقل المصالح البريطانية في شرقي البحر الأبيض المتوسط وفي الشرق الأوسط انتقل تدريجيا من القسطنطينية إلى مصر وبلاد الرافدين . ولعب ازدياد النفوذ الألماني في الإمبراطورية العثمانية دورا غير ضئيل في تغيير تلك السياسة . وأخذ سولزبري الذي صار من جديد رئيسا لوزراء بريطانيا عام 1895 يتحدث عن انقسام الإمبراطورية العثمانية . وكان المقصود أن تكون الجزيرة العربية وحوض دجلة والفرات ، شأن مصر والسودان ، منطقة للسيطرة البريطانية . وفي سياق هذه الخطط كانت لندن تعتبر الاحتفاظ بالسيطرة على الخليج من أكبر المهمات . وفي عام 1903 زار أسطول بريطاني يحمل علم كيرزون نائب الملك في الهند موانئ الخليج العربي . وكان ذلك أكبر أسطول أجنبي في مياه الخليج منذ عهد العمارة البرتغالية البوكيركا عام 1515 . ودافع كيرزون في خطبه عن المواقع البريطانية بالأسلوب الملازم للعصر الاستعماري عصر (نير الإنسان الأبيض) .

ومع أن ركود الإمبراطورية العثمانية استمر في أواخر القرن التاسع عشر إلا أن مواقعها في الجزيرة العربية تعززت بعض الشيء بسبب تقوية وتحسين الجيش وتطور المواصلات . وكان الأتراك ، بعد الإنجليز ، أهم عامل في شئون الجزيرة .

وكان افتتاح قناة السويس قد غير بصورة جوهرية مكانة الأتراك في غربي الجزيرة . فلئن كانت تصل إلى هنا في السابق طوابير من الجنود المتعبين بعد مسير طويل عبر البادية وكان مجرد إرسالهم يكلف غاليا ، فقد صار الجنود يرسلون بحرا عن طريق القناة . وفي سبعينات القرن التاسع عشر استطاع الأتراك أن يحتلو اليمن وعسير من جديد . بديهي أن والي جدة وشريف مكة كانا في نزاع دائم فيما بينهما . وكانت العلاقات بين والي جدة وحاكم مكة عون الذي تسنم هذا المنصب اعتبارا من عام 1883 قد تأزمت في الثمانينات . فقد بدأ الوالي بأداء أعمال عامة فحسن تزويد جدة بالمياه وأعاد بناء ترعة زبيدة وأنشأ مبنى جديدا لحاكمية المدينة كما أنشأ عنابر ومباني للخفراء . وسمح الوالي العثماني لعون بأداء وظائفه القضائية ولكن فقط في المسائل المرتبطة بعشيرته والبدو والأشخاص من غير الأتراك والذين ولدوا في مكة نفسها . وأخذ الأتراك يشرفون علىطرق القوافل ويقومون بحملات على قبيلة حرب بدون موافقة شريف مكة . وتقلصت عائدات عون من الرسوم الجمركية . وعند ذاك انتقل شريف مكة وقسم من أبرز أفراد عائلته مع الوجهاء والتجار ومفتي الشافعيين والعلماء الآخرين إلى المدينة المنورة احتجاجا على تصرفات الوالي حتى تمكنوا من إقناع السلطان بتنحيته .

وكان الوالي الجديد جمال باشا أكثر حذرا من سابقه . وازداد نفوذ شريف مكة بعض الشيء ، إلا أن الصدام بينه وبين الباشا استمر . وترى موقف العرب من الأتراك . وبعد وفاة عون في عام 1905 تسلم منصف الشرافة على صنيعة الأتراك . وفي تلك الفترة اندلعت ثورة تركيا الفتاة ، فنحى جمال باشا بوصفه من أنصار النظام السابق . وبعد فترة قصيرة من الغموض فيالموقف عين لمنصب الشرافة في خريف 1908 الزعيم الرمتقب للإنتفاضة العربية الحسين بن علي الذي كان أسيرا فخريا في الاستانة منذ عام 1893 مع أولاده الثلاثة علي وعبدالله وفيصل .

وفي عام 1908 نفسه افتتحت في الحجاز سكة حديد معان – المدينة المنورة . وأدى مد هذه السكة إلى تحسين كبير في المواقع العسكرية الاستراتيجية للأتراك في غربي الجزيرة . إلا أن الإمبراطورية العثمانية في شرقي الجزيرة لم تتمكن من تعزيز مواقعها بسبب مقاومة بريطانيا وبسبب تصاعد الميول المعادية للأتراك عند عرب الجزيرة .

وسعت الكويت التي غدت في أواخر القرن التاسع عشر مرفأ رئيسيا لباطن الجزيرة ومركزا تجاريا مزدهرا إلى التقليل من تبعيتها للأتراك ، وهي تبعية شكلية أصلا . وأخذ شيخ الكويت محمد الصباح يتدخل على نحو نشيط في الصراع داخل الجزيرة ، حيث كانت إمارة جبل شمر التابعة للعثمانيين تشكل خطرا فعليا عليه ، ولذلك وفر الحماية عبدالرحمن بن فيصل الذي يدعي بأحقيته في عرش الرياض . واحتفظ هذا الأمير الذي فر من الرياض بعلاقات مع واحات وقبائل أواسط الجزيرة فشجع الميول المناهضة للشمريين هناك . وفي عام 1896 قتل محمد الصباح وأخوه بيد أخيها الثالث مبارك الذي غدا شيخا للمدينة ولقبائل أطرافها . وصار هذا الحاكم الجديد للكويت يمارس طوال عشرين عاما تقريبا تأثيرا غير قليل على الأحداث في الجزيرة .

وكانت قبيلة المنتفق القوية وعلى رأسها فخذ آل سعدون في جنوب العراق عاملا له شأنه في السياسة في أواسط الجزيرة . إلا أن المنتفق كانوا يعتبرون البادية مجرد جهة لغزوات النهب . وفي تلك الأثناء كانت الحكومة البريطانية مشغولة البال بالخطط الألمانية التركية لاستعادة الكويت ووضعها تحت السيطرة العثمانية المباشرة وتأمين منفذ سكة حديد برلين بغداد إلى البحر . وحاول الأتراك مرارا الاستيلاء على الكويت ونفي الشيخ مبارك إلى اسطنبول . وكان مبارك يدرك ذلك فيطلب الحماية من الإنجليز الذين كان في الماضي يتحاشى التعاون الوثيق معهم . وفرضوا عليه معاهدة سرية غدت الكويت بموجبها محمية بريطانية . ووقعت في 23 كانون الثاني (يناير) 1899 . والتزم الشيخ ، فيما التزم ، بعدم تقديم امتيازات لأحد ماعدا بريطانيا . وعادت بخفي حنين البعثة الألمانية التي وصلت إلى الكويت في العامل التالي للخصول على حق إيصال سكة حديد بغداد إلى الكويت .

وصار الإنجليز يشعرون بالقلق من إمارة حائل بوصفها تابعة مخلصة للأتراك . وكان السعي إلى إضعاف هذه الإمارة إحدى مهمات السياسة البريطانية في شبه الجزيرة ، مع أن ذلك لم يكن يستبعد في بعض الحالات استخدام الإنجليز إمارة حائل لأغراضهم . وأخذوا يؤيدون خصوم الأتراك وجبل شمر في الجزيرة العربية ، الأمر الذي كان له تأثيرا هام ، إن لم نقل حاسم ، على نجاح عودة أل سعود إلى السلطة في نجد.


تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود الفترة الأولى (1819-1820)
تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود الفترة الثانية (1824-1834)
مشاري بن عبدالرحمن (1834-1834)
فيصل بن تركي الفترة الأولى (1834-1838)
خالد بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود (بتكليف من المصريين) (1838-1841)
عبدالله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود (1841-1843)
فيصل بن تركي الفترة الثانية (1843-1865)
عبدالله بن فيصل بن تركي الفترة الأولى (1865-1871)
سعود بن فيصل بن تركي الفترة الأولى (1871-1871)
عبدالله بن فيصل بن تركي الفترة الثانية (1871-1873)
سعود بن فيصل بن تركي الفترة الثانية (1873-1875)
عبدالرحمن بن فيصل الفترة الأولى (1875-1876)
عبدالله بن فيصل بن تركي الفترة الثالثة (1876-1889)
عبدالرحمن بن فيصل الفترة الثانية (1889-1891)


المصادر


^ Alexei Vassiliev, The History of Saudi Arabia, London, UK: Al Saqi Books, 1998, p. 185
^ Vassliev, p. 165, 186
^ Vassiliev, p. 165, 186
^ Vassiliev, p. 177
وصلات خارجية